|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() يا باغي الخير أقبل د. حسام العيسوي سنيد مقدمة: رمضان أكبر مواسم الخيرات، سوق رابحة لمن اغتنمها وأحسن التجارة فيها، فرصة لتصحيح علاقتك مع الله، فرصة لالتقاط الأنفاس بعد طول مكابدة لصراعات الحياة ومتطلباتها؛ لذلك جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه-: "إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِل، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُل لَيْلَةٍ".فهليوجد أفضل من ذلكالثواب؟ وهل يتأخَّر المسلم عن هذا النداء؟ 1- رمضان شهر القرآن: بيَّن المولى تبارك وتعالى أن رمضان هو الشهر الذي نزل فيه القرآن، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185]. فالله تبارك وتعالى اختصَّ هذا الشهر بنزول كتاب البشرية الخاتم، آخر رسائل السماء إلى الأرض، فهذا شرف ومكانة لشهر رمضان، لا يماثله فيها شهر من الشهور. ينبغي أن نعمِّر أوقاتنا في هذا الشهر بقراءة هذا الكتاب، والاستزادة منه، وملء القلوب من هدايته ونوره، ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾؛ أي: "هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدَّقه واتبعه"[1]، ﴿ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾؛ أي: "دلائل وحجج بينة واضحة جليه لمن فهمها وتدبرها"[2]. فرمضان فرصة لتصحيح علاقتنا بالقرآن، أن يصبح في المكانة اللائقة به، أن يأخذ حقه، أن يتاح له ملامسة قلوبنا، مخاطبة نفوسنا وجوارحنا، فلا وسيلة أنجح منه في التغيير! روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ الْمَلَكُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، قَالَ: فَلَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. نعم، القرآن يغير النفوس، يزيد المؤمن خيرًا، ويكف العاصي عن السوء. عمر رضي الله عنه ينهض من شركه، ويتحَلَّى بإيمانه، بسبب هذه الآيات البيِّنات، يتسرَّب النور إلى قلبه، بسبب هذا النور الساطع من القرآن، ﴿ طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى * تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى * الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [طه: 1 - 8]. انقلب عمر- بعد تلاوته لهذه الآيات- ليصبح فاروق الأمة، وإمامًا من أئمتها، وعلمًا بارزًا في تاريخها[3]. القرآن بداية حقيقية للتغيير، نعمر به نهارنا، ونحيي به ليلنا. ليكن شهر رمضان بداية حقيقية مع كلام الله. 2- الأخلاق ثمرة الصيام: الناظر في آيات الصيام يجد: أن الله حصر الحديث عن الصيام بين دعوته عباده إلى تقواه، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ثم ذكر آيات الصيام بعدها، وختم الآيات بقوله: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187]. بل إن الله تبارك وتعالى يتبع آيات الصيام مباشرة بقوله: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188]. فما الفائدة من ذلك؟ الفائدة الكبرى: أن ثمرة الصيام هي الأخلاق، الصيام تدريب على الأخلاق الحميدة، وتعويد على القيم الفاضلة. النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى- في أكثر من حديث-: في الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "الصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فيقل: إني امرؤ صائم". والرفث: "الكلام المتعلق بالنساء وأمور الجنس، وقيل: الفحش في الكلام عامة". والصخب: "الصياح ورفع الأصوات، شأن الجهال". وروى الحاكم وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث". وروى الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع". فـ"وقت الصائم لأغلى وأنفس من أن ينفق في هذه المهلكات، التي إن لم تبطل الصيام-كما قاله جماعة من السلف- ذهبت بأجره كله أو بعضه". 3- الدعاء هو العبادة: من يقرأ آيات الصيام يجد أمرًا مهمًّا: أن الله وضع آية الدعاء في وسطها، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، والسبب في ذلك: التأكيد على علامة الدعاء المستجاب، الدعاء الذي يلازم الطاعة ويقارنها، أقرب إلى الإجابة والقبول. أكد صلى الله عليه وسلم ذلك: ففي الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا تُرَدُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم"، وفي رواية: "والصائم حتى يفطر". "والذكر والدعاء مطلوب من الصائم طوال نهاره، ولكنه مطلوب بصورة خاصة عند الإفطار"[4]. وهذه القاعدة القرآنية: الدعاء يكون أقرب للقبول، إذا قارن الطاعة ولازمها، ذكره الله في أكثر من آية، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 127 - 129]، وقال تعالى: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 38، 39]. اللهم سَلِّمنا إلى رمضان، وسَلِّمْه لنا، وتسَلَّمه منا متقبلًا، يا رب العالمين، ويا أرحم الراحمين. [1] الصابوني، مختصر تفسير ابن كثير، (1/ 161). [2] المرجع السابق، (1/ 161). [3] انظر قصة إسلام عمر: خالد محمد خالد، خلفاء الرسول، ط4، بيروت: دار الكتاب العربي، 1407هـ/ 1987م، ص156، 157. [4] المرجع السابق، ص112.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |