|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
||||
|
||||
![]() السلوك الاقتصادي للنبي صلى الله عليه وسلم (2-3) د. كمال توفيق حطاب السلوك الاقتصادي العام للنبي صلى الله عليه وسلم[1] يمكن القول أن السلوك الاقتصادي العام للنبي صلى الله عليه وسلم قد تبلور بشكل قوي مع بداية تأسيس الدولة في المدينة: ففور وصوله المدينة، بدأ ببناء المسجد الجامع للناس.. ثم المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار الأغنياء والفقراء.. وما ترتب على ذلك من تقاسم الثروات.. ثم إقامة سوق للمسلمين.. ثم تحديد حدود الدولة وعلاقاتها مع الآخرين بعقد المعاهدات مع المتواجدين في المدينة من يهود وغيرهم. وبالإضافة إلى ذلك وضع النبي صلى الله عليه وسلم ضوابط وقواعد اقتصادية عامة، تضبط التعامل الاقتصادي في المجتمع، وتصلح للتطبيق في كل زمان ومكان مع عدم تحديد الكيفيات والأساليب وذلك تمكينا للمسلمين من الاجتهاد بما يتناسب مع ظروف العصر الذي يعيشون فيه، ومن أمثلة هذه القواعد والمبادئ العامة: أولا: لا ضرر ولا ضرار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار من ضار ضاره الله ومن شاق شاق الله عليه هذا". [2] فهذا الحديث يشكل قاعدة شرعية اقتصادية يمكن أن يندرج تحتها كل سلوك اقتصادي أو صيغة مستحدثة تؤدي إلى الإضرار بالمجتمع، وبالتالي فالعلماء المجتهدون في كل زمان أولى بتقدير هذه الصيغ أو الأدوات أو الأساليب أو الأنشطة أو المشروعات التي يمكن أن تلحق الضرر بالمجتمع، وحتى لو اشتملت على بعض النفع، فدرء المفاسد أولى من جلب المنافع. ثانيا: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" [3] . فهذا الحديث يشتمل على تحريم كل أشكال أكل المال بالباطل، لأن الأصل حرمة مال المسلم، فأية طريقة أو أسلوب أو صيغة يتم من خلالها الاعتداء على مال المسلم تعتبر طريقة محرمة يجب منعها. ثالثا: كلكم راع ومسئول عن رعيته عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته. قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" [4] . رابعا: قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"[5] فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الإتقان الذي يؤدي إلى تحقيق وفر في الجهد والوقت والتكاليف مع مراعاة الجودة النوعية والكمية. ومن مستلزمات الإتقان الإخلاص والتفاني في العمل وعدم التأخر أو التغيب عن العمل ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم إنتاج السلع الضارة. خامسا: قوله صلى الله عليه وسلم "من احتكر فهو خاطئ"[6] والاحتكار حبس السلع الأساسية من أجل رفع الأسعار بما يؤدي إلى الإضرار بالناس، ويخرج من هذا التعريف كافة السلع والخدمات غير الأساسية، الحاجية والتحسينية، إلا إذا ترتب على حبسها ضرر حقيقي. ولا يكون تخزين السلعة حبسا أو احتكارا في حالة وجودها في الأسواق بكثرة، وإنما في حالة اختفائها مع حاجة الناس إليها. ومن جهة أخرى فان الاحتكار يختلف باختلاف المجتمعات، ومدى تقدمها ورفاهيتها أو تخلفها وفقرها، فيكون ضرره قليلا في الحالة الأولى وقد يكون معدوما، أما الحالة الثانية فان ضرر الاحتكار يكون خطيرا مما يستوجب منعه ومقاومته. إن هذه الضوابط المتقدمة ليست على سبيل الحصر، كما أن ترتيبها ليس بالضرورة أن يكون وفقا لأهميتها.. وإنما حاولنا التركيز على أهم الضوابط العامة التي حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في حياته ومع صحابته، وحرص على أن تتمثلها أمته صلى الله عليه وسلم في كل زمان ومكان. أ.د. كمال توفيق حطاب أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمصارف الإسلامية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة اليرموك [1] المقال يمثل المطلب الثاني من المبحث الثاني من بحث الدكتور كمال حطاب بعنوان: "التعاليم الاقتصادية في السنة النبوية" [2] حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، النيسابوري، محمد بن عبد الله: المستدرك على الصحيحين، دار الكتب العلمية، بيروت،1990،ط1، رقم الحديث 2345. [3] مسلم، سبق تخريجه،4/1986. [4] صحيح البخاري: 2/848،صحيح مسلم: 3/1459 [5] مجمع الزوائد،4/98. الهيثمي،علي بن أبي بكر: مجمع الزوائد،دار الريان للتراث،القاهرة،1407. [6] صحيح مسلم،3/1227.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |