الوهاب جل جلاله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 81 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5039 - عددالزوار : 2194107 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4622 - عددالزوار : 1475039 )           »          تطبيق خرائط جوجل وسيلة لـ"اللصوص" لتنفيذ جرائمهم.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          هل يتجسس هاتفك عليك؟.. اختبار بسيط هيقولك الحقيقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          جوجل تطلق نسخه تجريبية من Google Drive لمستخدمى ويندوز 11 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          الذكاء الاصطناعي واستخدام البيانات الضخمة.. مستقبل التعليم في عصر التكنولوجيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          كل ماتريد معرفته عن تطبيق Android Switch لمستخدمي iOS (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تطبيق Google Maps لنظام iOS يحصل على تغيير جديد في التصميم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ليه بطارية الموبايل بتضعف بعد فترة من الاستخدام؟ دليلك الكامل لحمايتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-12-2024, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,687
الدولة : Egypt
افتراضي الوهاب جل جلاله

الوَهَّابُ جل جلاله

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي


عَنَاصِرُ الموضُوعِ:
أَوَّلًا: الوَهَّابُ فِي لُغَةِ العَرَب.
ثَانِيًا: الوَهَّابُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.
ثَالِثًا: مَعْنَى اسْمِ الله (الوَهَّابِ).
رَابعًا: ثَمَرَاتُ الإيمَانِ باسمِ الله (الوَهَّابِ).

1- الوَهَّابُ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ.
2- دُعَاءُ الله بِاسْمِهِ الوَهَّابِ.
3- العِلْمُ بِأَنَّ الهِبَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَطَاءٍ.
4- شُكْرُ الله عَلَى هِبَاتِهِ.
5- الزُّهْدُ فِي عَطَايَا الدُّنْيَا.
6- الرِّضَا إِذَا مُنِعَ عَطَايَا الدُّنْيَا.
7- الصَّبْرُ عِنْدَ المُصِيْبَةِ بِضَيَاعِ النِّعَمِ والهِبَاتِ.
8- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي هِبَاتِهِ.

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ، قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ:
أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:
1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ[1].

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ[2].

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة - عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ - لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله.

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ[3].

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ[4].

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ[5].

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ[6].

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك(4).

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»، رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، مُتَّفَقٌ عَلَيه.

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:
1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ مَعَانِي اسْمِ الله (الوَهَّابِ).
2- تَنْوِي تَذْكِيرَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ هِبَاتِ الله تَعَالَى.
3- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِكَيْفِيَّةِ التَّعَبُّدِ بِاسْمِ الله الوَهَّابِ.
4- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِالمُقَارَنَةِ بَيْنَ هِبَاتِ الخَلْقِ المَحْدُودَةِ وَهِبَاتِ الله المُطْلَقَةِ.
5- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى الطَّلَبِ مِنَ الله وَحْدَهُ فَإِنَّهُ هُوَ الوَهَّابُ.

أَوَّلًا: الوَهَّابُ فِي لُغَةِ العَرَبِ:
الوَهَّابُ فِي اللُّغَةِ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ عَلَى وَزْنِ فَعَّالٍ مِنَ الوَاهِبِ وَهُوَ المُعْطِي لِلْهِبَةِ، فِعْلُهُ وَهَبَ يَهَبُ وَهْبًا وَهِبَةً، وَالهِبَةُ عَطَاءُ الشَّيْءِ بِلَا عِوَضٍ.

قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ: «الهِبَةُ العَطِيَّةُ الخَالِيَةُ عَنِ الأَعْوَاضِ وَالأَغْرَاضِ، فَإِذَا كَثُرَتْ سُمِّيَ صَاحِبُهَا وَهَّابًا، وَهُوَ مِنْ أَبْنِيَةِ المُبَالَغَةِ»[7].

وَالوَهَّابُ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يُكْثِرُ العَطَاءَ بِلَا عِوَضٍ، وَيَهَبُ مَا يَشَاءُ لِمَنْ يَشَاءُ بِلَا غَرَضٍ، وَيُعْطِي الحَاجَةَ بِغَيْرِ سُؤَالٍ، وَيُسْبِغُ عَلَى عِبَادِهِ النِّعَمَ وَالأَفْضَالَ، نِعَمُهُ كَامِنَةٌ فِي الأَنْفُسِ وَجَمِيعِ المَصْنُوعَاتِ، ظَاهِرَةٌ بَادِيَةٌ فِي سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ، نِعَمٌ وَعَطَاءٌ وَجُودٌ وَهِبَاتٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ المُتَوَحِّدُ فِي اسْمِهِ الوَهَّابِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴾ [الشورى: 49، 50][8].

وَاللهُ جَلَّ شَأْنُهُ يَهَبُ العَطَاءَ فِي الدُّنْيَا عَلَى سَبِيلِ الابْتِلَاءِ، وَيَهَبُ العَطَاءَ فِي الآخِرَةِ عَلَى سَبِيلِ الأَجْرِ وَالجَزَاءِ، فَعَطَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَابْتِلَائِهِ للنَّاسِ بِحِكْمَتِهِ لِيَتَعَلَّقَ العَبْدُ بِرَبِّهِ عَنْدَ النِّدَاءِ وَالرَّجَاءِ، وَيَسْعَدَ بِتَوحِيدِهِ وَإِيمَانِهِ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالقَضَاءِ.

وَهَذَا أَعْظَمُ فَضْلٍ وَهِبَةٍ وَعَطَاءٍ إِذَا أَدْرَكَ العَبْدُ حَقِيقَةَ الابْتِلَاءِ، وَاسْتَعَانَ بِالله فِي تَحْقِيقِ مَا يَتَمَنَّاهُ، قَالَ زَكَرِيَّا فِي دُعَائِهِ: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ عَنْ عِبَادِهِ المُوَحِّدِينَ: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، وَقَالَ تَعَالَى فِي المُقَابِلِ عَنِ الرَّاغِبِينَ فِي الدُّنْيَا المُعْرِضِينَ عَنِ الآخِرَةِ: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ﴾ [الإسراء: 18]، فَعَلَّقَ تَحقِيقَ مُرَادِ العَبْدِ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ، أَمَّا فِي الآخِرَةِ فَيُحَقِّقُ لِلعَبْدِ مَشِيئَتَهُ وَمَا يَتَمَنَّاهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 35].

فاللهُ تعالى مِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى الوَهَّابُ وَمِنْ صِفَاتِهِ أَنَّهُ يَهَبُ مَا يَشَاءُ لَمِنْ يَشَاءُ كَيْفَ يَشَاءُ، فَإِنْ أَوْجَبَ شَيْئًا عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، فَمَا يُعْطِيهِ لِعَبادِهِ ظَاهِرًا وِبَاطِنًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّمَا هِيَ نِعَمٌ وَهِبَاتٌ وَهِيَ مِنَ الكَثْرَةِ بِحَيْثُ لَا تُحْصِيهَا الحِسَابَاتُ.

ثَانِيًا: الوَهَّابُ فِي الكِتَابِ العَزِيزِ[9]
وَرَدَ الاسْمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ، مَرَّةً فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

وَمَرَّتَيْنِ فِي سُورَةِ ص فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴾ [ص: 9].

وَقَوْلِهِ: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

ثَالِثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله سُبْحَانَهُ:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾: «يَعْنِي إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِي عَبَادَكَ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ لِلثَّبَاتِ عَلَى دِينِكَ وَتَصْدِيقِ كِتَابِكَ وَرُسُلِكَ».

وَقَالَ: «الوَهَّابُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ، مَا يَشَاءُ مِنْ مُلْكٍ وَسُلْطَانٍ وَنُبُوَّةٍ».

وَقَالَ: «إِنَّكَ وَهَّابُ مَا تَشَاءُ لَمَنْ تَشَاءُ، بِيَدِكَ خَزَائِنُ كُلِّ شَيْءٍ تَفْتَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَرَدْتَ لِمَنْ أَرَدْتَ»[10].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: «(الوَهَّابُ): هُوَ الَّذِي يَجُودُ بِالْعَطَاءِ عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِثَابَةٍ»[11]؛ أَيْ: مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ لِلثَّوَابِ مِنْ أَحَدٍ.

وَقَالَ الحَلِيمِيُّ: «(الوَهَّابُ): وَهُوَ المُتَفَضِّلُ بِالْعَطَايَا المُنْعِمُ بِهَا لَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ عَلَيْهِ»[12].

وَقَالَ النَّسَفِيُّ: «(الوَهَّابُ): الكَثِيرُ المَوَاهِبِ المُصِيبُ بِهَا مَوَاقِعَهَا الَّذِي يَقْسِمُهَا عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ»[13].

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ فِي (النُّونِيَّةِ):


وَكَذَلِكَ الوَهَّابُ مِنْ أَسْمَائِهِ
فَانْظُرْ مَوَاهِبَهُ مَدَى الأَزْمَانِ




أَهْلُ السَّمَاوَاتِ العُلَى وَالأَرْضِ عَنْ
تِلْكَ المَوَاهِبِ لَيْسَ يَنْفَكَّانِ[14]






رابعًا: ثمرات الإيمَانِ بِاسْمِ الله (الوَهَّابِ) تبارك وتعالى[15]:
1- أَنَّ الوَهَّابَ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ:
فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَهَبُ شَيْئًا مِنَ الخَلْقِ إِنَّمَا يَهَبُ مِنْ هِبَاتِ الله لَهُ، فَلَابُدَّ أَنْ يَهَبَهُ اللهُ لِيَهَبَ، وَأَنْ يُعْطِيَهُ اللهُ لِيُعْطِي، وَأَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ لِيَرْزُقَ، أَمَّا اللهُ فَإِنَّهُ يُطِعِمُ وَلَا يُطْعَمُ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53].

2- دُعَاءُ الله باسْمِهِ الوَهَّابِ:
وَهَذِهِ ثَمَرَةُ مَعْرِفَةِ الله بِهَذَا الِاسْمِ الطَّيِّبِ رَجَاؤُهُ وَسُؤَالُهُ مِنْ هِبَاتِهِ وَوَاسِعِ فَضْلِهِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، فَمَنْ نَظَرَ إِلَى وَاسِعِ كَرَمِهِ وَجَلِيلِ نِعَمِهِ طَمِعَ فِي رَحْمَتِهِ، وَخَيْرُ مَنْ عَرَفَ اللهَ هُمُ الأَنْبِيَاءُ الكِرَامُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

فَانْظُرْ إِلَى نَبِيِّ الله إِبْرَاهِيمَ ؛ وَهُوَ يَسْأَلُ اللهَ تعالى الحُكْمَ وَالصَّلَاحَ، فَيَقُولُ: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83].

وَتَأَمَّلْ نَبِيَّ الله سُلَيْمَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ المُلْكَ فَيَقُولُ: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

وَانْتَبِهْ إِلَى دُعَاءِ نَبِيِّ الله زَكَرِيَّا وَهُوَ يَسْأَلُ الوَلَدَ فَيَقُولُ: ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 38].

وَقَدْ سَارَ الصَّالِحُونَ عَلَى دَرْبِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ عَلَيْهِم السَّلَامَ فَتَرَاهُمْ يَقُولُونَ: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

3- العِلْمُ بأَنَّ الهبَةَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ عَطَاءٍ:
فَإِنَّ العَطَاءَ لَا يَكُونُ هِبَةً حَتَّى يَكُونَ مَقْرُونًا بِطَاعَةٍ وَخَيْرٍ وَبَرَكَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ العَرَبِيُّ: «وَلَا تَكُونُ الهِبَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَالعَطَاءُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنَوْعٍ مَا يَكُونُ بِهِ مُنْعِمًا مُحْسِنًا وَذَلِكَ بِمَا لَا أَلَمَ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ فَإِذَا كَانَ مَا يَخْلُقُ ضَرَرًا وَأَلَمًا لَمْ تَكُنْ هِبَةً»، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].

فَقَدْ عَلَّمَ اللهُ أَوْلِيَاءَهُ كَيْفَ يَسْأَلُونَهُ الإِنْعَامَ وَالإِحْسَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ فِيهِ مَكْرٌ وَلَا اسْتِدرَاجٌ، كَمَا فَعَلَ بِالْكُفَّارِ حِينَ خَلَقَ لَهُمْ وَمَكَّنَهُمْ مِمَّا فِيهِ ضَرَرُهُمْ وَهَلَكَتُهُمْ ـ كَالَّذِي يُرْزَقُ فَيَطْغَى ـ فَالمَرْجُوُّ مِنْهُ سُبْحَانَهُ هِبَةً يَكُونُ مَآلِهَا كَحَالِهَا، لَا تَنْفَصِلُ وَلَا تَتَغَيَّرُ وَلَا يَقْتَرِنُ بِهَا ضَرَرٌ وَلَا أَلَمٌ.

وَقَدْ كَانَ الأَنْبِيَاءُ عليهم السلام يَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الهِبَاتِ المَقْرُونَةَ بِالمَغْفِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35].

وَنَبِيِّ الله زَكَرِيَّا عليه السلام لَمْ يَسْأَلْ مُجَرَّدَ الوَلَدِ وَالذُّرِّيَّةِ وَلَكِنَّهُ سَأَلَ وَلِيًّا للهِ صَالِحًا؛ إِذْ قَالَ: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5]، وَسَمِعْنَا أَنَّ نَبِيَّ الله يَحْيَى كَانَ كَثِيرَ البُكَاءِ، فَقَالَ أَبُوهُ ـ نَبِيُّ الله زَكَرِيَّا ـ: يَا رَبُّ، إِنَّ ابْنِي كَثِيرُ البُكَاءِ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ أَنَّ هَذَا مَا سَأَلْتَهُ، قَالَ: سَأَلْتُ وَلِيًّا، فَقِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الأَوْلِيَاءُ لَا يَجِفُّ دَمْعُهُمْ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ عِبَادَ الرَّحْمَنِ فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِمْ: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «يَعْنُونَ مَنْ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ الله فَتَقَرَّ بِهِ أَْعْيُنُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»[16].

فَهُمْ لَا يَسْأَلُونَ مُجَرَّدَ زَوْجَةٍ، بَلْ يَسْأَلُونَ الصَّالِحَةَ مِنْهُنَّ وَهَذَا مَا يُسْعِدُهُمْ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ»[17].

وَلَا يَسْأَلُونَ مُجَرَّدَ الوَلَدِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَلَكِنَّهُمْ يَسْأَلُونَ أَوْلَادًا عُبَّادًا زُهَّادًا، صَالِحينَ قَانِتِينَ، مِنَ الأَبْرَارِ لَيْسُوا مِنَ الفُجَّارِ، عُلَمَاءَ لَيْسُوا مِنَ الجُهَلَاءِ.

4- شُكْرُ الله عَلَى هِبَاتِهِ:
مَنْ رَأَى هِبَاتِ الله لَا يَسَعُهُ إِلَّا أَنْ يُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَمَا قَالَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ؛ حِينَ وَهَبَهُ اللهُ وَلَدَيْهِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39].

وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ، لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»[18].

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-12-2024, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,687
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الوهاب جل جلاله



5- الزُّهْدُ فِي عَطَايَا الدُّنْيَا:
أيُّهَا الْأَحِبَّةُ فِي الله، هَلْ رَأَيْتُم هِبَةً مِنْ هِبَاتِ الدُّنْيَا قَدْ بَقِيَتْ لِصَاحِبِهَا؟
فَلْيَعْلَمْ كُلُّ مَنْ وَهَبَهُ اللهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا أَنَّهُ زَائِلٌ عَنْهُ وَلَابُدَّ، فَكَمَا أَخَذَهُ لَابُدَّ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ، فَلَا يَنْشَغِلُ بِالخَلْقِ عَنْ خَالِقِهِ، وَلَا بِالرِّزْقِ عَنْ رَازِقِهِ، وَلَا يَنْشَغِلُ بِالهِبَةِ عَنْ وَاهِبِهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَلَا يَشْغَلُهُ الْفَانِي عَنِ الْبَاقِي؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27].

6- الرِّضَا إِذَا مُنِعَ عَطَايَا الدُّنْيَا:
الرِّضَا إِذَا أُعطِيَ والرِّضَا إِذَا مُنِعَ، إِنْ أُعِطيَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ تعالى قَدْ أَعْطَاهُ بِرَحْمَتِهِ، وَإِنْ مُنِعَ عَلِمَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ مَنَعَهُ بِحِكْمَتِهِ، وَلَا يَكُونُ كَعَبْدِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى إِلَّا لِلدُّنْيَا وَلَا يَسْخَطُ إِلَّا لَهَا، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطِيفَةِ وَالخَمِيصَةِ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» [19].

7- الصَّبْرُ عِنْدَ المُصِيبَةِ بضَيَاعِ النِّعَمِ وَالهِبَاتِ:
فَقَدْ يَكُونُ المَنْعُ هُوَ عَيْنُ العَطَاءِ، فَإِنِ ابْتَلَاكَ اللهُ بِالحِرْمَانِ مِنْ نِعْمَةٍ بِأَنْ صَرَفَهَا عَنْكَ أَوْ أَخَذَهَا بَعْدَ أَنْ وَهَبَكَ إِيَّاهَا فَلَابُدَّ وَأَنَّ هُنَاكَ حِكْمَةٌ مِنْ ذَلِكَ، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، وَذَلِكَ لِعِدَّةِ أُمُورٍ مِنْهَا:
1- أَنَّ اللهَ يُحِبُّ الصَّابِرينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، وَقُرْبُ الله أَجْمَلُ مِنْ كُلِّ قَرِيبٍ، وَحُبُّ الله أَحْلَى مِنْ كُلِّ حَبِيبٍ.


وَللهِ دَرُّ القَائِلِ:

لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا فَارَقْتَهُ عِوَضٌ
وَلَيْسَ للهِ إِنْ فَارَقْتَ مِنْ عِوَضٍ









2- لِأَنَّ اللهَ تعالى هُوَ صَاحِبُ النِّعَمِ، وَلَا يُسأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَرْسَلَتْ بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ ابْنِي قَدِ احْتُضِرَ فَاشْهَدْنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلَامَ وَيَقُولُ: «إِنَّ للهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى؛ فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ»[20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26].

فَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُسَلِّي العَبْدَ وَيُصبِّرُهُ إِرْجَاعُهُ الأَمْرَ لِصَاحِبِهِ وَتَسْلِيمُهُ المُلْكَ لِمَالِكِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّعَمِ، وَللهِ أَنْ يُعْطِي وَيَمَنَعَ وَيَقْبِضَ وَيَبْسُطَ وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَلَا رَادَّ لِقَضَائِهِ؛ فَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ وَلَدٌ فَأَدْرَكَ وَرَجَوْتَ خَيْرَهُ فَمَاتَ أَكُنْتَ تَحْتَسِبُ بِهِ؟» قَلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَنْتَ خَلَقْتَهُ؟»قَالَ: بَلِ اللهُ خَلَقَهُ، قَالَ: «فَأَنْتَ هَدَيْتَهُ؟» قَالَ: بَلِ اللهُ هَدَاهُ، قَالَ: «فَأَنْتَ تَرْزُقُهُ؟»قَالَ: بَلِ اللهُ كَانَ يَرْزُقُهُ، قَالَ: «كَذَلِكَ فَضَعْهُ فِي حَلَالٍ وَجَنِّبْهُ حَرَامَهُ، فَإِنْ شَاءَ اللهُ أَحْيَاهُ وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَكَ أَجْرٌ»[21].

3- أَنَّ اللهَ يَجْزِي الصَّابِرَ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَالمُحْتَسِبَ الأَجْرَ عَلَيْهَا بِخَيْرٍ مِمَّا فُقِدَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الجَنَّةَ»، يُرِيدُ عَيْنَيْهِ [22].

وَمِنَ الأَمْثِلَةِ المُشْرِقَةِ بِالصَّبْرِ، وَالنَّاطِقَةِ بِالرِّضَا وَالاحْتِسَابِ وَقْتَ المُصِيبَةِ مَا فَعَلَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها حِينَ مَاتَ وَلَدُهَا فَغَسَّلَتْهُ وَكَفَّنَتْهُ، وَتَزَيَّنَتْ لِزَوجِهَا حَتَّى جَامَعَهَا، فَمَاذَا كَانَ جَزَاءُ هَذَا الصَّبْرِ الجَمِيلِ؟ هَذَا مَا يُجِيبُنَا عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه فِيمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ رضي الله عنه يَشْتَكِي، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِيُّ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قَالَتْ أَمُ سُلَيمٍ ـ وَهِيَ أَمُّ الصَّبِيِّ ـ: هُوَ أَسْكَنُ مَا كَانَ، فَقَرَّبَتْ لَهُ العَشَاءَ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارُوا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «أَعَرَّسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا»، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَعَثَ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَقَالَ: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قَالَ: نَعَمْ تَمَرَاتٌ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِيِّ الصَّبِيِّ، ثُمَّ حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ الله.

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ تِسْعَةَ أَوْلَادٍ قَدْ قَرَأُوا القُرْآنَ - يَعْنِي أَوْلَادًا مِنْ عَبْدِ الله المَوْلُودِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ لأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِليْهِ عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا أَنْ رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لَا، فَقَالتْ: فَاحْتَسِبْ ابْنَكَ.

4- أَنَّ اللهَ وَإِنِ ابْتَلَى عَبْدًا بِمُصِيبَةٍ فَإِنَّمَا يَبْتَلِيهِ بِشَيْءٍ مِنَ المَصَائِبِ، وَلَكِنَّهُ يُعَافِيهِ فِي كَثِيرٍ مِنَ النِّعَمِ، وَيُنْزِلُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَثِيرًا مِنَ الأَرْزَاقِ، فَإِذَا تَذَكَّرَ العَبْدُ مَا أَنْعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيْهِ هَانَ عَلَيْهِ مَا أَصَابَهُ مِنَ البَلَاءِ وَأَعَانَهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّبْرِ وَالرِّضَا عَنِ الله، وَلَقَدْ كَانَ هَذَا هُوَ حَالُ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَسَنَذْكُرُ مِنْهَا مَثَلًا يَنْطِقُ بِالحُبِّ وَيَنْبِضُ بِالرِّضَا عَنِ الله فِي قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ:
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ:
قُطِعَتْ سَاقُهُ وَمَاتَ وَلَدُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا جَاءَهُ النَّاسُ لِيُخَفِّفُوا عَنْهُ وَيُوَاسُوهُ، قَالَ: إِنِّي وَالله لَرَاضٍ عَنْ رَبِّي، فَقَدْ أَعْطَانِيَ اللهُ أَرْبَعَةً مِنَ الوَلَدِ فَأَخَذَ وَاحِدًا وَأَبْقَى ثَلَاثَةً فَالحَمْدُ للهِ، وَأَعْطَانِيَ أَرْبَعَةَ أَطْرَافٍ فَأَخَذَ وَاحِدًا وَأَبْقَى ثَلَاثَةً، فَالحَمْدُ للهِ.

8- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي هِبَاتِهِ:
إِنَّ اللهَ تعالى هُوَ (الوَهَّابُ)، فَلَا يُشْبِهُهُ أَحَدٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ فِي هِبَاتِهِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَوَّلًا: لِأَنَّهُ خَالِقُ الهِبَاتِ:
فَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ الله يَهَبُ هِبَةً إِلَّا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ مَوْجُودٍ مَخْلُوقٍ لِيَهَبَهُ، وَمَا خَلَقَ هَذِهِ الهِبَاتِ وَغَيَرَهَا إِلَّا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَالنَّاسُ يَهَبُونَ مِنْ هِبَاتِ الله، وَاللهُ يُعْطِي مِنْ هِبَاتِهِ هُوَ وَمِنْ صُنْعِ يَدِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16].

ثَانِيًا: يَهَبُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا غَرَضٍ:
فَكُلُّ مَنْ يَهَبُ شَيْئًا لِغَيرِهِ مِنَ الخَلْقِ فَإِنَّمَا يَهَبُهُ لِغَرَضٍ فِي نَفْسِهِ، وَمُقَابِلٍ يَرْجُوهُ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الغَرَضُ وَذَلِكَ المُقَابِلُ للهِ بَاتَ لَمْ يُتَصَوَّرْ حُدُوثُ الهِبَةِ، فَالرَّجُلُ يُعْطِي الهِبَةَ لِوَلَدٍ أَنْجَبَهُ أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، أَوْ صَدِيقٍ يُحِبُّهُ، وَلَو تَصَوَّرْنَا أَنَّ هَذِهِ الرَّوَابِطَ قَدِ انْفَصَلَتْ أَوِ انْعَدَمَتْ لَمْ يُتَصَوَّرْ مَعَهَا الهِبَاتُ، فَلَوْ أَنَّ الوَلَدَ عَقَّ وَالِدَهُ وَهَجَرَهُ، أَوْ أَنَّ المرآة طُلِّقَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ، أَوْ أَنَّ الصَّدِيقَ نَقَضََ عَهْدَهُ وَخَانَ وُدَّهُ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُجُودُ الهِبَاتِ، حَتَّى العَطَاءَ لِلْفُقَراءِ وَالمَسَاكِينَ الَّذِينَ لَا يُرْجَى مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَلَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُمْ جَزَاءٌ فَإِنَّمَا يُعْطِيهِمْ مِنْ أَجْلِ غَرَضٍ آخَرَ؛ وَهُوَ النَّجَاةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 9].

أَمَّا اللهُ تعالى فَيَهَبُ بِغَيْرِ غَرَضٍ وَلَا عِوَضٍ، يَهَبُ تَفَضُّلًا مِنْهُ وَإِحْسَانًا وَلُطْفًا مِنْهُ وَبِرًّا، فَكُلُّ المَصْلَحَةِ عَائِدَةٌ عَلَى العَبْدِ مِنْ هِبَاتِ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ اللهَ تعالى أَنْزَلَ المَالَ لِخَلْقِهِ لِيُعِينَهَمْ بِهِ عَلَى عِبَادَتِهِ ثُمَّ يَجْزِيهِمْ عَلَى تِلْكَ العِبَادَةِ الجَنَّةَ فِي الآخِرَةِ ؛ فَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ تعالى قَالَ: إِنَّا أَنْزَلْنَا المَالَ لِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ»[23].

ثَالِثًا: كَثْرَةُ هِبَاتِهِ وَعَظَمَتُهَا:
فَإِنَّ النَّاسَ وَإِنْ وَهَبُوا فَتَكُونُ هِبَاتُهُمْ قَاصِرَةٌ ضَعِيفَةٌ، فَقَدْ يَهَبُ الرَّجُلُ مَالًا أَو نَوَالًا، وَلَكِنْ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَهَبَ شَفِاءً لَسَقِيمٍ، أَوْ وَلَدًا لَعَقِيمٍ؟ لا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَغَيْرِهِ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

رَابِعًا: اللهُ تعالى هُوَ الوَهَّابُ عَلَى الحَقِيقَةِ:
وَكُلُّ النَّاسِ وَاهِبِينَ عَلَى المَجَازِ أَيْ لَا يَمْلِكُونَ العَطَاءَ إِلَّا لِمَنْ أَرَادَ اللهُ، فَالْوَهَّابُ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ وَأَصْلِهِ هُوَ اللهُ، وَلَكِنْ يَجْعَلُ لِذَلِكَ أَسْبَابًا، فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ»[24].

وَحِينَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى مَرْيمَ عليه السلام قَالَ لَهَا: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾ [مريم: 19].

وَفِي قِرَاءَةٍ أُخْرَى: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِيَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴾ [مريم: 19]؛ أَيْ: إنَّ الوَهَّابَ عَلَى الحَقِيقَةِ هُوَ اللهُ، وَلَكِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي تَجْرِي الهِبَةُ عَلَى يَدَيْهِ فَيَكُونُ وَاهِبًا عَلَى المَجَازِ.

خَامِسًا: عُمُومُ هِبَاتِهِ وَشُمُولُهَا لِلْخَلْقِ جَمِيعًا:
فَإِنَّ العَبْدَ إِنْ وَهَبَ غَيْرَهُ فَإِنَّ هِبَاتَهُ تَكُونُ خَاصَّةً بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ أَوْ بِجَمَاعَةٍ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَلَكِنَّ اللهَ تعالى وَهَبَ خَلْقَهُ جَمِيعًا البَرَّ مِنْهُمْ وَالفَاجِرَ، المُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ، فَمَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي نِعَمِهِ وَيَنْعَمُ فِي هِبَاتِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50].

سَادِسًا: الحِكْمَةُ فِي الْهِبَةِ:
فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ يَهَبُون مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْ مَنْ تَضُرُّهُ الْهِبَةُ، فَيَضُرُّونهُ مِنْ حَيْثُ أَرَادُوا نَفْعَهُ.

أَمَّا اللهُ تعالى فَإِنَّهُ حَكِيمٌ فِيمَا يَهَبُ وَلِمَنْ يَهَبُ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ خَبِيرٌ بِمَنْ تُصْلِحُهُ الهِبَاتُ مِمَّنْ تُفْسِدُهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الهِبَةَ وَالنَّفْعَ بِهَا إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ: ﴿ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].
================================================
[1] رَوَى مسلمٌ عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بيتٍ مِنْ بِيوتِ الله، يَتْلُونَ كِتابَ الله ويَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلا نزلتْ عَليهم السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُم الملائكةُ، وَذَكَرَهُم اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».

[2] َروَى الإمامُ أَحمدُ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (5507) عن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا اجْتَمَعَ قَومٌ عَلَى ذِكْرٍ، فَتَفَرَّقُوا عنه إلا قِيلَ لَهُمْ قُومُوا مَغْفُورًا لَكُم»، ومَجَالِسُ الذِّكْرِ هِيَ المجالسُ التي تُذَكِّرُ بِالله وبآياتهِ وأحكامِ شرعهِ ونحو ذلك.

[3] في الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَدَا إلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ أَعَدَّ اللهُ له في الجنةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أو رَاحَ»، وفي صحيح مُسْلِمٍ عَنْه أيضًا أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بيتهِ ثُمَّ مَضَى إلى بيتٍ مِنْ بيوتِ الله لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ الله كانتْ خُطُواتُه: إِحدَاها تَحطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرَى تَرْفَعُ دَرجةً».

[4] رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلَاةٍ مَا دَامَتِ الصلاةُ تَحْبِسُه، لا يَمْنَعُه أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أهلهِ إلا الصلاةُ»، ورَوَى البُخَاريُّ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الملائكةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكم مَا دامَ فِي مُصَلَّاهُ الذي صَلَّى فيه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللهُمَّ ارْحَمْه».

[5]، (4) رَوَى البخاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ سَهْل بْنِ سَعْدٍ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي بنِ أبي طالبٍ: «فوالله لأنْ يَهْدِي اللهُ بك رَجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ».
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ دَعَا إلى هُدَى كَانَ لَه مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَه، لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهم شيئًا».

[6] رَوَى التِّرْمِذِيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ عن أبي أمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ اللهَ وملائكتَه، حتى النملةَ فِي جُحْرِها، وحتى الحوتَ في البحرِ لَيُصَلُّون عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الخيرَ»، وَصلاةُ الملائكةِ الاسْتِغْفَارُ.

[7] لسان العرب (1/ 803)، وكتاب العين (4/ 97).

[8] انظر: تفسير الأسماء للزجاج (ص: 60)، والأسماء والصفات (ص: 97)، والمقصد الأسنى (ص: 77).

[9] النهج الأسمى (1/ 187، 188).

[10] الطبري (3/ 125)، (23/ 82، 103).

[11] شأن الدعاء (ص: 53)، الاعتقاد (ص: 57)، وانظر: المقصد الأسنى (ص: 48).

[12] المنهاج (1/ 206)، وذكره ضمن الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه، ونقله البيهقي في الأسماء (ص: 76).

[13] تفسير النسفي (4/ 35)، الآلوسي (23/ 168).

[14] النونية (2/ 234).

[15] النور الأسنى (1/ 112-119) للشيخ أمين الأنصاري.

[16] تفسير ابن كثير (3/ 313).

[17] متفق عليه.

[18] أخرجه أحمد (2/ 258)، والبخاري في الأدب المفرد (218)، وأبو داود (4811)، والترمذي (1954)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر: صحيح سنن أبي داود (4026).

[19] رواه البخاري (2887).

[20] متفق عليه، احْتُضِر؛ أي: حضرته مقدمات الموت.

[21] إسناده صحيح: رجاله رجال الصحيح، وأخرجه النسائي في الكبرى (9027)، والبيهقي في الشعب (11171)، من طريق أبي عامر عبد الملك بن عمرو بهذا الإسناد.

[22] صحيح: أخرجه البخاري (10/ 5653)، والبيهقي (3/ 375).

[23] صحيح: أخرجه أحمد (5/ 218)، وصححه العراقي في تخريج الإحياء، والألباني.

[24] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.30 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]