|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مقومات عزة المسلمين (2) د. محمد ويلالي حاولنا في الجمعة الماضية أن نجيب عن سؤال: أين عزة المسلمين؟ وظهر لنا أننا نعيش - في عمومنا - وضعية مزرية لا يرتضيها لنا ديننا، الذي يبشرنا بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. وآن الأوان لنطرح سؤالا آخر يتعلق بمقومات هذه العزة، والأسباب التي جعلت المسلمين الأوائل ينتصرون ويسودون، ويسجلون آثارهم على صفحات التاريخ. من هذه المقومات: 1- الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو العزيز الذي لا يغلبه شيء. قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً ﴾. واعتقاد أن الله تعالى هو مصدر العزة وواهبها. قال تعالى: ﴿ وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ﴾. فلا نصر إلا بالله، ولا استئناس إلا مع الله، ولا نجاح إلا بتوفيق الله. قال تعالى: ﴿ إن ينصركم الله فلا غلاب لكم ﴾. وقال تعالى: ﴿ وما النصر إلا من عند الله ﴾. وقال تعالى: ﴿ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ﴾. • في غزوة بدر، يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - بكل الترتيبات المادية التي يستطيعها القائد المحنك، فالرجال - على قلتهم - أشداء، وتنفيذ الأوامر القيادية مضمون، والخطة محكمة، لكن كل ذلك لا يجدي نفعا بغير الارتباط بواهب النصر - عز وجل -، ولذلك رفع يديه إلى ربه وقال مستغيثا: "اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد بعدها في الأرض، اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك". ويرفع يديه إلى السماء حتى سقط رداؤه عن منكبيه، وجعل أبو بكر يلتزمه من ورائه، ويسوي عليه رداءه ويقول - مشفقا عليه من كثرة الابتهال -: "يا رسول الله، بعضَ مناشدتك ربَّك، فإنه سينجز لك ما وعدك". فأنزل الله عز وجل: ﴿ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين ﴾ مسلم. • ولما اعتقد أبو سفيان في موقعة أُحُد أنه انتصر، أخذ يرتجز: "اُعلُ هُبل، اُعلُ هُبل"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تجيبونه؟". قالوا: "يا رسول الله، ما نقول؟". قال: "قولوا: الله أعلى وأجل". ولما قال أبو سفيان: "إن لنا العزى ولا عزى لكم". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تجيبونه؟". قالوا: "يا رسول الله، ما نقول؟". قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم" البخاري. قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾. قال ابن عباس - رضي الله عنه -: "فيه شَرَفُكم". وقال سفيان: " فيه مكارم أخلاقكم، ومحاسنُ أعمالكم". 2- الاعتقاد الجازم بأن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي المصدر الثاني للتشريع في ديننا، وأن كل تنكب عنها سبيل إلى الزيغ والضلال. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" حَسَّن إسنادَه في"منزلة السنة". أما ترك السنة إلى التشريع بالعقل المجرد، أو استيراد القوانين الأجنبية، فمظنة للزلل. وما محيت سنة إلا حلت محلها بدعة. • عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال :وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذَرَفت منها العيون. فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا. قال: "أوصيكم بتقوى الله - عز وجل -، والسمع والطاعة وإن تَأمَّر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" صحيح سنن أبي داود. • وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْمُخَضْرَمَةِ بِعَرَفَاتٍ: "أَلاَ وَإِنَّ أَمْوَالَكُمْ، وَدِمَاءَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي يَوْمِكُمْ هَذَا. أَلاَ وَإِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ (الشفيع لكم)، وَأُكَاثِرُ بِكُمُ الأُمَمَ، فَلاَ تُسَوِّدُوا وَجْهِي (بالمعاصي). أَلاَ وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ أُنَاسًا، وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّى أُنَاسٌ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُصَيْحَابِي. فَيَقُولُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ" صحيح سنن ابن ماجة. 3- الاعتقاد الجازم بأن عزة الظالمين المستكبرين إلى زوال، لأنها عزة بنيت على المظاهر البراقة، وأسست على أهواء الذات الفانية، لا على الضوابط والركائز الباقية. والقرآن الكريم يحدثنا عن حضارات كانت - في وقتها - متحكمة في عجلة التاريخ، ثم أبادها الله تعالى بسبب ظلمها وجبروتها. قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴾. وأين ما شاده شدّادُفي إرمٍ ![]() وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ![]() وأين ما حازه قارون منذهب ![]() وأين عادٌ وشادٌ وقحطانُ ![]() 4- صدق الانتماء لهذا الدين، والإحساس بالفخر والاعتزاز بالإسلام، ولو في مرحلة الاستضعاف، واستقواء أعداء المسلمين، واعتقاد أن العاقبة للمتقين. يقول تعالى: ﴿ وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَيَبلغن هذا الأمرُ ما بلغ الليلُ والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بغز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر" رواه أحمد وهو في الصحيحة. • إن صدق الانتماء لهذا الدين، هو الذي جعل خالد بن الوليد يستبسل في نصرة الإسلام والدفاع عنه بكل يقين واطمئنان. فقد حاصر يوما من الأيام أعداءه في حصن من الحصون، وطال الحصار، وأبدى الأعداء قوة وجَلَدا، فكتب إليهم قائلا: "والله لو كنتم في السماء،لأصعدنا الله إليكم، أو أمطركم علينا". فأُسقط في أيديهم، وخرجوا مستسلمين صاغرين. ونحن أناس لا توسط بيننا ![]() لنا الصدر دون العالمين أو القبرُ ![]() • وصدق الانتماء لهذا الدين هو الذي جعل هارون الرشيد يكتب إلى نقفور ملك الروم، حين بعث إلى هارون الرشيد رسالة يمتنع فيها عن أداء الجزية، فكتب هارون قائلا: "الجواب ما تراه لا ما تسمعه". فسير إليه جيشا عظيما، أجبره على الانصياع لأوامر المسلمين. لغة البطولة من خصائص أمتي ![]() عنا رواها الآخرون وترجموا ![]() • بلغ إلى علم الخليفة عمر بن عبد العزيز أن رجلاً من المسلمين أسره الروم، وأرغمه زعيمهم على ترك الإسلام فرفض الرجل، فأدخله السجن. لما بلغ الخبرُ إلى الخليفةَ الزاهد، غضب، وكتب إلى الإمبراطور الروماني: "من أمير المؤمنين، عمر بن عبد العزيز، إلى ملك الروم، وبعد: لقد بلغني ما فعلتَ بأسيرك فلان، وإني أقسم بالله العظيم، إن لم ترسله من فورك، لأبعثنَّ إليك من الجند، ما يكون أولهم عندك، وآخرهم عندي". وبلغتِ الرسالة إلى إمبراطور الروم، فأمر في الحال بإحضار الأسير، فأعطاه من المال والهدايا، وأرسله في مجموعة من حرسه الخاص إلى الحدود آمنًا. إنه صدق الانتماء الخالص، الذي يدفع صاحبه إلى الثبات على دينه، لا تهزه العواصف، ولا تحركه الزلازل، فأين المسلمون من مثل هذه المواقف المشرفة؟ أتسبى المسلمات بكل ثغر ![]() وعيش المسلمين إذن يطيب ![]() أما لله والإسلام حق ![]() يدافع عنه شبان وشيب؟ ![]() فقل لذوي البصائر حيث كانوا ![]() أجيبوا الله ويحكم أجيبوا ![]() الخطبة الثانية ليس من العزة التكبر على المؤمنين، والاستعلاء عليهم، فهذه عزة مذمومة، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه: "الكبرياء ردائي، والعزة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار" رواه أحمد وهو في الصحيحة. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكبر بَطَر الحق، وغَمْط الناس". بل إن من كمال عزة المسلم، تذل-له للمسلمين وتواضعه لهم، وهذا لا ينقصه بل يزيده. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" مسلم. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: "ألا أخبركم بالمؤمن؟: من أمنه الناس على أموالهم، وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب" ابن حبان في صحيحه، وهو في الصحيحة. ومن لطيف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم" صحيح سنن ابن ماجة.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |