|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#571
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (571) صــ 16 إلى صــ 25 12570 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به" (1) "الأيل" (بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة) : وهو ذكر الوعول. و "الأروى" إناث الوعول وهو اسم لجمعها واحدتها "أروية" (بضم الهمزة وسكون الراء والواو مكسورة والياء مشددة مفتوحة) . وجاء بها هنا وهو يعني "الأروية" . (2) "السخلة" (بفتح فسكون) : ولد الشاة من المعز والضأن ذكرا كان أو أنثى. (3) الأثر: 12567- "هرون بن المغيرة بن حكيم البجلي" مضى برقم: 3356، 5526. وأما "ابن مجاهد" فلم أستطع أن أعرف من هو، وكان في المطبوعة: "أبي مجاهد" وأثبت ما في المخطوطة وكأنه الصواب، وإن أعياني أن أعرف صدر اسمه. ذوا عدل منكم هديًا بالغَ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا "، قال: إذا أصاب المحرم الصيد، حكم عليه جزاؤه من النعم. فإن لم يجد، نظر كم ثمنه = قال ابن حميد: نظر كم قيمته = فقوّم عليه ثمنه طعامًا، فصام مكان كل نصف صاع يومًا=" أو كفارة طعام مساكين، أو عدلُ ذلك صيامًا "، قال: إنما أريد بالطعام الصيام، فإذا وجد الطعام وَجد جزاءه." 12571 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم" فإن لم يجد هديًا، قُوِّم الهدي عليه طعامًا، وصام عن كل صاع يومين. 12572- حدثنا هناد قال، حدثنا عبد بن حميد، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس في هذه الآية: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديًا بالغ الكعبة" ، قال: إذا أصاب الرجل الصيد حكم عليه، فإن لم يكن عنده قوم عليه ثمنه طعامًا، ثم صام لكل نصف صاع يومًا. 12573 - حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: ابتدرت وصاحبٌ لي ظبيًا في العقبة، فأصبته، فأتيت عمر بن الخطاب فذكرت ذلك له، فأقبل علي رجل إلى جنبه، فنظرا في ذلك قال فقال: اذبح كبشًا. (1) (1) الأثر: 12573- "عبد الملك بن عمير بن سويد القرشي" المعروف بالقبطي و "ابن القبطية" . رأى عليا وأبا موسى. مترجم في التهذيب. و "قبيصة بن جابر بن وهب الأسدي" روى عن عمر وشهد خطبته بالجابية ثقة في فقهاء الطبقة الأولى من فقهاء أهل الكوفة بعد الصحابة. مترجم في التهذيب. هذا وخبر قبيصة بن جابر سيرويه أبو جعفر من طرق من رقم: 12573- 12577ن ثم: 12586- 15288 بألفاظ مختلفة. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 181 من طريق سفيان، عن عبد الملك بن عمير ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الملك. ونقله ابن كثير في تفسيره 3: 237، 238 وهو رقم: 12588 عن هذا الموضع من تفسير أبي جعفر وأشار إلى بعض طرقه هنا. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 329 بنحو من لفظ رقم: 12588 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم قال: "وصححه" ولم أجده في مظنته من المستدرك للحاكم. 12574 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن الشعبي قال: أخبرني قبيصة بن جابر، نحوا مما حدَّث به عبد الملك. 12575 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: قتل صاحب لي ظبيًا وهو محرم، فأمره عمر أن يذبح شاة فيتصدق بلحمها ويُسْقي إهابها. (1) 12576 - حدثني هناد قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني قال: قتل رجلٌ من الأعراب وهو محرم ظبيًا، فسأل عمر، فقال له عمر: اهدِ شاة. (2) 12577 - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن حصين= وحدثنا أبو هشام الرفاعي قال: حدثنا ابن فضيل قال، حدثنا حصين= عن الشعبي قال، قال قبيصة بن جابر: أصبت ظبيًا وأنا محرم، فأتيت عمر فسألته عن ذلك، فأرسل إلى عبد الرحمن بن عوف. فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ أمرَه أهون من ذلك! قال: فضربني بالدِّرّة حتى سابقته عدوًا! (3) قال: ثم قال: قتلتَ الصيد وأنتَ محرم، ثم تَغْمِص الفُتيا! (4) قال: فجاء عبد الرحمن، فحكما شاة. (1) الأثر: 12575- هو مختصر الأثر رقم: 12588 وسيأتي تفسير "يسقى إهابها" في التعليق عليه هناك. (2) الأثر: 12576- هذا خبر مرسل عن عمر "بكر بن عبد الله المزني" لم يسمع من عمر. ولكنها قصة قبيصة بن جابر التي ذكرها قبل. (3) "الدرة" (بكسر الدال) : عصا قصيرة يحملها السلطان او غيره يدب بها. ودرة أمير المؤمنين عمر أشهر درة في التاريخ. (4) "غمص الشيء يغمصه غمصا" : حقره واستصغره واستهان به. يعني: اتحتقر الفتيا وتستهين بها وتزدريها؟ 12578 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاءٌ مثل ما قتل من النعم" ، قال: إذا قتل المحرم شيئًا من الصيد حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجد، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام. فإن قتل أيِّلا أو نحوه، فعليه بقرة. وإن قتل نعامة أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل. 12579 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: أرأيت إن قتلتُ صيدًا فإذا هو أعور، أو أعرج، أو منقوص، أغرم مثله؟ قال: نعم، إن شئت. قلت: أوْفَي أحبُّ إليك؟ قال: نعم. وقال عطاء: وإن قتلت ولدَ الظبي، ففيه ولد شاة. وإن قتلت ولد بقرة وحشية، ففيه ولد بقرة إنسية مثله، فكلّ ذلك على ذلك. 12580 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، أخبرنا عبيد بن سليمان الباهلي قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ما كان من صيد البر مما ليس له قرن = الحمار أوالنعامة= فعليه مثله من الإبل. وما كان ذا قرن من صيد البر من وعِلٍ أو أيِّل، فجزاؤه من البقر. وما كان من ظبي فمن الغنم مثله. وما كان من أرنب، ففيها ثَنِيَّة. (1) وما كان من يربوع وشبهه، ففيه حَمَلٌ صغير. وما كان من جرادة أو نحوها، ففيه قبضة من طعام. وما كان من طير البر، ففيه أن يقوَّم ويتصدق بثمنه، وإن شاء صام لكل نصف صاع يومًا. وإن أصاب فرخ طير برِّية أو بيضها، فالقيمة فيها طعامٌ أو صوم على الذي يكون في الطير. غير أنه قد ذكر في بيض النعام إذا إصابها المحرم، أن يحمل الفحل على عدة من أصاب من البيض على (1) "الثنية" يعني الثنية من المعز، وهو ما دخل في السنة الثانية أو الثالثة. بِكارة الإبل، (1) فما لَقِح منها أهداه إلى البيت، وما فسد منها فلا شيء فيه. 12581 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، أخبرني ابن جريج قال، قال مجاهد: من قتله = يعني الصيد = ناسيًا، أو أراد غيره فأخطأ به، فذلك العمد المكفَّر، فعليه مثله هديًا بالغ الكعبة. فإن لم يجد، ابتاع بثمنه طعامًا. فإن لم يجد، صام عن كل مُدٍّ يومًا. وقال عطاء: فإن أصاب إنسان نعامة، كان له= إن كان ذا يسار= مُوَسَّعًا (2) إن شاء يهدي جزورًا أو عَدْلَها طعامًا أو عدلها صيامًا، أيّتهن شاء، (3) من أجل قوله: فجزاء، أو كذا أو كذا (4) قال: فكل شيء في القران: "أو" "أو" ، فليختر منه صاحبه ما شاء. 12582 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا ابن أبي مريم قال، أخبرنا نافع قال، أخبرني ابن جريج قال، أخبرني الحسن بن مسلم قال: من أصاب من الصيد ما يبلغ أن يكون شاة فصاعدًا، فذلك الذي قال الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" . وأما "كفارة طعام مساكين" ، فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدي، العصفورَ يقتل، فلا يكون فيه. قال: "أو عدل ذلك صيامًا" ، عدل النعامة، أو عدل العصفور، أو عدل ذلك كله. * * * وقال آخرون: بل يقوَّم الصيد المقتول قيمتَه من الدراهم، ثم يشتري القاتل بقيمته نِدًّا من النعم، ثم يهديه إلى الكعبة. (1) "البكارة" (بكسر الباء) جمع "بكر" و "بكرة" (بفتح الباء) : وهو الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من اللناس. (2) في المطبوعة: "كان له إن كان ذا يسار ما شاء" بحذف "الواو من قوله" وإن كان "وهو لا معنى له، وفي المخطوطة:" كان له وإن كان ذا يسار من سا "فرأيت أن أقرأها كما أثبتها فهو حق المعنى. لأنه يريد أن يقول: إن الله وسع له ورخص في هذا النخيير الذي ذكره بعد." (3) في المطبوعة: "أيهن شاء" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. (4) في المطبوعة: "أو كذا" مرة واحدة وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. * ذكر من قال ذلك: 12583 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبدة، عن إبراهيم قال: ما أصاب المحرم من شيء، حكم فيه قيمته. 12584 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن حماد قال: سمعت إبراهيم يقول: في كل شيء من الصيد ثمنه. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في تأويل الآية، ما قال عمر وابن عباس، ومن قال بقولهما: أن المقتول من الصيد يُجْزَي بمثله من النعم، كما قال الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" . وغير جائز أن يكون مثل الذي قتل من الصيد دراهم، وقد قال الله تعالى: "من النعم" ، لأن الدراهم ليست من النعم في شيء. * * * فإن قال قائل: فإن الدراهمَ وإن لم تكن مثلا للمقتول من الصيد، فإنه يشتري بها المثل من النعم، فيهديه القاتل، فيكون بفعله ذلك كذلك جازيًا بما قتل من الصيد مثلا من النعم! قيل له: أفرأيت إن كان المقتول من الصيد صغيرًا [أو معيبا، ولا يصاب بقيمته من النعم إلا] (1) كبيرًا أو سليمًا = أو كان المقتول من الصيد كبيرًا أو سليمًا بقيمته من النعم إلا صغيرًا أو معيبًا= (2) أيجوز له أن يشتريَ بقيمته خلافه وخلافَ صفته فيهديه، أم لا يجوز ذلك له، وهو لا يجوز إلا خلافه؟ فإن زعم أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمته إلا مثله، ترك قوله في ذلك. لأنّ أهل هذه المقالة يزعمون أنه لا يجوز له أن يشتري بقيمة ذلك فيهديه، (3) إلا ما (1) في المخطوطة والمطبوعة: "أفرأيت إن كان المقتول من الصيد صغيرا أو كبيرا او سليما أو كان المقتول من الصيد ..." وهو كلام لا يستقيم إلا بهذه الزيادة التي زدتها بين القوسين وتصحيح "أو كبيرا" بما أثبته "إلا كبيرا" وهو ما اسظهرته من سياق كلام أبي جعفر. (2) في المطبوعة: "ولا يصيب بقيمته ..." والصواب ما في المخطوطة. (3) في المطبوعة: "بقيمته ذلك" وهو خطأ صوابه في المخطوطة. يجوز في الضحايا. وإذا أجاز شراءَ مثل المقتول من الصيد بقيمته وإهداءها وقد يكون المقتول صغيرًا معيبًا، (1) أجاز في الهدي ما لا يجوز في الأضاحي. (2) وإن زعم أنه لا يجوز أن يشتري بقيمته فيهديه إلا ما يجوز في الضحايا أوضح بذلك من قوله الخلافَ لظاهر التنزيل. وذلك أنّ الله تعالى ذكره، أوجب على قاتل الصيد من المحرِمين عمدًا، المثلَ من النعم إذا وجده. وقد زعم قائل هذه المقالة أنه لا يجب عليه المثل من النعم، وهو إلى ذلك واجدٌ سبيلا. ويقال لقائل ذلك: أرأيت إن قال قائل آخر: "ما على قاتل ما لا تبلغُ من الصيد قيمته ما يصاب به من النَّعم ما يجوز في الأضاحي من إطعام ولا صيام. (3) لأن الله تعالى إنما خيَّر قاتل الصيد من المحرمين في أحد الثلاثة الأشياء التي سماها في كتابه، فإذا لم يكن له إلى واحد من ذلك سبيل، سقط عنه فرض الآخرَيْن. لأن الخيار إنما كان له، وله إلى الثلاثة سبيل. فإذا لم يكن له إلى بعض ذلك سبيل، بطل فرض الجزاء عنه، لأنه ليس ممن عُني بالآية= نظيرَ الذي قلت أنت:" إنه إذا لم يكن المقتول من الصيد يبلغ قيمته ما يصاب من النعم مما يجوز في الضحايا، فقد سقط فرض الجزاء بالمثل من النعم عنه، وإنما عليه الجزاء بالإطعام أو الصيام "،= هل بينك وبينه فرق من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله." * * * (1) في المطبوعة والمخطوطة: "وإذا أجازوا شرى مثل المقتول" وصواب كل ذلك ما أثبت وإنما وهم الناسخ في "أجازوا" فإن جواب "إذا" يدل على خلافه وصواب ما أثبت. (2) في المطبوعة: "أجازوا في الهدي" غير ما في المخطوطة لوهم الناسخ كما قلت في التعليق السالف. (3) في المطبوعة: "ما لا يبلغ" وهو في المخطوطة غير منقوطة وصوابها ما أثبت. وسياق هذه الجملة: "ما على قاتل ما تبلغ ... من إطعام ولا صيام" يعني ليس على قاتل صيد لا تبلغ قيمته أن يشتري بها من النعم ما يجوز مثله في الأضاحي= إطعام أو صيام. القول في تأويل قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يحكم بذلك الجزاء الذي هو مثل المقتول من الصيد من النعم عدلان منكم= يعني: فقيهان عالمان من أهل الدين والفضل= (1) "هديًا" ، يقول: يقضي بالجزاء ذوا عدل، أي يُهْدَي فيبلغ الكعبة. (2) و "الهاء" في قوله: "ويحكم به" ، عائدة على "الجزاء" . (3) . * * * قال أبو جعفر: ووجه حكم العدلين إذا أرادا أن يحكما بمثل المقتول من الصيد من النعم على القاتل: أن ينظرا إلى المقتول ويستوصفاه، فإن ذكر أنه أصاب ظبيًا صغيرًا، حكما عليه من ولد الضأن بنظير ذلك الذي قتله في السن والجسم، فإن كان الذي أصاب من ذلك كبيرًا، حكما عليه من الضأن بكبير. وإن كان الذي أصاب حمار وَحْش، حكما عليه ببقرة. إن كان الذي أصاب كبيرًا من البقر، وإن كان صغيرًا فصغيرًا. وإن كان المقتول ذكرًا فمثله من ذكور البقر. وإن كان أنثى فمثله من البقر أنثى. ثم كذلك ذلك، ينظران إلى أشبه الأشياء بالمقتول من الصيد شبهًا من النعم، (4) فيحكمان عليه به، كما قال تعالى ذكره. * * * وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، على اختلافٍ في ذلك بينهم. * ذكر من قال ذلك بنحو الذي قلنا فيه: (1) انظر تفسير "العدل" فيما سلف 6: 51، 60. (2) في المطبوعة: "أن يهدي" وأثبت ما في المخطوطة. (3) انظر تفسير "الهدي" فيما سلف 4: 34، 35/9: 466. (4) في المخطوطة: "ينظر إلى أشبه الأشياء" والصواب ما في المطبوعة. 12585 - حدثنا هنّاد بن السريّ قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: أخبرنا داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني قال: كان رجلان من الأعراب محرِمين، فأحاش أحدهما ظبيًا، فقتله الآخر. (1) فأتيا عمر، وعنده عبد الرحمن بن عوف، فقال له عمر: (2) وما ترى؟ قال: شاة، قال: وأنا أرى ذلك، اذهبا فأهديا شاة. فلما مضَيا قال أحدهما لصاحبه: ما درَى أمير المؤمنين ما يقول حتى سأل صاحبه!! فسمعها عمر، فردّهما فقال: هل تقرأان سورة المائدة؟ فقالا لا! فقرأها عليهما: (3) "يحكم به ذوا عدل منكم" ، ثم قال: استعنت بصاحبي هذا. 12586 - حدثنا أبو كريب ويعقوب قالا حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: ابتدرت أنا وصاحب لي ظبيًا في العقبة، فأصبته، فأتيت عمر بن الخطاب، فذكرت ذلك له. فأقبل على رجل إلى جنبه، فنظرا في ذلك. قال فقال: اذبح كبشًا= قال يعقوب في حديثه، فقال لي: اذبح شاة= فانصرفت فأتيت صاحبي فقلت: إن أميرَ المؤمنين لم يدرِ ما يقول! فقال صاحبي: انحر ناقتك. فسمعها عمر بن الخطاب، فأقبل عليَّ ضربًا بالدِّرة وقال: تقتل الصيد وأنت محرم، وتَغْمِصُ الفُتْيا! (4) إن الله تعالى يقول في كتابه: "يحكم به ذوا عدل منكم" ، هذا ابن عوف، وأنا عمر! (5) 12587 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن (1) في المطبوعة: "فأجاش" بالجيم وهو خطأ وفي المخطوطة غير منقوط. "حاش الصيد حوشا وحياشا" و "أحاشه" و "أحوشه" و "حشت عليه الصيد" و "أحشته" : إذا نفرته نحوه وأخذته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ثم سقته نحوه وجمعته عليه. (2) في المخطوطة في الموضعين: "عمرو" وهو خطأ محض، وفي المطبوعة في الآخرة منهما "عمرو" وهو خطأ. (3) في المطبوعة: "فقرأها عليهما" والصواب ما في المخطوطة. (4) انظر تفسير "غمص الفتيا" فيما سلف ص: 17 تعليق: 4. (5) الأثر: 12586- انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 12573. الشعبي قال، أخبرني قبيصة بن جابر، بنحو ما حدث به عبد الملك. 12588 - حدثنا هناد وأبو هشام قالا حدثنا وكيع، عن المسعودي، عن عبد الملك بن عمير، عن قبيصة بن جابر قال: خرجنا حجاجًا (1) فكنا إذا صلينا الغداة، اقتدرنا رواحلنا نتماشى نتحدث، (2) قال: فبينما نحن ذات غداة إذ سنح لنا ظبيٌ أو بَرَح، (3) فرماه رجل منا بحجر، فما أخطأ خُشَّاءه، (4) فركب رَدْعَه ميتًا. (5) قال: فعظَّمنا عليه. فلما قدمنا مكة، خرجت معه حتى أتينا عمر، فقص عليه القصة. قال: وإذا إلى جنبه رجلٌ كان وجهه قُلْبُ فضة (6) =يعني عبد الرحمن بن عوف = فالتفت إلى صاحبه فكلمه. قال: ثم أقبل علي الرجل قال: أعمدًا قتلته أم خطأ؟ قال الرجل: لقد تعمَّدت رميه، وما أردت قتله. فقال عمر: ما أراك إلا قد أشركتَ بين العمد والخطأ، أعمد إلى شاة فاذبحها، وتصدق بلحمها، وَاسْقِِ إهابَها. (7) قال: فقمنا من عنده، فقلت: أيها الرجل، (1) في المطبوعة والمخطوطة: "خرجنا" لم يذكر "حجاجا" ولكن ابن كثير نقله عن هذا الموضع وفيه "حجاجا" وكذلك هي في رواية البيهقي في السنن 5: 181. وإذن فقد سقط من الناسخ "حجاجا" فلذلك أثبتها. (2) "صلاة الغداة" هي صلاة الفجر. (3) "سنح الظبي" أتاك عن يسارك و "برح" : أتاك عن يمينك. (4) في المطبوعة: "خششاءه" وأثبت ما في المخطوطة وهي بضم الخاء وتشديد الشين المفتوحة وكلتاهما صواب وبهما روى الخبر. و "الخشاء" و "الخششاء" : وهو العظم الدقيق العاري من الشعر الناتئ خلف الأذن. (5) في المطبوعة: "فركب وودعه ميتا" وهو كلام ساقط جدا. وفي المخطوطة: "فركب ودعه ميتا" وهو تصحيف صوابه ما أثبت. يقال للقتيل: "ركب ردعه" : إذا خر لوجهه على دمه. وركوبه عليه: أن الدم يسيل ثم يخر عليه صريعا. وأصل "الردع" ما تلطخ به الشيء من زعفران أو غيره، وهو أثره ولونه. (6) "القلب" (بضم فسكون ": سوار يكون قلدا واحدا أي ليا واحدا. وفي الحديث:" أن فاطمة حلت الحسن والحسين رضي الله عنهما بقلبين من فضة "أي: سوارين من فضة. وصفة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه في طبقات ابن سعد 3/1/94:" كان رجلا طويلا حسن الوجه رقيق البشرة فيح جدّا (ميل في الظهر أو العنق) أبيض مشربا حمرة لا يغير لحيته ولا رأسه "." (7) قوله "أسق إهابها" يعني: أعط إهابها من يدبغه ويتخذ من جلده سقاء. و "السقاء" ظرف الماء من الجلد. و "الإهاب" : الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ. عظِّم شعائر الله! (1) فما درى أمير المؤمنين ما يُفتيك حتى سأل صاحبه! اعمد إلى ناقتك فانحرها، ففعلَّ ذاك! (2) قال قبيصة: ولا أذكر الآية من "سورة المائدة" : "يحكم به ذوا عدل منكم" قال: فبلغ عمر مقالتي، فلم يفجأنا إلا ومعه الدِّرّة! قال: فعلا صاحبي ضربًا بالدّرة، (3) وجعل يقول: أقتلت في الحرم وسفَّهت الحُكم! قال: ثم أقبل عليّ فقلت: يا أمير المؤمنين، لا أحِلَّ لك اليوم شيئًا يحرُم عليك مني! (4) قال: يا قبيصة بن جابر، إنّي أراك شابَّ السن، فسيحَ الصدر (5) بيِّن اللسان، وإن الشاب يكون فيه تسعةُ أخلاق حسنة وخلق سييء، فيفسد الخلق السييء الأخلاقَ الحسنة، فإياك وعثرات الشباب! (6) 12589 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن مخارق، عن طارق قال: أوطأ أربدُ ضَبًّا (7) فقتله- وهو محرم. فأتى عمر ليحكم عليه، فقال له عمر: احكم معي! فحكما فيه جَدْيًا قد جَمَع الماء والشجر. (8) ثم قال عمر: "يحكم به ذوا عدل منكم" . (9) 12590 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أصاب صيدًا، فأتى ابن عمر فسأله عن ذلك، وعنده عبد الله بن صفوان، فقال ابن عمر لابن صفوان: إما إن أقول فتصدقني، وإما أن تقول فأصدقك. فقال ابن صفوان: بل أنت فقل. فقال ابن عمر، ووافقه على ذلك عبد الله بن صفوان. 12591 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا هشام، عن ابن سيرين، عن شريح، أنه قال: لو وجدت حكمًا عدلا لحكمت في الثعلب جَدْيًا، وجديٌ أحبُّ إليّ من الثعلب. (10) (1) في المخطوطة: "أعظم شعائر الله" وما في المطبوعة هو الموافق لما في سنن البيهقي وهو أولاهما لمطابقته نص آية "سورة الحج" : "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" . (2) في المطبوعة: "ففعل ذاك" والصواب هو ما في المخطوطة وابن كثير يقول: فلعل ذلك أن يكون جزاء مثل ما قتلت من الصيد. وفي ابن كثير: "يعني أن يجزئ عنك" وهذا النص ليس في المخطوطة فلذلك لم أزده في هذا الموضع، أخشى أن يكون من كلام ابن كثير. (3) روى البيهقي هذا الخبر بغير هذا اللفظ وقال عند هذا الموضع: "فما علمت بشيء والله ما شعرت إلا به يضرب بالدرة على= وقال مرة: على صاحبي" فهذه التي هنا هي إحدى الروايتين. (4) يعني أنه لما أقبل عليه عمر وعوف أنه ضاربه كما ضرب صاحبه رهب عمر واخافه بقوله: إنه لن يحله من ضرب بشرة هي عليه حرام إلا بحقها. فلذلك هاب عمر أن يضربه كما ضرب صاحبه. فانظر إلى ما طبع عليه أسلافنا من حرية الطباع وما وقذ الإسلام من عرامهم حتى كف عمر يده مخافة أن يصيب من أبشار المسلم حراما لا يحل له إلا بحقه. (5) قوله: "فسيح الصدر" أي: واسع الصدر وذلك من دلائل القوة ومتانة التركيب وهذه المقالة من عمر من أبلغ ما يهدى إلى الشباب فإن البلاء إنما يأتي من سوء الخلق، وخلق سيئ واحد يجر وراءه جميع مساوي الأخلاق. (6) الأثر: 12588- انظر تخريج خبر قبيصة بن جابر فيما سلف في التعليق على رقم: 12573. وختم البيهقي هذا الأثر (السنن 5: 181) وهو من رواية ابن أبي عمر، عن سفيان عن عبد الملك بن عمير: "قال ابن أبي عمر، قال سفيان: وكان عبد الملك إذا حدث بهذا الحديث قال: ما تركت منه ألفا ولا واوا" . (7) "أوطأ" يعني: حمل دابته حتى وطئت الضب أي داسته. فسرته كذلك لأنهم يقولون: "وطئ الشيء ووطأته، وتوطأه" بمعنى: داسه ولم يذكروا "أوطأه" وإن كنت أرى القياس يعين عليه. (8) قوله: "جمع الماء والشجر" يعني: فطم ورعى الماء والشجر وهذا تفسير لم أجده في شيء من مراجع اللغة او مجازها. ينبغي إثباته. (9) الأثر: 12589- "مخارق" هو "مخارق بن خليفة بن جابر" ويقال: "مخارق بن عبد الله" و "مخارق بن عبد الرحمن" البجلي الأحمسي، ثقة مضى برقم: 11682. و "طارق" هو: "طارق بن شهاب البجلي الأحمسي" مضى برقم: 9744، 11682، 12073- 12075، 12085. و "أربد" هو "أربد بن عبد الله البجلي" أدرك الجاهلية هكذا ترجم له ابن حجر في الإصابة في القسم الثالث، وذكر هذا الخبر مبينا فيه اسمه ثم قال: "إسناده صحيح ورواه الأعمش عن سليمان بن ميسره، عن طارق، ولم يسم الرجل" . ورواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 182 من طريق الشافعي عن سفيان بن عيينة. وهو في الأم 2: 165 ومسند الشافعي للسندي: 332 وشرحه الأستاذ حامد مصطفى بمثل ما شرحته قبل. (10) في المطبوعة: "من الثعلب" وأثبت ما في المخطوطة وهو الجيد. ![]()
__________________
|
#572
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (572) صــ 26 إلى صــ 35 12592 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن بكير قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي مجلز: أن رجلا سأل ابن عمر عن رجل أصاب صيدًا وهو محرم، وعنده ابن صفوان، فقال له ابن عمر: إما أن تقول فأصدقك، أو أقول فتصدقني. قال: قل وأصدقك. 12593 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي وائل قال، أخبرني ابن جرير البجلي قال: أصبت ظبيًا وأنا محرم، فذكرت ذلك لعمر، فقال: ائت رجلين من إخوانك فليحكما عليك. فأتيت عبد الرحمن وسعدًا، فحكما عليّ تيسًا أعْفَر= قال أبو جعفر: "الأعفر" : الأبيض. (1) 12594 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن منصور بإسناده عن عمر، مثله. 12595 - حدثنا عبد الحميد قال، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن (1) الأثر: 12593- "أبو وائل" هو "شقيق بن سلمة الأسدي" مضى مرارا كثيرة. و "أبو جرير البجلي" لم يترجم له غير ابن سعد في الطبقات 6: 106ن 107 وقال: "روى عن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وسعد" وساق هذا الخبر مختصرا من طريق إسحق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن منصور عن أبي وائل ثم ساقه مطولا بنحو لفظه في خبر أبي جعفر: من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل عن منصور عن شقيق. ورواه البيهقي في السنن 5: 181، 182 من طريق عبيد الله بن معاذ عن شعبة عن منصور بنحو لفظ أبي جعفر. ثم قال في آخره: "زاد فيه جرير بن عبد الحميد عن منصور: وأنا ناس لإحرامي" . وهذه الزيادة في خبري ابن سعد، في الأول: "وأنا ناس لإهلالي" وفي الآخر: "ولا أذكر إهلالي" . ونقله ابن كثير في تفسيره 3: 239 عن هذا الموضع من تفسير الطبري. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 329 وزاد نسبته لأبي الشيخ. وفي المطبوعة: "ابن جرير البجلي" والصواب من المخطوطة وهي غير منقوطة. وفي ابن كثير مثل ما في المطبوعة وفي سنن البيهقي والدر المنثور: "أبو حريز" والصواب ما في طبقات ابن سعد. وكان في المطبوعة: "فأتيت عبد الرحمن وسعيدا" والصواب ما أثبت من المخطوطة و "عبد الرحمن" هو "عبد الرحمن بن عوف" و "سعد" هو: "سعد بن أبي وقاص" . أشعث بن سوار، عن ابن سيرين قال: كان رجل على ناقة وهو محرم، فأبصر ظبيًا يأوي إلى أكمة، فقال: لأنظرنّ أنا أسبق إلى هذه الأكمة أم هذا الظبي؟ (1) فوقعت عَنز من الظباء تحت قوائم ناقته فقتلتها، (2) فأتى عمر فذكر ذلك له، فحكم عليه هو وابن عوف عنزا عفراء= قال: وهي البيضاء. 12596 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن محمد: أن رجلا أوطأ ظبيًا وهو محرم، (3) فأتى عمر فذكر ذلك له، وإلى جنبه عبد الرحمن بن عوف، فأقبل على عبد الرحمن فكلمه، ثم أقبل على الرجل فقال: أهد عنزا عفراء. 12597 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم: أنه كان يقول: ما أصاب المحرم من شيء لم يمض فيه حكومة، استقبل به، فيحكم فيه ذوا عدل. (4) 12598 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني وهب بن جرير قال، حدثنا شعبة، عن يعلي، عن عمرو بن حبشي قال: سمعت رجلا سأل عبد الله بن عمر، عن رجل أصاب ولدَ أرنب، فقال: فيه ولد ماعز، فيما أرى أنا. ثم قال لي: أكذاك؟ فقلت: أنت أعلم مني. فقال: قال الله تعالى ذكره: "يحكم به ذوا عدل منكم" . (5) 12599 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا ابن أبي عدي وسهل بن يوسف، (1) في المطبوعة: "لأنظر أنا أسبق" وفي المخطوطة: "لأنظر وأنا أسبق" وصواب قراءتها ما أثبت. (2) "العنز" الأنثى من المعزى والأوعال والظباء. (3) انظر تفسير "أوطأ" فيما سلف ص: 26 تعليق: 1. (4) أي لم يمض فيه حكم سابق. وقوله: "استقبل به" يعني: ابتدأ النظر فيه، بغير حكم سابق. (5) الأثر: 12598- "عمرو بن حبشي" تابعي ثقة، مضى ومضى ضبط اسمه برقم: 2340. عن حميد، عن بكر: أن رجلين أبصرا طبيًا وهما محرمان، فتراهنا، وخطرُ كل واحد منهما لمن سبق إليه. (1) فسبق إليه أحدهما، فرماه بعصاه فقتله. فلما قدما مكة، أتيا عمر يختصمان إليه، وعنده عبد الرحمن بن عوف، فذكرا ذلك له، فقال عمر: هذا قِمارٌ، ولا أجيزه! ثم نظر إلى عبد الرحمن، فقال: ما ترى! قال: شاة. فقال عمر: وأنا أرى ذلك. فلما قَفَّى الرجلان من عند عمر، قال أحدهما لصاحبه: ما درى عُمر ما يقول حتى سأل الرجل! فردّهما عمر فقال: إن الله تعالى ذكره لم يرضَ بعمر وحده، فقال: "يحكم به ذوا عدل منكم" ، وأنا عمر، وهذا عبد الرحمن بن عوف. * * * وقال آخرون: بل ينظر العَدْلان إلى الصيد المقتول، فيقوّمانه قيمته دراهمَ، ثم يأمران القاتل أن يشتري بذلك من النعم هَدْيًا. فالحاكمان يحكمان، في قول هؤلاء، بالقيمة. وإنما يحتاج إليهما لتقويم الصيد قيمتَه في الموضع الذي أصابه فيه. * * * وقد ذكرنا عن إبراهيم النخعي فيما مضى قبل أنه كان يقول: "ما أصاب المحرم من شيء، حكم فيه قيمته" ، (2) وهو قول جماعة من متفقِّهة الكوفيين. * * * وأما قوله: "هديًا" فإنه مُصَدَّر على الحال من "الهاء" التي في قوله: "يحكم به" . * * * وقوله: "بالغ الكعبة" من نعت "الهدي" وصفته. وإنما جاز أن ينعت به، وهو مضاف إلى معرفة، (3) لأنه في معنى النكرة. وذلك أن معنى قوله: "بالغ" (1) "الخطر" (بفتحتين) : الرهن وهو السبق الذي يترامى عليه في التراهن. و "أخطر المال" جعله خطرا بين المتراهنين، و "تخاطروا" : تراهنوا وكان في المطبوعة: "وجعل كل واحد منهما" وهذه الكلمة في المخطوطة سيئة الكتابة جدا، رأيت أن أستظهر قراءتها كذلك من معنى الرهان. وهو الصواب إن شاء الله. (2) هو رثم: 12583. (3) في المطبوعة: "ينعت وهو مضاف" حذف "به" فاختل الكلام. الكعبة "، يبلغُ الكعبة. فهو وإن كان مضافًا فمعناه التنوين، لأنه بمعنى الاستقبال، وهو نظير قوله: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) [سورة الأحقاف:24] ، فوصف بقوله:" ممطرنا "" عارضًا "، لأن في" ممطرنا "معنى التنوين، لأن تأويله الاستقبال، فمعناه: هذا عارض يمطرنا. فكذلك ذلك في قوله:" هديًا بالغً الكعبة "." * * * القول في تأويل قوله: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: أو عليه كفارة طعام مساكين= و "الكفارة" معطوفة على "الجزاء" في قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" . واختلف القرأة في قراءة ذلك: فقرأته عامة قرأة أهل المدينة: (أو كفارة طعام مساكين) بالإضافة. وأما قرأة أهل العراق، فإنّ عامتهم قرءوا ذلك بتنوين "الكفارة" ورفع "الطعام" : أو كفارة طعام مساكين * * * قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب، قراءة من قرأ بتنوين "الكفارة" ورفع "الطعام" ، للعلة التي ذكرناها في قوله: "فجزاء مثلُ ما قتل من النعم" . (1) . * * * واختلف أهل التأويل في معنى قوله: "أو كفارة طعام مساكين" . (2) فقال بعضهم: معنى ذلك أنّ القاتل وهو محرم صيدًا عمدًا، لا يخلو من (1) انظر ما سلف ص: 13ن 14. (2) انظر تفسير "الكفارة" فيما سلف 10: 531 تعليق: 11 والمراجع هناك. وجوب بعض هذه الأشياء الثلاثة التي ذكر الله تعالى ذكره: من مثل المقتول هديًا بالغَ الكعبة، أو طعامُ مسكين كفارة لما فعل، أو عدلُ ذلك صيامًا= إلا أنه مخيَّر في أيِّ ذلك شاء فعل، وأنه بأيِّها كان كفَّر فقد أدّى الواجب عليه. وإنما ذلك إعلامٌ من الله تعالى عبادَه أن قاتل ذلك كما وصف لن يخرُجَ حكمه من إحدى الخلال الثلاثة. قالوا: فحكمه إن كان على المثل قادرًا أن يحكم عليه بمثل المقتول من النعم، لا يجزيه غيرُ ذلك ما دام للمثل واجدًا. قالوا: فإن لم يكن له واجدًا، أو لم يكن للمقتول مثلٌ من النعم، فكفارته حينئذ إطعام مساكين. * ذكر من قال ذلك: 12600 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديًا بالغ الكعبة أو كفارة طعامُ مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وَبال أمره" قال: إذا قتل المحرم شيئًا من الصيد، حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجد، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وإن قتل أيِّلا أو نحوه، فعليه بقرة. فإن لم يجدها، أطعم عشرين مسكينًا. (1) فإن لم يجد، صام عشرين يومًا. وإن قتل نعامة أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بَدَنَة من الإبل. فإن لم يجد، أطعم ثلاثين مسكينًا. فإن لم يجد، صام ثلاثين يومًا. والطعام مدٌّ مُدٌّ شِبَعَهم. (2) 12601 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد" (1) في المطبوعة: "فإن لم يجد" وأثبت ما في المخطوطة. (2) الأثر: 12600- وسيأتي برقم: 12633 في المطبوعة: "يشبعهم" وأثبت ما في المخطوطة. وسيأتي في المخطوطة هناك: "وشبعهم" بالواو والجيد ما هنا. وأنتم حرمٌ "إلى قوله:" يحكم به ذوا عدل منكم "فالكفارة: من قتل ما دون الأرنب، إطعام." 12602 - حدثنا هناد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: إذا أصاب المحرم الصيد، حكم عليه جزاؤه من النعم. فإن وجد جزاءَه، ذبحه فتصدق به. وإن لم يجد جزاءه، قُوِّم الجزاء دراهم، ثم قوِّمت الدراهم حنطة، ثم صام مكان كل صاع يومًا. قال: إنما أريد بالطعام الصوم، فإذا وجد طعامًا وجد جزاءً. 12603 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن زهير، عن جابر، عن عطاء ومجاهد وعامر: "أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: إنما الطعام لمن لم يجد الهَدْي. (1) 12604 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم أنه كان يقول: إذا أصاب المحرم شيئًا من الصيد، عليه جزاؤه من النعم. فإن لم يجد قُوِّم الجزاء دراهم، ثم قومت الدراهم طعامًا، ثم صامَ لكل نصف صاع يومًا. 12605- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد قال: إذا أصاب المحرم الصيد فحكم عليه، فإن فضل منه ما لا يتم نصف صاع، صام له يومًا. ولا يكون الصوم إلا على من لم يجد ثمن هديٍ، فيحكم عليه الطعام. فإن لم يكن عنده طعام يتصدق به، حكم عليه الصوم، فصام مكان كل نصف صاع يومًا= "كفارة طعام مساكين" ، قال: فيما لا يبلغ ثمن هدي= "أو عدل ذلك صيامًا" ، من الجزاء، إذا لم يجد ما يشتري به هديًا، أو ما يتصدق به، مما لا يبلغ ثمن هدي، حكم عليه الصيام مكان كل نصف صاع يومًا. (1) زاد في المطبوعة: "ليذوق" وقطع الآية، وأثبت ما في المخطوطة. 12606 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قال مجاهد: "ومن قتل منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم" ، قال: عليه من النعم مثلُه هديًا بالغَ الكعبة. ومن لم يجد، ابتاع بقيمته طعامًا، فيطعم كل مسكين مُدَّين. فإن لم يجد، صام عن كل مدَّين يومًا. 12607 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ومن قتله منكم متعمدًا" ، إلى قوله: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، قال: إذا قتل صيدًا، فعليه جزاؤه مثل ما قتل من النعم. فإن لم يجد، حكم عليه، ثم [قُوِّم] الفداءُ، كم هو درهمًا، ثمّ قدر ثمن ذلك بالطعام على المسكين، (1) فصام عن كل مسكين يومًا، ولا يحل طعام المسكين، لأن من وجد طعام المسكين فهو يجد الفداء. 12608- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج قال: قال لي الحسن بن مسلم: من أصاب الصيد فيما جزاؤه شاة، (2) فذلك الذي قال الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم" . وما كان من كفارة بإطعام مساكين، (3) مثل العصفورة يقتل ولا يبلغ أن يكون فيه هدي "أو عدل ذلك صيامًا" ، (4) قال عدل النعامة أو العصفور، (5) أو عدل ذلك كله. فذكرت ذلك لعطاء فقال: كل شيء في القرآن "أو" "أو" ، فلصاحبه أن يختار ما شاء. (1) في المطبوعة: "فإن لم يجد ما حكم عليه قوم الفداء كم هو درهما، وقدر ثمن ذلك..ز" وفي المخطوطة: "فإن لم يجد حكم عليه ثم الفداء كم هو درهما بين قدر ثمن ذلك ..." ومكان (بين) (ثم) بين القوسين والعبارة بعد ذلك كله مشكلة، لم أستطع أن أهتدي إلى مكانها في كتاب آخر ولا أن ألتمس لها تحريفا أرضى عنه. (2) في المطبوعة: "مما جزاؤه" وأثبت ما في المخطوطة. (3) في المطبوعة: "من كفارة طعام" وأثبت ما في المخطوطة. (4) في المطبوعة: زاد في الآية "ليذوق" ثم قطع الآية. (5) في المطبوعة: "أو العصفور" وأثبت ما في المخطوطة. 12609 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يزيد بن هارون قال، أخبرنا سفيان بن حسين، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، في قوله: "لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم" ، فإن لم يجد جزاءً، قوِّم عليه الجزاءُ طعامًا، ثم صاع لكل صاع يومين. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: أن للقاتل صيدًا عمدًا وهو محرم، الخيارُ بين إحدى الكفارات الثلاث، وهي: الجزاء بمثله من النعم، والطعام، والصوم. قالوا: وإنما تأويل قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا" ، فعليه أن يجزي بمثله من النعم، أو يكفر بإطعام مساكين، أو بعدل الطعام من الصيام. * ذكر من قال ذلك: 12610 - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، في قول الله تعالى ذكره: "فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم له ذوا عدل منكم هديًا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: إن أصابَ إنسان محرم نعامة، فإن له= وإن كان ذا يسار (1) أن يهدي ما شاء، جزورًا، أو عدلها طعامًا، أو عدلها صيامًا. قال: كل شيء في القرآن "أو" "أو" ، فليختر منه صاحبه ما شاء. 12611 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حجاج، عن عطاء، في قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" قال: "ما كان في القرآن: أو كذا أو كذا" ، فصاحبه فيه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل. 12612 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أسباط وعبد الأعلى، عن داود، (1) في المطبوعة: "إن كان ذا يسار" حذف الواو كما فعل في الأثر السالف: ص: 19 تعليق: 2 والصواب ما في المخطوطة. عن عكرمة قال: ما كان في القرآن "أو" "أو" ، فهو فيه بالخيار. وما كان: "فمن لم يجد" ، فالذي يليه ثم الذي يليه. (1) 12613 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن عمرو، عن الحسن، مثله. 12614 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا ليث، عن عطاء ومجاهد، أنهما قالا في قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" قالا ما كان في القران: "أو كذا أو كذا" ، فصاحبه فيه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل. 12615 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: ما كان في القرآن: "أو كذا أو كذا" ، فصاحبه فيه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل. 12616 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو حُرّة، عن الحسن= قال وأخبرنا عبيدة، عن إبراهيم= قالا كل شيء في القرآن "أو" "أو" ، فهو بالخيار، أيّ ذلك شاء فعل. (2) 12617 - حدثنا هناد قال، حدثنا حفص، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: كل شيء في القرآن "أو" "أو" فصاحبه مخيَّر فيه، وكل شيء: "فمن لم يجد" فالأول، ثم الذي يليه. * * * واختلف القائلون بتخيير قاتل الصيد من المحرمين بين الأشياء الثلاثة، في صفة اللازم له من التكفير بالإطعام والصوم، إذا اختار الكفارة بأحدهما دونَ الهدي. (1) في المطبوعة: "فمن لم يجد فالأول ثم الذي يليه" وأثبت ما في المخطوطة وهو صواب محض. (2) الأثر: 12616- "أبو حرة البصري" هو "واصل بن عبد الرحمن" مضى برقم: 6385 وكان في المطبوعة هنا "أبو حمزة" والصواب من المخطوطة. فقال بعضهم: إذا اختار التكفير بذلك، فإنّ الواجب عليه أن يقوِّم المثلَ من النعم طعامًا، ثم يصوم مكان كلّ مُدّ يومًا ![]()
__________________
|
#573
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (573) صــ 36 إلى صــ 45 * ذكر من قال ذلك: 12618 - حدثنا هناد قال، أخبرنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: ما "أو عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: إن أصاب ما عَدْله شاة، أقيمت الشاة طعامًا، ثم جعل مكان كل مدّ يومًا يصومه. * * * وقال آخرون: بل الواجب عليه إذا أراد التكفير بالإطعام أو الصوم، أن يقوِّم الصيد المقتولَ طعامًا، ثم الصدقة بالطعام إن اختار الصدقة. (1) وإن اختار الصوم صام. * * * ثم اختلفوا أيضا في الصوم. فقال بعضهم: يصوم لكل مدّ يومًا. * * * وقال آخرون: يصوم مكان كل نصف صاع يومًا. وقال آخرون: يصوم مكان كل صاع يومًا. * * * * ذكر من قال: المقوَّم لإطعام هو الصيد المقتول. (2) 12619 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا شعبة، عن قتادة: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد" ، الآية، قال: كان قتادة يقول: يحكمان في النعم، فإن كان ليس (1) في المطبوعة: "ثم يتصدق بالطعام" وأثبت ما في المخطوطة وهو لا بأس به. (2) في المطبوعة: "المتقوم للإطعام" وفي المخطوطة بهذا الرسم غير منقوطة وصواب قراءتها ما أثبت. عنده ما يبلغ ذلك، (1) نظروا ثمنه فقوَّموه طعامًا، ثم صام مكان كل صاع يومين. * * * وقال آخرون: لا معنى للتكفير بالإطعام، لأن من وجد سبيلا إلى التكفير بالإطعام، فهو واجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا. ومن وجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا لم يجزه التكفير بغيره. قالوا: وإنما ذكر الله تعالى ذكره الكفارة بالإطعام في هذا الموضع، ليدلّ على صفة التكفير بالصوم= لا أنه جعل التكفير بالإطعام إحدى الكفارات التي يكفر بها قتل الصيد. (2) وقد ذكرنا تأويل ذلك فيما مضى قبل. (3) * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: "فجزاء مثل ما قتل من النعم" ، أن يكون مرادا به: فعلى قاتله متعمدًا مثلُ الذي قتل من النعم= لا القيمة، إن اختار أن يجزيه بالمثل من النعم. وذلك أن القيمة إنما هي من الدنانير أو الدراهم. والدراهم أو الدنانير ليست للصيد بمثل، والله تعالى ذكره إنما أوجب الجزاء مثلا من النعم. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله: "أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا" أن يكون تخييرًا، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره بقتله الصيد وهو محرم بأيِّ هذه الكفارات الثلاث شاء. لأن الله تعالى ذكره، جعل ما أوجبَ في قتل الصيد من الجزاء والكفارة عقوبة لفعله، وتكفيرًا لذنبه، في إتلافه ما أتلف من الصيد الذي كان حرامًا عليه إتلافه في حال إحرامه، وقد كان حلالا له قبل حال إحرامه، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلالا قبل حال (1) في المطبوعة: "فإن كان ليس صيده ما يبلغ ذلك" وهو خطأ صوابه في المخطوطة. (2) في المخطوطة: "لأنه جعل التكفير ..." وصوابه ما في المطبوعة. (3) انظر ما سلف ص: 15 وما بعدها. إحرامه، [عقوبة لفعله، وتكفيرًا لذنبه] وحلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه، ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد. (1) ثم جعل عليه إن حلقه جزاءً من حلقه إياه. فأجمع الجميع على أنه في حلقه إياه إذا حلقه من أذاته، (2) مخيَّر في تكفيره، فعله ذلك بأيِّ الكفارات الثلاث شاء. لا فرق بين ذلك (3) فمثله إن شاء الله قاتل الصيد من المحرمين، (4) . ومن أبى ما قلنا فيه، قيل له: حكم الله تعالى ذكره على قاتل الصيد بالمثل من النعم، أو كفارة طعام مساكين، أو عدله صيامًا= كما حكم على الحالق بفدية من صيام أو صدقة أو نسك، فزعمتَ أن أحدهما مخيَّر في تكفير ما جعل منه، عِوَضٌ بأيّ الثلاث شاء، وأنكرت أن يكونَ ذلك للآخر، فهل بينك وبين من عكس عليك الأمر في ذلك= فجعل الخيارَ فيه حيث أبيت، وأبى حيث جعلته له= فرقٌ من أصل أو نظير؟ فلن يقول في أحدهما قولا إلا إذا ألزم في الآخر مثله. (5) (1) كانت هذه الجملة في المطبوعة: "كما جعل الفدية من صيام او صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه ثم منع من حلقه في حال إحرامه، نظير الصيد" . وهو كلام غير مستقيم وهو اختصار لما في المخطوطة. وكان في المخطوطة هكذا: "كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه وقد كان حلالا قبل حال إحرامه كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلقه قبل حال إحرامه ثم منع من حلقه في حال إحرامه نظير الصيد" . وهي جملة مختلطة فيها بلا شك زيادة من الناسخ وهو قوله: "كما جعل الفدية من صيام أو صدقة او نسك" واستظهرت أن مكان هذه العبارة كما وضعته بين القوسين، لتتم المناظرة بين الفعلين والعقوبتين والجزاءين وبذلك استقام الكلام إن شاء الله. (2) في المطبوعة: "من إيذائه" وأثبت ما في المخطوطة وهو غير منقوطة. (3) في المطبوعة والمخطوطة: "في تكفيره فعليه ذلك" وهو خطأ محض صوابه ما أثبت. (4) في المطبوعة: "فمثله إن شاء الله قاتل الصيد" وفي المخطوطة: "فمثله مما شاله قاتل الصيد" واستظهرت الصواب من نص الآية "ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم" . (5) انظر ما قاله أبو جعفر في الحلق فيما سلف 4: 76- 78. ثم اختلفوا في صفة التقويم إذا أراد التكفير بالإطعام. فقال بعضهم: يقوَّم الصيد قيمته بالموضع الذي أصابه فيه. (1) وهو قول إبراهيم النخعي، وحماد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد. وقد ذكرت الرواية عن إبراهيم وحماد فيما مضى بما يدل على ذلك، (2) وهو نص قول أبي حنيفة وأصحابه. * * * وقال آخرون: بل يقوَّم ذلك بسعر الأرض التي يكفِّر فيها. (3) * ذكر من قال ذلك: 12620 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر قال في محرم أصاب صيدًا بخراسان، قال: يكفر بمكة أو بمنًى. وقال: يقوّم الطعام بسعر الأرض التي يكفّر بها. 12621 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو يمان، عن إسرائيل، عن جابر، عن الشعبي، في رجل أصاب صيدًا بخراسان، قال: يحكم عليه بمكة. قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أن قاتل الصيد إذا جزأه بمثله من النَّعم، فإنما يجزيه بنظيره في خلق وقدره في جسمه، (4) من أقرب الأشياء به شبهًا من الأنعام. فإن جزاه بالإطعام، قوّمه قيمته بموضعه الذي أصابه فيه، لأنه هنالك وجب عليه التكفير بالإطعام. ثم إن شاء أطعم بالموضع الذي أصابه فيه، وإن شاء بمكة، وإن شاء بغير ذلك من المواضع حيث شاء، لأن الله تعالى ذكره؛ إنما شَرَط بلوغ الكعبة بالهدي في قتل الصيد دون غيره من جزائه، فللجازي (1) في المطبوعة: "قيمته بالموضع" وأثبت ما في المخطوطة وهو صواب محض وليس في المخطوطة "فيه" وإثباتها واجب. (2) يعني ما سلف رقم: 12583، 12584/ 12604، 12605. (3) في المطبوعة: "يكفر بها" وأثبت ما في المخطوطة. (4) في المطبوعة والمخطوطة: "في خلق" والجيد ما أثبت. بغير الهدى أن يجزيه بالإطعام والصوم حيث شاء من الأرض. * * * وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل العلم. * ذكر من قال ذلك: 12622 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا ابن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال: ما كان من دم فبمكة. وما كان من صدقة أو صوم، حيث شاء. * * * وقد خالف ذلك مخالفون، فقالوا: لا يجزئ الهدى والإطعام إلا بمكة. فأما الصوم، فإن لم يكن كفَّر، به يصوم حيث شاء من الأرض. (1) * ذكر من قال ذلك: 12623- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء قال: الدم والطعام بمكة، والصيامُ حيث شاء. 12624 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن مالك بن مغول، عن عطاء قال: كفارة الحج بمكة. 12625 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أين يُتصدق بالطعام إن بدا له؟ قال: بمكة، من أجل أنه بمنزله الهدي، قال: "فجزاء مثل ما قتل من النعم أو هديًا بالغ الكعبة" ، من أجل أنه أصابه في حَرَم = يريد البيت = فجزاؤه عند البيت. * * * (1) في المطبوعة: "فأما الصوم فإن كفر به يصوم حيث شاء من الأرض" وفي المخطوطة: "فإن لم يكن كفر به أن يصومه حيث شاء من الأرض" وصواب قراءتها ما أثبت. فأما الهدي، فإنّ من جَزَى به ما قتل من الصيد، (1) فلن يجزئه من كفارة ما قتل من ذلك إلا أن يبلغه الكعبة كما قال تعالى ذكره (2) وينحره أو يذبحه ويتصدق به على مساكين الحرم= وعنَى بالكعبة في هذا الموضع، الحرم كله. (3) ولمن قدَّم بهديه الواجبَ من جزاء الصيد، أن ينحره في كل وقت شاء، قبل يوم النحر وبعده، ويطعمه. وكذلك إن كفر بالطعام، (4) فله أن يكفر به متى أحب وحيث أحب. وإن كفّر بالصوم فكذلك. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، خلا ما ذكرنا من اختلافهم في التكفير بالإطعام على ما قد بينا فيما مضى. * ذكر من قال ذلك: 12626 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: "أو عدل ذلك صيامًا" ، هل لصيامه وقت؟ قال: لا إذ شاء وحيث شاء، وتعجيله أحبُّ إليّ. 12627 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: رجل أصابَ صيدًا في الحج أو العمرة، فأرسل بجزائه إلى الحرم في المحرَّم أو غيره من الشهور، أيجزئ عنه؟ قال: نعم. ثم قرأ: "هديًا بالغ الكعبة" = قال هناد: قال يحيى: وبه نأخذ. (5) (1) في المطبوعة: "فأما الهدي، فإنه من جراء ما قتل من الصيد" وهو كلام فاسد جدا وفي المخطوطة: "فإن من جرائه ما قتل من الصيد" غير منقوطة وهذا صواب قراءتها. (2) في المطبوعة: "إلا أن يبلغه الكعبة طيبا وينحره أو يذبحه" وهو فاسد المعنى وفي المخطوطة: "إلا أن يبلغه الكعبة طيبا قال تعالى ذكره وينحره ..." وصواب قراءة "طسا" غير منقوطة "كما" كما أثبتها. (3) في المطبوعة: "ويعني بالكعبة" وفي المخطوطة "وعنا بالكعبة" وصواب قراءتها ما أثبت. (4) في المطبوعة: "بالطعام" وأثبت ما في المخطوطة. (5) الأثر: 12627- "يحيى" هو "ابن أبي زائدة" وهو: "يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة" ومضى مرارا. 12628- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج وابن أبي سليم، عن عطاء قال: إذا قدمتَ مكة بجزاء صيدٍ فانحره، فإن الله تعالى ذكره يقول: "هديًا بالغ الكعبة" ، إلا أن يقدَم في العشر، فيؤخِّرُه إلى يوم النحر. (1) 12629- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، حدثنا ابن جريج، عن عطاء قال: يتصدّق الذي يصيب الصيدَ بمكة. فإن الله تعالى ذكره يقول: "هديًا بالغ الكعبة" . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: أو على قاتل الصيد محرِمًا، عدلُ الصّيد المقتول من الصيام. وذلك أن يقوّم الصيد حيًّا غير مقتول قيمته من الطعام بالموضع الذي قتله فيه المحرم، ثم يصوم مكان كل مدٍّ يومًا. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عَدَل المدَّ من الطعام بصوم يوم في كفَّارة المُوَاقع في شهر رمَضَان. (2) * * * فإن قال قائل: فهلا جعلت مكان كلّ صاع في جزاءِ الصيد، صومَ يوم، قياسًا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم في نظيره، وذلك حكمه على كَعْب بن عُجْرة إذ أمره أن يطعم إنْ كفَّر بالإطعام فَرْقًا من طعام، وذلك ثلاثة آصُعٍ بين ستّة مساكين (3) = إنْ كفر بالصيام أن يصوم ثلاثة أيام، فجعل الأيام (1) في المطبوعة: "فيخر" بغير ضمير وأثبت ما في المخطوطة. (2) انظر الأخبار في كفارة من أتى أهله في نهار رمضان وهو صائم في السنن الكبرى البيهقي 4: 221- 225. (3) انظر خبر "كعب بن عجرة" إذ شكا رأسه من صئبانه، فيما سلف في التفسير 4: 58- 69 الآثار رقم: 3334- 3359. الثلاثة في الصوم عَدْلا من إطعام ثلاثة آصع، فإن ذلك بالكفارة في جزاءِ الصيد، أشبهُ من الكفارة في قتلِ الصيد بكفَّارة المُواقع امرأتَه في شهر رمضان؟. قيل: إن "القياس" ، إنما هو رَدُّ الفروع المختلف فيها، إلى نظائرها من الأصول المجمع عليها. ولا خلافَ بين الجميع من الحجّة أنه لا يجزئ مكفِّرًا كفَّر في قتل الصيد بالصوم، أن يعدِلَ صوم يوم بصاعِ طعام. فإذْ كان ذلك كذلك، وكان غير جائز خلافها فيما حدَّثت به من الدين مجمعةً عليه، (1) صحَّ بذلك أن حكم معادلة الصوم الطعامَ في قتل الصيد، مخالف حكم معادلته إيَّاه في كفارة الحلق، إذْ كان غير جائز ردّ أصْلٍ على أصْلٍ قياسًا. وإنما يجوز أن يقاس الفرعُ على الأصل. (2) وسواء قال قائل: "هلا رددتَ حكم الصوم في كفارة قتلِ الصيد، على حكمه في حَلْق الأذى فيما يُعْدل به من الطعام" ؟ = وآخر قال: "هلا رددت حكم الصوم في الحلق، على حكمه في كفارة قتل الصيد فيما يُعدلُ به من الطعام، فتُوجب عليه مكان كل مدٍّ أو مكان كل نصف صاع صومَ يوم" ؟ * * * وقد بينا فيما مضى قبل أن "العَدْل" في كلام العرب بالفتح، هو قدر الشيء من غير جنسه= (3) وأن "العِدْل" هو قدره من جنسه. (4) وقد كان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: "العدل" مصدر من قول القائل: "عَدَلت بهذا عَدْلا حسنًا" . قال: "والعَدْل" أيضًا بالفتح، (1) في المطبوعة: "حدت به من الدين" (بتشديد الدال والتاء في آخره) وفي المخطوطة "حدث به" بالثاء وصواب قراءتها ما أثبت. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "إذا كان غير جائز وداخل على آخر قياسا" وفي المخطوطة مثلها مهملة غير منقوطة. وهو كلام لا معنى له، بل الصواب المحض ما أثبت وذلك أن الكاتب كتب: "وداحل" وصوابها: "رد أصل" ثم كتب "على أحر" وصوابها: "على أصل" وهو ظاهر كلام أبي جعفر كما رأيت قبل، وكما ترى بعد. (3) في المطبوعة: "وهو قدر ..." بزيادة "الواو" وهو خطأ. (4) انظر تفسير "العدل" فيما سلف 2: 35، 574. ثم معاني القرآن للفراء 1: 320، ثم مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 53، 175، 176. المثل. ولكنهم فرَّقوا بين "العدل" في هذا وبين "عِدْل المتاع" ، بأن كسروا "العين" من "عِدْل المتاع" ، وفتحوها من قول الله تعالى: (1) وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ [سورة البقرة:123] ، وقول الله عز وجل: "أو عدل ذلك صيامًا" ، كما قالوا: "امرأة رَزان" وحجر رَزين ". (2) " وقال بعضهم: "العدل" هو القسط في الحق، و "العِدْل" بالكسر، المثل. وقد بينا ذلك بشواهد فيما مضى. (3) . * * * وأما نصب "الصيام" فأنه على التفسير، (4) كما يقال: "عندي ملء زقٍّ سمنًا" ، و "قدر رطلٍ عسلا" . (5) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. (6) (1) في المطبوعة: "من قولهم" وفي المخطوطة: "من قول هم" وهو خطأ غريب والصواب ما كتبت إن شاء الله. (2) نص هذا الكلام ذكره صاحب لسان العرب في مادة (عدل) ولم يشر إليه في مادة (رزن) فهو مما يقيد في اللسان في موضعه. وجاء في اللسان "وعجز رزين" وهو خطأ يصحح، إنما الصواب "وحجر" و "حجر رزين" : ثقيل. وقد صرح صاحب أساس البلاغة فقال: "وامرأة رزان، ولا يقال" رزينة "." (3) يعني ما سلف في 2: 35. (4) "التفسير" هو التمييز وانظر ما سلف في فهارس المصطلحات. (5) انظر معاني القرآن للفراء 1: 320. (6) عند هذا الموضع انتهى المجلد الثامن من مخطوطة التفسير التي اعتمدناها. وفيها هنا ما نصه: "تم المجلد الثامن بحمد الله وعونه" وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وصحبه وسلم كثيرا. يتلوه في التاسع إن شاء الله تعالى: ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء: ما "عَدْل ذلك صيامًا" ؟ قال: عدل الطعام من الصيام. وكان الفراغ منه في شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وسبعمئة "." ثم يليه في أول الجزء التاسع ما نصه: "بسْم الله الرَّحمن الرحِيمِ" رَبِّ يَسِّرْ بقية تفسير: "أَوْ عَدْلُ ذلك صِيَامًا" . 12630- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: ما "عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: عَدْل الطعامِ من الصيام. قال: لكل مدٍّ يومًا، يأخذ زعَم بصيام رمضان وبالظِّهار. (1) وزعم إن ذلك رأى يراه، ولم يسمعه من أحد، ولم تمض به سنة. قال: ثم عاودته بعد ذلك بحين، قلت: ما "عدل ذلك صيامًا" ؟ قال: إن أصاب ما عَدْله شاةٌ، قوِّمت طعامًا، ثم صام مكان كل مدٍّ يومًا. قال: ولم أسأله: هذا رأي أو سنة مسنونة؟ 12631 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل: "أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: بصوم ثلاثةَ أيام إلى عشرة أيام. 12632 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد: "أو عدل ذلك صيامًا" ، من الجزاء، إذا لم يجد ما يشتري به هديًا، أو ما يتصدق به مما لا يبلُغ ثمنَ هدي، حكم عليه الصيامُ مكان كل نصفِ صاعٍ يومًا. 12633 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "أو عدل ذلك صيامًا" ، قال: إذ قتل المحرم شيئًا من الصيد، حكم عليه فيه. فإن قتل ظبيًا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة. فإن لم يجدها، فإطعام ستة مساكين. فإن لم يجد فصيام (1) في المطبوعة: "يؤخذ" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. ومعنى قوله: "يأخذ" هنا، يعني به يقيس ذلك بكفارة المواقع أهله في نهار رمضان، وبكفارة الظهار. ثلاثة أيام. وإن قتل أيِّلا أو نحوه، فعليه بقرة. فإن لم يجد أطعم عشرين مسكينًا، فإن لم يجد، صام عشرين يومًا. وإن قتل نعامةً أو حمارَ وحش أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل. فإن لم يجد، أطعم ثلاثين مسكينًا. فإن لم يجد، صام ثلاثين يومًا. والطعام: مدٌّ مدٌّ، شِبَعَهم. (1) 12634 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد، [سألته] المحرِم يصيب الصيد (2) فيكون عليه الفدية، شاة، أو البقرة أو البدنة. فلا يجد، (3) فما عدل ذلك من الصيام أو الصدقة؟ قال: ثمن ذلك، فإن لم يجد ثمنه، قوّم ثمنه طعامًا يتصدق به لكل مسكين مُدّ، ثم يصومُ بكُلّ مدٍّ يومًا. (4) * * * ![]()
__________________
|
#574
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (574) صــ 46 إلى صــ 55 القول في تأويل قوله: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: أوجبت على قاتل الصيد محرمًا ما أوجبت من الجزاء والكفارة الذي ذكرت في هذه الآية، (5) كي يذوق وبال أمره وعذابه. * * * يعني: "بأمره" ، ذنبه وفعله الذي فعله من قتله ما نهاه الله عز وجل عن قتله في حال إحرامه. * * * (1) الأثر: 12633- مضى هذا الأثر برقم: 12600 وفيه "شبعهم" بغير واو. وفي المخطوطة هنا "وشبعهم" بالواو والجيد حذف الواو. وفي المطبوعة هنا غيرها كما غيرها في الموضع السالف وكتب: "يشبعهم" . (2) في المطبوعة: "عن سعيد: المحرم ..." وفي المخطوطة: "عن سعيد: عن المحرم" فظاهر أنه سقط من الناسخ قوله: "وسألته" كما أثبتها بين القوسين وهو حق السياق كما ترى. والذي حذفه لناشر "عن" حذف مفسد للكلام. (3) في المطبوعة: "... أو البدنة فإن لم يجد فما عدل ذلك ..." وهو تغيير فاسد جدا، أداه إليه التصرف المعيب كما رأيت في التعليق السالف. (4) في المطبوعة: "لكل مد" باللام وأثبت ما في المخطوطة. (5) في المطبوعة: "ما أوجبت من الحق او الكفارة" وهو كلام لا معنى له، وفي المخطوطة: "ما أوجبت من الحق او الكفارة" غير منقوطة وهذا صواب قراءتها كما أثبته. يقول: فألزمته الكفارة التي ألزمته إياها، لأذيقه عقوبة ذنبه. بإلزامه الغرامة، والعمل ببدنه مما يتعبه ويشق عليه. (1) . * * * وأصل "الوبال" ، الشدّة في المكروه، ومنه قول الله عز وجل: فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا [سورة المزمل:16] . * * * وقد بيّن تعالى ذكره بقوله: "ليذوق وبالَ أمره" ، أنَّ الكفاراتِ اللازمةَ الأموالَ والأبْدَانَ، عقوباتٌ منه لخلقه، وإن كانت تمحيصًا لهم، وكفارةً لذُنُوبهم التي كفَّروها بها. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 12635 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: أما "وبال أمره" ، فعقوبة أمرِه. * * * القول في تأويل قوله: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} قال أبو جعفر: يقول جل من قائل لعباده المؤمنين به وبرسوله صلى الله عليه وسلم: عفا الله، أيها المؤمنون، عمَّا سلف منكم في جاهليتكم، من إصابتكم الصيد وأنتم حُرُم، وقتلِكموه، فلا يؤاخذكم بما كان منكم في ذلك قبل تحريمه إياه عليكم، ولا يلزمكم له كفارةً في مال ولا نفس. ولكن من عاد منكم لقتله وهو محرم، (1) انظر تفسير "ذاق" فيما سلف 7: 96، 446، 4528: 487. بعد تحريمه بالمعنى الذي كان يَقْتُله في حال كفره، وقبل تحريمه عليه، من استحلاله قتلَه، فينتقم الله منه. (1) * * * وقد يحتمل أن يكون معناه: (2) من عاد لقتله بعد تحريمه في الإسلام، فينتقم الله منه في الآخرة. فأما في الدنيا، فإن عليه من الجزاء والكفَّارة فيها ما بيَّنت. * * * واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك. فقال بعضهم نحو الذي قلنا فيه. * ذكر من قال ذلك: 12636 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء: ما "عفا الله عما سلف" ؟ قال: عما كان في الجاهلية. قال قلت: ما "ومن عاد فينتقم الله منه" ؟ قال: من عاد في الإسلام، فينتقم الله منه. وعليه مع ذلك الكفارة. 12637- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء، فذكر نحوه= وزاد فيه، وقال: وإن عاد فقتل، عليه الكفارة. قلت: هل في العَوْد من حدٍّ يعلم؟ قال: لا قلت: فترى حقًّا على الإمام أن يعاقبه؟ قال: هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله، ولكن يفتدي. 12638- حدثنا سفيان قال، حدثنا محمد بن بكر وأبو خالد، عن ابن جريج، عن عطاء: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، قال: في الإسلام، وعليه مع ذلك الكفارة. قلت: عليه من الإمام عقوبة؟ قال: لا. (3) (1) انظر تفسير "عفا" فيما سلف من فهارس اللغة= وتفسير "سلف" فيما سلف 6: 14/ 8: 137، 150. (2) في المطبوعة: "أن يكون ذلك معناه" زاد "ذلك" ليهلك العبارة!! وليست في المخطوطة. (3) الأثر: 12638- "سفيان" هو: "سفيان بن وكيع" . مضى مرارا. *و "محمد بن بكر بن عثمان البرساني" مضى برقم: 5438. *و "أبو خالد" هو الأحمر "سليمان بن حيان الأزدي" مضى برقم: 3956. 12639- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء: "عفا الله عما سلف" ، عمَّا كان في الجاهلية= "ومن عاد" ، قال: في الإسلام= "فينتقم الله منه" ، وعليه الكفارة. قال قلت لعطاء: فعليه من الإمام عقوبة؟ قال: لا. 12640- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: يحكم عليه في الخطإ والعمد والنسيان، وكلَّما أصاب، قال الله عز وجل: "عفا الله عما سلف" ، قال: ما كان في الجاهلية= "ومن عاد فينتقم الله منه" ، مع الكفارة= قال سفيان، قال ابن جريج: فقلت: أيعاقبه السلطان؟ قال: لا. 12641- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بكر وأبو خالد، عن ابن جريج قال، قلت لعطاء: "عفا الله عما سلف" ، قال: عما كان في الجاهلية. 12642 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: يحكم عليه كلَّما عاد. 12643 - حدثنا هناد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: كلَّما أصاب المحرم الصيد ناسيًا حُكِم عليه. 12644 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم قال: كلَّما أصاب الصيدَ المحرمُ حُكِم عليه. 12645 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء قال: من قتل الصيد ثم عاد، حكم عليه. 12646 - حدثنا عمرو قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير قال: يحكم عليه، أفيُخْلَع! أفيُتْرك!. (1) (1) في المطبوعة: "فيخلع أو يترك" فأفسد معنى الكلام إفسادا والصواب من المخطوطة. وهذا الاستفهام تعجب ممن سأله: "أيحكم عليه كلما عاد" فأجابه بذلك تأكيدا للحكم عليه كلما قتل الصيد. يعني أن العائد عليه الحكم في كل مرة! وإلا لأصبح مخلوعا متروكا يفعل بعد ذلك ما شاء في قتله الصيد وهو محرم. وانظر الأثر الآتي رقم: 12652. 12647 - حدثنا عمرو قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير: الذي يصيب الصيد وهو محرم فيحكم عليه ثم يعود؟ قال: يحكم عليه. 12648 - حدثنا عمرو قال، حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن عطاء قال: يحكم عليه كلَّما عاد. (1) * * * وقال آخرون: معنى ذلك: عفا الله عما سلف منكم في ذلك في الجاهلية، ومن عاد في الإسلام فينتقم الله منه، بإلزامه الكفّارة. * ذكر من قال ذلك: 12649 - حدثني ابن البرقي قال، حدثنا عمرو، عن زهير، عن سعيد بن جبير وعطاء في قوله الله تعالى ذكره: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، قالا "ينتقم الله" ، يعني بالجزاء= "عفا الله عما سلف" ، في الجاهلية. * * * وقال آخرون في ذلك: عفا الله عما سلف من قتل من قتلَ منكم الصيدَ حرامًا في أول مرة. ومن عاد ثانية لقتله بعد أولى حرامًا، فاللهُ وليُّ الانتقام منه، دون كفارة تلزمه لقتله إياه. * ذكر من قال ذلك: 12650 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني (1) الأثر: 12648- "كثير بن هشام الكلابي" أبو سهل الرقي. نزل بغداد روى عنه أحمد وإسحق وابن معين ومحمد بن بشار بندار وغيرهم. مترجم في التهذيب والكبير للبخاري 4 1/218 وابن أبي حاتم 3/2/158. و "الفرات بن سلمان الحضرمي الجزري الرقي" قال أبو حاتم: "لا بأس به محله الصدق صالح الحديث مترجم في تعجيل المنفعة: 331 والبخاري في الكبير 41/129 ولم يذكر فيه جرحا وابن أبي حاتم 32/80 وكان في المطبوعة:" بن سليمان "والصواب من المخطوطة." ثم انظر إسناد الأثر التالي رقم: 12663 معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: من قتل شيئًا من الصيد خطأ وهو محرم، حكم عليه فيه مرة واحدة. فإن عاد يقال له: "ينتقم الله منك" ، كما قال الله عز وجل. 12651- حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي قال، حدثنا فضيل بن عياض، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال. إذا أصاب المحرم الصيدَ حُكم عليه. فإن عاد، لم يحكم عليه، وكان ذلك إلى الله عز وجل، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه. ثم قرأ هذه الآية: "ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام" . 12652- حدثنا هناد قال، حدثنا يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا داود، عن عامر قال: جاء رجل إلى شريح فقال: إني أصبت صيدًا وأنا محرم! فقال: هل أصبت قبل ذلك شيئًا؟ قال: لا. قال: لو قلت "نعم" ، وكلتك إلى الله يكون هو ينتقم منك، إنه عزيز ذو انتقام! قال داود: فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال: بل يحكم عليه، أفَيخْلَع! (1) 12653- حدثني أبو السائب وعمرو بن علي قالا حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: إذا أصابَ الرجلُ الصيدَ وهو محرم، قيل له أصبت صيدًا قبل هذا؟ (2) فإن قال: "نعم" ، قيل له: اذهب، فينتقم الله منك! وإن قال "لا" ، حكم عليه. 12654- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم، في الذي يقتل الصيد ثم يعود، قال: كانوا يقولون: من عاد لا يحكم عليه، أمرُه إلى الله عز وجل. 12655 - حدثنا عمرو قال، حدثنا ابن عيينة، عن داود بن أبي هند، (1) في المطبوعة: "أو يخلع" غير ما في المخطوطة بلا طائل والصواب ما أثبت من المخطوطة وانظر ما فعله في خاتمة الأثر رقم: 12646 والتعليق عليه ص49. رقم: 1. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "مثل هذا" وهو خطأ صوابه ما أثبت. عن الشعبي: أن رجلا أتى شريحًا فقال: أصبت صيدًا؟ ، قال: أصبت قبله صيدًا؟ قال: لا. قال: أما إنك لو قلت "نعم" ، لم أحكم عليك. 12656 - حدثنا عمرو قال، حدثنا ابن أبي عدي قال، حدثنا داود، عن الشعبي، عن شريح، مثله. 12657 - حدثنا عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن الأشعث، عن محمد، عن شريح، في الذي يصيب الصيد قال: يحكم عليه، فإن عاد انتقمَ الله منه. 12658 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكّام بن سلم، عن عنبسة، عن سالم، عن سعيد بن جبير: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثلُ ما قتل من النعم بحكم به ذوا عدل منكم" ، قال: يحكم عليه في العمد مرة واحدة، فإن عاد لم يحكم عليه، وقيل له: "اذهب ينتقم الله منك" ، ويحكم عليه في الخطأ أبدًا. 12659 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن خصيف، عن سعيد بن جبير قال: رُخّص في قتل الصيد مرة، فمن عاد لم يدعه الله تعالى ذكره حتى ينتقم منه. 12660 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، مثله. 12661 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي، جميعًا عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس، فيمن أصاب صيدًا فحكم عليه، ثم أعاد، قال: لا يحكم، ينتقم الله منه. 12662 - حدثنا عمرو قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: إنما قال الله عز وجل: "ومن قتله منكم متعمدًا" ، يقول: متعمدًا لقتله، ناسيًا لإحرامه، فذلك الذي يحكم عليه، فإن عاد لا يحكم عليه، وقيل له: "ينتقم الله منك" . 12663 - حدثنا عمرو قال، حدثنا كثير بن هشام قال، حدثنا الفرات بن سلمان، عن عبد الكريم، عن مجاهد: إن عاد لم يحكم عليه، وقيل له: "ينتقم الله منك" . (1) 12664 - حدثنا عمرو قال، حدثنا يحيى بن سعيد قال، حدثنا الأشعث، عن الحسن، في الذي يصيب الصيد فيحكم عليه ثم يعود، قال: لا يحكم عليه. * * * وقال آخرون: معنى ذلك: عفا الله عما سلف من قتلكم الصيد قبل تحريم الله تعالى ذكره ذلك عليكم. ومن عاد لقتله بعد تحريم الله إياه عليه، عالمًا بتحريمه ذلك عليه، عامدًا لقتله، ذاكرًا لإحرامه، فإن الله هو المنتقم منه، ولا كفارة لذنبه ذلك، ولا جزاء يلزمه له في الدنيا. * ذكر من قال ذلك: 12665 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، قال: من عاد بعد نهي الله - بعد أن يعرف أنه محرَّم، وأنه ذاكرٌ لِحُرْمه (2) - لم ينبغ لأحد أن يحكم عليه، ووكلوه إلى نقمة الله عز وجل. فأما الذي يتعمد قتلَ الصيد وهو ناس لحرمه، أو جاهل أنّ قتله محرَّم، فهؤلاء الذين يحكم عليهم. فأما من قتله متعمدًا بعد نهي الله، وهو يعرف أنه محرَّم، وأنه حَرام، (3) فذلك يوكل إلى نقمة الله، فذلك الذي جعل الله عليه النقمة. * * * وهذا شبيه بقول مجاهد الذي ذكرناه قبل. (4) * * * (1) الأثر: 12663- "كثير بن هشام الكلابي" و "الفرات بن سلمان الجزري" مضيا قريبا برقم: 12648، وكان في المطبوعة هنا أيضا "الفرات بن سليمان" وهو خطأ صوابه ما في المخطوطة. (2) "الحرم" (بضم الحاء وسكون الراء) : الإحرام وقد سلف شرحه. (3) "حرام" أي: محرم. (4) يعني ما سلف رقم: 12662. وقال آخرون: عُنِي بذلك شخصٌ بعينه. * ذكر من قال ذلك: 12666 - حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا معتمر بن سليمان قال، حدثنا زيد أبو المعلى: أن رجلا أصاب صيدًا وهو محرم، فتجُوِّز له عنه. ثم عاد، فأرسل الله عليه نارًا فأحرقته، فذلك قوله: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، قال: في الإسلام. (1) * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندنا، قولُ من قال: معناه: "ومن عاد في الإسلام لقتله بعد نهي الله تعالى ذكره عنه، فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفارة" ، لأن الله عز وجل إذْ أخبر أنه ينتقم منه، لم يخبرنا= وقد أوجب عليه في قتله الصيد عمدًا ما أوجب من الجزاء أو الكفارة بقوله: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثلُ ما قتل من النعم" = أنه قد أزال عنه الكفارة في المرة الثانية والثالثة، بل أعلم عبادَه ما أوجبَ من الحكم على قاتل الصيد من المحرمين عمدًا، ثم أخبر أنه منتقم ممن عاد، ولم يقل: "ولا كفارة عليه في الدنيا" . * * * فإن ظن ظانّ أن الكفارة مزيلةٌ العقابَ، (2) ولو كانت الكفارةُ لازمةً له في الدنيا، لبطلَ العقاب في الآخرة، فقد ظنّ خطأ. وذلك أن الله عز وجلّ أن يخالف بين عقوبات معاصيه بما شاء وأحب، فيزيد في عقوبته على بعض معاصيه مما ينقصُ من بعض، وينقص من بعض مما يزيد في بعض، كالذي فعل من ذلك في مخالفته بين عقوبته الزانيَ البكرَ والزانيَ الثيِّبَ المحصن، وبين سارق (1) الأثر: 12666- "زيد" "أبو المعلى" مترجم في "زيد بن مرة" و "زيد بن أبي ليلى" "أبو المعلى" مولى بني العدوية. قال أبو حاتم: "صالح الحديث" وقال أبو داود الطيالسي: "وكان ثقة" . مترجم في لسان الميزان 2: 511 والكبير للبخاري 2/1/370، وعلق عليه ناشر التاريخ. تعليقا وافيا. وابن أبي حاتم 1/2/573. (2) في المطبوعة: "مزيلة للعقاب" بزيادة اللام وهو تغيير لعبارة أبي جعفر في المخطوطة. وقوله: "العقاب" منصوب مفعول به لقوله: "مزيلة" . ربع دينار وبين سارق أقلَّ من ذلك. فكذلك خالف بين عقوبته قاتلَ الصيد من المحرمين عمدًا ابتداءً، وبين عقوبته عَوْدًا بعد بدء. فأوجب على الباديء المثلَ من النعم، أو الكفارة بالإطعام، أو العدل من الصيام، وجعل ذلك عقوبة جُرْمه بقوله: "ليذوق وبال أمره" ، وجعل على العائد بعد البدء، وزاده من عقوبته ما أخبر عبادَه أنه فاعل به من الانتقام، تغليظًا منه عز وجل للعود بعد البدء. ولو كانت عقوباته على الأشياء متفقة، لوجب أن لا يكون حدٌّ في شيء، مخالفًا حدًّا في غيره، ولا عقابٌ في الآخرة، أغلظ من عقابٍ. وذلك خلاف ما جاء به محكم الفرقان. * * * وقد زعم بعض الزاعمين أن معنى ذلك: ومن عاد في الإسلام بعد نَهْي الله عن قتله = لقتله بالمعنى الذي كان القوم يقتلونه في جاهليتهم، فعفا لهم عنه عند تحريم قتله عليهم، وذلك قتله على استحلال قتله. قال: فأما إذا قتله على غير ذلك الوجه= وذلك أن يقتله على وجه الفسوق لا على وجه الاستحلال= فعليه الجزاء والكفارة كلَّما عاد. وهذا قول لا نعلم قائلا قاله من أهل التأويل. وكفي خطأ بقوله، خروجه عن أقوال أهل العلم، لو لم يكن على خطئه دلالة سواه، فكيف وظاهر التنزيل ينبئ عن فساده؟ وذلك أن الله عز وجل عمّ بقوله: "ومن عاد فينتقم الله منه" ، كلَّ عائد لقتل الصيد بالمعنى الذي تقدم النهي منه به في أوّل الآية، ولم يخصّ به عائدًا منهم دون عائد. فمن ادَّعى في التنزيل ما ليس في ظاهره، كُلِّف البرهانَ على دعواه من الوجه الذي يجب التسليمُ له. * * * وأما من زعم أن معنى ذلك: ومن عاد في قتله متعمدًا بعد بدء لقتل تقدم منه في حال إحرامه، فينتقم الله منه، كان معنى قوله: (1) "عفا الله عما سلف" ، (1) في المطبوعة: "فإن معنى قوله" وهو خطأ في قراءة المخطوطة وإفساد للسياق والمعنى جميعا. ![]()
__________________
|
#575
|
||||
|
||||
![]() إنما هو: عفا الله عما سلف من ذنبه بقتله الصيد بدءًا= (1) فإنّ في قول الله تعالى ذكره: "ليذوق وبال أمره" ، دليلا واضحًا على أن القول في ذلك غير ما قال، لأن العفو عن الجرم: تركُ المؤاخذة به. ومن أذيق وبال جرمه، فقد عوقب به. وغير جائز أن يقال لمن عوقب: "قد عفي عنه" . وخبر الله عز وجل أصدق من أن يقع فيه تناقض. * * * فإن قال قائل: وما ينكر أن يكون قاتل الصيد من المحرمين في أوّل مرّة، قد أذيق وبال أمره بما ألزم من الجزاء والكفارة، وعفي له من العقوبة بأكثر من ذلك مما كان لله عز وجل أن يعاقبه به؟ قيل له: فإن كان ذلك جائزًا أن يكون تأويلَ الآية عندك= وإن كان مخالفًا لقول أهل التأويل= فما تُنكر أن يكون الانتقام الذي أوعده الله تعالى ذكره على العود بعد البدء، هو تلك الزيادة التي عفاها عنه في أول مرة، (2) مما كان له فعله به مع الذي أذاقه من وبال أمره، فيذيقه في عوده بعد البدء وبالَ أمره الذي أذاقه المرة الأولى= ويترك عفوَه عما عفا عنه في البدء، فيؤاخذه به؟ فلن يقول في ذلك شيئا إلا ألزم في الآخر مثله. (3) * * * القول في تأويل قوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) } قال أبو جعفر: يقول عز وجل: والله منيعٌ في سلطانه، لا يقهره قاهرٌ، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته، مانع. لأن (1) قوله: "فإن قول الله..ز" جواب قوله: "فأما من زعم ..." . (2) يقال: "عفا له ذنبه" متعديا و "عفا له عن ذنبه" لازما. (3) في المطبوعة: "فلم يقل في ذلك شيئا" وفي المخطوطة: "فلم يقول ..." وصواب قراءتها ما أثبت. الخلق خلقه، والأمر أمره، له العزة المَنَعة. (1) وأما قوله: "ذو انتقام" ، فإنه يعني به: معاقبتَه لمن عصاه على معصيته إياه. * * * (1) انظر تفسير "عزيز" فيما سلف 10: 289 تعليق 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "أحل لكم" ، أيها المؤمنون، "صيد البحر" = وهو ما صيد طريًّا، كما:- 12667 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب في قوله: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: صيده، ما صيد منه. (1) 12668 - حدثني ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك قال: حُدِّثت، عن ابن عباس قال: خطب أبو بكر الناس فقال: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: فصيده ما أخذ. (2) 12669 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: صيده، ما صيد منه. (3) 12670 - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد البرقي قال، حدثنا محمد بن سلمة (1) الأثر: 12667- "عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى برقم: 3911 قال ابن سعد: "كان كثير الحديث وليس يحتج بحديثه" . وقال شعبة: "أحاديثه واهية" . وقد مضى الكلام فيه. وكان في المخطوطة هنا "عمرو بن أبي سلمة" وهو خطأ سيأتي على الصواب في رقم: 12687 في المخطوطة. وأبوه: "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى برقم: 8، 67، 3015، 8394، ثقة. وهذا الخبر مختصر الخبر الآتي رقم: 12687 وسياتي تخريجه هناك. (2) الأثر: 12668- سيأتي هذا الخبر بنفس هذا الإسناد بغير هذا اللفظ برقم 12686. (3) الأثر: 12669- رواه البيهقي في السنن 9: 255 من طريق خلف بن خليفة عن حصين مطولا بنحوه. الحرّاني، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: صيده، الطريّ. (1) 12671- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الهذيل بن بلال قال، حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس في قوله: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: صيدُه، ما صِيد. (2) 12672 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: الطريّ. 12673 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا الحسن بن علي بن الحنفيّ = أو: الحسين، شك أبو جعفر = عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: كان ابن عباس يقول: صيد البحر، ما اصطاده. (3) (1) الأثر: 12670- "سليمان بن عمر بن خالد الرقي القرشي" الأقطع مضى برقم: 6254. وكان في المطبوعة: "البرقي" وهو خطأ محض. و "محمد بن سلمة الحراني الباهلي" ثقة مضى برقم: 175. (2) الأثر: 12671- "هذيل بن بلا الفزاري المدائني" "أبو البهلول" ضعيف قال ابن معين "ليس بشيء" . وقال أبو زرعة: "هو لين ليس بالقوي" . وقال ابن حيان: "يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل فصار متروكا" . وقال ابن سعد: "كان ضعيفا" . ولكن قال أبو حاتم: "محله الصدق يكتب حديثه" . وضعفه النسائي والدارقطني. مترجم في الكبير 4/2/245 ولم يذكر فيه جرحا وابن أبي حاتم 4/2/113 وفي تعجيل المنفعة: 430 ولسان الميزان 6: 192 وميزان الاعتدال 3: 251. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "هذيل ابن هلال" بالهاء وهو خطأ محض. وسيأتي على الصواب في المخطوطة: "بلال" في رقم: 12693، ولكن الناشر سيغيره هناك إلى "هلال" خطأ أيضا. *و "عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي" روى عن أبيه وقيل لم يسمع منه وروى عن عائشة وابن عباس وابن عمر. روى عنه "هذيل بن بلال" وجرير بن حازم وابن جريج والأوزاعي وعكرمة بن عمار وغيرهم. ثقة. وكان مستجاب الدعوة. مترجم في التهذيب. (3) الأثر: 12673= "الحسن بن علي الحنفي" أو "الحسين بن علي الحنفي" لم أجد لأحدهما ترجمة في المراجع التي بين يدي. وكان في المطبوعة: "الجعفي" وهو تغيير بلا هدى. فإن "الجعفي" هو "الحسين بن علي الجعفي" مضى مرارا كثيرة وهو أجل من أن يشك في اسمه أبو جعفر أو سفيان بن وكيع. ثم انظر الأثر التالي رقم: 12692. 12674 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: الطريّ. 12675- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن الحجاج، عن العلاء بن بدر، عن أبي سلمة قال: "صيد البحر" ، ما صيد. (1) 12676- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: الطريّ. 12677 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، مثله. 12678- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: السمك الطريّ. 12679 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "أحل لكم صيد البحر" ، أما "صيد البحر" ، فهو السمك الطريّ، هي الحيتان. 12680 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: صيده، ما اصطدته طريًّا- قال معمر، وقال قتادة: صيده، ما اصطدته. (2) 12681 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "أحل لكم صيد البحر" ، قال: حيتانه. (1) الأثر: 12675- "العلاء بن بدر" نسب إلى جده وهو: "العلاء بن عبد الله بن بدر الغنوي" مضى برقم: 7939. (2) الأثر: 12680- "أبو سفيان" هو "أبو سفيان المعمري" "محمد بن حميد اليشكري" . مضى برقم: 1787، 8829. 12682 - حدثنا ابن البرقي قال، حدثنا عمر بن أبي سلمة قال، سئل سعيد عن صيد البحر فقال، قال مكحول، قال زيد بن ثابت: صيده، ما اصطدت. (1) 12683 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن ليث، عن مجاهد في قوله: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: يصطاد المحرِم والمحلُّ من البحر، ويأكلُ من صيده. 12684 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال: قال أبو بكر: طعام البحر كلُّ ما فيه= وقال جابر بن عبد الله: ما حَسر عنه فكُلْ. وقال: كلّ ما فيه= يعني: جميع ما صيدَ (2) . 12685 - حدثنا سعيد بن الربيع قال، حدثنا سفيان، عن عمرو، سمع عكرمة يقول: قال أبو بكر: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: هو كل ما فيه. * * * وعنى ب "البحر" ، في هذا الموضع، الأنهار كلها. والعرب تسمى الأنهار "بحارًا" ، كما قال تعالى ذكره: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) . (3) (1) الأثر: 12682- "عمرو بن أبي سلمة التنيسي" مضى برقم: 3997، 5230، 5444، 6628، وكان في المطبوعة هنا "عمر بن أبي سلمة" وهو خطأ ذاك أقدم من هذا (انظر ما مضى رقم: 12667) . والصواب من المخطوطة. و "سعيد" هذا هو "سعيد بن عبد العزيز بن أبي يحيى التنوخي" مضى رقم: 6529 8966، 9071. ومضى أيضا في الأثر: 3977 غير مترجم في مثل هذا الإسناد. وهذا الخبر أخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 232 ولم ينسبه لغير الطبري. (2) الأثر: 12684- خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 232، ولم ينسبه لغير الطبري. (3) مضى ذكر "البحر" في سورة البقرة: 50 (2: 50) ولم يشرح هذا الحرف هناك. وهذا من وجوه اختصار تفسيره. ولكن جاء تفسير "البحر" في الأثر السالف رقم: 3985 بغير هذا المعنى، فانظره. قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: أحل لكم، أيها المؤمنون، طريّ سمك الأنهار الذي صدتموه في حال حِلِّكم وحَرَمكم، وما لم تصيدوه من طعامه الذي قتله ثم رَمى به إلى ساحله. * * * واختلف أهل التأويل في معنى قوله: "وطعامه" . فقال بعضهم: عني بذلك: ما قذف به إلى ساحله ميتًا، نحو الذي قلنا في ذلك. * ذكر من قال ذلك: 12686- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك قال، حدثت عن ابن عباس قال: خطب أبو بكر الناس فقال: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، وطعامه، ما قَذَف. (1) 12687- حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: كنت بالبحرين، فسألونى عما قذف البحر. قال: فأفتيتهم أن يأكلوا. فلما قدمتُ على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ذكرت ذلك له، فقال لي: بم أفتيتهم؟ (2) قال، قلت: أفيتهم أن يأكلوا؟ قال: لو أفتيتهم بغير ذلك لعلوتك بالدِّرَّة! قال: ثم قال: إن الله تعالى قال في كتابه: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، فصيده، ما صيد منه= وطعامه، ما قَذَف. (3) (1) الأثر: 12686- مضى بهذا الإسناد بغير هذا اللفظ فيما سلف رقم: 12668. وهذا الخبر نقله ابن كثير في تفسيره 3: 242 والسيوطي في الدر المنثور 2: 331 وزاد نسبته لعبد بن حميد. (2) في المخطوطة: "بما أفتيتهم" وهو الأصل وهو صواب. (3) الأثر: 12687- مضى مختصرا بهذا الإسناد رقم: 12667. وذكرت هناك ما قالوه في ضعف "عمر بن أبي سلمة" . وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن الكبرى 9: 254، من طريق سعيد بن منصور عن أبي عوانه عن عمر بن أبي سلمة بنحوه. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 331 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد، وابن المنذر وأبي الشيخ. 12688 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، قال: طعامه ما قَذَف. 12689- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عباس في قوله: "احل لكم صيد البحر وطعامه" ، قال: طعامه ما قذف. 12690- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عباس، مثله. 12691 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "طعامه" ، كل ما ألقاه البحر. (1) 12692 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا الحسن بن علي = أو: الحسين بن على الحنفي، شك أبو جعفر = عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "طعامه" ، ما لفظ من ميتته. (2) 12693- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الهذيل بن بلال قال، حدثنا عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس: "أحل لكم صيد البحر وطعامه" ، قال: "طعامه" ، ما وجد على الساحل ميتًا. (3) (1) الأثر: 12691- "حسين بن علي بن الوليد الجعفي" مضى مرارا منها رقم: 29، 174، 4415، 7287، 7499. وهو غير الذي سيأتي بعده، كما أشرت إليه في التعليق على الأثر رقم: 12673. (2) الأثر: 12692- "الحسن بن علي الحنفي" أو "الحسين بن علي الحنفي" مضى الكلام عنه، وإني لم أجده فيما سلف رقم: 12673. وغيره هنا في المطبوعة وكتب "الجعفي" وهو هنا أيضا في المخطوطة: "الحنفي" . (3) الأثر: 12693- "الهذيل بن بلال الفزاري المدائني" مضى برقم: 12671، وهو في المخطوطة هنا "بلال" ولكن غيره الناشر في المطبوعة فكتب: "هلال" وهو خطأ كما بينت هناك. *و "عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي" مضى أيضا برقم: 12671. 12694 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عباس قال: "طعامه" ، ما قذف به. 12695 - حدثنا سعيد بن الربيع قال، حدثنا سفيان، عن عمرو، سمع عكرمة يقول: قال أبو بكر رضي الله عنه: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، هو كل ما فيه. 12696 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج قال، أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة مولى ابن عباس قال: قال أبو بكر: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، ميتته= قال عمرو: وسمعت أبا الشعثاء يقول: (1) ما كنت أحسب طعامه إلا مالحه. 12697 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثني الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج قال، أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، ميتته. (2) 12698 - حدثنا حميد بن مسعدة (3) قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن عثمان، عن عكرمة: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، ما قذف. 12699 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا معمر بن سليمان قال، سمعت عبيد الله، عن نافع قال: جاء عبد الرحمن إلى عبد الله فقال: البحر قد ألقى حيتانًا كثيرة؟ قال: فنهاه عن أكلها، ثم قال: يا نافع، هات (1) في المطبوعة: "وسمع" وفي المخطوطة: "وسمعه" وصواب قراءتها ما أثبت كما سيأتي في رقم: 12702. (2) الأثر: 12697- "أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد" اسمه "عبد الله بن حفص" ثقة مضى برقم: 3035. (3) في المخطوطة: "جرير بن مسعدة" والصواب ما في المطبوعة. المصحف! فأتيته به، فقرأ هذه الآية: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، قال، قلت: "طعامه" ، هو الذي ألقاه. قال: فالحقْهُ، فمُرْهُ بأكله. (1) 12700- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا أيوب، عن نافع: أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر، فقال: إن البحر قذف حيتانًا كثيرة ميتة، أفنأكلها؟ قال: لا تأكلوها! فلما رجع عبد الله إلى أهله أخذ المصحف فقرأ "سورة المائدة" ، فأتى على هذه الآية: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: اذهب، فقل له فليأكله، فإنه طعامه. (2) 12701 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، بنحوه. 12702- حدثني المثنى قال، حدثنا الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج قال، أخبرني عمرو بن دينار، عن عكرمة مولى ابن عباس قال، قال أبو بكر رضي الله عنه: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: ميتته= قال عمرو: سمعت أبا الشعثاء يقول: ما كنت أحسب "طعامه" إلا مالحه. (3) 12703 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج قال، أخبرنا نافع: أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر عن حيتان كثيرة ألقاها البحر، أميتة هي؟ قال: نعم! فنهاه عنها، ثم دخل البيت فدعا (1) الأثر: 12699- "عبد الرحمن" هو: "عبد الرحمن بن أبي هريرة" و "عبد الله" هو "عبد الله بن عمر" وسيأتي تخريجه في الذي يليه. (2) الأثر: 12700- هو طريق أخرى للأثر السالف. *وهذا الخبر رواه مالك عن نافع بمثله في الموطأ: 494. ورواه البيهقي عن مالك في السنن الكبرى 9: 255. وسيأتي من طريق أخرى برقم: 12703. *ونقله ابن كثير في تفسيره 3: 242 ولم يخرجه وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 332، وقصر في نسبته وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. (3) الأثر: 12702- مضى هذا الأثر من رواية أبي جعفر عن "محمد بن المثنى" بمثل إسناده هنا رقم: 12696. بالمصحف فقرأ تلك الآية: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، كل شيء أخرج منه، فكله، فليس به بأس. وكل شيء فيه يأكل، ميت أو بساحليه. (1) 12704 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر قال قتادة: "طعامه" ، ما قذف منه. (2) 12705 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو خالد، عن ليث، عن شهر، عن أبي أيوب قال: ما لفظ البحر فهو طعامه، وإن كان ميتًا. 12706 - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو الأحوص، عن ليث، عن شهر، قال: سئل أبو أيوب عن قول الله تعالى ذكره: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا" ، قال: هو ما لفظ البحر. * * * وقال آخرون: عنى بقوله: "وطعامه" ، المليح من السمك (3) = فيكون تأويل الكلام على ذلك من تأويلهم: أحل لكم سمك البحر ومَليحه في كل حال، في حال إحلالكم وإحرامكم. (4) * ذكر من قال ذلك: 12707 - حدثنا سليمان بن عُمَر بن خالد الرقيّ قال، حدثنا محمد بن سلمة، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وطعامه" ، قال: "طعامه" ، المالح منه. (5) (1) الأثر: 12703- مضى هذا الخبر بثلاثة أسانيد أخرى رقم: 12699- 12701 وخرجته في رقم: 12700. وفي المطبوعة: "ميتا" بالنصب وأثبت ما في المخطوطة وهو صواب لا بأس به. وفي المطبوعة: "بساحله" بالإفراد وفي المخطوطة بالتثنية كما أثبتها. (2) الأثر: 12704- انظر التعليق على الأثر السالف رقم: 12680 "أبو سفيان" هو: المعمري، "محمد بن حميد اليشكري" . (3) "المليح" على وزن "فعيل" هو المملح يقال: "سمك مال ومليح ومملوح ومملح" . (4) في المطبوعة أسقط من العبارة "في حال" وأثبتها من المخطوطة. (5) الأثر: 12707- "سليمان بن عمر بن خالد الرقي" مضى برقم: 12670، وكذلك هو في المخطوطة أما في المطبوعة فقد جعله "سليمان بن عمرو بن خالد البرقي" وهو خطأ في موضعين صوابه ما أثبت. أما قوله: "المالح منه" فقد استنكر الجوهري وغيره أن يقال: "سمك مالح" وقال يونس: "لم أسمع أحدا من العرب يقول: مالح" . والذي لم يسمعه يونس سمعه غير هو جاء في فصيح الشعر وهكذا جاء في الآثار التي هنا وهو صواب لا شك فيه عندي والصواب ما قاله ابن بري أن وجه جوازه هذا من جهة العربية أن يكون على النسب مثل قولهم: "ماء دافق" أي ذو دفق. وكذلك "ماء مالح" أي: ذو ملح وكما يقال: "رجل تارس" أي ذو نرس و "رجل دارع" أي ذو درع. قال: ولا يكون هذا جاريا على الفعل وهو الصواب إن شاء الله. (انظر لسان العرب، مادة: ملح) . ![]()
__________________
|
#576
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (576) صــ 66 إلى صــ 75 12708- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "وطعامه متاعًا لكم" ، يعني: بطعامه، مالحه، وما قذف البحر منه، مالحه. (1) 12709- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "وطعامه متاعًا لكم" ، وهو المالح. 12710 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن مجمّع التيمي، عن عكرمة في قوله: "متاعًا لكم" قال: المليح. (2) 12711 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن سالم الأفطس وأبي حصين، عن سعيد بن جبير قال: المليح. 12712 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن (1) في المطبوعة: "وما قذف البحر من مالحه" غير ما في المخطوطة فأفسد العبارة. وقوله "مالحه" الأخيرة خبر المبتدأ "ما قذف البحر منه" . (2) الأثر: 12710- "سفيان" هو الثوري. و "مجمع التيمي" هو: "مجمع بن سمعان" أو "مجمع بن صمعان" أبو حمزة التيمي الكوفي النساج الحائك. قال ابن عيينة: "كان له من الفضل غير قليل" . روى عنه أبو حيان التيمي وسفيان الثوري. ووثقه يحيى بن معين. مترجم في الكبير للبخاري 4/1/409 وابن أبي حاتم 4/1/295. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "سفيان بن مجمع التيمي" وهو خطأ لا شك فيه. وليس في الرواة من يسمى كذلك. منصور، عن إبراهيم: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: المليح، وما لَفَظ. 12713 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام، عن عنبسة، عن سالم، عن سعيد بن جبير في قوله: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، قال: يأتي الرجل أهلَ البحر فيقول: "أطعموني" ! فإن قال: "غريضًا" ، ألقوا شبكتهم فصادوا له. وإن قال: "أطعموني من طعامكم" ، أطعموه من سمكهم المالح. (1) 12714 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن عطاء، عن سعيد: "أحل لكم صيد البحر وطعامه" ، قال: المنبوذ، السمك المالح. 12715- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: "وطعامه" ، قال: المالح. 12716- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم: "وطعامه" ، قال: هو مليحُه. (2) ثم قال: ما قَذَف. 12717 - حدثنا ابن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وطعامه" ، قال: مملوح السمك. 12718- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرني الثوري، عن منصور قال: كان إبراهيم يقول: "طعامه" ، السمك المليح. ثم قال بعد: ما قذفَ به. 12719- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا الثوري، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير قال: "طعامه" ، المليح. 12720 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن مجاهد قال: "طعامه" ، السمك المليح. (1) الأثر: 12713- سيأتي مطولا برقم: 12753. (2) في المطبوعة: "مالحه" وأثبت ما في المخطوطة وهكذا قراءتها على سوء كتابة الناسخ. 12721 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: الصِّير= قال شعبة، فقلت لأبي بشر: ما الصِّير؟ قال: المالح. (1) 12722- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا هشام بن الوليد قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير قوله: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: الصِّير. قال قلت: ما الصير؟ قال: المالح. 12723 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: أما "طعامه" ، فهو المالح. 12724 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، ما تزوّدت مملوحًا في سفرك. 12725 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد وسعيد بن الربيع الرازي قالا حدثنا سفيان، عن عمرو قال، قال جابر بن زيد: كنا نُحَدَّث أن "طعامه" مليحه، ونكره الطافي منه. (2) * * * (1) "الصير" (بكسر الصاد) ويقال له: "الصحناة" وقيل: هي السمكات المملوحة التي تعمل منها الصحناة وهي كالفسيخ في بلادنا ذكرها جرير في شعره فقال في هجاء آل المهلب وهم من الأزد: إن الخلافة لم تقدر ليملكها ... عبد لأزدية في بظرها عقف كانوا إذا جعلوا في صيرهم بصلا ... ثم اشتووا كنعدا من مالح جدفوا و "الكنعد" : ضرب من السمك. وقوله: "جدفوا" أكلوا "الجدف" (بفتحتين) وهو يكون باليمن تاكله الإبل فتجزأ به عن الماء ولا يحتاج مع اكله إلى شرب ماء. وفي المخطوطة في المواضع كلها: "الصر" مهملة لا تقرأ صوابها في المطبوعة. (2) الأثر: 12725- "سفيان" هو الثوري= أو "سفيان بن عيينة" كلاهما روى عن عمرو بن دينار. "عمرو" هو "عمرو بن دينار" . وكان في المطبوعة: "سفيان بن عمرو" وهو خطأ محض. و "جابر بن زيد الأزدي" هو "أبو الشعثاء" مضى كثيرا وترجم في: 5316، 5472. وقال آخرون: "طعامه" ، ما فيه. * ذكر من قال ذلك: 12726 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال: طعام البحر، ما فيه. 12726 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن حريث، عن عكرمة: "وطعامه متاعًا لكم" ، قال: ما جاء به البحر بموجه، هكذا. (1) 12728 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن ليث، عن مجاهد قال: "طعامه" ، كل ما صيد منه. (2) * * * قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا، قولُ من قال: "طعامه" ، ما قذفه البحر، أو حَسَر عنه فوُجد ميتًا على ساحله. وذلك أن الله تعالى ذكره ذكر قبله صيدَ الذي يصاد، فقال: "أحل لكم صيد البحر" ، فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم ما لم يُصَدْ منه، فقال: أحل لكم ما صدتموه من البحر، وما لم تصيدوه منه. وأما "المليح" ، فإنه ما كان منه مُلِّح بعد الاصطياد، فقد دخل في جملة قوله: "احل لكم صيد البحر" ، فلا وجه لتكريره، إذ لا فائدة فيه. وقد أعلم (1) في المطبوعة: "ماء به البحر بوجه" فغير وحذف "هكذا" كأنه ظن "هكذا" إشارة إلى استشكال كلمة "بموجه" ! وهذا غريب. وقوله: "هكذا" يريد بذلك الإشارة إلى أنه جاء طافيا. (2) الأثر: 12728- "حميد بن عبد الرحمن بن حميد الراسي" مضى برقم: 4926، 8770. و "الحسن بن صالح بن صالح بن حي الثوري" مضى برقم: 178، 5347، 7594. عبادَه تعالى ذكره: إحلالَه ما صيد من البحر بقوله: "أحل لكم صيد البحر" . فلا فائدة أن يقال لهم بعد ذلك: "ومليحه الذي صيد حلال لكم" ، لأن ما صيد منه فقد بُيِّن تحليله، طريًّا كان أو مليحًا، بقوله: "أحل لكم صيد البحر" والله يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة. * * * وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو الذي قلنا خبر، وإن كان بعض نقلته يقف به على ناقلِه عنه من الصحابة، وذلك ما:- 12729 - حدثنا هناد بن السريّ قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم" ، قال: "طعامه" ، ما لفظه ميتًا فهو طعامه ". (1) " * * * وقد وقف هذا الحديث بعضهم على أبي هريرة. 12730 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن عمرو، (1) الأثر: 12729، 12730- "عبدة بن سليمان الكلابي" قال أحمد: "ثقة ثقة وزيادة مع صلاح في بدنه" . روى له أصحاب الكتب الستة. ومضى مرارا برقم: 222، 2323، 2758، 3022، ومواضع غيرها ومحمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ثقة وروى له أصحاب الكتب الستة ومضى برقم: 8، 3015. و "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" تابعي جليل إمام ثقة. مضى برقم: 8، 67، 3015، 8394، وغيرها. وهذا الخبر لم أجد أحدا ذكره إلا السيوطي في الدر المنثور 2: 331 ولم ينسب هذا المرفوع إلا لابن جرير أما الخبر الآتي وهو الموقوف فإنه زاد نسبته لابن أبي حاتم. وأما الخبر الموقوف الثاني رقم: 12730 ففيه "ابن أبي زائدة" وهو "يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة" وهو من حفاظ الكوفيين كان متقنا ثبتا صاحب سنة، مستقيم الحديث. روى له أصحاب الكتب الستة ومضى برقم: 850، 4246. فإسناد المرفوع والموقوف كلاهما إسناد صحيح ورجالهما ثقات حفاظ. وكتبه محمود محمد شاكر. عن أبي سلمة، عن أبي هريرة في قوله: "أحل لكم صيد البحر وطعامه" ، قال: "طعامه" ، ما لفظه ميتًا. (1) * * * القول في تأويل قوله: {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "متاعًا لكم" ، منفعةً لمن كان منكم مقيمًا أو حاضرًا في بلده، يستمتع بأكله وينتفع به= (2) "وللسيارة" ، يقول: ومنفعةً أيضًا ومتعة للسائرين من أرض إلى أرض، ومسافرين يتزوّدونه في سفرهم مليحًا. * * * و "السيارة" ، جمع "سيّار" . (3) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 12731 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرني أبو إسحاق، عن عكرمة أنه قال في قوله: "متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: لمن كان بحضرة البحر= "وللسيارة" ، السَّفْر. 12732 - حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، ما قذف البحر، وما يتزوّدون في أسفارهم من هذا المالح= يتأوّلها على هذا. 12733- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع عن حماد قال، حدثنا (1) الأثر: 12730- انظر التعليق على الأثر السالف. (2) انظر تفسير "المتاع" فيما سلف 8: 551 تعليق: 1 والمراجع هناك. (3) اقتصرت كتب اللغة على أن "السيارة" : القافلة أو القوم يسيرون وأنه أنث على معنى الرفقة أو الجماعة. وجعله أبو جعفر جمعا، كقولهم "جمال" و "جمالة" (بتشديد الميم) و "حمار" و "حمارة" . يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، مملوح السمك، ما يتزودون في أسفارهم. 12734 - حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقيّ قال، حدثنا مسكين بن بكير قال، حدثنا عبد السلام بن حبيب النجاري، عن الحسن في قوله: "وللسيارة" ، قال: هم المحرمون. (1) 12735 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، أما "طعامه" ، فهو المالح منه، بلاغٌ يأكل منه السيار في الأسفار. (2) 12736 - حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: "وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: "طعامه" ، مالحه، وما قذف البحر منه، يتزوَّده المسافر= وقال مرة أخرى: مالحه، وما قذف البحر. فمالحه يتزوده المسافر. 12737 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "وطعامه متاعًا للكم وللسيارة" ، يعني المالح يتزوّده. (3) (1) الأثر: 12734- "سليمان بن عمر بن خالد الرقي" مضى برقم: 6254، 12670، 12707ن وغيره في المطبوعة كما غيره فيما سلف فجعله "سليمان بن عمرو بن خالد البرقي" وهو خطأ محض صوابه في المخطوطة. و "مسكين بن بكير الحراني" أبو عبد الرحمن الحذاء روى عنه أحمد بن حنبل ثقة. مترجم في التهذيب. أما "عبد السلام بن حبيب النجاري" فلم أجد في الرواة عن الحسن أو غيره من اسمه ذاك. ووجدت في الرواة عن الحسن البصري "عبد السلام بن أبي الجنوب المدني" وهو شيخ مدني متروك مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم 3/1/45 وميزان الاعتدال 2: 129. فلعله يكون هو. (2) "بلاغ" يعني "بلغة" (بضم الباء) وهو ما يتبلغ به المرء من الزاد أي يكتفي به حتى يبلغ مستقره. وكان في المطبوعة: "السيارة" بالتاء في آخره وأثبت ما في المخطوطة. (3) في المطبوعة: "فيتزوده" والجيد ما في المخطوطة. وكان مجاهد يقول في ذلك بما:- 12738 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وطعامه متاعا لكم" ، قال: أهل القرَى= "وللسيارة" ، أهل الأمصَار. 12739- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قوله: "متاعًا لكم" ، قال: لأهل القرى= "وللسيارة" ، قال: أهل الأمصار، والحيتانُ للناس كلهم. (1) * * * وهذا الذي قاله مجاهد: من أن "السيارة" هم أهل الأمصار، لا وجه له مفهوم، إلا أن يكون أراد بقوله: "هم أهل الأمصار" ، هم المسافرون من أهل الأمصار، فيجب أن يدخل في ذلك كل سيارة، من أهل الأمصار كانوا أو من أهل القرى. فأما "السيارة" ، فلا نعقله: المقيمون في أمصارهم. (2) * * * (1) في المطبوعة: "أهل الأمصار وأجناس الناس كلهم" وأداه إلى هذا ما جاء في الدر المنثور 2: 232 عن مجاهد: "وطعامه قال: حيتانه= متاعا لكم لأهل القرى= وللسيارة أهل الأسفار وأجناس الناس كلهم" ثم ما جاء في المخطوطة مما دخله التحريف وذلك: "أهل الأمصار والحباب للناس كلهم" والدر المنثور لا يوثق بطباعته والجملة فيه خطأ لا شك فيه، فقوله "أهل الأسفار" لا شك أنها "أهل الأمصار" وأما قوله: "حيتانه" هنا فإن ذلك من سوء اختصار السيوطي فإن "حيتانه" تفسير لقوله: "صيد البحر" كما مضى في الاثر رقم: 12681 من تفسير مجاهد لصيد البحر. وأما "طعامه" فقد فسرها مجاهد "السمك المليح" كما مضى في رقم: 12720 وهو مراد هنا في هذا الموضع. فظاهر أنه أراد: "طعامه السمك المليح= متاعا لكم لأهل القرى= وللسيارة أهل الأمصار= والحيتان للناس كلهم" يعني أنه لا يدخل قوله تعالى: "متاعا لكم وللسيارة" في بيان قوله تعالى: "أحل لكم صيد البحر" بل في بيان قوله: "وطعامه" وهو السمك المليح. هذا هو الصواب وأما ما في الدر المنثور وما في المطبوع من هذا التفسير فكلام لا يستقيم. (2) في المطبوعة: "فأما السيارة فلا يشمل المقيمين في أمصارهم وهو كلام مريض وهو في المخطوطة كما أثبته غير منقوط وهذا صواب قراءته. والمعنى: فلا نعقله أن يكون معناه: المقيمون في أمصارهم. وقد مضى استعمال أبي جعفر" نعقله "في مثل هذه العبارة في مواضع سلفت ليس عندي الآن بيانها." القول في تأويل قوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره: وحرم الله عليكم، أيها المؤمنون، صيد البر= "ما دمتم حرمًا" ، يقول: ما كنتم محرمين، لم تحِلوا من إحرامكم. (1) * * * ثم اختلف أهل العلم في المعنى الذي عَنى الله تعالى ذكره بقوله: "وحُرِّم عليكم صيدُ البر" . فقال بعضهم: عنى بذلك: أنه حرَّم علينا كل معاني صيد البر: من اصطياد، وأكل، وقتل، وبيع، وشراء، وإمساك، وتملُّك. * ذكر من قال ذلك: 12740 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن أبيه قال: حج عثمان بن عفان، فحج عليّ معه، قال: فأتي عثمان بلحم صيد صاده حَلال، فأكل منه، ولم يأكل عليّ، فقال عثمان: والله ما صدنا ولا أمرنا ولا أشرنا! فقال عليّ: "وحُرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" . (2) (1) انظر تفسير "ما دام" فيما سلف 10: 185= وتفسير "حرم" فيما سلف: 7. (2) الأثر: 12740- "يزيد بن أبي زياد الكوفي" مولى بني هاشم صدوق في حفظه شيء بعد ما كبر. مضى برقم: 2028. و "عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم" لقبه: "ببة" ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه رسول الله روى عن جماعة من الصحابة. روى له أصحاب الكتب الستة. مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الله بن الحارث عن نوفل: وهو خطأ صرف." وأبوه: "الحارث بن نوفل بن الحارث" . روى عن رسول الله وعن عائشة. استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أعمال مكة، ومات بالبصرة في خلافة عثمان. مترجم في التهذيب. وهذا الخبر خرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 232 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبي الشيخ. وقوله: "صاده حلال" يعني: رجل حلال غير محرم بحج. وسيأتي هذا الخبر بلفظ آخر، وإسناد آخر. في رقم: 12745، 12746. 12741 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هرون بن المغيرة، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن صبيح بن عبد الله العبسي قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحرث على العَرُوض، (1) فنزل قديدًا، فمرّ به رجل من أهل الشام معه باز وصقر، فاستعاره منه، فاصطاد به من اليعاقيب، (2) فجعلهن في حظيرة. فلما مرّ به عثمان طبخهن، ثم قدمهن إليه، فقال عثمان: كلوا! فقال بعضهم: حتى يجيء علي بن أبي طالب، رحمة الله عليه. فلما جاء فرأى ما بين أيديهم، قال علي: إنا لن نأكل منه! فقال عثمان: مالك لا تأكل؟ فقال: هو صيد، ولا يحل أكله وأنا محرم! فقال عثمان: بيِّن لنا! فقال عليّ: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم" ، فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" . (3) 12742- حدثنا تميم بن المنتصر وعبد الحميد بن بيان القناد قالا أخبرنا (1) "العروض" (بفتح العين) : مكة والمدينة وأكنافهما. (2) "اليعاقيب" جمع "يعقوب" طائر وهو ذكر الحجل والقطا. (3) الأثر: 12741- "هرون بن المغيرة بن حكيم البجلي" ثقة مضى برقم: 6656، 5526. و "عمرو بن أبي قيس الرازي ثقة مضى برقم: 6887، 9346." و "سماك" هو "سماك بن حرب" ثقة مضى مرارا. و "صبيح بن عبد الله العبسي" روى عن علي وروى عنه سماك بن حرب. مترجم في الكبير البخاري 2/2 / 319 وابن أبي حاتم 2 /1/ 449. ولم يذكرا فيه جرحا. وقد مضى ذكره في التعليق على رقم: 7595 (وقع هناك خطأ فيما نقلته عن التاريخ الكبير "على الفروض" وصوابه "على العروض" فليصحح هناك وفي تاريخ البخاري) . وفي المخطوطة والمطبوعة: "صبيح بن عبيد الله" والتصحيح من البخاري وابن أبي حاتم. وهذا الخبر رواه البخاري مختصرا في التاريخ قال: "حدثني حسن بن خلف أخبرنا إسحق عن شريك عن سماك عن صبيح بن عبد الله العبسي" . وهو الإسناد التالي لهذا. ![]()
__________________
|
#577
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (577) صــ 76 إلى صــ 85 إسحاق الأزرق، عن شريك، عن سماك بن حرب، عن صبيح بن عبيد الله العبسي قال: استعمل عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحرث على العَرُوض= ثم ذكر نحوه، وزاد فيه، قال: فمكث عثمان ما شاء الله أن يمكث، ثم أتى فقيل له بمكة: هل لك في ابن أبي طالب، أهدي له صفيف حمار فهو يأكل منه! (1) فأرسل إليه عثمان، وسأله عن أكل الصفيف، فقال: أما أنتَ فتأكل، وأما نحن فتنهانا؟ فقال: إنه صيد عام أوّلَ وأنا حلال، فليس عليّ بأكله بأس، وصيد ذلك = يعني اليعاقيب = وأنا محرم، وذبحن وأنا حرَام. (2) 12743 - حدثنا عمران بن موسى القزاز قال، حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال، حدثنا يونس، عن الحسن: أن عمر بن الخطاب لم يكن يرى بأسًا بلحم الصيد للمحرم، وكرهه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه. (3) 12744 - حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن عليًا كره لحم الصيد للمحرم على كل حال. 12745 - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث: أنه شهد عثمان وعليًّا أُتيا بلحم، فأكل عثمان ولم يأكل عليّ، فقال عثمان: أنحن صِدْنا أو (1) "الصفيف" هو لحم يشرح عراضا حتى ترق البضعة منه فتراها تشف شفيفا ويوسع مثل الزغفان ثم يشرر في الشمس حتى يجف. فإذا دق الصفيف فهو "القديد" . وكان في المخطوطة في هذا الموضع "تصفف" وفي الذي يليه "التصفيف" غير منقوطة وهو رسم خطأ صوابه في المطبوعة. (2) الأثر: 12742- "إسحق الأزرق" هو إسحق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي "مضى برقم: 3339، 4224. وكان في المخطوطة والمطبوعة" أبو إسحق الأزرق، وهو خطأ وسهو من ناسخ وهو على الصواب في إسناد البخاري الذي نقلته آنفا في تخريج الأثر السالف. (3) الأثر: 12743- "عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري" مضى برقم: 2154، 6589، 6591، 6819. و "يونس" هو: "يونس بن عبيد بن دينار العبدي" مضى برقم: 2616، 4931. صيد لنا؟ فقرأ عليّ هذه الآية: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة وحرِّم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" . (1) 12746 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: حج عثمان بن عفان، فحج معه علي، فأتي بلحم صَيدٍ صاده حلالٌ، فأكل منه وهو محرم، ولم يأكل منه عليّ، فقال عثمان: إنه صيدَ قبل أن نحرم! فقال له علي: ونحن قد نزلنا وأهالينا لنا حلال، (2) أفيحللن لنا اليوم؟ (3) 12747 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عمرو، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل: أن عليًّا أتى بِشِقّ عَجُز حمار وهو محرم، فقال: إنّي محرم. (4) 12748 - حدثنا ابن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا سعيد، عن يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه كان يكرهه على كل حال، ما كان محرمًا. (5) (1) الأثر: 12745- مضى هذا الخبر برواية "عبد الله بن الحارث بن نوفل" عن أبيه "الحارث بن نوفل" برقم: 12740، وسيأتي رقم: 12747. (2) في المطبوعة: "ونحن قد بدا لنا" وفي المخطوطة: "ونحن مر لنا" غير منقوطة وهذه قراءتها فيما أرجح. (3) الأثر: 12746- "عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" أحاديثه واهية، يكتب حديثه ولا يحتج به، مضى برقم: 3911، 12667. وسيأتي هذا الخبر بإسناد آخر رقم: 12755، مختصرا بغير هذا اللفظ. (4) الأثر: 12747- "هرون" هو "هرون بن المغيرة" مضى قريبا برقم: 12741. و "عمرو" هو "عمرو بن أبي قيس" مضى أيضا برقم: 12741. و "عبد الكريم" هو "عبد الكريم بن مالك الجزوي" مضى برقم: 892، 1566. وكان في المخطوطة والمطبوعة: "عن عمرو بن عبد الكريم" وهو خطأ. ليس في الرواة من يسمى بذلك. ومضى هذا الخبر بإسناديه رقم: 12740، 12745. (5) الأثر: 12748- "سعيد" هو "سعيد بن أبي عروبة" . و "يعلى بن حكيم الثقفي" روى عن سعيد بن جبير وعكرمة ونافع مولى ابن عمر وغيرهم. وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال أبو حاتم: "لا بأس به" مترجم في التهذيب. 12749 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال، أخبرنا نافع: أن ابن عمر كان يكره كل شيء من الصيد وهو حرام، أخذ له أو لم يؤخذ له، وَشِيقةً وغيرها. (1) 12750- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبد الله قال، أخبرني نافع: أن ابن عمر كان لا يأكل الصيدَ وهو محرم، وإن صاده الحلالُ. 12751 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني الحسن بن مسلم بن يناق: أنّ طاوسًا كان ينهى الحرامَ عن أكل الصيد، وشيقة وغيرها، صيد له أو لم يُصد له. 12752 - حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا خالد بن الحارث قال، حدثنا الأشعث قال، قال الحسن: إذا صاد الصيد ثم أحرمَ لم يأكل من لحمه حتى يحلّ. فإن أكل منه وهو محرم، لم ير الحسن عليه شيئًا. (2) 12753 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام وهارون عن عنبسة، عن سالم قال: سألت سعيد بن جبير، عن الصيد يصيده الحلال، أيأكل منه المحرم؟ فقال: سأذكر لك من ذلك، إن الله تعالى ذكره قال: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم" ، فنهي عن قتله، ثم قال: "ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم" ، ثم قال تعالى ذكره: "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا لكم وللسيارة" ، قال: يأتي الرجل أهلَ البحر فيقول: "أطعموني" ، فإن (1) "الوشيقة" : لحم يغلي في ماء وملح إغلاءة واحدة، ولا ينضج فيتهرأ ثم يخرج فيصير في الجبجبة وهو جلد بعير يقور، ثم يجعل ذلك اللحم فيه، فيكون لهم زادا في أسفارهم. (2) الأثر: 12752- "خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي" ثقة مضى برقم: 7507، 7818، 9878. قال: "غريضًا" ، ألقوا شبكتهم فصادوا له، وإن قال: "أطعموني من طعامكم" ، أطعموه من سمكهم المالح. ثم قال: "وحُرِّم عليكم صيد البرّ ما دمتم حرمًا" ، وهو عليك حرام، صدته أو صاده حلال. (1) * * * وقال آخرون: إنما عنى الله تعالى ذكره بقوله: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" ، ما استحدَث المحرم صيدَه في حال إحرامه أو ذبحه، أو استُحْدِث له ذلك في تلك الحال. فأما ما ذبحه حلال وللحلال، فلا بأس بأكله للمحرم. وكذلك ما كان في ملكه قبل حال إحرامه، فغير محرم عليه إمساكه. * ذكر من قال ذلك: 12754 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال، حدثنا بشر بن المفضل قال، حدثنا سعيد قال، حدثنا قتادة: أن سعيد بن المسيب حدّثه، عن أبي هريرة: أنه سئل عن صيد صاده حلال، أيأكله المحرم؟ قال: فأفتاه هو بأكله، ثم لقي عمر بن الخطاب رحمه الله فأخبره بما كان من أمره، فقال: لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعتُ لك رأسك. (2) 12755 - حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال، حدثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: نزل عثمان بن عفان رحمه الله العَرْجَ وهو محرم، (3) فأهدى صاحبُ العرج له قَطًا، (4) قال: فقال لأصحابه: كلوا فإنه إنما اصطيد (1) الأثر: 12753- مضى هذا الأثر مختصرا برقم: 12713. (2) الأثر: 12754- إسناده صحيح. وخرجه السيوطي في الدر المنثور باختلاف يسير في لفظه، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وسيأتي هذا الأثر بأسانيد أخرى رقم: 12756، 12757، 12762. (3) "العرج" (بفتح فسكون) وهي قرية جامعة على طريق مكة من المدينة، على جادة الحاج. (4) في المخطوطة: "رطا" غير منقوطة كأنها تقرأ "بطا" ولكن الذي جاء في الروايات السالفة وما سيأتي برقم: 12771 أنها "قطا" أو "يعاقيب" وهي ذكور الحجل والقطا، والصواب إن شاء الله ما كان في المطبوعة: "قطا" . و "القطا" : طائر كالحمام. على اسمي، (1) قال: فأكلوا ولم يأكل. (2) 12756 - حدثنا ابن بشار وابن المثنى قالا حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة كان بالرَّبَذة، فسألوه عن لحم صيدٍ صاده حلال، ثم ذكر نحو حديث ابن بزيع عن بشر. (3) 12757- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن عمر، نحوه. (4) 12758 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الشعثاء قال: سألت ابن عمر عن لحم صيد يُهديه الحلال إلى الحرام، فقال: أكله عمر، وكان لا يرى به بأسًا. قال قلت: تأكله؟ قال: عمر خير مني. (5) (1) قوله: "إنما اصطيد على اسمي" أي من أجله، وهو تعبير قديم يقيد، ولا يزال يجري على ألسنة العامة إلى هذا اليوم وهو صحيح فصيح. وانظر ما يفسره في خبر مالك في الموطأ: 354، وسيأتي رقم: 12764. (2) الأثر: 12755- "عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى قريبا رقم: 12746. وسيأتي من طريق أخرى برقم: 12771 بغير هذا اللفظ عن أبي سلمة من فعله هو. (3) الأثر: 12756، 12757- مضى برقم: 12754. (4) الأثر: 12756، 12757-مضى برقم: 12754. (5) الأثر: 12758، 12759_ "أبو إسحق" هو: "أبو إسحق السبيعي الهمداني" . و "أبو الشعثاء" سيأتي في الأثر رقم: 12763 أنه "أبو الشعثاء الكندي" وهو غير "أبي الشعثاء، جابر بن زيد" الذي مضى برقم: 5136، 5472، 12406، 12725. و "أبو الشعثاء الكندي" هو: "يزيد بن مهاصر" كوفي روى عن ابن عمر، وابن عباس. ترجم له البخاري في الكبير 4 /2 / 363 في "يزيد بن مهاصر" وقال: "كناه محمد بن عبد الله بن نمير" ولم يزد على ذلك. وترجم له ابن أبي حاتم 4/2/287 في "يزيد بن مهاصر أبو الشعثاء الكندي" ثم قال: "روى عنه أبو إسحق الهمداني وأبو العنبس ويونس بن أبي إسحق وأبو سنان الشيباني" . ثم عاد فترجم له 42/391 وقال: "روى عنه أبو سنان الشيباني وسعيد بن سعيد الثعلبي. سمعت أبي يقول ذلك، ويقول:" لا يسمى وهو كوفي. قال علي بن المديني: أبو الشعثاء الذي روى عنه أبو إسحق الهمداني ويونس بن أبي إسحق، وأبو العنبس وأبو سنان هو الكندي وليس هو سليم [يعني: سليم بن أسود المحاربي] - سمعت أبي يقول: أبو الشعثاء الكندي اسمه: يزيد بن مهاصر. وخالف عليا في ذلك "." فظاهر هذا أنه غير "أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي" ولكني رأيت الحافظ ابن حجر قال في ترجمة "أبي العنبس" في التهذيب 8: 189 أنه روى عن "أبي الشعثاء جابر بن يزيد الكندي" فلا أدري أوهم الحافظ أم هكذا اختلف عليه في ذلك. وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن 5: 189 من طريق عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن أبي إسحق، سمعت أبا الشعثاء "." وسيأتي برقم: 12763، بغير هذا اللفظ مختصرا. وكتبه محمود محمد شاكر. 12759- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة قال، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي الشعثاء قال: سألت ابن عمر عن صيد صاده حلال يأكل منه حرام، قال: كان عمر يأكله. قال قلت: فأنت؟ قال: كان عمر خيرًا مني. 12760 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: استفتاني رجلٌ من أهل الشام في لحم صيد أصابه وهو محرم، فأمرته أن يأكله. فأتيت عمر بن الخطاب فقلت له: إن رجلا من أهل الشام استفتاني في لحم صيد أصابه وهو محرم، قال: فما أفتيته؟ قال: قلت: أفتيته أن يأكله. قال: فوالذي نفسي بيده، لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدرة! وقال عمر: إنما نُهيت أن تصطاده. (1) 12761 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مصعب بن المقدام قال، حدثنا خارجة عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن كعب قال: أقبلت في أناس محرمين، فأصبنا لحمَ حمار وحش، فسألني الناس عن أكله، فأفتيتهم بأكله، وهم محرمون. فقدمنا على عمر، فأخبروه أنّي أفتيتهم بأكل حمار الوحش وهم محرمون، (1) الأثر: 12760- مضى مختصرا برقم: 12754، بغير هذا الإسناد. "هشام" هو "هشام صاحب الدستوائي" . و "يحيى" هو "يحيى بن أبي كثير الطائي" ثقة روى له أصحاب الكتب الستة. مضى برقم: 9189، 11505- 11507. و "أبو سلمة" هو "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضى مرارا، منها رقم: 12667. وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 188، من طريق: "حفص بن عبد الله السلمي، عن إبراهيم بن طهمان عن هشام" بمثله. فقال عمر: قد أمَّرته عليكم حتى ترجعوا. (1) 12762 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: مررت بالرَّبَذة، فسألني أهلها عن المحرم يأكل ما صاده الحلال؟ فأفتيتهم أن يأكلوه. فلقيت عمر بن الخطاب، فذكرت ذلك له. قال: بم أفتيتهم؟ (2) قال: أفتيتهم أن يأكلوا. قال: لو أفتيتهم بغير ذلك لخالفتك. (3) 12763 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن يونس، عن أبي الشعثاء الكندي قال: قلت لابن عمر: كيف ترى في قوم حرام لقوا قومًا حلالا ومعهم لحم صيد، فإما باعوهم، وإما أطعموهم؟ فقال: حلال. (4) (1) الأثر: 12761- "مصعب بن المقدام الخثعمي" ثقة وضعفه بعضهم، ولكن روى له مسلم مضى برقم: 1291، 3001. و "خارجة" هو "خارجة بن مصعب بن خارجة الخراساني" وقد مضى برقم: 9668، قال أخي السيد أحمد هناك: "مختلف فيه جدا والأكثر على تضعيفه، ولكن أعدل كلمة فيه كلمة الحاكم في المستدرك 1: 499: خارجة لم ينقم عليه إلا روايته عن المجهولين، وإذا روى عن الثقات الأثبات فروايته مقبولة" . و "زيد بن أسلم" ثقة ثبت. مضى كثيرا. و "عطاء" هو "عطاء بن يسار" مضى مرارا. و "كعب" هو "كعب الأحبار" . وهذا الخبر صحيح، رواه مالك في الموطأ: 352 عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مطولا. ورواه البيهقي في السنن 5: 189، من طريق مالك. (2) في المخطوطة: "بما أفتيتهم" فكتبتها على ما درجنا عليه "بم" وفي المطبوعة: "فبم" . (3) الأثر: 12762- مضى حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة من طريقين أخريين رقم: 12754، 12756. وهذا الخبر رواه مالك في الموطأ 351 عن يحيى بن سعيد بغير هذا اللفظ ثم رواه بعد من طريق "ابن شهاب عن سالم بن عبد الله: أنه سمع أبا هريرة يحدث عبد الله بن عمر" ولفظه أقرب إلى لفظ أبي جعفر هذا. (4) الأثر: 12763- "يونس" هو "يونس بن أبي إسحق السبيعي مضى مرارا وانظر التعليق على رقم: 12758، 12759." و "أبو الشعثاء الكندي" مضى الكلام في أمره واسمه فيما سلف في التعليق على الأثرين رقم 75: 12، 12759، ومضى تخريجه هناك. 12764 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا محمد بن سعيد قال، حدثنا هشام= يعني ابن عروة= قال، حدثنا عروة، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن عبد الرحمن حدثه: أنه اعتمر مع عثمان بن عفان في ركبٍ فيهم عمرو بن العاص، حتى نزلوا بالرَّوحاء، فقُرِّب إليهم طير وهم محرمون، فقال لهم عثمان: كلوا، فإني غير آكله! فقال عمرو بن العاص: أتأمرنا بما لست آكلا؟ فقال عثمان: إني لولا أظنّ أنه اصطيد من أجلي، لأكلت! (1) فأكل القوم. (2) 12765 - حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن الزبير كان يتزوّد لحوم الوحش وهو محرم. (3) 12766 - حدثنا عبد الحميد بن بيان قال، أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما صيد أو ذبح وأنت حلال فهو لك حلال، وما صيد أو ذبح وأنت حرام فهو عليك حرام. 12767 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون، عن عمرو، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ما صيد من شيء وأنت حرام فهو عليك حرام، وما صيد من شيء وأنت حلال فهو لك حلال. (1) في المطبوعة: "صيد من أجلي" وأثبت ما في المخطوطة. (2) الأثر: 12764- "يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي" تابعي ثقة جليل، وينسب إلى جده فيقال: "يحيى بن حاطب" مضى برقم: 8367. و "عبد الرحمن" هو أبوه "عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة اللخمي" وهو في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة وفقهائهم، ثقة قليل الحديث. مترجم في التهذيب. وهذا الخبر رواه البيهقي في السنن الكبرى 5: 191 من طريف أحمد بن يوسف السلمي، عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه بنحوه. (3) الأثر: 12765- إسناده صحيح، رواه مالك في الموطأ: 350، عن هشام ابن عروة عن أبيه: "أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء وهو محرم" هذا لفظه. فأراد بقوله "لحوم الوحش" الظباء فهي من الوحش. 12768 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" ، فجعل الصيد حرامًا على المحرم صيده وأكله ما دام حرامًا. وإن كان الصيدُ صِيدَ قبل أن يحرم الرجل، فهو حلالٌ. وإن صاده حرامٌ لحلال، فلا يحلّ له أكله. 12769 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم قال، سألت أبا بشر عن المحرم يأكل مما صاده الحلال؟ قال: كان سعيد بن جبير ومجاهد يقولان: ما صيد قبل أن يُحرِم أكل منه، وما صيد بعد ما أحرم لم يأكل منه. 12770- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا ابن جريج قال: كان عطاء يقولُ إذا سئل في العَلانِية: أيأكل الحرامُ الوَشيقةَ والشيء اليابس؟ (1) = يقول بيني وبينه: لا أستطيع أن أبيِّن لك في مجلس، إن ذبح قبل أن نُحرم فكل، وإلا فلا تبع لحمه ولا تبتع. (2) * * * وقال آخرون: إنما عنى الله تعالى بقوله: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" ، وحرم عليكم اصطياده. قالوا: فأما شراؤه من مالك يملكه وذبحه وأكله، بعد أن يكون مِلكه إياه على غير وجه الاصطياد له، وبيعه وشراؤه جائز. قالوا: والنهي من الله تعالى ذكره، عن صيده في حال الإحرام دون سائر المعاني. * ذكر من قال ذلك: 12771- حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال، حدثنا ابن أبي مريم (1) "الوشيقة" مضى تفسيرها في ص: 78، تعليق: 1. (2) هكذا هذا الخبر في المخطوطة إلا أنه كتب: "وإن ذبح قبل أن تحرم" بالواو. وأنا في شك من سياق هذا الخبر، أخشى أن يكون سقط منه شيء فإن السياق يقتضي أن يقال: إذا سئل في العلانية يقول: لا. ولكن هكذا جائ، ولم أجده في مكان آخر، فتركته على حاله حتى يصححه من يجده. قال، حدثنا يحيى بن أيوب قال، أخبرني يحيى، أن أبا سلمة اشترى قَطًا وهو بالعَرْجِ وهو محرم، ومعه محمد بن المنكدر، فأكلها. (1) فعاب عليه ذلك الناس. (2) * * * قال أبو جعفر: والصواب في ذلك من القول عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره، عمَّ تحريم كل معاني صيد البرّ على المحرم في حال إحرامه، من غير أن يخص من ذلك شيئًا دون شيء، فكل معاني الصيد حرام على المحرم ما دام حرامًا، بيعه وشراؤه واصطياده وقتله، وغير ذلك من معانيه، إلا أن يجده مذبوحًا قد ذبحه حلال لحلال، فيحلّ له حينئذ أكله، للثابت عن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:- 12772 - حدثناه يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج= وحدثني عبد الله بن أبي زياد قال، حدثنا مكي بن إبراهيم قال، حدثنا عبد الملك بن جريج= قال، أخبرني محمد بن المنكدر، عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان، عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حُرُم، فأهدي لنا طائرٌ، فمنا من أكل، ومنا من تَورَّع فلم يأكل. فلما استيقظ طلحة وفَّق من أكل، (3) وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. (4) * * * (1) في المطبوعة: "فأكله" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب. (2) الأثر: 12771- "عبد الله بن أحمد بن شبويه الخزاعي" شيخ الطبري مضى برقم: 1909، 4612، 4923. و "ابن أبي مريم" هو "سعيد بن أبي مريم" مضى برقم: 160، 5455، 8335. و "يحيى بن أيوب الغافقي" مضى برقم: 3877، 4330. و "يحيى" هو "يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري" مضى برقم: 4859، 9679. و "أبو سلمة" هو "أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" . مضى قريبا. (3) في المطبوعة: "وافق من أكل" وأثبت ما في المخطوطة وهو الصواب الموافق لما في صحيح مسلم. وقوله: "وفق من أكل" : دعا له بالتوفيق، واستصوب فعله. (4) الأثر: 12772- "يحيى بن سعيد" هو القطان. و "مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد التميمي" الحافظ روى له أصحاب الكتب الستة. مترجم في التهذيب. و "معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان التيمي" ثقة. وأبوه "عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التيمي" هو "شارب الذهب" صحابي أسلم يوم الحديبية، وقيل يوم الفتح. وهذا الخبر رواه مسلم في صحيحه 8: 111، 112، والبيهقي في السنن الكبرى 5: 188. ![]()
__________________
|
#578
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (578) صــ 86 إلى صــ 95 فإن قال قائل: فما أنت قائل فيما روي عن الصعب بن جَثَّامة أنه أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رِجْلَ حمارِ وحش يقطر دمًا، فردّه فقال: إنا حُرُم (1) = وفيما روي عن عائشة: أن وَشِيقة ظبي أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فردّها (2) وما أشبه ذلك من الأخبار؟ قيل: إنه ليس في واحد من هذه الأخبار التي جاءت بهذا المعنى، بيانُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ من ذلك ما ردّ وقد ذبحه الذابح إذ ذبحه، وهو حلال لحلال، ثم أهداه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام، فرده وقال: "إنه لا يحل لنا لأنا حرم" ، وإنما ذكر فيه أنه أُهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم صيد فردّه. وقد يجوز أن يكون ردُّه ذلك من أجل أنّ ذابحه ذبحه أو صائده صاده من أجله صلى الله عليه وسلم وهو محرم. وقد بيَّن خبر جابر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: "لحم صيد [البر] للمحرم حلال إلا ما صاد أو صيد له" ، (3) معنى ذلك كله. فإذ كان كلا الخبرين صحيحًا مخرجهما، فواجبٌ التصديقُ بهما، وتوجيه كلّ واحد منهما إلى الصحيح من وجه، وأن يقال: "ردُّه ما ردّ من ذلك من أجل" (1) حديث الصعب بن جثامة، رواه مسلم في صحيحه من طرق 8: 103- 106، والسنن الكبرى للبيهقي 5: 191، 194 واستوفى تخريجه هناك. (2) حديث عائشة رواه أحمد في المسند 6: 40. وقد مضى تفسير "الوشيقة" فيما سلف ص: 78 تعليق: 1. (3) حديث جابر بن عبد الله خرجه البيهقي في السنن الكبرى 5: 190، فانظر ما قاله فيه، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 333 وقال: أخرجه أحمد والحاكم وصححه. وزدت ما بين القوسين من الخبر، وهو ساقط من المخطوطة والمطبوعة. أنه كان صِيد من أجله= وإذنه في كل ما أذن في أكله منه، من أجل أنه لم يكن صِيد لمحرم ولا صاده محرم، فيصح معنى الخبرين كليهما. * * * واختلفوا في صفة الصيد الذي عنى الله تعالى بالتحريم في قوله: "وحرم عليك صيد البر ما دمتم حرمًا" . فقال بعضهم: "صيد البر" ، كل ما كان يعيش في البرّ والبحر، وإنما "صيد البحر" ، ما كان يعيش في الماء دون البرّ ويأوي إليه * ذكر من قال ذلك: 12773 - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي =، عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز: "وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرمًا" ، قال: ما كان يعيش في البر والبحر فلا تصده، (1) وما كان حياته في الماء فذاك. (2) 12774 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا الحجاج، عن عطاء قال: ما كان يعيش في البر فأصابه المحرم فعليه جزاؤه، نحو السلحفاة والسرطان والضفادع. 12775 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا هارون بن المغيرة، عن عمرو بن أبي قيس، عن الحجاج، عن عطاء قال: كل شيء عاش في البر والبحر فأصابه المحرم، فعليه الكفارة. 12776 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير قال: خرجنا (1) في المطبوعة: "لا تصيده" وفي المخطوطة: "ولا تصده" وهذا صواب قراءتها. (2) الأثر: 12773- في المخطوطة: "هل كان حياته في الماء فذاك" ولا أدري ما "وهل" هنا وما في المطبوعة أشبه بالصواب. وهذا الأثر أخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 332/ بمثل ما في المطبوعة، وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. حجاجًا معنا رجلٌ من أهل السَّواد معه شُصُوص طير ماءٍ، فقال له أبي حين أحرمنا: اعزل هذا عنا. (1) 12777 - وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى قال، حدثنا ابن إدريس قال، سمعت يزيد بن أبي زياد قال، حدثنا حجاج، عن عطاء: أنه كَرِه للمحرم أن يذبح الدجاج الزِّنجي، لأن له أصلا في البر. (2) * * * وقال بعضهم: صيد البر ما كان كونه في البرّ أكثر من كونه في البحر. (3) * ذكر من قال ذلك: 12778- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، ابن جريج أخبرناه، قال: سألت عطاء عن ابن الماء، أصيد برّ أم بحر؟ وعن أشباهه؟ فقال: حيث يكون أكثر، فهو صيده. 12779 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن عطاء بن أبي رباح قال، أكثر ما يكون حيث يُفْرِخ، فهو منه. * * * (1) الأثر: 12776- "يزيد بن أبي زياد الكوفي" مضى قريبا برقم: 12740، وكان في حفظ يزيد شيء بعد ما كبر. و "عبد الملك بن سعيد بن جبير الأسدي" روى عن أبيه وعكرمة. وروى عنه يزيد بن أبي زياد. وهو ثقة عزيز الحديث. مترجم في التهذيب وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الملك عن سعيد بن جبير" وهو خطأ محض. (2) الأثر: 12777- هكذا جاء في المخطوطة والمطبوعة: "وحدثنا به أبو كريب مرة أخرى" وهذا إشعار بأنه سيروي الحديث السالف عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه ولكن اختلف الأمر جدا. فإذا هو عن "حجاج عن عطاء" وإذا معناه بمعزل عن معنى الحديث الذي قبله، بل هو بمعنى الحديث رقم: 12775 وعن حجاج عن عطاء أيضا ولكن ذلك من رواية "ابن حميد" لا من رواية "أبي كريب" فتبين بذلك أنه ليس يصح أن يكون هذا الأخير قد تأخر عن مكانه. فأخشى أن يكون الناسخ قد اضطرب فاضطرب تصحيح هذا الموضع. (3) في المخطوطة: "ما كان أكثر كونه في البر" بزيادة "أكثر" هنا، وهو لا يصح. القول في تأويل قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) } قال أبو جعفر: وهذا تقدُّمٌ من الله تعالى ذكره إلى خلقه بالحذر من عقابه على معاصيه. يقول تعالى ذكره: واخشوا الله، أيها الناس، واحذروه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه (1) وفيما نهاكم عنه في هذه الآيات التي أنزلها على نبيكم صلى الله عليه وسلم، من النهي عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، وعن إصابة صيد البر وقتله في حال إحرامكم وفي غيرها، فإنّ لله مصيرَكم ومرجعَكم، (2) فيعاقبكم بمعصيتكم إياه، ومجازيكم فيثيبكم على طاعتكم له. * * * القول في تأويل قوله: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: صيَّر الله الكعبة البيت الحرام قوامًا للناس الذين لا قِوَام لهم من رئيس يحجز قوِّيهم عن ضعيفهم، (3) ومسيئهم عن محسنهم، وظالمهم عن مظلومهم= "والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، فحجز بكل واحد من ذلك بعضهم عن بعض، إذ لم يكن لهم قيامٌ غيره، وجعلها معالم لدينهم، ومصالح أمورهم. * * * و "الكعبة" ، سميت فيما قيل "كعبة" لتربيعها. * * * (1) انظر تفسير "اتقى" فيما سلف من فهارس اللغة (وقى) . (2) انظر تفسير "الحشر" فيما سلف 4: 228 /229، 6/ 9: 425. (3) انظر تفسير "جعل" فيما سلف 3: 18. * ذكر من قال ذلك: 12780 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: إنما سميت "الكعبة" ، لأنها مربعة. 12781 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا هاشم بن القاسم، عن أبي سعيد المؤدب، عن النضر بن عربي، عن عكرمة قال: إنما سميت "الكعبة" ، لتربيعها. (1) * * * وقيل "قيامًا للناس" بالياء، وهو من ذوات الواو، لكسرة القاف، وهي "فاء" الفعل، فجعلت "العين" منه بالكسرة "ياء" ، كما قيل في مصدر: "قمت" "قيامًا" و "صمت" "صيامًا" ، فحوّلت "العين" من الفعل: وهي "واو" "ياء" لكسرة فائه. وإنما هو في الأصل: "قمت قوامًا" ، و "صمت صِوَامًا" ، وكذلك قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، فحوّلت، واوها ياء، إذ هي "قوام" . (2) وقد جاء ذلك من كلامهم مقولا على أصله الذي هو أصله قال الراجز: (3) قَِوامُ دُنْيَا وَقَوَامُ دِين (4) فجاء به بالواو على أصله. * * * وجعل تعالى ذكره الكعبة والشهرَ الحرام والهديَ والقلائد قوامًا لمن كان يحرِّم ذلك من العرب ويعظّمه، (5) بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر تُبَّاعه. (1) الأثر: 12781- "هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي" "أبو النضر" الإمام الحافظ مضى برقم: 184، 8239. و "أبو سعيد المؤدب" هو: "محمد بن مسلم بن أبي الوضاح القضاعي" ثقة مأمون مضى برقم 8239، 12310. (2) انظر تفسير "قيام" فيما سلف 7: 568، 569. (3) هو حميد الأرقط. (4) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 177. (5) في المطبوعة: "يحترم ذلك" وصوابه من المخطوطة وفي المخطوطة: "ويعطيه" وصوابه ما في المطبوعة. وأما "الكعبة" ، فالحرم كله. وسمّاها الله تعالى "حرامًا" ، لتحريمه إياها أن يصاد صيدها أو يُخْتلى خَلاها، أو يُعْضد شجرها، (1) وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (2) * * * وقوله: "والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، يقول تعالى ذكره: وجعل الشهر الحرام والهدي والقلائد أيضًا قيامًا للناس، كما جعل الكعبة البيت الحرام لهم قيامًا. * * * و "الناس" الذين جعل ذلك لهم قيامًا، مختلفٌ فيهم. فقال بعضهم: جعل الله ذلك في الجاهلية قيامًا للناس كلهم. * * * وقال بعضهم: بل عنى به العربَ خاصة. * * * وبمثل الذي قلنا في تأويل "القوام" ، قال أهل التأويل. * ذكر من قال: عنى الله تعالى ذكره بقوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، القوام، على نحو ما قلنا. 12782 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا من سمع خُصَيفًا يحدث، عن مجاهد في: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: قوامًا للناس. 12783 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن خصيف، عن سعيد بن جبير: "قيامًا للناس" ، قال: صلاحًا لدينهم. 12784- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا داود، عن ابن جريج، عن مجاهد في: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: حين لا (1) "الخلي" : الرطب الرقيق من النبات. و "اختلى الخلي" : جزه وقطعه ونزعه. و "عضد الشجرة" قطعها. (2) انظر ما سلف 3: 45- 51. يرْجون جنة ولا يخافون نارًا، فشدّد الله ذلك بالإسلام. 12785- حدثني هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: شدةً لدينهم. 12786- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جيير، مثله. 12787 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس" ، قال: قيامها، أن يأمن من توجَّه إليها. 12788 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، يعني قيامًا لدينهم، ومعالم لحجهم. 12789 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، جعل الله هذه الأربعةَ قيامًا للناس، هو قوام أمرهم. * * * قال أبو جعفر: وهذه الأقوال وإن أختلفت من قائليها ألفاظُها، (1) فإن معانيها آيلةٌ إلى ما قلنا في ذلك، من أن "القوام" للشيء، هو الذي به صلاحه، كما الملك الأعظم، قوامُ رعيته ومن في سلطانه، (2) لأنه مدبِّر أمرهم، وحاجز ظالمهم عن مظلومهم، والدافع عنهم مكروه من بغاهم وعاداهم. وكذلك كانت الكعبة والشهرُ الحرام والهدي والقلائد، قوامَ أمر العرب الذي كان به صلاحهم (1) في المخطوطة والمطبوعة: "من قائلها" بالإفراد وما أثبته أولى بالصحة. (2) في المطبوعة: "كالملك" والصواب الجيد ما في المخطوطة. في الجاهلية، وهي في الإسلام لأهله معالمُ حجهم ومناسكهم، ومتوجَّههم لصلاتهم، وقبلتهم التي باستقبالها يتمُّ فرضُهم. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قالت جماعة أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 12790 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية، (1) فكان الرجل لو جَرَّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يُتناول ولم يُقرب. وكان الرجل لو لقي قاتلَ أبيه في الشهر الحرام لم يعرض له ولم يقرَبه. وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادةً من شعر فأحمته ومنعته من الناس. وكان إذا نفر تقلَّد قلادة من الإذْخِر أو من لِحَاء السمُر، فمنعته من الناس حتى يأتي أهله، (2) حواجزُ أبقاها الله بين الناس في الجاهلية. 12791- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد" ، قال: كان الناس كلهم فيهم ملوكٌ تدفع بعضَهم عن بعض. قال: ولم يكن في العرب ملوكٌ تدفع بعضهم عن بعض، فجعل الله تعالى لهم البيت الحرام قيامًا، يُدْفع بعضُهم عن بعض به، والشهر الحرام كذلك يدفع الله بعضهم عن بعض بالأشهر الحرم، والقلائد. قال: ويلقَى الرجل قاتل أخيه أو ابن عمه فلا يعرض له. وهذا كله قد نُسِخ. (1) عندي أن الصواب "ألقاها الله" باللام في هذا الموضع، والذي يليه، ولكن هكذا هي في المخطوطة. (2) "الإذخر" : حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب ويطحن فيدخل في الطيب. و "اللحاء" قشر الشجر. و "السمر" (بفتح السين وضم الميم) : شجر من الطلح. 12792 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "والقلائد" ، كان ناس يتقلَّدون لحاء الشجر في الجاهلية إذا أرادوا الحجّ، فيعرفون بذلك. * * * وقد أتينا على البيان عن ذكر: "الشهر الحرام" = و "الهدي" = و "القلائد" ، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (1) * * * القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) } قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله: "ذلك" ، تصييرَه الكعبةَ البيتَ الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد. يقول تعالى ذكره: صيرت لكم، أيها الناس، ذلك قيامًا، كي تعلموا أن من أحدث لكم لمصالح دنياكم ما أحدث، مما به قوامكم، علمًا منه بمنافعكم ومضاركم، أنه كذلك يعلم جميع ما في السموات وما في الأرض مما فيه صلاحُ عاجلكم وآجلكم، ولتعلموا أنه بكل شيء "عليم" ، لا يخفى عليه شيء من أموركم وأعمالكم، وهو محصيها عليكم، حتى يجازي المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء منكم بإساءته. (2) * * * (1) انظر تفسير "الشهر الحرام" فيما سلف 3: 575- 579/4: 299، 300 وما بعدها/9: 466= وتفسير "الهدي" فيما سلف 4: 24، 25/9: 466/11: 22= وتفسير "القلائد" فيما سلف 9: 467- 470. (2) انظر تفسير "عليم" فيما سلف من فهارس اللغة. القول في تأويل قوله: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: اعلموا، أيها الناس، أن ربكم الذي يعلم ما في السموات وما في الأرض، ولا يخف عليه شيء من سرائر أعمالكم وعلانيتها، وهو يُحْصيها عليكم لمجازيكم بها، شديد عقابُه من عصاه وتمرَّد عليه، على معصيته إياه= وهو غفور لذنوب من أطاعه وأنابَ إليه، فساترٌ عليه، وتاركٌ فضيحته بها= رحيم به أن يعاقبه على ما سلف من ذنوبه بعد إنابته وتوبته منها. (1) * * * القول في تأويل قوله: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99) } قال أبو جعفر: وهذا من الله تعالى ذكره تهديد لعباده ووعيد. يقول تعالى ذكره: ليس على رسولنا الذي أرسلناه إليكم، أيها الناس، بإنذاركم عقابَنا بين يدي عذاب شديد، وإعذارنا إليكم بما فيه قطع حججكم= إلا أن يؤدي إليكم رسالتنا، ثم إلينا الثواب على الطاعة، (2) وعلينا العقاب على المعصية = "والله يعلم ما تبدون وما تكتمون" ، يقول: وغير خفي علينا المطيعُ منكم، القابلُ رسالتنا، العاملُ بما أمرته بالعمل به= من المعاصي الآبي رسالتنا، التارك العمل بما أمرته بالعمل به، (3) لأنا نعلم ما عمله العامل منكم فأظهره بجوارحه ونطق (1) انظر تفسير "شديد العقاب" و "غفور" و "رحيم" فيما سلف من فهارس اللغة. (2) انظر تفسير "البلاغ" فيما سلف 10: 575. (3) في المطبوعة: "من المعاصي التارك العمل" أسقط ما كان في المخطوطة، وكان فيها: "من المعاصي التي، رسالتنا" هكذا كتبت وبين الكلام بياض ورسم "،" بالحمرة. فآثرت قراءتها كما أثبتها. ![]()
__________________
|
#579
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (579) صــ 96 إلى صــ 105 به بلسانه= "وما تكتمون" ، يعني: ما تخفونه في أنفسكم من إيمان وكفر، أو يقين وشك ونفاق. (1) يقول تعالى ذكره: فمن كان كذلك، لا يخفى عليه شيء من ضمائر الصدور، وظواهر أعمال النفوس، مما في السموات وما في الأرض، وبيده الثواب والعقاب= فحقيق أن يُتَّقى، وأن يُطاع فلا يعصى. * * * القول في تأويل قوله: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا محمد: لا يعتدل الرديء والجيد، والصالح والطالح، والمطيع والعاصي (2) = ولو أعجبك كثرة الخبيث "، يقول: لا يعتدل العاصي والمطيع لله عند الله، ولو كثر أهل المعاصى فعجبت من كثرتهم، لأن أهل طاعة الله هم المفلحون الفائزون بثواب الله يوم القيامة وإن قلُّوا، دون أهل معصيته= وإن أهل معاصيه هم الأخسرون الخائبون وإن كثروا." يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: فلا تعجبنَّ من كثرة من يعصى الله فيُمْهِله ولا يعاجله بالعقوبة، فإن العقبَى الصالحة لأهل طاعة الله عنده دونهم، كما:- (1) انظر تفسير "تبدون" و "تكتمون" في فهارس اللغة "بدا" و "كتم" . (2) انظر تفسير: "استوى" فيما سلف 9: 85= وتفسير "الخبيث" فيما سلف 5: 558، 559/7: 424، 527= وتفسير "الطيب" فيما سلف 10: 513 تعليق: 3، والمراجع هناك. 12793 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي، "لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة" الخبيث "، قال: الخبيث، هم المشركون= و" الطيب "، هم المؤمنون." * * * وهذا الكلام وإن كان مخرجه مخرجَ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمراد به بعض أتباعه، يدل على ذلك قوله: "فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون" * * * القول في تأويل قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واتقوا الله بطاعته فيما أمركم ونهاكم، واحذروا أن يستحوذ عليكم الشيطان بإعجابكم كثرة الخبيث، فتصيروا منهم= "يا أولي الألباب" ، يعني بذلك أهلَ العقول والحِجَى، الذين عقلوا عن الله آياته، وعرفوا مواقع حججه. (1) = "لعلكم تفلحون" ، يقول: اتقوا الله لتفلحوا، أي: كي تنجحوا في طلبكم ما عنده. (2) * * * (1) انظر تفسير "أولي الألباب" فيما سلف 3: 383/ 4: 162 /5: 580 /6: 211 وفي التعليق على المواضع السالفة خطأ، يصحح من هنا. (2) انظر تفسير "الفلاح" فيما سلف 10: 564 تعليق: 1، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام، امتحانًا له أحيانًا، واستهزاءً أحيانًا. فيقول له بعضهم: "من أبي" ؟ ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته: "أين ناقتي" ؟ فقال لهم تعالى ذكره: لا تسألوا عن أشياءَ من ذلك= كمسألة عبد الله بن حُذافة إياه من أبوه= "إن تبد لكم تسؤكم" ، يقول: إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه، ساءكم إبداؤها وإظهارها. وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. * ذكر الرواية بذلك: 12794 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا حفص بن بُغَيل قال، حدثنا زهير بن معاوية قال، حدثنا أبو الجويرية قال: قال ابن عباس لأعرابيّ من بني سليم: هل تدري فيما أنزلت هذه الآية: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ؟ = حتى فرغ من الآية، فقال: كان قوم يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل: "من أبي" ؟ = والرجل تضل ناقته فيقول: "أين ناقتي" ؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية. (1) (1) الأثر: 12794- "حفص بن بغيل الهمداني المرهبي" ، ثقة مضى برقم: 9639، وكان في المطبوعة هنا "بعض بني نفيل" ، وفي المخطوطة: "بعض بن نفيل" ، وكله خطأ، وكذلك جاء خطأ في فتح الباري "حفص بن نفيل" بالفاء، وهو "بغيل" بالغين، على التصغير. و "زهير بن معاوية الجعفي" ، هو "أبو خيثمة" . ثقة ثبت، روى له أصحاب الكتب الستة. مضى برقم: 2144، 2222. و "أبو الجويرية" هو "حطان بن خفاف بن زهير بن عبد الله بن رمح بن عرعرة الجعفي" ، روى عن ابن عباس. ثقة، قال ابن عبد البر: "أجمعوا على أنه ثقة" . مترجم في التهذيب، والكبير 2/1109، وابن أبي حاتم 1/2/304. وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه (الفتح 8: 212) من طريق الفضل بن سهل، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن أبي الجويرية، بنحوه. وأشار إلى إسناد أبي جعفر، الحافظ ابن حجر في شرح الحديث. وقال ابن كثير في تفسيره 3: 250، وذكر حديث البخاري: "تفرد به البخاري" . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 334، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه. 12795 - حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا أبو عامر وأبو داود قالا حدثنا هشام، عن قتادة، عن أنس قال: سأل الناسُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حتى أحْفَوه بالمسألة، (1) فصعد المنبر ذات يوم، فقال: "لا تسألوني عن شيء إلا بيَّنْتُ لكم! (2) قال أنس: فجعلت أنظر يمينًا وشمالا فأرى كل إنسان لافًّا ثوبَه يبكي، فأنشأ رجل كان إذا لاحَى يُدعى إلى غير أبيه، (3) فقال: يا رسول الله، من أبي؟ فقال:" أبوك حذافة "! قال: فأنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وأعوذ بالله من سوء الفتن! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لم أرَ الشرّ والخيرَ كاليوم قط! (4) إنه صُوِّرت لي الجنة والنار حتى رأيتهما وراء الحائط! = وكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: "لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" . (5) (1) "أحفاه بالمسألة" و "أحفى السؤال" : ألح عليه، وأكثر الطلب واستقصى في السؤال. (2) في المطبوعة: "إلا بينته" بالضمير كما في صحيح مسلم وأثبت ما في المخطوطة وهو صواب أيضا. (3) يقال: "أنشأ فلان يفعل كذا" أي: أقبل يفعل أو ابتدأ يفعل وهو هنا في هذا الموضع والذي يليه، أحسنه أن يفسر: "أقبل" = و "لاحى الرجل أخاه" : إذا نازعه وسابه وشاتمه. (4) في المطبوعة: "لم أر في الشر والخير" بزيادة "في" كما في مسلم: "لم أر كاليوم قط في الخير والشر" واتبعت المخطوطة فحذفت "في" . (5) الأثر: 12795- "أبو عامر" هو العقدي: "عبد الملك بن عمرو القيسي" ، ثقة مأمون، مضى مرارا كثيرة جدا. و "أبو داود" هو الطيالسي. و "هشام" هو الدستوائي. وهذا الخبر، رواه مسلم في صحيحه من طرق (15: 114، 115) ، من طريق: يوسف ابن حماد المعنى، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس، ثم أشار إلى روايته من طريق يحيى بن حبيب الحارثي، عن خالد بن الحارث، عن هشام= ومن طريق محمد بن بشار، عن محمد ابن أبي عدي، عن هشام. وهو مثل طريق أبي جعفر. وسيأتي أيضًا برقم: 12797. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 334، واقتصر على نسبته لابن جرير، وابن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وقصر فلم ينسبه إلى صحيح مسلم. 12796 - حدثني محمد بن معمر البحراني قال، حدثنا روح بن عبادة قال، حدثنا شعبة قال، أخبرني موسى بن أنس قال، سمعت أنسًا يقول، قال رجل: يا رسول الله، من أبي؟ قال: "أبوك فلان" ! قال: فنزلت: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" . (1) 12797- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، قال: فحدَّثنا أن أنس بن مالك حدَّثهم: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه حتى أحفَوْه بالمسألة، فخرج عليهم ذات يوم فصعد المنبر فقال: "لا تسألوني اليومَ عن شيء إلا بينته لكم! فأشفقَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه" (1) الأثر: 12796= "محمد بن معمر بن ربعي القيسي البحراني" ، شيخ الطبري روى عنه أصحاب الكتب الستة، ومضى برقم: 241، 3056، 5393. و "روح بن عبادة القيسي" ، مضى برقم: 3015، 3355، 3912. و "موسى بن أنس بن مالك الأنصاري" ، تابعي ثقة قليل الحديث، مضى برقم: 11475. وهذا الخبر رواه البخاري في صحيحه من طريقين عن شعبة، من طريق منذر بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي، عن أبيه، عن شعبة (الفتح 8: 210- 212) مطولا، وأشار بعده إلى رواية النضر، وروح بن عبادة، عن شعبة= ثم رواه من طريق محمد بن عبد الرحيم، عن روح، عن شعبة، مختصرًا كالذي هنا (الفتح 13: 230) وخرجه الحافظ ابن حجر في الموضعين. ورواه مسلم في صحيحه (15: 112) ، من طريق محمد بن معمر، بمثل رواية أبي جعفر. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 334، وزاد نسبته إلى الترمذي، والنسائي، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وسلم أن يكون بين يديه أمر قد حضر، فجعلتُ لا ألتفت يمينًا ولا شمالا إلا وجدت كُلا لافًّا رأسه في ثوبه يبكي. فأنشأ رجلٌ كان يُلاحَى فيدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبي الله، من أبي؟ قال: "أبوك حذافة" ! قال: ثم قام عمر = (1) أو قال: فأنشأ عمر = فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا عائذًا بالله = أو قال: أعوذ بالله = من سوء الفتن! قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أر في الخير والشر كاليوم قط، صُوِّرت لي الجنة والنارُ حتى رأيتهما دون الحائط. (2) 12798 - حدثنا أحمد بن هشام وسفيان بن وكيع قالا حدثنا معاذ بن معاذ قال، حدثنا ابن عون، قال: سألت عكرمة مولى ابن عباس عن قوله: "ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، قال: ذاك يوم قام فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به! قال: فقام رجل، فكره المسلمون مَقامه يومئذ، فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك حذافة، قال: فنزلت هذه الآية. (3) 12799 - حدثنا الحسين بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: نزلت: "لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم" (1) في المطبوعة: "ثم قال عمر" غير ما في المخطوطة، وهو الصواب. (2) الأثر: 12797- هو مكرر الأثر رقم: 12795 بنحو لفظه ورواه أبو جعفر هنا من طريق سعيد عن قتادة وهي طريق مسلم التي رواها في صحيحه، كما أشرت إليه في تخريج الخبر رقم: 12795. (3) الأثر: 12798- "أحمد بن هشام" شيخ أبي جعفر، لم أستطع أن أحدد من يكون، وهناك: "أحمد بن هشام بن بهرام" ، "أبو عبد الله المدائني" مترجم في تاريخ بغداد 5: 197. و "أحمد بن هشام بن حميد" ، "أبو بكر المصري" ، سكن البصرة، وحدث بها. مترجم أيضًا في تاريخ بغداد 5: 198. وأما "معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري" ، "أبو المثنى" ، الحافظ البصري، فقد سلف برقم: 10482. تسؤكم "، في رجل قال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك فلان." 12800- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني سفيان، عن معمر، عن قتادة قال: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أكثروا عليه، فقام مغضبًا خطيبًا فقال: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي إلا حدثتكم! فقام رجل فقال: من أبي؟ قال: أبوك حذافة. واشتدّ غضبه وقال: سلوني! فلما رأى الناس ذلك كثر بكاؤهم، فجثا عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربًّا= قال معمر، قال الزهري، قال أنس مثل ذلك: فجثا عمر على ركبتيه= (1) فقال: رضينا بالله ربًّا= وبالإسلام دينًا= وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما والذي نفسي بيده، لقد صُوِّرت لي الجنةُ والنارُ آنفًا في عرض هذا الحائط، فلم أر كاليوم في الخير والشر= قال الزهري، فقالت أم عبد الله بن حذافة: ما رأيت ولدًا أعقّ منك قط! أتأمن أن تكون أمك قارفت ما قارفَ أهلُ الجاهلية فتفضحها على رؤوس الناس!! فقال: والله لو ألحقني بعبدٍ أسود للحقتُه. (2) " 12801 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، قال: غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام، فقام (1) هذه إشارة من سفيان إلى رواية يونس عن الزهري ورواية عبد الرزاق عن معمر عن الزهري: "برك عمر" أو "فبرك عمر على ركبتيه" كما في مسلم 15: 113، والبخاري (الفتح 13: 230) . (2) الأثر: 12800- هذا الخبر من رواية سفيان، عن معمر، عن قتادة عن أنس= ومن روايته عن معمر، عن الزهري، عن أنس. وأخرجه البخاري في صحيحه (الفتح 13: 230) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وأخرجه مسلم في صحيحه (15: 112) من يونس، عن الزهري، ثم أشار في (15: 114) إلى طريق عبد الرازق، عن معمر. أما خبر طريق قتادة، عن أنس، فقد مضى برقم: 12795، 12797. *وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 249. خطيبًا فقال: سلوني، فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا نبأتكم به! فقام إليه رجل من قريش، من بني سهم، يقال له "عبد الله بن حذافة" ، وكان يُطْعن فيه، قال: فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك فلان! فدعاه لأبيه. فقام إليه عمر فقبَّل رجله وقال: يا رسولَ الله، رضينا بالله ربًّا، وبك نبيًّا، وبالإسلام دينًا، وبالقرآن إمامًا، فاعف عنا عفا الله عنك! فلم يزل به حتى رَضِيَ، فيومئذ قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" . (1) 12802 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبان محمارٌّ وجهه! حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟ قال: في النار، فقام آخر فقال: من أبي؟ قال: أبوك حذافة! فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، وبالقرآن إمامًا، إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشِرْك، والله يعلمُ من آباؤنا! قال: فسكن غضبه، ونزلت: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" . (2) * * * (1) الأثر: 12801- روى الحاكم في المستدرك 3: 631 من طريق نعيم بن حماد عن هشيم عن سيار عن أبي وائل: "أن عبد الله بن حذافة بن قيس قال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبُوك حُذافة، الولد للفراش وللعَاهر الحجَرُ. قال: لو دعوتتي لحبشيٍّ لاتبعته! فقالت له أُمُّه: لقد عَرَّضتني! فقال: إنِّي أردتُ أن أستريح!" . (2) الأثر: 12802- "الحارث" هو "الحارث بن أبي أسامة" منسوبًا إلى جده، وهو "الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي" ، مضت ترجمته برقم: 10295. و "عبد العزيز" هو "عبد العزيز بن أبان الأموي" ، من مولد سعيد بن العاص، كان كذابًا يضع الأحاديث، وذمه يطول. ومضى برقم: 10295. و "قيس" هو "قيس بن الربيع الأسدي" ، وهو ثقة، ولكنهم ضعفوه، ومضى أيضًا برقم 10295. و "أبو حصين" هو "عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي" ، روى له أصحاب الكتب الستة. مضى برقم: 642 643، 8961، 8962. و "أبو صالح" هو "ذكوان السمان" ، من أجل الناس وأوثقهم. سلف مرارًا. وإسناد هذا الخبر إلى "قيس بن الربيع" ، إسناد هالك، ولكن ابن كثير في تفسيره 2: 249، ساقه عن هذا الموضع من الطبري ثم قال: "إسناده جيد" ، وكيف، وفيه "عبد العزيز بن أبان" ؟ وذكر هذا الخبر، الجصاص في أحكام القرآن 2: 483، يقول: "روى قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي هريرة" ، ولم يذكر إسناده. وقال آخرون: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل مسألة سائل سأله عن شيء في أمر الحجّ. * ذكر من قال ذلك: 12803 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا منصور بن وردان الأسدي قال، حدثنا علي بن عبد الأعلى قال، لما نزلت هذه الآية: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) سورة آل عمران:97] ، قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟ فسكت. ثم قالوا: أفي كل عام؟ فسكت. ثم قال: لا ولو قلت: "نعم" لوجبت "! فأنزل الله هذه الآية:" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ". (1) " (1) الأثر: 12803- "منصور بن وردان الأسدي" العطار الكوفي، شيخ أحمد. روى عن فطر بن خليفة، وعلي بن عبد الأعلى. ذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه أحمد. وقال ابن أبي حاتم: "يكتب حديثه" . مترجم في التهذيب، والكبير 4/1/347، وابن أبي حاتم 4/1/180. "على بن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي" ، أبو الحسن الأحول. وثقه البخاري والترمذي، وقال الدارقطني: "ليس بالقوي" مترجم، في التهذيب. وهذا الخبر، رواه أحمد في المسند رقم 905، من طريق منصور بن وردان الأسدي، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن أبي البختري، عن علي قال، بمثل ما في رواية أبي جعفر غير موصولة. ورواه الترمذي في كتاب التفسير عن أبي سعيد، عن منصور بن وردان، بإسناده بمثل رواية أحمد، وقال: "هذا حديث حسن غريب من حديث علي" . ورواه الحاكم في المستدرك 2: 293، 294، من طريق أحمد بن موسى بن إسحق التميمي، عن مخول بن إبراهيم النهدي، عن منصور بن وردان. ولم يقل فيه الحاكم شيئًا، وقال الذهبي في تعليقه: "مخول: رافضي، = وعبد الأعلى، هو ابن عامر، ضعفه أحمد" . ورواه ابن ماجه في السنن رقم: 2884 من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، وعلي بن محمد، عن منصور بن وردان، بمثله. وخرجه ابن كثير في تفسيره 2: 195/3: 250، وذكر خبر الترمذي وما قاله ثم قال: "وفيما قال نظر. لأن البخاري قال: لم يسمع أبو البختري من علي" . و "قال أخي السيد أحمد في شرح المسند (رقم: 905) :" إسناده ضعيف، لانقطاعه، ولضعف عبد الأعلى بن عامر الثعلبي "." 12804 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إبراهيم بن مسلم الهجري، عن ابن عياض، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إن الله كتب عليكم الحج! فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى عاد مرتين أو ثلاثًا، فقال: من السائل؟ فقال: فلان! فقال: والذي نفسي بيده، لو قلت" نعم "لوجبت، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم! فأنزل الله هذه الآية:" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "، حتى ختم الآية. (1) " 12805 - حدثني محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال، سمعت أبي قال، أخبرنا الحسين بن واقد، عن محمد بن زياد قال، سمعت أبا هريرة يقول: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، كتب الله عليكم (1) الأثر: 12804- "عبد الرحيم بن سليمان الطائي الرازي" ، الأشل. ثقة مضى برقم: 2028، 2030، 2254، 8156، 8157، 8161. وكان في المطبوعة والمخطوطة "عبد الرحمن بن سليمان" ، والصواب من تفسير ابن كثير. و "إبراهيم بن مسلم الهجري" ضعيف، لين الحديث، مترجم في الكبير للبخاري 1/1/326، وضعفه، وابن أبي حاتم 1/1/131، وميزان الاعتدال للذهبي 1: 31. و "أبو عياض" هو: "عمرو بن الأسود العنسي" ، ويقال: "عمير بن الأسود" ، ثقة، مضى برقم: 11255. وكان في المطبوعة: "ابن عياض" ، والصواب من المخطوطة. وهذا خبر ضعيف إسناده، لضعف "إبراهيم بن مسلم الهجري" . ذكره الجصاص في أحكام القرآن 2: 483 ونقله ابن كثير في تفسيره عن هذا الموضع 3: 250. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 335، وزاد نسبته إلى الفريابي وابن مردويه. الحج. فقام مِحْصن الأسدي فقال: أفي كل عام، يا رسول الله؟ فقال: "أمَا إنّي لو قلت" نعم "لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم، اسكتوا عنى ما سكتُّ عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم! فأنزل الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "، إلى آخر الآية. (1) " 12806- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح قال، حدثنا الحسين بن واقد، عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة يقول: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم= فذكر مثله، إلا أنه قام: فقام عُكَّاشة بن محصن الأسدي. (2) ![]()
__________________
|
#580
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ المائدة الحلقة (580) صــ 106 إلى صــ 115 12807 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر قال، حدثنا أبو مطيع معاوية بن يحيى، عن صفوان (1) الأثر: 12805- "محمد بن علي بن الحسن بن شقيق العبدي" ثقة، مضى برقم: 1591، 2575، 9951. وأبوه "علي بن الحسن بن شقيق" ثقة أيضًا مضى برقم: 1591، 2575. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "بن الحسين بن شقيق" ، وهو خطأ. و "الحسين بن واقد المروزي" ، ثقة، مضى برقم: 4810، 6311. و "محمد بن زياد القرشي الجمحي" أبو الحارث، روى له أصحاب الكتب الستة، روى عن أبي هريرة وعائشة، وعبد الله بن الزبير. مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/82، وابن أبي حاتم 3/2/257. وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده مختصرًا ومطولا. رواه مختصرًا من طريق محمد بن زياد، عن أبي هريرة، وليس فيه ذكر الحج، ولا السؤال، ولا ذكر السائل، في المسند 2: 447، 448، من طريق وكيع، عن حماد، عن محمد بن زياد. ثم رواه: 2: 467، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد. ثم رواه مطولا فيه ذكر الحج، والسؤال عنه، والسائل "رجل" ، لم يبين في الخبر اسمه (2: 508) من طريق يزيد بن هرون، عن الربيع بن مسلم القرشي، عن محمد بن زياد، وليس فيه ذكر الآية ونزولها. ومن هذه الطريق رواه مسلم في صحيحه (9: 100) ، عن زهير بن حرب، عن يزيد بن هرون بمثله. ورواه البخاري مختصرًا أيضًا (الفتح 13: 219- 224) من طريق إسمعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 4: 325، 326 من طريق عبيد الله بن موسى، عن الربيع بن مسلم القرشي، ومن طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن يزيد بن هرون. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 335، وزاد نسبته إلى أبي الشيخ، وابن مردويه، بمثل رواية أبي جعفر هنا. وفي جميع ذلك جاء "فقال رجل" ، مبهمًا ليس فيه التصريح باسمه، وقال النووي في شرحه على مسلم (9: 101) : "هذا الرجل هو الأقرع بن حابس، كذا جاء مبينًا في غير هذه الرواية والرواية التي جاء فيها مبينا هي من حديث ابن عباس، وفيها:" فقام الأقرع بن حابس فقال "، رواها أحمد في مسنده من طرق عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سنان، عن ابن عباس، وهي رقم: 2304، 2642، 3303، 3510، 3520 وكذلك رواها البيهقي في السنن الكبرى 4: 326." وقد أشار الحافظ ابن حجر في الفتح (13: 220) إلى حديث مسلم، وما فيه من زيادة السؤال عن الحج، ثم قال: "وأخرجه الدارقطني مختصرًا وزاد فيه" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "= وله شاهد عن ابن عباس، عند الطبري في التفسير" . قلت: يعني الأثر السالف رقم: 12794، لا هذا الأثر. ولم يشر الحافظ إلى خبر الحسين بن واقد، عن محمد بن زياد. وقد اختلف على "الحسين بن واقد" في اسم الرجل الذي سأل، فجاء في هذا الخبر "محصن الأسدي" ، وفي الذي يليه "عكاشة بن محصن الأسدي" ، وقد ذكر ابن كثير في تفسيره 3: 250، 251، الخبر السالف رقم 12804، ثم قال: "ثم رواه ابن جرير من طريق الحسين بن واقد، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة وقال: فقام محصن الأسدي، وفي رواية من هذا الطريق: عكاشة بن محصن، وهو أشبه" ، ولم يزد على ذلك. وهذا اختلاف في اسم الرجل "الأقرع بن حابس" ، أو "عكاشة بن محصن الأسدي" ، وأوثقهما أن يكون "الأقرع بن حابس" ، فإنها جاءت بأسانيد صحاح لا شك في صحتها. أما علة ما جاء في رواية أبي جعفر، فذلك أن "الحسين بن واقد المروزي" ، ثقة، قال النسائي: "لا بأس به" ووثقه ابن معين. ولكن قال ابن حبان: "من خيار الناس، وربما أخطأ في الروايات" ، وقال أحمد: "في أحاديثه زيادة، ما أدري أي شيء هي! ونفض يده" ، وقال الساجي: "فيه نظر، وهو صدوق، يهم" . و "رواية الثقات الحفاظ عن" محمد بن زياد، عن أبي هريرة "، لم يذكر فيها" عكاشة ابن محصن"، ولم يبين الرجل، ولكن الحسين بن واقد، رواه عن محمد بن زياد، فبين الرجل، وخالف البيان الذي روي من طرق صحاح عن ابن عباس أنه "الأقرع بن حابس" ، فهذا من فعل "الحسين بن واقد" ، ييد ما قاله أحمد وغيره: أن في أحاديثه زيادة لا يدري أي شيء هي! وكتبه محمود محمد شاكر." (2) الأثر: 12806- هو مكرر الأثر السالف، وقد ذكرت القول فيه هناك. بن عمرو قال، حدثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فقال: كتب عليكم الحج! "فقام رجل من الأعراب فقال: أفي كل عام؟ قال: فغَلِقَ كلامُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسكتَ (1) واستغضب، (2) فمكث طويلا ثم تكلم فقال: من السائل؟ فقال الأعرابي: أنا ذا! فقال: ويحك! ماذا يُؤْمِنك أن قول" نعم "، ولو قلت" نعم "لوجبت، ولو وجبت لكفرتم! ألا إنه إنما أهلك الذين قبلكم أئمة الحَرَج، (3) والله لو أني أحللت لكم جميع ما في الأرض، وحرَّمت عليكم منها موضع خُفٍّ، لوقعتم فيه! قال: فأنزل الله تعالى عند ذلك:" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء "، إلى آخر الآية. (4) " 12808 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، وذلك أن رسول الله أذّن في الناس فقال: "يا قوم، كتب عليكم الحجّ!" فقام رجل من بني أسد فقال: (1) في المطبوعة وابن كثير: "فعلا كلام رسول الله" ، وهو خطأ لا شك فيه. وفي المخطوطة "فعلن" كأن آخرها "نون" وهي غير منقوطة. وفي مجمع الزوائد: "فعلق" بالعين المهملة، وأرجح أن الصواب ما أثبته. يقال: "غلق فلان، في حدته" (بفتح الغين وكسر اللام) أي: نشب، قال شمر: "يقال لكل شيء نشب في شيء فلزمه: قد غلق" ، ومنه: "استغلق الرجل" : إذا ارتج عليه ولم يتكلم، يعني أنه انقطع كلامه. فكأن هذا هو الصواب إن شاء الله. وقوله بعد: "وأسكت" (بفتح الهمزة وسكون السين وفتح الكاف) بالبناء للمعلوم فعل لازم، بمعنى سكت. قال اللحياني: "يقال تكلم الرجل ثم سكت -بغير ألف- فإذا انقطع كلامه فلم يتكلم قيل:" أسكت "، وقيل" : "أسكت" أطرق، من فكرة أو داء أو فرق. وفسروا الخبر أنه: "أعرض ولم يتكلم" . وبعض الخبر في اللسان (سكت) . (2) في المطبوعة وابن كثير زيادة: "وأغضب واستغضب" ، لا أدري من أين جاءا بها. وليست "وأغضب" في المخطوطة. وقوله: "واستغضب" ضبطت في المخطوطة بفتحة على الضاد، وكذلك ضبطت في لسان العرب (سكت) ولم يذكر أصحاب اللغة: "استغضب" لازمًا، بل ذكروا "غضب" و "أغضبته فتغضبب" ، ولكن ما جاء هنا له شاهد من قياس اللغة لا يرد. فهذا مما يزاد على نص المعاجم. ولو قرئ: "استغضب" بالبناء للمجهول، لكان جيدًا أيضًا وهو قياس محض "استغضب، فغضب" . (3) قوله: "أئمة الحرج" ، يعني الذين يبتدئون السؤال عن أشياء، تحرم على الناس من أجل سؤالهم، فهم كالأئمة الذين تقدموا الناس، فألزموهم الحرج. و "الحرج" أضيق الضيق. (4) الأثر: 12807- "زكريا بن يحيى بن أبان المصري" ، روى عنه أبو جعفر آنفًا رقم: 5973، وقال أخي السيد أحمد هناك: "لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من الكتب" ، وصدق، لم يرد اسمه مبينًا كما جاء هنا وهناك. ولكن قد روى عنه أبو جعفر في مواضع من تاريخه 1: 39 قال: "حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري قال، حدثنا ابن عفير" ، ثم روى عنه في المنتخب من كتاب "ذيل المذيل" (13: 39) : "حدثني زكرياء بن يحيى بن أبان المصري، قال، حدثنا أبو صالح كاتب الليث" ، ثم في (13: 63) : "حدثني زكرياء بن يحيى بن أبان المصري قال، حدثنا أحمد بن أشكاب" ثم في (13: 109) : "حدثني زكرياء بن يحيى قال، حدثنا أحمد بن يونس" فالذين حدث عنهم كلهم مصريون. وأخشى أن يكون هو "زكريا بن يحيى الوقار المصري" ، "أبو يحيى" مترجم في لسان الميزان 2: 485، وابن أبي حاتم 1/2/601 وميزان الاعتدال 1: 350، روى عن عبد الله بن وهب المصري فمن بعده، وعن زكريا بن يحيى الأدم المصري، والقاسم بن كثير المصري. وولد زكريا بن يحيى الوقار سنة 174، ومات سنة 254، فهو مظنة أن يروى عنه أبو جعفر، كان من الصلحاء العباد الفقهاء، ولكن قال ابن عدي: "يضع الحديث، كذبه صالح جزرة. قال صالح: حدثنا زكريا الوقار، وكان من الكذابين الكبار" . وقال أيضًا: "رأيت مشايخ مصر يثنون على أبي يحيى في العبادة والاجتهاد والفضل، وله حديث كثير، بعضه مستقيم، وبعضه موضوعات وكان هو يتهم بوضعها، لأنه يروى عن قوم ثقات أحاديث موضوعة. والصالحون قد رسموا بهذا: أن يرووا أحاديث موضوعة، ويتهم جماعة منهم بوضعها" . وأما "أبو زيد" : "عبد الرحمن بن أبي الغمر" ، المصري الفقيه من شيوخ البخاري روى عنه خارج الصحيح، مضى برقم: 4329. وفي المطبوعة: "بن أبي العمر" بالعين المهملة وهو خطأ. و "أبو مطيع" : "معاوية بن يحيى الشامي الأطرابلسي" ، ثقة، وقال ابن معين: "ليس بذاك القوي" ، وقال الدارقطني: "ضعيف" . مترجم في التهذيب، والكبير 4/1/336، ولم يذكر فيه جرحًا، وابن أبي حاتم 4/1/384، ووثقه أبو زرعة. و "صفوان بن عمرو بن هرم السكسكي" ، ثقة مضى برقم: 7009. و "سليم بن عامر الكلاعي، الخبائري" ، ثقة روى عن أبي أمامة، وغيره من الصحابة، مترجم في التهذيب، والكبير 2/2/126، وابن أبي حاتم 2/1/211. وهذا الخبر خرجه الهيثمي في مجمع الزوائد مختصرًا 3: 204 وقال: "رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن جيد" . ونقله ابن كثير في تفسيره 3: 251 عن هذا الموضع من التفسير، وقال: "في إسناده ضعف" ، وكأن علة ضعفه عنده، هو "زكريا بن يحيى بن أبان المصري" ، وفي إسناده في ابن كثير خطأ، كتب "عبد العزيز بن أبي الغمر" ، وهو خطأ محض. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 335، وزاد نسبته لابن مردويه. ثم انظر ما ختم به أبو جعفر فصله هذا ص: 112، أن مخرج هذا الأخبار صحاح عنده. يا رسول الله، أفي كل عام؟ فأغْضِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا، فقال: والذي نفس محمد بيده، لو قلت "نعم" لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذًا لكفرتم، فاتركوني ما تركتكم، فإذا أمرتكم بشيء فافعلوا، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه! فأنزل الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة، فأصبحوا بها كافرين. فنهى الله تعالى عن ذلك وقال: لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تِبيانه. (1) 12809 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح قال، حدثنا علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم" ، قال: لما أنزلت آية الحج، نادى النبيّ صلى الله عليه وسلم في الناس فقال: يا أيها الناس، إن الله قد كتب عليكم الحج فحُجُّوا. فقالوا: يا رسول الله، أعامًا واحدًا أم كل عام؟، فقال: لا بل عامًا واحدًا، ولو قلت "كل عام" ، لوجبت، ولو وجبت لكفرتم. ثم قال الله تعالى ذكره: (2) يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "، قال: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء، فوعظهم فانتهوا." 12810- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج، فقيل: (1) الأثر: 12808- قد بين أخي السيد أحمد في الخبر رقم: 305، ضعف هذا الإسناد الدائر في التفسير وقال: "هو إسناد مسلسل بالضعف من أسرة واحدة" ثم شرح الإسناد شرحًا مفصلا. (2) في المطبوعة أسقط "ثم" وهي لا غنى عنها في هذا الموضع وهي ثابتة في المخطوطة. أواجب هو يا رسول الله كل عام؟ قال: لا لو قلتها لوجبت، ولو وجبت ما أطقتم، ولو لم تطيقوا لكفرتم. ثم قال: سلوني، فلا يسألني رجل في مجلسي هذا عن شيء إلا أخبرته، وإن سألني عن أبيه! فقام إليه رجل فقال: من أبي؟ قال: أبوك حذافة بن قيس. فقام عمر فقال: يا رسول، رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، ونعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. * * * وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية من أجل أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبة والوَصيلة والحامي. * ذكر من قال ذلك: 12811- حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس "لا تسألوا عن أشياء" ، قال: هي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، ألا ترى أنه يقول بعد ذلك: "ما جعل الله من كذا ولا كذا؟ (1) = قال: وأما عكرمة فإنه قال: إنهم كانوا يسألونه عن الآيات، فنهوا عن ذلك. ثم فال:" قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ". قال: فقلت قد حدثني مجاهد بخلاف هذا عن ابن عباس، فما لك تقول هذا؟ فقال: هَيْهَ. (2) " 12812- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، (1) القائل هو "خصيف" . (2) قوله: "هيه" هنا بفتح الهاء وسكون الياء وفتح الهاء الآخرة. يقال ذلك للشيء ينحى ويطرد. وأما "هيه" (بكسر الهاء الأولى وكسر الآخرة أو فتحها) فهي مثل "إيه" ، تقال أمرًا للرجل، تستزيده من الحديث المعهود بينكما. وإشارة عكرمة بالطرد والتنحية، لما كان بين مجاهد وعكرمة وانظر ما سلف من سوء رأي مجاهد في عكرمة في التعليق على رقم: 10445، 10469. عن عكرمة قال: هو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أبي= وقال سعيد بن جبير: هم الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائبة. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، قولُ من قال: نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم المسائلَ، كمسألة ابن حذافة إياه مَن أبوه، ومسألة سائله إذ قال: "الله فرض عليكم الحج" ، أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل، لتظاهر الأخبار بذلك عن الصحابة والتابعين وعامة أهل التأويل. وأما القول الذي رواه مجاهد عن ابن عباس، فقولٌ غير بعيد من الصواب، ولكنْ الأخبارُ المتظاهرة عن الصحابة والتابعين بخلافه، وكرهنا القولَ به من أجل ذلك. على أنه غير مستنكر أن تكون المسئلة عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كانت فيما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه من المسائل التي كره الله لهم السؤال عنها، كما كره الله لهم المسألة عن الحج: "أكل عام هو، أم عامًا واحدًا" ؟ وكما كره لعبد الله بن حذافة مسألته عن أبيه، فنزلت الآية بالنهي عن المسائل كلِّها، فأخبرَ كل مخبر منهم ببعض ما نزلت الآية من أجله، وأجل غيره. (1) وهذا القول أولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة، لأن مخارج الأخبار بجميع المعاني التي ذُكرت صحاحٌ، فتوجيهها إلى الصواب من وجوهها أولى. * * * (1) في المطبوعة: "أو أجل غيره" ، استجلب "أو" مكان "واو" العطف، فأفسد الكلام إفسادًا. القول في تأويل قوله: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنزلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للذين نهاهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما نهاهم عن مسألتهم إياه عنه، من فرائض لم يفرضها الله عليهم، وتحليل أمور لهم يحلّلها لهم، وتحريم أشياء لم يحرِّمها عليهم قبلَ نزول القرآن بذلك: أيها المؤمنون السائلون عما سألوا عنه رسولي مما لم أنزل به كتابًا ولا وحيًا، لا تسألوا عنه، فإنكم إن أظهر ذلك لكم تبيانٌ بوحي وتنزيل ساءكم، لأن التنزيل بذلك إذا جاءكم إنما يجيئكم بما فيه امتحانكم واختباركم، إما بإيجاب عمل عليكم، ولزوم فرض لكم، وفي ذلك عليكم مشقة ولزوم مؤونة وكلفة= وإما بتحريم ما لو لم يأتكم بتحريمه وحي، كنتم من التقدم عليه في فُسْحة وسَعة= وإما بتحليل ما تعتقدون تحريمه، وفي ذلك لكم مساءة لنقلكم عما كنتم ترونه حقًّا إلى ما كنتم ترونه باطلا ولكنكم إن سألتم عنها بعد نزول القرآن بها، وبعد ابتدائكم ببيان أمرها في كتابي إلى رسولي إليكم، (1) ليسَّر عليكم ما أنزلته إليه من بيان كتابي، وتأويل تنزيلي ووحيي (2) وذلك نظير الخبر الذي روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي:- 12813 - حدثنا به هناد بن السري قال، حدثنا أبو معاوية، عن داود (1) في المطبوعة: "وبعد ابتدائكم شأن أمرها في كتابي" ، وهو كلام بلا معنى، لم يحسن قراءة المخطوطة، لا فيها: "سان" غير منقوطة، فقرأها خلطأً. (2) في المطبوعة "بين لكم ما أنزلته إليه من إتيان كتابي" ، وهي أيضًا كلام بلا معنى، وكان في المخطوطة هكذا "لسس عليكم ما أنزلته إليه من اساي كتابي" ، وصواب قراءتها إن شاء الله هو ما أثبت. بن أبي هند، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني قال: إن الله تعالى ذكره فرَض فرائض فلا تضيِّعوها، ونهى عن أشياء فلا تَنْتَهِكوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها، وعفا عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها. (1) 12814 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا ابن جريج، عن عطاء قال: كان عبيد بن عمير يقول: إن الله تعالى أحلّ وحرَّم، فما أحلّ فاستحلُّوه، وما حرَّم فاجتنبوه، وترك من ذلك أشياء لم يحلها ولم يحرمها، فذلك عفو من الله عفاه. ثم يتلو: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" . 12815- حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا الضحاك قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني عطاء، عن عبيد بن عمير أنه كان يقول: إنّ الله حرّم وأحلَّ، ثم ذكر نحوه. * * * وأما قوله: "عفا الله عنها" فإنه يعني به: عفا الله لكم عن مسألتكم عن الأشياء التي سألتم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كره الله لكم مسألتكم إياه عنها، أن يؤاخذكم بها، أو يعاقبكم عليها، إن عرف منها توبتكم وإنابتكم (2) = "والله غفورٌ" ، يقول: والله ساتر ذنوب من تاب منها، فتارك أن يفضحه في الآخرة = "حليم" [ذو أناة عن] أن يعاقبه بها، لتغمده التائبَ منها برحمته، وعفوه، عن عقوبته عليها. (3) * * * (1) الأثر: 12813- هذا الخبر، رواه أبو جعفر موقوفًا على أبي ثعلبة الخشني، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2: 336 مرفوعًا، ونسبه لابن المنذر، والحاكم وصححه. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 252 فقال: "وفي الحديث الصحيح أيضًا" ، ولم أستطع أن أجده في المستدرك، أو غيره من الكتب الصحاح. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "إن عرف" ، والسياق يقتضي: "إذ" . (3) انظر تفسير "غفور" فيما سلف من فهارس اللغة= وتفسير "حليم" فيما سلف 5: 117، 521/ 7: 327 وزدت ما بين القوسين من تفسير أبي جعفر السالف، فإن الكلام بغير ذلك أو شبهه غير مستقيم كل الاستقامة. وبنحو الذي قلنا في ذلك، روي الخبر عن ابن عباس الذي ذكرناه آنفًا. وذلك ما:- 12816 - حدثني به محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "لا تسألوا عن أشياء" ، يقول: لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم تبيانه. (1) * * * القول في تأويل قوله: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قد سأل الآيات قومٌ من قبلكم، فلما آتاهموها الله أصبحوا بها جاحدين، منكرين أن تكون دلالة على حقيقة ما احتُجَّ بها عليهم، وبرهانًا على صحة ما جُعلت برهانًا على تصحيحه= كقوم صالح الذين سألوا الآيةَ، فلما جاءتهم الناقة آيةً عقروها= وكالذين سألوا عيسى مائدة تنزل عليهم من السماء، فلما أعطوها كفروا بها، وما أشبه ذلك. فحذَّر الله تعالى المؤمنين بنبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلكوا سبيل من قبلهم من الأمم التي هلكت بكفرهم بآيات الله لما جاءتهم عند مسألتهموها، فقال لهم: لا تسألوا الآيات، ولا تبحثوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فقد سأل الآيات من قبلكم قومٌ، فلما أوتوها أصبحوا بها كافرين، كالذي:- (1) الأثر: 12816- هو بعض الأثر السالف رقم: 12808. 12817 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال؛ حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ، نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت النصارى من المائدة، فأصبحوا بها كافرين، فنهى الله عن ذلك. (1) 12818 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "قد سألها قوم من قبلكم" ، قد سأل الآيات قوم من قبلكم، وذلك حين قيل له: غيِّر لنا الصَّفا ذهبًا. ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |