أثر الغرر في عقود المشتقات المالية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         عيد الأضحى على الأبواب.. خطوات سهلة لتنظيف الشواية بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل إكلير الشيكولاتة بالمنزل في 10 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          زهور طبيعية تنشر الطاقة الإيجابية وتعطر المنزل.. تنفع تقدمها هدية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          5 أطعمة ومشروبات مناسبة لموجة الحر والامتحانات.. منعشة ومغذية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          4 عصاير دايت تساعد على فقدان الوزن وتزود النشاط.. رطب جسمك في الحر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كل ولا تأكل.. قائمة الأطعمة المفيدة والمحظورة ليلة الامتحان لتعزيز التركيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          طريقة عمل طاجن الكوسة بالكريمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح اليدين.. لو بتتعرضى للشمس كثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          طريقة عمل أفخاذ الدجاج بصوص الترياكي و الزنجبيل.. طعمها لذيذ وهتعجب أولادك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          5 وجبات خفيفة تمنح الترطيب والانتعاش أثناء الحر.. سهلة التحضير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-02-2020, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,401
الدولة : Egypt
افتراضي أثر الغرر في عقود المشتقات المالية

أثر الغرر في عقود المشتقات المالية






د. إبراهيم عبد الحليم عبادة
- د. عبد الله محمد ربابعة











المقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الإسلام في شريعته العادلة جعل العدل مقصداً أساسياً - بل مناط الأحكام على العدل - وما يقتضيه العدل أن تكون معاملات الناس فيما بينهم سليمة خالية من أي شبهه تؤدي بالعقد والمعاملة إلى الفساد أو البطلان ومن ثم إلى المنازعة والمخاصمة بين الناس نتيجة ظلم يقع على أحد الأطراف. وإن آثار العقد وما يترتب عليه هو من ترتيب الشارع الحكيم وذلك لإقامة العدل والتوازن بين الناس.

وإن المبادئ التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي قد جاءت بها كل الشرائع السماوية، فهي ليست للمسلمين خاصة، بل الاقتصاد الإسلامي في حقيقة الأمر اقتصاد عالمي للبشرية جمعاء، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28].

وقد أدى التطور المالي العالمي إلى ظهور معاملات اقتصادية وتجارية كثيرة، ومن هذه المعاملات التي جدت في هذا العصر: المشتقات المالية المعاصرة التي لم تكن معروفة من قبل، والمشتقات: عبارة عن عقود مالية تتعلق بفقرات خارج الميزانية، وتتحدد قيمتها بقيمة واحد أو أكثر من الموجودات، أو الأدوات، أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها، ومنها الخيارات والمستقبليات وغيرها، ولما كانت هذه العقود يكتنفها الغرر رأيت الكتابة في هذا الموضوع تحت عنوان" أثر الغرر على عقود المشتقات المالية (تقدير فقهي اقتصادي إسلامي).


ويهدف هذا البحث إلى التعرف على مفهوم الغرر وأحكامه، وأثره في عقود المشتقات المالية؛ إذ يعرف الغرر: بأنه ما تردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما والأخوف هو الغالب، ويؤثر الغرر في كثير من المعاملات المستجدة لاشتمالها عليه، ومنها: عقود الخيارات، والمستقبليات، وقد حرمت الشريعة الإسلامية الغراء الغرر تحقيقاً لمصلحة الأمة وبما يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية من خلال حفظ التوازن الاقتصادي وفقا لمبدأ الغنم والغرم .

وقد جاء هذا البحث في مقدمة ومبحثين وخاتمة، حيث تناول المبحث الأول مفهوم الغرر وأنواعه وضوابطه، وناقش المبحث الثاني آثار الغرر في عقود المشتقات المالية.

المبحث الأول: مفهوم الغرر وأنواعه وضوابطه
المطلب الأول: مفهوم الغرر وحكمه
أولا: تعريف الغرر لغةً واصطلاحاً
الغرر في اللغة له عدة معانٍ، منها: "الخطر"(1) . وقد قيل: (أصل الغرر: النقصان، من قول العرب: غارت الناقة؛ إذا نقص لبنها)(2)، وقد قيل: (بيع الغرر المنهي عنه ما كان له ظاهر يغرٌّ المشتري وباطن مجهول، يقال: إياك وبيع الغرر، وهو: أن يكون على غير عهدة ولا ثقة، قال الأزهري: ويدخل في بيع الغرر البيوع المجهولة التي يحيط بكنهها المتبايعان حتى تكون معلومة)(3)، أما الغرر في الاصطلاح الفقهي: فهو ما كان مستور العاقبة(4)، وعقد الغرر: ما خفيت عاقبته أو تردد بين الحصول والفوات، وعند التدقيق في تعريفات الفقهاء للغرر، نجد أنهم وإن تفاوتوا في تحديد مفهوم الغرر، إلا أنهم اتفقوا على أنه ما لا يضمن أو ما كان مستور العاقبة، وقد عرفه ابن القيم بأنه (تردد بين الوجود والعدم)(5)، أو هو ما لا يقدر على تسليمه سواء أكان موجوداً أم لا، كبيع البعير الشارد(6).

ثانياً: الحكم الشرعي في الغرر
لقد ورد النهي عن بيع الغرر في كثير من المواضع(7)، إلا أنه يمكن أن يؤخذ حكم الغرر من عدة أدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فمن الكتاب الكريم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، وغير ذلك من الأدلة التي تفيد النهي عن أكل أموال الناس بغير حق ظلماً وعدواناً، ومعنى الآية "عَن تَ رَاضٍ منكُمْ " أي عن رضًى إلا أنها جاءت من المفاعلة، والتجارة تكون بين اثنين، ومعنى ذلك لا تكونوا من ذوي الطمع الذين يأكلون مال الناس بغير مقابل لها من عين أو منفعة ولكن كلوها بالتجارة التي قوام الحل فيها التراضي(8). ووجه الاستدلال من الآية: أن الغرر أدى إلى عدم رضا أحد المتعاقدين بما يترتب عليه من آثار جزئياً أو كلياً، فكان المال الذي أخذه الطرف الأول أكلاً بالباطل لانتفاء الرضا ومن ثم حصول النزاع.

ومن السنة ما جاء في الحديث عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر(9)، وغبرها من الأحاديث والأدلة على منع الغرر.

وبناءً على ذلك؛ فإن الإسلام لا يأتي بما فيه ظلم أو تجاوز أو تعدٍ، أو ينهى عما فيه عدل بأي حال من الأحوال؛ قال الله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. والإسلام عدلٌ كله؛ إذ لا فرق بين جزئِّيه وكليِّه؛ فمدار الأحكام في الإسلام على العدل، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].

ثالثاً: أما عن علة التحريم: ففي ما يفضي إليه من المخاصمة والمنازعة وانتفائه لمقصد العدل بين الناس؛ لما يؤديه من الظلم والعداوة والبغضاء، فهي مفضية للنزاع؛ لعدم حصول كل واحد من أطراف العقد على حقه المترتب له شرعاً كلياً أو جزئياً، وأيضاً لما يؤديه من أكل مال الناس بالباطل كما مر آنفاً، يقول الإمام ابن تيمية: "والغرر هو المجهول العاقبة، فإن بيعه من الميسر، وذلك أن العبد إذا أبق، والبعير إذا شرد، فإن صاحبه إذا باعه إنما يبيعه مخاطرةً فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير، فإن حصل له، قال البائع: قمرتني وأخذت مالي بثمن قليل، وإن لم يحصل، قال المشتري: قمرتني وأخذت الثمن بلا عوض، فيفضي إلى مفسدة الميسر التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، مع ما فيه من أكل المال بالباطل الذي هو نوع من الظلم"(10).

المطلب الثاني: أنواع الغرر
هناك تقسيمات عديدة للغرر(11)، منها أن الغرر بالنسبة للعقود يقع في موقعين من جهة صيغة العقد، وغرر من جهة محل العقد، ولما كان من أركان العقد أن يكون محله معلوماً من جهة الثمن والمبيع، فإنه لا بد لصحة العقد أن يكون المحل موجوداً معلوماً معيناً(12).

ومن أهم ما يدخل في بيوع الغرر ما يلي:
1 - المجهول قدره وصفته في الثمن والمبيع:
ومن الأمثلة على المجهول: الاستثناء في البيع إذا لم يكن معلوماً، أما إذا كان معلوماً، فإن البيع صحيح كمن استثنى من مجموع البيوت بيتاً(13)، وغير ذلك، ومنه بيع الإناث واستثناء ما في بطونها، ومثله أن يقول رجل لآخر ثمن شاتي ثلاثة دنانير فهي لك بدينارين، ولي ما في بطنها فهذا غرر لا يجوز(14). وكذلك المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن تعلم فقد جاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن تعلم(15).

2 - عدم القدرة على التسليم (المعجوز عن تسليمه).
يقول الإمام مالك: "ومن الغرر والمخاطرة، أن يعمد الرجل قد ضلت دابته، أو أبق غلامه، وثمن الشيء من ذلك خمسون ديناراً فيقول رجل: أنا آخذه منك بعشرين ديناراً فإن وجده المبتاع، ذهب من البائع ثلاثون ديناراً، وإن لم يجده ذهب البائع من المبتاع بعشرين ديناراً"(16)، وهذه الصورة تراضى فيها الطرفان، ولكن لا يكتفى فيها بشرط الرضا؛ لوجود الجهالة والغرر وهذا مبطل لشرط العقد.

يتبين فيما سبق أن عدم القدرة على التسليم، أي تسليم البدلين حالة من حالات بيوع الغرر، ولكي يكون العقد صحيحاً خالياً من الغرر لا بد من القدرة على التسليم.

3 - أن يكون المحل معدوماً:
لقد وردت أمثلة كثيرة تفيد النهي عن كل ما يؤدي إلى النزاع بسبب عدم وجوده عند التعاقد، أو ما يؤول إلى العدم بسبب التلف أو غير ذلك ومن ذلك ما ورد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ثمر التمر حتى تزهو، فقلنا لأنس ما زهوها؟ قال تحمرّ وتصفرّ، أرأيت إن منع الله الثمر بم تستحل مال أخيك(17).

المطلب الثالث: ضوابط الغرر المؤثر في إفساد العقد:
تبين أن العقد بين المتعاقدين لا بد أن يكون مبنياً على الرضا، وإلا أفضى إلى نزاع ومخاصمة؛ "فالعقود إذن شرعت سبباً لمسبباتها أو شرعت لتكون مفضيةً إلى نتائجها... وبذا فهي تعتبر أسباباً جعلية لا عقلية"(18)، وبناءً على ذلك فإن ضابط الغرر المؤثر كما يبين القرافي في فروقه ما كان كثيراً وهو ممتنع إجماعاً كبيع الطير في الهواء(19). ولا بد لكي يكون الغرر مؤثراً أيضاً أن يكون في عقود المعاوضات المالية إذا كان في المعقود عليه أصالة، ولم تعد للعقد حاجة.

المبحث الثاني: عقود المشتقات المالية وعلاقتها بالغرر

يشهد العالم اليوم تقلبات حادة سواء في مستويات الأسعار أو ارتفاع معادل المخاطر الاقتصادية، ومنشؤها في الغالب عدم التفريق بين المخاطر الايجابية المتوقعة التي هي سبب للربح الحلال ؛ إذ الخارج بالضمان وبين المخاطر التي تعتمد الحظ والمراهنة وهي قائمة بلا شك على الغرر الممنوع شرعاً، ومن أهم تعاملات الأسواق المالية اليوم المشتقات المالية، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الغرر يمثل العنصر الغالب في المشتقات المالية، وأن بمنع الغرر فإنه من الممكن أن يمنع وقوع 80 % من الأزمة(20)، وإذا أضفنا إلى هذا تحريم الربا بكل أشكاله ومسوغاته ودرجاته، والميسر والنجش وغيرها من المعاملات التي تتعارض ومقاصد الشريعة ومصالح الأمة الإسلامية؛ فإننا ندرك قدرة الشريعة الإسلامية على تقديم أفضل الحلول من خلال المنهج العلمي الموضوعي لكل ما يحيط بالعالم اليوم من أزمات من خلال مبادئ وضوابط الاقتصاد الإسلامي التي تحقق السعادة والرفاهية للبشرية في الدنيا والآخرة.


لقد أدى التطور المادي العالمي إلى ظهور معاملات اقتصادية وتجارية مستجدة، ومن هذه المعاملات الاقتصادية التي ظهرت في هذا العصر المشتقات المالية المعاصرة التي لم تكن معروفة من قبل، والمشتقات: عبارة عن عقود مالية تتعلق بفقرات خارج الميزانية، وتتحد قيمتها بقيم واحد أو أكثر من الموجودات أو الأدوات أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها(21).
أو هي: عبارة عن عقود فرعية تبنى أو تشتق من عقود أساسية لأدوات استثمارية (أوراق مالية، عملات أجنبية، سلع000 الخ) لينشأ عن تلك العقود الفرعية أدوات استثمارية مشتقة وهو ما يطلق عليه: بالهندسة المالية(22).

وتتعدد المشتقات المالية وتشتمل على عقود الخيارات options والعقود المستقبلية future contracts والعقود الآجلة contracts forward وعقود المبادلة swaps ، وقد يكون موضوع هذه العقود منتجات وسلع حقيقية أو مؤشرات معينة مثل سعر الصرف أو سعر الفائدة أو أوراق مالية من أسهم وسندات أو عملات أجنبية.

وتعتمد المشتقات المالية على التوقعات المستقبلية ومدى تحقق فرص حصولها الناشئة من حالة عدم التأكد uncertainty المحيطة بأسعارها، ما يجعل الاستثمار فيها من أكثر الاستثمارات مخاطرة.

وقد صارت هذه الوسيلة سبيلاً لجني الأرباح من قبل الأفراد والمؤسسات المالية والمصرفية على حد سواء، من خلال الاتجار والتداول بالعقود المالية بفعل التقلبات السعرية للأدوات المالية الأصلية المشمولة بعقودها، كما أنها وسيلة لإدارة المخاطر من ناحية كونها تتيح للمستثمر فيها فرص تحديد مخاطر السوق ذات الصلة بالعقود المالية وإدارة كل مخاطرة على حده ومن ثم إتاحة الفرصة لتخفيض درجة المخاطر عموماً وذلك من خلال التحوط heding للحماية من آثار التقلبات السعرية والتي تنشأ عادة إما عن تقلب أسعار الصرف أو تقلب أسعار الفائدة أو تقلب أسعار أصول المحافظ الاستثمارية سواء كانت هذه الأصول سلعاً أم أوراقاً مالية(23).

ويمكن تصنيف المشاركين في أسواق المشتقات إلى فئتين.
الفئة الأولى: وهم المستخدمون النهائيون ends users الذين يدخلون هذه الأسواق لتحقيق أهداف معينة تتصل بالتحّوط وتكوين المراكز المالية والمضاربة.

وتشتمل هذه الفئة على مجموعة واسعة من المؤسسات مثل:
المصارف وبيوت الأوراق المالية وشركات التأمين وصناديق الاستثمار وغيرها.

الفئة الثانية: هي فئة الوسطاء intermediaries أو المتعاملين dealers الذين يلبون احتياجات المستخدمين النهائيين للمشتقات باستخدام هذه الأدوات الجديدة في الأسواق وذلك في مقابل جني إيرادات في شكل رسوم الصفقات وهوامش عروض البيع والشراء بالإضافة إلى الاستفادة من مراكزهم المالية الخاصة(24).

ويمكن حصر أكثر أنواع المشتقات تداولاً في الأسواق المالية في ثلاثة هي:
- عقود الخيارات - options .
- العقود المستقبلية future contracts.
- عقود المبادلات أو المقايضاتswaps (25).

وسوف نتكلم عن عقود الخيار والعقود المستقبلية، لارتباطها الوثيق بموضوع الغرر، ولا بد ابتداء من التفريق بين الخيارات الشرعية والخيارات المالية المستخدمة في الأسواق المالية.

أولاً: الخيارات الشرعية في الفقه الإسلامي
يعد هدف تحقيق العدل بين طرفي العقد(26)، وتأمين حرية التعاقد وتحقيق الرضا، من أهم مقاصد وغايات الخيارات الشرعية في الفقه الإسلامي، ويستدل على ذلك من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة"(27)، وذلك بخلاف الخيارات المالية؛ إذ لا يتجاوز مقصدها تحميل خطر تذبذب الأسعار للطرف الآخر.

ويمكن تعريف الخيار الشرعي بأنه: "حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه لظهور مسوغ شرعي أو بمقتضى اتفاق عقدي"(28) أو هو إعطاء أحد العاقدين أو كليهما الحق في خيار إمضاء العقد أو تنفيذه أو فسخه(29) وينظر إلى الخيارات الشرعية من خلال أحد أمرين: الأول طبيعة الخيار؛ أي هل هو بحكم الشارع وهذا النوع لا يحتاج إلى اشتراطه في العقد، ويدخل فيه معظم الخيارات الشرعية أو إرادي أي ينشأ عن إرادة المتعاقدين ومثله خيار الشرط. ووفق هذا المحور في تقسيم الخيارات الشرعية، فإنّ الخير الحكمي الذي نشأ بحكم الشرع يستغرق معظم الخيارات باستثناء الخيارات الإرادية الثلاثة (خيار الشرط، خيار النقد، خيار التعيين). والأمر الآخر: فهو الغاية التشريعية من الخيارات فإما أن يكون غايته التروي دفعاً للغرر أو طلبا للمغانم، وتجنبا للمغارم(30).

وقد حدد الأحناف والشافعية أجل الخيار بثلاثة أيام(31). وقد نقل الإمام النووي الإجماع على عدم جواز إطلاق الخيار دون توقيت وتحديده بمدة على أنه غرر إذ قال: "إذا تبايعا بشرط الخيار غير مؤقت مذهبنا بطلان البيع؛ لأن فيه غرراً"(32)، ومن أهم الخيارات الشرعية بحكم الشرع خيار المجلس(33)، وخيار العيب(34)، ومن الخيارات التي تتم بإرادة العاقدين خيار الشرط: وهو إلحاق الممنوح للمتعاقدين أو أحدهما بحكم الاتفاق عند العقد في إمضاء العقد أو إلغائه خلال مدة معينة، سواءً بفسخ العقد صراحة أو بما يعتبر فسخا اعتبر العقد كأنه لم يكن، وإن أمضى العقد، أو لم يستعمل حقه في فسخه حتى مضت المدة، ذهب حق الخيار وصار العقد لازماً لكليهما(35)، وهو أشهر الخيارات ويسمى أيضاً خيار التروي، وبيع الخيار، وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى الأخذ بخيار الشرط واعتباره مشروعا لا ينافي العقد(36)، إلا ابن حزم(37)، فهو يرى أنّه لا دليل عليه وأنّه شرط ليس في كتاب الله فهو باطل. واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رجلا ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة"(38)، وقد انعقد الإجماع على صحة خيار الشرط كما نقله الإمام النووي.

وقد استدلوا بالإجماع الذي نقله الإمام النووي حيث يقول "شرط الخيار وهو جائز بالإجماع واختلفوا في ضابطه فمذهبنا أنه يجوز ثلاثة أيام فما دونها ولا يجوز أكثر"(39)، وبناءً على ما سبق فإنّ خيار الشرط أقرب أشكال الخيارات الشرعية لعقود الخيارات في الأسواق المالية.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.28 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]