من أعظم حقوق الناس حق الجوار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 994 - عددالزوار : 122318 )           »          إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-02-2025, 11:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,513
الدولة : Egypt
افتراضي من أعظم حقوق الناس حق الجوار

من أعظم حقوق الناس حق الجوار

أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري

الخطبة الأولى
الحمد والثناء...، أما بعد:
عباد الله، إن الله جل جلاله شرع شرائع، من أقامها نجح وأفلح، وأوجب شعائر، من عظمها فقد اتقى ربه، وحد حدودًا، من تعداها فقد ظلم نفسه، قال جل وعلا: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، ومن فرط فيها فقد أساء وتعَدَّى وظلم، قال جلَّت قدرته: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

وإن مما أمر الله جل وعلا به، وحث على الإحسان إليه، هو الجار، وما أدراكم ما الجار؟! فقد أمر ربنا جل جلاله بالإحسان إلى الجار، فقال سبحانه: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].

وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما زال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت))؛ [أخرجه البخاري ومسلم].

ألا فاعلموا - يا عباد الله - أن الإحسان إلى الجيران يشمل كل أوجه الإحسان؛ من الخلق الرفيع، والأدب الجميل، والكلمة الطيبة النافعة، وقضاء الحوائج، والوقوف معه في الشدائد والمكروهات، ونصحه بالرفق والخطاب اللين، ولقياه بالوجه السمح الطلق، وحفظه في أهله وعياله وبيته وماله، والإهداء إليه، والتصدُّق عليه إن كان فقيرًا، وستر عيوبه وزلَّاته، وإكرام زائره، والتيسير عليه، وتفريج كربه، وعيادته إن مرض، وتهنـئته إذا حصل ما يهنأ به، وتعزيـته إن مات له قريب، وإطعامه إن جاع، والصفح عنه إذا أخطأ أو تجاوز، وترك التضييق عليه، ونحو ذلك.

معاشر المؤمنين، بكثرة الإحسان إلى الجار، ترتفع منزلة العبد عند ربه عز وجل؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير الجيران عند الله خيرُهم لجاره))؛ [صحيح الجامع].

وحسن الجوار من أسباب عمران الديار، وزيادة الأعمار، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((حسن الخلق، وصِلة الرحم، وحسن الجوار: يزدن في الأعمار، ويعمرن الديار))؛ (السلسلة الصحيحة) (٥١٩).

عباد الله، إن الإهداء إلى الجيران من أحسن ما يورث المحبة، وينزع الضغائن، ويزيل الأحقاد، ويقوي الصلة، ويزيد الأُلْفة والتراحُم؛ إذ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في بيان أثر الهدية: ((تهادوا تحابوا)).

وببذل المعروف للجار أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقد صح عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنه قال: ((إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقًا فأكثر ماءه، ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف))، وصحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحقرنَّ امرأة مسلمة معروفًا لجارتها ولو كان فرسن شاة))؛ [متفق عليه]. وفرسن الشاة: هو ما يكون في عظم الشاة، وهو شيء يسير زهيد.

عباد الله، اعلموا أن سلـفكم قد ضربوا أروع الأمثلة في حسن الجوار، فقد صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا))؛ [رواه البخاري]. وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: ((أنه ذبح شاةً، فقال: أهديتم لجاري اليهودي؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه))؛ [رواه أبو داود].

وكان للإمام عبدالله بن المبارك جارٌ يهوديٌّ أراد أن يبيع داره، فقيل له: بكم تبيع؟ قال: بألفين، فقيل له: إنها لا تساوي إلا ألفًا، قال: صدقتم، ولكن ألف للدار، وألف لجوار عبدالله بن المبارك، فأخبر ابن المبارك بذلك، فدعاه فأعطاه ثمن داره، وقال: لا تبعها.

وكان كعب بن أمامة يضرب به المثل في حسن جواره، فيقال: جار كجار أبي دؤاد، وكان أبو دؤاد، إن مات لجاره بعير أو شاة أخلـفها عليه، وإذا مات الجار أعطى أهله مقدار ديـته من مالـه.

وقد كان أهل الجاهلية يفتخرون بإحسانهم إلى الجار، والتفاني في حمايته، وكفِّ الأذى عنه، قال عنتر بن شداد:
أغض طرفي إن بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها




عباد الله، وكمـا يكون حسن الجوار ببذل الندى، يكون أيضًا بتحمُّل الأذى، والصبر عليه، وإلا فليعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة؛ فإن جار البادية يتحول)).

قال المناوي: «جار السوء»؛ أي: من شره «في دار المقامة»؛ أي: الوطن؛ فإنه الشر الدائم والضرر الملازم؛ «فإن جار البادية يتحول» فمدته قصيرة فلا يعظم الضرر في تحملها؛ [التيسير بشرح الجامع الصغير 1/ 208].

فكونوا - يا عباد الله - من الجيران الصالحين، فإن ذلك سعادة لكم ولجيرانكم، ومن علامات قوة إيمانكم، وفي الحديث: ((أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء))؛ [صححه الألباني في "الصحيحة"].

بارك الله لي في القرآن والسنة.


الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل الأمانة حملًا ثقيلًا، ودعا الجار للقيام بها؛ لأنه كان ظلومًا جهولًا، أما بعد:
عباد الله، إن من أعظم حقوق الجار: كفَّ الأذى عنه صغيرًا أو كبيرًا، ذكرًا أو أنثى، مسلمًا أو غير مسلم، سواء كان بالقول أو الفعل، فإن أذيـته محرمةٌ تحريمًا شديدًا، ومعصيةٌ غليظةٌ، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].


وقد جعل الاعتداء على عرض الجار أعظم وأفظع من الاعتداء على عرض غيره، وجعل السرقة من الجار أعظم من السرقة من غيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه))؛ [أخرجه مسلم].

وعن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه))؛ [أخرجه البخاري].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله))؛ [الترمذي، وصححه الألباني].

وكان لأبي الأسود الدؤلي دار بالبصرة، وله جار يتأذَّى منه في كل وقت، فباع داره، فقيل له: بعت دارك؟ قال: "بل بعت جاري". وباع رجل منزله بثمن رخيص فعوتب على ذلك، فقال:
يلومونني إذ بعت بالرخص منزلي
وما علموا جارًا هناك ينغص
فقلت لهم كفوا الملام فإنها
بجيرانها تغلو الديار وترخص


نعم، إنها بجيرانها تغلو الديار وترخص، فشر الجيران من يـتتبع العثرات، ويتطلع إلى العورات، وينشر الإشاعات، وأخطرهم وأفسدهم من يؤذي جيرانه بالاعتداء والظلم، والسحر والشعوذة، حسدًا من عند أنفسهم، والله المستعان.

فاتقوا الله- عباد الله - واحذروا أذية الجار، وليأخذ كل واحد منا على يد زوجته وأبنائه، الذين يؤذون جيرانهم، ولا يستغل حياء بعض جيرانه أو ضعفهم، فلا تدري لعله يرفع عليك دعوةً مستجابةً، تقلب حياتك، وتعكر مزاجك، تخسر بها سعادة دنياك، وتعاقب في أُخْراك، والله المستعان.

اللهم إنا نعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.69 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.41%)]