إعادة النكرة والمعرفة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القوة في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 5 )           »          الإسلام دين السلام - خطبة عيد الأضحى 1445هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          يوم عرفة ومبادئ الاصطفاء للأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          لياقة القلب في رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          قواعد المجتمع الصالح والحكم الرشيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أهل البشارات القرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          السنن المتروكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الخيانة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 82 )           »          أنواع العوامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 100 )           »          فرحة ووليمة العودة من الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-09-2023, 09:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,693
الدولة : Egypt
افتراضي إعادة النكرة والمعرفة

إعادة النكرة والمعرفة

الشيخ أحمد الزومان

تمهيد:
إعادة النكرة والمعرفة من المباحث التي تكلم عليها علماء علوم القرآن والأصوليون والنحاة والبلاغيون ولها أثر في بعض الفروع الفقهية ومن ذلك الإقرار والوصية وفروع مسألة إذا طلق بعض طلقة.

وإذا ذكر الاسم مرتين فأكثر فله أربعة أحوال:
الأول: أن يكون الأول والثاني نكرتين.
الثاني: أن يكون الأول والثاني معرفتين.
الثالث: أن يكون الأول نكرة والثاني معرفة.
الرابع: أن يكون الأول معرفة والثاني نكرة [1].

وقبل الكلام على القواعد الأربع أنبه على أمور تتعلق بالمسألة:
الأول: المراد بالمعرفة في هذا الباب ما عُرِّف بـ (أل) العهدية أو الجنسية - الحقيقة - أو عُرِّف بالإضافة لا كل المعارف. قال ابن أمير حاج: إعادتها معرفة ونكرة أي إعادة اللفظ الأول إمَّا مع كيفيته مع التنكير والتعريف أو بدونها (ويلزم كون تعريفها) أي المعرفة حينئذ (باللام أو الإضافة في إعادتها نكرة) [2].

الثاني:قال بهاء الدين السبكي: مما يجب التنبه له، أنَّ المراد بذكر الاسم مرتين كونه مذكورًا في كلام واحد، أو كلامين بينهما تواصل بأن يكون أحدهما معطوفًا على الآخر أو له به تعلق ظاهر، وتناسب واضح [3].

الثالث: قد يحكم على إحدى النكرتين أنَّها عين الأخرى مع ورودهما بنصين منفصلين لا تواصل بينهما لدليل خاص كحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لما نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أيُّنا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ هُوَ كَمَا تَظُنُّونَ، إِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ لُقْمَانُ ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] [4]» [5].



قاعدة إذا كان الأول والثاني نكرتين فالثاني غير الأول [6].


الدليل الأول: لما نزلت ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ» [7].

وجه الاستدلال: قال الفراء: العرب إذا ذكرت نكرة ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا اثنتين كقولك: إذا كسبت درهمًا فأنفق درهمًا فالثاني غير الأول وإذا أعادتها بمعرفة فهي هي كقولك إذا كسبت درهمًا فأنفق الدرهم فالثاني هو الأول [8] فالعسر الثاني هو الأول لأنَّ (أل) في العسر الثاني إمَّا تكون للعهد وهو العسر الذي كانوا فيه وإمَّا أن تكون (أل) للجنس فكذلك أيضًا واليسر الثاني غير الأول ولو أراد الأول لعرفه بــ (أل) العهدية لأنَّ اليسر المنكر يتناول بعض الجنس، فيكون الأول ما تيسر لهم من الفتوح في زمنه صلى الله عليه وسلم والثاني ما تيسر في أيام الخلفاء ويحتمل أنَّ المراد بهما يسر الدنيا ويسر الآخرة مثل: ﴿ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ﴾ [التوبة: ٥٢] فكما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى كذلك تعدد اليسر، أو أحد اليسرين الظفر وبالآخر الثواب فلا بد للمؤمن من أحدهما [9].

الرد: هذه الآية هي المشهورة في الاستدلال للقاعدة والرد من وجوه:
الأول: على التسليم بالقاعدة فهي في إعادة اللفظ في جملة أخرى والآية من تكرار الجملة الأولى فلو قال: جاءني رجل، وكلمت رجلًا، فالثاني غير الأول لأنَّهما كلامان ولو قال: جاءني رجل، جاءني رجل، فالثاني هو الأول لأنَّه تكرار له والآية من هذا النوع فهي كقوله تعالى: ﴿ فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴾ [الواقعة: 8 - 9]، ﴿ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ ﴾ [الواقعة: 27] وهذا كثير في الكتاب والسنة فالجملة الثانية مؤكدة للأولى ليتقرر في الأذهان تحقيق اطراد هذا الوعد [10]. ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ كقوله تعالى ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: ٧] إلا أنَّها كررت.

الثاني: إذا كانت الآية الثانية إعادة للأولى فالأصل في إعادة الجملة بلفظها التوكيد أو البدل [11].

الثالث: تنكير اليسر لإفادة العموم فالنكرة المثبتة في سياق الامتنان تعم [12].

الرابع: تعريف اليسر لا يوجب كونه واحدًا ـــ كما سيأتي ـــ وتنكير اليسر يحتمل الثاني غير الأول ويحتمل أنَّه هو فعلى القول بتعدد اليسر دون العسر فالتعدد وعدمه للقرينة لا بسبب التعريف والتنكير [13] فالقاعدة أغلبية كما سيأتي.

الخامس: الآية مختصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي معترضة فما قبلها وما بعدها خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فـ (أل) في العسر للعهد، أي العسر الذي عهدته وعلمته فهي كقوله تعالى:﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ ﴾ [الأعلى: ٨] وتنكير اليسر للتعظيم، أي مع العسر العارض لك تيسير عظيم يغلب العسر[14].

الرد: الأصل عدم الخصوصية وعلى فرضها تدخل أمته صلى الله عليه وسلم بدلالة الأحاديث والآثار[15].

الجواب: الوارد لا يصح لكن يبقى الأصل عدم الخصوصية.

السادس: والحديث لا يصح وعلى فرض ثبوته فالتثنية يراد بها التكثير كقوله تعالى:﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: ٣ - ٤] أي ارجع البصر كثيرًا لأنَّ البصر لا ينقلب حسيرًا من رجعتين وكذلك التثنية في: لبيك، وسعديك، ودواليك [16].

الدليل الثاني:قوله تعالى:﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾ [البقرة: ١٠].

الدليل الثالث: قوله تعالى:﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ [النساء: ٣٢].

الدليل الرابع:قوله تعالى: ﴿ فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ﴾[النساء: ٣٥].

الدليل الخامس:قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [النساء: ١٠٢].

الدليل السادس: قوله تعالى:﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ[المائدة: ١٥].

الدليل السابع: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىٰ أَجَلًا ۖ وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ[الأنعام: ٢].

الدليل الثامن: قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴾ [الطارق: ١٥ – ١٦].

وجه الاستدلال: النكرة الثانية غير الأولى في الآيات السابقة.

الرد: ليس الخلاف في كون الثانية غير الأولى وإنَّما الخلاف هل القاعدة مطردة أو أغلبية؟

فالصحيح أنَّ القواعد الأربع أغلبية:
قال البزدوي والسِّغْنَاقي: (وفيه نظر عندنا)... لأنَّه غير مطرد طردًا وعكسًا أمَّا طردًا ففي صورة إعادة المعرفة معرفة، والثانية غير الأولى،... وأمَّا عكسًا ففي صورة إعادة النكرة نكرة، والثانية عين الأولى[17].

وقال ابن هشام: قولهم إنَّ النكرة إذا اعيدت نكرة كانت غير الأولى وإذا أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كان الثاني عين الأول... في التنزيل آيات ترد هذه الأحكام الأربعة... فإذا ادُّعِي أنَّ القاعدة فيهن إنَّما هي مستمرة مع عدم القرينة فأمَّا إن وجدت قرينة فالتعويل عليها سهل الأمر [18].

وقال بهاء الدين السبكي:لو مشينا على إطلاق القاعدة لورد عليهم ما يعسر جوابه، فمن ذلك ما يرد على قولهم إذا كانا معرفتين... ومن ذلك ما يرد على قولهم: إذا كان الثاني معرفة فالثاني هو الأول... ومن ذلك ما يرد عليهم في النكرتين [19].

وقال تاج الدين السبكي: هذا حاصل كلامهم في هذه القاعدة، ولم يتحرر لي فيها قول بت فإنَّ قولهم في المعرفتين: أنَّ الثاني هو الأول يرد عليه قوله... [و] قولهم في النكرتين: أنَّهما غيران قد يورد عليه نحو... فإن قلت: قد عرف الاتحاد فيما يكون من خارج. قلت: فقيد إطلاقك أنَّ النكرتين غيران بما يندفع عنه مثل هذا، ولا يتبين لي الآن تحريرًا لتقييده [20].

وقال ابن الهمام وابن أمير حاج: (وهو أكثري)... فقد تعاد النكرة نكرة عين الأولى... وتعاد المعرفة معرفة غير الأولى... فقد تعاد [النكرة] معرفة غير الأولى... فقد تعاد [المعرفة] نكرة عين الأولى [21].

وقال التفتازاني: المراد أنَّ هذا هو الأصل عند الإطلاق، وخلو المقام عن القرائن، وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة... وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة... وقد تعاد المعرفة معرفة مع المغايرة... وقد تعاد المعرفة نكرة مع عدم المغايرة... ومثله كثير في الكلام [22].

وقال الزركشي: هذه القاعدة ليست مطردة وهي منقوضة بآيات كثيرة... فإنَّهما معرفتان وهما غيران... وقد نقضوا هذا القسم... فإنَّ فيه نكرتين والثاني هو الأول... الأول نكرة والثاني معرفة... وهذا منتقض[23].

وقال أمير بادشاه: (وهو) أي الضابط المذكور (أكثري) لا كلي، لأنَّه قد تعاد النكرة نكرة عين الأولى... وتعاد النكرة معرفة غير الأولى... وتعاد المعرفة معرفة غير الأولى... ونكرة عين الأولى[24].

وقال السيوطي: فإن كانا معرفتين فالثاني هو الأول غالبًا... إن كانا نكرتين فالثاني غير الأول غالبًا وإلا لكان المناسب هو التعريف بناء على كونه معهودًا سابقًا... وإن كان الأول نكرة والثاني معرفة فالثاني هو الأول حملا على العهد... وإن كان الأول معرفة والثاني نكرة فلا يطلق القول بل يتوقف على القرائن[25].

وقال شيخنا محمد العثيمين: يمكن أن يجاب عن ذلك بأنَّ ما خرج عن القاعدة فلقرينة أخرجته[26].

وقال الرملي الابن: النكرة إذا أعيدت كانت غير الأولى لأنَّ هذا مع كونه مختلفًا فيه غير مشتهر ولا مطرد، إذ كثير ما تعاد وهي عين الأولى[27].

وقال القليوبي[28] والجمل[29]: النكرة إذا أعيدت فهي غير الأولى على أنَّ القاعدة أغلبية.

أدلة إعادة النكرة نكرة وهي عين الأولى: الأدلة كثيرة يعسر حصرها[30] ومنها:
الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنَ لَّنَا مَا هِي قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ اللّه لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ ﴾[البقرة: ٦٧ - ٧١].

وجه الاستدلال: تكررت النكرة ولم تفد التعدد ولا يضر وصفها فلا تكتسب النكرة التعريف بالوصف إنَّما الوصف يقلل دائرة الشيوع.

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ﴾ [النساء: ٩٢].

الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً ﴾ [الأنعام: ٣٧].

الدليل الرابع: قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا ﴾ [مريم: ٨٨] ﴿ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 91، 92].

الدليل الخامس: قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا ﴾ [الملك: ٨ – ٩].


وجه الاستدلال: تكررت النكرة في الأدلة السابقة ولم تتعدد فالثانية عين الأولى [31].

الدليل السادس: عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، «أنَّ رجلًا دخل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا،... ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال: يا رسول الله: هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها... » قال شريك: فسألت أنس بن مالك رضي الله عنه: أهو الرجل الأول؟ قال: «لا أدري؟» [32].

وجه الاستدلال: لو كانت إعادة النكرة تقتضي التعدد مطلقًا لما قال أنس رضي الله عنه: «لا أدري؟» [33].

الدليل السابع: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «لو دخل العسر في جحر، لجاء اليسر حتى يدخل عليه، لأنَّ الله يقول: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً ﴾».

وجه الاستدلال: ظاهر كلام ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ الآية الثانية من باب التأكيد وأنَّ اليسر واحد لم يستفد من تكرره المغايرة بل هو من غير ذلك كأن يكون فهمه مما في التنكير من التفخيم [34].

الرد: الأثر لا يصح.

فقد تعاد النكرة في آية واحدة تارة تفيد التغاير وتارة لا تفيد كقوله تعالى: ﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: ٤٦].

فمصدق الأولى تعود على عيسى عليه السلام والثانية تعود على الإنجيل وهدى تعود على الإنجيل فلم تتعدد [35].

قاعدة إذا كان الأول والثاني معرفتين فالثاني هو الأول [36].

أدلة القاعدة: أدلة القاعدة كثيرة يصعب حصرها [37] ومنها:
الدليل الأول: ما يروى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد نزول الآية: «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ».

وجه الاستدلال: تقدم في القاعدة السابقة.
الرد: تقدم.

الدليل الثاني:قوله تعالى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾[الفاتحة: ٦ – ٧].

الدليل الثالث:قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الربا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَا ﴾ ﴿ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾[البقرة: ٢٧٥ - ٢٧٨].

الدليل الرابع:قوله تعالى: ﴿ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ۖ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ﴾ [آل عمران: ٢٧].

الدليل الخامس: قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الزخرف: ٨٢]

الدليل السادس:قوله تعالى: ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: ٤٩ - ٥٠].

الدليل السابع: قوله تعالى: ﴿ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ﴾ [الحاقة: ١ – ٣].

الدليل الثامن: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: «أَمَّا مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا، وَمَنْ أَسَاءَ، أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ» [38].

الدليل التاسع: في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ... أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ... أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ... وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الجَنَّةِ،... وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ» [39].

الدليل العاشر: عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» قال أبو أيوب رضي الله عنه: «فقدمنا الشأم فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة فننحرف، ونستغفر الله تعالى» [40].

الدليل الحادي عشر: عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» [41].

وجه الاستدلال: أعيدت المعرفة في الأدلة السابقة وهي مُعَرَّفة بـ (أل) أو الإضافة ولم تتغاير.

الرد: لا خلاف في القاعدة إنَّما الخلاف هل هي قاعدة أغلبية أو مطردة؟

الصحيح أنَّها أغلبية وتقدم ذلك عن السِّغْنَاقي وابن هشام وبهاء الدين السبكي وأخوه تاج الدين وابن الهمام وابن أمير حاج والتفتازاني والزركشي وأمير بادشاه والسيوطي وشيخنا محمد العثيمين.

الأدلة على إعادة المعرفة معرفة وهي غير الأولى: الأدلة كثيرة يصعب حصرها [42] ومنها:
الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ﴾[البقرة: ١٧٨].

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ ﴾ [البقرة: ١٩٤].

وجه الاستدلال: تعاد المعرفة معرفة غير الأولى فالحر والعبد والأنثى والشهر الحرام المذكورين أولًا غير المذكورين ثانيًا [43].

الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [ النساء: ١٣٩].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 167.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 165.40 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (1.03%)]