تتبع العورات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 591 - عددالزوار : 334066 )           »          اكتشف الأسباب الخفية وراء انتفاخ البطن! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الكافيين: فوائده، أضراره، والكمية الآمنة للاستهلاك يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          التعايش مع اضطراب ثنائي القطب: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          7 أطعمة تقوي العظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          نصائح بعد خرم الأذن: دليلك الشامل للتعافي بسرعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ما هي فوائد التبرع بالدم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          متى يكون فقدان الوزن خطير؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          7أفكار لوجبات خفيفة للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أضرار مشروبات الطاقة: حقائق صادمة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2020, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي تتبع العورات

تتبع العورات


د. سعود بن غندور الميموني





إِنَّ الحَمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].. ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]... أمَّا بَعدُ:
فاتَّقُوا اللهَ تعالى واعْلَمُوا أنَّكُمْ مَوْقُوفُونَ بينَ يَدَيْهِ، ومحَاسبُونَ على الصَّغيرِ والكَبيرِ، فَـ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ... إنَّ التَّخَلُّصَ مِنْ ظُلمِ العِبادِ خُلُقٌ كَرِيمٌ، وقُرْبَةٌ إِلى اللهِ عَظِيمَةٌ، وإِنَّ الظُّلْمَ صُوَرُهُ كَثِيرةٌ تَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْمَظَالِمِ، إِلاَّ أَنَّ ثَمَّةَ ظُلْمٌ سَيِّئٌ ازدَادَ في النَّاسِ في ظِلِّ التِّقنِيَاتِ الحَدِيثَةِ، وَخَفَّ إِلَيهِ بَعضُ ضِعَافِ الإِيمَانِ وَقَبِلُوهُ، وَجَعَلُوا تِلكَ التِّقنِيَاتِ وَسَائِلَ إِلَيهِ وَمُعِينَةً عَلَيهِ، لِيُؤذُوا الآخَرِينَ وَيُسِيئُوا إِلَيهِم وَيُضَيِّقُوا عَلَيهِم، أَو لِيَنتَقِمُوا مِنهُم وَيَشْفُوا غَيظَ قُلُوبِهِم، وَذَلِكُمُ الخُلُقُ الدَّنِيءُ هو: التَّجَسُّسُ وَتَتَبُّعُ العَورَاتِ، وَالتَّنقِيبُ عَنِ الأَخطَاءِ وَالبَحثُ عَنِ الزَّلاَّتِ، وَرَصدُهَا وَتَسجِيلُهَا، وَتَصوِيرُهَا وَتَوثِيقُهَا، لا بِقَصدِ النُّصحِ وَبَيَانِ الحَقِّ وَالصَّوَابِ لِمَن وَقَعُوا فِيهَا، وَلَكِنْ بِقَصدِ التَّشَفِّي مِنهُم، وَحُبًّا لِلانتِقَامِ مِنَ الآخَرِينَ، وَرَغبَةً في إِحرَاجِهِم وَالإِمسَاكِ بِهِم مِن مَوَاجِعِهِم، وَأَمَلاً في إِسقَاطِهِم مِنَ الأَعيُنِ وَتَعلِيقِهِمْ في الأَلسُنِ.

فتَجِدُ أَحَدَهُم بِجَوَّالِهِ أَو آلَةِ تَصوِيرِهِ في كُلِّ شَارِعٍ وَمُؤَسَّسَةٍ، بَلْ وَفي كُلِّ طَرِيقٍ وَزَاوِيَةٍ، يُصَوِّرُ هَذَا، وَيُسَجِّلُ حَدِيثَ ذَاكَ، وَيَلتَقِطُ وَرَقَةً وَيَحتَفِظُ بها، وَيَبُثُّ صُورَةً وَيَنشُرُ مَقطَعًا، وَيُغَرِّدُ بِخَبَرٍ وَيَلمِزُ فِيهِ، وَقَد يُشَجِّعُهُ عَلَى كُلِّ هَذَا أَنَّهُ مُسْتَخْفٍ وَرَاءَ اسْمٍ مُستَعَارٍ، أَو تَحتَ ظِلِّ مَجمُوعَةٍ تَؤُزُّهُ عَلَى الشَّرِّ وَتُزَيِّنُ لَهُ البَاطِلَ ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].

إنَّ تِلكَ الفِئةِ اسْتَطَابَتِ الْبَحْثَ عَنِ عُيوبِ الناسِ وَنَسُوا عُيُوبَهُمْ، حَتَّى أَصبَحَ الاستهزَاءُ لَهُمْ طَبعًا، والسُّخْرِيَةُ لَهُمْ سَمْتًا، مَا إِنْ يَعْثُرُ أَحَدُهُمْ علَى عَيبٍ لأَخِيهِ إِلاَّ ضَخَّمُوهُ، وأضَافُوا إليهِ الزُّورَ والبُهتَانَ، وطَارُوا بهِ يَذِيعُونَهُ في المجالسِ والبيوتِ، يُضْحِكُونَ به أقْرَانَهُم، ويَشْفُونَ بهِ مَرضَ نُفُوسِهِمْ، وقدْ حَادُوا بذلكَ عَن مَنهَجِ اللهِ القَوِيمِ في كتابِهِ الكَرِيمِ حَيثُ قَالَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

ولَو كَانَ حُسنُ الظَّنِّ هُوَ المُتَمَكِّنَ مِنَ القُلُوبِ، لَوَجَدَ المَرءُ لإِخوَانِهِ المَخرَجَ وَلالْتَمَسَ لَهُمُ العُذرَ، وَلَكِنْ سُوءُ الظَّنِّ يُوقِعُ صَاحِبَهُ في التَّجَسُّسِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيهِ تَتَبُّعَ السَّقَطَاتِ، بَل وَيَدفَعُهُ إِلَيهَا دَفعًا، قَالَ تَعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، وفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"، ورَوَى أبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّكَ إِنِ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ".

ولَعَلَّ مِنْ أَعظَمِ الذُّنُوبِ وأكْبَرِهَا هو أنْ يَقولَ المسلِمُ في عِرْضِ أخيهِ مَا لَيسَ فيهِ، فإِمَّا أنْ يَبْهَتَهُ وإمَّا أَنْ يَغتَابَهُ، وإمَّا أنْ يَقْذِفَهُ بِمَا هُو مِنهُ بَرِيءٌ، وكُلُّ ذَلِكَ كانَ عِندَ اللهَ عَظِيمًا؛ فَقدْ جاءَ عِندَ أبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ"، ورَدْغَةُ الْخَبَالِ: هي عُصَارَةُ أَهلِ النَّارِ. وعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ" رواه أَحْمدُ وأبُو دَاودَ.

أَلا فَاتَّقُوا اللهَ جَمِيعًا - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - وَتَمَسَّكُوا بِالأَخلاقِ الجَمِيلَةِ وَعَوِّدُوا أَنفُسَكُمُ الآدَابَ الحَسَنَةَ، واحذروا إيذاء المؤمنين والمؤمنات؛ فإن ربكم جل في علاه يقول: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]، وعن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"، وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ.

معَاشِرَ المؤمنينَ... إنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفَى كَمالَ الإِسلامِ والإيمانِ عَن كُلِّ مَنْ أَصَرَّ علَى أذِيَّةِ العِبادِ؛ فَقَدْ رَوَى التِّرمِذِيُّ مِنْ حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ: عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قَالَ: "المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ".

فأينَ نحنُ - يا عبادَ اللهِ - مِن هذِه الأحاديثِ؟!! وأينَ نَحنُ مِن هذِه التَوْجِيهَاتِ؟!! إلى اللهِ نَشكُو الحالَ التي وصَلْنَا إليهَا، أصبحَ كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ ذِئَاباً في ثِيابِ بَشَرٍ، أصبحَ كَثيرٌ منهُم لا يَهْدَأُ لَهُم جَنْبٌ ولا تَنامُ لَهمْ عَينٌ إلاَّ إذَا بَاتُوا علَى أذَى الْعِبَادِ، لَيسَ لَهُمْ دَيْدَنٌ إلا تَتَبُّعِ العَورَاتِ وتَصَيُّدِ الزَّلاتِ والعَثَرَاتِ، فأينَ الصَّلاةُ؟ وأينَ الزكاةُ؟ وأينَ الصَّومُ؟ أينَ الخوفُ مِنَ اللهِ الواحدِ الدَّيَّانِ؟
نَسألُ اللهَ أنْ يَملأَ قُلوبَنَا بالخوفِ مِنهُ، والإنَابةِ إليهِ.. إنَّه على كلِ شيءٍ قَديرٌ.


الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّناءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا... أمَّا بَعْدُ:
أَخِي الْمُسْلِمُ... إِنَّ مِنَ السُّهُولَةِ بِمَكَانٍ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ مُصَلِّيًا أَوْ صَوَّامًا أَوْ قَوَّامًا أَوْ دَاعِيَةً أَوْ خَطِيبًا أَوْ مُعَلِّمًا أَوْ حَتَّى عَالِمًا، وَلَكِنْ مِنَ الصُّعُوبَةِ بِمَكَانٍ أَنْ يَكُونَ وَرِعًا؛ فَإِنَّ الْوَرَعَ رُتْبَةٌ عَزِيزَةُ الْمَنَالِ، رَفَيعَةُ الْمَكَانِ، بَعِيدَةُ الشَّأْوِ، وَمَتَى مَا ارْتَقَى الْإِنْسانُ إِلَى مَرْتَبَةِ الْوَرَعِ فَقَدْ نَالَ أَسْمَى الْمَرَاتِبِ، وَمِنْ أَبْهَى صُوَرِ الْوَرَعِ: الْوَرَعُ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ، الْوَرَعُ عَنِ النَّظَرِ وَتَتَبُّعِ عَوْرَاتِهِمْ، الْوَرَعُ عَنْ أَذِيَّةِ الْمُسْلِمِ أَيًّا كَانَ شَأْنُهُ وَأَيًّا كَانَ حالُهُ.

عِبَادَ اللَّهِ... لَوْ أَنَّنَا أَبْدَلْنَا تَتَبُّعَ الْعَوْرَاتِ وَاللَّهَثَ وَرَاءَ الزَّلََّاتِ بِالتَّنَاصُحِ لَكَانَ خَيْرًا كَبِيرًا؛ فَإِنَّ التَّنَاصُحَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ، فَلَوْ سَلَكْنَا هَذَا الْمَسْلَكَ فِيمَا بَيْنَنَا، وَأَصْلَحْنَا أَخْطَاءَنَا، وَبَصَّرْنَا إِخْوَانَنَا، وَتَعَاوَنَّا مَعَ كُلِّ مُخَالِفٍ بِالنَّصِيحَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّةٍ وَرِفْقٍ وَرَحْمَةٍ بِالْمُسْلِمِ، لَحَصَلَ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، لَكِنَّ الْمُصِيبَةَ أَنَّ يَرَى الْمُسْلِمُ أَخَاهُ وَهُوَ فِي مُخَالَفَاتٍ شَرْعِيَّةٍ، يَرَى تَقْصِيرًا مِنْهُ فِي حَقِّ اللَّهِ، أَوْ تَقْصِيرًا فِي حَقِّ أَهْلِهِ، أَوْ تَقْصِيرًا فِي حَقِّ وَلَدِهِ، أَوْ تَقْصِيرًا فِي حَقِّ مُجْتَمَعِهِ، فَلَا يُوَجِّهُهُ وَلَا يُسْدِي لَهُ النَّصِيحَةَ، بَلْ رُبَّمَا أَحَبَّ النَّقْصَ فِي إِخْوَانِهِ، فَيَفْرَحُ إِذَا رَآهُمْ فِي نَقْصٍ وَخَلَلٍ، وَبَعْضُهُمْ لَا يُبَالِي وَيُجَامِلُ؛ مَعَ أَنَّ نَصِيحَتَكَ لِإِخْوَانِكَ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، لَكِنَّهَا نَصِيحَةٌ مِنْ قَلْبٍ مَمْلُوءٍ بِالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَنْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، أَمَّا أَنْ نَشْمَتَ بِالْمُسْلِمِ، وَنَفْرَحَ بِخَطَئِهِ، وَنَنْشُرَ زَلَلَهُ وَنُضَخِّمَ ذَلِكَ، وَنُحَاوِلَ أَنْ نُشِيعَ فِيهِ الْفَاحِشَةَ وَأَنْ نَنْتَقِصَهُ، كُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ، بَلِ الْمُسْلِمُ يَنْصَحُ الْمُسْلِمُ للهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، وَيُحِبُّ اسْتِقَامَتَهُ وَسَيْرَهُ عَلَى الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَنَا، وَأَنْ يُصْلِحَ أَحْوالنَا وَأَحْوالَ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنَا، وَبِكَ آمَنَّا، وَعَلَيكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيكَ أَنَبْنَا، وَبِكَ خَاصَمْنَا، وَإِلَيكَ حَاكَمْنَا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا وَما أَخَّرْنَا وَما أَسْرَرْنَا وَما أَعْلَنَّا، أَنْتَ إلَهُنَا لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنَا ذُنُوبَنَا جَمِيعَهَا إِنَّه لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأخْلاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَ الْأخْلاقِ لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ.
اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
اللهمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرضَى، وانْصُرْ جُنُودَنَا فِي الحَدِّ الجَنُوبِيِّ يَا ربِّ العَالَمِينَ..
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.54 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]