صور عناية الإسلام بالإنسان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تعريف بكتاب المدخل إلى علم السيرة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام: النظائر في السير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          جوانب من عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الهوية في حالة صيرورة وتشكّل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. السفر محطة للإثراء الثقافي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تأملات مرتحل مسلم .. الأسرة ومدرسة السفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف تتقلب النفس البشرية بين رغبة المدح وخشية النقد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الزينة في القرآن الكريم والكشف عن مفهوم الجمال الحقيقي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تفنيد دعوى وجود رواة أعاجم رووا الحديث بالمعنى فأفسدوه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حين يلتقي الجهل بالتعصب: كيف يولد التطرف الفكري؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          30 طريقة لإحلال الهدوء في فصول المرحلة الثانوية الصاخبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2024, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,066
الدولة : Egypt
افتراضي صور عناية الإسلام بالإنسان





صور عناية الإسلام بالإنسان


إِنَّ هَذَا الدِّينَ دِينٌ عَظِيمٌ يَهْتَمُّ بِجَمِيعِ مَنَاحِي الْحَيَاةِ، يَعْتَنِي بِالْإِنْسَانِ مِنَ الْمِيلَادِ إِلَى الْمَمَاتِ؛ فَاهْتَمَّ الْإِسْلَامُ بِحُقُوقِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ وَالشُّرَفَاءِ وَالْوُضْعَانِ وَالذُّكُورِ والإِنَاثِ، وَأَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

وَنَهَى عَنِ التَّعَدِّي وَالظُّلْمِ، وَعَلِمَ اللَّهُ بِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ سَيْسَتِغِلُّونَ الضُّعَفَاءَ مِنَ النِّسَاءِ والْوِلْدَانِ فِي مُوَاجَهَاتِ الْمَدَافِعِ، وَمَعَ الْجيُوشِ فَنَهَى عَنْ الِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِمْ أَوْ إِيذَائِهِمْ فَإِذَا اسْتَغَلَّهُمُ الْعَدُوُّ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَرْحَمُهُمْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ لَا حِيلَةَ لَهُمْ.

فَنَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ.

فَفِيْ الْحَدِيْثِ الصَّحِيْحِ: «أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأى في بَعضِ مَغازيه امرأَةً مَقتولَةً، فأنكَرَ ذاك، ونَهى عن قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

وَحَرَّمَ الإسْلامُ كُلَّ إيذاءٍ يُصِيبُ الْضُّعَفَاءَ، وَالأَيْتَامَ، وَالْمَسَاكِيْنَ، بِسَبَبِ ضَعْفِهِم.

فَنهى وَحَرَّمَ عَادة قَتْلِ الوَليدَاتِ الَّتِيْ كَانت فِيْ الجَاهِليَّةِ، فحَرَّمَ وَأْدَ البَناتِ، واعْتَبَرهُ جُرْمًا عَظيمًا.

قَالَ تَعَالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8، 9] وَحَرَّمَ بَيعَ الأحْرَارِ مِنْ أجلِ اسْتغْلالِهِم.

وَحَرَّمَ الإسْلامُ المُتَاجَرةَ بالْمَرأةِ لاسْتغْلالِهَا بِمُمَارسةِ الْبِغاءِ، وحَرَّمَ الوَسيلةَ وَالْغَايةَ، قَالَ الله جَلَّ وَعَلَا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].

وَحَرَّمَ الإِسْلَامُ المَالَ الَّذِي يَأْتي نَتِيجَة البِغَاءِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «ثَمَنُ الكَلبِ، ومَهرُ البَغيِّ، وثَمَنُ الخَمرِ حَرامٌ». (أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ).

في حِيْن نَرى في بَعْضِ دُولِ العَالمِ تُنْشَأُ الأَمَاكِنُ، وَتُعْرَضُ المَرْأَةُ فِيْهَا مُمْتَهَنَةٍ، مُهَانَةٍ، مَجْرُوْحَةٍ، مَكْلُوْمَةٍ، يَقَعُ عَلَيْهَا فِيْ الْيَوْمِ عَشَرَاتُ الرِّجَالِ، اسْتَغَلُّوا ضَعْفَهَا وَفَقْرَهَا، ثُمَّ تُرْمَى بِالْشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ بِمُجَرَدِ أَنْ تَغَيَّرَ شَكْلُهَا، وَهِيَ فِيْ رَيْعَانِ الشَّبَابِ، أَوْ كَبُرَ سِنُّهَا، فَتَكُونَ شَرِيْدَةً طَرِيْدَةً، لَا أَهْلَ لَهَا، وَلَا مَأْوَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ، وَلَا رُكْنَ شَدِيْدٍ تَأْوِيْ إِلَيْهِ.

وَأَمَرَ الْإِسْلَامُ بِالْعَطْفِ عَلَى الصِّغَارِ وَرَحْمَتِهِمْ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ النّفَقَةَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَبْلُغُوا رُشْدَهُمْ؛ فَلَمْ يَجْعَلْهُمْ مَصْدَرًا لِلدَّخْلِ، وَلَا مَجَالًا لِاسْتِعْطَافِ النَّاسِ، وَلَا جَعَلَهَم بِضَاعَةً للتَّسَوُّلِ وَوَسِيلَةً لَهُمْ لِلْمَكْسَبِ.

فَأَمَرَ بِرِعَايَتِهِمْ، وقال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والأمِيرُ راعٍ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها ووَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ). فَالأَبُ، وَالأُمُّ مَسْؤُولَانِ عَنْ رِعَايَةِ الأَبْنَاءِ، وَالبَنَاتِ.

بَلْ نَجِدُ أَنَّ هُنَاكَ مَنِ اسْتَغَلَّ الْأَطْفَالَ وَالْغِلْمَانَ لِلْمُتَاجَرَةِ فِيهِمْ؛ بِمُمَارَسَةِ الْحَرَامِ، مِنَ الفَاحِشَةِ، وَتَرْوِيْجُ المُخَدِّرَاتِ، وَاسْتِغْلَالِهِمْ فِيْ الْعَمَلِ، وَحَرْمِهِمْ مِنْ لَهْوِ الطُّفُوْلَةِ، وَحَتَّى مِنَ الدِّرَاسَةِ، فَجَعَلُوهُمْ مصدرًا لِلْكَسْبِ، وَوَسِيْلَةً لَهُ.

وَحَفِظَ الْإِسْلَامُ حَقَّ الْأَجِيرِ فَحَذَّرَ مِنْ تَأْخِيرِ حَقِّهِ، مُجَرَّدَ التَّأْخِيرِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أعْطُوا الأجيرَ أجرَه قبلَ أنْ يجفَّ عرقُهُ». (رَوَاهُ ابنُ مَاجَةَ وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ). كِنَايَةً عَنِ السُّرْعَةُ بِالْدَّفْعِ، وَعَدَمِ المُمَاطَلَةِ بِالْعَطَاءِ.

وَحَرَّمَ أَكْل أَمْوَال الأُجَرَاءُ وَالْعُمَّالُ، فقَالَ صلى الله عليه وسلم فِيْ الحَدِيْثِ الصَّحِيْحِ: «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ).

بَلْ وَجَعَلَ مَنْ لَا يُعْطِي الْأَجِيرَ حَقَّهُ كَامِلًا خَصْمًا لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولم يُعطِه أجرَه». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِيْ صَحِيْحِهِ).

وَذَكَرَ مِنْهُمْ وَرَجُلًا اسْتَأجَرَ أجيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ، فَمَنْ سَيَنْتَصِرُ وَخَصْمُهُ أَمَامَ اللَّهِ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَلَقَدْ أَرَادَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُبَيِّنَ فَضْلَ إِعْطَاءِ الْأَجِيرِ حَقَّهُ بِقِصَّةٍ يَحْفَظُهَا الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ؛ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْغَارِ الثَّلَاثَةِ حِينَمَا انْحَدَرَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةً مِنَ الْجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهمُ الْغَار، وَفِيْهَا قَالَ الثَّالِثُ: يَتَوَسَّلُ إِلَى اللَّهِ لِيَنْفَرِجَ عَنْهُمْ مَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ كَرْبٍ:" اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فأعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُلٍ واحِدٍ تَرَكَ الَّذي له وذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أجْرَهُ حتَّى كَثُرَتْ منه الأمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، أدِّ إلَيَّ أجْرِي، فَقُلتُ له: كُلُّ ما تَرَى مِن أجْرِكَ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والرَّقِيقِ، فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَسْتَهْزِئُ بي! فَقُلتُ: إنِّي لا أسْتَهْزِئُ بكَ، فأخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ منه شيئًا، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا ما نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ» رَوَاهُ البُخَارِيُّ فَيَا لِعِظَمِ أَجْرِ مَنْ حَفِظَ لِلْأَجِيرِ حَقَّهُ.

وَالأَجِيْرُ: كَذَلِكَ حَفِظَ حَبُّ الْخَدَمِ، يُكلَّفُونَ مَا لَا يُطِيْقُونَ.

وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي اللَّيْلِ وَقَدْ عَمِلَ عملًا بِنَفْسِهِ: لَوْ أَمَرْتَ بَعْضَ الْخَدَمِ فَكَفُوك، فَقَالَ لَهُمْ: "لَا، اللَّيْلُ لَهُم لَيَسْتَرِيحُوا فِيهِ".

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «ولا تُكلِّفوهم ما يَغلِبُهم، فإنْ كَلَّفتُموهم فأعينُوهم». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)..

وَحَرَّمَ الْإِسْلَامُ التعالِيَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَاحْتِقَارِهِمْ، فَحَذَّرَ مِنَ الْكِبَرِ بِرُمَّتِهِ وَجَزّهَ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَطَعَهُ مِنْ أسَاسِهِ فَقَال: «لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن كانَ في قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْ» رٍ قالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يَكونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا ونَعْلُهُ حَسَنَةً، قالَ: «إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمالَ، الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ النَّاسِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وغَمْطُ النَّاسِ" أَيِ احْتِقَارُهُمْ وَالتَّعَالِي عَلَيْهِمْ

عِبَادَ اللَّهِ: لَقَدْ أَثْبتَتْ الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ أَنَّ حَصِيلَةَ الاِتْجَارِ بِالْبَشَرِ وَاسْتِغْلَالِهِمْ تَأْتِي كَمَصْدَرٍ ثَالِثٍ فِي الْكَسْبِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ بَعْدَ تِجَارَةِ السِّلَاحِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمُخَدِّرَاتِ، حَتَّى بَلَغَتْ قُرَابَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِلْيَارًا؛ أَيْ: أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ مِلْيَارِ رِيَالٍ، وَلَا يَقِلُّ الْعَدَدُ عَنْ مِلْيُونٍ وَنِصْفٍ مِنَ الْأَطْفَال.

عِبَادَ اللَّهِ: مِنَ الْاِتْجَارِ بِالْبَشَرِ اسْتِغْلَالُ الْعَمَالَةِ؛ بِأَنْ يَقُومَ باِستْقِدْامِهِمْ ثُمَّ يَطْلُبُ مِنْهُمْ مُقَابِلَ أَعْمَالِهِمْ، فَلَا هُوَ نَظَّمَ لَهُمْ عَمَلًا نِظَامِيًّا، وَإِنَّمَا تَرَكَهُمْ يَسِيحُونَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُعْطُونَهُ مِنَ الْمُكُوسِ مُقَابِلَ كَفَالَتِهِ لَهُمْ، وَهَذَا غَايَةُ فِي الظُّلْمِ وَأَكْلِ الْمَالِ الْحَرَامِ، وَاسْتِغْلَالِ الْبَشَرِ، نَاهِيكَ عَنِ الْحِيَلِ وَالْخِدَاعِ.

وَمِنْ أَقْبَحِ الْمُتَاجَرَةِ بِالْبَشَرِ: عَضَلُ بَعْضِ الْآبَاءِ أَوِ الْإِخْوَةِ بَنَاتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ عَنِ الزَّوَاجِ مِنْ أَجْلِ اسْتِغْلَالِهِنَّ مَادِّيًّا، وَأَكْلِ أَمْوَالِهِنَّ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيُّ العَظِيْم.

كَمَا أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْمُتَاجَرَةِ أَنْ يُزَوِّجَ بَعْضُ الآبَاءِ بَنَاتِهِ عَلَى غَيْرِ الْأَكْفَاءِ أَوِ الْمُكَافِئِينَ، مِنْ أَجْلِ مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ مِنْ مَهْرٍ فَيُزَوِّجُهَا بِمَبَالِغَ طَائِلَةٍ، وَيَجْعَلُهُ مِنْ حَقِّهِ لَا مِنْ حَقِّهَا.

كَذَلِكَ الْمُتَاجَرَةِ بِالْبَشَرِ، وَاسْتِغْلَالُ الْحُرُوبِ أَوِ الْفَقْرِ وَالْعِوَزِ وَالْحَاجَةِ وَإِخْرَاجُهُمْ مِنْ بِلْدَانِهِمْ، وَحَمْلُهُمْ بِسُفُنٍ لَا يَكَادُونَ أَنْ يَجِدُوا فِيهَا مَوْطِئَ قَدَمٍ مِنْ أَجْلِ تَهْجِيرِهِمْ بِمُقَابِلَ مَالِيٍّ، دَفَعُوا مِنْ أَجْلِهِ النَّفِيْسَ وَالْغَالِيَ، فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ جُوعًا، وَبَعْضُهُمْ غَرَقًا، وَبَعْضُهُمْ مَرَضًا، فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ اسْتِغْلَالِ حَاجَاتِهِم، وَحَقِّهِمْ لِمِثْلِ هَذَا السَّفَرِ الْمَمْنُوْعِ.

وَمِنْ صُوَرِ الْمُتَاجَرَةِ بِالْبَشَرِ: الاِبْتِزَازُ، وَهَذَا مَلْحُوظٌ بِكَثْرَةٍ حَيْثُ يَتِمُّ اسْتِغْلَالُ بَعْضِ الْبَشَرِ، مِنْ خِلَالِ حِفْظِ وَثَائِقَ أَوْ صُوَرٍ أَوْ مُسْتَنَدَاتٍ قَدْ تَضُرُّ بِهِمْ أَوْ بِسُمْعَتِهِمْ، فَيُهَدَّدُ إِنْ لَمْ تَدْفَعْ أَمْوَالًا أَوْ تَنَازُلَاتٍ يَفْضَحُونَهُمْ أَوْ يُوَرِّطُونَهُمْ.

بَلْ هُنَاكَ نِسَاءٌ اسْتُغْلِلْنَ عَشَرَاتِ السَّنَوَاتِ؛ تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُنَّ، وَتُهْتَكُ أَعْرَاضُهُنَّ، وَيَنْهَشُ بِهِنَّ الْأَصْحَابُ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ بِسَبَبِ مُكَالَمَةٍ أَوْ نَزْوَةٍ عَابِرَةٍ أَوْ عَثرَةٍ؛ فَلا يُبْقُونَ لَهنَّ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا ثَمَنَ سُكُوتِهِمْ عَنْهُنَّ بَلْ وَقَدْ يَكُونُونَ سَبَبَ وَقُوعِهِنَّ فِي بَرَاثِنِهِمْ مَكْرًا مِنْهُمْ أَوْ خَدِيعَةً، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.

عِبَادَ الله: لَقَدْ كَرَّمَ اللهُ الإِنْسَانَ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70].

وَمِنْ عِنَايَةِ الْإِسْلَامِ بِعَدَمِ الْمُتَاجَرَةِ بِالْبَشَرِ، وَاسْتِغْلَالِ الضُّعَفَاءِ، وَالْمَسَاكِينَ، بِبَيْعِ أَعْضَائِهِمْ، فَحَرَّمَ أَصْلًا أَنْ يَبِيعَ الْإِنْسَانُ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ، وَالْكَسْبِ، وَاسْتِغْلَالَ الْفَقِيرِ.

بَلْ وَصَدَرَ عَنِ المُجَمَّعِ الْفِقْهِيِّ « أَنَّهُ يُحَرِّمُ نَقْلَ عُضْوٍ مِنْ إِنْسَانٍ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحَيَاةُ؛ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الْقَلْبِ مِنْ إِنْسَانٍ حَيٍّ إِلَى إِنْسَانٍ آخَرَ، بَلْ وَحَرَّمَ أَيْضًا نَقْلَ عُضْوٍ مِنْ إِنْسَانٍ لِعُطْلِ زَوَالِ وَظِيفَتِهِ الْأَسَاسِيَّةِ؛ كَنَقْلِ قَرَنِيَّةَ الْعَيْنَيْنِ كِلْتَيْهِمَا.

وَأَبَاحَ فِي حَالَاتِ نَقْلِ الْعُضْوِ إِنْ كَانَ هَذَا الْعُضْوُ يَتَجَدَّدُ تِلْقَائِيًّا، كَالدَّمِ مَثَلًا وَالْجِلْدِ، وَشَدَّدَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ أَنْ يَتِمَّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ بَيْعِ الْعُضْوِ، إِذْ لَا يَجُوزُ إِخْضَاعُ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ لِلْبَيْعِ بِحَالٍِ مَا، فَأَعْضَاءُ الْإِنْسَانِ لَيْسَتْ ِمِلْكًَا لِلْإِنْسَانِ، وَلَيْسَتْ مُِلْكًَا لِوَرَثَتِهِ، حَتَّى يُعَارِضُوا عَلَيْهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، انْتَهَى الْقَرَارُ، وَفِيهِ تَفَاصِيلُ أَكْثَرُ.

إِنَّ الْإِسْلَامَ دِينٌ عَظِيمٌ، يُحَرِّمُ كُلَّ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْبَشَرِ.
__________________________________________________ ____
الكاتب: صالح بن مقبل العصيمي التميمي








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.81 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]