فقه الذهب الصيني الجديد

[ابوالوليد المسلم]

فقه الذهب الصيني الجديد
مسعود صبري

(الذهب الصيني) مصطلح يشير إلى الذهب المقلد، فهو سبيكة تتكون من النحاس والزنك بنسب كبيرة، لكنه مطلي بطبقة من الذهب، فيبدو في الشكل أنه مثل الذهب الحقيقي، ولكنه ليس ذهبا حقيقيا، فهو يتأكسد بسرعة، مما يجعله يترك آثارا على الجلد، بالإضافة إلى أنه يفقد لمعانه، فلا يبقى لمعان اللون الأصفر، كما هو الحال في الذهب الحقيقي.
الحكم الشرعي للذهب الصيني القديم

وهذا المعدن إن أطلق عليه اسم الذهب، إلا أنه ليس ذهبا حقيقيا، ولا يأخذ حكم الذهب، فيجوز ارتداؤه إن كان على هيئة خاتم ونحوه للرجال، ولا يحسب وزنه كله في الزكاة، بل يكون له ثلاث حالات في الزكاة:

الحالة الأولى: تقدر قيمة الذهب الموجودة فيه، فإن بلغت وحدها النصاب؛ ففيه الزكاة.

الحالة الثانية: أن يضم مقدار الذهب الموجود مع غيرها من الذهب الحقيقي فإن بلغت نصابا، كان فيها الزكاة؟

الحالة الثالثة: ألا تبلغ نسبة الذهب المضاف للمعادن النصاب؛ فلا زكاة فيه.

كما أنه لا ينطبق عليه أحكام البيع والشراء الخاصة بالنقدين.

وكل ذلك سببه أن إطلاق اسم الذهب على تلك السبائك المختلطة بالمعادن لا تسمى في الشرع ذهبا، وإنما تسمى بالذهب من باب المجاز.
تعريف الذهب الصيني الجديد

أما الذهب الصيني الجديد الذي تم الإعلان عنه في مايو عام 2024م وحصلت به الصين على براءة اختراع،، ودخل حيز السوق في إبريل 2025، فهو ذهب حقيقي؛ لكن له خصائص يتميز بها عن الذهب التقليدي، ويسمى أيضا ( الذهب الصافي الخالص)، وهو ذهب من عيار (24)، نقي بنسبة (99.9%)، مع صلابة تصل إلى (60) درجة بمقياس فيركز، أي صلابة تصل إلى ستة أضعاف صلابة الذهب التقليدي، وذلك بإضافة نسبة (0.1%) من معادن نادرة مثل الإنديوم والزنك لتحسين الخصائص الفيزيائية دون أن يكون لها تأثير على النقاء واللمعان، مما يجعل سهل التشكيل، مع القوة والصلاة ومقاومة الخدوش، وعدم التأثير على الجلد، وسهولة استعماله بشكل يومي.
الخصائص الأربعة للذهب الصيني الجديد

يتميز الذهب الصيني الجديد، أو( الذهب الصافي الخالص)، بالعديد من الخصائص، ومن أهمها تلك الأربعة التالية:

النقاء العالي: حيث يحتوي الذهب الصيني الجديد على نسبة نقاء (99.9%) من الذهب، مثل الذهب عيار 24.

الصلابة الفائقة: إذا يتمتع بصلابة تصل إلى (60) درجة على مقياس فيكرز، أي ما يعادل أربعة أضعاف الذهب التقليدي، فالمتانة والصلابة فيه مثل الموجودة في الذهب عيار 18 قيراطا

سهولة التشكيل: فهو يسمح بتصنيع مشغولات ذات تصاميم متنوعة ومعقدة ذات أوزان أخف، مما يجعله أكثر إقبالا من قبل الشباب.

المقاومة للخدوش: فهو يحتفظ بلمعانه لفترة طويلة، دون الحاجة إلى طلاءات إضافية ، ويكون أكثر مقاومة للخدوش، مقارنة بالذهب العادي، مما يسمح باستعماله بشكل يومي دون خوف، لأنه يقاوم العوامل البيئية مثل الأكسدة والتشوه والتآكل، بخلاف الذهب العادي الذي يكون أقل مقاومة للخدوش، واستعماله اليومي قد يؤدي إلى بهتان في لونه، وحصول خدوش فيه.

الأحكام الفقهية للذهب الصيني الجديد

وبناء على ما سبق من معلومات حول الذهب الصيني الجديد، فإنه يأخذ كل الأحكام الفقهية الخاصة التي تتعلق بالذهب التقليدي، ومن أهمها:

الوضوء والأكل: أنه يحرم التوضؤ من إناء الذهب الصيني الجديد مع صحة الوضوء، على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ وذلك قياسا على حرمة الأكل والشرب في آنية الذهب، استنادا لحديث:” لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما”، رواه البخاري.
يحرم الأكل والشرب من آنية الذهب الصيني الجديد، مثل الذهب التقليدي، للحديث السابق.
حكم لبسه للرجال: يحرم على الرجال اتخاذ الخاتم المصنوع من ذلك النوع م الذهب، لما رواه البخاري أن النبي ﷺ نهى عن خاتم الذهب.
وجوب الزكاة: يجب إخراج الزكاة من الذهب الصيني الجديد إن بلغ نصابا، وهو 85 جراما من هذا النوع من الذهب
تركيب الأسنان: يجوز تركيب السن من الذهب؛ قياسا على الأنف، لما ورد أن عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم وقعة كلاب، فاتخذ أنفا من فضة، فأنتن، فأمره النبي ﷺ باتخاذ أنف من ذهب. رواه الترمذي وأبو داود.
الربا والبيع: يحرم بيع الذهب الصيني الجديد بمثله أو بالذهب التقليدي متفاضلا، لما ورد من حديث عبادة بن الصامت قال: سمعت النبي ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد أو ازداد، فقد أربى”، رواه مسلم.
بيع الذهب بالفضة: يجوز بيع الذهب الصيني الجديد بالفضة وبغيرها مع التفاضل والاختلاف في السعر.
استئجار الحلي: يصح استئجار دنانير الذهب للتحلي والوزن مدة معلومة للإيجار، وكذلك كل ما احتيج إليه مما هو مصنوع من الذهب؛ لأن فيه نفعا مباحا، مع بقاء العين، واقتصر بعض الفقهاء كالشافعية على قصر استئجار الذهب للحلي فقط دون غيره. أما استئجار الآنية من الذهب بمقابل، فلا يجوز؛ لأنه استعمال حرام، والإجارة للشيء الحرام حرام.
الذبح: لا يحوز الذبح بسكين من الذهب الصيني الجديد، ولا استعمال السكاكين المصنوعة منه، ولكن إن استعملت في ذبح؛ حلت الذبيحة، مادامت قد ذبحت بشروطها الشرعية المنصوص عليها في التذكية.
تبديل الذهب بالذهب: لا يجوز تبديل الذهب الصيني بالذهب التقليدي أو بمثله من الذهب الصيني، بل يجب أن يبيع ما لديه أولا ثم يشتري به ما يشاء.
الشراء بالبطاقة البنكية: يجوز شراء الذهب الصيني الجديد بالبطاقات البنكية، بشرط أن يكون تحويل المال مباشرة ويتم القبض في الوقت نفسه، وذلك من خلال التحويل البنكي إلى حساب البائع مباشرة دون تأخير.
يجوز بيع الذهب الصيني القديم بالذهب الصيني الجديد مع اختلاف السعر؛ لأن الذهب الصيني الجديد ليس ذهبا على الحقيقة، فيجوز التفاضل بينهما.

الخلاصة: الفرق الجوهري في الحكم الشرعي

الذهب الصيني الجديد هو ذهب تقليدي تماما مع إضافة بعض المعادن النادرة التي تجعله أكثر متانة وسماكة، مع الحفاظ على لمعان لونه، فلا يبهت بسرعة كما هو الشأن في الذهب التقليدي، مما يساعد على أن يكون أخف وزنا، وأسهل في تشكيله بأشكال متنوعة، وأن يكون قابلا للاستعمال اليومي، وتلك الأوصاف الجديدة لا تؤثر في اختلاف الأحكام الفقهية فيه عن الذهب التقليدي؛ لأنه ينطبق عليه اسم الذهب، ويأخذ كل أحكامه، وذلك خلافا للذهب الصيني القديم، فهو ليس ذهبا على الحقيقة، ولا يأخذ أحكام الذهب في الجملة.