|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#18
|
||||
|
||||
![]() كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد السابع الحلقة (331) صــــــــــ 372 الى صـــــــــــ 379 نسائه والغزو بالنساء أولا لو كان فيه مكروه بأن يخاف على المسلمات أن يؤتى بهن بلاد الحرب فيسبين أولى أن يمنع من رجل أصار جارية في ملكه في بلاد الحرب يغلبون عليها فيسترق ولد إن كان في بطنها وليس هذا كما قال أبو يوسف وهو كما قال الأوزاعي قد أصاب المسلمون نساءهم المسلمات ومن كان من سبائهم وما نساؤهم إلا كهم فإذا غزوا أهل قوة بجيش فلا بأس أن يغزوا بالنساء وإن كانت الغارة التي إنما يغير فيها القليل على الكثير فيغنمون من بلادهم إنما ينالون غرة وينحبون ركضا كرهت الغزو بالنساء في هذا الحال وأما ما ذكر أبو يوسف من النفل فإن الخمس في كل ما أوجف عليه المسلمون من صغيره وكبيره بحكم الله إلا السلب للقاتل في الإقبال الذي جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن قتل. وأما ما ذكر من أمر بدر فإنما كانت الأنفال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال الله عز وجل {يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول} [الأنفال: 1] فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ثم نزل عليه منصرفه من بدر {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول} [الأنفال: 41] فجعل الله له ولمن سمي معه الخمس وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن أوجف الأربعة الأخماس بالحضور للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم. [بيع السبي في دار الحرب] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - أكره أن يبيعها حتى يخرجها إلى دار الإسلام قال الأوزاعي لم يزل المسلمون يتبايعون السبايا في أرض الحرب ولم يختلف في ذلك اثنان حتى قتل الوليد قال أبو يوسف ليس يؤخذ في الحكم في الحلال والحرام بمثل هذا أن يقول لم يزل الناس على هذا فأكثر ما لم يزل الناس عليه مما لا يحل ولا ينبغي مما لو فسرته لك لعرفته وأبصرته عليه العامة مما قد نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما يؤخذ في هذا بالسنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن السلف من أصحابه ومن قوم فقهاء، وإذا كان وطؤها مكروها فكذلك بيعها لأنه لم يحرزها بعد. (قال الشافعي) : «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموال خيبر بخيبر وجميع مالها دار شرك وهم غطفان ودفعها إلى يهود، وهم له صلح معاملة بالنصف لأنهم يمنعونها بعده - صلى الله عليه وسلم - وأنفسهم به وقسم سبي بني المصطلق وما حوله دار كفر ووطئ المسلمون» ولسنا نعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قفل من غزاة حتى يقسم السبي فإذا قسم السبي فلا بأس بابتياعه وإصابته والابتياع أخف من القسم ولا يحرم في بلاد الحرب بيع رقيق ولا طعام ولا شيء غيره. [الرجل يغنم وحده] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إذا خرج الرجل والرجلان من المدينة أو من المصر فأغارا في أرض الحرب فما أصابا بها فهو لهما ولا يخمس قال الأوزاعي إذا خرجا بغير إذن الإمام فإن شاء عاقبهما وحرمهما وإن شاء خمس ما أصابا ثم قسمه بينهما وقد كان هرب نفر من أهل المدينة كانوا أسارى في أرض الحرب بطائفة من أموالهم فنفلهم عمر بن عبد العزيز ما خرجوا به بعد الخمس وقال أبو يوسف قول الأوزاعي يناقض بعضه بعضا ذكر في أول هذا الكتاب أن من قتل قتيلا فله سلبه وأن السنة جاءت بذلك وهو مع الجند والجيش إنما قوي على قتله بهم، وهذا الواحد الذي ليس معه جند ولا جيش إنما هو لص أغار يخمس ما أصاب فالأول أحرى أن يخمس وكيف يخمس فيئا مع هذا ولم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب وقد قال الله عز وجل في كتابه {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} [الحشر: 6] وقال {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} [الحشر: 7] فجعل الفيء في هذه الآية لهؤلاء دون المسلمين وكذلك هذا الذي ذهب وحده حتى أصاب فهو له ليس معه فيه شريك ولا خمس وقد خالف قوله عمر بن عبد العزيز هؤلاء أسرى أرأيت قوما من المسلمين خرجوا بغير أمر الإمام فأغاروا في دار الحرب ثم انفلتوا من أيديهم وخرجوا بغنيمة فهل يسلم ذلك لهم؟ أرأيت إن خرج قوم من المسلمين يحتطبون أو يتصيدون أو لعلف أو لحاجة فأسرهم أهل الحرب ثم انفلتوا من أيديهم بغنيمة هل تسلم لهم؟ وإن ظفروا بتلك الغنيمة قبل أن يأسرهم أهل الحرب هل تسلم لهم؟ فإن قال به فقد نقض قوله وإن قال لا فقد خالف عمر بن عبد العزيز. (قال الشافعي) - رحمه الله تعالى - «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري ورجلا من الأنصار سرية وحدهما» وبعث عبد الله بن أنيس سرية وحده فإذا سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الواحد يتسرى وحده وأكثر منه من العدد ليصيب من العدو غرة بالحيلة أو يعطب فيعطب في سبيل الله، وحكم الله بأن ما أوجف عليه المسلمون فيه الخمس وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أربعة أخماسه للموجفين فسواء قليل الموجفين وكثيرهم لهم أربعة أخماس ما أوجفوا عليه والسلب لمن قتل منهم والخمس بعده حيث وضعه الله ولكنا نكره أن يخرج القليل إلى الكثير بغير إذن الإمام وسبيل ما أوجفوا عليه بغير إذن الإمام كسبيل ما أوجفوا عليه بإذن الإمام، ولو زعمنا أن من خرج بغير إذن الإمام كان في معنى السارق زعمنا أن جيوشا لو خرجت بغير إذن الإمام كانت سراقا وأن أهل حصن من المسلمين لو جاءهم العدو فحاربوهم بغير إذن الإمام كانوا سراقا وليس هؤلاء بسراق بل هؤلاء المطيعون لله المجاهدون في سبيل الله المؤدون ما افترض عليهم من النفير والجهاد، والمتناولون نافلة الخير والفضل فأما ما احتج به من قول الله عز وجل {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} [الحشر: 6] وحكم الله في أن ما لا يوجفون عليه بخيل ولا ركاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن سمي معه فإنما أولئك قوم قاتلوا بالمدينة بني النضير فقاتلوهم بين بيوتهم لا يوجفون بخيل ولا ركاب ولم يكلفوا مؤنة ولم يفتتحوا عنوة وإنما صالحوا وكان الخمس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن ذكر معهم والأربعة الأخماس التي تكون لجماعة المسلمين لو أوجفوا الخيل والركاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالصا يضمها حيث يضع ماله ثم أجمع أئمة المسلمين على أن ما كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك فهو لجماعة المسلمين لأن أحدا لا يقوم بعده مقامه - صلى الله عليه وسلم - ولو كانت حجة أبي يوسف في اللذين دخلا سارقين أنهما لم يوجفا بخيل ولا ركاب كان ينبغي أن يقول يخمس ما أصابا وتكون الأربعة الأخماس لهما لأنهما موجفان فإن زعم أنهما غير موجفين انبغى أن يقول هذا لجماعة المسلمين أو الذين زعم أنهم ذكروا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سورة الحشر فما قال بما تأول ولا بكتاب في الخمس فإن الله عز وجل أثبته في كل غنيمة تصير من مشرك أوجف عليها أو لم يوجف. [في الرجلين يخرجان من العسكر فيصيبان جارية فيتبايعانها] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إذا خرج رجلان متطوعان من عسكر فأصابا جارية والعسكر في دار الحرب فاشترى أحدهما حصة الآخر منه أنه لا يجوز ولا يطؤها المشتري وقال الأوزاعي ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله فإن وطأه إياها مما أحل الله له كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعده «وإن المسلمين غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفية إلى جانبه فقالوا يا رسول الله هل في بنت حيي من بيع؟ فقال إنها قد أصبحت كنتكم فاستدار المسلمون حتى ولوا ظهورهم» وقال أبو يوسف إن خيبر كانت دار إسلام فظهر عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجرى عليها حكمه وعاملهم على الأموال فليس بشبيه خيبر ما يذكر الأوزاعي وما يعني به وقد نقض قوله في هذين الرجلين قوله الأول حيث زعم في الأول أنهم يعاقبون ويؤخذ ما معهم ثم زعم ههنا أنه جائز في الرجلين. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد وصفنا أمر خيبر وغيرها في الوطء في المسائل قبل هذا وليس هذا كما قالا وهو أن اللذين أصابا الجارية ليست لهما الخمس فيها لمن جعله الله له في سورة الأنفال وسورة الحشر ولهما أربعة أخماسها فيقاسمهما الإمام بالقيمة والبيع كما يفعل الشركاء ثم يكون وطؤها لمن اشتراها بعد استبرائها في بلاد الحرب كان أو غيرها. [إقامة الحدود في دار الحرب] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إذا غزا الجند أرض الحرب وعليهم أمير فإنه لا يقيم الحدود في عسكره إلا أن يكون إمام مصر والشام والعراق أو ما أشبهه فيقيم الحدود في عسكره وقال الأوزاعي من أمر على جيش وإن لم يكن أمير مصر من الأمصار أقام الحدود في عسكره غير القطع حتى يقفل من الدرب فإذا قفل قطع وقال أبو يوسف ولم يقم الحدود غير القطع وما للقطع من بين الحدود إذا خرج من الدرب فقد انقطعت ولايته عنهم لأنه ليس بأمير مصر ولا مدينة إنما كان أمير الجند في غزوهم فلما خرجوا إلى دار الإسلام انقطعت العصمة عنهم. أخبرنا بعض أشياخنا عن مكحول عن زيد بن ثابت أنه قال لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو والحدود في هذا كله سواء. حدثنا بعض أشياخنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري وإلى عماله أن لا يقيموا حدا على أحد من المسلمين في أرض الحرب حتى يخرجوا إلى أرض المصالحة وكيف يقيم أمير سرية حدا وليس هو بقاض ولا أمير يجوز حكمه أورأيت القواد الذين على الخيول أو أمراء الأجناد يقيمون الحدود في دار الإسلام فكذلك هم إذا دخلوا دار الحرب. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يقيم أمير الجيش الحدود حيث كان من الأرض إذا ولي ذلك فإن لم يول فعلى الشهود الذين يشهدون على الحد أن يأتوا بالمشهود عليه إلى الإمام وإلى ذلك ببلاد الحرب أو ببلاد الإسلام ولا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام فيما أوجب الله على خلقه من الحدود لأن الله عز وجل يقول {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38] {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [النور: 2] وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الزاني الثيب الرجم وحد الله القاذف ثمانين جلدة لم يستثن من كان في بلاد الإسلام ولا في بلاد الكفر ولم يضع عن أهله شيئا من فرائضه ولم يبح لهم شيئا مما حرم عليهم ببلاد الكفر ما هو إلا ما قلنا فهو موافق للتنزيل والسنة وهو مما يعقله المسلمون ويجتمعون عليه أن الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر فمن أصاب حراما فقد حده الله على ما شاء منه ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئا أو أن يقول قائل إن الحدود بالأمصار وإلى عمال الأمصار فمن أصاب حدا ببادية من بلاد الإسلام فالحد ساقط عنه وهذا مما لم أعلم مسلما يقوله ومن أصاب حدا في المصر ولا والي للمصر يوم يصيب الحد كان للوالي الذي يلي بعدما أصاب أن يقيم الحد فكذلك عامل الجيش إن ولي الحد أقامه وإن لم يول الحد فأول من يليه يقيمه عليه وكذلك هو في الحكم والقطع ببلاد الحرب وغير القطع سواء فأما قوله يلحق بالمشركين فإن لحق بهم فهو أشقى له ومن ترك الحد خوف أن يلحق المحدود ببلاد المشركين تركه في سواحل المسلمين ومسالحهم التي اتصلت ببلاد الحرب مثل طرسوس والحرب وما أشبههما وما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - منكر غير ثابت وهو يعيب أن يحتج بحديث غير ثابت ويقول حدثنا شيخ ومن هذا الشيخ؟ يقول مكحول عن زيد بن ثابت. [ما عجز الجيش عن حمله من الغنائم] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - وإذا أصاب المسلمون غنائم من متاع أو غنم فعجزوا عن حمله ذبحوا الغنم وحرقوا المتاع وحرقوا لحوم الغنم كراهية أن ينتفع بذلك أهل الشرك وقال الأوزاعي نهى أبو بكر أن تعقر بهيمة إلا لمأكلة وأخذ بذلك أئمة المسلمين وجماعتهم حتى إن كان علماؤهم ليكرهون للرجل ذبح الشاة والبقرة ليأكل طائفة منها ويدع سائرها. وبلغنا أنه من قتل نحلا ذهب ربع أجره ومن عقر جوادا ذهب ربع أجره وقال أبو يوسف قول الله في كتابه أحق أن يتبع قال الله {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} [الحشر: 5] واللينة فيما بلغنا النخلة وكل ما قطع من شجرهم وحرق من نخلهم ومتاعهم فهو من العون عليهم والقوة وقال الله عز وجل {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} [الأنفال: 60] وإنما كره المسلمون أن يحرقوا النخل والشجر لأن الصائفة كانت تغزو كل عام فيتقوون بذلك على عدوهم ولو حرقوا ذلك خافوا أن لا تحملهم البلاد والذي في تخريب ذلك من خزي العدو ونكايتهم أنفع للمسلمين وأبلغ ما يتقوى به الجند في القتال حدثنا بعض مشايخنا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حين حاصر الطائف أمر بكرم لبني الأسود ابن مسعود أن يقطع حتى طلب بنو الأسود إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطلبوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذها لنفسه ولا يقلعها فكف عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» . (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أما كل ما لا روح فيه للعدو فلا بأس أن يحرقه المسلمون ويخربوه بكل وجه لأنه لا يكون معذبا إنما المعذب ما يألم بالعذاب من ذوات الأرواح قد قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموال بني النضير وحرقها وقطع من أعناب الطائف وهي آخر غزاة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي فيها حربا وأما ذوات الأرواح فإن زعم أنها قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أن يحرقوا النخل والبيوت فإن زعم أن المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنه إنما أحل ذبحها للمنفعة أن تكون مأكولة. (قال الشافعي) : وقد أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن صهيب مولى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «من قتل عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل وما حقها؟ قال أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي به» . (قال الشافعي) : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المصبورة عن أكلها فقد أحل إماتة ذوات الأرواح لمعنيين أحدهما أن يقتل ما كان فيه ضرر لضرره وما كان فيه المنفعة للأكل منه وحرم أن تعذب التي لا تضر لغير منفعة الأكل فإذا ذبحنا غنم المشركين في غير الموضع الذي نصل فيه إلى أكل لحومها فيه فهو قتل لغير منفعة وهم يتقوون بلحومها وجلودها فلم نشك في أن يتقوى بها المشركون حين ذبحناها وإنما أراد أن يذبحها قطعا لقوتهم فإن قال ففي ذبحها قطع للمنفعة لهم فيها في الحياة قيل قد تنقطع المنفعة عنهم بأبنائهم لو ذبحناهم وشيوخهم والرهبان لو ذبحناهم فليس كل ما قطع المنفعة وبلغ غيظهم حل لنا فما حل لنا منه فعلناه وما حرم علينا تركناه وما شككنا فيه أنه يحل أو يحرم تركناه وإذا كان يحل لنا لو أطعمناهم من طعامنا فليس يحرم علينا لو تركنا أشياء لهم إذا لم نقدر على حملها كما ليس بمحرم علينا أن نترك مساكنهم أو نخيلهم لا نحرقها فإذا كان مباحا أن نترك هذا لهم وكنا ممنوعين أن نقتل ذا الروح المأكول إلا للمنفعة بالأكل كان الأولى بنا أن نتركه إذا كان ذبحه لغير منفعة. [قطع أشجار العدو] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: لا بأس بقطع شجر المشركين ونخيلهم وتحريق ذلك لأن الله عز وجل يقول {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله} [الحشر: 5] وقال الأوزاعي أبو بكر يتأول هذه الآية وقد نهى عن ذلك وعمل به أئمة المسلمين وقال أبو يوسف أخبرنا الثقة من أصحابنا عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا وهم محاصرو بني قريظة إذا غلبوا على دار من دورهم أحرقوها فكان بنو قريظة يخرجون فينقضونها ويأخذون حجارتها ليرموا بها المسلمين وقطع المسلمون نخلا من نخلهم فأنزل الله عز وجل {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} [الحشر: 2] وأنزل الله عز وجل {ما قطعتم من لينة أو تركتموها} [الحشر: 5] قال وأخبرنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال لما بعث أبو بكر خالد بن الوليد إلى طليحة وبني تميم قال أي واد أو دار غشيتها فأمسك عنها إن سمعت أذانا حتى تسألهم ما يريدون وما ينقمون وأي دار غشيتها فلم تسمع منها أذانا فشن عليهم الغارة واقتل وحرق ولا نرى أن أبا بكر نهى عن ذلك بالشام إلا لعلمه بأن المسلمين سيظهرون عليها ويبقى ذلك لهم فنهى عنه لذلك فيما نرى لا أن تخريب ذلك وتحريقه لا يحل ولكن من مثل هذا توجيه. حدثنا بعض أشياخنا عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل لمعاذ بن جبل إن الروم يأخذون ما حسر من خيلنا فيستلقحونها ويقاتلون عليها أفنعقر ما حسر من خيلنا؟ قال ليسوا بأهل أن ينقصوا منكم إنما هم غدا رقكم وأهل ذمتكم. قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إنما الكراهية عندنا لأنهم كانوا لا يشكون في الظفر عليهم وأن الأمر في أيديهم لما رأوا من الفتح فأما إذا اشتدت شوكتهم وامتنعوا فإنا نأمر بحسير الخيل أن يذبح ثم يحرق لحمه بالنار حتى لا ينتفعون به ولا يتقوون منه بشيء وأكره أن نعذبه أو نعقره لأن ذلك مثلة. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يقطع النخل ويحرق وكل ما لا روح فيه كالمسألة قبلها ولعل أمر أبي بكر بأن يكفوا عن أن يقطعوا شجرا مثمرا إنما هو لأنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبر أن بلاد الشام تفتح على المسلمين فلما كان مباحا له أن يقطع ويترك اختار الترك نظرا للمسلمين وقد «قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بني النضير فلما أسرع في النخل قيل له قد وعدكها الله فلو استبقيتها لنفسك فكف القطع» استبقاء لا أن القطع محرم فإن قال قائل: قد ترك في بني النضير قيل ثم قطع بالطائف وهي بعد هذا كله وآخر غزاة لقي فيها قتالا. [باب ما جاء في صلاة الحرس] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: إذا كان الحرس يحرسون دار الإسلام أن يدخلها العدو فكان في الحرس من يكتفي به فالصلاة أحب إلي قال الأوزاعي بلغنا أن حارس الحرس يصبح وقد أوجب في ما لم يمض في هذا المصلى مثل هذا الفضل قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - إذا احتاج المسلمون إلى حرس فالحرس أفضل من الصلاة فإذا كان في الحرس من يكفيه ويستغنى به فالصلاة لأنه قد يحرس أيضا وهو في الصلاة حتى لا يغفل عن كثير مما يجب عليه من ذلك فيجمع أجرهما أفضل. أخبرنا محمد بن إسحاق والكلبي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل واديا فقال من يحرسنا في هذا الوادي الليلة؟ فقال رجلان نحن فأتيا رأس الوادي وهما مهاجري وأنصاري فقال أحدهما لصاحبه أي الليل أحب إليك؟ فاختار أحدهما أوله والآخر آخره فنام أحدهما وقام الحارس يصلي» . (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إن كان المصلي وجاه الناحية التي لا يأتي العدو إلا منها وكانت الصلاة لا تشغل طرفه ولا سمعه عن رؤية الشخص وسماع الحس فالصلاة أولى لأنه مصل حارس وزائد أن يمتنع بالصلاة من النعاس وإن كانت الصلاة تشغل سمعه وبصره حتى يخاف تضييعه فالحراسة أحب إلا أن يكون الحرس جماعة فيصلي بعضهم دون بعض فالصلاة أعجب إلى إذا بقي من الحرس من يكفي وإذا كان العدو في غير جهة القبلة فكذلك إذا كانوا جماعة أن يصلي بعضهم أحب إلي لأن ثم من يكفيه وإن كان وحده والعدو في غير جهة القبلة فالحراسة أحب إلي من الصلاة تمنعه من الحراسة. [خراج الأرض] وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى: أيكره أن يؤدي الرجل الجزية على خراج الأرض؟ فقال لا إنما الصغار خراج الأعناق وقال الأوزاعي بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «من يدل طائعا فليس منا» وقال عبد الله بن عمر وهو المرتد على عقبيه وأجمعت العامة من أهل العلم على الكراهية لها وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - القول ما قال أبو حنيفة لأنه كان لعبد الله بن مسعود ولخباب بن الأرت وللحسين بن علي ولشريح أرض خراج. حدثنا مجالد عن عامر الشعبي عن عتبة بن فرقد السلمي أنه قال لعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - إني اشتريت أرضا من أرض السواد فقال عمر أكل أصحابها أرضيت؟ قال لا قال فأنت فيها مثل صاحبها حدثنا ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتبة أن دهاقين السواد من عظمائهم أسلموا في زمان عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - وعلي بن أبي طالب ففرض عمر على الذين أسلموا في زمانه ألفين ألفين وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه أخرج هؤلاء من أرضهم وكيف الحكم في أرض هؤلاء؟ أيكون الحكم لهم أم لغيرهم؟ . (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أما الصغار الذي لا شك فيه فجزية الرقبة التي يحقن بها الدم وهذه لا تكون على مسلم وأما خراج الأرض فلا يبين أنه صغار من قبل أن لا يحقن به الدم، الدم محقون بالإسلام وهو يشبه أن يكون ككراء الأرض بالذهب والورق وقد اتخذ أرض الخراج قوم من أهل الورع والدين وكرهه قوم احتياطا. [شراء أرض الجزية] وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن الرجل المسلم يشتري أرضا من أرض الجزية فقال هو جائز وقال الأوزاعي - رحمه الله تعالى - لم تزل أئمة المسلمين ينهون عن ذلك ويكتبون فيه ويكرهه علماؤهم وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: القول ما قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى -. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وقد أجبتك في هذا. [المستأمن في دار الإسلام] وسئل أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - عن قوم من أهل الحرب خرجوا مستأمنين للتجارة فزنى بعضهم في دار الإسلام أو سرق هل يحد؟ قال لا حد عليه ويضمن السرقة لأنه لم يصالح ولم تكن له ذمة قال الأوزاعي - رحمه الله تعالى - تقام عليه الحدود وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى: القول ما قال أبو حنيفة ليس تقام عليه الحدود لأنهم ليسوا بأهل ذمة لأن الحكم لا يجري عليهم أرأيت إن كان رسولا لملكهم فزنى أترجمه؟ أرأيت إن زنى رجل بامرأة منهم مستأمنة أترجمها؟ أرأيت إن لم أرجمهما حتى عادا إلى دار الحرب ثم خرجا بأمان ثانية أمضي عليهما ذلك الحد أرأيت إن سبيا أيمضي عليهما حد الحر أم حد العبد وهما رقيق لرجل من المسلمين؟ أرأيت إن لم يخرجا ثانية فأسلم أهل تلك الدار وأسلماهما أو صارا ذمة أيؤخذان؟ وإن أخذوا بذلك في دار الحرب ثم خرجوا إلينا أنقيم عليهم الحد. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا خرج أهل دار الحرب إلى بلاد الإسلام بأمان فأصابوا حدودا فالحدود عليهم وجهان فما كان منها لله لا حق فيه للآدميين فيكون لهم عفوه وإكذاب شهود شهدوا لهم به فهو معطل لأنه لا حق فيه لمسلم إنما هو لله ولكن يقال لهم لم تؤمنوا. على هذا فإن كففتم وإلا رددنا عليكم الأمان وألحقناكم بمأمنكم فإن فعلوا ألحقوهم بمأمنهم ونقضوا الأمان بينهم وبينهم وكان ينبغي للإمام إذا أمنهم أن لا يؤمنهم حتى يعلمهم أنهم إن أصابوا حدا أقامه عليهم وما كان من حد للآدميين أقيم عليهم ألا ترى أنهم لو قتلوا قتلناهم؟ فإذا كنا مجتمعين على أن نقيد منهم حد القتل لأنه للآدميين كان علينا أن نأخذ منهم كل ما كان دونه من حقوق الآدميين مثل القصاص في الشجة وأرشها ومثل الحد في القذف. والقول في السرقة قولان أحدهما أن يقطعوا ويغرموا من قبل أن الله عز وجل منع مال المسلم بالقطع وأن المسلمين غرموا من استهلك مالا غير السرقة وهذا مال مستهلك فغرمناه قياسا عليه والقول الثاني أن يغرم المال ولا يقطع لأن المال للآدميين والقطع لله فإن قال قائل فما فرق بين حدود الله وحقوق الآدميين؟ قيل أرأيت الله عز وجل ذكر المحارب وذكر حده ثم قال {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} [المائدة: 34] ولم يختلف أكثر المسلمين في أن رجلا لو أصاب لرجل دما أو مالا ثم تاب أقيم عليه ذلك فقد فرقنا بين حدود الله عز وجل وحقوق الآدميين بهذا وبغيره. [بيع الدرهم بالدرهمين في أرض الحرب] قال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - لو أن مسلما دخل أرض الحرب بأمان فباعهم الدرهم بالدرهمين لم يكن بذلك بأس لأن أحكام المسلمين لا تجري عليهم فبأي وجه أخذ أموالهم برضا منهم فهو جائز قال الأوزاعي الربا عليه حرام في أرض الحرب وغيرها لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وضع من ربا أهل الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك وكان أول ربا وضعه ربا العباس بن عبد المطلب فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم قد حرم الله تعالى عليه دماءهم وأموالهم؟ وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستحل ذلك وقال أبو يوسف القول ما قال الأوزاعي لا يحل هذا ولا يجوز وقد بلغتنا الآثار التي ذكر الأوزاعي في الربا وإنما أحل أبو حنيفة هذا لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال «لا ربا بين أهل الحرب» وقال أبو يوسف وأهل الإسلام في قولهم أنهم لم يتقابضوا ذلك حتى يخرجوا إلى دار الإسلام أبطله ولكنه كان يقول إذا تقابضوا في دار الحرب قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام فهو مستقيم. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : القول كما قال الأوزاعي وأبو يوسف والحجة كما احتج الأوزاعي وما احتج به أبو يوسف لأبي حنيفة ليس بثابت فلا حجة فيه. [في أم ولد الحربي تسلم وتخرج إلى دار الإسلام] قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - في أم ولد أسلمت في دار الحرب ثم خرجت إلى دار الإسلام ليس بها حمل أنها تزوج إن شاءت ولا عدة عليها وقال الأوزاعي أي امرأة هاجرت إلى الله بدينها فحالها كحال المهاجرات لا تزوج حتى تنقضي عدتها (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : مثلها تستبرأ بحيضة لا ثلاث حيض. [المرأة تسلم في أرض الحرب] قال أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - في امرأة أسلمت من أهل الحرب وخرجت إلى دار الإسلام وليست بحبلى أنه لا عدة عليها ولو أن زوجها طلقها لم يقع عليها طلاقه قال الأوزاعي بلغنا أن المهاجرات قدمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجهن بمكة مشركون فمن أسلم منهم فأدرك امرأته في عدتها ردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال أبو يوسف - رحمه الله تعالى - على أم الولد العدة وعلى المرأة الحرة العدة كل واحدة منهن ثلاث حيض لا يتزوجن حتى تنقضي عددهن ولا سبيل لأزواجهن ولا للموالي عليهن آخر الأبد أخبرنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رد زينب إلى زوجها بنكاح جديد» وإنما قال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - ولا عدة عليهن «لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السبايا يوطأن إذا استبرئن بحيضة» فقال السباء والإسلام سواء قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى -. حدثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن عبدين خرجا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف فأعتقهما» . وحدثنا بعض أشياخنا «أن أهل الطائف خاصموا في عبيد خرجوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك عتقاء الله» . (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : إذا خرجت امرأة الرجل من دار الحرب مسلمة وزوجها كافر مقيم بدار الحرب لم تزوج حتى تنقضي ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |