الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 270 - عددالزوار : 94839 )           »          كتاب (الوصايا المنبرية شرح أربعين حديثاً من الوصايا النبوية ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الغنائم المحققة للمطلوب في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          {قد أفلح من زكاها} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 29 )           »          شرح حديث: من حجَّ هـذا البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حديث: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مناجاة.. وثناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيف نتوب كما ينبغي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          آثار مواسم الطاعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-06-2020, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,765
الدولة : Egypt
افتراضي الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل

الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل


أبو عبدالرحمن أيمن إسماعيل

سبق أنْ ذكرنا في القاعدة الرابعة بعض أحكام البيوع الرِّبوية التي كان منها أنَّه إذا اتفقت الأصناف الربوية في الجنس والعلة، كبيع الذهب بالذهب أو البُر بالبُر، فإنه يشترط في ذلك المماثلة والقبض في المجلس.

إذًا فالمماثلة شرط لا بد منه حتى يصح البيع في الأجناس الرِّبوية إذا اتحد جنسها.

ودليل ما ذكرنا أحاديث منها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ، فَقَدْ أَرْبَى"[1].

ففي الحديث دلالة على اشتراط المماثلة في القدر حال بيع الأصناف الربوية.

فإذا تم مبادلة صنف تمر مثلًا بصنف تمر آخر، وكان أحد الصنفين مجهول القدر، فإنَ الجهل بالتساوي بينهما هو كالعلم بأنَّ أحدهما يزيد على الآخر، فهذا هو معنى القاعدة[2].

ومن أدلة القاعدة: عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنَّه اشترى قلادة[3] فيها خرز وذهب باثني عشر دينارًا، ثم فصل الذهب عن الخرز، فوجد الذهب أكثر من اثنى عشر دينارًا، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُباع حتى تُفصل[4].

ومن أدلة القاعدة: عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الصُّبْرة من التمر لا يُعلم مكيلها، بالكيل المسمى من التمر"[5].

فهنا ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الصُّبْرة[6] من الطعام مجهولة الكيل بالكيل المسمى من التمر؛ لأنَّ الجهل بتساويهما كالعلم بزيادة أحدهما على الآخر.

قال الشنقيطي: في هذا الحديث دلالة على قاعدة الشك في المماثلة كتحقق المفاضلة، فهو حرام في كل ما يحرم فيه ربا الفضل[7].


ومن أدلة القاعدة: عن سهل بن أبي حَثْمَة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر"[8].

وعلة هذا النهي جاء مصرحًا بها في رواية أخرى؛ حيث سُئل النبي صلى الله عليه وسلم اشتراء الرطب بالتمر؟ فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك[9].

قال صاحب "طرح التثريب": في الحديث حجة للجمهور على تحريم بيع الرطب باليابس، ولو تساويا في الكيل أو الوزن، فلا يلزم من مساواة الرطب له حال الرطوبة مساواته له حال الجفاف، وهذا هو مذهب مالك والشافعي وأحمد، وأكثر علماء السلف، وجوَّز أبو حنيفة هذا البيع، والحديث حجة عليه؛ ا.هـ[10].

قال النووي: اتفق العلماء على تحريم بيع الرطب بالتمر في غير العرايا، وأنَّه ربا[11].

ونختم القاعدة بذكر بعض أقوال العلماء الموضحة للمسألة:
قال ابن تيمية: إذا بِيعت هذه الأموال بمثلها جِزافاً[12]، لم يجز ذلك، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعها إلا متماثلة، ولهذا قال الفقهاء: "الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، والتماثل يُعرف بالكيل أو الوزن"[13].

وقال الشوكاني: ولا يُباع جنس بجنسه وأحدهما مجهول القدر؛ لأن الجهل بمقدار أحد البدلين مظنة الزيادة أو النقصان، وما كان مظنة الحرام وجب تجنُّبه[14].

وقال ابن كثير: وإنما حُرمت المزابنه، وهي اشتراء الرطب في رؤس النخل بالتمر على وجه الأرض حسمًا لمادة الرِّبا؛ لأنَّه لا يُعلم التساوي بين الشيئين قبل الجفاف، لذا قال الفقهاء: "الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة"[15].

وقد نقل ابن المنذر إجماع العلماء على منع بيع الصُّبْرة بالصُّبْرة من الطعام، إذا كانا من صنف واحد.

سؤال والجواب عليه:
إذا بِيع جنس ربوي بمثله، وأحدهما مجهول القدر والآخر معلوم، ثم تبيَّن لنا بعد إتمام البيع أنهما متساويان في القدر، فهل نحكم بصحة هذا البيع، أم نرده؟
الجواب: الصحيح فسخ وبطلان هذا البيع، وإنْ عُلِم بتساويهما بعد ذلك؛ لأن المعتبر هو تساويهما حال البيع نفسه.

قال النووي: ولا يجوز بيع الرِّبوي بجنسه جِزَافًا ولا بالتخمين والتحرِّي، فلو باع صُبْرة حنطة بصُبْرة جِزَافًا، وخرجتا متماثلين، لم يصح البيع؛ لأن التساوي شرط.

وقال الخطيب الشربيني: بيع الربوي من الطعام جزافًا بجنسه تخمينًا لا يصح، وإنْ خرجا سواء؛ للجهل بالمماثلة عند البيع، وهذا معنى قول الأصحاب: "الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة"[16].

[1] م (1588) د (3349) ت (1240).

[2] وقد ذكر هذه القاعدة الشربيني في الإقناع (2 /17).

[3] قلادة: بكسر القاف، وهو ما يعلق في العنق، وتجمع علي مقاليد، وانظر مختار الصحاح (ص/282).

[4] م (1591) د (3352)، وهنا مسألة تتعلق بهذا الحديث، وهي مشهورة في كتب الشافعي وأصحابه، وهي مسألة بيع مد عجوة ودرهم بمدي عجوة أو بدرهمين، فهذا لا يجوز لهذا الحديث، وهو مذهب عمر وابنه والشافعي وأحمد، وعلة التحريم هنا أن الصفقة إذا جمعت بين شيئين وُزِّع الثمن على الشيئين على وجه الشيوع، وحينئذ نجهل التساوي بين الربويين، لذا تحرم مثل هذه المعاملة سدًّا لذريعة الربا، انظر الممتع (3 /745).

[5] م (1530) ن (4547)، وقد ترجم له الشوكاني في نيل الأوطار بقوله: بابٌ في أن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.

[6] الصُّبرة: بضم الصاد، وهي الكومة من الطعام، لا يُعلم وزنها ولا كيلها، وتجمع على صُبر، وانظر: مختار الصحاح (ص/188)، والمصباح المنير (ص/199).

[7] ذكره الشنقيطي في الأضواء (1 /221).

[8] حم (1515) خ (2183) م (1540) د (3361) ت (1303).

[9] رواه الخمسة من حديث سعد بن أبي وقاص، وصححه الألباني.

[10] وانظر: طرح التثريب (6 /116).

[11] ذكره النووي في شرح مسلم، أما قول النووي: "في غير العرايا"، فهو يشير إلى حديث النهي عن بيع الثمر بالتمر، مع الترخيص في العرايا؛ "رواه الشيخان"، قال النووي: العرايا: أن يخرص الخارص نخلات، فيقول: هذا الرطب الذي عليها إذا يبس يحصل منه ثلاثة أوسق من التمر، فيبيعه لغيره بثلاثة أوسق تمر، ويتقايضان في المجلس، فيسلم المشتري التمر، ويسلم البائع النخل، وهو جائز فيما دون خمسة أوسق، وانظر: عون المعبود (6 /242)، وشرح بيوع صحيح مسلم، د. محمد حسن عبدالغفار.

[12] الجزاف: بكسر الجيم وفتحها وضمها، والكسر أفصح، وهي من الفارسي المعرَّب، وهو البيع بلا وزن ولا كيل ولا تقدير، انظر: مختار الصحاح (ص/62) وشرح النووي لمسلم (5 /432).

[13] وانظر: مجموع الفتاوى (29 /428)، وطرح التثريب (6 /116).

[14] انظر: نيل الأوطار (5 /196).

[15] وانظر: تفسير القرآن العظيم (1 /409).

[16] وانظر: الإقناع (2 /17).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 114.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.67 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]