شرح الحديث الرابع والعشرون / الأربعين النووية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 601 - عددالزوار : 65714 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14267 - عددالزوار : 756190 )           »          مواقف بين النبي وأصحابه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1380 )           »          ما أعظم ملك الله وقدرته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الإسلام يدعو إلى التكافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          لا تنس هذه الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-07-2010, 08:31 AM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي شرح الحديث الرابع والعشرون / الأربعين النووية

إنْ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ , ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيئَاتِ أَعْمالِنَا, مَنْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلل فَلا هادي لهُ ،وأشْهَدُ أَنْ لا إله إِلا الله وَحَدهُ لا شَرِيكَ له،وأشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبدُه وَرَسُولهُ , اللهم صلِّ وسَلِمْ وبَارِكْ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ , ومَنْ تَبِعَهمْ بإحسان إلى يومِ الدينِ

أما بعدُ , فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله , وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله ُعليه وسلم , وشرَّ الأمور محدثاتهُا , وكلَّ محدثة بدعة , وكلَّ بدعة ضلالة،وكلَّ ضلالة فى النار .
الحديث الرابع والعشرون
عَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا،يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ ُكّلكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ،يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُالذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْلَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْأَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَاعِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ)[165] رواه مسلم.
الشرح
حديثنا اليوم أخواتي الفاضلات أحد الأحاديث القدسية العظيمة ، التي يرويها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جل وعلا ، فهيا بنا نعيش مع هذاالحديث ، ونستظل بفيئه ، وننهل من عذبه الصافي.هذا الحديث جامع شامل، و من أبرز الأحاديث التي تبين سعة فضل الله ورحمته وعطفه بعباده.
وهذا الحديث يسمى عند المحدثين قدسياً.
"قوله فيمَا يَرْويَهُ" الرواية نقل الحديث
"عَنْ رَبِِّهِ" أي عن الله عزّ وجل.
والحديث القدسي: كل ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِِّهِ عزّ وجل.
لأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم تبليغاً، وليس من القرآن بالإجماع.
وقد اختلف العلماء في لفظ الحديث القدسي: هل هوكلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه،واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ على قولين:
القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله،لاسيما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانةً وأوثقهم روايةً.
القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ،وذلك لوجهين:
الوجه الأول: لو كان الحديث القدسي من عند الله لفظاً ومعنى،كان أعلى سنداً من القرآن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تعالى بدون واسطة؛،كما هو ظاهر السياق، أما القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام؛كما قال تعالى:( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُس من ربك)النحل: الآية102 ، وقال:
(نَزَلَبِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)الشعراء.
الوجه الثاني:أنه لو كان لفظ الحديث القدسي من عند الله،لم يكن بينه وبين القرآن فرق، لأن كليهما على هذا التقدير كلام الله تعالى،والحكمة تقتضي تساويهما في الحكم حين اتفقا في الأصل،ومن المعلوم أن بين القرآن والحديث القدسي فروق كثيرة:
1-أن الحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته ،بمعنى أن الإنسان لايتعبد الله تعالى بمجردقراءته، فلا يثاب على كل حرف منه عشر حسنات، والقرآن يتعبد بتلاوته بكل حرف منه عشرحسنات.
2- أن الله عزّوجل تحدى أن يأتي الناس بمثل القرآن أو آية منه،ولم يرد مثل ذلك في الأحاديث القدسية.
3- أن القرآن محفوظ من عند الله عزّ وجل، كما قال سبحانه( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9، والأحاديث القدسية بخلاف ذلك، ففيها الصحيح والحسن، بل أضيف إليها ما كان ضعيفاً أوموضوعاً.


4-أن القرآن لاتجوز قراءته بالمعنى بإجماع المسلمين، أما الأحاديث القدسية، فعلى الخلاف في جواز نقل الحديث القدسي بالمعنى والأكثرون على جوازه.
5-أن القرآن تشرع قراءته في الصلاة، ومنه ما لا تصح الصلاة بدون قراءته، بخلاف الأحاديث القدسية.
6- أن القرآن لا يمسّه إلا طاهر على الأصح،بخلاف الأحاديث القدسية.
7- أن القرآن لا يقرؤه الجنب حتى يغتسل على القول الراجح، بخلاف الأحاديث القدسية.
8- أن القرآن ثبت بالتواترالقطعي المفيد للعلم اليقيني، فلو أنكر منه حرفاً أجمع القراء عليه لكان كافراً، بخلاف الأحاديث القدسية فإنه لو أنكر شيئاً منها مدعّياً أنه لم يثبت لم يكفر،أما لو أنكره مع علمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، لكان كافراً لتكذيبه النبي صلى الله عليه وسلم .
أبو ذرهو جندب بن جنادة من غفار رضي الله تعالى عنه كما جاء في حقه: أصدق من أقلَّت الغبراء وأظلّت الخضراء.
الخضراء : يعني السماء لخضرتها.
الغبراء : الأرض لغبرة لونها او لما فيها من الغبار.
و من أزهد الناس في الدنيا رضي الله تعالى عنه.
لقد بدأ الحديث بإرساء قواعد العدل في النفوس ، وتحريم الظلم والعدوان ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه( يا عبادي) يتكررهذا النداء في هذا الحديث عشر مرات، وكل جملة تدل على الرفق والعطف والرحمة من المولى سبحانه وتعالى. فالأولى فيها (يا عبادي) وهو تنبيه، كأنه يقول: استمعوا،وأصغوا لما أقول، توجهوا إليّ وادنوا مني فأنتم عبادي. وهو المولى سبحانه، برحمته وبشفقته وبلطفه يعلمنا ويحذرنا من الظلم.
وقوله: "يَاعِبَادِي" يشمل كل من كان عابداً بالعبودية العامة والعبودية الخاصة.
"إِنِّي حَرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفسِي": الظلم لغة: وضع الشيء في غير محله. وهو مجاوزة الحد أو التصرف في حق الناس بغير حق. وهو مستحيل على الله تعالى. ومعنى حرمت الظلم على نفسي : أي لا يقع مني، تعاليت عنه وتقدست. منعت وتنزهت عن أن أظلم، مع أنه لا يسأل عما يفعل.أي منعته مع قدرتي عليه.
فالظلم مناف لكمال الله تعالى وعدله ، فلذلك نزّه الله تعالى نفسه عن الظلم فقال:"إني حرمت الظلم على نفسي" فلفظ الحديث صريح في أن الله عز وجل منع نفسه من الظلم لعباده وهو صريح في القرآن الكريم أيضاً، قال تعالى(وما أنا بظلام للعبيد)ق : 29 وقال أيضا:(وما الله يريد ظلما للعباد)غافر : 31( وَلايَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) الكهف:49
قال بعض العلماء : معناه لا ينبغي لي ولا يجوز لي كما قال تعالى(وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا)
فلا يظلم أحداً لا بزيادة سيئة ولا بنقص حسنة كما قال:تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) طه:112
و الظلم نوعان:
الأول: ظلم النفس، كما في قوله تعالى وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) هود: الآية101.
وأعظمه الإشراك بالله، قال تعالى( إن الشرك لظلم عظيم) لأن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق وعبده مع الله تعالى المنزه عن الشريك.
ويلي ظلم الإشراك بالله المعاصي والآثام الصغيرة والكبيرة، فإن فيها ظلماً للنفس بإيرادها موارد العذاب والهلاك في الدنياوالآخرة.
الثاني : ظلم الإنسان لغيره، وقد تكرر تحريمه والتحذير منه في أحاديث النبي، ففي الصحيحين، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي قال : "إن الظلم ظلمات يوم القيامة".

"وَجَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً"أي صيّرته بينكم محرماً.
وكما حرّم الله الظلم على نفسه ، حرّمه على عباده،فحرم على كل إنسان أن يظلم غيره، ونهاهم أن يتظالموا فيمابينهم وحذّرهم أن يقعوا فيه ، لعواقبه الوخيمة على الأمم ، وآثاره المدمرة على المجتمعات، وما ظهر الظلم بين قوم إلا كان سببا في هلاكهم ، وتعجيل العقوبة عليهم ، كما قال سبحانه في كتابه العزيز(وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)هود : 102
"فَلا تَظَالَمُوا"هذا عطف معنوي على قوله: "جَعَلتُهُ بَينَكُمْ مُحَرَّمَاً" أي فبناء على كونه محرماً لا تظالموا، أي لا يظلم بعضكم بعضاً.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-07-2010, 08:34 AM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: شرح الحديث الرابع والعشرون / الأربعين النووية

ثم انتقل الحديث إلى بيان مظاهر افتقار العباد إلى ربهم وحاجتهم إليه وذلك في قوله: ( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ،يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أُطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم)، فبيّن أن العباد ليس لهم من الأمر شيء ، ولا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم حولا ولا قوة ، سواءٌ أكان ذلك في أمور معاشهم أم معادهم ، وقد خاطبنا القرآن بمثل رائع يجسّد هذه الحقيقة ، حيث قال يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعواله إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب)الحج : 73 ) أي : إذا أخذ الذباب شيئا من طعامهم ثم طار ، وحاولوا بكل عدتهم وعتادهم أن يخلصوا هذا الطعام منه مااستطاعوا أبدا ، فإذا كان الخلق بمثل هذا الضعف والافتقار ، لزمهم أن يعتمدوا على الله في أمور دنياهم وآخرتهم ، وأن يفتقروا إليه في أمر معاشهم ومعادهم.
"يَاعِبَاديَ كُلُّكُم ضَالٌّ"أي تائه عن الطريق المستقيم.غافل عن الشرائع قبل إرسال الرسل.



"إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ" الهداية هنا تشمل هداية العلم وهداية التوفيق أي علمته ووفقته، وعلمته هذه هداية العلم والإرشاد أرشدته إلى ما جاء به الرسل ووفقته هداية التوفيق وهذه لاتطلب إلا من الله، إذ لايستطيع أحد أن يهدي العبد هداية التوفيق إلا الله عزّ وجل.


العباد كلهم ضال في العلم وفي العمل إلا من هداه الله عزوجل وإذا كان الأمر كذلك فالواجب طلب الهداية من الله، ولهذاقال:"فاستهدوني أهدكم" أي اطلبوا مني الهداية لا من غيري أهدكم،وهذا جواب الأمر، وهذا كقوله: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) غافر:60
افتقار العباد إلى ربهم لايقتصر على الطعام والكساء ونحوهما ، بل يشمل الافتقار إلى هداية الله جل وعلا ، ولهذا يدعو المسلم في كل ركعة ( اهدنا الصراط المستقيم)الفاتحة : 6.


" يَاعِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ" أي كلكم جائع إلا من أطعمه الله، وهذا يشمل ماإذا فقد الطعام، أو وجد ولكن لم يتمكن الإنسان من الوصول إليه، فالله هو الذي أنبت الزرع، وهو الذي أدرّ الضرع، وهو الذي أحي االثمار، ولقد تحدّى الله الخلق بقوله تعالى( أَفَرَأَيْتُمْ مَاتَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْنَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ*إِنَّا لَمُغْرَمُونَ* بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ* لَوْنَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ* نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الواقعة:58-74.


"فَاسْتَطْعِمُونِي"أي اطلبوا مني الإطعام،وإذا طلبتم ذلك ستجدونه.


" أُطْعِمْكُمْ" أطعم: فعل مضارع مجزوم على أنه جواب الأمر.


"يَاعِبَادِي كُلُّكُم عَارٍ"فكلنا عار أي قد بدت عورته ، لأننا خرجنا من بطون أمهاتنا عراة. إلا من كساه الله ويسر له الكسوة، ولهذا قال:"إِلاّ مَنْ كَسَوتُهُ فَاستَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" اطلبوا مني الكسوة أكسكم، لأن كسوة بني ادم مما أخرجه الله تعالى من الأرض، ولو شاء الله تعالى لم يتيسر ذلك.
وربما يقال: إنه يشمل لباس الدين، فيشمل الكسوتين: كسوة الجسد الحسيّة، وكسوة الروح المعنوية.


ثم بيّن الله تعالى بعد ذلك حقيقة ابن آدم المجبولة على الخطأ ، فقال:" يَاعِبَادي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بالليلِ والنهار ،وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم"، أي تجانبون الصواب، لأن الأعمال إما خطأ وإما صواب، فالخطأ مجانبة الصواب وذلك إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرّم.
وهذا توضيح للضعف البشري ، والقصورالذي يعتري الإنسان بين الحين والآخر ، فيقارف الذنب تارة ، ويندم تارة أخرى ، وهذه الحقيقة قد أشير إليها في أحاديث أخرى ، منها : ما رواه الإمام ابن ماجة بسند حسن ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون"فالناس يخطئون ليلاً ونهاراً أي يرتكبون الخطأ وهومخالفة أمر الله ورسوله بفعل المحذور أو ترك المأمور، ولكن هذاالخطأ له دواء – ولله الحمدوهو قوله:"فاستغفروني أغفر لكم"أي اطلبوا مغفرتي أغفر لكم، والمغفرة: ستر الذنب مع التجاوز عنه،فعلى الإنسان المسلم أن يتعهّد نفسه بالتوبة ، فيقلع عن ذنبه ، ويستغفر من معصيته ، ويندم على ما فرّط في جنب الله ، ثم يعزم على عدم تكرار هذا الذنب ، فإذا قُدّر عليه الوقوع في الذنب مرة أخرى ، جدد التوبة والعهد ولم ييأس ، ثقةً منه بأن له ربا يغفر الذنب ويقبل التوبة من عباده المخطئين.
وقوله: بِالَّليْلِ الباء هنا بمعنى: (في) كما هي في قول الله تعالى:"وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْل" الصافات:137-138 أي وفي الليل.
"وَأَنَا أَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً" أي أسترها وأتجاوز عنها مهما كثرت، ومهما عظمت، ولكن تحتاج إلى الاستغفار.
"فَاستَغفِرُونِي أَغْفِرلَكُم"أي اطلبوا مغفرتي، والإستغفار على وجهين:
الوجه الأول:طلب المغفرة باللفظ بأن يقول: اللهم اغفر لي، أو أستغفرالله.
الوجه الثاني:طلب المغفرة بالأعمال الصالحة التي تكون سبباً لذلك كقوله:" مَنْ قَالَ:سُبحَانَ اَلله وَبِحَمْدِهِ في اليَوم مائَةَ مَرةَ غُفِرَت خَطَايَاه ُوَإِنْ كَانَت مِثْلُ زَبَدِالبَحْرِ"
أما من لم يستغفر فإن الصغائر تكون مكفرة بالأعمال الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصلَواتِ الخَمسُ وَالجُمُعَة إِلى الجُمُعَةِ وَرَمَضَان إِلى رَمَضَان مُكَفِِّرَاتٌ لِمَا بَينَهُنَّ مَا اجتَنَبَ الكَبَائِرَ"، وأماالكبائر فلابد لها من توبة خاصة،فلا تكفرها الأعمال الصالحة،أما الكفر فلابد له من توبة بالإجماع.
والذنوب على ثلاثة أقسام:
قسم لابد فيه من توبة بالإجماع وهو الكفر .
والثاني:ما تكفره الأعمال الصالحة وهوالصغائر .
والثالث:ما لابد له من توبة- على خلاف في ذلك- لكن الجمهور يقولون:إن الكبائر لابد لها من توبة.
ثم بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربّه – شيئا من مظاهر الكمال الذي يتصف به الله جل وعلا ، مبتدئا بالإشارة إلى استغناء الله عن خلقه ، وعدم احتياجه لهم ، كما قال تعالى:"ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد"فاطر : 15 فالله تعالى غني حميد ، لا تنفعه طاعة عباده ، ولا تضره معصيتهم ، بل لو آمن من في الأرض جميعا ، وبلغوا أعلى مراتب الإيمان والتقوى ، لم يزد ذلك في ملك الله شيئا ، ولو كفروا جميعا ، ما نقص من ملكه شيئا ، لأن الله سبحانه وتعالى مستغن بذاته عن خلقه ، وإنما يعود أثر الطاعة أو المعصية على العبد نفسه ، وقد جاء في القرآن الكريم ما يؤكد هذه الحقيقة ويوضحها ، قال الله عزوجل:"قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها"الأنعام : 104 فمن عرف حجج الله وآمن بها واتبعها ، فقد بلغ الخير لنفسه ، ومن تعامى عن معرفة الحق ، وآثرعليها ظلمات الغواية ، فعلى نفسه جنى ، وأوردها الردى.
"يَاعِبَاديَ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّيْ فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُونِي"أي لن تستطيعوا أن تضروني ولا أن تنفعوني، لأن الضار والنافع هو الله عزّ وجل والعباد لايستطيعون هذا،لا يقدرون أن يوصلوا إلى الله نفعا ولاضرا فإن الله تعالى في نفسه غني حميد لا حاجة له بطاعات العباد ولا يعود نفعها إليه وإنما هم ينتفعون بها ولا يتضرر بمعاصيهم وإنما هم يتضررون بها قال الله تعالى‏{‏وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً‏}‏ آل عمران وقال‏{‏وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّاللَّهَ شَيْئًا‏}‏آل عمران، ‏{‏وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا‏}‏ النساء وقال حاكيًا عن موسى‏{‏وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ‏}‏إبراهيم وقال‏{‏وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ‏}‏آل عمران وقال‏{‏لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ‏}‏الحج‏.


" يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَازَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئَاً "


دلت الأدلة السمعية والعقلية على أن الله مستغن في ذاته عن كل شيء ، وأنه تعالى لا يتكثر بشيء من مخلوقاته ، له ملك السماوات والأرض وما بينهما {يخلق الله ما يشاء }آلعمران:47. وهو قادر على أن يذهب هذا الوجود ويخلق غيره ، ومن قدر على أن يخلق ك شيء، فهو مستغنى عن كل موجود ، ومستغني عن الشريك فقال تعالى:"ولم يكن له شريك في الملك"ومستغني عن المعين والظهير فقال تعالى:"ولم يكن له ولي من الذل"الإسراء:111. فوصف العز ثابت أبداً، ووصف الذل منتف عنه تعالى ، ومن كان كذلك فهو مستغني عن طاعة المطيع ،ولو أن كل العباد من الإنس والجن الأولين والآخرين أطاعوا كطاعة أتقى رجل منهم ، وبادروا إلى أوامره ونواهيه ولم يخالفوه، لم يتكثر سبحانه وتعالى بذلك ،ولا يكون ذلك زيادة في ملكه ، وذلك لأن ملكه عزّ وجل عام واسع لكل شيء، للتقيّ والفاجر.و طاعتهم إنما حصلت بتوفيقه وإعانته ،وطاعتهم نعمة منه عليهم ،ولو إنهم كلهم عصوه كمعصية أفجر رجل وخالفوا أمره ونهيه لم يضره ذلك ولم ينقص ذلك من كمال ملكه شيئاً ، فإنه لو شاء أهلكهم وخلق غيرهم فسبحان من لا تنفعه الطاعة ، ولا تضره المعصية.
فدل على أن ملكه كامل على أي وجه كان لا يزداد ولا يكمل بالطاعة ولا ينقص بالمعاصي ولا يؤثر فيه شيئًا .





__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-07-2010, 08:37 AM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: شرح الحديث الرابع والعشرون / الأربعين النووية


ثم قال: "يَاعِبَادِيَ لَوأَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِن مُلْكِي شَيْئَاً"
من مظاهر سعة ملك الله تعالى وكرمه وجوده أن جعل نعمه سبحانه شاملة للطائع والعاصي على السواء ، دون أن يجعل تلك المعاصي مانعا لهذا العطاء ، فإن الله لو أعطى جميع الخلق مايرغبون ، لم ينقص ذلك من ملكه شيئا يُذكر.
وذلك: أن الفاجر عدو لله عزّ وجل فلا ينصرالله، ومع هذا لاينقص من ملكه شيئاً لأن الله تعالى غني عنه.
ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على قلب أفجر رجل منهم مانقص ذلك من ملك الله شيئاً فإنه سبحانه الغني بذاته عمن سواه غني عنا وله الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله فملكه ملك كامل لا نقص فيه.


"يَاعِبَادِيَ لَو أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلونِي فَأَعطَيتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسأَلَتَهُ"
"صعيد واحد": أرض واحدة ومقام واحد.


أي إذا قاموا في أرض واحدة منبسطة، وذلك لأنه كلما كثر الجمع كان ذلك أقرب إلى الإجابة.
فالمراد بهذا ذكر كمال جوده وكرمه وقدرته سبحانه وسعة ما عنده وكمال ملكه وإن ملكه وخزائنه لا تنفذ ولا تنقص بالعطاء ولو أعطي الأولين والآخرين من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد وفي ذلك حث الخلق على سؤاله وإنزال حوائجهم به‏.‏
وقوله ": "مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحرَ"
"المِخْيط": بكسر الميم وسكون الخاء، الإبرة الكبيرة وهذا من باب تأكيد عدم النقص، لأنه من المعلوم أن المخيط إذا دخل في البحر ثم نزع منه فإنه لا ينقص البحر شيئاً لأن البلل الذي لحق هذا المخيط ليس بشيء، وهذا من باب المبالغة في عدم النقص وهذا كقوله تعالى:"لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلايَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ" الأعراف: الآية40،إذ من المعلوم أن الجمل لايمكن أن يدخل في سم الخياط، فيكون هذا مبالغة في عدم دخولهم الجنة.
كذلك هنا من المعلوم أن المخيط لو أدخل في البحر لم ينقص شيئاً ،ولتحقيق أن ما عنده لا ينقص البتة كما قال تعالى ‏{‏مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ‏}‏.
فكذلك لو أن أول الخلق وآخرهم وإنسهم وجنهم سألوا الله عزّ وجل وأعطى كل إنسان مسألته مهما بلغت فإن ذلك لاينقص ما عنده إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.وفي الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " أَنْفِقْ ،أُنْفِقْ عَلَيْكَ ، وَقَالَ : يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَقَالَ : أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ، وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ ، يَخْفِضُ ، وَيَرْفَعُ " . : "يَدُا للهِ مَلأى سحَّاءَ" أي كثيرة العطاء "الَّليلَ والنَّهَارَ" أي في الليل والنهار"أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرض فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ" أي لم ينقص "مَا فِي يمِيْنِهِ" ولما كانت الحكمة من الخلق هي الابتلاء والتكليف ، بيّن سبحانه أن العباد محاسبون على أعمالهم ، ومسؤولون عن تصرفاتهم ، فقد جعل الله لهم الدنيا دارا يزرعون فيها ، وجعل لهم الآخرة دارا يجنون فيها ما زرعوه ، فإذا رأى العبد في صحيفته مايسرّه ، فليعلم أن هذا محض فضل الله ومنّته ، إذ لولا الله تعالى لما قام هذا العبد بما قام به من عمل صالح ، وإن كانت الأخرى ، فعلى نفسها جنت براقش ، ولا يلومنّ العبد إلا نفسه.

يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ هذه جملة فيها حصر(إنما) أي ما هي إلا أعمالكم أُحْصِيْهَا لَكُمْ أيأضبطها لكم بعلمي وملائكتي الحفظة،أضبطها تماماً بالعدّ لازيادة ولانقصان، لأنهم كانوا في الجاهلية لايعرفون الحساب فيضبطون الأعداد بالحصى، وفي هذا يقول الشاعر:


ولستُ بالأكثر منهمْ حصى وإنّما العزّة للكاثرِ
يعني أن عددكم قليل، وإنما العزة للغالب في الكثرة.

ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" أي أوفيكم جزاءها في الدنيا والآخرة، فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره الزلزلة، وقوله ووجدوا ما عملوا حاضرًا ولايظلم ربك أحدًا الكهف،وقوله يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا آل عمران،وقوله يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه المجادلة، وقيل أن قوله ثم أوفيكم إياها الظاهر أن المراد توفيتها يوم القيامة كما قال تعالى‏{‏وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏}‏آل عمران‏.‏
قد يكون في الدنيا فقط فإن الكافر يجازى على عمله الحسن لكن في الدنيا لا في الآخرة ، وقد يكون في الآخرة فقط. فالمؤمن قد يؤخر له الثواب في الآخرة، وقد يجازى به في الدنيا وفي الآخرة، قال الله تعالى:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَالَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)الشورى:20
وقال عزّ وجل:"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد"الاسراء الآية18 وقال عزّ وجل:"وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً"الاسراء:19.

فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غيرذلك فلا يلومن إلا نفسه والله سبحانه يجزي الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ويجزي السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح فيما دون الشرك والله أعلم.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ما جاءت به هذه الآيات من انتفاع الكافر بعمله في الدنيا، جاء في حديث أنس رضي الله عنه عند مسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة، يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها)، يعني: أن الأعمال الحسنة والصالحة التي عملها الكافر ابتغاء وجه الله في الدنيا كبر الوالدين، وإغاثة الملهوف، وصدق الحديث، والوفاء بالمواعيد وغير ذلك، فقد توجد في الكافر بعض الأعمال الصالحة وهو يعملها لله، لكنه غير مؤمن، ولم يشهد بشهادتي التوحيد، فهذا يطعم بحسناته التي عملها لله في الدنيا، فيثاب بسعة الرزق، أو بالصحة، أو بالمال، أو بالجاه..

فالدنيا هي جنة الكافر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر)، فهذه الحياة الدنيا هي المكان الوحيد الذي يمكن أن يثاب فيها على أعماله، وأما الآخرة فلا يمكن لغير مؤمن وغير الموحد أن ينفعه أي عمل فيها.
وفي مسلم أيضاً عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الكافر إذا عمل حسنة أُطعم بها طُعمة من الدنيا، وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة، ويعقبه رزقاً في الدنيا على طاعته).


فالله سبحانه وتعالى لا يظلم العباد شيئاً، فالمؤمن تنفعه الحسنة في الدنيا وفي الآخرة .
" فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ"أي من وجد خيراً من أعماله فليحمد الله على الأمرين: على توفيقه للعمل الصالح، وعلى ثواب الله له،إشارة إلى أن الخير كله فضل من الله على عبده من غير استحقاق له.


"وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ"أي وجد شراً أو عقوبة "فَلا يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفسَهُ" لأنه لم يُظلم.
أشارة الى أن الشر كله من عند ابن آدم من اتباع هوى نفسه كما قال عز وجل‏{‏مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَاأَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ‏}النساء‏.


واللوم: أن يشعرالإنسان بقلبه بأن هذا فعل غير لائق وغير مناسب، وربما ينطق بذلك بلسانه. وقد كان السلف الصالح يجتهدون في الأعمال الصالحة حذرا من لوم النفس عند انقطاع الأعمال على التقصير‏.‏
وفي الترمذي عن أبي هريرة مرفوعًا ما من ميت يموت إلا ندم فإن كان محسناً ندم أن لا يكون ازداد ، وإن كان مسيئاً ندم أن لايكون استعتب أي استعتب من ذنبه وطلب العتبة وهي المعذرة.
فرسول الله -صلى الله عليه وسلم-يوضح لنا أن كل من يموت يندم..ولكن الندم نوعان:
1-رجل صالح يندم لأنه كان يتمنى أن يعيش اكثر ليفعل خيرا اكثر،ويقول ليتنى أكثرت وأكثرت.
2- ورجل مسئ يندم أنه لم يتب من ذنبه قبل موته. وقيل لمسروق لو قصرت عن بعض ما تصنع من الاجتهاد فقال والله لو أتاني آت فأخبرني أن لا يعذبني لاجتهدت في العبادة قيل كيف ذاك قال حتى تعذرني نفسي إن دخلت النار أن لا ألومها أما بلغك في قول الله تعالى ‏{‏وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ‏}‏ القيامة إنما لاموا أنفسهم حين صاروا إلى جهنم فاعتنقتهم الزبانية وحيل بينهم وبين ما يشتهون وانقطعت عنهم الأماني ورفعت عنهم الرحمة وأقبل كل امريء منهم يلوم نفسه‏.‏


__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 29-07-2010, 08:39 AM
الصورة الرمزية ام ايمن
ام ايمن ام ايمن غير متصل
مشرفة ملتقى السيرة وعلوم الحديث
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
مكان الإقامة: العراق / الموصل
الجنس :
المشاركات: 2,056
افتراضي رد: شرح الحديث الرابع والعشرون / الأربعين النووية

من فوائد هذا الحديث:


1-رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل وهو ما يسميه أهل العلم بالحديث القدسي،وهذا أعلى مراتب السند، لأن غاية السند: إما الرب عزّ وجل وهذا في الأحاديث القدسية،وإما النبي صلى الله عليه وسلم وهذا في الأحاديث المرفوعة، وإما عن الصحابة وهذا في الأحاديث الموقوفة، وإما عن التابعين ومن بعدهم وهذا في الأحاديث المقطوعة.

فإذا روينا أثراً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنسميه موقوف اًلأنه صحابي، وإذا روينا أثراً عن مجاهد - رحمه الله - فنسميه مقطوعاً لأنه تابعي.
2- إن أحسن ما يقال في الحديث القدسي: إنه ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عزّ وجل، ونقتصر على هذا ولانبحث هل هو من قول الله لفظاً ومعنى،أو من قول الله معنى ومن لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن هذا فيه نوع من التكلّف وقد نهينا عن التكلّف، ونهينا عن التنطّع وعن التعمّق.
3- إثبات القول لله عزّ وجل وهذا كثير في القرآن الكريم، وهو دليل على ما ذهب إليه أهل السنة من أن كلام الله يكون بصوت، إذ لا يطلق القول إلا على المسموع.
4- أن الله تعالى قادر على الظلم لكنه حرّمه على نفسه لكمال عدله فهو قادر على أن يظلم، قادر على أن يبخس المحسن من حسناته وأن يضيف إلى المسيء أكثر من سيئاته ولكنه لكمال عدله حرم ذلك على نفسه جل وعلا.
5- أن من صفات الله ما هو منفي مثل الظلم، وأنه لايوجد في صفات الله عزّ وجل نفي إلا لثبوت ضده، فنفي الظلم يعني ثبوت العدل الكامل الذي لانقص فيه.


6- أن لله عزّ وجل يحرم على نفسه ما شاء لأن الحكم إليه، ولكن نحن لا نستطيع أن نحرم على الله ،كما أنه يوجب على نفسه ما شاء. كما في قوله تعالى قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ).الأنعام:
قال ابن القيم - رحمه الله - في النونية:

ما للعباد عليه حقٌّ واجبٌ هو أوجبَ الأجرَ العظيم الشانِ


كلاَّ ولا عملٌ لديه ضائع ٌ إن كانَ بالإخلاصِ والإحسانِ

والإحسان يعني المتابعة.


7- إطلاق النفس على الذات لقوله: ""عَلَى نَفْسِيْ" والمراد بنفسه ذاته عزّ وجل، كما قال تعالى:( وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)آل عمران: الآية28) وليس النفس صفة كسائر الصفات: كالسمع والعلم والقدرة، فالنفس يعني الذات، فقوله وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) يعني ذاته،وقوله هنا:"عَلَى نَفْسِي" يعني على ذاتي، وكلمة النفس أصوب من كلمة ذات لكن شاع بين الناس إطلاق الذات دون إطلاق النفس، ولكن الأصل العربي النفس.

8- الأصل في الإنسان الضلال والجهل بقوله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا.النحل:78 .


9- الحثّ على طلب العلم، لقوله: "كُلُّكُم ضَالٌّ"ولاشكّ" أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل قد قال الإمام أحمد - رحمه الله -: العلم لايعدله شيء لمن صحت نيته لاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل، وكثر فيه الظن وأفتى من لايستحق أن يفتي، فطلب العلم في هذا الزمان متأكد.


10- أن العباد في الأصل جياع، لأنهم لايملكون أن يخلقوا ما تحيى به الأجساد كما في قوله تعالى "أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ*أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ* لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ*بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ*أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُون* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ* أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ......الواقعة:63-71] فالأصل أن الإنسان قاصر جائع إلا من أطعمه الله،لقوله: "فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ" أي اسألوني الطعام أطعمكم، وعليه فلا نلجأ في طلب الرزق وابتغاء الفضل إلا من الله عزّ وجل.كما قال تعالى " فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"الجمعة: 10.


وقال تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ .الملك

11- أن الأصل في الإنسان العري حتى يكسوه الله عزّ وجل،و أنه في الأصل العري الحسي، وقد يراد به المعنوي أيضاً، وذلك لأن الإنسان خرج من بطن أمه عارياً ولا يكسوه إلا الله عزّ وجل بما قدره من الأسباب .و ذكر الله عز وجل العري بعد ذكر الطعام، لأن الطعام كسوة الداخل واللباس كسوة الظاهر.


12- كرم الله عزّ وجل حيث يعرض على عباده بيان حالهم وافتقارهم إليه، ثم يدعوهم إلى دعائه عزّ وجل حتى يزيل عنهم ما فيهم من الفقر والحاجة، وعلى العباد أن يسألوا الله جميع مصالح دينهم ودنياهم من الطعام والشراب والكسوة وغير ذلك كما يسألونه الهداية والمغفرة وفي الحديث ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله إذا انقطع‏.‏


13- أن بني آدم خطاء أي كثير الخطأ يخطئون كثيراً في الليل والنهار ، كما قال الله عزّ وجل:"وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً" الأحزاب: الآية72.ولكن هذا الخطأ يقابله مغفرة الله عز وجل لكل ذنب، وأن الله يغفر الذنوب جميعاً، كما قال تعالى:"قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا"الزمر:53، ويترتب على هذا أن الإنسان يعرف قدر نفسه، فكلما أخطأ استغفر الله عز وجل. "فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ"

14- كمال سلطان الله عزّ وجل وغناه عن خلقه فالله سبحانه وتعالى مستغن عن جميع خلقه، ومن أسمائه العزيز وهو الذي عز أن يناله ضرر،وكذلك هو الغني الحميد فلا حاجة إلى أن يسعى أحد لنفعه ولن يبلغ أحد ضرره لكمال غناه جل وعلا.
15- أن محل التقوى والفجور القلب، لقوله: "عَلَى أَتقَى قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" "عَلَى أَفجَرِ قَلبِ رَجُلٍ وَاحدٍ مِنكُمْ" ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم" أَلاَ وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلُحَت صَلُحَ الجَسَد كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُألا وهي القلب. فيجب علينا أن نعتني بالقلب وننظر أين ذهب، وأين حلّ حتى نُطَهِّرهُ ونصفيه.
16- يظهر أن اجتماع الناس في مكان واحد أقرب إلى الإجابة من تفرقهم، ولهذا أمِروا أن يجتمعوا في مسجد واحد في الجمعة، وأن يجتمعوا في مصلى العيد وفي الاستسقاء، وأن يجتمعوا في عرفات في مكان واحد، لأن ذلك أقرب إلى الإجابة.
17- أن الله عزّ وجل يحصي أعمال العباد،أي يضبطها بالعدد فلا ينقص أحداً شيئاً، قال الله تعالى:" فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاًيَرَهُ" الزلزلة:7،8.
18- أن الله عزّ وجل لا يظلم أحداً شيئاً، بل من عمل عملاً وجده، لقوله:" ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا".
19- الحث على العمل الصالح حتى يجد الإنسان الخير لقوله يَاعِبَادِيَ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ..
20- وجوب الحمد لله عزّ وجل على من وجد خيراً، وذلك من وجهين:
الأول:أن الله عزّ وجل يسره حتى عمله.
الثاني:أن الله تعالى أثابه.
21- أن من تخلف عن العمل الصالح ولم يجد الخير فاللوم على نفسه. لأن العاصي سوف يلوم نفسه في وقت لا ينفعه اللوم ولا الندم لقوله: ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
22- الافتقار إلى الله: والخلق كلهم مفتقرون إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار في الدنيا والآخرة، فهم في حاجة ماسة إلى هداية الله ورزقه في الدنيا وهم بحاجة إلى رحمة الله ومغفرته في الآخرة، والمسلم يتقرب إلى الله عز وجل بإظهار الحاجة والافتقار، وتتجلى عبوديته الحقة لله رب العالمين في إحدى الصور الثلاث التالية:
أولاً: بالسؤال، والله سبحانه وتعالى يحب أن يُظْهِرَ الناسُ حاجتهم لله وأن يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية من الطعام والشراب والكسوة،كما يسألونه الهداية والمغفرة.
ثانياً: بطلب الهداية.
ثالثاً: بالامتثال الكامل، وذلك باجتناب كل ما نهى الله تعالى عنه، وفعل كل ما أمر الله تعالى به.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


سبحانك الله وبحمدك نشهد أن لاإله إلا أنت نستغفرك ونتوب اليك


إن أصبت فمن فضل اللهوحده


وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان

والحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
والحمد لله الذي بنعمته تتمالصالحات


اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم


ولاتجعل لأحد شيئا منه سواك



__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 154.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 151.67 كيلو بايت... تم توفير 3.07 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]