|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وقفات مع سورة العصر: في رحاب سورة العصر (1) وضاح سيف الجبزي ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ * وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 1 - 3]. وَنشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، الأوَّلُ وَالآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ﴿ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الحديد: 6]. يا أنتَ يا أحسنَ الأسماءِ في خَلَدي ![]() ماذا أُعرِّفُ من مَتْنٍ ومن سَندِ ![]() تَقَاصرَتْكلُّهاالأوصافُعندكمُ ![]() لمَّا سَمِعْنا ثناءَ الواحدِ الأحدِ ![]() واللهِ لو أنَّ أقلامَ الوَرَى بُريتْ ![]() مِن العروقِ لمدحِ السيِّدِ الصَّمَدِ ![]() لم نبلغِ العُشرَ مما يستحقُّ ولا ![]() عُشرَ العشيرِ وهذا غايةُ الأمدِ ![]() وَنشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وحبِيبُهُ وخلِيلُه، الأُمِّيُّ الَّذِي عَلَّمَ المُتَعَلِّمِين، واليتِيمُ الَّذِي بَعَثَ الأَمَلَ في قُلُوبِ الْبَائِسِين، والهادِي الَّذِي قَادَ سَفِينَةَ الْعَالَمِ الحَائِرِ في خِضِمِّ المُحِيطِ ومُعترَكِ الأَمْوَاجِ إِلى شَاطِئ النَّجاةِ وبَرِّ السَّلامةِ بمَعْرِفَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِين. نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ ![]() مِنَ الرُّسْلِ والأوثانُ في الأرضِ تُعبَدُ ![]() فَأمْسَى سِرَاجًا مُسْتَنيرًا وَهَادِيًا ![]() يَلُوحُ كما لاحَ الصَّقِيلُ المُهَنَّدُ ![]() وأنذرَنا نارًا، وبشَّرَ جنةً ![]() وعلَّمنا الإسلامَ فاللهَ نحْمَدُ ![]() اللهم صلِّ وسلِّم عليه، صلاةً ترفع منار قائلها، وترسل عليه سحائب المغفرة بوابِلها، وبعد: أيها المسلمون، عباد الله، في هذه الدقائق سنعيشُ -بإذن الملك جلَّ جلالُهُ- مع سورةٍ هي إِحْدى ثلاث سورٍ هنَّ أقصرُ السُّورِ من حيث عدد الآيات، فآيُاتُها ثلاثٌ، وهي مكيَّةٌ، وقد عُدَّت الثَّالثة عشْرَةَ في عدادِ نزولِ السُّوَرِ، نزلتْ بعد سُورَةِ الانْشِرَاحِ وقبل سورة العادياتِ. وهذه السورة- وإن كانت قليلة الآيات، معدودة الكلمات- عظيمةُ المبنى، بليغةُ المعنى، غزيرةُ المحتوى، ثريَّةُ المضمون؛ بل هي من أجْمَعِ سورِ الْقُرْآن للخير بحذافيره، وقد كان أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتَّخَذُونهَا شِعَارًا لَهُمْ فِي مُلْتَقَاهُمْ؛ وقبل تفرُّقهم؛ فقد رَوَى الطبراني: «كَانَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يفترقا إِلَّا عَلَى أَنْ يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ سُورَةَ الْعَصْرِ إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ»[1]. فهذا الصنيعُ من أصحابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يدُلُّ على عِظَم شأنها وعلوِّ منزلتها، وما تحمله من وصايا عظيمة يتعاهدون عليها. لقد تضمنت هذه السورة القصيرة- ذات الآيات الثلاث- منهجًا كاملًا للحياة البشرية، يرسم طريق النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وأوجزت معالم هذا المنهجِ في أمورٍ أربعة: الإيمان، والعمل الصالح، والدعوة إلى الحق، والصبر والثبات عليه. وقد رُوي عن الشَّافِعِيِّ أنه قَالَ: لو تَدَبَّرَ النَّاسُ هَذِهِ السُّورَةَ لَوَسِعَتْهُمْ[2]، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: لَوْ لَمْ يَنْزِلْ إِلَى النَّاسِ إِلَّا هِيَ لَكَفَتْهُمْ[3]. وَبَيَانُ ذَلِك -يا عباد الله-: أن الْمَرَاتِب أربعةٌ، وباستكمالها يحصل للشَّخْصِ غَايَةُ كَمَاله. إحداها: معرفَةُ الْحق، الثَّانِيَةُ: عملُه بِهِ، الثَّالِثَةُ: تَعْلِيمُه مَن لَا يُحسِنُه، الرَّابِعَة: صبرُه على تعلُّمِه وَالْعَمَلِ به وتعليمِه. فَذكر تَعَالَى الْمَرَاتِب الأربعة فِي هَذِه السُّورَة، وأقسم سُبْحَانَهُ أنَّ كل أحد فِي خسرٍ ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [العصر: 3] وهم الَّذين عرَفُوا الْحق وَصَدَّقُوا بِهِ، فَهَذِهِ مرتبَة ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [العصر: 3] عمِلُوا بِمَا علِموه من الحقِّ، فَهَذِهِ مرتبَة أخرى ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ [العصر: 3] وصَّى بِهِ بعضهم بَعْضًا تَعْلِيمًا وإرشادًا، فَهَذِهِ مرتبَة ثَالِثَة ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 3] صبرُوا، ووصَّى بعضُهم بعضًا بالصَّبرِ على الحقِّ والثباتِ عليه، فَهَذِهِ مرتبَة رَابِعَة، وهذا نهاية الْكَمَال؛ أن يكون الشَّخْصُ كَامِلًا فِي نَفسه مُكمِّلًا لغيره. أيها الفضلاء، تبدأ سورة العصر بقَسَم: ﴿ وَالْعَصْرِ ﴾ [العصر: 1]، قيل: هو: الوقتُ، أو العمرُ، أو الدَّهْرُ، أو الزَّمَانُ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ حَرَكَاتُ بَنِي آدَمَ، مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، فهو محل العمل الصالح الذي به سعادةُ العبد في دنياه وأُخْراه، فالأيام والليالي خزائنُ للأعمال الصالحة، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62]. ومرورُ الليالي والأيامِ والشهورِ والأعوامِ، وجريانُ الأفلاكِ وتعاقبُ الفصولِ من أعظم الآيات الكونية، قال الله: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190]، وقال تعالى وتبارك: ﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 6].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |