|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضابط المسجد الذي يشرع للمرأة الاعتكاف فيه أ.د.سعد بن تركي الخثلان تختلف المرأة عن الرجل في أنها لا تجب عليها صلاة الجماعة عند جميع العلماء ، ومن هنا لم يقل أحد من العلماء بأن المرأة يلزمها الاعتكاف في مسجدٍ تقام فيه الجمعة أو الجماعة وإنما اختلفوا في اشتراط اعتكافها في أي مسجد أو أن ذلك لا يشترط وأنّ لها أنْ تعتكف في مسجد بيتها على قولين مشهورين : القول الأول : يشترط لصحة اعتكاف المرأة أن تعتكف في أي مسجد – وإن لم تقم فيه الجماعة – وليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها ، وإليه ذهب جمهور العلماء من المالكية [1]وهو الصحيح من مذهب الشافعية [2] والحنابلة [3] القول الثاني : لا يشترط لصحة اعتكاف المرأة أن تعتكف في المسجد بل يجوز لها أن تعتكف في مسجد بيتها ، وهو مذهب الحنفية[4][5] وقول الشافعي في القديم[6]. الأدلة : أدلة القول الأول : استدل أصحاب هذا القول لقولهم باشتراط المسجد لصحة اعتكاف المرأة وأنه ليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها بما يأتي : 1- قول الله تعالى : { وَلاَتُبَاشِرُوهُنَّوَأَنتُمْعَاكِفُونَفِيالْمَسَاجِدِ }[7] . ووجه الدلالة : أن المراد بالمساجد في الآية ، المواضع التي بنيت للصلاة فيها، وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد ؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه فلا يثبت له أحكام المسجد الحقيقية وإن سمي مسجداً فهو كقول النبي صلى الله عليه وسلم : " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً "[8][9] . 2- أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استأذنَّه في الاعتكاف في المسجد فأَذِن لهن [10]، ولو لم يكن موضعاً لاعتكافهن لما أذن فيه ، ولو كان الاعتكاف في غيره أفضل لدلَّهنَّ عليه ونبههنَّ عليه[11] . ويمكن الاعتراض على هذا الاستدلال بأنه غاية ما يدل عليه أنه يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد ، لكن ليس فيه دلالة على أنَّ المرأة لا يصح أن تعتكف في مسجد بيتها . ويمكن الإجابة عن هذا الاعتراض بأنه لو كان يصح للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأزواجه ولنساء الأمة كما بيَّنَ ذلك بالنسبة للصلاة بقوله : وبيوتهن خير لهن [12] خاصة وأنه قد وقع بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شيء من التنافس على الاعتكاف في المسجد ، ولو كان الاعتكاف في البيت يصح لبينَّ النبي صلى الله عليه وسلم لهن ذلك ، لأنَّ فيه قطعاً للتنافس بينهن على الاعتكاف في المسجد لكنه عليه الصلاة والسلام قال : " آلبَّر أردن بهذا ما أنا بمعتكف " فرجَعَ فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال. 3- أنَّ الاعتكاف عبادة وقربة يشترط لها المسجد في حق الرجل فيشترط في حق المرأة كالطواف [13]. 4- أنه يشترط لصحة الاعتكاف أن يكون في مسجد باتفاق العلماء ، ومسجد بيت المرأة وإن سمي مسجداً لغة إلا أنه ليس بمسجدٍ شرعاً ولا تترتب عليه أحكام المساجد بدليل جواز تغييره ومكث الجنب فيه[14] . أدلة القول الثاني : استدل أصحاب هذا القول لقولهم بصحة اعتكاف المرأة في مسجد بيتها بما يأتي : 1. عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها ، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت ، فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببناء فبُني لها ، قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه فأبصر الأبنية فقال : ما هذا ؟ قالوا : بناء عائشة وحفصة وزينب . فقال رسول الله صلى الله عيه وسلم : " آلبرَّ أردن بهذا ؟ ما أنا بمعتكف " فرجع فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال [15]. ووجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية أزواجه فيه وقال " ألبرَّ تردن ؟ " فدل ذلك على أن المرأة ممنوعة من الاعتكاف في المسجد، وحيث إن الاعتكاف مشروع للمرأة كما هو مشروع للرجل – كما سبق – فتكون مشروعيته في مسجد بيتها[16]. واعترض على هذا الاستدلال بعدم التسليم بأنَّ ترك النبي صلى الله عليه وسلم للاعتكاف لما رأى أبنية أزواجه فيه وكراهيته لاعتكافهن لأجل أن المرأة ممنوعة من الاعتكاف في المسجد ، إذ لو كان الأمر كذلك لما أَذِنَ لهن أصلاً وقد استأذنَّه في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن ، لكن كراهيته عليه الصلاة والسلام لاعتكافهن لما رأى من تنافسهن الذي يخشى معه سوء القصد والنية ولهذا لما أمر بنزع الأخبية لم يأمرهن بالاعتكاف في بيوتهن، قال الموفق ابن قدامة رحمه الله : " إنما كره اعتكافهن في تلك الحال -حيث كثرت أبنيتهن – لما رأى من منافستهنَّ ولذلك قال : " آلبرَّ تردن - " منكراً لذلك ، أي لم تفعلن ذلك تبرراً ، ولذلك ترك الاعتكاف لظنه أنهن يتنافسن في الكون معه ، ولو كان للمعنى الذي ذكروه لأمرهنَّ بالاعتكاف في بيوتهن ، ولم يأذن لهنَّ في المسجد "[17] اهـ . 2. أن الصلاة أخصَّ بالمساجد من الاعتكاف لأنها بنيت لها ، فإذا كره لها الصلاة في المسجد فالاعتكاف من باب أولى ، وإذا ثبتت كراهية الاعتكاف في المسجد ، وهذه العبادة يستوي فيها الرجال والنساء فلابَّد أن تكون لها حالة لا تكره فيها وهي اعتكافها في مسجد بيتها[18] . واعترض على هذا التعليل بأن حاصله قياس الاعتكاف على الصلاة ولا يصح هذا القياس لأمرين: الأول أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار . الثاني أنه قياس مع الفارق فإن صلاة الرجل للنافلة في بيته أفضل ومع ذلك لا يصح اعتكافه فيه باتفاق العلماء[19] . 3. أن الاعتكاف يمتد زمنه في الغالب ، وتختلف فيه أحوال المعتكف من النوم إلى الجلوس إلى القيام والأكل ، فلا يؤمن معه من الإطلاع على المرأة من الرجال الأجانب ، واعتكافها في بيتها أستر لها[20] . ويمكن الاعتراض على هذا التعليل بأنه تعليل في مقابلة النص فلا يلتفت إليه . الترجيح : بعد عرض قولي العلماء في هذه المسألة ، وأدلتهم يظهر – والله أعلم – أن الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور ، وهو أنه يشترط لصحة اعتكاف المرأة أن تعتكف في مسجد ، ولا يصح أن تعتكف في مسجد بيتها ، لقوة أدلة هذا القول، ودلالة السنة الصحيحة الصريحة له ، ولضعف أدلة أصحاب القول الثاني كما يظهر ذلك من مناقشتها . *أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورئيس تحرير مجلة الجمعية الفقهية السعودية. الهوامش والمراجع - [1] ينظر : التلقين في الفقه المالكي ( 1/195 ) ، الذخيرة ( 2/535 ) ، مواهب الجليل ( 2/455 ) ، بلغة السالك ( 1/470 ) . - [2] ينظر : الحاوي الكبير ( 3/485 ) ، المجموع ( 6/480 ) ، النجم الوهاج ( 3/372 ) ، مغني المحتاج (1/450) - [3] ينظر : المغني ( 4/464 ) ، الشرح الكبير ( 7/580 ) ، الإنصاف ( 3/364 ) ، التوضيح في الجمع المقنع والتنقيح ( 1/466 ) . - [4] ينظر : الكتاب ( 1/137 ) ، بدائع الصنائع ( 2/113 ) ، الاختيار لتعليل المختار ( 1/137 ) ، البناية في شرح الهداية ( 3/746 ) . - [5] وكثير من الحنفية يرون أن اعتكافها في المسجد مكروه . انظر : التجريد ( 3/1582 ) . - [6] ينظر : المجموع ( 6/480 ) ، روضة الطالبين ( 2/398 ) ، النجم الوهاج ( 3/372 ) ، مغني المحتاج ( 1/450 ) . - [7] سورة البقرة ، الآية : 187 . - [8] أخرجه البخاري في صحيحه ( 1/435 ) رقم ( 335 ) ، ومسلم في صحيحه ( 1/370 ) رقم ( 521 ) - [9] ينظر : المغني ( 4/464 ) . - [10] أخرجه البخاري في صحيحه ( 4/285 ) رقم ( 2045 ) ، ومسلم في صحيحه ( 2/831 ) رقم ( 1173 ) . - [11] ينظر : الشرح الكبير على المقنع ( 7/581 ) . - [12] أخرجه أبو داود في سننه ( 565 ) وأحمد في مسنده ( 2/76 ) وابن خزيمة في صحيحه ( 1684 ) والحاكم في المستدرك ( 1/327 ) والبيهقي في السنن الكبرى ( 3/131 ) وقال الحاكم :" حديث صحيح على شرح الشيخين" اهـ . وقال النووي في المجموع ( 4/197 ) : إسناده صحيح على شرط البخاري " اهـ . وفي سنده حبيب بن أبي ثابت قيل إنه لم يسمع من ابن عمر رضي الله عنهما – وهو الراوي لهذا الحديث – ثم هو مدلس لكن للحديث شواهد متعددة لعله يصح بمجموعها، وأصل الحديث في الصحيحين بلفظ ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) بدون زيادة ( وبيوتهن خير لهن ) صحيح البخاري : ( 2/382 ) رقم ( 900 ) ، صحيح مسلم= =(1/327 ) رقم ( 442 ) انظر : صحيح سنن أبي داود لمحمد ناصر الدين الألباني ( 3/103 – 105 ) الحديث رقم ( 576 ) . - [13] ينظر : الحاوي الكبير ( 3/485 ) ، المغني ( 4/464 ) . - [14] ينظر : بدائع الصنائع ( 2/113 ) ، مغني المحتاج ( 1/451 ) . - [15] سبق تخريجه ( ص 16 ) . - [16] ينظر : التجريد ( 3/1582 ، 1583 ) . - [17] المغني : 4/464 ) . - [18] ينظر : التجريد ( 3/1583 ) . - [19] ينظر : المغني ( 4/465 ) ، فقه الاعتكاف للمشيقح ( ص 126 ) . - [20] ينظر : التجريد ( 3/1583 ) .
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |