خُطْبَةُ (تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 15398 )           »          الثقافة والإعلام والدعوة في مواجهة الغزو الفكري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 11 )           »          أساليب نشر العلمانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3613 )           »          الصوابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          القوامة الزوجية.. أسبابها، ضوابطها، مقتضاها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 24 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 11303 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 5623 )           »          أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 132 - عددالزوار : 76208 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-08-2021, 01:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,968
الدولة : Egypt
افتراضي خُطْبَةُ (تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ)

خُطْبَةُ (تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّةِ)










الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي








الْخُطْبَةُ الْأُولَى



إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.







أمَّا بَعْدُ:



عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ مَعْرِفَةَ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ هِيَ مِنْ أَهَمِّ الْمَهَمَّاتِ، وَمِنْ أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْعِبَادِ فَلَا بُدَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِوُجُودِ اللهِ وَبِوَحْدَانِيَّتِهِ وَأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَاحِدٌ فِي أُلُوهِيَّتِهِ وَاحِدٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَيْسَ لَهُ شَريكٌ وَلَا نِدٌّ وَلَيْسَ لَهُ كُفُوٌ أَحَدٌ.







وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَتَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِأَفْعَالِ اللهِ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّكْوِينِ وَالْمُلْكِ وَإِنْزَالِ الْغَيْثِ وَإِنْبَاتِ الْأَرْضِ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَأَمَّا تَوْحِيدُ الْأُلُوهِيَّةِ فَهِيَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ الِّتيِ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللهِ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالدُّعَاءِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ.







عِبَادَ اللهِ؛ لَا بُدَّ لِلْمُوَحِّدِ أَنْ يُثْبِتَ للهِ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَأَنْ يُؤْمِنَ إِيمَانًا جَازِمًا بِأَنَّ اللهَ خَالِقٌ وَمَا سِوَاهُ مَخَلُوقٌ فَلَا خَالِقَ إِلَّا اللهُ وَلَا يَسْتَغْنِي الْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَالْإِنْسَانُ فِي ضَرُورَةٍ إِلَى رَبِّهِ فَإِنَّهُ بِالْإِيمَانِ بِاللهِ تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَيْهِ؛ وَتَطْمَئِنُّ وَتَرْكَنُ إِلَى خَالِقِهَا وَمُدَبِّرِ أَمْرِهَا وَتُسَلِّمُ لَهُ وَجْهَهَا وَيَحْصُلُ لَهَا بِهَا السَّعَادَةُ وَالاسْتِقْرَارُ وَالطُّمَأْنِينَةُ. وَتَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ دَلِيلٌ وَمُرْشِدٌ إِلَى تَوْحِيدِ الْأُلُوهِيَّةِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ اللهِ وَالْإِقْرَارَ بِوُجُودِهِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ اتَّفَقَتْ عَلَيْه جَمِيعُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ، قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 30].







فَالْعُقُولُ الصَّرِيحَةُ السَّلِيمَةُ تُؤْمِنُ بِاللهِ إِيمَانًا جَازِمًا فَإِنَّ النَّاظِرَ فِي عَقْلِهِ، وَالْمُتَدَبِّرَ فِي قَلْبِهِ، يَرَى هَذِهِ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةَ وَمَا فِيهَا مِنْ عَجَائِبِ الصُّنْعِ وَبَدِيعِ انْتِظَامِ الْكَوْنِ وَعَظَمَةِ الْإِتْقَانِ يَجِدُهَا دَالَّةً سَاطِعَةً عَلَى قُدْرِةِ اللهِ تَعَالَى، قَاَل تَعَالَى: ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].







عِبَادَ اللهِ؛ لَقَدْ أَجْمَعَتْ جَمِيعُ الْأُمَمِ أَنَّ لِهَذَا الْكَوْنِ خَالِقًا حَتَّى أَهْلُ الشِّرْكِ، فَجَمِيعُ الشَّرَائِعِ الْمُنَزَّلَةِ مِنَ اللهِ، وَأَتْبَاعُ هَذِه الشَّرَائِعِ مِنْ مُسْلمِينَ وَيَهُودٍ وَنَصَارَى؛ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُودِ اللهِ. كَذَلِكَ أَجْمَعَ أَهْلُ الشِّرْكِ عَلَى وُجُودِ اللهِ وَأَقَرُّوا بِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [لقمان: 25].







بَلْ حَتَّى الدِّيَانَاتُ الْأَرْضِيَّةُ اتَّفَقَتْ عَلَى وُجُودِ خَالِقٍ وَلَكِنَّهُمْ ضَلُّوا بِمَعْرِفَةِ هَذَا الْخَالِقِ وَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكون فَأَثْبَتُوا وُجُودَ الْخَالِقِ لَكِنَّهُمْ كَفَرُوا بِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَشْرَكَ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى أَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ لَا يَنْفَعُ صَاحِبَهُ مَا لَمْ يَكْفُرُ الْمُؤْمِنُ بِهِ، بِعُبُودِيَّةِ غَيْرِ اللهِ وإِنْكَارِهِ عُبُودِيَّةِ غَيْرِ اللهِ، وَلَابُدَّ أَنْ يُقِرَّ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَتَّبِعُهُ، فَيُؤْمِنُ بِاللهِ وَيَكْفُرُ بِمَا سِوَاهُ.







عِبَادَ اللهِ؛ لَا يُنْكِرُ وُجُودَ اللهِ إِلَّا مَنْكُوسُ الْفِطْرَةِ، أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْبَصِيرَةِ، مَخْذُولٌ حَيْثمُا كَانَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [إبراهيم: 10].







فَلا يَشُكُّ فِي وُجُودِ اللهِ إِلَّا مَخْذُولٌ مَخْبُولٌ، وَمَا أَنْكَرَ أَحَدٌ وُجُودَ اللهِ إلَّا وَضَاقَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَيَعِيشُ فِي حَيْرَةٍ حِينَمَا يَرَى انْتِظَامَ الْكَوْنِ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِلَا مُدَبِّرٍ لَهُ.







عِبَادَ اللهِ؛ لَا بُدَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يُعَظِّمَ اللهَ وَأَنْ يُوَقِّرَهُ وَأَنْ يَتَدَبَّرَ فِي خَلْقِهِ وَفِي مَلَكُوتِهِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191].







وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 164].



كُلُّهَا مِنْ عَلَامَاتِ التَّوْحِيدِ وَالْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ.







عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ عِبَادَةَ التَّفَكُّرِ فِي خَلْقِ اللهِ تَزِيدُ فِي تَعْظِيمِ اللهِ وَتَوْقِيرِ اللهِ وَإِجْلَالِ اللهِ جَعَلَنَا اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الْمُوَحِّدِينَ، وَجَنَّبَنَا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَثَبَّتَنَا عَلَى نَهْجِهِ الْقَوِيمِ وَصِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56].







اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.



أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.











الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ



الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.







أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.



عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ الْإِيمَانَ بِوُجُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ خِلَافٍ بَيْنَ الْبَشَرِ، وَيَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ مَحَّلَ خَلَافٍ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَكَيْفَ يَكُونُ مَحَلَّ خَلَافٍ وَدَلَائِلُ وُجُودِهِ وَعَظَمَتِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى؟ قَاَل تَعَالَى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21].







فَلَوْ تَأَمَّلَ الْإِنْسَانُ في نَفْسِه لَعَلِمَ أَنَّ هَذِهِ النَّفْسَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَأْتِيَ إِلَّا بِأَمْرِ خَالِقٍ، وَلَا يُمْكِنُ لَهَا أَنْ تُوجَدَ بِدُونِ وُجُودِ مُوجِدٍ لَهَا، وَخَالِقٍ أَوْجَدَهَا، وَلَوْ تَأَمَّلَ الْفُرُوقَ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ الْحَيَّةِ كَافّةً، مِن إِنْسٍ، وَحَيَوانٍ، وَنَبَاتٍ، لَمَا تَرَدَّدَ لَحْظَةً أَنْ يَقُولَ، سُبْحَانَكَ! مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، فَلَا تُنْجِبُ إِلَّا الْأُنْثَى، وَلَا تُنْجِبُ بِدُونِ ذَكَرٍ أَنْثَى، فَهَلْ هَذَا جَاءَ عَبَثًا أَوْ مُصَادَفَةً؟ سُبْحَانَكَ! هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].







لَقَدْ حَاوَلَ أَئِمَّةُ الْمَلَاحِدَةِ، مَعَ قِلَّتِهِمْ، أَنْ يَجِدُوا أَصْلًا لِلْخَلْقِ، وَكُلَّمَا تَوَصَّلُوا إِلَى شَيْءٍ، قِيلَ لَهُمْ: وَمَنْ أَوْجَدَ هَذَا الشَّيْءَ؟ فَعَاشُوا فِي حَيْرَةٍ، وَالْجَوَابُ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ لِكُلِّ مَوْجُودٍ مُوجِدٌ، وَغَيْرُهُ مَخْلُوقٌ مُوجَدٌ، فَعَظِّمُوهُ وَوَقِّرُوهُ، فَلَا أَحَدَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ، وَلَا نِدَّ لَهُ، وَلَا مَثِيلَ لَهُ، وَلَا كُفأ لَهُ، هُوَ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوٌ أَحَدٌ، وَهَذَا نَسَبُ رَبِّنَا، تَعَالَى رَبُّنَا لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً، وَلَا وَلَدًا.







قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].







اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.




وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.91 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.96%)]