الأحكام المتعلقة بالهلال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4593 - عددالزوار : 1299994 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4138 - عددالزوار : 827763 )           »          جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348386 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 126 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 259 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 172 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 622 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2580 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-04-2022, 06:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي الأحكام المتعلقة بالهلال

الأحكام المتعلقة بالهلال
محمد حسن عباس


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فهذا بحث مختصر موجز في الأحكام المتعلقة بالهلال.


أولا: ماذا يقال عند رؤية الهلال؟
عن ابن عمر، قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى الهلال قال: الله أكبر، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله» رواه الحاكم[1].


قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان، حدثنا قتادة، أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا رأى الهلال قال: «هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، هلال خير ورشد، آمنت بالذي خلقك» ثلاث مرات، ثم يقول: «الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا، وجاء بشهر كذا»[2].


عن عبادة بن الصامت قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأى الهلال قال: الله أكبر. الحمد لله. لا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر، ومن سوء المحشر.[3].


قال ابن تيمية: فإذا جمع بين هذا كله؛ كبر ثلاثا، ثم هلل ثلاثا، ثم قال آمنت بالذي خلقك فسواك فعدلك؛ ثلاثا، ثم قال: الحمد لله الذي جاء بشهر كذا وذهب بشهر كذا، اللهم! أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.[4].


وعن أبي جناب الكلبي؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رمضان قد جاء؛ فقولوا: اللهم! سلمه لنا وسلمنا له في يسر وعافية وتقبله منا». رواه عباد بن يعقوب الأسدي.


وعن يحيى بن أبي كثير؛ قال: «كان من دعائهم: اللهم! سلمني لرمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا». رواه محمد بن كثير عن الأوزاعي عنه.


وعن أبي جعفر الباقر؛ قال: «كان إذا أهل رمضان؛ قال: اللهم أهله علينا بالسلامة، والإسلام، ودفع الأسقام، والعون على الصلاة والصيام،والرزق الواسع، والعفو والعافية، اللهم! سلمه لنا وسلمنا له». رواه عباد بن يعقوب.[5]


قوله: سلمني من رمضان أي لا يصيبني فيه ما يحول بيني وبين صيامه من مرض أو غيره، وقوله: وسلمه لي هو ألا يغم عليه الهلال في أوله أو آخره فيلتبس عليه الصوم والفطر، وقوله: سلمه مني أي يعصمه من المعاصي فيه.[6].


قال أبو داود: «ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديث مسند صحيح»[7].


إذا رأى الهلال أهل بلد هل يلزم جميع البلاد بالصوم؟
أولا: بالنسبة للبلد الواحد:
فلو رآه جماعة من بلد ولم يره باقيهم لزم جميعهم الصيام بدليل إجماعهم على وجوب الصيام، على الأعمى والمحبوس وإن لم يرياه[8].


ثانيا: بالنسبة للبلاد المتقاربة:
اتفق الفقهاء على أن البلدين المتقاربين حكمهما حكم البلد الواحد.


قال النووي: إذا رأوا ‌الهلال في رمضان في بلد ولم يروه في غيره فإن تقارب البلدان فحكمهما حكم بلد واحد ويلزم أهل البلد الآخر الصوم بلا خلاف[9].


وقال ابن جزي: «إِذا رَآهُ أهل بلد لزم الحكم غَيرهم من أهل البلدَانِ وفَاقا للشَّافِعِيّ خلافًا لِابنِ المَاجشون وَلَا يلزم فِي البِلَاد البَعِيدَة جدا كالأندلس والحجاز إِجمَاعًا».[10].


ثالثا: البلاد المتباعدة:
واختلفوا في البلاد المتباعدة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: إذا رأى الهلال أهل بلد، لزم جميع البلاد الصوم. وهذا قول الليث، وأحمد وبعض أصحاب الشافعي ونقل عن مالك.[11] واختاره ابن تيمية فقال: «الضَّابِطُ أَنَّ ‌مَدَارَ ‌هَذَا ‌الْأَمْرِ ‌عَلَى ‌الْبُلُوغِ لِقَوْلِهِ ﴿ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ﴾ فَمَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ رُئِيَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِمَسَافَةٍ أَصْلًا».[12].


أقوال المذاهب:
قال مالك فيما رواه عنه ابن القاسم والمصريون إذا ثبت عند الناس أن أهل بلد رأوه فعليهم القضاء لذلك اليوم الذي أفطروه وصامه[13] غيرهم برؤية صحيحة وهو قول الليث.[14].


المذهب الشافعي:
قال الماوردي: اختلف أصحابنا في أهل ذلك البلد الذين لم يروه على ثلاثة أوجه، أحدهما: أن عليهم يصوموا إذ ليس رؤية الجميع شرطا في وجوب الصيام، وفرض الله تعالى على جميعهم واحدا.[15].


وقال النووي: قال بعض أصحابنا تعم الرؤية في موضع جميع أهل الأرض.[16].


وجه هذا القول:
الدليل من القرآن:
قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].


الدليل من السنة:
«وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي لما قال له: الله أمرك أن تصوم هذا الشهر من السنة؟ قال: نعم»


وعن أبي عمير بن أنس، قال: حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد "[17].


صححه إسحاق بن راهويه، والدارقطني والبيهقي وابن حزم والخطابي والنووي وابن حجر وغيرهم[18].
وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن[19].
وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح[20].
وقال ابن المنذر: حديث أبي عمير بن أنس ثابت[21].
وقال الخطابي: حديث أبي عمير صحيح[22].


فهؤلاء قوم قد رأوا الهلال في غير المدينة، وبينهم وبينها نحو من يومين؛ لأن شهادتهم كانت آخر النهار، والمطالع قد تختلف في الأمكنة المتقاربة، ولأن حكم البلدين في هذه الرؤية حكم البلد الواحد؛ بدليل انقضاء الأجل وحلول الدين وغير ذلك؛ فلذلك يجب أن يكون في باب الصوم.


ولأنه لو لم يكن حكم البلاد في ذلك واحدا؛ لكان يجب أن يجد ما تختلف به المطالع بحد مضبوط، وليس في ذلك حد مضبوط؛ لأن رؤية الهلال قد تكون تارة لارتفاع المكان، وتارة لصفاء الهواء، وتارة لزوال المانع، وتارة لحدة البصر، ثم ذلك أمر يحتاج إلى حساب، ونحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، فوجب أن نجعل الرؤية واحدة[23].


ولأن البينة العادلة شهدت برؤية الهلال، فيجب الصوم، كما لو تقاربت البلدان[24].


القول الثاني: إن كان بين البلدين مسافة قريبة، لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة، لزم أهله ما الصوم برؤية الهلال في أحدهما، وإن كان بينه ما بعد، كالعراق والحجاز والشام، فلكل أهل بلد رؤيتهم.


قال ابن عبدالبر: أَجْمَعُوا ‌أَنَّهُ ‌لَا ‌تُرَاعَى ‌الرُّؤْيَةُ ‌فِيمَا ‌أُخِّرَ ‌مِنَ ‌الْبُلْدَانِ ‌كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ وَكَذَلِكَ كُلُّ بَلَدٍ لَهُ رُؤْيَتُهُ إِلَّا مَا كَانَ كَالْمِصْرِ الْكَبِيرِ وَمَا تَقَارَبَتْ أَقْطَارُهُ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ[25].


وقال الماوردي: إذا كانت بعيدة فلا يلزم أحد البلدين حكم الآخر لأن مطالع البلاد عند المسافة الفاحشة تختلف فيعتبر في أهل كل بلد مطالع بلدهم دون البلد الآخر[26].


وقال ابن جزي: «إِذا رَآهُ أهل بلد لزم الحكم غَيرهم من أهل البلدَانِ وفَاقا للشَّافِعِيّ خلافًا لِابنِ المَاجشون وَلَا يلزم فِي البِلَاد البَعِيدَة جدا كالأندلس والحجاز إِجمَاعًا»[27].


وقال الماوردي الوجه الثالث في مذهب الشافعي: إن كانوا من إقليم واحد لزمهم أن يصوموا، وإن كانوا من إقليمين لم يلزمهم، لم روي أن ثوبان قدم المدينة من الشام فأخبرهم برؤية الهلال قبل المدينة بليلة فقال ابن عباس لا يلزمنا لهم شامهم ولنا حجازنا فأجرى على الحجاز حكما واحدا، وإن اختلفت بلاده، وفرق بينه وبين الشام.»[28].


القول الثالث: لكل أهل بلد رؤيتهم، وهو مذهب القاسم، وسالم، وسحاق، ورواية عن مالك، والصحيح عند الشافعية


«وروي عن ابن عباس أنه قال لكل قوم رؤيتهم وبه قال عكرمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وإليه ذهب بن المبارك وإسحاق بن راهويه وطائفة.[29]


أقوال المذاهب:
المذهب المالكي:
«وروى المدنيون عن مالك وهو قول المغيرة وبن دينار وبن الماجشون إن الرؤية لا تلزم غير أهل البلد الذي وقعت فيه إلا أن يكون الإمام يحمل الناس على ذلك»[30].


المذهب الشافعي:
قال الماوردي: الوجه الثاني: لا يلزمهم صيامه حتى يروه لأن الطوالع، والغوارب قد تختلف لاختلاف البلدان، وكل قوم فإنما خوطبوا بمطلعهم ومغربهم ألا ترى أن الفجر قد يتقدم طلوعه في بلد، ويتأخر في آخر وكذلك الشمس، قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في آخر، ثم كان الصائم يراعي طلوع الفجر وغروب الشمس في بلده فكذلك الهلال[31].


قال النووي: الصحيح عند أصحابنا ( الشافعية ) أن الرؤية لا تعم الناس بل تختص بمن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة وقيل إن اتفق المطلع لزمهم وقيل إن اتفق الإقليم وإلا فلا[32].


وجه هذا القول:
عن كريب، قال: «قدمت الشام، واستهل علي هلال رمضان، وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ قلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا، وصام معاوية فقال: لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.»[33].


قال النووي: لم يعمل ابن عباس بخبر كريب لأنه شهادة فلا تثبت بواحد لكن ظاهر حديثه أنه لم يرده لهذا وإنما رده لأن الرؤية لم يثبت حكمها في حق البعيد[34].


والتفريق بين البلاد القريبة والبلاد البعيدة قول وجيه، وبه يرتفع الخلاف، فحديث القول الأول نحمله على البلد القريب وحديث القول الثالث نحمله على البلد البعيد.


ويرفع الخلاف في هذه المسألة حكم الإمام.
قال القرطبي: المسألة اجتهادية مختلف فيها، ولا يبقى مع حكم الإمام اجتهاد، ولا تحل مخالفته. ألا ترى أن معاوية أمير المؤمنين قد صام بالرؤية وصام الناس بها بالشام، ثم لم يلتفت ابن عباس إلى ذلك، بل بقي على حكم رؤيته هو[35].


قال المازري: إذا ثبت الهلال عند الخليفة لزم سائر الأمصار الرجوع إلى ما عنده، وإن كان ذلك عند أهل مدينة، هل يلزم غيرهم ما ثبت عندهم؟ ففيه قولان، فأما الحديث فهو يحتمل أن يريد بقوله: " صوموا لرؤيته " أى لرؤية من كان أو لرؤيتكم أنتم. ويحتج من لا يوجب الصوم بما ذكره مسلم من حديث كريب حين قدم من الشام وصام لرؤيته ليلة الجمعة هناك، وأنه أعلم ابن عباس [بذلك]، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصومه حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أو لا نكتفى برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


قال الإمام: والفرق بين الخليفة وغيره: أن سائر البلدان لما كانت بحكمه فهى كبلد واحد، ويحتج للزوم الصوم من جهة القياس بأنه: كما يلزم الرجوع إلى بعض أهل المصر فكذلك يرجع أهل مصر إلى أهل مصر؛ إذ العلة حصول الخبر بذلك[36].


فائدة:
قَالَ السُّبكِيُّ: «وقَد تَختَلِفُ المَطَالِعُ وتَكُونُ الرُّؤيَةُ فِي أَحَدِ البَلَدَينِ مُستَلزِمَةً لِلرُّؤيَةِ فِي الآخَرِ مِن غَيرِ عَكسٍ، وذَلِكَ أَنَّ اللَّيلَ يَدخُلُ فِي البِلَادِ الشَّرقِيَّةِ قَبلَ دُخُولِهِ فِي البِلَادِ الغَربِيَّةِ، فَمَتَى اتَّحَدَ المَطلَعُ لَزِمَ مِن رُؤيَتِهِ فِي أَحَدِهِمَا رُؤيَتُهُ فِي الآخَرِ، ومَتَى اختَلَفَ لَزِمَ مِن رُؤيَتِهِ فِي الشَّرقِيِّ رُؤيَتُهُ فِي الغَربِيِّ ولَا يَنعَكِسُ، وعَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ كُرَيبٍ فَإِنَّ الشَّامَ غَربِيَّةٌ بِالنِّسبَةِ إلَى المَدِينَةِ، فَلَا يَلزَمُ مِن رُؤيَتِهِ فِي الشَّامِ رُؤيَتُهُ فِيهَا»[37].


لعله سبق قلم فالظاهر رؤيته في الغربي تستلزم رؤيته في الشرقي.




العدد المعتبر في رؤية الهلال:
اختلف العلماء في هلال رمضان على قولين:
القول الأول:تقبل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول أبو حنيفة وابن المبارك، والشافعي على خلاف عنه فيه، وأحمد، وأهل الكوفة.


قال الترمذي: والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم قالوا: تقبل شهادة رجل واحد في الصيام، وبه يقول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وأهل الكوفة. أهـ[38].


أقوال المذاهب:
قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: إن لم تر العامة هلال شهر رمضان ورآه رجل عدل رأيت أن أقبله للأثر والاحتياط[39].


قال الماوردي: إذا شهد على رؤيته عدل واحد فقد نص الشافعي في القديم والجديد على قبول شهادته، وقال في البويطي: لا يقبل فيه إلا شاهدان، فاختلف أصحابنا في ترتيب المسألة على مذهبين أحدهما أن المسألة على قولين:

أحد القولين لا يقبل فيه أقل من شاهدين.

والقول الثاني: يقبل فيه شاهد واحد[40].
قال الخطيب الشربيني: وثُبُوتُ رُؤيَتِهِ يَحصُلُ بِعَدلٍ سَواءٌ كَانَت السَّمَاءُ مُصحِيَةً أَم لَا وفِي قَولٍ يُشتَرَطُ فِي ثُبُوتِ رُؤيَتِهِ عَدلَانِ كَغَيرِهِ مِن الشُّهُورِ[41].


المذهب الحنبلي:
قال ابن تيمية: عامة أصحابنا: أنه إذا رأى الهلال وحده؛ لزمه الصوم[42].


وجه هذا القول:
الدليل الأول: عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني رأيت الهلال، قال: أتشهد أن لا إله إلا الله، أتشهد أن محمدا رسول الله، قال: نعم، قال: يا بلال، أذن في الناس أن يصوموا غدا[43].


قال أبو داود: رواه جماعة عن سماك، عن عكرمة، مرسلا، قال الترمذي: حديث ابن عباس فيه اختلاف وروى سفيان الثوري وغيره، عن سماك، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وأكثر أصحاب سماك رووا، عن سماك، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا. أهـ وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة كذا قال الحافظ في التلخيص وقال في بلوغ المرام رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورجح النسائي إرساله انتهى. وصححه ابن الملقن.


«قال أبو عمر حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاز شهادة الأعرابي وحده في هلال رمضان مختلف فيه فمنهم من أسنده وأكثرهم أرسله عن عكرمة»[44].


الدليل الثاني: عن ابن عمر رضي الله عنه قال تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه[45].

«قال الدارقطني: تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب، وهو ثقة»[46].


الدليل الثالث: عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن أمه فاطمة بنت الحسين، أن رجلا شهد عند علي على رؤية هلال رمضان فصام، وأحسبه قال: وأمر الناس أن يصوموا، وقال: أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان[47].


الدليل الرابع: قال القرطبي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)؛ يقتضي لزوم حكم الصوموالفطر لمن صحت له الرؤية، سواء شورك في رؤيته، أو انفرد بها. وهو مذهب الجمهور[48].


الدليل الخامس: عن فاطمة بنت الحسين أن رجلا شهد عند علي - رضي الله تعالى عنه - على رؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس أن يصوموا، وقال: أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان[49].


ولأن ثقته برؤية نفسه أبلغ من ثقته بخبر غيره، ثم لو أخبره شاهدان؛ لوجب الصوم بخبرهما؛ فأن يجب بعلمه أولى وأحرى، ولأن العبد إنما يعامل الله بعلمه؛ فإذا لم يكن له علم قبل قول غيره، وهو يعلم أن هذا اليوم من رمضان.


وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صومكم يوم تصومون»؛ فهو في حق العامة[50].


القول الثاني: لا يصام إلا بشهادة رجلين، وبه قال مالك والليث والأوزاعي والثوري وإسحاق والشافعي في أحد قوليه.

أقوال المذاهب:

قال مالك: ولا يجوز في رؤية هلال رمضان شهادة رجل واحد، وإن كان عدلا، فإن عثمان بن عفان أبى أن يجيز شهادة هشام بن عتبة وحده علي هلال رمضان[51].


قال مالك: ولا يصام ويفطر ولا يقام الموسم إلا بشهادة رجلين حرين مسلمين عدلين على رؤية الهلال[52].


قال الحطاب: الأمر الثاني الذي يثبت به رمضان وهو الرؤية وهي على وجهين: مستفيضة، وسيأتي الكلام عليها، وغير مستفيضة، ولا بد فيها من شهادة عدلين وهذا في حق من لم ير الهلال بنفسه وأما من رآه فإنه يلزمه الصوم[53].


«وقيل لسحنون: أرأيت إن أخبرك الرجل الفاضل أنه رآه؟ قال: ولو ‌كان ‌مثل ‌عمر ‌بن ‌عبد ‌العزيز ما صمت بشهادته، ولا أفطرت، ولا يجب ذلك إلا بشاهدين[54].


المذهب الشافعي:
وقال الشافعي: لا يجوز على هلال رمضان إلا شاهدان[55].

قال الشافعي: قال بعض أصحابنا لا أقبل عليه إلا شاهدين، وهذا القياس على كل معيب استدل عليه ببينة وقال بعضهم جماعة[56].


وجه هذا القول:
عَنْ حُسَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ: خَطَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَقَالَ: أَلَا إِنِّي قَدْ جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَأَلْتُهُمْ، أَلَا وَإِنَّهُمْ حَدَّثُونِي، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَنْسِكُوا لَهَا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُّوا ثَلَاثِينَ، وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مُسْلِمَانِ، فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا "[57].


ونوقش هذا القول:
وأجاب من قال بقبول شهادة رجل في الصيام عن هذين الحديثين بأن التصريح بالاثنين غاية ما فيه المنع من قبول الواحد بالمفهوم وحديث ابن عباس وحديث ابن عمر المذكورين يدلان على قبوله بالمنطوق ودلالة المنطوق أرجح.


ولأن عثمان كان لا يجيز شهادة الواحد في الهلال. ذكره أحمد واستشهد به[58].

وقال ابن تيمية: وما نقل عن عثمان؛ فهو مرسل، ولعله أراد هلال الفطر[59].


القول الثالث: إن كانت السماء مصحية ورأى الناس الهلال صاموا وإن شهد واحد برؤية الهلال لا تقبل شهادته ما لم تشهد جماعة يقع العلم للقاضي بشهادتهم، في ظاهر الرواية ولم يقدر في ذلك تقديرا وروي عن أبي يوسف أنه قدر عدد الجماعة بعدد القسامة خمسين رجلا، وعن خلف بن أيوب أنه قال: خمسمائة، ببلخ قليل وقال بعضهم: ينبغي أن يكون من كل مسجد جماعة واحد، أو اثنان، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى: أنه يقبل فيه شهادة الواحد العدل وهو أحد قولي الشافعي - رحمه الله تعالى -، وقال في قول آخر: تقبل فيه شهادة اثنين[60].


وجه ظاهر الرواية أن خبر الواحد العدل إنما يقبل فيما لا يكذبه الظاهر وههنا الظاهر يكذبه لأن تفرده بالرؤية مع مساواة جماعة لا يحصون إياه في الأسباب الموصلة إلى الرؤية وارتفاع الموانع دليل كذبه، أو غلطه في الرؤية، وليس كذلك إذا كان بالسماء علة، لأن ذلك يمنع التساوي في الرؤية لجواز أن قطعة من الغيم انشقت فظهر الهلال فرآه واحد ثم استتر بالغيم من ساعته قبل أن يراه غيره، وسواء كان هذا الرجل من المصر، أو من خارج المصر، وشهد برؤية الهلال أنه لا تقبل شهادته في ظاهر الرواية[61].


ويناقش هذا القول:
الدليل على قبول شهادة عدلين وتسوية الحكم في الموضعين ما روي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه قال صحبنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتعلمنا منهم فكانوا يخبرون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال صوموا، لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، فإن شهد ذوا عدل فصوموا، فدل هذا الخبر على بطلان قول أبي حنيفة وليس اشتراك الناس في حاسة البصر يوجب تماثلهم في الإدراك، لأنا قد نجد بصيرين يعتمدان نظر شيء على بعد فيراه أحدهما دون الآخر لحدة بصره، ولا يكون ذلك قادحا في الشيء المرئي، ثم يتوجه هذا القول على أبي حنيفة إذا رآه عدد يقع العلم بقولهم ولم يره الكافة مع تماثلهم في الحاسة أن لا يحكم بهم[62].


من رأى الهلال وحده:
القول الأول: إذا رأى ‌هلال ‌رمضان ‌وحده ‌فإنّه ‌يصومُ عند جمهور الفقهاء، قال ابن المنذر: كان مالك بن أنس، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، يقولون: إذا ‌رأى ‌هلال ‌رمضان ‌وحده صام، وإذا رأى هلال الفطر وحده لم يفطر»[63].


أقوال المذاهب:
المذهب المالكي:
قال مالك من رأى هلال رمضان وحده فإنه يصوم لا ينبغي له أن يفطر وهو يعلم أن ذلك اليوم من رمضان ومن رأى هلال شوال وحده فإنه لا يفطر لأن الناس يتهمون على أن يفطر منهم من ليس بمأمون فلا أعلم خلافا في هلال رمضان أنه من رآه يلزمه الصوم إلا عطاء بن أبي رباح فإنه قال لا يصوم وحده ولا يفطر وحده وإن رآه »[64].


وقال الحطاب: «من رأى هلال رمضان وحده وسواء كان عدلا أو مرجوا أو نحوه ما فإنه يجب عليه الصوم فإن أفطر متعمدا أو منتهكا لحرمة الشهر فعليه القضاء والكفارة وإن أفطر متأولا فظن أنه لا يلزمه الصوم برؤيته منفردا ففي وجوب الكفارة تأويلان والقول بوجوب الكفارة هو المشهور[65].


وجه هذا القول:
لأنّه إذا صام برؤية غيره وهي ظَنٌّ، فأَوْلَى وأَحْرَى أنّ يصومَ برؤية نفسه الّتي هي يقين، ولقوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾.

ومن جهة المعنى: إنّه إذا لزمه الصَّوم برؤية غيره، فَأَوْلَى أنّ يصومَ بتحقيق نفسه[66].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 122.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 120.82 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]