|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحج عبادة و ميدان دعوة الشيخ صالح آل الشيخ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل في كتابه {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتِ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96]، والحمد لله الذي قال أيضا في كتابه {جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97]. فله الحمد على آلائه حمدا كَثْرا لا ينقطع ما دامت الأنفاس مترددة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، نشهد أنه بلغ الرسالة أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد، فصلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن إذا أُعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر، وأسأله جل وعلا أن يعيذنا أن نزل أو نزل أو نضل أو نضل أو نجهل أو يجهل علينا. وهذه دعوة العلماء وطلاب العلم العظيمة؛ أن يستعيذوا بالله من أن يزلوا أو يزلوا أو أن يضلوا أو يضلوا أو يجهلوا و يجهل عليهم. هذا الموضوع: موضوع الحج عبادة وميدان دعوة انبثق من قول الله جل وعلا لإبراهيم عليه السلام {وَأَذِّنْ فِي النَّاِس بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 27-28]، وقد تكلَّم أهل العلم من المفسرين وغير المفسرين أنّ الله جل جلاله في هذه الآية جعل العلّة من تأذين إبراهيم في الناس بالحج أن يشهدوا منافع لهم. وقالوا اللام هنا لام التعليل أي من أجل أن يشهدوا منافع لهم. وقالوا أيضا (مَنَافِعَ) هنا نُكّرت ولم تعرف ولم تضف إضافة تخصيص؛ وذاك لتكون مطلقة فتكون عامة في أنواع المنافع، فكل منفعة جعلها الله جل وعلا منفعة في الحج فإنها مقصودة. ولهذا اختلف المفسرون في رؤية هذه المنافع، واختلافهم من باب اختلاف التنوع: فقالت طائفة منهم: إن المنافع في قوله {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} أنها التجارة. وذلك منهم نظر إلى قول الله جل وعلا في سورة البقرة {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]. وقال آخرون: بل المنافع هي أن يأكلوا من اللحوم وأن يدّخروها وأن يتمونوها؛ لأن الله جل وعلا قال في سورة الحج {وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا صَوَافّ} [الحج: 36]. وقالت طائفة: المنافع هنا هي العفو والمغفرة والخروج عند الحج من الذنوب كما ولدت الإنسان أمه؛ وذلك لقول الله جل وعلا {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203]، وما دلت عليه الأحاديث الصحيحة في ذلك منها ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبدالرحمن بن صخر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد))، وقال أيضا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ: ((العمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))، وقال أيضا عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ: ((من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، فمعنى ذلك أن الحاج إذا حج فاتقى فلم يرفث ولم يفسق رجع بأعظم المنافع؛ وهي أنه يرجع خاليا من الذنوب، ولاشك أن هذا شهود منفعة عظيمة. ولهذا كان الصحيح من أقوال أهل العلم في قول الله جل وعلا {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} يعني أن الحاج سواء تعجل أو لم يتعجل فتأخر فإنه يرجع من حجه ولا إثم عليه بشرط أن يكون متقيا، لهذا قال بعدها (لِمَنِ اتَّقَى)، فقوله (لِمَنِ اتَّقَى) يرجع إلى نفي الإثم في الموضعين، وليس راجعا إلى نفي الإثم فيما إذا تأخر؛ يعني أن الحاج ينتفع أعظم الانتفاع بأنه يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وهذه منفعة عظيمة. وهذا كله صحيح. وأيضا مما قيل في تفسير الآية: أن المنافع أن يشهد الحجاج الكعبة وأن شهدوا الطواف والسعي ورمي الجماع وذكر الله جل وعلا، فيقيمَهم ذلك الشهود على توحيد الله جل جلاله؛ لأنهم يرون الكعبة ويتذكرون إبراهيم عليه السلام الذي بناها، فيتذكرون بذلك حق الله جل وعلا الذي هو توحيده سبحانه وخلع الأنداد والبراءة من الشرك وأهله. ومن المنافع التي تتحصل -كما ذكره الشيخ الشنقيطي في تفسيره-: شهود الأمة بعضهم لبعض، والتقاء المسلمين بعضهم لبعض، وما في ذلك من الوحدة الإسلامية التي جاءت فيها الآية {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المؤمنون: 52] يعني أن الدين واحد، وهذه الأمة إذا التقت على دين واحد واجتمعت على دين واحد فهذا أعظم المنافع. وهكذا في أقوال كثيرة. وابن جرير - رحمه الله - إمام المفسرين لما أتى لهذه الآية وساق بعض الأقوال التي ذكرت قال ما حاصله: إن هذه الآية لا يصار فيها إلى قول دون قول؛ بل إن المنافع تشمل ما ذكر وتشمل كل ما فيه منفعة للحاج، فكل ما فيه منفعة للحاج في أمر دينه ودنياه في أمر دنياه وفي أمر آخرته، فإن شهوده ذلك في الحج من مقاصد الحج. وهذا التأصيل مهم حتى نرى أن الله جل جلاله جعل من مقاصد الحج الشرعية أن يشهد الحجاج المنافع لهم، وهذه المنافع منها أن يؤدوا فرضهم، أو أن يؤدوا نفلهم، وأن يرجعوا بالأجر والغنيمة من الخيرات، أو أن يرجعوا بالمال، أو أن يرجعوا وقد خلوا من الذنوب والآثام، وقد التقى بعضهم ببعض إلى آخر ذلك. فإذن المنافع كثيرة. وإذا كان كذلك كان من تحقيق المقاصد الشرعية في الحج أن يحقق المسلمون كل هذه المنافع ما استطاعوا، ما كان منها مباحا فهو مباح لهم كالتجارة، وما كان منها مستحبا فهو مستحب لهم كنشر العلم والدعوة وأشباه ذلك، وما كان منها واجبا فهو واجب عليهم وهكذا. والحاج أيًّا كان يجب عليه أن يكون مخلصا لله جل جلاله في الحج، وقد جاء في الأثر؛ بل في الحديث ((لا تقوم الساعة حتى يكون حج فقراء أمتي للمسألة وحج أغنيائهم للسياحة))، والحج ركن الإسلام الخامس، والإخلاص فيه واجب بل شرط صحته. ولهذا لما تكلم العلماء على الذين يُستأجرون للحج قالوا: إن من أخذ المال ليحج فإن هذا جائز؛ ولكن من حج ليأخذ المال فهذا الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق؛ يعني من نصيب. يعني أن المرء إذا أراد أن يحج ولكن ليس عنده نفقه وله رغبة في رؤية الكعبة ورؤية المشاعر والتعرض لنفحات الله في تلك المواقف العظام، وحضور يوم عرفة وشهود تلك الساعة الأخيرة، والقيام بما يتعبد به المسلمون في تلك المناسك والمشاهد العظيمة، ولكن ليس عنده مال، فليس ثَم بأس أن يأخذ من المال ما يعينه على الحج عن نفسه أو عن غيره؛ لكن من ليس له رغبة في الحج أصلا؛ ولكن إنما حج ليأخذ وإنما ليس له رغبة في رؤية الكعبة ولا رؤية المشاعر ولا أن يكون مع المتعبدين هناك، فهذا قال فيه شيخ الإسلام وغيره قال هذا الأشبه -يعني من حج ليأخذ- الأشبه أنه ليس له في الآخرة من خلاق. وهذا لأجل أنه فاته الإخلاص لله جل جلاله في هذه العبادة أو ضعف الإخلاص فيه جدا حتى كان رغبته في أمر الدنيا. التجارة أُبيحت في الحج، ولو كان الحاج ذهب ليتاجر فليس عليه جناح، كما قال جل وعلا {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات} [البقرة: 198] الآية، قال العلماء: إرادة الأمر الدنيوي فيما يراد به وجه الله جل وعلا إذا كان مأذونا به من جهة الشارع فلا يُعَدُّ قصده إخلالا بالإخلاص، ولا يدخل ذلك في قول الله - جل وعلا - في سورة هود: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ لاَ يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار} [هود: 15-16]، وقد ذكر العلماء إمام الدعوة وذكر أبناؤه وتلامذته أربع صور تدخل تحت هذه الآية، وليس منها أن يكون الأمر الدنيوي قد رتّبه الشارع على العبادة، مثل أن يصل رحمه امتثالا لأمر الله؛ ولكن أيضا ليحصل على الثر الذي رغب فيه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله ((من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه))، من جاهد لإعلاء كلمة الله ولكن له رغبة في المال فهذا قد حث عليه - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ – فقال: ((من قتل قتيلا فله سلبه)) ترغيبا في أن يقاتل وأن يجاهد ولكن يكون قصده الله جل وعلا ويكون هذا معه. وكذلك من أراد بالحج أن يكون حاجا أو أن يتعبد؛ ولكن مع ذلك أن يربح ما يربح من التجارة فلا بأس بذلك ولا يعد ذلك منافيا لإخلاص لأن الله جل جلاله أذن بذلك وقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}، بخلاف الذي ليس له همة في الحج إلا أن يكون رابح للمال فلم يقصد أن يتقرب إلى الله بالحج وإنما قصده إلى المال فهذا الشبه أن يكون ممن يريد حرث الدنيا. المنافع كثيرة ولهذا نقول: إذا تحقق الإخلاص ورام العبد الحج فلا بد أن يرتب نفسه في أن يكون ممن تعرَّض لهذه المنافع العظيمة التي هي مقصد الحج، فيكون متعرِّضا من أول ما يذهب مستحضرا أن يرجع من حجه وقد خلا من الذنوب، ((من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) والحج حج البيت يبدأ من قصدك البيت؛ لأن الحج في اللغة هو القصد المكرر لمكان معظم. إذا كان كذلك فمنذ أن تذهب للحج تكون أول منفعة تريد أن تشهدها وتحظى بها أن ترجع وقد خلوت من الذنوب، والحج المبرور يكفر ذنوب السنة التي سلفت. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |