احفظ الله يحفظك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيف تشحن أيفون 16 بسرعة؟.. خطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          واتساب يتيح تغيير لون ونمط سمة الدردشة.. إليك الطريقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          مزايا "زر الكاميرا" الجديد بهاتف iPhone 16 .. كل ما تحتاج معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيفية فتح ملفات jpg في نظام تشغيل ويندوز.. اعرف الخطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيفية حذف محادثات Microsoft Teams على آيفون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          4 طرق لبث ألعاب الفيديو من الكمبيوتر إلى التليفزيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          لو موبايلك اتسرق.. خطوة بخطوة إزاى ترجعه من تانى لهواتف الأيفون والأندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          خطوة بخطوة.. إزاى تبدل الأيفون القديم بـ iPhone 16 بدون تسريب بياناتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          كيف تصلي صلاة الكسوف والخسوف ؟ || فضيلة الشيخ د. محمد حسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ماذا تعرف عن صلاة الكسوف و صلاة الخسوف ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-11-2020, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,030
الدولة : Egypt
افتراضي احفظ الله يحفظك

احفظ الله يحفظك
الشيخ محمد بن مبارك الشرافي


عناصر الخطبة
1/ تأملات في حديث نبوي جليل القدر
2/ أهمية طاعة الله وحفظ حدوده
3/ أنواع حفظ الله للعبد
4/ أعمال صالحة تنفع العبد وتحفظ عليه دينه.


الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أمَّا بَعْدُ: فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا فَقَالَ: "يَا غُلاَمُ! إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ, احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ, إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ, وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا حَدِيثٌ جَلِيلٌ يَتَضَمَّنُ وَصَايَا عَظِيمَةً وَقَوَاعَدَ كُلِّيَّةً مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: تَدَبَّرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَدْهَشَنِي وَكِدْتُ أَطِيش.

وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُوصِيَ صَاحِبَكَ أَوْ أَخَاكَ أَوِ ابْنِكَ فَقُلْ لَهُ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ.

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-: تَعَلَّمْنَا مِمَّا تَعَلَّمَ النَّاسُ وَمِمَّا لَمْ يَتَعَلَّمِ النَّاسُ, فَمَا وَجَدْنَا كَحِفْظِ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ.

فَمَعْنَى قَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ" أَيْ: احْفَظْ حُدُودَهُ وَحُقُوقَهُ وَأوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَه، بِالْوُقُوفِ عِنْدَ أَوَامِرِهِ بِالامْتِثَالِ وَعِنْدَ نَوَاهِيهِ بِالاجْتِنَابِ وَعِنْدَ حُدُودَهُ فَلا تَتَجَاوَزُ مَا أَمَرَ بِهِ وَأَذِنَ فِيهِ إِلَي مَا نَهَى عَنْهُ وَحَذَّرَ مِنْهُ.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ أَوَامِرِ اللهِ الصَّلاةُ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فَقَالَ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى) [البقرة: 238] وَمَدَحَ الْمُحَافِظِينَ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) [المؤمنون: 9], وَكَذَلِكَ الطَّهَارَةُ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَلاَ يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِن" (رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

وَمِمَّا يُؤْمَرُ بِحِفْظِهِ الْيَمِينُ، قَالَ اللهُ --عَزَّ وَجَلَّ--: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) [المائدة: 89].

وَمِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَأْمُورِ بِحِفْظِهَا الرَّأْسُ وَالْبَطْنُ, عَنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ: "اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ"، قَالُوا: إِنَّا نَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, قَالَ: "لَيْسَ ذَلِكَ, وَلَكِنَّ مَنِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى, وَلْيَحْفَظِ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى, وَلْيَذْكُرِ الْمَوْتُ وَالْبِلَى, وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَى مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ" (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

وَحِفْظُ الرَّأْسِ وَمَا وَعَى يَدْخُل فِيهِ حِفْظُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36].

وَحِفْظُ الْبَطْنِ وَمَا حَوَى يَتَضَمَّنُ حِفْظَ الْبَطْنِ مِنْ إِدْخَالِ الْحَرَامِ إِلَيْهِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ نَوَاهِي اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- اللِّسَانُ وَالْفَرْجُ, فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ النَّاسَ وَهُوَ يَقُولُ: "اثَنَانِ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ: مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَرِجْلَيْهِ" (رَوَاهُ الْخَرَائِطِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأّمَّا قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ" فَمَعْنَاه: أَنَّ اللهَ يَحْفَظُكَ فِي دِينِكِ وَدُنْيَاكَ, فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، وَحِفْظُ اللهِ لِعَبْدِهِ نَوْعَانِ؛ أَحَدُهُمَا: حِفْظُهُ لَهُ فِي مَصَالِحِ دُنْيَاهُ كِحِفْظِهِ فِي بَدَنِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ ؛ قَالَ عُمُرَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَمُوتُ إِلَّا حَفِظَهُ اللهُ فِي عَقِبِهِ وَعَقِبِ عَقِبِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ -رَحِمَهُ اللهِ-: إِنَّ اللهَ لَيَحْفَظُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَالدُّوَيْرَاتِ التِي حَوْلَهُ فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظٍ مِنَ اللهَ وَسَتْرٍ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مِنَ الْحِفْظِ وَهَوُ أَشْرَفُ النَّوْعَيْنِ: حِفْظُ اللهِ لِلْعَبْدِ فِي دِينِهِ وَإِيمَانِهِ، فَيَحْفَظُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ الْمُضِّلَّةِ وَمِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَيَحْفَظُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيَتَوَفَّاهُ عَلَي الإِيمَانِ.

وَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ"، مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَفِظَ حُدَودَ اللهِ وَرَاعَى حُقُوقَهُ وَجَدَ اللهَ مَعَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ, يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَيُسَدِّدُهُ, قَالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) [النحل: 128].

قَالَ قَتَادَةُ -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَنْ يَتقِ اللهَ يَكُنْ مَعَهُ، وَمَنْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ فَمَعَهُ الْفِئَةُ التِي لا تُغْلَبُ، وَالْحَارِسُ الذِي لا يَنَامُ، وَالْهَادِي الذِي لا يَضِلُّ".

وَأَمَّا قَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ" فَهُوَ مُقتبسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، فَإِنَّ السُّؤَالَ هُوَ دُعَاؤُهُ وَالرَّغْبَةُ إِلَيْهِ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُسْأَلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- وَحْدَهُ وَلا يُسْأَلُ غَيْرُهُ، وَأَنْ يُسْتَعَانِ بِاللهِ دُونَ غَيْرِهِ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟" (رَوَاهُ مُسْلِم).


وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِكَ فُصُنْهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ لِغَيْرِكَ ؛ وَلا يَقْدِرُ عَلَي كَشْفِ الضُّرِّ وَجَلْبِ النَّفْعِ سُوَاكَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّنَا تَعَالَى يُحُبُّ أَنْ يُسْأَلَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 50]، وَقَالَ (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].


وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ), وَالْعَجَبُ مِنَّا أَنَّنَا نَلْتَفِتُ عِنْدَ حَاجَاتِنَا إِلَى الْخَلْقِ وَنَنْسَى الْخَالِقَ! قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَيْحَكَ تَأْتِي مَنْ يُغْلِقُ عَنْكَ بَابَهُ وَيُظْهِرُ لَكَ فَقْرَهُ وَيُوارِي عَنْكَ غِنَاهُ، وَتَدَعُ مَنْ يَفْتَحَ لَكَ بَابَهُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَنِصْفَ النَّهَارِ, وَيُظْهِرُ لَكَ غِنَاهُ، ويَقُولُ ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ".

وَقَالَ طَاوُوسٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: "إِيَّاكَ أَنْ تَطْلُبَ حَوَائِجَكَ إِلَى مَنْ أَغْلَقَ دُونَكَ بَابَهُ وَيَجْعَلُ دُونَهَا حِجَابَهُ، وَعَلَيْكَ بِمَنْ بَابُهُ مَفْتُوحٌ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَةِ, أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ، وَوَعَدَكَ أَنْ يُجِيبَكَ".

أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لِي وِلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَنُوَاصِلُ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ النَّظَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ,
فقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ".


الْمُرَادُ: أَنَّمَا يُصِيبُ الْعَبْدَ فِي دُنْيَاهُ مِمَّا يَضُرُّهُ أَوْ يَنْفَعُهُ فَكُلُّهُ مُقَدَّرٌ عَلَيْهِ، وَلا يُصِيبُهُ إِلَّا ما كُتِبَ لَهُ مِنْ مَقَادِيِر ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ السَّابِقِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا) [التوبة: 51]، وَقَالَ: (قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) [آل عمران: 154].

وَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رُفِعَتْ الْأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ"، أَيْ: أَنَّ كِتَابَةَ الْمَقَادِيرِ كُلِّهَا قَدْ فُرِغَ مِنْهَا مِنْ أَمَدٍ بَعِيدٍ، فَإِنَّهَا قَدْ كُتِبَتْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ، فَلا أَحَدَ رَادَّ لِمَا قَضَى اللهُ وَلا مُعْطيَ لِمَا مَنَعَ اللهُ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ، اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ، وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ، وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَهَمْ عَلَى الحَقِّ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.


اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.39 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.76 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]