الآثار الدينية وحكمها في الشريعة الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5038 - عددالزوار : 2191904 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4619 - عددالزوار : 1472107 )           »          بعض حقوق المرأة في الاسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 12061 )           »          فتح الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الحصن الإسباني الأخير في حلق الوادي بتونس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 51 - عددالزوار : 12760 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 1872 )           »          محبة الإخوان في الله تورث حبَّ الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          العلامة المؤرخ الأديب الشاعر محمد أمين المحبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          مقولات معبرة للعلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-12-2020, 10:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,585
الدولة : Egypt
افتراضي الآثار الدينية وحكمها في الشريعة الإسلامية

الآثار الدينية وحكمها في الشريعة الإسلامية
د. عبدالله بن سليمان آل مهنا





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن المتابع يلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الاهتمام بالآثار والقديم من التراث، حتى أنشئت لذلك جهات تعنى به، وتبعث من ينقب عن الآثار والأحجار والكتابات القديمة بدعوى المحافظة على التراث وإحياء ما اندرس منها، إلى غير ذلكم من المسوغات.

ولا ريب أن الله تعالى امتن على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ببعثته عليه الصلاة والسلام، فاغتنى الناس في قلوبهم بالوحي والإيمان، ولم يعد لهم التفات إلى الماضي الذي كانوا عليه، ولذا قيل لحكيم بن حزام رضي الله عنه وقد باع دار الندوة: بعت مكرمة قريش؟ قال: ذهبت المكارم إلا التقوى.
وواضح أن هذه العبارة من حكيم رضي الله عنه نابعة من قلب عرف الجاهلية وتراثها المظلم ثم استنار بالوحي والإيمان والتقوى.

ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مسيرهم لتبوك مروا على ديار ثمود فدخلها بعض الصحابة رضي الله عنهم، فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم؟ فناداه رجل: نعجب منهم يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: أفلا أنبئكم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئاً [1]).
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم صرفهم إلى ما هو أنفع لهم من تتبع آثار الماضين والعجب منها إلى التأمل والتبصر فيما يقربهم إلى الله تعالى وهو هذا الرسول المقيم بين ظهرانيهم...

ولا شك أن الإغراق في تتبع الآثار وما طوته الأدهار والنواح على الأطلال، يؤدي إلى الزهد فيما امتن الله به على أهل الإسلام من ميراث النبوة الذي ورّثه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، وهو كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وما نحن بصدد الحديث عنه هو العناية بالآثار الدينية والاهتمام بها، فإنه أمر يجب أن يضبط بضوابط، ويحد بحدود، وأن لا يترك الأمر على عواهنه، حماية لجناب التوحيد وسداً لذريعة الابتداع في الدين.

عناصر البحث

سيكون البحث إن شاء الله في هذه المسائل:

1- أقسام الآثار.
2- مبادرة معاد وخطر ما تسعى إليه.
3- استدلالهم بفعل ابن عمر رضي الله عنهما والجواب عنه.
4- مقام المولد النبوي وحكم إبقاءه واتخاذه عيداً مكانياً ومزاراً.
5- حديث السرحة وبيان ضعفه، والكلام عليه.
6- دعوتهم للعناية ببعض المساجد التاريخية، كالمساجد السبعة.
7- دعوتهم للعناية ببعض المقابر، وحكم ذلك.

أقسام الآثار
يمكن تقسيم الآثار إلى قسمين:

الأول: آثار عامة، وهي الآثار التاريخية القديمة، كالبيوت والقصور والحصون والأسوار والمساجد الخاصة بالعوائل والأسر ونحوها...
فهذه لا يحتف بالعناية بها خطر على العقيدة الإسلامية، قصارى الأمر أن الناس جبلوا على محبة القديم ورؤية مالم يكونوا رأوه من قبل، إلا ما كان قد ورد فيه نهي خاص، كالنهي عن دخول ديار ثمود، فإن ذلك ممنوع - كما تقدم [2] - فضلاً عن العناية به وتطويره ونحو ذلك.

الثاني: الآثار الدينية المرتبطة بالرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من إخوانه المرسلين أو بالصحابة رضي الله عنهم، كالمساجد والمقابر وأماكن الولادة وأماكن البيعة والآبار والغيران والغدران والعيون والطرق ونحو ذلك.
وهذا القسم الثاني هو الذي يحتاج إلى ضبط حتى لا يكون المعتني سبباً في وقوع الناس في الابتداع أو الشرك بهذه الآثار.
ومن المعلوم لكل مسلم أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل بينه وبين خلقه واسطة من مخلوق إلا في تبليغ شرائعه عن طريق رسله وهم الأنبياء والرسل، فقد جعل مهمتهم البلاغ والبيان، حتى تبين الأمر والشرع، أما العبادة فهي موصولة إليه تعالى بدون واسطة، قال تعالى ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾سورة غافر، آية (60).

فمن زعم أن الاهتمام بالآثار الدينية التاريخية كأماكن الولادة للأنبياء أو أماكن جلوسهم وإقامتهم بما يسمونه (المقامات) - حاشا مقام إبراهيم عليه السلام - أو أماكن قبورهم ونحو ذلك أنه مما يقرب إلى الله تعالى ويزيد في الإيمان فقد أحدث في دين الله ما ليس منه.

مبادرة معاد وخطر ما تسعى إليه
ومن هنا اهتم بعض الناس بالآثار الدينية، ومنهم ما يسمى (مبادرة معاد) وجعلوا في خطتهم:
إحياء مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وإبرازه على هيئة تليق بمقامه صلى الله عليه وسلم - زعموا -.
وكذلك عنايتهم ببعض البيوت كبيت خديجة رضي الله عنها.
وبعض المقابر كقبر أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها وقبر أمنا حواء.
وكذلك تطوير منطقة الحديبية التي حصل فيها بيعة الرضوان.
وغير ذلكم من الآثار كغار حراء وغار ثور ونحو ذلك.

ومثل هذه المبادرة اجتهاد بعض الناس في تحديد بعض الأماكن التي حصل فيها بعض الأحداث الإسلامية كتحديد بعضهم موضع (غدير خم) وهو موضع يعظمه الشيعة حيث يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد فيه بالولاية لعلي رضي الله عنه.
وهكذا السعي الدؤوب من بعضهم لتحديد مساجد معينة يظن أن فيها فضلاً لكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها إن صح ذلك.

وكل ما ذكر من الاهتمام بهذه الآثار الدينية لا يقوم على مستند شرعي كما سيأتي إن شاء الله.
وكل ما ذكروه مما يزعمون أنه يؤيد ما ذهبوا إليه منقوض مردود، بل إن عملهم من أسباب الابتداع.
والواقع يشهد بذلك، فإن افتتان الناس بالأماكن والمحسوسات أكثر من افتتانهم بغيرها، فانظر إلى قبور الأنبياء والأولياء الثابت منها وغير الثابت في البلاد الإسلامية كيف ترى ممارسة البدع والشركيات عندها، وكذلك الأشجار والأحجار في الأماكن الفاضلة - عندهم - كيف ترى تقديس الجهلة لها وتبركهم بها!!

والانحراف في الناس أسرع من السيل إلى منحدره، لأن لديهم من العاطفة الدينية ما يسمح بذلك إن لم يكن لهم من أهل العلم من يبصرهم ويأمرهم وينهاهم.
ولذ استغل هذه العاطفة كثير من مريدي الفتنة والشرك بأهل الإسلام من دعاة الضلال من الرافضة وأصحاب الطرق الصوفية، فوجدوا في الناس بغيتهم، وصرفوهم إلى البدعة، وزهّدوهم في السنة.

فيجب أخذ الحذر والحيطة من كل مبادرة أو جهد في هذا الباب، وهذا واجب أهل العلم، وهو تبصير الناس، والاحتساب على البدع وأهلها، ومن يسعى لترويجها في أهل الإسلام.
ونحن ندعو المنظرين لهذه المبادرة إلى كلمة سواء، وأن يتحفونا بما لديهم من حجج وبراهين على شرعية ما يدعون إليه ويهتمون به، ولن يجدوا، لأن هذه الدعوى قديمة، وقد أسقطها العلماء بالدليل والبرهان، ولكن أصحابها كلما قطع قرن ظهر قرن آخر ينتظر من يقطعه.
وأنا أذكر لك أيها القارئ الكريم بعضاً مما يستدلون به على دعواهم ثم أنقضه بالدليل والبرهان لكي تكون على بينة من خطئهم وانحرافهم، وحتى لا ينطلي باطلهم على أهل الإسلام.


استدلالهم بفعل ابن عمر رضي الله عنهما والجواب عنه
فمن ذلك دعواهم أن هذا هو فعل ابن عمر رضي الله عنهما حيث كان يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم...
فالجواب: أن ابن عمر لم يكن يبني هذه الآثار ويرممها ويطورها حتى يقصدها الناس، قصارى فعله أنه كان يتتبع المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه فيصلي فيها، وينزل في مواضع منزله صلى الله عليه وسلم، ويصب فضل مائه على شجرة صب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك، لا أنه يعرج عن الطريق إليها أو يذهب من موضعه إليها لأجل ذلك.

ومع ذلك لم يوافق ابن عمر رضي الله عنهما على هذا الفعل أكابر الصحابة رضي الله عنهم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمرو وابن مسعود ومعاذ وغيرهم، فلم يفعلوا مثل فعله، ولو رأوه مستحباً لفعلوه، كما كانوا يتحرون متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن قال من العلماء (إن قول الصحابي حجة) فإنما قاله إذا لم يخالفه غيره من الصحابة ولا عُرف نص يخالفه. أ.هـ[3]

قلت: وقد خالف ابن عمر رضي الله عنهما أبوه عمر رضي الله عنه، فعن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر في حجة حجها، فقرأ بنا في الفجر ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ ﴾ [الفجر: 6] و ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴾ [قريش: 1] في الثانية، فلما رجع من حجته رأى الناس ابتدروا المسجد، فقال ما هذا؟ قالوا: مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ((هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له منكم فيه الصلاة فليصل، ومن لم تعرض له الصلاة فليمض [4])).

وقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضاً الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية لما بلغه أن الناس يذهبون لها ويصلون تحتها، فخاف عليهم الفتنة فقطعها [5].
فأين فعل من يسعون لإحياء الآثار النبوية من فعل عمر رضي الله عنه !!

وقد قال رضي الله عنه: ((هكذا هلك أهل الكتاب)) فهل يريدون أن يهلك الناس كما هلك أهل الكتاب؟؟!!
وقال ابن وضاح: وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ماعدا قباءً وحده.
قال: وسمعتهم يذكرون أن سفيان الثوري دخل بيت المقدس فصلى فيه ولم يتتبع الآثار، ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به، وقدم وكيع أيضاً إلى بيت المقدس فلم يعدُ فعل سفيان [6].

قال شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: والحق أن عمر رضي الله عنه أراد بالنهي عن تتبع آثار الأنبياء سد الذريعة إلى الشرك، وهو أعلم بهذا الشأن من ابنه رضي الله عنهما، وقد أخذ الجمهور بما رآه عمر [7].
قلت:فهل كان عمر رضي الله عنه ساعياً في القضاء على الآثار والتراث الإسلامي إذ قطع شجرة الرضوان؟ كما يدندن به من ينوح على الآثار؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وليس بالمدينة مسجد يشرع إتيانه إلا مسجد قباء، وأما سائر المساجد فلها حكم المساجد، ولم يخصها النبي صلى الله عليه وسلم بإتيان، ولهذا كان الفقهاء من أهل المدينة لا يقصدون شيئاً من تلك الأماكن إلا قباءً خاصة [8].
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.04 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]