صفات الدجال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         4 استراتيجيات لعلاج مشاكل التواصل الاجتماعي عند مرضى التوحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الفرق بين اضطراب التواصل الاجتماعي والتوحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ما الفرق بين البرص والبهاق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كل ما يهمك حول مكملات المغنيسيوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          ماهي علامات الشفاء من التوحد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أشهر الخضروات الورقية وقيمتها الغذائية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أبرز الأطعمة الغنية بالكالسيوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          متى يحتاج الجرح إلى خياطة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أسباب التهاب الخصية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          زيادة هرمون التستوستيرون عند الرجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 27-10-2020, 07:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,950
الدولة : Egypt
افتراضي صفات الدجال

صفات الدجال
الشيخ محمد طه شعبان





أَصْلُ الدَّجَلِ مَعْنَاهُ الخَلْطُ، يُقَالُ: دَجَّلَ إِذَا لَبَّسَ وَمَوَّهَ[1]، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: دَجَلَ البَعِيرَ إِذَا طَلَاهُ بِالقَطِرَانِ، وَغَطَّاهُ بِهِ[2].
وَسُمِّيَ الدَّجَّالُ دَجَّالًا؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّي الحَقَّ بِالبَاطِلِ، أَوْ لِأَنَّهُ يُغَطِّي عَلَى النَّاسِ كُفْرَهُ بِكَذِبِهِ وَتَمْوِيهِهِ وَتَلْبِيسِهِ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُغَطِّي الأَمْرَ بِكَثْرَةِ جُمُوعِهِ[3].
وَسُمِّيَ مَسِيحًا لِأَنَّهُ مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: "إِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[4].
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَمْسَحُ الأَرْضَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَالأَوَّلُ أَرْجَحُ لِلحَدِيثِ المَذْكُورِ.

صِفَةُ الدَّجَّالِ وَالأَحَادِيثُ الوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ:
الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، لَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ، بَيَّنَهَا لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لِتَعْرِيفِ النَّاسِ بِهِ، وَتَحْذِيرِهِمْ مِنْ شَرِّهِ، حَتَّى إِذَا خَرَجَ عَرَفَهُ المُؤْمِنُونَ، فَلَا يُفْتَنُونَ بِهِ.

وَإِلَيْكَ صِفَاته الواردة فِي السُّنَّة:
1- قُوَّتُهُ وَضَخَامَةُ بَدَنِهِ:
فَفِي حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: "فَانْطَلْقَنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا"[5].
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي أَطُوفُ بِالكَعْبَةِ" الحَدِيثَ، فَذَكَرَ صِفَةَ عِيسَى عليه السلام، ثُمَّ قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ... قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: الدَّجَّالُ"[6].

وَمَعَ ضَخَامَةِ بَدَنِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَصِيرٌ:
فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنِّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَلَّا تَعْقِلُوا، إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ، أَفْحَجُ، جَعْدٌ، أَعْوَرُ، مَطْمُوسُ العَيْنِ، لَيْسَ بِنَاتِئَةٍ، وَلَا جَحْرَاءَ، فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ"[7].

2- أَنَّهُ شَابٌّ:
فَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْـوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُفِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ..." [8] الحَدِيثَ.

3- أَنَّهُ أَحْمَرُ:
فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ –: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَإِذَا رَجُلٌ أَحْمَرُ جَسِيمٌ"[9].

4- مَمْسُوحُ العَيْنِ اليُمْنَى:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ"[10].
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[11].

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانِيِ النَّاسِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى،كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ"[12].

وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ حُذْيَفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى"[13].

وَقَدْ جَمَعَ القَاضِي عِيَاضُ بَيْنَ هِذِهِ الرِّوَايَةِ وَالرِّوَايَاتِ القَائِلَةِ بِأَنَّ العَوَرَ فِي عَيْنِهِ اليُمْنَى، بِأَنَّ كِلْتَيْ عَيْنَيْهِ مَعِيبَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمِيعَ الرِّوَايَاتِ صَحِيحَةٌ، فَتَكُونُ العَيْنُ اليُمْنَى هِيَ المَمْسُوحَةَ الَّتِي ذَهَبَ ضَوْؤُهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَكُونُ العَيْنُ اليُسْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ[14].
وَرَجَّحَ هَذَا الجَمْعَ أَبُو عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيُّ[15]، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الجَمْعِ: "هُوَ فِي نِهَايَةٍ مِنَ الحُسْنِ"[16].

قُلْتُ: نَعَمْ، هُوَ نِهَايَةٌ فِي الحُسْنِ، إِلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي إِحْدَى رِوَايَاتِ حَدِيثِ حُذْيَفَةَ: "الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ"[17]، فَوَصَفَ العَيْنَ المَمْسُوحَةَ بِكَوْنِهَا عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، فَانْتُقِضَ جَمْعُ القَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ إِحْدَاهُمَا – وَهِيَ اليُمْنَى – مَمْسُوحَةٌ، وَالأُخْرَى عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَلِذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ حَجَرٍ رضي الله عنه الرِّوَايَاتِ القَائِلَةَ بِأَنَّ العَوَرَ فِي العَيْنِ اليُمْنَى، وَهِيَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَلَى رِوَايَةِ العَيْنِ اليُسْرَى، الَّتِي فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ"؛ لِأَنَّ المُتَّفَقَ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ[18].

5- مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلَا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: ك ف ر"[19].
وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه: "مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ"[20].

6- جَعْدُ الشَّعْرِ، كَثِيرُهُ:
فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ: "إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ"[21].
وَالقَطَطُ هُوَ شَدِيدُ جُعُودَةِ الشَّعَرِ[22].
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ ذَهَبْتُ أَلْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ، أَحْمَرُ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَعْوَرُ العَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قَالُوا: هَذَا الدَّجَّالُ..."[23].
وَعَنْ حُذْيَفَةَ بْنِ اليَمَانِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الدَّجَّالُ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، جُفَالُ الشَّعَرِ"[24].
وَمَعْنَى: "جُفَالُ الشَّعَرِ" أَيْ: كَثِيرُهُ[25].

7- أَفْحَجُ:
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ مَسِيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ"[26].
وَالأَفْحَجُ: هُوَ الَّذِي إِذَا مَشَى بَاعَدَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ كَالمُخْتَتِنِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ عُيُوبِهِ[27].

8- فِيهِ انْحِنَاءٌ:
عَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ، فَإِنَّهُ أَعْوَرُ العَيْنِ، أَجْلَى الجَبْهَةِ، عَرِيضُ النَّحْرِ، فِيهِ دَفَأٌ"[28].
وَمَعْنَى: "فِيهِ دَفَأٌ" أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ، يُقَالُ: رَجُلٌ أَدْفَى أَيْ: فِيهِ انْحِنَاءٌ[29].

9- أَجْلَى الجَبْهَةِ:
كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ المُتَقَدِّم.
وَمَعْنَى: "أَجْلَى الجَبْهَةِ" أَيْ: خَفِيفَ شَعَرِ اللِّحْيَةِ مِنَ الصُّدْغَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعَرُ عَنْ جَبْهَتِهِ[30].

10- عَرِيضُ النَّحْرِ:
كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرْيَرَةَ المُتَقَدِّمِ.
هَلِ المَسِيحُ الدَّجَّالُ مَوْجُودٌ الآنَ؟
اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَالجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَوْجُودٌ الآنَ فِي جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍرضي الله عنه قَالَتْ: فَذَكَرَتْ قَصَّةَ تَأَيُّمِهَا مِنْ زَوْجِهَا، قَالَتْ: فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِي سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي، مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَاةَ جَامِعَة"، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسِاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ، جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: "لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ"، ثُمَّ قَالَ: "أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرًا فِي البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي البَحْرِ حَتَّى مَغْرِبَ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ،فَلَعِبَ بِنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قَالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا المَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً - أَوْ وَاحِدًا - مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِيعَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي المِنْبَرِ: "هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ" - يَعْنِي المَدِينَةَ - "أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟" فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، "فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لَا، بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ مَا هُوَ" وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى المَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [31].

وَقَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: بَلْ هُوَ ابْنُ صَيَّادٍ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ، وَأَحَادِيُثُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، مِنْهَا:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ عُمَرَ انْطَلَقَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ، وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ صَيَّادٍ: "أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟" فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ، فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: "آمَنْتُ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَاذَا تَرَى؟" قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأْتِينِي صَادِقٌ وَكَاذِبٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ" ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا" فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ذَرْنِي، يَا رَسُولَ اللهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ"[32].
وَالصَّوَابُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهُ هُوَ المَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الجَسَّاسَةِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ ابْنِ صَيَّادٍ مُحْتَمِلَةٌ، وَحَدِيثُ الجَسَّاسَةِ نَصٌّ فِي المَسْأَلَةِ.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 119.88 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]