|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ذنوب الماضي تؤرقني الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: شاب كان مسرفًا على نفسه صغيرًا، من تحرشٍ بقريباته، وممارسة للعادة، ثم إنه تاب، لكن صوتًا بداخله يُخبره بأنه لا يستحق العيش بسبب ذنوب الماضي، ويسأل: كيف يتخلص من هذا الشعور؟ ♦ التفاصيل: أنا في الثامنة عشرة من عمري، عندما كنت صغيرًا اقترفت كثيرًا من الذنوب؛ منها أنني تحرشت بابنة عمتي، وأختي، لم يكن لديَّ علم حينئذٍ أن هذا يعد تحرشًا؛ فقد كان عمري 12 عامًا، وبعد ذلك بدأت أمارس العادة السرية وأشاهد الأفلام الإباحية سنين طويلة، كنت أصلي في البداية، وبعد ذلك توقفت تمامًا، وكنت أتوب عن العادة ثم أعود إليها مرارًا ومرارًا، ثم إنني تحرشت بابنة خالتي، والآن بدأت أعود إلى ربي وصار انقطاعي عن العادة يستمر لمدة أطول، ربما تصل إلى شهر، وبعد ذلك أعود، ثم أنقطع، وهكذا دواليك، ومع أنني بدأت أعود إلى ربي فإن تلك الذنوب والمعاصي ما زالت تطاردني، طوال الوقت أسمع صوتًا داخل عقلي أنني لا أستحق العيش، وأنني دمرت عفة أولئك الفتيات بسبب خطئي، وما يجعل الأمر أسوأ أن لي سمعة جيدة بين الناس، فالناس دائمًا يصفونني بالاحترام والرقي واللطف ونقاء القلب، وعندما أسمع هذا، أشعر أن ذلك ليس إلا غطاء لذلك الشخص الذي ارتكب أبشع الجرائم، وإن ذلك القلب النقيَّ يوجد خلفه قلب أسود، لم أعد أعلم ما الذي عليَّ فعله كي أتخلص من هذا الصوت الذي لم أعد أحتمله، ويدمرني في كل لحظة، وأي ثقة بنفسي أكتسبها سرعان ما تُدمَّر بسبب هذا الشعور، فماذا أفعل كي أتخلص منه؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فملخص مشكلتك هو: ١- قيامك بالتحرش ببعض قريباتك قبل سنوات. ٢- قيامك بفعل العادة السرية، ثم التوبة منها، ثم معاودتها. ٣- مشاهدتك للأفلام الإباحية. ٤- ثم توبتك من تلك المعاصي كلها. ٥- تقول: إنك بدأت تعود لربك، ولكن معاصيك السابقة ما زالت تُطاردك، وتسمع داخل عقلك يقول: إنك لا تستحق أن تعيش لأنك دمرت عفة الفتيات الصغيرات. ٦- تقول: إن مما يؤرقك ويزيد أمرك سوءًا أن الناس يثنون عليك بالاحترام والرقي واللطف، وأن قلبك نقي، لكنك عندما تسمع هذا الثناء وتقابله بأفعالك المشينة سابقًا، ترى أن هذا الثناء ما هو إلا غطاء لجرائمك البشعة، وأن ما توصف به من نقاء القلب وراءه قلب أسود. ٧- تقول: إنك لم تعد تعلم ماذا يجب عليك فعله؛ كي تتخلص من ذلك الصوت الذي لم تعد تحتمله، وأنه يقوم بتدميرك في كل لحظة، وأن أي ثقة تكتسبها سرعان ما تتدمر مجددًا. فأقول مستعينًا بالله سبحانه: أولًا: افرح بتوبتك من المعاصي السابقة، واشكر ربك سبحانه على ذلك كثيرًا؛ فهي نعمة من الله سبحانه أن منَّ عليك بالتوبة قبل الموت؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 17، 18]. قال المفسرون: كل من عصى، فقد عمل المعصية بجهالة، وقالوا: كل من تاب قبل الموت، فقد تاب من قريب، فتُقْبَل توبته؛ فاحمدِ الله. ثانيًا: تذكر قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71]، ولاحظ أن الله سبحانه ذكر أعظم المعاصي: الشرك وقتل النفس المعصومة والزنا، ومع ذلك، وعد التائب منها بقبول توبته، وبأعظم من ذلك؛ وهو إبدال سيئاته العظيمة في ميزانه إلى حسنات. ثالثًا: عليك الاستمرار في التوبة، ومن توبتك أن تقاطع جميع ما قد يعيدك إلى مربع المعاصي؛ مثل: مواقع الإباحيات، وجلساء السوء، والنظر الحرام، وغيرها؛ لأن الله سبحانه لما حرم الزنا ما قال: ولا تزنوا، وإنما قال: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ ليعمَّ النهي والتحريم كل ما قد يُقرب من الزنا؛ من نظر، أو خلوة، أو تبرج، أو كلام، أو غيرها. رابعًا: بالنسبة لتحرشك بالفتيات، تُكثر من الاستغفار منه، ومن الدعاء لهن بالثبات، وبصرف ما قد يكون له من آثار سلبية عليهن، ويكفي هذا خاصة أنك فعلته وأنت صغير دون البلوغ، وكذلك هن كن صغيرات، وإن تيسر بطريقة مناسبة الاعتذار لهن بأنك فعلت فعلاتك تحت طيش وعدم إدراك، وتنصحهن بالابتعاد عن كل مواطن الريب. خامسًا: ما تحس به من ندم شديد هو علامة خير لك، ومن علامات صدق توبتك إن شاء الله؛ فالله سبحانه عظَّم شأن النفس اللوامة، وأقسم بها، وقرن القسم بها مع القسم بيوم القيامة؛ لِعِظَمِ شأنها عنده سبحانه، وأنها نفس حقيقةٌ بقبول توبتها؛ قال عز وجل: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 1، 2]. سادسًا: ما ذكرته من صوت في داخلك يؤنبك كثيرًا أنك لا تستحق أن تعيش، فلعله من شدة ندمك وأسفك، ولكن إن استمر وتجاوز حدودًا معينة، فقد يكون هذا التجاوز من الشيطان لتحطيمك ومنعك من الاستمرار في التوبة، فلا تلتفت له أبدًا، واستمر في التوبة واثقًا بالله سبحانه، وبسعة كرمه وجوده ولطفه. سابعًا: مما يشجعك على الاستمرار في التوبة الأحاديث الآتية: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَالَ: ((أَذنَب عبْدٌ ذَنْبًا فقالَ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِم أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ ربِّ، اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تبارك وتعالى: أَذْنَبَ عبدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِرُ الذَّنبَ، وَيَأخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَي رَبِّ، اغفِرْ لِي ذَنبي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبدِي ذَنبًا، فعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنبِ، قد غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ))؛ [متفقٌ عَلَيهِ]. وعنه رضي الله عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَجَاءَ بِقومٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّه تَعَالَى، فيَغْفر لَهُمْ))؛ [رواه مسلم]. وعن أَبي أَيُّوبَ خَالِدِ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَوْلا أَنَّكُمْ تُذْنبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلقًا يُذنِبونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ، فَيَغْفِر لَهُمْ))؛ [رواه مسلم]. وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قَالَ: ((كُنَّا قُعودًا مَع رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، مَعَنا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي اللَّه عنهما في نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْن أَظْهُرنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، فَخَشِينا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزعْنا، فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزعَ، فَخَرجتُ أَبْتَغِي رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَيتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ بطُوله إِلى قوله: فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اذْهَبْ فَمَنْ لَقِيتَ وَرَاءَ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إلَّا اللَّه، مُسْتَيقِنًا بهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ))؛ [رواه مسلم]. ثامنًا: أوصيك بالمحافظة على كل ما يزيد الإيمان ويقويه، ويجعل في القلب سدًّا منيعًا عن الشهوات المحرمة، وعن الشبهات؛ ومن ذلك: ♦ المحافظة على الصلوات في أوقاتها بالمساجد، وإتباعها بالسنن الرواتب (القبلية والبعدية). ♦ المحافظة على الإكثار من تلاوة القرآن. ♦ طلب العلم النافع. ♦ الدعاء. ♦ الأذكار. ♦ الاستغفار. ♦ الصدقة. ♦ الصوم. ♦ مجاهدة النفس على ترك المعاصي. ♦ هجر كل ما قد يفتن القلب ويحبب له المعاصي. تاسعًا: ثناء الناس عليك هو عاجل بشرى لك في الدنيا بالشهادة لك بالخير، فكن متفائلًا، وافرح بذلك، ولا يضر ذلك ما قد وقع منك، من هنَّات تُبتَ منها. عاشرًا: لا تسرف في جَلْدِ ذاتك؛ لأن ذلك تحطيم لنفسك، وهو من وسوسة الشيطان لصرفك عن معالي الأمور، لتحتقر نفسك ولا تُحَلِّق بها في فضاء التوبة وقبولها. حادي عشر: بادر إلى الزواج متى ما استطعت؛ حتى تغلقَ أبواب الفتن، وتُحصل السكن والمودة والاستعفاف. حفظك الله، ورزقك صدق التوبة والثبات وحسن الخاتمة، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |