{يؤتون أجرهم مرتين} - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         هِجْرَة كُبْرَى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الخطأ بين الإخفاق والإبداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          في صناعة الهوية وطمسها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          رحلة فرح الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          عقوبات الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          طريق السعـادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          إذًا تُكْفَى همَّك، ويُكَفَّرُ لك ذنبَك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإيجابية.. خصلة المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          السّاعَة الرَّوَاحِيَّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شطحات التصوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-11-2023, 04:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,049
الدولة : Egypt
افتراضي {يؤتون أجرهم مرتين}

{يؤتون أجرهم مرتين}

محمود الدوسري

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ بِنِعَمٍ عَظِيمَةٍ، وَعَطَايَا جَسِيمَةٍ، أَعْظَمُهَا مُضَاعَفَةُ الْأُجُورِ وَالْحَسَنَاتِ، وَخَصَّهَا بِالْأُجُورِ الْكَبِيرَةِ لِأَعْمَالٍ صَغِيرَةٍ، لَا تَسْتَغْرِقُ وَقْتًا طَوِيلًا، أَوْ جُهْدًا كَبِيرًا؛ رِفْعَةً لَهَا فِي الْآخِرَةِ، وَتَعْوِيضًا لَهَا عَنْ قِصَرِ أَعْمَارِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَحَدِيثُنَا عَنْ أُنَاسٍ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ؛ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَمِنَّةً، وَهُمْ:
1- الْأَنْبِيَاءُ: رَفَعَ اللَّهُ مَقَامَ النُّبُوَّةِ، وَأَعْلَى قَدْرَ أَنْبِيَائِهِ مَكَانَةً وَأَجْرًا، وَجَعَلَ لَهُمْ مِيزَاتٍ عَظِيمَةً، مِنْهَا: مُضَاعَفَةُ الْأَجْرِ لَهُمْ مَرَّتَيْنِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ يُوعَكُ [الْوَعْكُ: هُوَ الْحُمَّى]، فَمَسِسْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا؟! قَالَ: «أَجَلْ؛ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ». فَقُلْتُ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّا كَذَلِكَ [أَيِ: الْأَنْبِيَاءُ] يُضَعَّفُ لَنَا الْبَلَاءُ، وَيُضَعَّفُ لَنَا الْأَجْرُ» (صَحِيحٌ - رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ).

قَالَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (تَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ لَا خَطَايَا لَهُ تُحَطُّ عَنْهُ بِمَا كَانَ يُصِيبُهُ فِي بَدَنِهِ مِنَ الْوَعْكِ؛ جُعِلَ لَهُ مَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الْأَجْرِ مَا كَانَ يُجْعَلُ لَهُ فِيهِ مِمَّا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ).

2- مُؤْمِنُ أَهْلِ الْكِتَابِ: خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مُؤْمِنَ أَهْلِ الْكِتَابِ –دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ– بِمُضَاعَفَةِ أَجْرِهِ مَرَّتَيْنِ حَالَ اعْتِنَاقِهِ لِلْإِسْلَامِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [الْقَصَصِ: 53-54]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ» - وَذَكَرَ مِنْهُمْ: «رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنِّي لَتَحْتَ رَاحِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ قَوْلًا حَسَنًا جَمِيلًا، وَكَانَ فِيمَا قَالَ: «‌ «مَنْ ‌أَسْلَمَ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابَيْنِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَهُ أَجْرُهُ، وَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا» (حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ). وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَتَبَهُ إِلَى قَيْصَرَ: «فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ؛ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ: هُوَ إِيمَانُهُ بِنَبِيِّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ إِيمَانُهُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي هَذَا تَرْغِيبٌ عَظِيمٌ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اعْتِنَاقِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ مَا أَرَادُوهُ مِنَ الثَّوَابِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى دِينِهِمْ مَحْفُوظٌ لَهُمْ إِلَى مَا يَنَالُونَ مِنْ ثَوَابِ الْإِيمَانِ الْجَدِيدِ.

3- قَارِئُ الْقُرْآنِ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ: مِنْ جُمْلَةِ عِنَايَةِ الشَّرِيعَةِ بِالْقُرْآنِ؛ تَرْغِيبُ النَّاسِ فِي قِرَاءَتِهِ بِمُضَاعَفَةِ الْأُجُورِ لِقَارِئِهِ، حَتَّى جَعَلَتْ لِمَنْ لَمْ يُحْسِنِ الْقِرَاءَةَ، وَتَشُقُّ عَلَيْهِ أَجْرَيْنِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ [أَيْ: يَتَرَدَّدُ فِي تِلَاوَتِهِ؛ لِضَعْفِ حِفْظِهِ]، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). أَيْ: لَهُ أَجْرٌ بِالْقِرَاءَةِ، وَأَجْرٌ بِتَعْتَعَتِهِ فِي تِلَاوَتِهِ وَمَشَقَّتِهِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمَاهِرِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ هُوَ مَعَ ‌السَّفَرَةِ ‌فَمَنْزِلَتُهُ عَظِيمَةٌ، وَلَهُ أُجُورٌ كَثِيرَةٌ، وَلَمْ تَحْصُلْ هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَمْهَرْ مَهَارَتَهُ، وَلَا يُسَوَّى أَجْرُ مَنْ عَلِمَ بِأَجْرِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَكَيْفَ يَفْضُلُهُ؟). زَادَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌وَكَيْفَ ‌يَلْحَقُ ‌بِهِ مَنْ لَمْ يَعْتَنِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ وَكَثْرَةِ تِلَاوَتِهِ وَرِوَايَتِهِ كَاعْتِنَائِهِ حَتَّى مَهَرَ فِيهِ؟).

4- الصَّدَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ مِنَ الْأَرْحَامِ وَالْأَقَارِبِ: رَغَّبَتِ الشَّرِيعَةُ بِالِاهْتِمَامِ بِفُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ وَالْأَرْحَامِ، حَتَّى جَعَلَتْ لِلْمُنْفِقِ عَلَيْهِمْ أَجْرَيْنِ؛ فَعِنْدَمَا سَأَلَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِلَالًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حِجْرِي؟ ثُمَّ أَجَابَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «نَعَمْ لَهَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

5- الْمُحَافِظُ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ: لِأَهَمِّيَّةِ صَلَاةِ الْعَصْرِ؛ جُوزِيَ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا بِالْأَجْرِ مَرَّتَيْنِ: عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ [طَرِيقٌ فِي جَبَلِ عَيْرٍ إِلَى مَكَّةَ] فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا؛ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ: أَنَّ صَلَاةَ الْعَصْرِ عُرِضَتْ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَضَيَّعُوهَا، فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا؛ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا - خِلَافًا لِمَنْ قَبْلَهُمْ، ثُمَّ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ. وَقِيلَ: أَجْرٌ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَأَجْرٌ لِتَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالزَّهَادَةِ؛ فَإِنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ كَانَ زَمَانَ سُوقِهِمْ، وَوَقْتَ شُغْلِهِمْ.

6- مَنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ أَنْ وَجَدَ الْمَاءَ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ؛ فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا. ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ؛ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ، وَلَمْ يُعِدِ الْآخَرُ. ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ؛ فَقَالَ - لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ، وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ» وَقَالَ - لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: «لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» (صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ: لَهُ أَجْرٌ لِصَلَاتِهِ الْأُولَى، وَلَهُ أَجْرٌ لِصَلَاتِهِ الثَّانِيَةِ. قَالَ الصَّنْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (‌أَجْرُ ‌الصَّلَاةِ ‌بِالتُّرَابِ، وَأَجْرُ الصَّلَاةِ بِالْمَاءِ). زَادَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَذَلِكَ؛ لِكَوْنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا يُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ، وَقَدْ تَيَمَّمَ وَتَوَضَّأَ، ‌وَصَلَّى ‌مَرَّتَيْنِ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْأَجْرِ لَهُ إِصَابَتُهُ).

7- الْحَاكِمُ وَالْقَاضِي إِذَا اجْتَهَدَ وَأَصَابَ الْحُكْمَ: لِأَهَمِّيَّةِ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْزِلَتِهِ الْعَالِيَةِ؛ جَعَلَ اللَّهُ لِمَنْ أَصَابَ فِيهِ أَجْرَيْنِ، وَلِمَنْ أَخْطَأَ أَجْرًا وَاحِدًا. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي ‌حَاكِمٍ ‌عَالِمٍ ‌أَهْلٍ لِلْحُكْمِ، فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ، وَأَجْرٌ بِإِصَابَتِهِ. وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ بِاجْتِهَادِهِ)؛ فَالْأَجْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُخْطِئُ؛ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الصَّوَابِ، لَا عَلَى خَطَئِهِ، وَلَمَّا كَانَ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْحَقِّ عِبَادَةً تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ.

8- الْغَرِيقُ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: مِمَّا جَاءَ فِي فَضْلِ رُكُوبِ الْبَحْرِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ [هُوَ الَّذِي يَدُورُ رَأْسُهُ مِنَ اضْطِرَابِ السَّفِينَةِ بِالْأَمْوَاجِ؛ فَيُخْرِجُ مَا فِي مَعِدَتِهِ] لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ، وَالْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ» (حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ لِلْغَرِيقِ: أَحَدُهُمَا: لِقُعُودِ الطَّاعَةِ، وَالْآخَرُ لِلْغَرَقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ‌فِي ‌حُكْمِ ‌الشَّهَادَةِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَزْوَ الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوِ الْبَرِّ؛ لِأَنَّ غَزْوَ الْبَحْرِ أَعْظَمُ خَطَرًا، فَإِنَّ الْمُجَاهِدَ بَيْنَ خَطَرِ الْقَتْلِ وَالْغَرَقِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ دُونَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَظُمَ خَطَرُهُ؛ عَظُمَ أَجْرُهُ.

9- اتِّبَاعُ الْجَنَازَةِ، وَانْتِظَارُ الْمَيِّتِ حَتَّى يُوضَعَ فِي الْقَبْرِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ. وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ».

قَالَ ابْنُ الْمُنَيِّرِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَرَادَ تَعْظِيمَ الثَّوَابِ ‌فَمَثَّلَهُ ‌لِلْعِيَانِ بِأَعْظَمِ الْجِبَالِ خَلْقًا، وَأَكْثَرِهَا إِلَى النُّفُوسِ الْمُؤْمِنَةِ حُبًّا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ فِي حَقِّهِ: إِنَّهُ «جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ: التَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ الْمَيِّتِ، وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ، وَالْحَضُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لَهُ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ وَتَكْرِيمِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ لِمَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ وَلِأَنَّ اتِّبَاعَ الْجِنَازَةِ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ، وَحَقٌّ لِلْمَيِّتِ، وَحَقٌّ لِأَقَارِبِهِ الْأَحْيَاءِ.

10- مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا: جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْقَائِمِينَ عَلَى تَجْهِيزِ الْمُجَاهِدِينَ أَجْرَيْنِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلْغَازِي أَجْرُهُ، وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ، وَأَجْرُ الْغَازِي» [الْجَاعِلُ: مَنْ يَدْفَعُ أُجْرَةً إِلَى غَازٍ لِيَغْزُوَ]» (صَحِيحٌ - رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

وَسَبَبُ الْمُضَاعَفَةِ: أَنَّ الْجَاعِلَ أَخْرَجَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَوْنُهُ سَبَبًا لِغَزْوِ ذَلِكَ الْغَازِي.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.83 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.99%)]