فقه النوازل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 9448 )           »          ضبط أقل مدة الحمل بين حكم نكاح السر وإعلان الزواج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الأسس المفاهيمية والتقنية للذكاء الاصطناعي وتطوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الوهن الذي أصاب الأمــة جعلهــا تخشى قوة الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التراجم: نماذج من المستشرقين المنصِّرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          الاستشراق والتنصير مدى العلاقة بين ظاهرتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 46 )           »          وسواس بسبب صدمة في الطفولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أريد التخلص من الأفكار السلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وهم الخيانة الزوجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          مشكلة بطء الاستيعاب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 17-01-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,637
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (10)

سعد بن تركي الخثلان

الإخبار بوقت الكسوف والخسوف، وأثر ذلك على الأحكام الشرعية
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، أما بعد:
ففي هذا الدرس معنا ثلاث مسائل من النوازل ، ولا زلنا في النوازل في العبادات:
المسألة الأولى: الإخبار بوقت الكسوف والخسوف ، ونشره في وسائل الإعلام وأثر ذلك على الأحكام الشرعية.
والمسألة الثانية: حكم استثمار أموال الزكاة .
والمسألة الثالثة: حكم إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر .
ونبدأ أولا بالمسألة الأولى وهي الإخبار بوقت الكسوف والخسوف ، ونشره في وسائل الإعلام ، وأثر ذلك على الأحكام الشرعية ، وقبل أن ندخل في هذه المسألة نعرف الكسوف والخسوف .
الكسوف: يعرفه كثير من الفقهاء بذهاب ضوء الشمس أو بعضه لسبب غير معتاد ، ولكن التعريف الدقيق انحجاب ضوء الشمس أو بعضه لسبب غير معتاد ؛ لأن ضوء الشمس في الحقيقة لا يذهب وإنما ينحجب فقط .
والخسوف: ذهاب ضوء القمر أو بعضه لسبب غير معتاد ، والتعريف الدقيق كما قلنا في الكسوف ، انحجاب ضوء القمر أو بعضه لسبب غير معتاد .
والكسوف والخسوف لهما سببان سبب شرعي وسبب كوني :أما السبب الكوني: فبالنسبة لكسوف الشمس سبب ذلك حيلولة القمر بين الشمس والأرض ، ومعلوم أن القمر أصغر بكثير من الشمس ، وكذلك أصغر من الأرض ؛ ولهذا فإن الكسوف الكلي للشمس لا يمكن أن يعم الكرة الأرضية ، لا يمكن ، وإنما يقع في جزء منها ، نظرا لأن حجم القمر أصغر من الأرض وأصغر من الشمس .
وأما سبب خسوف القمر فهو حيلولة الأرض بين الشمس والقمر ، فيحدث خسوف القمر ، معلوم أن الأرض أكبر من القمر ؛ ولذلك فإنه يحصل الخسوف الكلي ، يحصل الخسوف الكلي لجميع القمر ، وقد يحصل خسوفا جزئيا له ، هذا هو السبب الكوني المعروف.
وأما السبب الشرعي، فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المخرج في الصحيحين ، في قوله عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وإنما هما آيتان يخوف الله بهما عباده " .
فالسبب الشرعي إذن هو التخويف للعباد ، فإذن الكسوف والخسوف بمثابة الإنذار للعباد بوقوع العقوبة من الله - عز وجل - ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد حصول الكسوف أو الخسوف بالدعاء والصلاة والاستغفار والتوبة والصدقة والعتق ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال : هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله يخوف الله بهما عباده ، قال هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما -يعني الكسوف والخسوف- سببٌ لنزول عذاب بالناس ، فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه .
التخويف إنما يكون بما يخافه الناس ، وإنما يخاف الناس مما يضرهم ، فلولا إن كان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا ، انتبه لهذه الفائدة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في قوله عليه الصلاة والسلام " يخوف الله بهما عباده " يقول : هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما سبب لنزول عذاب بالناس فإن الله يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه وعصوا رسله .
وإنما يخاف الناس مما يضرهم ، فلولا إن كان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا ، قال تعالى : { وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) } (1) وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يزيل الخوف ، أمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق ، حتى يكشف ما بالناس وصلى بالمسلمين في الكسوف صلاة طويلة إلى آخر ما قال .
وهذا يدل على أن الكسوف والخسوف يقترنوا في الغالب بما يخاف الناس منه مما يضرهم ، وهذا يعني نراه واقعا أن الكسوف والخسوف يقترن بحدث في الأرض من زلازل أو براكين أو غيرها ، ولله تعالى الحكمة البالغة في هذا ، وأما الإخبار بوقت الكسوف والخسوف فوجه اعتبار هذه المسألة من النوازل هو التقدم في علم الفلك بحيث أصبح معرفة وقت الكسوف والخسوف يكاد يصل إلى درجة القطع .
وكذلك أيضا وجود وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة , فما حكم الإخبار بوقت وقوع الكسوف والخسوف ونشر ذلك في وسائل الإعلام ؟
نقول إن معرفة الكسوف والخسوف ليست من علم الغيب ، إذ لو كانت من علم الغيب لما استطاع البشر معرفة وقت الكسوف والخسوف ، بل هو من العلم الحسي المدرك ، قد كان الناس من قديم الزمان يعرفون وقت الكسوف والخسوف ، وذكر أن الفراعنة قبل أكثر من أربعة آلاف سنة ، يعرفون وقت الكسوف والخسوف بدقة .
وكان في المسلمين من يعرف وقت الكسوف والخسوف ، ولكن لما ارتبط في قرون مضت ارتبط علم الفلك بعلم التنجيم ، فأصبح الذين لهم عناية ومعرفة بعلم الفلك يعرفون بالتنجيم ، وقف كثير من الفقهاء موقفا من هؤلاء ، وإلا لو أن علم الفلك سلم من علم التنجيم فهو علم عظيم .
ولذلك لما انفصل علم الفلك في الوقت الحاضر عن علم التنجيم ، أصبح علما له أثره الكبير في حياة الناس ، وأصبح يدرس في الجامعات وفي تخصصات دقيقة ، لكن في أزمنة مضت وقرون خلت كان هناك ارتباط بين علم الفلك والتنجيم ، فنقول إذا معرفة الكسوف والخسوف كانت معروفة من قديم الزمان .
وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وذكر أن الناس كانوا في زمنه يعرفون ، كان هناك أناس يعرفون وقت الكسوف والخسوف ، وكان مما قال -رحمه الله- قال الشمس لا تكسف إلا وقت استصغاره ، وللشمس والقمر ليالٍ معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف ، كما أن من علم كم مضى من الشهر يعلم أن الهلال يطلع في الليلة الفلانية أو التي قبلها .
قال : أما العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانهما ، وليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب ، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه أعظم من صدقه ، فإن ذلك قول بلا علم وبناء على غير أصل صحيح ، فإنه بهذا يرد على بعض الفقهاء الذين قالوا ذلك ، قالوا : إن خبر الحاسب كذبه أكبر من صدقه .
فقال شيخ الإسلام إن هذا ليس بصحيح ، وليس خبر الحاسب الكذب أعظم من الصدق ، بل هو قول بلا علم ، وبناء على غير أصل صحيح ، قال : أما ما يعلم بالحساب ، وأما ما يعلم بالحساب ، فهو مثل العلم بأوقات الفصول كأول الربيع والصيف والخريف والشتاء ، إلى آخر ما ذكر .
ثم قال إن أهل الحساب إذا تواطئوا على وقت للكسوف والخسوف ، فلا يكادون يخطئون ، جعل الله تعالى للكسوف والخسوف لله - عز وجل - في هذا سنة كونية ، وقد ذكروا أن الكسوف والخسوف يتكرر نفسه كل ثماني عشرة سنة وأحد عشر يوما وسبع ساعات ، ولذلك يمكن أن يحسب الكسوف والخسوف ، لعشرات بل لمئات السنين مئات سنين قادمة ، ومئات سنين ماضية، لأنه يتكرر كل ثماني عشرة سنة ، وأحد عشر يوما ، وسبع ساعات وثلاث وأربعين دقيقة .
فمن السهل معرفة وقت الكسوف بهذه الطريقة ، ولهذا فإنه في الوقت الحاضر ، أصبحت معرفة وقت الكسوف والخسوف تكاد تصل إلى درجة القطع ، لأنه بهذه العملية يمكن حساب الكسوف والخسوف لعشرات بل مئات السنين القادمة ، ويمكن حسابه بالدقائق ، بالدقيقة حتى بالثانية ، لأنه بهذه العملية الحسابية يسهل جدا معرفة وقت الكسوف والخسوف .
وقد تقدم علم الفلك في الوقت الحاضر تقدما كبيرا ، وكان أصله عند المسلمين الأوائل ، علم الفلك أصوله أخذت من المسلمين ، فإنهم تقدموا في ذلك في وقت ازدهار الحضارة الإسلامية ، ولهذا تجد أن بعض النجوم لا زالت إلى الآن بأسمائها باللغة العربية ، وإن كانت تنطق وتكتب باللغة الإنجليزية مثل الدبران مثلا لا زال بهذا الاسم إلى الآن .
وأذكر هنا يعني أمرا يبين لك أن أصل هذا التقدم في علم الفلك إنما كان من المسلمين وقت ازدهار حضارتهم ، المذنب المسمى بالمذنب هالي اكتشف عام 1682 ميلاديا ، ونجد أن الشاعر أبا تمام قد ذكره في قصيدته في فتح عمورية ، لما قالت امرأة : وامعتصماه فسير المعتصم جيشا لنصرة هذه المرأة ، وأخبره المنجمون في ذلك الوقت بأن كوكبا من جهة الغرب سوف يخرج وربما انهزم لأجل ذلك ، ولكنه لم يلتفت لقولهم وسار بجيشه وانتصر ، وقال أبو تمام قصيدة مشهورة :
السيف أصدق أنباء من الكتب
بيض الصفائح لا سود الصحائف
...
... في حده الحد بين الجد واللعب
في متونهن جلاء الشك والريب
إلى قوله :
وخوف الناس من دهياء مظلمة
... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
الكوكب الغربي ذو الذنب هو المذنب هالي نفسه ، وأبو تمام توفي سنة 228 للهجرة ، يعني إذا أردنا أن نحولها بالميلادي 843 بينما اكتشف المذنب هالي عام 1682 ، أي أن أبا تمام ذكره قبل أن يكتشف عند الغرب بثمانمائة وخمس وأربعين سنة ، هذا فقط يعني أقدم ما ذكر لنا ، مع أنه يحتمل أنه عرف عند المسلمين قبل ذلك .
ولهذا ذكر ابن الأثير في تاريخه وصف هذا المذنب ، وبين كم بقي وأنه كان في جهة الغرب ذكر ابن الأثير أنه ظهر بسنة 222 للهجرة ، المقصود أن المسلمين الأوائل كانوا يعرفونه قبل اكتشافه عام 845 للميلاد ، ومع ذلك لما اكتشفوه بعد أكثر من ثمانمائة سنة سموه باسم الذي اكتشفه وهو هالي ، مع أن المسلمين كانوا يعرفونه قبل أكثر من ثمانمائة سنة ، ولكن كما ذكرت الذي عرفه هؤلاء كانوا يخلطون التنجيم بعلم الفلك .
ولذلك خوفوا المعتصم ، خوفوا المعتصم بظهور هذا المذنب ، لكنه لم يلتفت لقولهم ؛ لأنه ليس له أثر ظهور المذنب في الانتصار في المعركة ، فكان هناك خلط بين التنجيم وبين الفلك ، لكنهم عرفوا متى سيطلع هذا المذنب الذي قيل أنه يتكرر طلوعه كل ست وسبعين سنة ، فهذا يبين لك أن المسلمين الأوائل كانوا يعرفون كان عندهم تقدم في علم الفلك ، وكانوا يعرفون وقت الكسوف والخسوف .
هل الآن المعرفة الدقيقة لوقت الكسوف والخسوف التي قلنا إنها قد تصل إلى درجة القطع ؟ نحن قلنا إنها ليست من علم الغيب ، ولكن هل نقول إن إخبار الناس بوقت الكسوف والخسوف إنه مشروع ؟ قال بعض أهل العلم إنه غير مشروع ؛ لأننا إذا تأملنا الحكمة التي من أجلها حصلت هذه الآيات العظيمة وهي تخويف العباد ، فكونه ينشر ويتنقله الناس بواسطة وسائل الاتصال المختلفة ، هذا يخفف من وقع هذه الآية على قلوب الناس ، فلا تحصل الحكمة التي من أجلها شرع الكسوف ، وهي تخويف العباد ورجوعهم إلى الله - عز وجل - .
وإذا علم الناس بوقت ابتداء وانتهاء الكسوف قبل وقوعه فإنه يخف وقع هذه الآية في نفوسهم ، قالوا : فالأولى أن لا ينشر وقت الكسوف والخسوف قبل وقوعه ، والذي يظهر والله أعلم أن الأولى عدم إخبار الناس بوقت الكسوف والخسوف لما ذكر إلا إذا كان وقت وقوعه وقت غفلة ، إذا كان وقت وقوعه وقت غفلة ويغلب على الظن أن أكثر الناس لن ينتبهوا ولن يصلوا صلاة الكسوف أو الخسوف.
فالذي يظهر -والله أعلم- أن الأولى إخبارهم في هذه الحال ، لأجل أن يستعدوا للصلاة ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ذكر قال : إذا غلب على ظن الإنسان صدق المخبر بالكسوف والخسوف ، فنوى أن يصلي الكسوف والخسوف يعني صلاة الكسوف والخسوف عند ذلك واستعد ذلك لوقت رؤية ذلك كان هذا حثا من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته .
اعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الإنسان إذا غلب على ظنه صدق المخبر بالكسوف والخسوف ، واستعد لذلك أن هذا من باب المسارعة للطاعات ، هكذا نقول إذًا إذا كان هذا في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فكيف بزمننا هذا الذي تقدم فيه علم الفلك .
والذي نستطيع أن نقول إن المخبر قد يصل إلى درجة القطع في إخباره بوقت الكسوف والخسوف ، فربما يقطع السامع بصدق خبر هذا المخبر ، وحينئذ فلا بأس بالاستعداد بالكسوف والخسوف وإخبار الناس بذلك ، كما حصل قبل ثلاثة أشهر كسوف جزئي للشمس ، وكثير من الناس لم يصلوا صلاة الكسوف بسبب أنهم لم يعلموا ؛ لأنه كان في وقت غفلة لم يتنبه له كثير من الناس ، إخبار الناس قبل ذلك حتى يستعدوا ويتهيئوا للصلاة لا بأس به ، بل هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : هو من قبيل المسارعة للطاعات .
أما إذا كان ليس وقت غفلة ويغلب على الظن أن أكثر الناس سوف ينتبهوا وسوف يصلون ، سوف ينتبهون ويصلون ، فالأولى عدم إخبارهم لأجل أن يكون لتلك الآية وقع في نفوسهم، هذا التفصيل هو الذي يظهر في هذه المسألة ، والله تعالى أعلم .
من المسائل المتفرعة عن هذه المسألة إذا أخبر أهل الفلك بوقت وقوع الكسوف والخسوف ، ثم إنه غم كسوف الشمس بسحاب ، أو خسوف القمر غم بسحاب ، فلم نستطع رؤية الشمس كاسفة ، ولا القمر خاسفا ، فإنه في هذه الحال لا تشرع صلاة الكسوف والخسوف ، لا تشرع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الأمر بالصلاة على رؤيته قال : " فإذا رأيتم ذلك فصلوا " .
ومفهوم هذا الحديث أننا إذا لم نر الكسوف والخسوف فإنه لا تشرع الصلاة ، حتى ولو غلب على الظن صدق المخبر ، فهي إنما تشرع الصلاة إذا رؤيت الشمس كاسفة ، أو رؤي القمر خاسفا .
أيضا من المسائل المتفرعة عن هذه المسألة ، أن هناك خسوفا عند الفلكيين وليس خسوفا بالمعنى الشرعي ، وهو ما يسميه الفلكيون الخسوف الكاذب ، أو الخسوف شبه الظل ، يسميه بعضهم الخسوف الكاذب وبعضهم خسوف شبه الظل ، فهذا الخسوف يسمونه خسوفا ، لكنه من يرى القمر يجد أنه لا يختفي ضوءه ، يبقى ضوء القمر لا يختفي .
فلا يؤثر هذا الخسوف على ضوء القمر ، ولكنهم يسمونه خسوفا بمصطلحهم ، وهذا الخسوف ، خسوف شبه الظل أو الخسوف الكاذب ، لا تشرع الصلاة عنده ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم ذلك فصلوا " ونحن لم نر القمر خاسفا ، ولهذا فإنه لا تشرع الصلاة عنده ، وأذكر أنه قبل نحو عشر سنوات ، أعلن في بعض الصحف عن خسوف شبه ظل أو خسوف كاذب ، فقام بعض أئمة الناس وصلوا بالناس صلاة الخسوف ، مع أنه لم يختف ضوء القمر .
وأصدر سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بيانا في هذا أنكر فيه على من صلى ، وبين أن الصلاة إنما تشرع عند رؤية القمر خاسفا أو الشمس كاسفة ، فينبغي إذا عدم التعجل في إقامة صلاة الخسوف حتى يرى القمر خاسفا ، لأنه أحيانا يكون مقصود المخبر من الفلكيين يكون مقصوده الخسوف الكاذب الذي هو شبه الظل ، وهذا لا تشرع الصلاة عنده ؛ لأنه لا يذهب ضوء القمر ولا بعضه ، ولهذا فإنه لا تشرع الصلاة عنده ، وإن سماه الفلكيون وإن سموه خسوفا ، هذا ما يتعلق بهذه المسألة .
يتبع
__________
(1) - سورة الإسراء آية : 59.
صـــــــ 78
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 397.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 395.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.43%)]