|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيفية الإمساك والإفطار في رمضان وضبط أوقات الصلاة في بعض البلدان إعداد: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الرسالة الواردة من معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالمملكة بتاريخ 16 / 1 /1398 هـ إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والتي يذكر فيها أنه تلقى كتابا من رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية في مدينة (مالو) بالسويد يفيد بأن الدول الإسكندنافية يطول نهارها صيفا ويقصر شتاء؛ نظرا لوضعها الجغرافي، كما أن المناطق الشمالية منها لا تغيب عنها الشمس إطلاقا في الصيف، وعكسه في الشتاء، ويسأل المسلمون فيها عن كيفية الإمساك والإفطار في رمضان، وكذلك كيفية ضبط أوقات الصلاة في هذه البلدان، ويرجو إصدار فتوى في ذلك. وبناء على ما اقترحه سماحة الرئيس العام من عرض هذا الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الثانية عشرة؛ لما له من صفة العموم، وما رآه من إعداد اللجنة الدائمة بحثا في ذلك - ذكرت اللجنة نقولا عن الفقهاء تتضمن آراءهم في الموضوع، مع استدلال كل منهم لما ذهب إليه لينظره المجلس ويتخذ ما يراه حول هذا الموضوع، وفيما لي ذكر النقول مع الأدلة، والله الموفق. قال الكمال ابن الهمام في فتح القدير [1] : ومن لا يوجد عندهم وقت العشاء كما قيل يطلع الفجر قبل غيبوبة الشفق عندهم، أفتى البقالي بعدم الوجوب عليهم؛ لعدم السبب، وهو مختار صاحب الكنز، كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من المرفقين، وأنكره الحلواني ثم وافقه، وأفتى الإمام البرهاني الكبير بوجوبها. ولا يرتاب متأمل في ثبوت الفرق بين عدم محل الغرض وبين عدم سببه الجعلي الذي جعل علامة على الوجوب الخفي الثابت في نفس الأمر، وجواز تعدد المعرفات للشيء، فانتفاء الوقت انتفاء للمعرف، وانتفاء الدليل على الشيء لا يستلزم انتفاءه لجواز دليل آخر. وقد وجد وهو ما تواطأت عليه أخبار الإسراء من فرض الله الصلاة خمسا بعدما أمروا أولا بخمسين، ثم استقر الأمر على الخمس شرعا عاما لأهل الآفاق، لا تفصيل فيه بين أهل قطر وقطر - وما روي: «ذكر الدجال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قلنا: ما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم. فقيل: يا رسول الله: اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم. قال: لا: اقدروا له [2] » . رواه مسلم. فقد أوجب فيه ثلاثمائة عصر قبل صيرورة الظل مثلا، أو مثلين، وقس عليه، فاستفدنا أن الواجب في نفس الأمر خمس على العموم، غير أن توزيعها على تلك الأوقات عند وجودها فلا يسقط بعدمها الوجوب - وكذا قال صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد [3]» . ومن أفتى بوجوب العشاء يجب على قوله الوتر. اهـ. كلام الكمال ابن الهمام. وقال الزيلعي في شرحه على الكنز [4] : من لم يجد وقت العشاء والوتر، بأن كان في بلد يطلع الفجر فيه كما تغرب الشمس، أو قبل أن يغيب الشفق، لم يجبا عليه؛ لعدم السبب، وهو الوقت، وذكر المرغيناني أن الشيخ برهان الدين الكبير أفتى بأن عليه صلاة العشاء - ثم إنه لا ينوي القضاء في الصحيح؛ لفقد وقت الأداء، وفيه نظر؛ لأن الوجوب بدون السبب لا يعقل، وكذا إذا لم ينو القضاء يكون أداء ضرورة، وهو فرض الوقت، ولم يقل به أحد؛ إذ لا يبقى وقت العشاء بعد طلوع الفجر إجماعا. اهـ. وكتب الشلبي في حواشيه على شرح الزيلعي: قوله (بأن كان في بلد يطلع الفجر فيه. . إلخ) قال العيني: (ويذكر أن بعض أهل بلغار لا يجدون في كل سنة وقت العشاء أربعين ليلة، فإن الشمس كما تغرب من ناحية المغرب يظهر الفجر من المشرق. اهـ. قوله: أفتى بأن عليه صلاة العشاء. . إلخ. وردت هذه الفتوى من بلغار على شمس الأئمة الحلواني، فأفتى بقضاء العشاء، ثم وردت بخوارزم على الشيخ الكبير سيف السنة البقالي، فأفتى بعدم الوجوب، فبلغ جوابه الحلواني، فأرسل من يسأله في عامته بجامع خوارزم: ما تقول فيمن أسقط من الصلوات الخمس واحدة، هل يكفر؟ فأحس به الشيخ فقال: ما تقول فيمن قطع يداه من المرفقين أو رجلاه من الكعبين، كم فرائض وضوئه؟ قال: ثلاث لفوات محل الرابع. قال: وكذلك الصلاة الخامسة. فبلغ الحلواني جوابه فاستحسنه ووافقه فيه. اهـ. من المجتبى. قال العلامة كمال الدين ابن الهمام رحمه الله تعالى: ولا يرتاب متأمل في ثبوت الفرق بين عدم محل الغرض، وبين عدم سببه الجعلي الذي جعل علامة الوجوب الخفي الثابت في نفس الأمر. . . إلخ. وقال العلامة ابن عابدين في حواشيه على الدر المختار[5] : لم أر من تعرض عندنا لحكم صومهم فيما إذا كان يطلع الفجر عندهم كما تغيب الشمس أو بعده بزمان لا يقدر فيه الصائم على أكل ما يقيم بنيته، ولا يمكن أن يقال بوجوب موالاة الصوم عليهم؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك، فإن قلنا بوجوب الصوم يلزم القول بالتقدير، وهل يقدر ليلهم بأقرب البلاد إليهم كما قال الشافعية أم يقدر لهم بما يسع الأكل والشرب، أم يجب عليهم القضاء فقط دون الأداء، كل محتمل، فليتأمل. ولا يمكن القول هنا بعدم الوجوب أصلا كالعشاء عند القائل به فيها؛ لأن علة عدم الوجوب فيها عند القائل به عدم السبب، وفي الصوم قد وجد السبب وهو شهود جزء من الشهر، وطلوع فجر كل يوم. هذا ما ظهر لي، والله أعلم. وقال في إمداد الفتاح: وكذلك يقدر لجميع الآجال كالصوم والزكاة والحج والعدة وآجال البيع والسلم والإجارة، وينظر ابتداء اليوم فيقدر كل فصل من الفصول الأربعة بحسب ما يكون كل يوم من الزيادة والنقص، كذا في كتب الشافعية، ونحن نقول بمثله؛ إذ أصل التقدير مقول به إجماعا في الصلوات اهـ. نقله عنه ابن عابدين في ص 338 جـ 1. قال الشيخ محمد عرفة الدسوقي في أوقات الصلاة [6] : ما ذكره المصنف من أن مبدأ المختار للظهر من زوال الشمس إلى هنا كله بالنسبة لغير زمن الدجال، وأما في زمنه فيقدر للظهر وغيرها بالنسبة لغير زمانه، ثم إن بعض البلاد السنة فيها يوم وليلة، وحينئذ فيقدرون لكل صلاة كزمن الدجال، وفي بعض البلاد الليل من المغرب للعشاء، فيخرج الفجر وقت العشاء، فعند الحنفية تسقط عنهم العشاء، وعند الشافعية يقدرون بأقرب البلاد إليهم، ولا نص عندنا، ولكن استظهر بعضهم الرجوع في ذلك لمذهب الشافعي. كذا قرر شيخنا. وقال الشيخ أحمد الدردير في شرحه الكبير على مختصر خليل: وإن التبست عليه الشهور فلم يعرف رمضان من غيره. عرف الأهلة أم لا (وظن شهرا) أنه رمضان (صامه وإلا) يظهر بل تساوت عنده الاحتمالات (تخير) شهرا وصامه، فإن فعل ما طلب منه فله أحوال أربعة، أشار لأولها بقوله: (وأجزأ ما بعده) أي إن تبين أن ما صامه في صورتي الظن والتخيير هو ما بعد رمضان أجزأ، ويكون قضاء عنه وثابت نية الأداء عن القضاء، ويعتبر في الإجزاء مساواتهما (بالعدد) ، فإن تبين أن ما صامه شوال، وكان هو ورمضان كاملين أو ناقصين، قضى يوما عن يوم العيد، وإن كان الكامل رمضان فقط قضى يومين وبالعكس لا قضاء، وإن تبين أن ما صامه ذو الحجة فإنه لا يعتد بالعيد وأيام التشريق، ولثانيها وثالثها بقوله: (لا) إن تبين أن ما صامه (قبله) ، ولو تعددت السنون (أو بقي على شكه) في صومه لظن أو تخيير، فلا يجزئ فيهما. وقال ابن الماجشون وأشهب وسحنون: يجزئه في البقاء على الشك؛ لأن فرضه الاجتهاد، وقد فعل ما يجب عليه، فهو على الجواز حتى ينكشف خلافه، ورجحه ابن يونس، ولرابعها بقوله: (وفي) الإجزاء عند (مصادفته) في صومه تخييرا، وهو المعتمد وعدمه (تردد) ، فإن صادفه في صومه ظنا فجزم اللخمي بالإجزاء من غير تردد)[7] . وقال الحطاب في مواهب الجليل على مختصر خليل [8] : (الخامس) ورد في صحيح مسلم أن «مدة الدجال أربعون يوما، وإن فيها يوما كسنة ويوما كشهر ويوما كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا، فقال الصحابة رضي الله عنهم: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره[9]» . قال القاضي عياض: في هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع. قال ولو وكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات عند الأوقات المعروفة في غيره من الأيام. ونقله عنه النووي وقبله، وقال بعده: ومعنى «اقدروا له قدره [10] » أنه إذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ثم إذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر، فصلوا العصر، فإذا مضى بعدها قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلوا المغرب، وكذا العشاء والصبح، وهكذا إلى أن ينقضي ذلك اليوم، وقد وقع فيه صلوات سنة كلها فرائض مؤداة في وقتها، وأما اليوم الثاني الذي كشهر والثالث الذي كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرنا، والله تعالى أعلم. انتهى. ومثل ذلك الأيام الذي تحجب الشمس فيها عن الطلوع عند إرادة الله سبحانه وتعالى طلوعها من مغربها، ذكره ابن فرحون في الألغاز، وقال: هذا الحكم نص عليه الشارع. (قلت) : ومثله ما ذكره القرافي في كتاب اليواقيت عن الشافعية في قطر يطلع فيه الفجر قبل غروب الشفق قال: فكيف يصنع بالعشاء، وهل تصلي الصبح قبل مغيب الشفق، وهل يحكم على العشاء بالقضاء، فذكر عن إمام الحرمين أنه قال: لا تصلي العشاء حتى يغيب الشفق، ولا تكون قضاء؛ لبقاء وقتها، ويتحرى بصلاة الصباح فجر من يليهم من البلاد، ولا يعتبر الفجر الذي لهم. انتهى باختصار، وكأنه ارتضاه. (السادس) قال القرافي في كتاب اليواقيت: مسألة من نوادر أحكام الأوقات إذا زالت الشمس ببلد من بلاد المشرق وفيها ولي فطار إلى بلد من بلاد المغرب، فوجد الشمس كما طلعت، فقال بعض العلماء: إنه مخاطب بزوال البلد الذي يوقع فيها الصلاة؛ لأنه صار من أهلها. انتهى. (قلت) : وانظر على هذا لو صلى الظهر في البلد الذي زالت عليه فيه الشمس، ثم جاء إلى البلد الآخر، والظاهر أنه لا يطالب بإعادة الصلاة؛ لأنه كان مخاطبا بزوال البلد الذي أوقع فيها الصلاة، وسقط عنه الوجوب بإيقاعها فيه، ولم يكلف الله بصلاة في يوم واحد مرتين، فانظره. وقال أيضا: (ومن لا تمكنه رؤية ولا غيرها كأسير كمل الشهور) ابن بشير. لا شك أن الأسير إذا كان مطلقا أنه يبني على الرؤية أو العدد، وإن كان في مهواة لا يمكنه التوصل إلى الرؤية بنى على العدد، فأكمل كل شهر ثلاثين يوما (وإن التبست وظن شهرا صامه) ابن بشير إن التبست عليه الشهور اجتهد وبنى على ظنه (وإلا تحرى) ابن عبدون وابن القاسم وعبد الملك وأشهب. إن أشكل رمضان على أسير أو تاجر ببلد حرب تحراه، اللخمي صام أي شهر أحب (وأجزأ ما بعده) من المدونة إن التبست الشهور على أسير أو تاجر أو غيره في أرض العدو فصام شهرا ينوي به رمضان فإن كان قبله لم يجزه وإن كان بعده أجزأه، وإن لم يدر أصام قبله أو بعده، فكذلك يجزئه حتى ينكشف أنه صام قبله. قاله أشهب وعبد الملك وسحنون، وقال ابن القاسم: يعيد؛ إذ لا يزول فرض بغير يقين (ابن يونس، وقول أشهب أبين؛ لأنه صار فرضه إلى الاجتهاد، وهو قد اجتهد وصام فهو على الجواز حتى ينكشف خلافه أصله من اجتهد في يوم غيم وصلى فلم يدر أصلى قبل الوقت أو بعده (بالعدد) من النكت. من كتاب أحكام القرآن لابن عبد الحكم إذا صام شوالا فليقض يوم الفطر إن كان رمضان الذي أفطره مثل عدد شوال الذي صامه من الأيام، وإن كان شوال الذي صامه ثلاثين يوما ورمضان تسعة وعشرين يوما فلا شيء عليه، وليس عليه قضاء يوم الفطر لأنه قد صام تسعة وعشرين يوما، وليس عليه إلا عدة الأيام (التي أفطر) (لا قبله) تقدم نص المدونة إن كان قبله لم يجزئه (أو بقي على شكه) تقدم قول ابن القاسم قبل قوله بالعدد (وفي مصادفته تردد) ابن رشد إذا صام على التحري ثم خرج وعلم أنه أصابه بتحريه فلا يجزئه على مذهب ابن القاسم، ويجزئه على مذهب أشهب وسحنون "ابن عرفة " ولم أجد ما ذكره عن ابن القاسم وأخذه من سماع عيسى بعيد، وما ذكر اللخمي إلا الأجزاء خاصة، وساقه كأنه المذهب ولم يعزه. قال الشيرازي في المهذب [11] : وإن اشتبهت الشهور على أسير لزمه أن يتحرى ويصوم، كما يلزمه أن يتحرى في وقت الصلاة وفي القبلة، فإن تحرى وصام فوافق الشهر أو ما بعده أجزأه، فإن وافق شهرا بالهلال ناقصا وشهر رمضان الذي صامه الناس تاما ففيه وجهان: أحدهما: يجزئه. وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفراييني رحمه الله تعالى؛ لأن الشهر يقع على ما بين الهلالين، ولهذا لو نذر صوم شهر فصام شهرا ناقصا بالأهلة أجزأه. والثاني: أنه يجب عليه صوم يوم، وهو اختيار شيخنا القاضي أبي الطيب، وهو الصحيح عندي؛ لأنه فاته صوم ثلاثين وقد صام تسعة وعشرين يوما فلزمه صوم يوم. وإن وافق صومه شهرا قبل رمضان. قال الشافعي: لا يجزئه. ولو قال قائل: يجزئه كان مذهبنا. قال أبو إسحاق المروزي: لا يجزئه، قولا واحدا. وقال سائر أصحابنا: فيه قولان بالفعل قبل الوقت عند الخطأ كالوقوف بعرفة إذا أخطأ الناس ووقفوا قبل يوم عرفة. والثاني لا يجزئه، وهو الصحيح؛ لأنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء. فلم يعتد له بما فعله. كما لو تحرى في وقت الصلاة قبل الوقت. قال النووي: قوله: (عبادة تفعل في السنة مرة) احتراز من الخطأ في الصلاة قبل الوقت، والاحتراز في قوله: تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء. سبق بيانه في استقبال القبلة. وهذا الذي قاسه على الوقوف بعرفة قبل يوم عرفة تفريع على الضعيف من الوجهين، وهو أنه يجزئهم، وبه قطع المصنف، والأصح أنه لا يجزئهم كما سنوضحه في بابه إن شاء الله تعالى. أما أحكام هذا الفصل فقال الشافعي والأصحاب رحمهم الله تعالى: إذا اشتبه رمضان على أسير أو محبوس في مطمورة أو غيرهما، وجب عليه الاجتهاد؛ لما ذكره المصنف، فإن صام بغير اجتهاد ووافق رمضان لم يجزئه بلا خلاف. كما قلنا فيمن اشتبهت عليه القبلة فصلى إلى جهة بغير اجتهاد ووافق أو اشتبه عليه وقت الصلاة، فصلى بلا اجتهاد ووافق، فإنه لا يجزئه بلا خلاف، ويلزمه الإعادة في الصوم وغيره بلا خلاف، وإن اجتهد وصام فله أربعة أحوال: (أحدها) أن يستمر الإشكال ولا يعلم أنه صادف رمضان أو تقدم أو تأخر، فهذا يجزئه بلا خلاف، ولا إعادة عليه، وعلله الماوردي وغيره بأن الظاهر من الاجتهاد الإصابة. (الحال الثاني) أن يوافق صومه رمضان، فيجزئه بلا خلاف عندنا. قال الماوردي: وبه قال العلماء كافة، إلا الحسن بن صالح فقال: عليه الإعادة؛ لأنه صام شاكا في الشهر. قال: ودليلنا إجماع السلف قبله، وقياسا على من اجتهد في القبلة ووافقها، وأما الشك فإنما يضر إذا لم يعتضد باجتهاد بدليل القبلة. (الحال الثالث) أن يوافق صومه ما بعد رمضان، فيجزئه بلا خلاف، نص عليه الشافعي رضي الله عنه، واتفق عليه الأصحاب رحمهم الله تعالى؛ لأنه صام بنية رمضان بعد وجوبه، ولا يجيء فيه الخلاف في اشتراط نية القضاء المذكور في الصلاة، وفرق الأصحاب بأن هذا موضع ضرورة، ولكن هل يكون هذا الصوم قضاء أم أداء؟ فيه وجهان مشهوران عند الخراسانيين وغيرهم. وحكاهما جماعة منهم قولين (أصحهما) قضاء؛ لأنه خارج وقته، وهذا شأن القضاء. (والثاني) أداء للضرورة. قال أصحابنا: ويتفرع على الوجهين ما إذا كان ذلك الشهر ناقصا وكان رمضان تاما. وقد ذكر المصنف فيه الوجهين. قال أصحابنا: إن قلنا قضاء لزمه صوم يوم آخر، وإن قلنا أداء فلا يلزمه كما لو كان رمضان ناقصا (والأصح) أنه يلزمه، وهذا هو مقتضى التفريع على القضاء والأداء. وصرح بتصحيحه القاضي أبو الطيب والمصنف والأكثرون، وقطع به الماوردي. ولو كان بالعكس فصام شهرا تاما وكان رمضان ناقصا، فإن قلنا قضاء فله إفطار اليوم الأخير، وهو الأصح، وإلا فلا. ولو كان الشهر الذي صامه ورمضان تامين أو ناقصين أجزأه بلا خلاف. هذا كله إذا وافق غير شوال وذي الحجة. فإن وافق شوالا حصل منه تسعة وعشرون يوما إن كمل، وثمانية وعشرون يوما إن نقص؛ لأن صوم العيد لا يصح. فإن جعلناه قضاء وكان رمضان ناقصا فلا شيء عليه إن تم شوال. ويقضي يوما إن نقص بدل العيد. وإن كان رمضان تاما قضى يوما إن تم شوال وإلا فيومين، وإن جعلناه أداء لزمه قضاء يوم على كل تقدير بدل يوم العيد، وإن وافق ذا الحجة حصل منه ستة وعشرون يوما إن تم، وخمسة وعشرون يوما إن نقص؛ لأن فيه أربعة أيام لا يصح صومها العيد وأيام التشريق، فإن جعلناه قضاء وكان رمضان ناقصا قضى ثلاثة أيام إن تم ذو الحجة، وإلا فأربعة أيام، وإن كان رمضان ناقصا قضى ثلاثة أيام إن تم ذو الحجة وإلا فأربعة أيام، وإن كان رمضان تاما قضى أربعة إن تم ذو الحجة وإلا فخمسة، وإن جعلناه أداء قضى أربعة أيام بكل حال. هكذا ذكر الأصحاب، وهو تفريع على المذهب أن أيام التشريق لا يصح صومها. فإن صححناها لغير المتمتع فذو الحجة كشوال كما سبق. (الحال الرابع) أن يصادف صومه ما قبل رمضان، فينظر إن أدرك رمضان بعد بيان الحال لزمه صومه بلا خلاف لتمكنه منه في وقته. وإن لم يبن الحال إلا بعد مضي رمضان فطريقان مشهوران، ذكرهما المصنف بدليلهما، (أحدهما) القطع بوجوب القضاء، وأصحهما وأشهرهما فيه قولان (أصحهما) وجوب القضاء (والثاني) لا قضاء. قال الخراسانيون: هذا الخلاف مبني على أنه إذا صادف ما بعد رمضان هل هو أداء أم قضاء؟ إن قلنا أداء للضرورة أجزأه هنا، ولا قضاء؛ لأنه كما جعل أداء بعد وقته للضرورة كذا قبله. وإن قلنا قضاء لم يجزئه؛ لأن القضاء لا يكون قبل دخول الوقت. والصحيح أنه قضاء، فالصحيح وجوب القضاء هنا. وهذا البناء إنما يصح على طريقة من جعل الخلاف في القضاء والأداء قولين. وأما من حكاه وجهين فلا يصح بناء قولين على وجهين، ولو صام شهرا ثم بان له الحال في بعض رمضان لزمه صيام ما أدركه من رمضان بلا خلاف. وفي قضاء الماضي منه طريقان: (أحدهما) القطع بوجوبه. وأصحهما وأشهرهما أنه على الطريقين فيما إذا بان له بعد مضي جميع رمضان، والله أعلم. (فرع) إذا صام الأسير ونحوه بالاجتهاد، فصادف صومه الليل دون النهار، لزمه القضاء بلا خلاف؛ لأنه ليس وقتا للصوم فوجب القضاء، كيوم العيد، وممن نقل الاتفاق عليه البندنيجي. (فرع) ذكر المصنف في قياسه أنه لو تحرى في وقت الصلاة فصلى قبل الوقت، أنه يلزمه الإعادة، يعني قولا واحدا - ولا يكون فيه الخلاف الذي في الصوم إذا صادف ما قبل رمضان. وهذا على طريقته وطريقة من وافقه من العراقيين. وإلا فالصحيح أن الخلاف جار في الصلاة أيضا، وقد سبق بيانه في باب مواقيت الصلاة، وفي باب الشك في نجاسة الماء. وذكرنا هناك أن منهم من طرد الخلاف في المجتهد في الأواني إذا تيقن أنه توضأ بالماء النجس وصلى، هل تلزمه إعادة الصلاة، ويقرب منه الخلاف في تيقن الخطأ في القبلة. وفي الصلاة بنجاسة جاهلا أو ناسيا. أو نسي الماء في رحله وتيمم، أو نسي ترتيب الوضوء أو نسي الفاتحة في الصلاة، أو صلوا صلاة شدة الخوف لسواد رأوه فبان أنه ليس عدوا، أو بان بينهم خندق، أو دفع الزكاة إلى من ظاهره الفقر من سهم الفقراء فبان غنيا، أو أحج عن نفسه لكونه معضوبا فبرأ، أو غلطوا ووقفوا بعرفات في اليوم الثامن. وفي كل هذه الصور خلاف بعضه كبعض، وبعضه مرتب على بعض أو أقوى من بعض. والصحيح في الجميع أنه لا يجزئه. وكل هذه المسائل مقررة في مواضعها مبسوطة، وقد سبقت مجموعة أيضا في باب طهارة البدن، والله أعلم. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |