|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سؤال: أنا متزوجة - والحمد لله - أعيش وزوجي ملتزمين بشرع الله، وأهلي غير ملتزمين بل ويحادوننا ويحاربون فينا التزامنا ( بما في ذلك نقابي وهدينا الظاهر ) ، وتعدى الأمر إلى تدخلهم في تفاصيل حياتي ، يريدون بذلك أن أتبعهم في كل شيء ، وبمجرد رفضي لتوجيهاتهم التي تخالف أوامر الله يزداد عداؤهم ومقاطعتهم لي في كثير من الأحيان خاصة أمي . الحاصل أني لا أرى فيهم إلا معولا يهدم في ديني والتزامي بل وحياتي الزوجية مؤثرين بذلك على زوجي مما أوصلنا في بعض الأحيان إلى حافة الطلاق ، لكن الله سلَّم ، وأنا الآن بعيدة عنهم لا أزورهم ولا أصل رحمهم - فراراً ونجاة بديني وحفاظا على أسرتي - وأمي تدعي بذلك أني قطعت رحمهم ، فهل عليَّ من إثم في ذلك ؟ علما بأن وجودي معهم يضطرني إلى سماع ما لا يرضي الله والذي يصل في بعض الأحيان لسب الله والدين والصحابة وكل مظاهر التدين والالتزام ، مع العلم : أني حاولت مراراً أن أصلح من شأنهم لكن دون جدوى. الجواب: الحمد لله إنا لله و إنا إليه راجعون ، والله إنه مما يملأ القلب حسرة وأسى أن يكون في أسر المسلمين مثل هذه المعاناة الشديدة من أجل أن يحافظ المرء على دينه واستقامته ، فقد سمعنا كثيراً عن رجال ونساء مسلمين عانوا من أهاليهم النصارى أو الوثنيين ، أما أن تعاني المسلمة من أهلها الذين يزعمون أنهم مسلمون وتفر بدينها من بين أسرة تدعي الإسلام وتنتسب إليه فهذا والله مؤسف أشد الأسف . أختنا : نسأل الله لك ولزوجك الثبات على الدين والهداية والتوفيق ، وأن يقويكما على الحق وأن يرزقكما الصلاح ، وأن يرزقكما الذرية الصالحة . قد روى مسلم في صحيحه ( 145 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريبا ، وسيعود كما بدأ غريباً ، فطوبى للغرباء ) ، فإذا استغربك الناس من أجل دينك والتزامك فطوبى لك ، وإذا رأى المسلم أنه غريب بإسلامه حتى بين أهله فهذه بشرى له يزفها إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ( طوبى للغرباء ) . ومما لا شك فيه : أن سب الرب والدين الواقع من أمك ومن غيرها من أهلك كفر أكبر مخرج من الملة ، يوجب الخلود في جهنم إن مات صاحبه عليه ولم يرجع إلى الإسلام . لذا فإنه يجب عليك تجاه من وقع منه هذا من أهلك : دعوتهم بالحسنى إلى الكف عن هذا الكفر ، ووجوب الرجوع إلى الإسلام ، ويجب أن يعلموا حالهم وحكمهم في الشرع من كونهم مرتدين ، وقد حبطت أعمالهم . واعلمي أن وقوع والدتك في الكفر لا يعني أنه تتوقف علاقتك بها ، بل يجب أن يزداد حرصك عليها خشية أن تموت على هذه الحال . ويجب عليكِ برُّها والإحسان إليها ليس فقط وهي كافرة بل لو دعتك إلى الكفر وجاهدت نفسها في سبيل ذلك ، كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ) العنكبوت / 8 ، وقال : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ) لقمان / 15 . وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما قَالَتْ : قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي ، وَهِيَ رَاغِبَةٌ ، أَفَأَصِلُ أُمِّي ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، صِلِي أُمَّكِ ) رواه البخاري ( 2620 ) ومسلم ( 1003 ) . ومعنى راغبة : أي : تطلب بر ابنتها لها . لكن هذا البر والإحسان لا يلزم منه مخالطتهم في مسكنهم ومشاركتهم في حياتهم حيث تكون المعاصي والموبقات وسب الله ورسوله ودينه ، إلا أن يكون في حضوركم توقف عن هذا الكفر وتلك المعاصي ، أما مع استمرارها واحتمال تأثركم بما تسمعون : فيحرم عليكم البقاء في تلك المجلس عندهم ، فإن تكرر ذلك منهم في كل زيارة فلا حرج عليك في عدم زيارتهم ، وليس في هذا عقوق ، بل هو واجب شرعي ، قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ) النساء/140 . ولا تلتفتي لتخذيل أهلك لك ولزوجك بسبب التزامكما بأحكام الشرع في اللباس وغيره ؛ لأن هذا من كيد الشيطان . قال علماء اللجنة الدائمة – حول مسألة قريبة من هذه - : "طاعة الوالدين واجبة في المعروف ، وأما إذا أمرا بمعصية فلا طاعة لهما ؛ لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) ، فالتزمي بالحجاب وحاولي إقناعهما وتبيين الحكم لهما ، ولا تلقي بالاً لتهديداتهما ، واستعيني بالله سبحانه على ذلك ، ثم بالطيبين من أقاربك ينصحوهم ، لعل الله أن ينفعهما بذلك " انتهى . " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 1 / 541 ) . والغريب أن والدتك يقع منها الكفر والفسوق والعصيان ، ثم نراها مهتمة بالعقوق ، واتهامك به ، وهذا تناقض يدل على جهل بالشرع واستهانة بأحكامه . وبالجملة : فإنه يجب على المسلمة أن تحسن إلى أهلها ووالديها ، وأن تبذل وسعها في نصيحتهم بالمعروف والحكمة والموعظة الحسنة ، وأن تعتبر فترة انقطاعها عنهم - فراراً بدينها - فترة علاج مؤقتة ، فإن أحست من أهلها شيئاً من التغيير نحو الخير فلتبادر إلى وصلهم ، ولتأخذ بأيديهم إلى الخير . ولا تنسي الدعاء لأمك وأهلك أن يهديهم الله ، ويرجعوا إلى دينهم الحق قبل فوات الأوان . والله أعلم
__________________
![]() ![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |