|
قسم الأبحاث العلمية والحوارات قسم يختص بالابحاث العلمية وما يتعلق بالرقى الشرعية والحوارات العامة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#311
|
||||
|
||||
![]() إن رواج التجارة مطلب حيوي، وحق مشروع لكل تاجر، ولكن بواسطة السحر تروج تجارة أحدهم على حساب حرية اختيار الزبون، فربما يختار المستهلك تحت تأثير السحر سلعة لا تناسب ذوقه الخاص، رغم جودتها وسعرها المناسب، ولكن بمجرد استخدامها يندم على ما يظن أنه سوء اختيار منه، فكم منا اشترى سلعة وفرح بها جدًا ثم ندم على سوء اختياره، ليكتشف أنه لم يوفق في اقتناء سلعة تناسب ذوقه الخاص، أو لم يوافق اختياره احتياجاته الفعلية، ولا يدري المشتري أنه اقتناها مسيرًا تحت تأثير (سحر رواج التجارة)، فيضطر على مضض لاستخدام ما لا يناسبه، أو يغرم شراء سلعة جديدة بمواصفات مناسبة، بينما يتخلص من السلعة التي غرم ثمنها، وانتشار مثل هذا السحر قد يثري البعض، ولكن على حساب إهدار أموال الآخرين.
هذا بخلاف أن هذا النوع من السحر يستخدمه بعض التجار لحسم المنافسات التجارية فيما بينهم، فتندفع الزبائن على تاجر لتبور سلعة الآخر، فأحدهم نال رزق مقدر وحق مشروع بواسطة السحر، لكنه حصل على رزق كان من حق تاجر آخر، فنال رزقه ورزق غيره معه، وهذا ولابد تسبب في الإضرار بالتاجر الآخر، إذًا فقد نال الساحر أكثر من حقه المشروع ورزقه المقدر، وطالما لم يقدر للساحر هذا الرزق فسوف لن ينتفع به، وإن لم يتخلص منه سريعًا لكان طامة عليه، وإن بعضهم يخدع نفسه فيزعم أن هذه بركة من عند الله، لأن كله معمول بالقرآن! للأسف يكذب ويصدق كذبه، فإن كانت حلالاً لما قام بها في السر خشية أن يعلم الناس، هذا بخلاف تدنيس كتاب الله بإقحامه في مثل هذه الأعمال الكفرية، فهذه سرقة فعلية للزبائن إلا أنها تمت بواسطة شياطين الجن، بدلاً من أن تتم بواسطة لصوص من البشر، فالوزر هنا مضاعف لأنه سرقة وشرك، فإن غفر الله السرقة بمشيئته، فإنه لا يغفر الشرك لأن الشرك أعظم الآثام، قال تعالى: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما﴾ (النساء: 48). المحبة ضرورة ملحة في إطار العلاقات الإنسانية، وحق مشروع لكل إنسان أن يتبادل المحبة مع الآخرين، ولكن تحت تأثير السحر يبدر من البعض تصرفات لا إرادية توحي بالمحبة الظاهرة، وهذا يتم نتيجة حضور (خادم السحر) على جسد المسحور والتحام أجهزة مخهما معًا، وبذلك تنتقل أفكار ومشاعر الجني المفتعلة تلقائيًا إلى المسحور، وبدرجة حضور عالية يستطيع الجني السيطرة على الجهاز العصبي للمسحور فيسلبه إرادته أيضًا، ليتغلب بمشاعره المصطنعة على المشاعر الطبيعية للمسحور، لدرجة عجزه عن التمييز بين مشاعره ومشاعر الجني، أو الفصل بينهما، فينساق وراء هذه المشاعر وكأنها نابعة من ذاته، فيصبح بذلك مسخرًا مسلوب الإرادة، لتنتابه حالة غير مبررة من الولع والهيام، وقد يلتقم الشيطان إحليله فينفخ فيه، ليصيبه بشبق وسعار جنسي لا يطفئ لهيبه إلا لقاء محبوبه، فيعجز عن تبرير أو وقف ما يبدر منه من تصرفات لا تتفق ومشاعره الحقيقية، وربما تتعارض مع أخلاقياته التي نشأ عليها، وتخالف ما يؤمن به من معتقدات دينية، وما ذكرته هو طرف من كيفية تنفيذ الجن (لسحر المحبة)، وإلا فالقائمة تتسع لأساليب أكثر من ذلك بكثير، فهناك ما هو أشد استحكامًا وأكثر تعقيدًا، إن لم يدركها المعالج فحتمًا سيخفق في التشخيص السليم، وبالتالي يتعذر علاج المريض. يجب أن نلتفت إلى تفوق قدرات الجن بما يتيح لهم بمشيئة الله تعالى تسخير البشر، وذلك بالتحكم في وظائف الجسم المترابطة فيما بينها، مما يمنحهم وفرة في أساليب تنفيذ النوع الواحد من السحر، ولتفاوت قدرات الجن فقد يعلمها البعض منهم، ويجهلها البعض الآخر، وقد يقدر عليها صنف معين من الجن حباهم الله تعالى بخصائص قدرات تؤهلهم لأدائها بتميز فريد، بينما تفتقر أصناف أخرى لنفس القدرات، ولكثرة الأساليب وتنوعها وشدة تعقيدها، فإنه ينقص أغلب السحرة الإلمام بها مجتمعة، خاصة من لم ينالوا قسطًا من التعليم يعجزون عن الربط بينها، هذا بسبب اتصال بعضها بفرعين هامين من فروع الطب البشري (علم التشريح Anatomy) و(علم وظائف الأعضاء Physiology)، لذلك فغالبًا لا يتدخل عوام السحرة في اختيار طريقة الجن في تنفيذ السحر، مما يحدو بالجن لاختيار أسهل الطرق عليهم، وفقًا لمقدار عبودية الساحر لهم، مما يفقد السحر حبكة الصنعة،، فيأتي السحر ضعيفًا واهنا لا يصمد أمام الملمات، وإن كان لطريقة التنفيذ أهمية بالغة في تحقيق مرادهم باستحكام جيد، إلا أنهم لا يبالون بتجديد السحر على أن يغرموا مشقة صنعه بإتقان، والمرهونة بترقيهم في العلم والعبودية للشيطان، فهم خلاف من نالوا قسطًا وافرًا من التعليم يؤهلهم لاختيار طريقة سحر أشد تأثيرًا، وأعقد في كشف ملابساتها على المسلمين من الإنس والجن. نستطيع القول بأن السحر مقيد بالتعامل مع خصائص المادة، فإذا كان السحر على الإنس خاضعًا (لخصائص قدرات الجن)، إلا أن قدراتهم محدودة في إطار السيطرة على (خصائص مادة الإنسي)، فإن الله قد حبا الجن بقدرات خاصة تفوق قدرات الإنس، إلا أن لمادة الإنس خصائص فيزيائية وكيميائية تحكم تعامل الجن معها، فإذا امتلك الإنس نفس قدرات الجن وعلمهم لتمكنوا من التحكم في المادة الإنسية على نحو فائق يبهر بني جنسهم، وبالفعل فإن الابتكارات العلمية مكنت الإنسان من السيطرة على خصائص المادة فطوعها وفق رغباته، قال تعالى: ﴿يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان﴾(الرحمن: 33)، فالنفاذ من أقطار السموات والأرض مشروط بسلطان، وهذا السلطان لا يخرج عن إطار العلم بالسنن الكونية التي أودعها الله خصائص مادة كل شيء، فبالسنن الكونية سيطر الإنسان على الحديد ، وجرى في الطرقات، وغاص في البحار، وطفا على الماء، وطار في الهواء، ونطقت الأبواق، وكل هذا كان يبدو مستحيلاً في مراحل الجهل بالسنن الكونية لمادة الحديد. وعلى هذا فإذا كان الإنس يستطيعون بالعلم السيطرة على مادة عالمهم، فنفس الأمر ينطبق على الجن أيضًا بالنسبة لخصائص مادة عالمهم، واضعين في الاعتبار اختلاف خصائص مادة كلاً من العالمين، بالإضافة إلى تفوق خصائص مادة الجن على خصائص مادة الإنس، وإذا كان الجن قد خلقوا قبلنا فهذا ولابد أتاح لهم فرصة كبيرة ليزدادوا علمًا وخبرة ودراية بخصائص مادة عالمنا المكشوف لهم، ولتفوق خصائص مادتهم على مادتنا وبسبب تخفيهم عنا فنحن أقل علمًا بخصائص عالمهم، لذلك فإن تدخل الجن بخصائص قدراتهم وبعلمهم الواسع بخصائص مادة عالم الإنس أهلهم للتحكم في عالم الإنس بشكل يذهل عقول البشر، وهذا مرجعه جهلنا بالسنن الكونية التي يتعامل الجن بها، ولو أتيح لنا نفس العلم والقدرات لما حدث هذا الانبهار، والأشد دهشة أن يعضلنا أحدهم بالسؤال عن كيفية قيام الجن بهذه الأمور الفائقة، فلولا عجزنا عن إدراك الكيف ما تمكن الجن من التداخل في عالمنا، وهذا التخفي هو من دلالات معنى السحر. إن الاكتشافات العلمية المتتالية، تثبت قطعيًا بما لا يدع مجالاً للشك، مدى سعة دائرة جهلنا بخصائص مادة عالمنا، هذا في مقابل ضآلة قدراتنا على التبحر في العلم، فمهما بلغنا حدًا واسعًا من العلم فستظل قدراتنا خاضعة للظن، بدليل قبولها للتطور كل يوم، قال تعالى: ﴿حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس﴾(يونس: 24)، فإذا كنا عاجزين عن السيطرة والتحكم في كل ما هو إنسي لمحدودية قدراتنا العلمية والعملية، رغم أنه عالم منظور ومحسوس لدينا، فإنه من المستحيل علينا إدراك خصائص عالم الجن الفائقة على عالم الإنس، وهو عالم خفي مغيب عنا، ولكن من الممكن التعرف على حقيقة وجودها فيما أوردته النصوص الشرعية، ومن واقع الاحتكاكات بين العالمين التي أفرزت لنا معلومات وفيرة تخللت الأحداث والتجارب المسجلة، مما منحنا الفرصة للتعرف بخصائصهم، ولولا الفصل بين الثقلين، لتخيلنا ما يكون عليه وضع عالمنا إذا ما تدخل الجن بعلمهم الفائق بخصائص مادة الإنس، وهذا هو السحر لا يتجاوز حد السيطرة على المادة والتلاعب بها، أما المشاعر والمعتقدات والحياة والموت والأرزاق فكل هذا لا يملك الجن أو الإنس أن يتحكموا في شيء منه، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، لكن من الممكن بالخديعة والاحتيال التلاعب بمشاعر البشر تجاه بعضهم بعضًا، وهذا وارد حدوثه بيننا كبشر، ولا يخرج عن نطاق السنن الكونية. فالحقيقة أن السحر لا يدخل المحبة في القلوب، وإن كان له سيطرة على الحواس الخمس والذاكرة والانتباه وغير ذلك، إلا أنه لا يتحكم في مشاعر الإنس والجن فيتنقل به من محبة إلى كراهية أو العكس، بدليل أنه بمجرد زوال السحر يتراجع المسحور عن ولعه وتخبو مشاعره، وبهذا ينال المسحور لأجله مشاعر زائفة بتأثير من الجن، فهي لا تعدو كونها محبة مفتعلة من الجن، والمريض ليس إلا مجرد واجهة تخفي دور الجن ورائها، فلو تمت الزيجة تحت تأثير السحر بموافقة طرف مسير الإرادة، لفقد الزواج أحد أهم أركانه وهو الإيجاب والقبول، وبهذا تستحل الفروج بغير ما أحل الله تعالى، لأن الإيجاب والقبول لا يتحققان إلا في ظل حرية الاختيار، وليس في ظل الإكراه والتسيير. لذلك لا يلجأ لمثل سحر المحبة إلا جاهل بالسحر، أو شخص استحوذت شهوته ونزواته على علقه فلا هم له إلا إشباع غرائزه وإرضاء رغباته، بغض النظر عن احترام خصوصيات الآخرين ومراعاة مصالحهم، لذلك عادة ما يلجأ إلى هذا النوع من السحر أهل الفن والطرب لتشق شهرتهم في الأفاق، وأصحاب الشهوات والمجون لإشباع غرائزهم، وأهل العشق والهوى لإطفاء لوعتهم بنيل الحبيب، وأكثر ما يروج هذا السحر بين المتزوجين، فكل طرف من الزوجين يريد أن يستأثر بالطرف الآخر، سواء بدافع المحبة المفرطة والغيرة، أو الاستحواذ على ممتلكات الطرف الآخر، فبالسحر يسخر البشر بعضهم بعضًا عن طريق الجن، وربما هذا تفسير لكثير من التصرفات التي تبدر من الكثيرين حولنا ولا نجد لها مبررًا، وقس على هذا من يعتلون أعلى المناصب ويترقون في وظائفهم بتسخير رؤسائهم بالسحر، لنجد أن الأمر وسد لغير أهله، بينما الأجدر بهذا المنصب يقف صريع حيرته يضرب كفًا بكف، ولا يدري حقيقة ما تم في الخفاء، فقد باتت الرشوة والمحسوبية من الأساليب الغابرة، وحل مكانها السحر كوسيلة أكثر سرية وأمنًا، والسحر الأقوى هو الذي يغلب ويتفوق. تابع التالي
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#312
|
|||
|
|||
![]() مشكور شيخنا على المعلومات القيمة
بارك الله فيك |
#313
|
||||
|
||||
![]() في الذكرى الـ118 للتمثال الشهير أنوار الحرية الأمريكية "تعمي" جنبات العالم! 26/10/2004![]() معتز شكري** الاسم الأصلي لتمثال الحرية الأمريكي الشهير Statue of Liberty، والمطل بشموخ على مدخل جزيرة ليبرتي (كان اسمها سابقا جزيرة بيدلوز edloe’s Island ) بمدينة نيويورك، هو عبارة تقول: "الحرية تنير العالم" أو: “ Liberty Enlightening the World ". وبالرغم أن فكرة التمثال وتصميمه وتنفيذه تمت جميعها بعقول وسواعد فرنسية واكتفى الأمريكيون بعد جهود مضنية بإقامة القاعدة (!)، فإن الولايات المتحدة ترى منذ قبلت التمثال كهدية من الشعب الفرنسي قبل 118 سنة بالضبط (تم تدشينه في 28 أكتوبر 1886) إن القيم التي يجسدها هذا التمثال (وهي الحرية والديمقراطية والصداقة بين الشعوب) تتحقق فيها هي أكثر مما تتحقق في غيرها من البلدان، وربما لهذا السبب أيضا نجد واشنطن مصرة حتى الآن على اعتبار نفسها "مبعوثة الأقدار" لإحلال الحرية والسلام على الأرض.. وأن كل ما تقوم به هو من أجل هذه الغايات النبيلة.. أما كيف.. وبأي معنى.. فهذه مسألة فيها نظر! من حق الأمريكيين بالطبع أن يعتزوا بتمثال الحرية، ويعتبروه من مقتنياتهم الجديرة بالفخر.. وذلك وسط ما يعانونه -كنتيجة طبيعية لحداثة دولتهم- من فقر في أية آثار عتيقة كتلك التي تزخر بها بلدان أخرى تمتد حضاراتها لآلاف السنين، مثل مصر (التي كانت مقصودة أصلا بالتمثال كما سنرى) أو العراق (التي تسبب احتلال الأمريكان له في ضياع ما لا يحصى من القطع الأثرية التي لا يمكن تعويضها!). ومع أن تمثال الحرية ليس أثرا عتيقا من الناحية الزمنية إذا قورن بآثار مصر والعراق، فقد جاء في وقته مبهرا للأمريكيين لضخامته وإبداع صنعه ودقة تصميمه وعبقرية فكرته وتنفيذه، وربما أحسوا أنه كان من اللازم في ذلك الوقت (ولم تكن فيه أمريكا قد صارت بعد دولة عظمى) أن يأتيهم هدية من شعب آخر أعرق منهم بكثير في حضارته وهو فرنسا، فكان أن رحبوا بالهدية شاكرين. ولتمثال الحرية الذي اعتبرته الولايات المتحدة مَعْلما وطنيا وأثرا قوميا لها National Park في 15 أكتوبر 1924، بينما أعلنته الأمم المتحدة موقعا من مواقع التراث الإنساني العالمي World Heritage Site عام 1984.. قصة طويلة وطريفة، لعله من المفيد أن نحيط بها في مناسبة مرور 118 عاما على تدشينه. الخديوي إسماعيل يرفض بسبب التكاليف تبدأ القصة بنحات فرنسي عبقري هو فريدريك أوجست بارتولدي الذي جاءته أولا فكرة التمثال دون أن تكون أمريكا قد خطرت على باله، بل كانت فكرة إنسانية عامة تجسد الحرية والحضارة الإنسانية في شكل امرأة تحمل شعلة تنير بها جنبات الدنيا، وإن كان التصميم قد قصد به أن يطل التمثال على موقع ساحلي؛ لأن التاج الذي يعلو رأس المرأة له سبعة أسنة (تبدو كأنها سبعة أشعة)، ترمز للبحار السبعة التي تطل عليها قارات العالم. ![]() Auguste Bartholdi عندما وضع بارتولدي تصميم تمثال الحرية، أخذه إلى الخديوي إسماعيل في مصر، في أعقاب افتتاح قناة السويس للملاحة (1869)، واقترح عليه أن ينصب على مدخل القناة ليكون رمزا لحرية الملاحة أمام العالم، وباعتبار أن التمثال يمثل مصر وهي تحمل شعلة الحرية. ولما سئل الخديوي إسماعيل عن تكاليف بناء التمثال (كان حتى ذلك الحين مجرد تصميم على الورق) قدرها بارتولدي بستمائة ألف دولار، وهو ما اعتبره حاكم مصر مبلغا هائلا وضخما لا يقدر عليه بعد ما أنفقته مصر على حفر وافتتاح قناة السويس وما أمر هو أيضا بإنفاقه على تحديث مصر.. بصرف النظر عن الأولويات، وهو ما أوقع البلاد بعد ذلك في الديون كما هو معروف. وكان أن اعتذر إسماعيل لبارتولدي مقدرا له حبه لمصر وحماسته لتمجيد المكانة العالمية لقناة السويس. صداقة فرنسية أمريكية.. "كانت" متينة! كانت هناك في ذلك الوقت صداقة متينة تربط بين الشعبين الفرنسي والأمريكي، وكان هناك ما يبررها؛ لأن الفرنسيين وقفوا إلى جوار الأمريكيين في نضالهم ضد الإمبراطورية البريطانية -المنافس التقليدي لهم- والتي كانت تتمسك بالسيادة على مستوطنات أمريكا باعتبارها من مستعمراتها ووقفت في وجه كل محاولات استقلالها، واعتبرت إعلان الاستقلال في 4 يوليو 1776 "وثيقة خيانة". وبادل سكان الولايات المتحدة "الوليدة" يومها هذه المشاعر الفرنسية المتعاطفة معهم بمثلها، لا سيما أن هناك مقاتلين فرنسيين ذهبوا إلى أمريكا للقتال معهم في سبيل الحرية والاستقلال. ولا شك أن اندلاع الثورة الفرنسية في 1789 أدى إلى تنامي علاقات الصداقة بين الثورتين. كان من الطبيعي أن يفكر الفرنسيون في شيء كبير وله قيمة يشاركون به في مناسبة احتفال الأمريكيين بمرور مائة عام على استقلالهم، أي في عام 1876. ولكن واحدا بعينه فقط من كبار الشخصيات الفرنسية، وهو المؤرخ والمفكر الفرنسي البارز إدوار دي لابولاي، هو الذي شغله هذا الخاطر مبكرا، ورأى أنه لا بد من الاستعداد له قبل حلول التاريخ المذكور بفترة كافية، فاقترح في عام 1871 على مجموعة من زملائه وأصدقائه إعداد مشاركة فرنسية متميزة في احتفالات الولايات المتحدة الأمريكية بذكرى استقلالها المائة. كان من بين الحاضرين بارتولدي الذي كان يحتفظ بتصميم التمثال ولا يجد الجهة المناسبة لوضعه موضع التنفيذ؛ فاقترح تنفيذ فكرته الخاصة بتمثال الحرية، وبعض المصادر تجعل لابولاي نفسه هو صاحب الاقتراح من البداية وتغفل تماما -ربما عن قصد- قصة عرض التصميم أولا على الخديوي إسماعيل ليقام التمثال على مدخل قناة السويس في مصر. ديليسبس.. هنا وهناك! تحمس لابولاي لفكرة تمثال الحرية، وتحمس الحاضرون؛ ولأن التكاليف المرتقبة كانت باهظة كان لا بد أن يؤسس لابولاي "الاتحاد الفرنسي الأمريكي لتمويل المشروع". ولكن توفي لابولاي قبل أن يتم المشروع.. فحل محله المغامر المشهور فرديناند ديليسبس الذي ارتبط اسمه بمشروع قناة السويس، كما توفي المهندس الفرنسي يوجين-إيمانويل فيوليه -لو-دوك الذي كان مكلفا بإنجاز بعض نواحي المشروع الفنية، وبالذات تصميم الإطار الذي يضم دعامات الصلب الضخمة للتمثال، فكان أن حل محله في ذلك المهندس الفرنسي الأشهر ألكسندر جوستاف إيفل المشهور بتصميمه لبرج إيفل الذي يحمل اسمه حتى الآن في باريس، وصار من أشهر معالم الدنيا أيضا. الطريف أنه مع حلول الذكرى المئوية الأولى لاستقلال الولايات المتحدة، لم يكن قد أُنجز من التمثال سوى اليد اليمنى فقط، ولكن حماسة الجانبين للفكرة أدت إلى إرسال هذه اليد اليمنى إلى الولايات المتحدة، حيث عرضت في معرض بفيلادلفيا في مناسبة العيد المئوي، ترقبا لاكتمال المشروع في وقت لاحق. "تبرعوا لإنشاء تمثال الحرية"! واجه تنفيذ المشروع عقبات كثيرة، كان من أهمها تمويل تكاليفه الضخمة، وكان الجانبان الفرنسي والأمريكي قد اتفقا على تقاسم التكاليف، بحيث يتحمل الفرنسيون نفقات بناء التمثال نفسه، على أن يتحمل الأمريكيون تكاليف إنشاء القاعدة، وهي لمن لا يعرف بناء ضخم ومكلف جدا أيضا. ولجأ الجانبان لكل السبل الممكنة للتمويل، من تبرعات وضرائب وحملات دعائية وترويجية، ونجح الفرنسيون في تغطية ما يخصهم، واكتمل صنع التمثال في فرنسا في يوليو 1884، ولكن الأمريكيين هم الذين وقعوا في حيص بيص! وذلك لأن التمثال تم بالفعل شحنه إلى أمريكا بعد تفكيكه ووضع داخل 214 صندوقا تضم 350 قطعة ووصل إلى ميناء نيويورك في يونيو 1885 على متن الفرقاطة الفرنسية Isere؛ كل ذلك والقاعدة لم تكتمل!. ولما لم يكن من الممكن عمليا إقامة التمثال دون القاعدة التي ستحمله، ولم يكن لدى الحكومة الأمريكية أموال كافية، فقد سارع جوزيف بوليتزر (الذي يحمل اسمه أكبر وأشهر جائزة أدبية في أمريكا حتى الآن) لنشر افتتاحية في صحيفتهThe World جعل عنوانها "العار الوطني".. قال فيها إنه سيكون من العار على نيويورك والولايات المتحدة أن تقدم لها فرنسا هدية فتكون عاجزة عن إقامة قاعدة لها. وكانت هذه الافتتاحية بداية حملة للاكتتاب الوطني العام لهذا الغرض، وتمكن بوليتزر خلال أربعة أسابيع فقط من جمع 25 ألف دولار، وكان يشجع المتبرعين بنشر أسمائهم في لوحة للشرف في جريدته. واستمر الاكتتاب والتبرعات -والتمثال قابع في الصناديق منذ وصوله- لما يقرب من عام كامل! اكتمل التمويل الأمريكي لبناء القاعدة في أغسطس 1885، وتم وضع آخر حجر في القاعدة يوم 22 إبريل 1886، وهكذا لم يعد باقيا وقتها سوى الانخراط في العمل بهمة وجدية لإعادة تركيب التمثال ونصبه فوق قاعدته. الرئيس الأمريكي: هنا بيت الحرية! في احتفال مهيب وكبير أقيم في نيويورك في 28 أكتوبر 1886، وبحضور نخبة من كبار الشخصيات الفرنسية والأمريكية، قام الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت، وهو الرئيس جروفر كليفلاند، بتدشين التمثال رسميا، وألقى كلمة أعلن فيها بالنيابة عن الشعب الأمريكي قبوله لهذه الهدية العظيمة المقدمة من الشعب الفرنسي الصديق، قائلا: "لن ننسى أن الحرية قد اتخذت لها بيتا هنا..."! وفي عام 1892، تم افتتاح جزيرة إليس Ellis الملاصقة لجزيرة بيدلوز لتكون محطة الوصول الرئيسية للمهاجرين القادمين إلى الولايات المتحدة، وبالفعل استقبلت هذه الجزيرة -التي صارت الآن مزارا أيضا- وعلى مدى 32 عاما فقط ما يزيد على 12 مليون مهاجر كان أول ما تقع عليه عيونهم لتحيتهم والترحيب بهم وهم يلجون إلى العالم الجديد من خلال ميناء نيويورك هو مشهد هذه السيدة الشامخة "السيدة ليبرتي" Lady Liberty! أغلق بعد 11 سبتمبر ثم أعيد افتتاحه ولا يبقى مهمًا من تاريخ تمثال الحرية بعد ذلك، وعلى مدى سنوات القرن العشرين، سوى خضوعه في عهد الرئيس رونالد ريجان لعملية ترميم شاملة اكتملت في عام 1986 في مناسبة مئويته الأولى، وتكلف الترميم 87 مليون دولار.. أما في القرن الحادي والعشرين.. وبعد فاجعة الحادي عشر من سبتمبر 2001، فقد قررت السلطات الأمريكية إغلاق التمثال لأجل غير مسمى، بسبب المخاوف الأمنية، ولم تتم إعادة افتتاحه لزيارة السائحين إلا مؤخرا في عام 2004. ولم يكن مسموحا للزوار والسائحين أثناء فترة الإغلاق سوى زيارة جزيرة ليبرتي والمساحة الخارجية المحيطة بالتمثال وما فيها من مركز معلومات ومحال للتذكارات والهدايا والمرطبات، وكذلك جزيرة إليس التي تضم مبنى به متحف يعرض تاريخ الهجرة للولايات المتحدة. إحصائيات.. وأرقام.. وطرائف - ارتفاع التمثال من الكعب للرأس 33.86 مترا. - ارتفاعه من القاعدة حتى الشعلة 46.05 مترا. - ارتفاعه من الأرض حتى أقصى طرف الشعلة 92.99 مترا. - طول اليد 5 أمتار. - طول الإصبع السبابة 2.44 متر. - طول الرأس من الذقن إلى الجمجمة 5.26 أمتار. - طول الأنف 1.37 متر. - وزن النحاس في التمثال 31 طنا. - وزن القاعدة الخرسانية 27 ألف طن. - الوزن الإجمالي للصلب في التمثال بكامله 125 طنا. - توجد تماثيل أخرى تحمل نفس الاسم "تمثال الحرية" في بلدان أخرى، منها فرنسا وإيطاليا ولاتفيا والهند وسان مارينو. برنارد شو يفسر سبب وجوده بأمريكا! وهكذا، احتل تمثال الحرية مكانة كبيرة وبارزة في تاريخ أمريكا، فعلاوة على تجسيده لصداقة متينة كانت تربط الثورتين الفرنسية والأمريكية، رأى الأمريكيون فيه رمزا للمعاني التي يجسدها ما اصطلح على تسميته "بالحلم الأمريكي".. من قبيل الحرية وتكافؤ الفرص والعدالة والديمقراطية والرخاء الاقتصادي.. وهي القيم التي حاولوا بها إغراء المهاجرين من أنحاء الدنيا لكي يأتوا ويساهموا في بناء الحضارة الجديدة وينعموا بخيرات ذلك العالم الجديد وتلك الأرض الجديدة الخصبة! ولعل أطرف ما يمكن أن يختتم به هذا المقال عن تمثال الحرية ونظرة الشعوب الأخرى إليه، لا سيما بعد أن صار للولايات المتحدة شخصية أخرى كقوة عظمى، وأصبحت سياساتها الخارجية وتدخلاتها العسكرية ترتبط في أذهان كثير من شعوب العالم بذكريات غير سارة، هي تلك المقولة الساخرة واللاذعة لأديب بريطانيا الأشهر جورج برنارد شو: "إن تمثال الحرية موجود في الولايات المتحدة بالذات، ودون أي مكان آخر في العالم؛ لأن البشر عادة لا يقيمون التماثيل إلا للموتى!!". وربما نضيف هنا إضافة صغيرة بأن نناشد الولايات المتحدة أن "تقلل" ولو شيئا من سطوع هذه "الأنوار" التي تصر أن تغمر بها جنبات العالم الذي تراه هي مظلما وتسعى لنشر الحرية والديمقراطية فيه.. ونقول لها: إن أنوار الحرية الأمريكية صارت "تعمينا" ربما لأن عيوننا الضعيفة لا تتحمل شدة سطوعها!!
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
التعديل الأخير تم بواسطة جند الله ; 16-03-2007 الساعة 02:56 PM. |
#314
|
|||
|
|||
![]() السلام عليكم
مشكور اخي الكريم جند الله للموضوع والمعلومات القيمة بارك الله فيك |
#315
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
أنصح بمراجعة الطبيبة المختصة، فإن وجد علاجا لديها فهو مرض عضوي، وإن لا فراجعيني مرة اخرى لنشخص الحالة
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#316
|
||||
|
||||
![]() وخيرا جزاك الله أخي الفاضل
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#317
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#318
|
|||
|
|||
![]() بارك الله فيك اخي جندالله
جزاك الله خير الجزاء فانا ارى ان هذا الكلام هو كلام عادى جدا ومن الممكن ان نقرأه فى اى كتاب . وخاصة ان الغرض منه هو التحذير و التنبيه من الاعيب الشيطان وشركه ، فلتكن عقولنا اكبر من ذلك يا اخوتى فى الله لديك الحق اخي فيما قلته هناك فيات كثيرة عنين بهذا المرض وهو مس عاشق ولكنهن يكتمن هذا الامر خجلا وحياءا وخوفا بارك الله في الجميع
__________________
![]() |
#319
|
||||
|
||||
![]() وفيك بارك الله أخي الفاضل
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#320
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
ونجانا من شر الإنس والجن وشرك الشيطان
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العلاج بالماء | د / أحمد محمد باذيب | ملتقى الطب البديل والحجامة | 16 | 03-04-2011 01:04 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |