لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1074 - عددالزوار : 126937 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > الحدث واخبار المسلمين في العالم
التسجيل التعليمـــات التقويم

الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-01-2012, 07:20 AM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي

لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود

بقلم د. هاني السباعي


مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية

والأمين العام المساعد للتيار السني لإنقاذ مصر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
سأل سائل وما أكثر المتسائلين عن هذا التيار السني الوليد وما الفائدة في ولادة تيار والتيارات الإسلامية ما أكثرها! ولماذا لم يتحالفوا مع أي تيار أو جبهة أو جماعة قائمة على أرض الواقع في مصر ولا سيما التي تشكلت عقب الثورة المصرية في 18 صفر 1432هـ الموافق 25 يناير 2011م؟! بل وسخر البعض من وجود تيار يقوده رجلان يقيمان في الغرب أحدهما في أقصى الأرض في بلاد الزمهرير، والآخر يقيم في عاصمة الضباب! وقد تعجب متعجب من اختيارنا لكلمة "تيار"! من الناحية الشكلية! والعجب العجاب أن فريقاً من هؤلاء المتسائلين أو المنتقدين قد اكتفى بقراءة العنوان! ولم يكلف نفسه عناء التدقيق وما أسهله! في المبادئ التي ذكرناها في بياننا الأول للمجلس التأسيسي! ولا نزال ننتظر من يرد علينا رداً علمياً موضوعياً يناقشنا في أس المبادئ التي ذكرناها في البيان الأول! فنحن والحمد لله على الرحب والسعة في قبول النصح والإرشاد وحتى الذي يريد أن يناقشنا أو يناظرنا فأهلاً به وسهلاً وما أيسر الاتصال بنا.
ومن منطلق تلكم التقدمة السابقة نشرع في الإجابة عبر النقاط التالية:
أولاً: متى نشأت فكرة التيار السني لانقاذ مصر.
ثانياً: الاعتراض الشكلي:
(أ) الأعتراض على كلمة "تيار".
(ب) الاعتراض على كلمة "السني".
(ج) الاعتراض على كيف لرجلين خارج مصر يقودان تياراً.
ثالثاً: لماذا لم ننضم إلى الجماعات والحركات القائمة:
شيخ السلفية الديمقراطية أنموذجاً.
التعليق على حوار دهقان السلفية الديمقراطي.
رابعاً: التغيير عن طريق البرلمانات وهم وخداع.
الخطر الأول: تمييع مفهوم الولاء والبراء:
الخطر الثاني: تمييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
صفوة القول
***

أولاً: متى نشأت فكرة التيار السني لإنقاذ مصر:

لقد وُضعتْ نطفة فكرة التيار السني في رحم الأيام التالية بعد الثورة المصرية في 19 صفر 1432هـ الموافق 25 يناير 2011م .. لقد قلنا في بيان لنا عقب خلع الطاغية محمد حسني مبارك أننا؛ فرحنا بحق بهذا النصر الذي تحقق على أيدي هذه الجماهير الغفير! وكان لزئيرهم دوي قذف الله به الرعب في قلب الطاغية وأركان نظامه! ثم كانت اللحظة الحاسمة وقد بلغت القلوب الحناجر! والأمة تتميز غيظاً من عناد هذا الفرعون الصغير! وأخيراً أسقط الله بهم الطاغية حسني مبارك وعائلته وبعض أزلام نظامه! فالحمد لله الذي أراح البلاد والعباد من شرور فرعون خبيث لئيم! وكان من المفترض في مثل هذه الأيام الحاسمة في تاريخ التجمعات البشرية أن يكون العلماء والشيوخ والدعاة في طليعة الجماهير وفي مقدمة الصفوف بغية استعادة الحق المغتصب منذ الحقبة العلوية؛ محمد علي باشا وبنيه؛ الذين وضعوا اللبنات الأولى لصرح العلمانية في مصر والعالم الإسلامي إلى وقتنا الحاضر!
كانت الفرصة سانحة لهؤلاء الشيوخ بالالتحام مع الجماهير وتحريضهم على النفير إلى الميادين العامة وافتراش الطرقات والجهر بالحق وإعلان حراس الصرح العلماني في مصر.
فهذه الجماهير لن تبرح أماكنها حتى يعود الحق إلى نصابه وتعود الشريعة الإسلامية غير منقوصة مكرمة إلى سدة الحكم، نكون أو لا نكون! فهذا يوم من أيام الله سيسألون يوم القيامة عن تلكم المواقف الحاسمة؛ هل نصرنا دين الله أم تواطأنا مع دين العلمانية التي أذاقت الأمة الهزائم والنكبات ومزقتنا شر ممزق!.. نكون في حلف الرحمن أم حلف الشيطان! وهما حلفان لا يجتمعان! الإسلام والعلمانية! الإسلام والديمقراطية! الإسلام وأي دين آخر!
فهل قام علماء المسلمين بمصر وقادة الحركات الإسلامية بواجبهم الشرعي قبل أمتهم ونصروا دينهم؟! أم تحالفوا مع حراس العلمانية ورضوا بالقعود على عتبات العسكر لينالوا حصة من حكم البلاد المنكوبة بمعظم علمائها؟!!
لقد ثبت أن معظم علماء وقادة وشيوخ الحركات الإسلامية كانوا أصغر من الحدث التاريخي وضيعوا ثورة من أكبر ثورات التاريخ من أيديهم! ورضوا أن يكونوا محللين لبقاء المجلس العسكري الحارس على مصالح الغرب في مصر والعامل الإسلامي!
لقد سقط الشيوخ وقادة الحركات الإسلامية في شراك خداع الديمقراطية! وسقطوا في حمأة وهم التغيير عبر صناديق أعدها لهم العسكر تلبيسا وتدليسا على شعب مصر المسلم!..
لقد سقطوا في فخ الفرعونية التي استمرأوها وكأن حالهم صار كحال بني إسرائيل بعد أن أنجاهم الله من عدوهم ومن الغرق وبمجرد أن عبروا البحر وشعروا بالأمان سألوا نبي الله موسى:
(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) (الأعراف: آية 138)
إن طول أمد الطاغوت في الحكم يقسي قلوب الناس، ويستمرئون حكمه وعذابه! ولسان حالهم إذا منّ عليهم فرعونهم يوماً بهامش من الحرية العرجاء! يتساءلون لم لم يعذبنا.. لقد ألفنا طغيانه! .. وقادة الحركات الإسلامية بعد خلع الطاغية قالوا لمجلس العسكر! اجعلوا لنا دستورا كما كان للطاغية دستور!
عود على موضوع النطفة الأولى:
في خضم هذه المواقف المخزية وسقوط شيوخ وعلماء كان يشار إليهم بالبنان! بحكم انتشارهم الفضائي إبان سماح المخلوع لهم بهامش الفضائيات التي كان يشرف عليهم جهاز مباحث أمن الدولة المنحل! وسقوط آخرين كانوا في كمون وسبات عميق عن الحق! حيث قسموا الإسلام عضين! الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (الحجر آية 91).. القرآن في المسجد فقط! الإسلام حبيس المحراب الزوايا فقط! .. وحتى هذه الزاويا الضيقة تتآكل الآن بتدخل العلمانية الإقصائية!!.. نصرخ فيهم: يجب أن يكون القرآن والسنة الصحيحة حكما في كافة المناحي الحياتية.. يجيبون بتعال وعجرفة! وحكمة مصطنعة! هذا ليس أوانه! ولسان حالهم! دع لقيصر ما لقيصر.. ودع لله ما لله!! فحظر الكلام عن أهل الحكم وبطانته وإنزال أحكام شرعية في حق أئمة كانوا يحمون الشريعة ويحكمون بها! على حثالة من سقط متاع العلمانية البائدة في أردأ أنواعها من سلالة حكام العالم الإسلام!!
في خضم التلبس والتدليس بل والكذب الصراح على أمة الإسلام! وتعدد رايات الباطل وإن انتسب إلى الإسلام ظاهراً! فإن النتيجة التي وصلنا إليها أن هذه الأحزاب الإسلامية على اختلاف مسمياتها شركاء في عبادة المجالس البرلمانية! تلكم المجالس التشريعية التي تحاد الله في ألوهيته بخضوع البشر لحاكمية الله كمشرع وحيد! وهم كذلك شركاء في شرعنة الباطل؛ العسكر ـ العلمانيين ـ الليبراليين ـ النصارى ــ البهائيين ـ كل من هب ودب على أرض مصر المسلمة!!
وفي خضم هذه الأمواج المتلاطمة من الفتن، وعواصف الشبهات التي لا تهدأ! كنا نتشاور في الأمر مع بعض المخلصين نحسبهم كذلك من أبناء هذه الأمة الإسلامية! نتساءل عن المخرج من هذا المأزق الذي وضع الشيوخ الأمة فيه! وشعرنا بحق أن "حصوننا مهددة من داخلها" على حد تعبير الدكتور محمد محمد حسين رحمه الله ..
كنا نتلقى العديد من الرسائل من الشباب في مصر وغيرها! لماذا لا يتوحد العلماء وشيوخ المسلمين! لماذاذ علماء مصر مرتعشون خائفون؛ وقد أزال الله عنهم الخوف والطاغية وبعض أزلامه في السجن؟! ومن خلال متابعاتنا اليومية لما يحددث في مصر على مدار سنة كاملة ونحن نتململ على حال الأمة التي ضيع حقها معظم شيوخ مصر وقادتها!
فبعد مرور بضعة أشهر على خلع الطاغية استبان لنا ولكل متابع للحالة المصرية أن الثورة اختطفها العسكر بمباركة شيوخ صكوك العفو والغفران عن الباطل! وإن كان هذا الباطل متجسداً في مجلس عسكري يعلن بدون مواربة أن مصر دولة مدينة!! بالمفهوم الغربي للمصطلح! وأن المجلس العسكري الحاكم أو الرئيس القادم هو الذي سيشكل الحكومة الجديدة!! وليس نواب الشعب!!
والعجب العجاب أنه الإسلاميين المجلسيين! أقروا بأنهم لن يشكلوا الحكومة وليس من حقهم المشاركة في صياغة الدستور!!
أين حمرة الخجل يا عباد المجالس! هل صار دخول البرلمان غاية! وهل صار دخول البرلمان وجاهة وحيثية اجتماعية؟! الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم الله به!
ولما كنا قد وضعنا النطفة الأولى لفكرة تجمع دعوي لم نسمه في حينه! في رحم الأيام التالية على الثورة ولما كانت ماثلة لنا في حضانة الزمن المتسارع بالأحداث! قمنا بإخراج هذه الجنين الفكري من حضانته وشرعنا لتكون الفكرة شاخصة على أرض الواقع!
وكان فضيلة الشيخ الدكتور طارق عبد الحليم أول تكلم معي في هذه الفكرة حيث كنا نتبادل أطرف هموم الأمة شبه يومي! وكان معنا أحد الاخوة الشيوخ وذكر لي أنه كلم الدكتور طارق في تكوين تجمع دعوي تحت أي مسمى فقلت له إن الدكتور طارق قد كلمني قبلك في هذا الشأن.
والحمد لله أن تلاقت إراداتنا في عمل جماعي نتبغي به رضا الله تعالى.. المهم أننا اتفقنا أن نضع تصوراً لكيفية هذه الهيئة أو التكتل الدعوي فقمنا بوضع مبادئ أولية وقلنا لا بد مشاركة بعض المشايخ في مصر ليسدوا لنا النصح وليكونوا شركاءنا في هذا العمل! أما أخونا الشيخ الذي شاركنا في بداية الفكرة واطلع على مبادئها طلب منا ألا ننشر إسمه حالياً رغم أنه معنا قلبا وقالباً.
ثم قمنا بالاتصال ببعض المشايخ في مصر وعرضنا عليهم فكرة تكوين هيئة أو تكتل دعوي بغية أن يكون حصناً من تمييع عقيدة الإسلام التي يتلاعب بها الإسلاميون! ولتقديم صورة صحيحة عن الإسلام وفهمه للواقع وقراءة مستقيمة للنوازل التي ألمت بالأمة! وغير ذلك من موضوعات قمنا بصياغتها في البيان الأول للتيار السني لانقاذ مصر بتاريخ ...
وكان الاتصال الأول بأحد الشيوخ الفضلاء حيث قمنا بعقد لقاء ثلاثي عبر الهاتف من كندا ولندن ومصر؛ وتكلمنا بالتفصيل في مسائل كثيرة! ولما عرضنا الفكرة على فضيلة الشيخ حيث ذكر لنا أنه أيضاً قام بعض الشباب الإسلامي في مصر وعرضوا عليه أن يشكلوا تجمعاً أو جبهة موحدة لتكون مرجعاً للشباب المسلم الحائر بين الجبهات والأحزاب الإسلامية المتوالدة بعد الثورة!
وقال فضيلة الشيخ إنه سيعلن هذا البيان بعد يوم أو يومين فقمنا بسؤاله حول مضمون هذا البيان ومن هم أعضاء هذه الجبهة الجديدة وما إسم هذا الكيان الجديد؟ وقال إنه كان قد رشح الدكتور طارق عبد الحليم لقيادة هذا الكيان الجديد! لكن بعض الشباب يفضلون أن يكون في مصر وليس في الخارج!
فقال له الدكتور طارق؟ ولم لا تقوده أنت؟ قال أنه لا يرغب في هذه القيادة وذكر أشياء أخرى! ثم سألنا فضيلته هل توافقون على أن تكونا معنا في هذا الكيان الجديد؟ أجبناه بعلى الرحب والسعة؛ ولكن لنا شرط ألا يكون في عضوية هذا الكيان من يدينون بالعمل البرلماني أو يرون أن الإسلام يتصور أن يأتي عبر صناديق الانتخابات!
وفي نفس الوقت قام الشيخ الدكتور طارق عبد الحليم بالإتصال بفضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد الشاذلي لعرض الفكرة عليه ولتقديم النصح له في رأي غريبٍ صرح به بعد الثورة!! وكتب الدكتور طارق مقالين في هذا الشأن وخالف فيه آراء الشيخ عبد المجيد الشاذلي رغم العلاقة الوثيقة والمحبة التي بينهما.. فالحق أحق أن يتبع!
وبعد ذلك توسعنا في الاتصال بعدد آخر من الشباب ومن أبناء بعض الشيوخ والدعاة فرحبوا بالفكرة ولا يزالون يعرضون على بعض المشايخ والدعاة في مصر؛ بعضهم وعد أن يدرس الموضوع، والآخر كان متردداً! والبعض وافق وطلب عدم ذكر اسمه في هذه المرحلة.
ثم أخيراً بعد اللتيا والتي!
قمنا بفضل الله بعقد العزم على تحقيق فكرة التجمع الدعوي على أرض الواقع وكنا في حيرة من الاسم الذي نطلقه على هذا الكائن الجديد! ثم انشرحت صدورنا لاسم التيار السني لانقاذ مصر! وهذا ما سأوضحه في فقرة الرد على الاعتراض الشكلي بإذن الله.
وها نحن أولاء أخيراً أصدرنا البيانانين الأول والثاني ثم نشرنا الثالث أثناء كتابة هذا المقال بفضل الله وحده.. وبعد صدور البيانين الأول والثاني اتصلت شخصياً بفضيلة الشيخ الذي عرضنا عليه الفكرة أول الأمر فقام بالترحيب كعادته الكريمة وهو من أفاضل العلماء في مصر، ومن كبار المشايخ المبتلين في الله نحسبه كذلك ولا نزكيه على ربه .. ففضيلته من أقدم مشايخ السلفية في مصر، ومن أهل الحق الصابرين الين جهروا يوم أن قعد غيرهم كما أنه من الذين لم يأخذوا حقهم في الإعلام..
وكان صوت فضيلته يقطر فرحاً بهذا التيار السني الجديد! .. ووعدني أنه سيكتب تقويماً جديداً للمرحلة الحالية سيرسله لنا بإذن الله!
ثم تبادلنا أطراف الحديث وتكلمت مع فضيلته حول سقوط معظم الشيوخ في وحل صناديق الانتخابات البرلمانية! وأشرت له بأن شيخ السلفية المجلسية في الكويت نزل مصر وسيعقد مؤتمراً يحضره كبار مشايخ السلفية في مصر الذين هرولوا لاستقباله! يتباهي دهقان السلفية أنه أول من أدخل دين اليمقراطية التعددية في الكويت وفي العامل الإسلامي!
جاء السلفي الديموقراطي الفاشل ليحرض سلفيي مصر أن يدخلوا في دين العسكر، ويقبلوا بلوازم الديمقراطية ونتائجها!!
المهم أن فضيلته قال إنه لن يشارك ولن يحضر في هذا المؤتمر إن شاء الله ثم انتهت المكالمة.
وخلاصة القول فيما قد سرنا فيه عملياً:
أننا نؤمن بهشاشة وتهافت بل وسقوط المشروع الوهمي للتغير عبر صناديق الانتخابات! والتغيير الذي نعنيه هو الحكم بالإسلام في كافة المناحي الحياتية .. (ويكون الدين كله لله)الأنفال آية 75.. الدين كله .. وليس بعضه!
لقد أعلنا عن هذا التكتل الدعوي تحت مسمى (التيار السني لإنقاذ مصر) .. واشترطنا في العضو أن لا يكون من المجلسيين! الذين يرون شرعية هذه المجالس التشريعية! فلا نشترط في هذا العضو سواء كان من الشيوخ أو من الشباب إلا أن يعتقد أن الشريعة الإسلامية لن تأتي عن طريق البرلمانات! .. فلن نحبس الإسلام في صندوق اقتراعي! ..
ولن نقول كما صرح أحد السلفيين المجلسيين في قناة الرحمة مؤخرا الشيخ مسعد أنور بأن "الوقوف في طوابير الإنتخابات أفضل من قيام الليل، (أنت في عبادة! أنت في طاعة)! من يحرمون الإنتخابات خارج حدود الزمن"أهـ
سبحان الله! طوابير الانتخابات الشركية! العبثية! أفضل من قيام الليل! وأن من يحرمون الانتخابات خارج حدود الزمن!! الطريف أن سلفية ما بعد الثورة والكرافتة!! كانت قبل الثورة والكرافتة خارج حدود الزمن!! واضح أن الثورة أدخلتهم في حدود الزمن! أف لكم ولما تصفون!!
وأطلقنا على هذا الكائن الجديد التيار السني لإنقاذ مصر! .. ليس تعصباً لأهل مصر! ولكن من باب التخصص وأهل مكة أدرى بشعابها .. ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه!! ..
كما أن أمنياتنا إطلاق مشروع يمثل الأمة بأسرها ولكنها أكبر من حجمنا ويحتاج إلى مجهود كبير من المخلصين من أبناء هذه الأمة! لذلك اكتفينا بإعلان هذا التكتل الدعوي التيار السني لإنقاذ مصر .. لعله يكون نواة ليشمل أبناء الأمة الإسلامية بأسرها وليس ذلك على الله بعزيز.

ثانياً: الاعتراض الشكلي :

(أ) كلمة "تيار":
لقد اعترض معترض حول اختيار اسم "تيار": في البداية نؤكد على أنه لا مشاحة في المصلحات ولا سيما أنها وضعت للتعريف والتمييز!.. فمصطلح "أهل السنة والجماعة"؛ مصلح حادث لم يكن شائعاً في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، ولا حتى مصطلح "عقيدة" ولا هذه التقسيمات في كتب العقيدة من؛ توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات وتوحيد الحاكمية وغيرها ..
فهذه مصطلحات للتعريف والتسهيل وللتمايز عن سائر الفرق والمذاهب الأخرى .. فظهور الخوارج والقدرية والشيعة والمعتزلة والجهمية والكلابية والمرجئة بجميع فروعها وهم ينتسبون للإسلام، ويزعمون أنهم أهل الإسلام، وأنهم يفهمون الإسلام صحيحاً لا يفهمه غيرهم؛ بل يبدعون ويكفرون غيرهم من أهل القبلة!
فكان لا بد من التمايز وتحرير الانحرافات العالقة بالإسلام لكي لا يلبس على عوام المسلمين أمر دينهم! فظهر مصطلح أهل السنة والجماعة، وظهر جلياً عبر التاريخ بين المسلمين من خلال أقوال وكتب العلماء التي ردت على الفرق المنتسبة للإسلام وكشفت زيفها وزيغها عن الحق، وأوضحت بجلاء عقيدة الإسلام الصافية في كتب الإئمة الإعلام أمثال والإمام الأوزاعي المتوفى 157هـ ،والإمام مالك بن أنس المتوفى 179هـ، الإمام أبي القاسم عبيد الله بن سلام المتوفى 224هـ وهومن كبار شيوخ البخاري، والإمام أحمد بن حنبل المتوفى 241هـ والحافظ ابن أبي شيبة المتوفى 235هـ، والإمام إسحاق بن راهويه المتوفى 238هـ، والإمام البخاري المتوفى 256 هـ، والإمام مسلم المتوفى 261هـ، وأصحاب السنن، ووالإمام الطبري المتوفى 310هـ، والحافظ أبي بكر الخلال المتوفى 311هـ، والإمام الآجوري المتوفى 360هـ في كتابه الشريعة، والإمام البربهاري المتوفى 329هـ، وابن منده المتوفى 395هـ، والإمام عبد الله بن بطة المتوفى 387هـ والإمام الللاكائي المتوفى 418هـ مروراً بالإمام ابن قدامة المقدسي المتوفى 620هـ، وشيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى 728هـ وتلميذه ابن القيم المتوفى 751هـ، وابن رجب الحنبلي المتوفى 795هـ وغيرهم من خيرة علماء الأئمة..
كما أن العرب كانت تستعير بعض ألفاظ كانت تستعمل للحيوان أو النبات وغيرها وتستعملها في مواضيع لها دلالة لدرجة أن الناس تنسى الأصل اللغوي للكلمة مثل كلمة "حكمة" وحكيم وحاكم ويحكم؛ مأخوذة من حكمة الفرس التي توضع على فمه كاللجام.. وكما في كلمة "كظم" كما في قوله تعالى (والكاظمين الغيظ).. فكظمت السقاء: أي ملأته وسددت عليه.. والكظامة ما يسد به مجرى الماء.. وكظم البعير جرته أي ردها في جوفه وهكذا .. وكتب الأصول والتفسير مفعمة بهذه الشواهد اللغوية.
هكذا نستطيع أن نقول إن لفظ "تيار" رغم أنه مستعار من تيار الهواء أو الماء أو الكهرباء وغيرها!
فإنه يشير إلى أن التيار فكر حيوي متجدد متحرك يجمع تحت رايته؛ جماعة تؤمن بوحدة فكرية تبغي نشرها، وتطبيقها على أرض الواقع.. فهذا تيار ينادي بالوحدة الفكرية التي ذكرناها في بياننا الأول والبيانات التي تليه بإذن الله تعالى. وهذه هي المرحلة الأولى وهي نشر البيان العقدي والتأكيد على الوحدة الفكرية لمن يريد أن ينضم إلينا أو حتى الذي يكتفي بنشر نفس المبادئ التي ننادي بها؛ وإن لم ينضم إلينا! فنحن في حاجة إلى المزيد من نشر الوعي العقدي والسلوكي بين أبناء أمتنا!!
ثم عندما تستقر الأوضاع في مصر بمشيئة الله تعالى لعل الله تعالى يهيئ الله لهذه الأمة من ينفذ هذه الوحدة الفكرية إلى وحدة عضوية عملية تراعى مبادي هذا التيار؛ الذي نأمل أن يجرف الانحرافات العقدية والفكرية والسلوكية في حياة المسلمين وليس ذلك على الله بعزيز.
(ب) أما الرد على من يتساءلون عن اختيارنا للفظ "السني":
إن اختيارنا لفظ التيار السني هو اختيار متعمد إذ قد يظن البعض أن مجرد الانتساب لأهل السنة صار المسلم سنياً خالصاً! نحن نعلم أن مصر ليس بها طائفة شيعية كبيرة بالمعنى الاصطلاحي!لكن في الآونة الأخيرة نجد أن مصطلح "سني" المقابل للشيعي، والخارجي، والمعتزلي، وغيرهم من الفررق والمذاهب! صار يتآكل! فالصوفية في مصر مثلاً بالملايين ومعظمهم يقدسون القبور كالشيعة! وإن كانوا يختلفون معهم في حب الصحابة! ومعظم الشعب المصري أقرب إلى الأشاعرة لعوامل كثيرة منها الأزهر كمؤسسة رسمية ولسنا بصدد تقويم الأشاعرة في هذا المقال..
لكننا نجد أن مصطلح أهل السنة في حاجة إلى تحرير وتطهير والعودة به إلى أصله كما وضعه سلفنا الصالح وعلماؤنا الأخيار!
فعلى سبيل المثال نجد أن جماعة منحرفة في الصومال تقاتل باسم جماعة أهل السنة والجماعة وهي جماعة قبورية صوفية متحالفة مع الحكومة العميلة والاتحاد الإفريقي والقوات الأثيوبية!! فليس كل من زعم أنه من أهل السنة صار منهم وسلمنا له! فهذه ألقاب ومصطلحات في غير موضعها!
وما كلُ مخضوب البنان بثينةٌ ** ولا كلُ مسلوب الفؤاد جميلُ
وحتى الجماعات السلفية العلمية التي غيرت وبدلت؛ أقصد معظمها؛ اكتفت بالحشو النظري وحفظ المتون والهدي الظاهر؛ ولا نقلل منها ولا من الهدي الظاهر وشعائر الإسلام (ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (الحج آية: 32).. لكنهم حبسوا تعالم الإسلام في المسجد! واكتفوا بحفظ متون أهل السنة وشروحهم في العقيدة! لكن هذا العلم لم يظهروه واقعاً تطبيقياً! ليكون مضرب الأمثال في الأسوة الحسنة، وليكونوا بحق أتباع السلف الصالح؛ الذين كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويجاهدون حكام زمانهم بأسلحتهم وألسنتهم وأموالهم! إذن لا بد من العودة إلى مصطلح أهل السنة ونشره وتفهيمه لعوام المسلمين بطريقة صحيحة ونقية.
(ج) الاعتراض على كيف لرجلين خارج مصر يقودان تياراً:
يردد البعض هذه المقولة ازدرءا وسخرية بنا.. ويتعجبون! كيف لرجلين يعيشان خارج مصر يقودان تيارا؟! .. فقبل أن نجيب نذكر المعترضين بما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ "عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِىَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِىَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِىَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ"أهـ.. سبحان الله الأنبياء المصطفون الأخيار المبلغون عن رب العالمين المعصومون يبعثون يوم القيامة ويأتي أحدهم ومع الرهيط وأحدهم ومعه الرجلان وأحدهم وليس معه أحد!!.. اللهم لا تعليق!
يعلم الله تعالى أننا نعيش بأرواحنا وأفئدتنا بين أهلينا في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي نتألم لآلامهم ونهتم بأمورهم كواجب شرعي؛ وليس فضولاً أو ترفاً والعياذ بالله!
فنحن من أبناء هذه الأمة ونحن كالجسد الواحد؛ تصداقاً لما رواه البخاري في صحيحه وبسنده عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: " يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِى تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ». وفي سنن النسائي: بسند صحيح عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِى عَهْدِهِ ».
نعم لقد حرمنا من التواجد بأجسادنا في بلادنا لنشارك المسلمين في ثورتهم على الظلم، لا بإرادة منا! لكن حسبنا أننا نؤمن بقول ربنا (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن: آية 16)..
فهذا ما استطعنا وهذه قدرتنا ولا نملك إلا الكلمة والدعوة إلى الحق وقد وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله كما في سنن أبي داود بسند صحيح: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ » .. فنحن لا نملك سلاحاً إلا ألسنتنا وأقلامنا! نسأل الله أن يستخدمنا لنصرة الإسلام والذب عن حياضه.
ثالثاً: لماذا لم ننضم إلى الجماعات والحركات القائمة:
تساءل البعض لماذا التشرذم والتفرق؟! فالساحة مكتظة بتيارات، وحركات وجبهات إسلامية كثيرة! فلم لم تنضموا إلى واحد ة أو أكثر في حلف واحد؟!
نقول وبالله التوفيق: إن الله سبحانه وتعالى يقول فيمحكم التنزيل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)(آل عمران:103)
أقول: فالله يأمرنا بالاعتصام بحبل الله وليس بحبل الناس! فهذه الجماعات والكيانات القائمة الآن في مصر تعلن استمساكها بحبائل الناس! والناس معروفون لنا! وهم العسكر القائمون على سدة الحكم في مصر! فأي تحالف هذا الذي سنتوحد معاً فيه! فإذا قبلنا ما فيهم من منكر يقترفونه فنحن شركاؤهم في الإثم (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) (المائدة: آية (78).. وإذا لم نأمر بالمعروف ونهى عن المنكر كما ورد في القرآن والسنة الصحيحة.. فلا خير فينا! فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِى تَهَابُ الْظَالِمَ أَنْ تَقُولَ لَهُ إِنَّكَ أَنْتَ ظَالِمٌ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ ».
فإذا لم نقم بهذا الواجب الشرعي نكون قد خدعنا أنفسنا ودلسنا بل وكذبنا على أمتنا وقبل كل شئ نكون والعياذ بالله قد خنا أمانة التبليغ عن رب العالمين.
فكيف نتحالف مع جماعةصارت عندها الدعوة للحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى مطلباً يستحي المسلم الجهر به! والعياذ بالله!! فإذا ذكر مناة واللات! إذا ذكر هبل! إذا ذكر الدستور الورقي! الذي يعبث به كل طاغية! ترى الفصاحة والبلاغة والحماسة تقطر من أفواههم! وإذا ذكر الإسلام وللأسف لم يذكر إلا على استحياء! تجد العي .. والتلعثم! والتبلد! والحيرة والتيه! والاشمئزاز في حديثهم! (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) الزمر آية 45.
شيخ السلفية الديمقراطية أنموذجاً:
كيف نتحالف مع جماعات تؤمن بهذه الأفكار والآراء المشينة التي لا تخرج من دماغ موحد بحق! أنظروا إلى شيخ السلفية الديمقراطية! الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حواره المهترئ مع جريدة الوطن الكويتية بتاريخ 11 ـ 1 ـ 2012م وهو أنموذج للانحراف العقدي والفكري وسقوط مخز ومذل لكبير قادة السلفية الديمقراطية! نعوذ بالله من الحور بعد الكور!
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد وفي صحيح الجامع من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أكثر منافقي أمتي قراؤها".. نعم قراؤها وهى كلمة جامعة قالها من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم.. فكلمة "قراء" قديما كانت تطلق عل حفظ كتاب الله وعلى العلماء لذلك نجد في كتب التاريخ حول الثورات والفتن التي حدثت في القرن الأول والذي بعده مثل فتنة ابن الأشعث وكان يقود ثورة من العلماء ضد الحجاج بن يوسف فكان الإخباريون يطلقون عليه فتنة القراء أو ثورة القراء! وبالطبع فكانوا من خيار علماء الأمة والتابعين في ذلك الوقت فقد ذكر الذهبي في السير: وقام مه علماء وصلحاء لله تعالى"أهـ أما ابن كثير فقد ذكر في البدداية والنهاية: "جماعة من القراء والعلماء"أهـ .. وذكر خليفة بن خياط في تاريخه عدداً من أسمائهم: كسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والشعبي، والمعرور بن سويد، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وعدد كثير.. فقد كان لهؤلاء الأخيار صولات وجولات حتى هزمهم الحجاج بن يوسف في معركة دير الجماجم سنة 82 هـ. الشاهد من ذكر حادثة ابن الأشعث أن لفظ القراء كان معلوما وكان يقصد به حفظة كتاب الله وأهل العلم! أما في عصرنا فشتان بين الثرى والثريا! فشتان بين القراء الذين خرجوا مجاهدين مع ابن الأشعث وبين القراء الذين خرجوا مجاهدين من أجل صناديق الإنتخابات الشركية!!
وقديماً قال الشاعر:
تكاثرت الظباء على خراش *** فما يدري خراشٌ ما يصيدُ
أقول: ليتها كانت ظباءً مثل ظباء خراش! لكنها ويا للحسرة فتن كقطع الليل المظلم! فنحن في هذا الزمان نتقلب من فتنة العلمانية وحربها الضروس على الإسلام إلى فتنة القومية والماركسية والناصرية والإشتراكية والإلحادية وأخيراً فتنة الشيوخ! وهي أخطرها لأنها تلبس على الناس أمر دينهم باسم الإسلام!!
ولنعد إلى أحد قراء زماننا ؛الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حواره المذكور آنفاً..
اقرأ وتعجب من كبير دهاقنة السلفية المجلسية الديمقراطية! إذ يصرح بأن أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشاداً!! حيث سأله الصحفي:
س: وإرعاب الناس بفرض الحجاب والنقاب كيف تراه؟
ج: كل أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشاداً وأن يترك للناس اتخاذ قراراتهم بالالتزام، أما أن تفرض النقاب أو الحجاب على جميع بنات ونساء مصر فهذا أمر غير مقبول لأنها قضية اختيارية في الأساس"!
أقول: سبحانك هذا بهتان عظيم!
الله تعالى يقول في كتابه العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النورآية 51.
الله تعالى يقول في كتابه الكريم: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) النساء آية 65.
وفي محكم التنزيل أيضاً: (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً)النساء آية 105
وهذا أمر رباني لنبيكم الكريم! (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة آية 49.
واقرأ هذه الآية الكريمة التي تفضح باطل هذا السلفي المفتري على رب العالمين: يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل في قاعدة عامة وحكم لكل مسلم: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب آية 36.
الله جل جلاله يقول "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"! وعبد الرحمن عبد الخالق يقول "قضية اختيارية"!! وليس هذا فحسب بل يفتي ويقول "من الأساس"! هل هؤلاء القوم قوم نتحالف معهم؟! أف لكم ولما تصفوون!
وانظر إلى قوله: "كل أحكام الإسلام ينبغي أن تكون دعوة وإرشادا"! يعني أحكام الإسلام؛ في رجم الزاني المحصن وجلد غير المحصن، وحد شرب الخمر، وحد الردة، والقصاص في النفس والأطراف، وأحكام التجسس مع أعداء الإسلام، والمستهزئ بالله وبرسوله، وحكم تارك الصلاة عمداً إذا سيق إلى القاضي المسلم!
فينبغي أن يترك وشأنه حسب مزاج رأي دهقان السلفية الديمقراطية!! يعني إسلام منزوع الأحكام، منزوع الولاء والبراء، إسلام منزوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
إسلام بوذي! مجرد دعوة وإرشاد وتأمل! حتى لا نغضب الشرق والغرب والعلمانيين واليهود ونصارى العالم الإسلامي في مصر وغيرها!
إسلام على طريقة المتحنثين قبل الإسلام كقس بن ساعدة وغيره فدعوتهم كانت مرحباً بها في قريش الوثنية لأنها لم تكن تطالبهم بتكاليف! مجرد دعوة وإرشاد وتأمل!!
لقد وصل شيخ السلفية اليدمقراطي إلى حالة الوجد الصوفي! ودرجة التوحد فمنح المسلمين صك البراءة من تبعة الأحكام الشريعة! فطالما الإسلام دعوة وإرشاد وتأمل وأحكامه اختيارية! فلم يتعب المسلم نفسه في الالتزام بهذا الدين! فمن شاء أن يكون يهودياً فليكن! ومن شاء أن يكون نصرانياً فليكن! ومن شاء أن يكون ليبراليا مرتداً فليكن! فلا تكاليف في الإسلام! والله نخشى أن تنزل علينا حجارة من السماء!!
يتبع....
__________________
  #2  
قديم 29-01-2012, 07:22 AM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي

وانظر أيضأً إلى قول شيخ السلفية البرلمانية في حواره مع جريدة الوطن الكويتية:
يقول دهقان السلفية البرلمانية عن صفة المترشح لرئاسة مصر أن يكون وطنياً!! أين الإسلام! فص ملح وذاب! ببركة اجتهاد شيخ السلفية الديمقراطية!!
يسأله الصحفي: س: "وما رأيك في المرشحين المحتملين للرئاسة الآن؟
ج: كلهم لا يصلحون لحكم مصر. فمصر تحتاج الى شخصية وطنية غير حزبية ولم تقفز على ميدان التحرير"أهـ
ثم يتزلف للعسكر قائلاً: "وثمة أمر اخر اريد ان اقوله ان في اعناق المصريين جميعم دينا عظيما للمجلس العسكري الذي حقن دماءهم وحمى مصر من الانزلاق نحو الفوضى والخراب، واستطاع ان يصل بالمصريين الى بر الامان ان شاء الله تعالى، وان يؤسسوا نظاما يقوم على الشورى والتعددية والاختيار الحر، وسيظل هذا الدين في اعناق الاجيال القادمة من المصريين، وعليهم ان يذكروه ويحمدوه. وعموما على كل الاحزاب ان تطرح مشروعا لانقاذ مصر"أهـ
أقول: الذي لا يعلمه شيخ السلفية الديمقراطي أن الجيش تدخل لينقذ نفسه بعد أن رأى بأم عينه أن المارد خرج من قمقمه..
وأن التذمر بدأ في وحدات الجيش وانضم بعض الضباط من الرتب المتوسطة للثورة والتحموا مع الجماهير ورأينا بعضهم يحمل على الأعناق!
فماذا عسى عواجيز المجلس العسكري! أن يفعلوا إلا أن يكبحوا الموجة ويعلنوا خلع الطاغية تحت زئير الجماهية الثائرة في كل محافظات مصر وليس في التحرير وحده!
ولو افترضنا أن العسكر كان قد اتخذ قراراً بضرب الجماهير! فمن الذي سينفذ هذه الأوامر ويقوم بمذبحة جماعية؟! هل عواجيز العسكر؟!
بالطيع لا. فالذي يسنفذ الأوامر بعض الضباط من الرتب العالية ومعظم الرتب المتوسطة والصغيرة! وفي هذه الحالة فإن مصير العسكر سيكون مرهوناً لهؤلاء الضباط الأقل رتباً!
وسيتفقون في النهاية على اعتقال قادة المجلس العسكري وإعلان انقلاب عسكري وستصفق لهم الجماهير! وسيضغط الغرب لتحقيق مصالحه!
وهذا ماحدث فعلاً حيث ضحت أمريكا والغرب بعميلهم الخائن الطاغية المخلوع في مقابل أن يقوم عواجيز المجلس العسكري وهم حلفاء أمريكا والغرب بحماية وتحقيق مصالحهم!
وهذا ماحدث بالفعل! فالعسكر لم ينضموا للثورة حباً فيها ومروءة نزلت عليهم فجأة من السماء!! بل إنهم اضطروا حماية لأراوحهم، وخشية أن يكون مصيرهم كمصير كبيرهم الذي علمهم الظلم والفساد!
ولا يزال شيخ السلفية الديمقراطية يردد ما يشيعه العسكر: لولا العسكر لكان مصيرنا مثل سوريا واليمن وليبيا!!
والقاصي والداني ومن لديه أدنى معرفة بأحوال الأمم والدول يعلم أن الحالات المذكورة لا تمت لدولة المؤسسات الحديثة بصلة..
فالولاء في اليمن لقيبلة ولعشيرة على عبد الله صالح وبعض المتحالفين معه بني الأحمر الذين لايزال بعضهم مستمسكاً بتحالفه معه!
أما في ليبيا فأين هذه الدولة؟! جيش من المرتزقة اشتراه القذافي بأموال الأمة! فالولاء كان للقذافي وعائلته! ولم يكن هناك جيش بالمعنى الاصطلاحي الحديث!
وأما سوريا فحكومة نصيرية متحكمة في الجيش والمخابرات والسياسة والاقتصاد والإعلام! فتحالف هذه الطائفة تحالف عقدي حياة أو موت! فلا يوجد جيش احترافي بالمعنى الاصطلاحي بعد أن باعه ودمره حافظ الأسد وطائفته على مدار أكثر من أربعين سنة!
فلو كان عواجيز المجلس العسكري لديهم هذا الولاء كما في سوريا واليمن! لما تورعوا في اقتراف المجازر ضد الشعب المصري المسلم لأنهم يعلمون أن ولاء معظم العسكر لهم بحكم ولائهم الطائفي مثلاً!
ويستمر شيخ السلفية الديمقراطية: (العفو عن الطاغية) بطاماته الاستفزازية لمشاعر من اكتووا بنيران حسنى المخلوع وأركان نظامه حيث يطالب الرئيس المصري بأن يكون أول قراراته العفو عن الطاغية حسني وأركان نظامه!! اقرأ ما جاء في حواره:
"س: ما اول قرار ينبغي ان يصدره رئيس مصر القادم في رأيك؟
ج: ارجو ان يكون اول قرارات الرئيس القادم العفو عن حسني مبارك واركان نظامه. فالادعاء يطالب باعدام مبارك لكني ارجوهم ان يعفوا عنه كي نحافظ على وحدة البلد ولحمته. فاذا قتلنا واعدمنا وملأنا السجون والمعتقلات بهؤلاء فسيقع شرخ في الامة لن ينتهي. فالفرصة متاحة الان للملمة الشعب المصري ولن يكون هذا الا بالعفو، ولكن لا عفو عن مبارك واركان نظامه الا بعد ادانة المحاكم لهم على ما ارتكبوه وبعد استرداد اموال الشعب المصري التي نهبوها"أهـ
أقول: الله أكبر! العفو عن الطاغية المخلوع القاتل للمسلمين في مصر وفلسطين والعراق وأفغانستان والسودان!
حسني مبارك الذي دك جزيرة أبا في السودان بحمم القنابل! وضرب الأبرياء في ليبيا إبان النزاع بين السادات والقذافي!!
خيرة شباب وشيوخ ونساء وأطفال مصر الذين قتلهم ليس في الثورة المصرية الأخيرة فقط بل على مدار أكثر من ثلاثين سنة!
بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمشوهين وفاقدي الأعين والأطراف!! يطلب شيخ السلفية الانهزامية الديمقراطية أن يعفو الرئيس القادم لمصر عن حسني مبارك! وليس حسني مبارك فقط بل لكبار قادته من السفاحين وكبار القتلة كوزير الداخلية حبيب العادلي ورئيس مباحيث أمن الدولة حسن عبد الرحمن، الذين كانوا يغتصبون الحرائر في مقار أمن الدولة؛ بل كانوا يغتصبون أطفال ونساء المجاهدين كما في مصر والسودان واليمن وباكستان وغيرها!!
فهل يملك الرئيس القادم أو حتى خليفة المسلمين ولو كان أتقى الأتقياء! أن يعفو في قصاص أو أطراف وولي الدم أو المجني عليه على قيد الحياة؟!!
هذا حق أصيل لولي الدم ولأهل القتيل وللمجني عليه في جارحته وأطرافه! هو وحده الذي يملك العفو أو يطالب بالقصاص أو الدية!!
أي دين هذا يا شيخ السلفية الديمقراطية! هنئياً للبراليين والعلمانيين ولليهود والنصارى وسائر الملل غير المسلمة بك وبآرائك!
فلم يكتف هذا الرجل السلفي الديمقراطي بتمجيد التجرية العلماني الأوردغانية التركية وجلعها مثلاً يحتذى به كما في حواره! بل إنه يفتخر بأنه منذ أربعين سنة وهو يدعو إلى دين الديمقراطية ويفتخر بذلك ويقول في حواره المذكور عندما سأله الصحفي : " س: ماذا قلت للسلفيين في مصر كي يتغيروا كل هذا التغيير؟
ج: الححت على الاخوة في مصر بان الباب قد فتح لهم، ولابد ان يدخلوا في هذا المجال الذي اصبح مهيئا لانتخابات نظيفة. والحمد لله بادروا وكانت هذه النتائج الطيبة وقد تواصلت معهم فكريا وسياسيا فقرأوا ماكتبت وقد ناشدتهم بالله ان يشاركوا في الانتخابات وان يبادروا الى تكوين احزاب اسلامية سياسية. وقد فعلوا سواء اكان حزب النور ام بقية الاحزاب السلفية ومازلت اتواصل معهم"أهـ
أقول: الرجل يفتخر بأنه أول من أسس للباطل وكتب ونشر وألح للسلفيين على قبوله!
لقد صدق من أطلق عليه "بولس الحركة السلفية"!! فكما خرب بولس النصرانية .. ها نحن أولاء نرى في أيامنا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يخرب الحركة السلفية! بولس السلفية نسخة معاصرة! ولله في خلقه شؤون!
أقول: بعد ما ذكرناه حول انسلاخ السلفية من مبادئها وهم أقرب المعاصرين إلى الاستمساك بالهدي الظاهر والزعم بالسير على خطى السلف الصالح!!
فمن هي الحركة الإسلامية أو الكيان الإسلامي في مصر نستطيع أن تحالف معه!
هل نتحالف مع إسلاميي الفلول! هل نتحالف مع من سقطوا في حمأة التراجعات المشينة إبان حكم المخلوع! ثم بين عشية وضحاها نرى كتبة تقارير أمن الدولة ثواراً يؤسسون حزباً إسلامياً؟
هل هؤلاء يتحالف أو يتحد معهم! وقد صارواً عبابيد العسكر وحلفاء أعداء الإسلام!!
فكيف نتحالف مع جماعة ترى العزة في التغيير عبر البرلمان؟! كيف نتحالف مع قوم يرون العزة في الدعوة لمجلس تشريعي ينازع رب العالمين في حاكميته؟!
كيف نتحالف مع حركة ترى العزة في التزلف للعسكر وتلبس على الأمة بأن العسكر خط أحمر!
كيف نتحالف ونتحد مع جماعات اتخذت من الخارجين على الشريعة أولياء وأنصاراً بل وبطانة من دون المؤمنين؟!
من أجل ماذا أيبتغون عندهم الرفعة والعزة والمنعة والقوة؟!
فهل نتحالف مع هذه الجماعات وإن صرحت بأنها إسلامية والله تعالى وضح حذرنا وأنذرنا وفي نفس الوقت ووضح لنا طريق العزة في قوله سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا) النساء آية 139.
رابعاً: التغيير عن طريق البرلمانات وهم وخداع:
نعم إن السير في دروب المنظومة الديمقراطية وآلياتها وألاعيبها ولوزامها سيترتب على ذلك أخطار جسيمة على سبيل المثال: تمييع مفهوم الولاء والبراء، والقضاء على مفهوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتهوينه في صدور المسلمين.

الخطر الأول: تمييع مفهوم الولاء والبراء:
إن أخطر ما في دعوة المجلسيين من إخوان وسلفية ومن يسلكون طريقهم.. هو الدعوة إلى إماتة العمود الفقري للشريعة الإسلامية؛ عقيدة الولاء البراء! فلازم دعوة هؤلاء المجلسيين البرلمانيين؛ إماتة المصطلحات الشرعية مثل: مؤمن .. كافر .. منافق .. فاسق .. ولاء وبراء .. جهاد .. مجاهد .. ردة .. كفر .. أهل ذمة .. وإحلال مفهوم الوطن والمواطنة بالمعنى القومي الحديث في أوروبا محل ولاء العقيدة والدين. ومن ثم ظهر مصطلحات في القاموس الإعلامي اليومي: مواطن .. مصر للمصريين .. الخلاف مع الآخر .. المصرية أولاً وأخيراً .. مصر فوق الجميع .. وهكذا!.. وقد سبقهم في ذلك الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي المتوفى 1290هـ ـ 1873م حيث كتب في مفهوم الوطن والوطنية؛ وقد سلطنا الضوء على هذه اللبنات العلمانية الأولى في كتابنا منذ عشرة أعوام بعنوان "دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية" وقد مات الطهطاوي لكن أفكاره لم تمت!
وماذا عسى هؤلاء المجلسيون أن يقولوا لربهم يوم القيامة وهذه الآيات تفضح دعواهم التي يأخذون الأمة إلى طريق التخلي عن أس عقيدة الإسلام: الولاء والبراء .. الحب في الله والبغض في الله:
إن الحنين إلى الديار أمر فطري لاجناح عليه، ولايتناقض وعقيدة الولاء والبراء في الإسلام، لكنه في حالة تعارض الولاءات، قدم ولاء العقيدة والإسلام على ولاء الأرض؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم رغم حبه لمكة قدم ولاء العقيدة على ولاء الأرض والدم ومن ثم انتصر ولاء العقيدة على ولاء الوطن، ومن قبل فعل نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما تعارض ولاء الأبوة والرحم مع ولاء العقيدة قال الله تعالى: (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) التوبة آية 114.
وقال تعالى: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده)الممتحنة آية 4.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: " يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه" أي وأتباعه الذين آمنوا معه "إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم" أي تبرأنا منكم "ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم" أي بدينكم وطريقكم "وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا" يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم ما دمتم على كفركم فنحن أبدا نتبرأ منكم ونبغضكم "حتى تؤمنوا بالله وحده" أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد"أهـ
وفي تشخيص الحالة التي يعيشها المسلمون اليوم يقول الأستاذ الشهيد نحسبه كذلك سيد قطب في ظلال القرآن الكريم حول آية سورة الممتحنة المشار إليها: " وينظر المسلم فإذا له نسب عريق , وماض طويل , وأسوة ممتدة على آماد الزمان . وإذا هو راجع إلى إبراهيم لا في عقيدته فحسب بل في تجاربه التي عاناها كذلك. فيشعر أن له رصيدا من التجارب أكبر من رصيده الشخصي وأكبر من رصيد جيله الذي يعيش فيه. إن هذه القافلة الممتدة في شعاب الزمان من المؤمنين بدين الله الواقفين تحت راية الله قد مرت بمثل ما يمر به، وقد انتهت في تجربتها إلى قرار اتخذته. فليس الأمر جديدا ولا مبتدعا ولا تكليفا يشق على المؤمنين . . ثم إن له لأمة طويلة عريضة يلتقي معها في العقيدة ويرجع إليها , إذا انبتت الروابط بينه وبين أعداء عقيدته . فهو فرع من شجرة ضخمة باسقة عميقة الجذور كثيرة الفروع وارفة الظلال. . الشجرة التي غرسها أول المسلمين . . إبراهيم (عليه السلام)" أهـ
ويستمر صاحب الظلال في حديثه حول آية الممتحنة بقوله: " مر إبراهيم والذين معه بالتجربة التي يعانيها المسلمون المهاجرون. وفيهم أسوة حسنة: (إذ قالوا لقومهم:إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم، وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده). .
فهي البراءة من القوم ومعبوداتهم وعباداتهم. وهو الكفر بهم والإيمان بالله. وهي العداوة والبغضاء لا تنقطع حتى يؤمن القوم بالله وحده. وهي المفاصلة الحاسمة الجازمة التي لا تستبقي شيئا من الوشائج والأواصر بعد انقطاع وشيجة العقيدة وآصرة الإيمان. وفي هذا فصل الخطاب في مثل هذه التجربة التي يمر بها المؤمن في أي جيل. وفي قرار إبراهيم والذين معه أسوة لخلفائهم من المسلمين إلى يوم الدين"أهـ
أقول: وقد كان هذا منهج الصحابة رضوان الله عليهم؛ ففي غزوة بدر تباينت الولاءات، وتمايزت البراءات، فالمهاجرون يقاتلون آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وعشيرتهم من المشركين، وهم بنو وطن واحد، وعشيرة واحدة، بل وعائلة واحدة، فهذا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه يقتل أباه، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقتل خاله، فانتصر ولاء العقيدة على ولاء القرابة والدم والأرض.
وهذا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي كان حليفاً لليهود يعلن ولاءه لله ورسوله ويتبرأ من حلفائه من يهود بني قينقاع الذين غدروا ونقضوا عهدهم إذ يعلن على الملأ براءته من حلفائه من يهود مظاهرة لله ورسوله قائلاً: (يا رسول الله إن لي موالي من يهود كثير عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله).
هكذا عندما تعارضت مصلحة العقيدة مع المصلحة الشخصية قدم عبادة بن الصامت ولاء العقيدة وأسقط تحت قدميه ولاء المصلحة الشخصية.
يقول الله سبحانه وتعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)المائدة آية 55.
فالآية واضحة في تحديد من يكون له الولاء والمودة؛ وهم الله ورسوله، والمؤمنون.
وفي محكم التنزيل أيضاً: (ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء، واتقوا الله إن كنتم مؤمنين، وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)المائدة آية 57 ـ 58.
وانظر إلى الحرب الشعواء في وسائل الإعلام المصرية التي يشنها نصارى مصر ويتحالف معهم من يطلقون على أنفسهم "ليبراليون وعلمانيون"! من استهزاء وسخرية بالإسلام وأهله بل إعلان عداوتهم لمسلمي مصر والتحريض على حربهم والاستقواء بأمريكا والغرب! فبدل أن يتبرأوا منهم! يتحالف المجلسيون الإسلاميون معهم ويوالونهم ويتزلفون إليهم بغية إرضائهم!
لقد خاض الصحابة رضوان الله عليهم بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ستين معركة حربية ما بين غزوة وسرية، وقد أوصلها الحاكم إلى مائة كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح في شرحه لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عندما سئل (كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة) ابن حجر: فتح الباري /دار الفكر/بيروت/1414هـ /ج8 ص3 إلى ص6. وقاد الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه حوالي 28 غزوة كما جاء في مرويات السيرة النبوية.
أقول: الشاهد مما سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاض كل هذه المعارك سواء بنفسه أو من خلال تعيين قائد من أصحابه مع قومه وعشيرته باستثناء سرية مؤتة 8هـ، وغزوة تبوك 9 هـ، حيث كانتا موجهتين لقتال الروم وكان ذلك في المدينة المنورة. فإذا استعرضنا جانباً من الغزوات والسرايا سنجد معظمها موجهة إلى قريش وحلفائها من أهل الشرك ومن بعض القبائل المشركة التي كانت تحيط بالمدينة ولها تحالف أيضاً مع قريش! وقريش كما نعلم هم قبيلة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أعمامه وبنو عشيرته وهم الذين عاش وتربى معهم في فيافي وجبال مكة وربوعها وكذلك أصحابه رضوان الله عليهم! ولم ترد رواية صحيحة أو حتى ضعيفة أو موضوعة تذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لا يقتل القرشي القرشي)!! (ولا يقتل المكي المكي) (ولا يقتل المدني المدني)!! ولم يرد في رواية صحية أو حتى موضوعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (دم المكي مقدس وحرام)!! (ولم يقل دم المدني مقدس وحرام) ولم يرد في رواية صحيحة ولا موضوعة أن الرسول ذكر مصطلح (الوحدة الوطنية)!! التي حلت محل ولاء العقيدة في عصرنا المنكوب بعلمائه المنهزمين عقدياً!!
بل إننا نلاحظ أن الإسلام حرص على تطهير الصف الإسلامي المؤمن في غزوة أحد 3 هـ وقد أكد هذه الحقيقة القرآن الكريم في سورة التوبة (براءة) وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم كما أنها سورة مدنية تسمى أيضاً في كتب التفسير الفاضحة، والكاشفة، وسورة العذاب، والمقشقشة أي المبرئة من النفاق، وهي المبعثرة التي تفرق المنافقين وتشتت شملهم وتبعثر أسرارهم.. (راجع مقالنا الموسوم بعنوان: العدو القريب محاولة لتشخيص أحد أمراض الأمة).
وفي مسند أحمد بسند صحيح في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: قَالَ كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَىُّ عُرَى الإِسْلاَمِ أَوْثَقُ ». قَالُوا الصَّلاَةُ. قَالَ « حَسَنَةٌ وَمَا هِىَ بِهَا ». قَالُوا الزَّكَاةُ. قَالَ « حَسَنَةٌ وَمَا هِىَ بِهَا ». قَالُوا صِيَامُ رَمَضَانَ. قَالَ « حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ ». قَالُوا الْحَجُّ. قَالَ « حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ ». قَالُوا الْجِهَادُ. قَالَ « حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ ». قَالَ « إِنَّ أَوْسَطَ عُرَى الإِيمَانِ أَنْ تُحِبَّ فِى اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِى اللَّهِ ».
أقول: وهل يظن هؤلاء التعساء أن حكم الجاهلية؛ أن الدساتير والقوانين الوضعية أنفع لهم في حياتهم؟! وأحكم من حكم رب العالمين!! سبحانك هذا بهتان عظيم! (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائة آية 50.
فماذا عسى عباد المجالس التشريعية أن يجيبوا على هذه الآيات والأحاديث؟! لقد أراحهم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وقال لهم: كل الأحكام الشرعية ينبغي أن تكون دعوة وإرشاد!!

الخطر الثاني: تمييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يقول الله تعالى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) المائدة آية: 78)
وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهِ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ ». ثُمَّ قَالَ (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) إِلَى قَوْلِهِ (فَاسِقُونَ) ثُمَّ قَالَ « كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَىِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا ».
ويريد الإسلاميون المجلسيون أين يحرموا الأمة من هذه الخيرية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ آل عمران آية: 110)
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحض أمته على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ».
بل إن الشرع حذر من يأمر بالمعروف ولا يأتيه ومن ينهى عن المنكر ويأتيه: كما في صحيح البخاري: « يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِى النَّارِ ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ».
أقول: هكذا فإن القرآن الكريم والسنة النبوية قد عظم مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. أما من ينهي عن المنكر في عصر الحقبة المعلمنة للإسلام فإن فعله مجرم حسب القانون الوضعي الذي يحلل ويحرم وينظم سلوك الناس الحياتي!! وسن تشريعات تجرم من يفعل أشياء معينة وإن كانت تناقض نصاً قرآنياً أو حديثاً نبوياً صحيحاً!! أو معلوماً من الدين بالضرورة!..
فمن أرد أن ينكر ولو بالكلمة ولو بكتابة مقال أو حديث إذاعي أو مرئي أو في خطبة جمعة! أو بأي وسيلة أخرى!! فما على المنكر عليه! إلا أن يلجأ للنائب العام أو ضابط الشرطة بتحرير محضر أو رفع دعوى سب وقذف أو تحريك دعوى عمومية بالتحريض على القتل أو الكراهية مستنداً ومتسلحاً بمواد قانونية؛ سنها المجلس التشريعي الذي صار صاحب التحليل والتحريم!!
ففي هذه الحالة تستدعي الشرطة أو النيابة العامة هذا المحتسب ولو كان شيخ الإسلام ولو حاججهم بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة!! فإنهم لن يلتفتوا إليه ولن يصغوا إلى دفاعه وسيحاكمونه بمخالفة قوانين الدولة وحكم عليه القاضي عقوبة ثم زجوا به في السجن أو أجبروه بدفع غرامة!!
رغم أنه البرئ صاحب الحق وصاحب الحجة الشرعية!! لكن كل هذه الحجج لا قيمة له عندهم! لأن السلطة المخولة بالتحليل والتحريم هي مجلس الشعب! وما على السلطتين التنفيذية والقضائة إلا تطبيق القانون ول كان قانون أبي جهل!! (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)
فالله تعالى يقول في كتابه الكريم: (ألا له الخلق والأمر. تبارك الله رب العالمين) الأعراف 54. فكما أن الله هو الخالق فهو أيضاً صاحب الأمر والسلطان! ..
لكن هؤلاء المجلسيين يفتئتون على خصوصية الله في التحليل والتحريم ويشرعون بما لم يأذن به الله! إذن فهم قد ألهوا أنفسهم! وإن زعموا خلاف ذلك!..
إن عقيدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي الضامن لاستقامة أمر هذه الأمة على الإسلام.. وهي الضامن لحماية الرعية من بطش حكامها! .. وهي الضامن للأمة في مراقبة السلطات وتقويم اعوجاجها إذا انحرفت عن طريق الإسلام!!
إن التهوين من أمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتخويف الناس منه هو وسيلة الكسالى الذين يستبدلون صناديق خشبية أو زجاجية أو ورقية أيا كانت المادة المصنوعة منها بغية التغيير السهل وهم على الأسرة! بوسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الصافية النقية المنضبطة شرعاً..
إذن فوسيلة صندوق الاقتراع هي وسيلة الكسالى الراضين بالقعود في كنف حاكم ظالم خارج عن شرع الإسلام! ..
كما أن وسيلة التغيير عبر الدخول في البرلمانات والعمل الحزبي ولوازم المنظومة الديمقراطية! ثبت أنها سراب بقيعة! حيث لم يثبت في العالم المعاصر أن الشريعة الإسلامية جاءت عن طريق البرلمانات.. أو العمل الحزبي والرضا بمزايا المنظومة الديمقراطية قد غير حاكماً واحداً في العالم الإسلام!
ودليل ذلك الذين ارتضوا التماهي في لعبة الديمقراطية والتعددية الحزبية وأخواتها! ماذا كان مصيرهم! كما في تجربة جبهة الانقاذ الجزائرية وانقلاب العسكر عليهم!! أما التجارب الأخرى في باكستان وتركيا والأردن ومصر!! ما هي إلا تشوهات في وجه الإسلام الحقيقي! ووصول جماعات منسلخة عن ثواب الدين كما في تركيا الأردغانية التي يعتبرها الإسلاميون المجلسيون الأنموذج الذي يجب الاقتداء به!! بئس الطالب والمطلوب!!
أما التغيير عبر ثورة الجماهير وتظاهراته العارمة في وجه الطغاة فقد تحقق في غضون أسابيع معدودات؛ تغيير نظام طاغية تونس وهروبه! وخلع طاغية مصر وسجنه!
في حين لم تستطع كل أحزاب الدنيا ومن صدعونا بقبول المنظومة الديمقراطية! تغيير حاكم وإقالته عن سدة الحكم! وصدق مثلنا العربي: "لا يفل الحديد إلا الحديد!
أما بيع الأوهام للناس من خلال الصناديق! فهي وسيلة من ران على قلوبهم حب الدنيا وكراهية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
وهكذا.. فإن تجربة ما حدث في تونس ومصر شاهدة على تهافت الإسلاميين المجلسيين! فالشارع المصري خلع الطاغية، ولم يخلعه هو وأركان نظامه بألاعيب المنظومة الديمقراطية ولا بآلياتها! فحكومة شرف تم تغيرها بسبب مليونة 18 نوفمبر 2011 رغم مقاطعة الإخوان والسلفيين لها!! .. بل إن عواجيز العسكر اضطروا العسكر أن يحددوا موعداً لانتخابات رئيس الجمهوية بعد أن كانوا يشيعون أنهم سيؤجلونها إلى عام 2013م ..
فهؤلاء المجلسيون عباد الصناديق! وصل بهم الانحراف أنهم يخجلون من جعل الإسلام الشعارالوحيد لهم فتراهم يقولون .. الحرية أولاً .. العدالة أولاً .. الخبز أولاً .. وكأن الإسلام العظيم لا يدعو إلى الحرية والعدالة وإطعام الناس.. الإسلام ومقاصده الكبرى تلكم المقاصد التي تفخر البشرية بها؛ من حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال. فهل صار الإسلام مرضاً يفر المرء منه أو يستحيا أن يذكر وحده!!
(أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) البقرة 61.
وهل يظن ظان أن الله ينصر الكسالى والمتبلدين والقاعدين عن نصرة دينهم؟! فاقرأوا إن شئتم: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) الرعد آية 11. نعم إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم! فقد هداهم ووفقهم لهذه الإرادة في التغيير وإنكار المنكر! فإذا غيروا وانتصروا على عدوهم! فبفضل الله وحده!
فلولا فضله سبحانه وتعالى ما انخلع طاغية! اقرؤوا إن شئتم كلام ربكم لنبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في محكم التنزيل: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) الأنفال آية 17.فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم أطهر البشر وأصدقهم وأتقاهم وأورعهم؛ يعلمه ربه بأن ينسب الفضل لله وحده (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)..
إما الاحتجاج بقصة العجز وعدم القدرة على مواجهة العسكر ..والاستشهاد بقوله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: آية 286) فقد ثبت أن الشعب المصري في وسعه الخروج في الميادين العامة وافتراش الطرقات والعصيان المدني .. وهي كتلة بشرية ضخمة أقوى من أي قنبلة مادية تقليدية! فأي جيش هذا الذي سيدك هذه الجموع الغفيرة بالحمم والقنابل؟! وأي مصفحات هذه التي ستقتحم غابات من سيقان بشرية؟!
صفوة القول
هكذا بعد هذا التطواف حول تساؤلات البعض وانتقادات الآخرين فإننا نؤكد على أننا نرى أن التيار السني لإنقاذ مصر هو تكتل دعوي وليس جماعة أوحزباً سياسيا بالمعنى الإصطلاحي المعاصر.. نريد من خلال هذه التيار أن ننقذ مصر وبلاد المسلمين من الانحراف العقدي والإخلاقي والإجتماعي والإقتصادي.. وتطهير كافة المناحي الحياتية بقدر المتسطاع انطلاقاً من قوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن:آية 16)..
نريد أن نحمي وحدة المسلمين والدعوة إلى إحياء مبادئ الإسلام الكبرى كالولاء والبراء الذي تم تمييعه عبر شيوخ الاستسلام للباطل!
نريد حماية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من التآكل والانقراض على أيدي الإسلاميين المجلسيين ومن على شاكلتهم! ..
نريد أن نستظل بحكم الشريعة الإسلامية وننعم بها كما عاش وارتاح ونعم بها سلفنا الصالح!
لقد ثبت شرعاً وواقعاً فشل وتهاوي تغيير الحكومات الجاثمة على صدر العالم الإسلامي بألاعيب المنظومة الديمقراطية! لقد ثبت فشل هذه التجربة المريرة التي مزقت العالم الإسلامي!
فالآليات ووسائل الوصول إلى حكم الإسلام عبر هذه المنظومة الديمقراطية ما هي إلا مكر وخداع يتناقض والإسلام كمنظومة متكاملة فريدة..
كما أنها تناقض الله تعالى في سنته في خلقه في الصراع بين الحق والباطل وأن الباطل لن يستسلم للحق إلا بعد صراع مرير ثم يدمغه الحق فيزهقه تصداقاً لقول ربنا في محكم التنزيل: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)(الأنبياء: آية 18).. وهل نغفل عن ديمومة الصراع (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) البقرة آية: 217)
وإن أراد عباد المجالس أن يموهوا على طبيعة الصراع وأن يظنوا أنهم السواد الأعظم نظراً لأغلبية حسابات الصناديق! فكل ما يقومون به من تزيين الباطلفلن يغني عنهم من الحق شيئاً!!
فهذا دين الله لن يموت الإسلام بتخاذل عباد المجالس وشيوخ فتنة الديمقراطية!
فلا تزال عصابة مؤمنة من أبناء هذه الأمة قائمة على نصر هذا الدين في كل مكان..
وستظل إلى قيام الساعة كما جاء في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ « لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ». نسأل الله العظيم أن نكون منهم ونسأله سبحانه ألا يجعلنا فتنة للذين كفروا .. ولا يجعلنا فتنة للقوم الظالمين..
وأخيراً! فهذا كتاب ربنا ينطق بيننا بالحق ويهدينا إلى سواء السبيل! فهل نتركه ونبيت أمام السرداب ليأتي المخلص فيطبق لنا الأحكام الشرعية؟!
لو فعل سلفنا الصالح ومن ساروا على دربهم مثلما يفعل المجلسيون اليوم؛ ما خرج الإسلام من المدينة النبوية ولما وصل إلينا. اللهم استخدمنا لنصرة دينك واجعل كلماتنا خالصة لوجهك الكريم!

لندن في يوم الإثنين 29 صفر 1433هـ

23 يناير 2012

التيار السني لإنقاذ مصر


صفحة التيار السني على الفيس بوك


موقع الشيخ طارق عبد الحليم


صفحة د. هاني السباعي على الفيسبوك


موقع مركز المقريزي



Maqreze في 01/23/2012
__________________
  #3  
قديم 29-01-2012, 07:26 AM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي

تعليق د/هاني السباعي حفظه الله
قد ثبت أن معظم علماء وقادة وشيوخ الحركات الإسلامية كانوا أصغر من الحدث التاريخي وضيعوا ثورة من أكبر ثورات التاريخ من أيديهم! ورضوا أن يكونوا محللين لبقاء المجلس العسكري الحارس على مصالح الغرب في مصر والعامل الإسلامي!
لقد سقط الشيوخ وقادة الحركات الإسلامية في شراك خداع الديمقراطية! وسقطوا في حمأة وهم التغيير عبر صناديق أعدها لهم العسكر تلبيسا وتدليسا على شعب مصر المسلم!..
لقد سقطوا في فخ الفرعونية التي استمرأوها
__________________
  #4  
قديم 01-02-2012, 11:14 PM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي

التيّار السُّنيّ .. وتحدِّيات الحَاضر
د.طارق عبد الحليم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين نتحدّث عن التيار السّني، أو بإسم التيارِ السُّنيّ، فإننا نقصد ذلك التيار الإسلاميّ الذي يتبَنى منهج السلف الصالح، في كافة دقائقه، عقدياً وعملياً، نصاً وإجتهاداً، دون إنحراف أو إبتداعٍ أو تغيير أو تقديمِ مُتأخّرٍ، أو تَأخير مُتقدِّم، إلا بدليلٍ من الشرع، يدعمه نص أو إجتهاد صحيح مبنيّ على معطيات الشريعة.
هذا بإختصار ما يمثل التيار السُنيّ، لإنقاذ مصر، وإنقاذ الأمة، لو مَكّن الله من ذلك.
وهو أمر والله ليس بعويص أو مستحيل أو خياليّ. بل قد سارَ عليه أئمة الإسلام، على إختلافهم في الفروع الفقهية، لا الأصول العقدية، أو القواعد العامة الكلية، على مدى أربعة عشر قرناً من الزمان. وقد عرفنا من هذا الخط المبارك تفاصيل هذا المنهج الإلهي، وتَطبيقاته، منذ جيل الصّحابة رضى الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان، متمسكين بالحق، غير هيابين ممن يفترى عايه، لا يبدله أو يغيره، غير مبالين بمن يهدد ويتوعد، وينكل ويشرد، غير مبدلين لكلمات الله مهما تصور الناس أن في هذا "حسن سياسة" وفقه واقع.
الغرض من "التيار"، أي "تيار"، أن يجمَع الناس على هدف واحد، تحت مظلة واحدة، لا كيانات فيها ولا تمَحورَ ولا تحَزّب. فإن هدف إنقاذ مصر، وأعادتها إلى حظيرة الإسلام، دولة وشعباً، لا يحتمل إختلافاً بين من يدعى السُّنية، ويتبنى منهج السلف رضوان الله عليهم. ومن هنا، فإننا، كتيارٍ سنيّ لا نقبل أحزاباً ولا تكتلات، بل دعاة مخلصين متجردين لله، لا لزعامات متعددة، وكأفراد محبين لدين الله على نهج نبيه صلى الله عليه وسلم.
التيار السني، لا يريد أن يكون جامعة دولٍ عربية أخرى، تكرس الخلاف بين منتميها، ولا ترفعه.
ونحن نعلم أنّ هذا أمر صعبٌ على النفوس، خاصة من أنشأ لنفسه كياناً، وتزَعّمه، وبذل فيه جهداً، لذلك السبب، أعرضنا عن أصحاب الكيانات، إلا أن يتواضعوا لله، ويدخلوا في تيارٍ واحد، يصْهر كلّ خِلافاتهم، ويذيب كلّ فروقاتهم، إلا ما كان منها من قبيل الخلاف المشروع.
ومن هنا كذلك حَرصنا على أن نَبنى تيّارنا على وضُوحٍ تامٍ لا غَبَشَ فيه، وأن يكون فيه الولاء والبَراء مُحدّداً لا مُساومة عليه، فمن شارك وافق، ومن خالف فارق. كذلك، حرصنا على أن يكون كلامنا مُنضبِطاً بالشّرع والأصول، محكوماً بالنص والدليل، لا بمعطيات الرأي وموهمات النظر.
ودعنا نستلهم المسألة العَقدية الفقهية، التي تتناول بحث "كيف يدخل الكافر في الإسلام"؟ لعلنا نرى فيها هدياً إلى ما نقصد هنا. إذ قرر العلماء أن ثبوت الإسلام يَخْضَعُ لِما أسموه "إختلاف الدلالة"، ذلك بالنطق بالشهادتين، أو أكثر أو أقل منهما، لإثبات الإسلام، والمراد هو أنه لابد أنّ يراعى في الحُكم أن يظهر من "الداخل في الإسلام" الخروج عمّا هو مُضاد لجُزئية ضَرورية مُعينة بالذات، لا المُوافقه على كلّ ما عَداها. فإذا حملنا هذا النهج في النظر، مع إثبات الفارق بين الصورتين، رأينا أنّه لا يكفى أنْ يُثبت كِياناً ما يتفق فيه مع الآخرين، بل أن يثبت أنه لا يخالف فيما هو من لوازم المرحلة الحالية ومقتضيات عبور الأزمة فيها، ومفارقته لضبابيات الشِرك وغبش البدع.
وكلّ الإتجاهات، وكل التيارات، تبدأ ديباجتها بنفس الدعاوى والتوجّهات، التي تؤكد على أهمية الإلتزام بالإسلام، والسُّنة وتطبيق الشريعة، إلا الإخوان، الذين انخلعوا من هذا بالكامل. ومن ثمّ أصبح الأمر، في هذه التكتلات كلها ينحصر في أنه، إما إنهم صادقون في دعواهم، فلا نرى إذن معنى لبقاء تلك التكتلات منفصلة، أو منضمة بأفرادها تحت اسم دون مضمون. أو أن يكون هناك بينها خلافات حقيقية معلومة لديها كلها، وهو أمر يستدعى إذن أنْ يكشِف كلّ طَرفٍ عن حقيقة رؤيته، ويتم النقاش حولها، حتى يتم الإجتماع وينتهى التفرق. والثالثة الأخيرة، أن يكون للهوى دورٌ أساسيّ في الإبقاء على هذه التكتلات، وهو ما نتركه بينهم وبين الله سبحانه.
أمّا نحن، وتيارنا، فإنه واضح وضوح الشمس في رائعة النهار. فإننا نُثبت أن مِنهجنا يسير على سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة الصحابة، ومنهج السلف الصالح، على طريقة أئمة السنة طوال مسيرة الدعوة المباركة طوال أربعة عشر قرناً، ثم إثبات أنّ الحكومات المُتتالية، التي تَحكم بغير ما أنزل الله، إنما هي حُكومات كافرة، وأن الدستور الذي لا يصرح بأن الكتاب والسنة هو المرجع الوحيد للمسلمين في بلادهم، وأنّ هذا القدر لا يختلف عليه موحدان. ثم، أن يُثبت هذا الكيان/الإتجاه/التيار، أنّ آليات الحكم، من برلمان ورئاسة وغيرها، هي تالية لهذا القدر من الإعلان، وأنه لا يصح الإنخراط فيها، والتميع في أروقتها ودهاليزها، إلا بعد تصفية التوحيد، وهو ما لن يتم من خلال أروقة برلمانٍ مَبنيّ أصلاً على هذا الباطِل الشركيّ. كيف والأغلبية في هذا البرلمان تتحدث بما قال محمد مرسي من أنّ تطبيق الشريعة هو فقط الرجوع إلى قواعد كلية منصوص عليها في كلّ ملة (محمد مرسى)! كيف وإختيار الرئيس مُحدّدٌ في من توجّهُه علمانيّ بحت، لا إسلاميّ (محمد بديع)! كيف، وهم في التفصيل، يقولون أنّهم يشجعون السياحة ولو أتي السياح عرايا (سعد الحسينيّ) وأن قطع يد السارق ليس من الشريعة الإسلامية (مرسى)، وأنّ الشريعة كلها إلزام أخلاقيّ على الفرد، لا على الجماعة (العريان).
نحن لا يهمنا جلسات البرلمان، ولا يهمنا استجواب الحكومة، فكلها خيالات واهمة بُنيت على باطل أصليّ وهو أنّ نظام الحكم في مصر لا زالت تراوح مكانها في غيابات جبّ الشرك، وضلالاته. وما هذا إلا بعمل المجلس العسكريّ، مؤيداً بالإخوان، الذين باتوا يحمون مجلس الشعب من الشعب، عوضاً عن الأمن المركزيّ! ولله في خلقه شؤون! والأعجب أنّ غالبية الشعب قد انتخبت هؤلاء لرفع كلمة الله، لا ليتبوأ سعد الكتاتنيّ كرسيّ الرئاسة في البرلمان.
من هنا وجب على أي تيار أو تكتّل، أو ما شئت من هذه الأسماء، أن يكون صَريحاً واضحاً في موقفه من هذه المُمارسات، إما رفضاً او قبولاً. وأي تَميّع ومُماحكة في بيان هذا الموقف، هو تلاعبٌ بدين الله، وخداع للناس، وإنحرافٌ عن نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تحديات الحاضر لتيارنا السنيّ، من هذا المنطلق، كبيرة وعسيرة. ذلك أنها تقف على مفترق عدد من الإتجاهات والتكتلات، التي تتراوح بين
•الخروج عن نهج السنة، عقدياً وعملياً كالإخوان، وتتبَنّى العَمل البَرلمانيّ، كما أخلصْت للعمل فيه طوال عمرها، وإن كان التشريع فيه للشّعب، والسُّلطة للعسكر.
•العمل بالنهج السني ظاهراً في الإعتقاد، كالسلفية، ثم التحاكم إلى غير شرع الله عملياً في ذات البرلمان الذي نبذوه من قبل، وإن تصَارخوا فيه بغير ذلك، لكن هم ملزمون بالعمل في منظومته مهما كلّف الأمر.
•تبنى نهج السنة في العمل من خارج البرلمان، على خلاف في مدى الموافقة على ما يجرى تحت قبته، من دعم صريح لها، أو دعم مبطن مع نقد تصريحاتها، أو إعلان عدم الرضا عنها صراحة مع الإنفصال عمن يهاجمها. وهؤلاء يمثلون في مجموعهم قوة لها زخمٌ متواضعٌ، نتيجة عدم وضوح الرؤية والإتفاق فيما بينها، وتفرقها إلى وحدات وكيانات متعددة، تحت أسماء وزعامات مختلفة.
التيار السنيّ، لا يأبه يتمحك، ولا يتحكك، ولا يمالى ولا يرائي، ولا يتنازل ولا يتخاذل، مع إعتبار كل الضوابط الشرعية المصاحبة للتمسك بالحق.
ونحن نعلم أن الخوف على النفس، مراعاة الأمن الشخصيّ، في هذه الظروف التي لا تزال البلاد تُحكم بالطوارئ، وبالقوة العسكرية الغاشمة، هو أمرٌ فطريّ، لكن يبقى الفارق هائلاً بين أن يصمت الفرد، وبين أن يدعم برلماناً شركياً وإن امتلأ باللحى، وما أدرى كيف فات أكابر المُنظّرين وعتاولة الدعاة التفريق بين الأمرين.
التيار السنيّ، كما ندعوا له، لا يرى فيما تحقق إلى اليوم، كبير شأن، وإن فرح به الفرحون، وتنادى بجلاله المنادون. شرع الله لم يزل منحى إلى الجانب، والمجلس لا يرى غضاضة أن يعلن أنّ التشريع موكول اليه في كافة أمور البلاد، وأنّ الكتاب والسنة ليست هي الحاكمة من فوقهم. حسبنا الله ونعم الوكيل.
وسيظل تيارنا يدعو من رأي الحق حقاً وقرّر إتباعه، وسيظل يكشف باطل من رأي الباطل حقاً، وقرر التمسك به على غير الهدى الإلهي والسنة المحمدية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
* 31 يناير 2012
__________________
  #5  
قديم 03-03-2012, 12:52 PM
*سلفيه مندسه* *سلفيه مندسه* غير متصل
عضو متميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
مكان الإقامة: ارض الكنانه
الجنس :
المشاركات: 405
افتراضي رد: لماذا التيار السني ؟ تساؤولات وردود بقلم د. هاني السباعي

تعليق د/هاني السباعي حفظه الله
قد ثبت أن معظم علماء وقادة وشيوخ الحركات الإسلامية كانوا أصغر من الحدث التاريخي وضيعوا ثورة من أكبر ثورات التاريخ من أيديهم! ورضوا أن يكونوا محللين لبقاء المجلس العسكري الحارس على مصالح الغرب في مصر والعامل الإسلامي!
لقد سقط الشيوخ وقادة الحركات الإسلامية في شراك خداع الديمقراطية! وسقطوا في حمأة وهم التغيير عبر صناديق أعدها لهم العسكر تلبيسا وتدليسا على شعب مصر المسلم!..
لقد سقطوا في فخ الفرعونية التي استمرأوها
__________________
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.87 كيلو بايت... تم توفير 3.48 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]