|
ملتقى الرقية الشرعية قسم يختص بالرقية الشرعية والعلاج بكتاب الله والسنة النبوية والأدعية المأثورة فقط |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() عنوان الحلقة: تابع قصة ابليس في سورة الاسراء تقديم علاء بسيوني هذه الوقفة مهمة جداً في مسألة (أفلا يتدبرون القرآن) علينا أن نقف ونتدبر لا أن نقرأ فقط لمجرد القراءة لأننا لا نقف عند كل المعاني بالقراءة وإنما بالتدبر. ومن التدبر في هذه الآيات يتبين لنا أن هناك رد مفترض لم يحصل. نحن غاب عنا سرّ الخلق وكُنه الحقيقة في الحياة (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) البعض يتهيأ له أن الخلق تم فقط لعبادة الله تعالى كأنه افترض أن الله تعالى بحاجة لهذه العبادة ولم يفهموا معنى اللام في (ليعبدون) والقضية تحتاج الى سعة أفق وفهم لكُنه الشيطان وذكرنا أن آيات سورة الأعراف والاسراء تكشف حقيقة الشيطان. الشيطان قال: أأسجد لمن خلقت طينا وهذا دليل أنه معترض لأن الله تعالى خلقه من نار قبل خلق آدم هذا جعله يفكر أنه أعلى من الخلق وفي مناط التكريم لأنه مخلوق من مادة قوية مرعبة فلما أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لآدم هل شمل ابليس الأمر؟ هل هو من الملائكة؟ وقد أثبتنا في حلقات سابقة أن الأمر بالسجود شمل ابليس لوجوده مع الملائكة ولما سأله الله تعالى لماذا لم يسجد كان بامكانه أن يقول أن الأمر صدر للملائكة وهو ليس من الملائكة لكنه لم يفعل وهذا دليل على أن الأمر بالسجود شمله فدخل ابليس على نقطة مناط الفساد في الكون وهي نقطة الاستعلاء والكِبر بدليل قوله (أأسجد لمن خلقت طينا) هذا واقع كلامه ومناطه الحسد كأنه يقول للمولى عز وجل أتخلق بشراً من طين وتكرّمه ثم تأمرني بالسجود له؟ وهو لم ينتظر الرد من الله تعالى على سؤاله الأول لكن الحسد والكِبر كمناط للواقعة دفعه للسؤال الثاني (أرأيتك). الرسول r أخبرنا في الحديث الشريف " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر" فسأل أحد الصحابة فقال أنا أحب أن يكون ثوبي نظيفاً ونعلي نظيفاً فقال الرسول r إن الله جميل يحب الجمال. فالمسلم يجب أن يكون نظيفاً وزيّه حسن ويجب عليه إظهار نعمة الخالق الأعلى عليه لأنه من توصيفه عند الرسول r أنه جميل يحب الجمال. والكِبر هو بطر الحق وغمط الناس أي ظلم الخدم. سؤال: هناك ملمح أن بعض الناس وهي داخلة للصلاة في المسجد قد يدخلون بثياب العمل المليئة بالأوساخ ورائحتهم غير طيبة ويقفون في الصفوف مع المصلين فيؤذونهم ونحن نعلم من حديث الرسول r أنه من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مسجدنا وهم أيضاً يؤذون الملائكة فهل هناك من نصيحة لهؤلاء؟ قال تعالى (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) أي عند كل صلاة والزينة ليست ثياباً فقط وإذا تدبرنا الآية نجد أن النداء فيها لم يكن يا أيها الناس وإنما قال تعالى (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) لأنه من عهد آدم هناك سجود لله تعالى وإلى أن تقوم الساعة أي انسان أراد أن يسجد لله تعالى يأخذ زينت. والزينة حالّة في الملابس. نقول إذا كان هناك ميكانيكي مثلاً يريد الذهاب للمسجد بعد سماع الأذان فعليه أحد أمرين إما أن يكون قد ارتدى ثوباً فوق ثوبه فيخلع ثوب العمل الذي اتّسخ ويذهب بثوبه النظيف أو يضع ثوباً نظيفاً آخر عليه ثم يذهب للصلاة وهذا لن يأخذ منه وقتاً وللأسف قد نجد البعض لا يذهب للصلاة بحجة أنه ليس لديه وقت ليبدّل ملابسه أو أنه يستثقل تبديل ملابسه وهنا نرى أن الابتلاء يبدأ من الملابس ثم السرحان في الصلاة ثم عدم متابعة الامام وستدبر ما يقرأه وغيرها وللأسف أن البعض يقول أيضاً ألا يكفي أنني أصلي؟ ولهذا نقول أن الصلاة فرض من الله تعالى وليس مِنّة منه سبحانه ولهذا علينا أن نفرّق بن الفريضة والسُنّة. سؤال: إن الله جميل يحب الجمال مقولة تُفهم خطأ فنجد بعض الناس اللواتي حباهنّ الله تعالى بجمال فاتن تظهرن مفاتنهن على الملأ وإذا نبههن أحد يقلن إن الله جميل يحب الجمال فهل المطلوب أن نظهر هذا الجمال؟ هذه هي القصة الغائبة عن أذهاننا والبعض استخدم لهذا قوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدّث). أحب شيء إلى الله تعالى هو طاعة أوامره فإذا أمرنا الله تعالى بأمر يجب أن نطيعه وهذه أول معنى ل(اللام) في كلمة (ليعبدون) فهل نعبد الله تعالى على مرادنا أم على مراده سبحانه وتعال؟ إذا كلّفنا الله تعالى بأمور نأتي بها بما استطعنا وهذه الاستطاعة فهمها الناس خطأ ففهموها على أنها عندما تستطيعون كما في الحج يعتقدون أن قوله تعالى (من استطاع اليه سبيلا) أنه عندما تقدر اذهب للحج والمعنى هو أنه كلما استطعت اذهب بدليل (على) في الآية (ولله على الناس حج البيت) وهذا فرض. فلا يجوز أن نستخدم وأما بنعمة ربك فحدّث أو إن الله جميل يحب الجمال لاظهار المحرّمات فهذا هو إما استهزاء بالله تعالى أو أننا لا ندري فهذه مصيبة أكبر. إظهار جمال الله تعالى فيك قضية ليست بيدك كونك خُلِقت على قدر من الجمال (يوسف u خُلِق على قدر كبير من الجمال وأخبرنا القرآن عن ابتلائه في هذا الجمال وماذا كان ردّه u) يجب علينا أن نُظهر الجمال الذي صنعناه بأيدينا نحن فالالتزام جمال نحن نؤجر عليه والأخلاق جمال والمعاملات وصفاء النفس والرضا والقناعة كلها نؤجر عليها لكن اظهار الجمال الذي أعطانا الله تعالى إياه فلا فضل لنا فيه. بعض الفلاسفة يقولون ان رفض ابليس للسجود منطقي لأنه هو من نار وآدم من طين لكن غاب عنهم أننا نخاطب الإله الحق الذي له الأمر وإذا تدبرنا قوله تعالى (وكفى بربك وكيلا) ونظرنا إلى الكاف في (بربك) نتأكد أنه على رضى من الله على كل واحد في التلقين وهذا موضوع سنشرحه بالتفصيل لاحقاً إن شاء الله تعالى. قلنا سابقاً أن ابليس قال قالتين ولم يأتي الرد من الله تعالى بعد السؤال الأول وهذا أمر تركه الله تعالى لنا حتى نفكر في هذا الردّ وكأني بالله تعالى يقول: كان عليك أن تسجد لأني أنا الآمر فطاعة الله تعالى تجب دون مجادلة. فالذي ترك الخمر لأن الطبيب منعه منها لأنها تضر بصحته لا يؤجر على تركها كالذي تركها استجابة لأمر الله تعالى وطاعة له ومخافة منه فلو مات الذي ترك الخمر استجابة لأمر الطبيب وصحته فكيف يُحاسب؟ يحاسبه الله تعالى لأنه علاّم الغيوب أنه لو لم يمت كيف كان يتصرف؟ وهذا أمر لا يمكن لنا نحن أن نعرفه لأننا نرى ظواهر الأمور والمسألة ليست من علمنا أما الله تعالى فيحاسبه بما سبق في علمه أنه لو كان كيف كان يكون فالملائكة الحفظة الكتبة تكتب فقط لمن الله تعالى هو الذي يعلم نحن ننظر للتائب في هكذا حالة على أنه تاب توبة العاجز وقد تكلم المفسرون كثيراً في توبة العاجز وأرى أنهم ما كان ينبغي أن يخوضوا في هذا الأمر ولكن يجب أن نفوّض الأمر لله تعالى لأنه سيحاسبه بعلمه وهذا من إحاطة علم الله تعالى. سؤال: لو لم نتعلم من خطأ الشيطان لا نكون قد استفدنا وذكرنا أن آدم u كُلِّف فاستجاب فنسي أما باليس فردّ الأمر على الآمر وهذه معصية القمة وكبيرة الكبائر أن ترد الأمر على الآمر. مسألة الكِبر تحصل من أناس كثيرين وهي موجودة في كل قصص الأنبياء كما جاء في القرآن الكريم ولو استعرضنا قصص الأنبياء مع أقوامهم نجد أن أكثر من آمن بالأنبياء هم المستضعفون الفقراء من القوم والذين استكبروا هم الأغنياء وذوو السلطان والمال وأصحاب المنال من الآخرين وينظرون باحتقار لمن آمن بالأنبياء (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) هود) وهذا حصل مع كل الأنبياء وهذه قاعدة. ونرى أن البعض يقول لو كان عندي مال لن أتكبر وسأتصدق لكن لمّا يفتح الله تعالى عليهم يتمنى الوحد منا لو لم يفتح الله تعالى عليه لأن أساء استخدامه والسلطان والمال من أصعب الابتلاءات وأصعب الأمور في أن تنخلع من طاعة الله تعالى وقد وقعت في القرآن في ابداع توقيعي لا توصيفي في قوله تعالى في سورة الفجر (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)) كلمة الانسان تدل طبيعة كل البشر ولم يفهم أن المال جاءه من باب الابتلاء ونستعين على نبوءة الولى على الابتلاء والشيطان. من بداية الخلق ترك المولى آدم جثة قبل نفخ الروح واستعرضه ابليس وبدأ معه الحسد والعناد والعداوة قبل أمر السجود فالشيطان لديه كِبر ولذلك لما سأل المولى (أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ) والله تعالى يرد (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) الاسراء). (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) الفجر) المفروض أن يتبع منهج سورة الضحى (ألم يجدك يتيماً فآوى) فجاء بعده (فأما اليتيم فلا تقهر) وقوله (ووجدك ضالاً فهدى) فجاء بعدها (وأما السائل فلا تنهر) محمد r أوجده الله تعالى يتيماً فأمره من باطن هذه النعمة أن لا يقهر يتيماً ووجده ضالاً ضلال الحيرة وليس ضلال الغواية فأمره من باطن هذه النعمة أن لا يردّ سائلاً يسأل عن أي أمر. وأنت أيها الانسان أكرمك الله تعالى ونعّمك بدل ما يرينا العطاءات رداً على عطاء الله قال (ربي أكرمن) كرّمني الله على كل هؤلاء ففكر أنه فوق المسألة والآخر (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) الفجر) هذا الآخر ضيق عليه فالأول يتّكل على عطاء الله تعالى والآخر يتكل على منع الله تعالى هروباً من الحساب ولهذا علينا عندما نقرأ سورة الفاتحة علينا أن نفكّر جيداً بقوله تعالى (مالك يوم الدين). سؤال: هناك ملمح خطورة الكِبرالذي أودى بالشيطان الى أخسّ منزلة وهي الطرد من رحمة الله تعالى ةالكثير منا يحصل معه هذا التكبر بدون أن ننتبه أحياناً من تصرفات بسيطة قد لا نلقي لها بالاً فهل نحن محاسبون عليها؟ نحن محاسبون على النَفَس والموقف والكلمة. عمر بن الخطاب قال حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. هذا الحساب اللفظي للنفس اللوامة لو وجدت نفسك ستتكبر في موقف ما فكّر قبل أن تأخذ الموقف أو تغضب فالشيطان يقفز من القلب إلى العقل كما أخبرنا الرسول r والشيطان يقول أطير من قلبه الى عقله فأسيطر عليه. نحن لا نأخذ بالنا من توجيهات الله تعالى فترى الناس يحلفون بالطلاق على أتفه الأسباب وهذه قضية تحتاج لوقفة فلو أخذنا القرآن بتدبر لا يحصل معنا شيء من هذا. فالكِبر والحسد جعلا الشيطان يقول (أأسجد لمن خلقت طينا) ثم لا ينتظر الاجابة فيقول (أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ) فكأنه يسأل من باب الاعتارض لا من باب السؤال وانتظار الأجوبة. وذكرنا في الحلقة السابقة تركيبة (أرأيتك) وقلنا أن الهمزة للاستفهام والتركيبة تعني أخبرين اخبار العالم علم دراية وإحاطة وقوله (هذا الذي) تعطي ملمح تكبّر ايضاً ولم ينتظر الاجاب كأنه يقول أنا أرى داعياً لتكريمه ولا أرى سبباً للتكريم والردّ منا يجب أن يكون مخالفته من أجل هذا الموقف أولاً لأنه ردّ الأمر على الآمر وثانياً لأنه احتقر بني آدم وأعلن عداءهلآدم ولذريته. هناك عداء أزلي بيننا وبين الشيطان لكن ردّ السؤال المفترض من الله تعالى قال (اذهب) تعطي ملمح أن لها مناطاً عند الله عز وجل كأنه تعني أرنا أقصى ما يمكنك أن تفعله فلما قالها تعالى قالها بقدرته لكن علينا نحن أن نفهم أن لها مناط (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) ولقد بحثت في القرآن أي كلمة جاءت أولاً كلمة عباد أم عبيد فوجدت أنه في التنزيل جاءت كلمة (عباد) أولاً في النزول في سورة الفجر (فادخلي في عبادي) من حيث توصيفهم ثم جاءت (وما أنا بظلام للعبيد) مباشرة وراءها في سورة ق. الله تعالى يتكلم في سورة الفجر عن النفس المطمئنة وقلنا أن بعض المفسرين يقولون أن النفس المطمئنة واحدة من تقسيمات النفس (نفس أمارة بالسوء ونفس لوّامة) ونحن سبق أن قلنا اجعلوا النفس المطمئنة نتيجة النفس اللوامة بدليل قوله تعالى ارجعي وهذا يعني أنها ماتت. التوقيع في العبيد جاء بعد العباد في سورة ق. العبيد هنا على اطلاق اللفظ والقضية في التوقيع تحتاج لوقفة منا فالمولى تعالى قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والشيطان قال (لأحتنكن ذريته إلا قليلا) هناك مناط اعتبره الله تعالى مناط اعترف به الشيطان وهو الذي استثنى لذا صدق الله تعالى في قوله (اذهب) بمعنى أرني ماذا ستفعل لأن الله تعالى يضمن عباده الذين لن يقدر عليهم الشيطان. المفروض كل واقعة نفكر فيها هلى هي من وسوسة الشيطان أو وسوسة النفس؟ وفي الآية كلمات تحتاج لوقفة (اذهب، استفزز، أجلب، شاركهم، عِدهم) كلها أوامر وهي ليست للتنفيذ وإنما لعدم التنفيذ ضربنا على ذلك مثلاً في الحلقة السابقة أن الأب يقول لابنه ادرس واجتهد والولد لا يسمع فيقول له الأب إلعب كما تشاء فالولد يعلم أن هذا الأمر ليس للتنفيذ وإنما لعدمه. الشيطان يذهيب ويستفزز ويجلب ويشارك ويعد والانسان عليه أن يتمسك بالمنهج ويفرق بين وسوسة الشيطان ووسوسة النفس ولا ينسب كل الوسوسة للشيطان. يقول المفسرون أن الوسوسة تعني الصوت الخفي ونحن نقول لا يوجد صوت خفي وإنما صوت خافت فطالما أنه صوت فلا يمكن أن يكون خفياً. أصل الوسوسة عند العرب هو الصوت الذي يصدر عن حركة أساور المرأة في يدها وهي تمشي وهذا صوت محبب عند النساء والرجال لأن الجميع يحب الذهب وهذا كله فتن وابتلاءات فسمى العرب الوسوسة هذا الصوت الخافت المتغير حسب إذا كانت وسوسة نفس أو وسوسة شيطان المتكرر إذا كان التكرار لمعصية بعينها تكون وسوسة نفس وإذا كانت متكررة بأية معصية فهي وسوسة شيطان لأن الشيطان يريدك أن تقع في أية معصية وأن تقبض عليها حتى تدخل النار. النفس التي توسوس بطريقة الإلحاح هي التي تفتح الطريق للشيطان لأن المعصية تجر المعصية والمسألى مبنية هل النفس تفتح الباب للشيطان أم لا؟ والبعض يقول أنه في رمضان تصفد الشياطين ومع هذا تحدث معاصي وغاب عنه أن المعاصي ليست كلها من الشيطان بل من النفس. |
#2
|
||||
|
||||
![]() . علي النشمي:
النهضة الاوروبية او ما يسمى بالرنيسانس التي حصلت في اوروبا بين القرن الرابع عشر والقرن السادس عشر تحولت اوروبا بموجبها من عصر التخلف والعبودية الى عصر الحرية والمنطق العلمي، فاوروبا قبل النهضة كانت تعيش في عصر القرون الوسطى، وهي مدة مظلمة كان كل شيء بيد الكنيسة والانسان كان قناً في اقطاعيات الامراء يباع ويشترى كالحيوانات لا يحق له التفكير او الاعتراض او التعبير عن ذاته، حيث ان الكنيسة كانت مرتبطة بالاقطاع ولا يوجد تعليم سوى التعليم الكنائسي حيث درس الافكار الساذجة والخرافية وما تقوله الكنيسة حق مقدس يجب اتباعه، وللخلاص من هذا الواقع الحالك السواد كان يعني قيام ثورات فكرية واجتماعية وسياسية ودينية وثقافية كي يتحول الانسان من حاله السيئة الى المتخلفة الجامدة الى حال آخر، وهذا ما حصل فعلاً في عصر النهضة، فقد حصل الاصلاح الديني على يد مارتن لوثر وكارفن، وحصلت الثورة الاجتماعية على يد الحركة الانسانية وحصلت الثورة الاقتصادية على يد آدم سمث في الانتقال من عصر الاقطاع الى عصر الرأسمالية. اذن حصلت ثورات كثيرة عصفت بالمجتمع الاوروبي لمدة ثلاثة قرون وحولت هذه المجتمعات الى مجتمعات حرة التفكير، حرة الاقتصاد، وحرة الانتماء، ولكن كل هذه التطورات التي حصلت في اوروبا في عصر النهضة ارتكزت على القضاء على مفهوم واحد او على مرتكزكان الاساس في تخلف وتأخر اوروبا، الا وهو الخضوع المطلق التام والمقدس لكل ما تقوله الكنيسة او يقوله البابا، فلم يكن يجرؤ احد على قول يتناقض مع ما تقوله الكنيسة، والا سيقتل او يحرق، ولهذا اصبحت مهمة محاربة سيطرة الكنيسة والبابا تعد البداية الحقيقية لعصر النهضة، فقد كان دانتي اثقف مثقفي عصره ليس في ايطاليا فقط بل اوروبا كلها، وتجمعت في عقلية هذا المثقف معاناة وضغوط كل الاجيال الاوروبية الطامحة للتغيير، وعبر عن هذه الطموحات من خلال رواية الكوميديا الالهية، وهي قصة مكونة من ثلاثة اجزاء يذهب فيها دانتي باحثاً عن حبيبته باتريس بورتناري التي ماتت في عمر السادسة عشرة، لذلك الف القصة وكأنه يتخيل ذهابه الى العالم الآخر بحثاً عنها، فينتقل من النار الى الاعراف ثم الى الجنة، واثناء تجواله في النار بحثاً عنها يصادف هناك كثير من الباباوات ورجال الكنيسة ثم ينتقل الى الاعراف بحثاً عنها ثم يجدها اخيراً في الجنة، وتنتهي القصة بهذه النهاية السعيدة هو لقاؤه بحبيبته باتريس بورتناري، ولذلك سميت هذه القصة بالكوميديا، والكوميديا كلمة تعني الاغنية او القصة التي تنتهي نهاية سعيدة، وليست كما هو معروف الآن بأنها الضحك والتهريج، والتراجيديا هي هي كل قصة او اغنية تنتهي نهاية حزينة. وبما انه التقى بحبيبته اخيراً فكانت هي كوميديا، ولكن كلمة الالهية اضيفت الى القصة بعد سنوات من وفاة دانتي والذي وضعها هم طلاب ومحبو دانتي لأن القصة تجري في جو الهي مقدس ويجهر بذلك هؤلاء الناس في زمن لا يجرؤ احد ان يتلفظ بكلمة بابا، ولهذا كانت قصة دانتي هذه الشرارة الاولى التي حفزت عقول وقلوب الناس لشق عصا الطاعة والخنوع للكنيسة وحفز الناس للتفكير في آراء جديدة مغايرة لما تقوله خرافات الكنيسة والتي نضجت فيما بعد لحصول الاصلاح الديني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ولكن الاوروبيين كانوا يتصورون سابقاً ان هذه القصة هي من بنات افكار دانتي ويرفضون اي حديث على تأثر دانتي في هذه القصة في قصة الاسراء والمعراج للرسول محمد”ص“ حتى جاء احد المثقفين الفرنسيين والذي يدعى بلوشيه وكتب مقاله في احدى المجلات الادبية وضع فيها تأثر دانتي بقصة الاسراء والمعراج، وقد قامت اوروبا ولم تقعد احتجاجاً على رأي بلوشيه فصدرت الكثير من الكتب والمقالات التي تفند رأي بلوشيه، فالبعض قال ان الاسراء والمعراج كانت مكتوبة بالعربية ولم تترجم في زمن دانتي، ودانتي لا يعرف العربية، ولم بزر البلاد العربية ولم يلتق بمسلم، فكيف تأثر بهذه القصة، ولكن في عام 1919 جاء احد المثقفين الاسبان وكتب رسالة دكتوراه في جامعة مدريد اكد فيها هذا الكاتب الذي يدعى آسيوس بلاسيوس ان دانتي قد تأثر بالاسراء والمعراج حيث اثبت بلاسيوس ان دانتي كان قد تتلمذ على يد استاذ فلورنسي ايطالي كان مثقفاً وكان سفيراً لفلورنسا في البلاط الاسباني، وهناك جمعا كثيرا من الكتب عن الحضارة العربية في الاندلس عندما كان العرب موجودين في الاندلس في القرن الرابع عشر. فقد ترجم كتاب ابن عربي”فتوحات مكية“ الى اللغة اللاتينية والفرنسية، وفي هذا الكتاب فصل خاص عن الاسراء والمعراج، فعندما عاد السفير الفلورنسي الى فلورنسا حمل معه الترجمة اللاتينية والايطالية لهذا الكتاب، وكان دانتي قد قرأ كل كتب استاذه الفلورنسي التي جلبها من الاندلس.
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#3
|
||||
|
||||
![]() الإسراء والمعراج: الواقعة والآفاق د. غازي التوبة 4/8/1427 28/08/2006 جاءت واقعة الإسراء والمعراج في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تتويجاً لمرحلة سابقة هي المرحلة المكية، وترسيخاً لبعض القيم والمبادئ المهمة في حياة الأمة ومستقبلها، وقد تحدّث القرآن عن تلك الواقعة فقال صلى الله عليه وسلم: (سُبْحانَ الذي أسرى بعَبْدِهِ ليلاً مِنَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقْصَى الذي بارَكْنا حولَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إنه هو السميعُ البصيرُ) [الإسراء:1]، فما معالم واقعة الإسراء والمعراج؟ ولم كانت تتويجاً للمرحلة المكية؟ وكيف كانت ترسيخاً لبعض القيم والمبادئ وتنبيهاً على الأمور المستقبلية؟ ذكرت كتب الحديث والسيرة أن الإسراء كان قبل الهجرة بسنة، وأنه كان في نهاية شهر رجب الفرد، وأنه كان يقظة لا مناماً، من مكة إلى بيت المقدس بواسطة البراق، فلما انتهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى باب المسجد ( المسجد الأقصى) ربط الدابة عند الباب ودخله، فصلّى في قبلته تحية المسجد ركعتين، ثم عرج إلى السماء، فصعد إلى السماء الدنيا، ثم إلى بقية السماوات السبع، فتلقاه في كل سماء مقربوها، وسلّم على الأنبياء الذين في السماوات بحسب منازلهم ودرجاتهم، حتى مرّ بموسى الكليم في السادسة، وإبراهيم الخليل في السابعة، ثم جاوز منـزلتهما حتى انتهى إلى سدرة المنتهى حيث رأى جبريل على صورته الملائكية، كما رأى البيت المعمور، ورأى في رحلته هذه الجنة والنار، ثم كلّم الله عز وجل، وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين، ثم خففها إلى خمس رحمة منه ولطفاً بعباده. وقد تحدّث القرآن عن رحلة المعراج وعن وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤيته لجبريل عليه السلام فقال عز وجل: (والنجمِ إذا هَوَى. ما ضَلَّ صاحِبُكم وما غَوَى وما ينطقُ عن الهَوَى إنْ هو إلا وحيٌ يوحَى. علَّمَه شديدُ القُوَى. ذو مِرَّةٍ فاسْتَوَى وهو بالأُفُقِ الأعلى ثم دَنَى فتَدَلَّى فكان قابَ قَوْسَيْنِ أو أَدْنَى فأوْحَى إلى عبدِهِ ما أَوْحَى ما كَذَبَ الفُؤادُ ما رَأَى أَفَتُمارونَهُ على ما يَرَى ولقد رآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عند سِدْرَةِ المُنْتَهَى عندها جنَّةُ المَأْوَى إذ يغْشَى السِّدْرَةَ ما يغْشَى ما زاغَ البصرُ وما طَغَى لقد رآى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبْرَى). [النجم:1-18]. وصلّى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المسجد الأقصى إماماً بالأنبياء وذلك بإشارة من جبريل عليه السلام، وفي ذلك إظهار لشرفه وفضله عليهم جميعاً، وقد قُدِّم إليه صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة إناءان فيهما: الخمر واللبن، فاختار اللبن، فقيل له: هُديت إلى الفطرة. والآن لم كانت رحلة الإسراء والمعراج تتويجاً للمرحلة المكية؟ بدأت المرحلة المكية من غار حراء حيث تنـزل الوحي على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمره الله أن يدعو إلى وحدانيته عز ةجل، وأمره أن ينذر قومه بأنّ هناك بعثة وحساباً، وجنة وناراً، وأمره أن يدعو إلى قيم جديدة تقوم على أخوة الإيمان، وليس على أخوة القبلية، وأنّ المال لله، وأنّ البشر مستخلفون فيه، وأنّ فيه حقاً للسائل والمحروم، دعاهم إلى كل هذا وإلى غيره من القيم والحقائق الجديدة التي جاء بها الإسلام، لكن المجتمع المكي لم يتقبل دعوة الرسول الكريم، بل بدأ ينافح عن قيمه وأفكاره في وجه القيم الجديدة، وشرع في اتهام الرسول مرة بأنه ساحر ومرة بأنه كاهن ومرة بأنه يتلقى أقواله من الأعاجم . . . ثم انتقل إلى إيذاء الضعفاء من أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- مما حدا به صلى الله عليه وسلم إلى أمرهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين، ثم جاءت وفاة أبي طالب عمّ الرسول وخديجة زوجه مما أفقده سندين في عام واحد، الأول: كان يدفع عنه إيذاء قريش خارج بيته، والثاني: كان يخفف عنه آلام المواجهة مع قريش داخل بيته، ولذلك سمي هذا العام عام الحزن. وفي هذه اللحظة الحاسمة التي اشتد فيها الإيذاء على الرسول صلى الله عليه وسلم، وزادت الأحزان عليه، جاءت رحلة الإسراء والمعراج لتكون تكريماً له على صدقه في الدعوة، وتقديراً له على صبره في تحمل الأمانة، وتثبيتاً له على إحسانه في تمثل حقائق الإسلام، وتثميناً لحسن أخلاقه وشمائله، وجاءت رحلة الإسراء والمعراج أيضاً لتكون له زاداً في المرحلة القادمة من خلال إراءته رؤى جديدة في عالم السماء: رؤية الجنة والنار، ورؤية جبريل عليه السلام، وتكليمه لله عز وجل الخ . . . لقد أشرنا في بداية المقال إلى أنّ رحلة الإسراء والمعراج كانت ترسيخاً لبعض القيم والمبادئ وتنبيهاً إلى أمور مستقبلية، فما القيم والمبادئ التي رسختها؟ وما الأمور المستقبلية التي نبهت عليها؟ لقد نسخ الإسلام الديانات السابقة لذلك قال عز وجل: (إنّ الدينَ عند اللهِ الإسلامُ) [آل عمران:19]، (ومَن يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقْبَلَ منهُ وهو في الآخرةِ مِنَ الخاسرينَ) [آل عمران:85]، وقد ادعى كل من النصارى واليهود والمشركين أحقيته بإبراهيم عليه السلام، ولكن ردّ القرآن عليهم جميعاً بأنّ محمّداً وأتباعه هم أولى الناس بإبراهيم، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَوْلَى الناسِ بإبراهيمَ لَلَّذينَ اتَّبَعوهُ وهذا النبِيُّ والذينَ آمَنوا). [آل عمران،68]، وذلك لأنّ إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا مشركاً ولكن كان حنيفاً مسلماً، قال صلى الله عليه وسلم: (ما كان إبراهيمُ يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حَنيفاً مسلماً وما كان مِنَ المشركينَ) [آل عمران،67]، وقد جاءت بعض وقائع الإسراء والمعراج لتترجم هذه الوراثة عملياً وذلك من خلال صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء جميعهم في القدس، واقتضت هذه الوراثة الربط بين المسجد الحرام وأبرز المقدسات الأخرى وهو المسجد الأقصى، فكان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وقد اقتضت هذه الوراثة تنبيه المسلمين إلى أهمية أرض النبوات، فجاء الحديث عن علو بني إسرائيل وإفسادهم وسيطرتهم على المسجد الأقصى مرتين ثم انتزاعه منهم، فقال عز جل: (وقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ في الكتابِ لتُفْسِدُنَّ في الأرضِ مرّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كبيراً. فإذا جاءَ وعدُ أُولاهُما بَعَثْنا عليكم عِباداً لنا أُولي بَأْسٍ شديدٍ فجاسوا خِلالَ الدِّبارِ وكان وعداً مفعولاً. ثُمَّ رَدَدْنا لكم الكَرَّةَ عليهِم وأَمْدَدْناكُم بأموالٍ وبَنينَ وجعلناكم أكثرَ نفيراً. إنْ أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأنْفُسِكم وإنْ أَسَأْتُم فلها فإذا جاءَ وعدُ الآخرةِ ليَسوؤوا وُجوهَكُم ولِيَدْخُلوا المسجدَ كما دخلوهُ أوَّلَ مرّةٍ ولِيُتَبِّروا ما عَلَوْ تَتْبيراً). [الإسراء:1-7]. والسؤال الآن: متى حدثت هاتان الواقعتان؟ معظم المفسرين أو كلهم على أنّ تلكما الواقعتين حدثتا في الماضي قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن الأرجح أنّ أولى الواقعتين هو ما شاهدناه من دخول اليهود إلى المسجد الأقصى عام 1967م، وهذا ما سنوضحه في السطور التالية. ذكر الطبري في تفسيره عدة روايات عن إفساد بني إسرائيل وعن المسلَّطين عليهم، فقال في رواية أن أول الفسادين: قتل زكريا فبعث الله عليهم ملك النبط ويُدعى صحابين، وقال في رواية أخرى: كان إفسادهم الذي يفسدون في الأرض مرتين: قتل زكريا ويحيى بن زكريا، سلط الله عليهم سابور ذا الأكتاف ملكاً من ملوك فارس لقتلهم زكريا عليه السلام، وسلّط عليهم بختنصّر لقتلهم يحيى عليه السلام ، وقال في رواية ثالثة: إنّ إفسادهم الأول كان قتل أشعيا نبي الله؛ لأنّ زكريا مات موتاً ولم يُقتل، أما إفسادهم الثاني فلا خلاف عليه، فقد كان قتل يحيى بن زكريا عليهما السلام، وقال في رواية رابعة: كان الذي سلّط عليهم في المرة الأولى جالوت وهو من أهل الجزيرة، حتى بعث الله طالوت ومعه داوود فقتله داوود عليه السلام، وقال في رواية خامسة: بعث الله عليهم في المرة الأولى سنحاريب من أهل أثور ونينوى وقيل إنها الموصل. وقد ذكر القرطبي وابن كثير في تفسيريهما عن إفساد بني إسرائيل قريباً مما ذكره الطبري مع تفصيل أقل في الحديث عن الإفسادين وعن المسلّطين عليهم ، لكننا حتى ندرك بُعدْ المفسرين القدماء عن الصواب نقارنه بما ورد في سورة الإسراء فنجد أن القرآن الكريم قد وصف بني إسرائيل بصفتين متلازمتين هما: الإفساد والعلوّ، وهو ما لم يحدث في كل الوقائع التي أشار إليها المفسرون القدماء ، فهم قد تحدثوا عن إفساد ولم يتحدثوا عن علوّ، وهذه أولى المفارقات ، أما المفارقة الثانية فإن القرآن قد وصف الناس الذي سيدخلون المسجد وسيدمرون ما بناه بنو إسرائيل بأنهم "عباد لنا"، والأرجح أنهم عباد مؤمنون خالصون لله، وهو مالم يتحقق في جالوت أو سنحاريب أو بختنصّر الخ...، إنّ عدم تطابق المواصفات التي طرحها المفسرون القدماء لدخول بني إسرائيل المسجد الأقصى مع المواصفات التي طرحها القرآن الكريم تجعلنا نرجّح أنّ المرة الأولى تنطبق على احتلالهم الحالي للأقصى الذي وقع في حرب حزيران عام 1967م وذلك لأنّ العلو اليهودي الذي قالت عنه الآية "ولتعلنّ علوّاً كبيراً" فأكدته بالمفعول المطلق "علوّاً" ثم وصفته بالصفة "كبيراً" نجد مصداقيته في العصر الحالي، فدولة بني إسرائيل كلمتها عالية، وأوامرها مستجابة، ووُدّها مطلوب، وجانبها مهاب، وانتصاراتها متتالية، وقوّتها أكبر من حجمها فهي الدولة النووية السادسة في العالم الخ . . . وقد ميّز القرآن العلوّ الثاني بأنّ بني إسرائيل سيصبحون فيه أكثر نفيراً، أي أكثر "عدداً" وهو لم يتحقق في كل مرات الإفساد الثاني التي تحدث عنها المفسرون، فهم لم يصبحوا أكثر عدداً من الأقوام التي قاتلوها، وإنما سيتحقق في العلو الثاني الذي سيأتي في قادم الأيام بعد أن يدخل المؤمنون المسجد الأقصى، ويستعيدوه من أيدي بني إسرائيل، وينهوا إفسادهم الأول المتلازم مع علوّهم والذي وقع في إثر نكسة حزيران حسب اعتقادنا. والسؤال الآن: لماذا تحدث القرآن الكريم عما كتبه على بني إسرائيل في معرض واقعة الإسراء والمعراج وفي سورة الإسراء؟ الحكمة من ذلك تنبيه حاملي ميراث النبوات إلى أهمية أرض النبوات في حياتهم القادمة، لذلك كانت الحروب مع إسرائيل في الحاضر وكانت الحروب الصليبية في الماضي أخطر ما واجه الأمة الإسلامية في حاضرها وماضيها وكان مدار الحربين المسجد الأقصى في الحاضر أو الأرض المقدسة المحيطة بالمسجد الأقصى في الماضي.
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ولد المصطفى فى يوم تصدع
فيه ملك جبابره الخرافات سقط عمود من نور اضاء الارض والسماوات لن تشعر امه بالالام فى ولادته كالامهات لن يكن كالاطفال يسجد لهبــــل او الـــــلات منذ صباه شرح الله صدره فلم يتبع المبـــــتــــدعات ولد يتم الاب وماتت امه وهولم يتعدى الست سنوات فكفله جده حتى الثامنه ووصى به عمه قبـــــــل الممات وعمل بالرعى قبل ان يصحبه فى التجاره والمـــــــعــــــا ملات فلقب بالصادق الامين ولن تعتريه الشبهات فلما اتم الخامسه والعشرين تزوج من خير السيدات فانجب من السيده خديجه خير الـــــــــــــــــــذريات وتوفت زوجه ومات عمه وكان عام الصدمات فاراد الله ان يسرى عمن بعث باخر الرســــلات فاستدعاه لزياره بيت المقدس والسمــــاوات فلبى الدعوه وكان فيها فرض الصلاوات بدء بالقدس وكان محفل اخوته فى الرساله والنبـــــــــوات وأذن للصلاه فامـــــهم المصطفى فى الركعات وصعد الى السماء فراى نور الله فوق العرش وسط التسبيحات ففرضت خمسين صلاه زهى اول العبـــــــادات فقال موسى سله التخفيف حتى تتحقق الطاعات فخففهم من الله حتىخمس صلاوات خمسين فى الدرجات ***** البراق حامل من نور استقله الرسول الى السماوات توقف عند القدس لأمأمه مجمع الانبياء والرسالات ثم واصل رحلته الى السماء محاطا بنورالهــــدايــــات وعاد الى بيته قبل ان يفتر مرقده او تغيب العلامات فصعد اعلى مكه وقص على اهلها المعجزات تقول قريش نحن بالشهور نقطع هذه المســــــــافات وانت فى نفس الليله ذهبت وعدت على اى الحاملات واستدعوا ابى بكر ليشهدوه على صاحبه والخرافات فقالها فى حزم ولهى لو قالها فقد صدقت الكرامات صدقته فى خبر الوحى من فوق سبع سمــــــــــــــــــاوات فكيف لا اصدق كرم الله لصاحب اخر الرســـــالات وكيف لا تصدقوه وقد اجاب على كل التسؤلات فلقب ابى بكر بالصديق من وقتها الى ان تقوم الساعه بعد الممات وعاد جبابره الكفر يطلقوا على المصطفى الشائعات لكن الحق ظاهر رغم انف الحقد واللأفترائات وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ذكر الإسراء والمعراج
قال ابن هشام : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وهو بيت المقدس من إيلياء ، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش ، وفي القبائل كلها . قال ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه - صلى الله عليه وسلم - عن عبد الله بن مسعود ، وأبي سعيد الخدري وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان ، والحسن بن أبي الحسن البصري ، وابن شهاب الزهري ، وقتادة وغيرهم من أهل العلم وأم هانئ بنت أبي طالب ، ما اجتمع في هذا الحديث كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به - صلى الله عليه وسلم - وكان في مسراه وما ذكر عنه بلاء وتمحيص وأمر من أمر الله في قدرته وسلطانه فيه عبرة لأولي الألباب وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين فأسري به كيف شاء ليريه من آياته ما أراد حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التي يصنع بها ما يريد . راوية ابن مسعود فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول ![]() ![]() حديث الحسن قال ابن إسحاق : وحدثت عن الحسن أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ![]() ![]() حديث قتادة قال ابن إسحاق ، وحدثت عن قتادة أنه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ![]() ![]() شرح ما في حديث الإسراء من المشكل اتفقت الرواة على تسميته إسراء ولم يسمه أحد منهم سرى ، وإن كان أهل اللغة قد قالوا : سرى وأسرى بمعنى واحد فدل على أن أهل اللغة لم يحققوا العبارة وذلك أن القراء لم يختلفوا في التلاوة من قوله ![]() ![]() ![]() ![]() فإن قلت : فقد قال الله سبحانه ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وفي مثل النور والسمع والبصر يحسن أن يقال هي بيده فحسن على هذا أن يقال : ذهب به وأما أسرى بعبده فإن دخول الباء فيه ليس من هذا القبيل فإنه فعل يتعدى إلى مفعول وذلك المفعول المسرى هو الذي سرى بالعبد فشاركه بالسرى ، كما قدمنا في قعدت به أنه يعطى المشاركة في الفعل أو في طرف منه فتأمله .
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#6
|
||||
|
||||
![]() قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}... الإسراء: 1.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أُتيت بالبراق -وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه- قال: فركبته حتى أَتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة...). وفي حديث مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينما أنا عند البيت بين النائم واليقظان -وذكر يعني رجلا بين الرجلين- فأتيت بطست من ذهب ملئ حكمة وإيماناً فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإيماناً، وأتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار: البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحباً ولنعم المجيء جاء، فأتيت على آدم فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي. فأتينا السماء الثانية، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على عيسى ويحيى، فقالاً: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا السماء الثالثة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على يوسف فسلمت عليه، قال: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا السماء الرابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: وقد أرسل إليه؟ قيل: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إدريس فسلمت عليه، فقال: مرحباً من أخ ونبي. فأتينا السماء الخامسة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتينا على هارون، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا على السماء السادسة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم- قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى، فسلمتُ عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي، فلما جاوزت بكى، فقيل: ما أبكاك؟ قال: يا رب هذا الغلام الذي بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي. فأتينا السماء السابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ونعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم. ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران: النيل والفرات، ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلتُ: فرضت عليَّ خمسون صلاة، قال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فسله. فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين، ثم مثله، فجعل عشرين، ثم مثله، فجعل عشراً، فأتيت موسى، فقال: مثله فجعلها خمساً، فأتيت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسة، فقال: مثله، قلتُ: سلمت بخيرٍ، فنُودِيَ: إني قد أمضيتُ فريضتي، وخففتُ عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً. كانت حادثة الإسراء والمعراج قبل هجرته -عليه السلام- إلى المدينة، وقد اختلف في تعيين زمن هاتين الحادثتين على أقوال شتى: 1- فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة، واختاره الطبري. 2- وقيل: كان بعد المبعث بخمس سنين، رجح ذلك النووي والقرطبي. 3- وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة. 4- وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهراً، أي في رمضان سنة 12 من النبوة. 5- وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة. 6- وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة. وردَّت الأقوال الثلاثة الأول بأن خديجة -رضي الله عنها- توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة، وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس. ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء. فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رحلته الميمونة أخبر قومه بذلك، فقال لهم في مجلس حضره المطعم بن عدي، وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة، فقال: (إني صليت الليلة العشاء في هذا المسجد، وصليت به الغداة، وأتيت فيما دون ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى وعيسى، وصليت بهم وكلمتهم). فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ به: صفهم لي، فقال: (أما عيسى، ففوق الربعة، ودون الطول عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد أشعر تعلوه صُهْبَة، كأنه عروة بن مسعود الثقفي. أما موسى فضخم آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس، وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي، خَلقاً وخُلقاً). فقالوا: يا محمد! فصف لنا بيت المقدس، قال: (دخلت ليلاً وخرجت منه ليلاً) فأتاه جبريل بصورته في جناحه، فجعل يقول: (باب منه كذا، في موضع كذا، وباب منه كذا، في موضع كذا). ثم سألوه عن عيرهم، فقال لهم: (أتيت على عير بني فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك) قالوا: هذه والإله آية: (ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر، عليه جُوالِق مخطط ببياض، لا أدري أكسر البعير، أم لا، فاسألوهم عن ذلك) قالوا: هذه والإله آية (ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم، يقدمها جمل أورق، وها هي تطلع عليكم من الثَّنِيَّة)، فقال الوليد بن المغيرة: ساحر، فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال. وسعى بعض الناس إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقالوا: هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس. قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق. فوائد ودروس وعبر: 1- بعد كل محنة منحة، فقد تعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمحن عظيمة، فهذه قريش قد سدت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف، وفي قبائل العرب، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها، من كل جانب، وأصبح الخطر يحدق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة عمه أبي طالب أكبر حُماته، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماض في طريقه، صابر لأمر ربه، لا تأخذه في الله لومه لائم، ولا حرب محارب، ولا كيد مستهزئ. وحان الوقت للمحنة العظيمة، فجاءته حادثة الإسراء والمعراج، على قد من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعاً، ويكرمه على صبره وجهاده، ويكلمه دون واسطة، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيد واحد، فيكون الإمام والقدوة لهم، وهو خاتمهم وآخرهم. 2- إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان مُقدِماً على مرحلة جديدة، مرحلة الهجرة، والانطلاق لبناء الدولة، يريد الله تعالى للَّبِنات الأولى في البناء أن تكون سليمة قوية متراصة متماسكة، فجعل الله هذا الاختبار والتمحيص، ليخلص الصف من الضعاف المترددين، والذين في قلوبهم مرض، ويثبت المؤمنين الأقوياء الخلص، الذين لمسوا عياناً صدق نبيهم بعد أن لمسوه تصديقاً، وشهدوا مدى كرامته على ربه، فأي حظ يحوطهم وأي سعد يغمرهم، وهم حول هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- المصطفى، وقد آمنوا به، وقدموا حياتهم فداء له ولدينهم، كم يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذا الحدث الذي تم بعد وعثاء الطائف، وبعد دخول مكة بجوار، وبعد أذى الصبيان والسفهاء. 3- إن شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- العالية، تتجسد في مواجهته للمشركين، بأمر تنكره عقولهم، ولا تدركه في أول الأمر تصواراتهم، ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم، وتلقي نكيرهم واستهزائهم، فضرب بذلك -صلى الله عليه وسلم- لأمته أروع الأمثلة في الجهر بالحق، أمام أهل الباطل، وإن تحزبوا ضد الحق، وجندوا لحربه كل ما في وسعهم، وكانت من حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في إقامة الحجة على المشركين، بأن حدثهم عن إسرائه إلى بيت المقدس، وأظهر الله له علامات تُلزم الكفار بالتصديق، وهذه العلامات هي: - وصف النبي -صلى الله علي وسلم- بيت المقدس، وقد أقروا بصدق الوصف، ومطابقته للواقع الذي يعرفونه. - إخباره عن العير التي بالروحاء. - إخباره عن العير الثانية. - إخباره عن العير الثالثة التي بالأبواء وقد تأكد المشركون؛ فوجدوا أن ما أخبرهم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان صحيحاً، فهذه الأدلة الظاهرة كانت مفحمة لهم ولا يستطيعون معها أن يتهموه بالكذب، كانت هذه الرحلة العظيمة، تربية ربانية رفيعة المستوى، وأصبح -صلى الله عليه وسلم- يرى الأرض كلها، بما فيها من مخلوقات، نقطة صغيرة في ذلك الكون الفسيح، ثم ما مقام كفار مكة في هذه النقطة؟ إنهم لا يمثلون إلا جزءاً يسيراً جداً من هذا الكون، فما الذي سيفعلونه تجاه من اصطفاه الله -تعالى- من خلقه، وخصه بتلك الرحلة العلية الميمونة، وجمعه بالملائكة، والأنبياء -عليهم السلام-، وأراه السموات السبع وسدرة المنتهى، والبيت المعمور، وكلمه -جل وعلا-. 4- يظهر إيمان الصديق -رضي الله عنه- القوي في هذا الحدث الجلل، فعندما أخبره الكفار، قال بلسان الواثق: لئن كان قال ذلك لقد صدق، ثم قال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، وبهذا استحق لقب الصديق، وهذا منتهى الفقه واليقين، حيث وازن بين هذا الخبر، نزول الوحي من السماء، فبين لهم أنه إذا كان غريباً على الإنسان العادي، فإنه في غاية الإمكان بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-. 5- إن شرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللبن حين خيِّر بينه وبين الخمر، وبشارة جبريل -عليه الصلاة السلام- هُديت للفطرة، تؤكد أن هذا الإسلام دين الفطرة البشرية، التي ينسجم معها، فالذي خلق الفطرة البشرية، خلق لها هذا الدين، الذي يلبي نوازعها واحتياجاتها، ويُحقق طموحاتها، ويكبح جماحها: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم: 30. 6- إن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء دليل على أنهم سلموا له بالقيادة، والريادة، وأن شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة، وأنه وَسعَ أتباعَ هؤلاء الأنبياء ما وسع أنبياءهم؛ أن يسلموا بالقيادة لهذا الرسول ولرسالته، التي لا يأتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفها. إن على الذين يعقدون مؤتمرات التقارب بين الأديان، أن يُدركوا هذه الحقيقة، ويدعوا إليها، وهي ضرورة الانخلاع من الديانات المحرفة، والإيمان بهذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورسالته، وعليهم أن يدركوا حقيقة هذه الدعوات المشبوهة، التي تخدم وضعاً من الأوضاع، أو نظاماً من الأنظمة الجاهلية. 7- إن الربط بين المسجد الأقصى، والمسجد الحرام وراءه حكم ودلالات وفوائد، منها: - أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، إذ أصبح مسرى رسولهم -صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السموات العلى، وكان لا يزال قبلتهم الأولى طيلة الفترة المكية، وهذا توجيه وإرشاد للمسلين، بأن يحبوا المسجد الأقصى، وفلسطين لأنها مباركة ومقدسة. - الربط يشعر المسلمين بمسئوليتهم نحو المسجد الأقصى، بمسئولية تحرير المسجد الأقصى من أوضاع الشرك، وعقيدة التثليث، كما هي أيضاً مسئوليتهم تحرير المسجد الحرام من أوضاع الشرك وعبادة الأصنام. - الربط يشعر بأن التهديد للمسجد الأقصى، هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النَّيل من المسجد الأقصى، توطئة للنَّيل من المسجد الحرام، فالمسجد الأقصى بوابة الطريق إلى المسجد الحرام، وزوال المسجد الأقصى من أيدي المسلمين، ووقوعه في أيدي اليهود، يعني أن المسجد الحرام، والحجاز قد تهدد الأمن فيهما، واتجهت أنظار الأعداء إليهما لاحتلالهما. والتاريخ قديماً وحديثاً يؤكد هذا، فإن تاريخ الحروب الصليبية، يخبرنا أن أرناط الصليبي صاحب مملكة الكرك، أرسل بعثة للحجاز للاعتداء على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، على جثمانه في المسجد النبوي، وحاول البرتغاليون النصارى الكاثوليك في بداية العصور الحديثة، الوصول إلى الحرمين الشريفين، لتنفيذ ما عجز عنه أسلافهم الصليبيون، ولكن المقاومة الشديدة التي أبداها المماليك، وكذا العثمانيون، حالت دون إتمام مشروعهم الجهنمي، وبعد حرب 1967م التي احتل اليهود فيها بيت المقدس صرخ زعماؤهم بأن الهدف بعد ذلك، احتلال الحجاز، وفي مقدمة ذلك مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخيبر. لقد وقف دافيد بن غوريون زعيم اليهود، بعد دخول الجيش اليهودي القدس، يستعرض جنوداً وشباباً من اليهود، بالقرب من المسجد الأقصى، ويلقي فيهم خطاباً نارياً، يختتمه بقوله: لقد استولينا على القدس ونحن في طريقنا إلى يثرب. وبعد ذلك نشر اليهود خريطة لدولتهم المنتظرة التي شملت المنطقة من الفرات إلى النيل، بما في ذلك الجزيرة العربية، والأردن، وسورية، والعراق، ومصر، واليمن، والكويت، والخليج العربي كله، ووزعوا خريطة دولتهم هذه بُعيد انتصارهم في حرب 1967م في أوربا. 8- أهمية الصلاة وعظيم منزلتها: وقد ثبت في السنة النبوية أن الصلاة فرضت على الأمة الإسلامية في ليلة عروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات، وفي هذا كما قال ابن كثير: اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمته، فعلى الدعاة أن يؤكدوا أهمية الصلاة، والمحافظة عليها، وأن يذكروا فيما يذكرون، من أهميتها، ومنزلتها، كونها فرضت في ليلة المعراج، وأنها من آخر ما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته. 9- لا حجة لمن يحتفل بليلة الإسراء والمعراج، لأن هذه الليلة مختلف في تحديد زمانها، ولم يحتفل بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أمر بها، ولا فعل هذا الاحتفال الصحابة ولأسلف الأمة الصالحين، فالاحتفال بهذه الليلة من البدع المحدثة، التي ما أنزل الله بها من سلطان. نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، ويجنبنا معاصيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد الله رب العالمين.
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#7
|
||||
|
||||
![]() قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}... الإسراء: 1.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أُتيت بالبراق -وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه- قال: فركبته حتى أَتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة، قال: ثم دخلت المسجد، فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر، وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة...). وفي حديث مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بينما أنا عند البيت بين النائم واليقظان -وذكر يعني رجلا بين الرجلين- فأتيت بطست من ذهب ملئ حكمة وإيماناً فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإيماناً، وأتيت بدابة أبيض دون البغل وفوق الحمار: البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحباً ولنعم المجيء جاء، فأتيت على آدم فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي. فأتينا السماء الثانية، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على عيسى ويحيى، فقالاً: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا السماء الثالثة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على يوسف فسلمت عليه، قال: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا السماء الرابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم-، قيل: وقد أرسل إليه؟ قيل: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إدريس فسلمت عليه، فقال: مرحباً من أخ ونبي. فأتينا السماء الخامسة، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتينا على هارون، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي. فأتينا على السماء السادسة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد -صلى الله عليه وسلم- قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ولنعم المجيء جاء، فأتيت على موسى، فسلمتُ عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبي، فلما جاوزت بكى، فقيل: ما أبكاك؟ قال: يا رب هذا الغلام الذي بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي. فأتينا السماء السابعة، قيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحباً به ونعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم، فسلمت عليه، فقال: مرحباً بك من ابن ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم. ورفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها كأنه قلال هجر، وورقها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسألت جبريل، فقال: أما الباطنان ففي الجنة، وأما الظاهران: النيل والفرات، ثم فرضت علي خمسون صلاة، فأقبلت حتى جئت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلتُ: فرضت عليَّ خمسون صلاة، قال: أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فارجع إلى ربك فسله. فرجعت فسألته، فجعلها أربعين، ثم مثله، ثم ثلاثين، ثم مثله، فجعل عشرين، ثم مثله، فجعل عشراً، فأتيت موسى، فقال: مثله فجعلها خمساً، فأتيت موسى، فقال: ما صنعت؟ قلت: جعلها خمسة، فقال: مثله، قلتُ: سلمت بخيرٍ، فنُودِيَ: إني قد أمضيتُ فريضتي، وخففتُ عن عبادي، وأجزي الحسنة عشراً. كانت حادثة الإسراء والمعراج قبل هجرته -عليه السلام- إلى المدينة، وقد اختلف في تعيين زمن هاتين الحادثتين على أقوال شتى: 1- فقيل: كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة، واختاره الطبري. 2- وقيل: كان بعد المبعث بخمس سنين، رجح ذلك النووي والقرطبي. 3- وقيل: كان ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة 10 من النبوة. 4- وقيل: قبل الهجرة بستة عشر شهراً، أي في رمضان سنة 12 من النبوة. 5- وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، أي في المحرم سنة 13 من النبوة. 6- وقيل: قبل الهجرة بسنة، أي في ربيع الأول سنة 13 من النبوة. وردَّت الأقوال الثلاثة الأول بأن خديجة -رضي الله عنها- توفيت في رمضان سنة عشر من النبوة، وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس. ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء. فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رحلته الميمونة أخبر قومه بذلك، فقال لهم في مجلس حضره المطعم بن عدي، وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة، فقال: (إني صليت الليلة العشاء في هذا المسجد، وصليت به الغداة، وأتيت فيما دون ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهط من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى وعيسى، وصليت بهم وكلمتهم). فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ به: صفهم لي، فقال: (أما عيسى، ففوق الربعة، ودون الطول عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد أشعر تعلوه صُهْبَة، كأنه عروة بن مسعود الثقفي. أما موسى فضخم آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس، وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي، خَلقاً وخُلقاً). فقالوا: يا محمد! فصف لنا بيت المقدس، قال: (دخلت ليلاً وخرجت منه ليلاً) فأتاه جبريل بصورته في جناحه، فجعل يقول: (باب منه كذا، في موضع كذا، وباب منه كذا، في موضع كذا). ثم سألوه عن عيرهم، فقال لهم: (أتيت على عير بني فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك) قالوا: هذه والإله آية: (ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر، عليه جُوالِق مخطط ببياض، لا أدري أكسر البعير، أم لا، فاسألوهم عن ذلك) قالوا: هذه والإله آية (ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم، يقدمها جمل أورق، وها هي تطلع عليكم من الثَّنِيَّة)، فقال الوليد بن المغيرة: ساحر، فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال. وسعى بعض الناس إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، فقالوا: هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس. قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق. فوائد ودروس وعبر: 1- بعد كل محنة منحة، فقد تعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمحن عظيمة، فهذه قريش قد سدت الطريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف، وفي قبائل العرب، وأحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها، من كل جانب، وأصبح الخطر يحدق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاة عمه أبي طالب أكبر حُماته، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماض في طريقه، صابر لأمر ربه، لا تأخذه في الله لومه لائم، ولا حرب محارب، ولا كيد مستهزئ. وحان الوقت للمحنة العظيمة، فجاءته حادثة الإسراء والمعراج، على قد من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعاً، ويكرمه على صبره وجهاده، ويكلمه دون واسطة، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيد واحد، فيكون الإمام والقدوة لهم، وهو خاتمهم وآخرهم. 2- إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان مُقدِماً على مرحلة جديدة، مرحلة الهجرة، والانطلاق لبناء الدولة، يريد الله تعالى للَّبِنات الأولى في البناء أن تكون سليمة قوية متراصة متماسكة، فجعل الله هذا الاختبار والتمحيص، ليخلص الصف من الضعاف المترددين، والذين في قلوبهم مرض، ويثبت المؤمنين الأقوياء الخلص، الذين لمسوا عياناً صدق نبيهم بعد أن لمسوه تصديقاً، وشهدوا مدى كرامته على ربه، فأي حظ يحوطهم وأي سعد يغمرهم، وهم حول هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- المصطفى، وقد آمنوا به، وقدموا حياتهم فداء له ولدينهم، كم يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذا الحدث الذي تم بعد وعثاء الطائف، وبعد دخول مكة بجوار، وبعد أذى الصبيان والسفهاء. 3- إن شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- العالية، تتجسد في مواجهته للمشركين، بأمر تنكره عقولهم، ولا تدركه في أول الأمر تصواراتهم، ولم يمنعه من الجهر به الخوف من مواجهتهم، وتلقي نكيرهم واستهزائهم، فضرب بذلك -صلى الله عليه وسلم- لأمته أروع الأمثلة في الجهر بالحق، أمام أهل الباطل، وإن تحزبوا ضد الحق، وجندوا لحربه كل ما في وسعهم، وكانت من حكمة النبي -صلى الله عليه وسلم- في إقامة الحجة على المشركين، بأن حدثهم عن إسرائه إلى بيت المقدس، وأظهر الله له علامات تُلزم الكفار بالتصديق، وهذه العلامات هي: - وصف النبي -صلى الله علي وسلم- بيت المقدس، وقد أقروا بصدق الوصف، ومطابقته للواقع الذي يعرفونه. - إخباره عن العير التي بالروحاء. - إخباره عن العير الثانية. - إخباره عن العير الثالثة التي بالأبواء وقد تأكد المشركون؛ فوجدوا أن ما أخبرهم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان صحيحاً، فهذه الأدلة الظاهرة كانت مفحمة لهم ولا يستطيعون معها أن يتهموه بالكذب، كانت هذه الرحلة العظيمة، تربية ربانية رفيعة المستوى، وأصبح -صلى الله عليه وسلم- يرى الأرض كلها، بما فيها من مخلوقات، نقطة صغيرة في ذلك الكون الفسيح، ثم ما مقام كفار مكة في هذه النقطة؟ إنهم لا يمثلون إلا جزءاً يسيراً جداً من هذا الكون، فما الذي سيفعلونه تجاه من اصطفاه الله -تعالى- من خلقه، وخصه بتلك الرحلة العلية الميمونة، وجمعه بالملائكة، والأنبياء -عليهم السلام-، وأراه السموات السبع وسدرة المنتهى، والبيت المعمور، وكلمه -جل وعلا-. 4- يظهر إيمان الصديق -رضي الله عنه- القوي في هذا الحدث الجلل، فعندما أخبره الكفار، قال بلسان الواثق: لئن كان قال ذلك لقد صدق، ثم قال: إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، وبهذا استحق لقب الصديق، وهذا منتهى الفقه واليقين، حيث وازن بين هذا الخبر، نزول الوحي من السماء، فبين لهم أنه إذا كان غريباً على الإنسان العادي، فإنه في غاية الإمكان بالنسبة للنبي -صلى الله عليه وسلم-. 5- إن شرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اللبن حين خيِّر بينه وبين الخمر، وبشارة جبريل -عليه الصلاة السلام- هُديت للفطرة، تؤكد أن هذا الإسلام دين الفطرة البشرية، التي ينسجم معها، فالذي خلق الفطرة البشرية، خلق لها هذا الدين، الذي يلبي نوازعها واحتياجاتها، ويُحقق طموحاتها، ويكبح جماحها: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم: 30. 6- إن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء دليل على أنهم سلموا له بالقيادة، والريادة، وأن شريعة الإسلام نسخت الشرائع السابقة، وأنه وَسعَ أتباعَ هؤلاء الأنبياء ما وسع أنبياءهم؛ أن يسلموا بالقيادة لهذا الرسول ولرسالته، التي لا يأتيها الباطل من بين يديه ولا من خلفها. إن على الذين يعقدون مؤتمرات التقارب بين الأديان، أن يُدركوا هذه الحقيقة، ويدعوا إليها، وهي ضرورة الانخلاع من الديانات المحرفة، والإيمان بهذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- ورسالته، وعليهم أن يدركوا حقيقة هذه الدعوات المشبوهة، التي تخدم وضعاً من الأوضاع، أو نظاماً من الأنظمة الجاهلية. 7- إن الربط بين المسجد الأقصى، والمسجد الحرام وراءه حكم ودلالات وفوائد، منها: - أهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين، إذ أصبح مسرى رسولهم -صلى الله عليه وسلم، ومعراجه إلى السموات العلى، وكان لا يزال قبلتهم الأولى طيلة الفترة المكية، وهذا توجيه وإرشاد للمسلين، بأن يحبوا المسجد الأقصى، وفلسطين لأنها مباركة ومقدسة. - الربط يشعر المسلمين بمسئوليتهم نحو المسجد الأقصى، بمسئولية تحرير المسجد الأقصى من أوضاع الشرك، وعقيدة التثليث، كما هي أيضاً مسئوليتهم تحرير المسجد الحرام من أوضاع الشرك وعبادة الأصنام. - الربط يشعر بأن التهديد للمسجد الأقصى، هو تهديد للمسجد الحرام وأهله، وأن النَّيل من المسجد الأقصى، توطئة للنَّيل من المسجد الحرام، فالمسجد الأقصى بوابة الطريق إلى المسجد الحرام، وزوال المسجد الأقصى من أيدي المسلمين، ووقوعه في أيدي اليهود، يعني أن المسجد الحرام، والحجاز قد تهدد الأمن فيهما، واتجهت أنظار الأعداء إليهما لاحتلالهما. والتاريخ قديماً وحديثاً يؤكد هذا، فإن تاريخ الحروب الصليبية، يخبرنا أن أرناط الصليبي صاحب مملكة الكرك، أرسل بعثة للحجاز للاعتداء على قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، على جثمانه في المسجد النبوي، وحاول البرتغاليون النصارى الكاثوليك في بداية العصور الحديثة، الوصول إلى الحرمين الشريفين، لتنفيذ ما عجز عنه أسلافهم الصليبيون، ولكن المقاومة الشديدة التي أبداها المماليك، وكذا العثمانيون، حالت دون إتمام مشروعهم الجهنمي، وبعد حرب 1967م التي احتل اليهود فيها بيت المقدس صرخ زعماؤهم بأن الهدف بعد ذلك، احتلال الحجاز، وفي مقدمة ذلك مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخيبر. لقد وقف دافيد بن غوريون زعيم اليهود، بعد دخول الجيش اليهودي القدس، يستعرض جنوداً وشباباً من اليهود، بالقرب من المسجد الأقصى، ويلقي فيهم خطاباً نارياً، يختتمه بقوله: لقد استولينا على القدس ونحن في طريقنا إلى يثرب. وبعد ذلك نشر اليهود خريطة لدولتهم المنتظرة التي شملت المنطقة من الفرات إلى النيل، بما في ذلك الجزيرة العربية، والأردن، وسورية، والعراق، ومصر، واليمن، والكويت، والخليج العربي كله، ووزعوا خريطة دولتهم هذه بُعيد انتصارهم في حرب 1967م في أوربا. 8- أهمية الصلاة وعظيم منزلتها: وقد ثبت في السنة النبوية أن الصلاة فرضت على الأمة الإسلامية في ليلة عروجه -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات، وفي هذا كما قال ابن كثير: اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمته، فعلى الدعاة أن يؤكدوا أهمية الصلاة، والمحافظة عليها، وأن يذكروا فيما يذكرون، من أهميتها، ومنزلتها، كونها فرضت في ليلة المعراج، وأنها من آخر ما أوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل موته. 9- لا حجة لمن يحتفل بليلة الإسراء والمعراج، لأن هذه الليلة مختلف في تحديد زمانها، ولم يحتفل بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أمر بها، ولا فعل هذا الاحتفال الصحابة ولأسلف الأمة الصالحين، فالاحتفال بهذه الليلة من البدع المحدثة، التي ما أنزل الله بها من سلطان. نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، ويجنبنا معاصيه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد الله رب العالمين.
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#8
|
||||
|
||||
![]() هل الإسراء والمعراج بالروح أم بالجسد؟
تاريخ الإجابة 15/08/2005 نص السؤال هل كانت حادثةالإسراء والمعراج للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بالروح فقط أم بالروح والجسد معا؟ اسم المفتي الشيخ عطية صقر نص الإجابة بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد: فالإسراء والمعراج كان بالروح والجسد ، وهذا مكمن كونه معجزة ، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء والمحدثين والمتكلمين ، والأدلة عليه كثيرة . يقول فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: اختلف العلماء في الإسراء والمعراج : هل كان بروح النبي -صلى الله عليه وسلم- وجسده أو كان بروحه فقط؟ والصحيح أنه كان بالروح والجسد معاً ، كما ذهب إليه جمهور العلماء من المحدثين والفقهاء والمتكلمين وذلك لما يأتي : 1 - أن الله -تعالى- قال: { أسرى بعبده } ولفظ العبد لا يطلق في اللغة على الروح فقط، بل على الإنسان كله: روحه وجسده، كما جاء ذلك في مواضع كثيرة من القرآن الكريم مثل قوله تعالى { أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى } [ العلق: 9 ، 10 ] وقوله { وأنه لما قام عبد الله يدعوه } [ الجن: 19 ] . 2 - أن الإسراء بالروح فقط ليس أمرًا خارقًا للعادة، بل هو أمر عادي يحصل للناس في فترة النوم حيث تكون للروح جولات بعيدة في الكرة الأرضية تقضيها بوسائل غير عادية في مدة لا تحسب بالزمن العادي لحركة الجسم، ولو كان كذلك فلا داعي لأن يجعله الله تكريمًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- ويصدّر الخبر بقوله { سبحان } وما فيه من معنى العظمة والجلال الذي يقرن دائمًا بكل أمر عظيم . 3 - أن الله -تعالى- قال { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } [ الإسراء: 60 ] أي امتحانًا واختبارًا لهم كيف يصدقونها، وذلك لا يكون إلا إذا تمت الرحلة بالجسد والروح معاً، فليس في إسراء الروح فقط فتنة ولا غرابة، ولذلك حين سمع المشركون خبرها كذبوا أن تتم في ليلة مع أنهم يقطعون هذه المسافة على ظهور الإبل في أيام عدة. 4 - أن الإسراء بالروح والجسد معًا هو فعل الله - سبحانه - وليس فعل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - والعقل لا يحيل ذلك على قدرة الله، فهو على كل شيء قدير، وليس هناك ما يمنع قبول الخبر الموثوق به في حصوله بالروح والجسد معًا . هذا ومن قال: إن هذه الرحلة كانت بالروح فقط - استند إلى قوله تعالى { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } [ الإسراء: 60 ] حيث قال : إن الرؤيا مصدر "رأى" الحُلْمية لا البصرية، فإن مصدر " رأي " البصرية هو رؤية. لكن أجيب على ذلك بأن الرؤيا والرؤية مصدران لرأى البصرية مثل: قُرْبى وقُرْبة، قال المتنبي وهو من كبار الشعراء: * ورؤياك أحلى في الجفون من الغمض * وإن كان ابن مالك وغيره خطؤوه في ذلك، لكن ليس كلامهم حجة حتى لو كان كلام المتنبي غير حجة. وقال ابن عباس في تفسير الآية : إنها رؤية عين، كما رواه البخاري . كما استدل القائل بأن الإسراء كان بالروح فقط بقول عائشة رضي الله عنها: ما فُقد جسده الشريف ، لكن رد هذا بما يأتي : 1 - أن هذا الحديث ليس ثابتًا عنها؛ لأن سنده فيه انقطاع وراوٍ مجهول، وقال ابن دحية: إنه موضوع. 2 - أنها لم تُحدّث به عن مشاهدة، بل عن سماع؛ لأنها لم تكن قد تزوجته إذ ذاك، بل لم تكن ولدت على الخلاف في زمن الإسراء متى كان . 3 - أنها كانت تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ير ربه رؤية عين؛ وذلك لاعتقادها أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد معًا، ولو كان ذلك منامًا أي بالروح فقط لم تنكره، وما دام الحديث المنسوب إلى عائشة غير صحيح فلا داعي للتحايل في تفسيره بقول بعضهم: إن معنى: ما فقد جسده الشريف، ما تركت الروح جسده الشريف والمهم أن الإسراء قد تم، وقد أخبر الله عنه في القرآن الكريم، وهذا هو القدر الواجب اعتقاده، أما أن يكون على كيفية كذا أو كذا فذلك ما لا يتحتم اعتقاده، ولكل أن يختار ما يشاء، مع اعتقاد أن الله على كل شيء قدير، وأن رؤيا الأنبياء حق باتفاق العلماء، ولا داعي للخلاف في هذه النقطة، ومن أراد الاستزادة من المعرفة فليرجع إلى كتاب " المواهب اللدنية " للقسطلاني في المقصد الخامس الخاص بالإسراء والمعراج مع شرح الزرقاني (ج 6 ص 3 وما بعدها ) . والله أعلم - اسلام اون لاين
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#9
|
||||
|
||||
![]() الإسراء والمعراج
وهكذا أعرض أهل مكة عن الإسلام، وخذل أهل الطائف النبي صلى الله عليه وسلم، وازداد إيذاء الكافرين له ولصحابته، وخاصة بعد وفاة السيدة خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبي طالب، وأراد الله -سبحانه- أن يخفف عن نبيه ، فأكرمه برحلة الإسراء والمعراج؛ فبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائمًا بعد العشاء جاءه جبريل، فأيقظه وخرج به حتى انتهيا إلى دابة اسمها (البراق) تشبه البغل، ولها جناحان، فركب الرسول صلى الله عليه وسلم البراق حتى وصل بيت المقدس في فلسطين، وصلى بالأنبياء ركعتين. وهذه الرحلة من مكة إلى بيت المقدس تسمى (الإسراء) قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} _[الإسراء: 1]. ثم بدأت الرحلة السماوية من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا وتسمى (المعراج) وإذا بأبواب السماء تفتح للنبي صلى الله عليه وسلم، فسلم على الملائكة، وظل يصعد من سماء إلى سماء يرافقه جبريل؛ فرأى الجنة والنار، ورأى من مشاهد الآخرة ما لم يره إنسان حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهو موضع لم يبلغه نبي أو ملك قبله ولا بعده تكريمًا له، قال تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 9-10] وفي هذه الليلة، فرض الله الصلوات الخمس على المسلمين، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، وركب البراق عائدًا إلى مكة. وفي الصباح، حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه ما حدث، فكذبوه وسخروا من كلامه، وأراد الكفار أن يختبروا صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فطلبوا منه أن يصف بيت المقدس -ولم يكن رآه من قبل- فأظهر الله له صورة بيت المقدس، فأخذ يصفه وهو يراه، وهم لا يرونه، وأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأشياء رآها في الطريق، وبقوم مر عليهم وهم في طريقهم إلى مكة، فخرج الناس ينتظرونهم، فجاءوا في موعدهم الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا بصدقه. وأسرع بعضهم إلى أبي بكر يقول له في استنكار: أسمعت ما يقول محمد؟ وكان أبو بكر مؤمنًا صادق الإيمان، فصدَّق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما قاله، فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم (الصديق) وهكذا كانت هذه الرحلة تسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتخفيفًا للأحزان التي مرَّ بها، وتأكيدًا من الله له على أنه قادر على نصرته، وكانت أيضًا ابتلاء للذين آمنوا حتى يميز الله الطيب من الخبيث.
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
#10
|
||||
|
||||
![]() اليهود ونقض العهد
لم يحترم اليهود عهودهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فحاولوا إشعال الفتنة بين صفوف المسلمين، فهذا شاس بن قيس اليهودي أرسل فتى من فتيان اليهود يُذَكِّرُ الأنصار بما كان بينهم في الجاهلية، ففعل الفتى حتى كادوا أن يتقاتلوا، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن العودة إلى الجاهلية، وذكرهم بالإسلام والحب الذي ربط الله به قلوبهم، فعادوا إلى رشدهم وصوابهم. ولما نصر الله رسولَه والمسلمين على المشركين في غزوة بدر حسدتهم اليهود على ما أنعم الله تعالى به عليهم، فقال فنحاص اليهودي: لا يغرن محمدًا أن غلب قريشًا وقتلهم، إن قريشًا لا تحسن القتال، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله جمع اليهود في سوق بني قينقاع وحذرهم من الغدر ودعاهم إلى الإسلام، وذكرهم بما عندهم من العلم برسالته ونبوته فقال لهم: (احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم) فقالوا: يا محمد إنك ترى أنا كقومك؟ لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب فأصبت فرصة، أما والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس. فأنزل الله -سبحانه- على نبيه من القرآن ما يجيبهم به ويرد عليهم ما قالوا وما بغوا، فقال تعالى: {قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد . قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} [آل عمران: 12-13]. إن كلام اليهود هذا تهديد واضح للرسول صلى الله عليه وسلم بالحرب، وتأكيد لنقضهم للمعاهدة التي بينهم وبينه، ومع ذلك فقد صبر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنهم أصروا على نقضهم للعهد. طرد يهود بني قينقاع من المدينة: ذات يوم ذهبت امرأة مسلمة إلى سوق بني قينقاع لبيع ذهب معها، فاحتال عليها اليهود لتكشف وجهها فأبت، فأخذ الصائغ طرف ثوبها، وربطه إلى ظهرها -وهي لا تعلم- فلما قامت انكشفت عورتها، وأخذوا يضحكون منها، فصاحت المرأة تستغيث بعد أن طعنت في كرامتها، فوثب رجل مسلم على اليهودي الذي أهان المرأة فقتله، فقام اليهود بقتل ذلك المسلم، فكان شهيدًا في سبيل الله، فقامت الحرب بين المسلمين واليهود بسبب غدرهم ووقاحتهم وسوء أدبهم. _[الواقدي]. فلما علم بنو قينقاع بقدوم المسلمين فروا إلى حصونهم واختبئوا فيها؛ فحاصرهم المسلمون وحبسوهم في حصونهم، واستمر هذا الحصار خمسة عشر يومًا، بعدها اضطر اليهود إلى أن يفتحوا الحصون ويستسلموا رعبًا وخوفًا من المسلمين، فجاء عبد الله بن أُبي بن سلول، وقال: (يا محمد أحسن في موالي (حلفائي) وظل ابن سلول يتشفع لهم عند الرسول حتى اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بطردهم من المدينة، فخرجوا تاركين وراءهم أموالهم غنيمة للمسلمين، وذهبوا إلى بلدة تسمي أذرعات في الشام، وهناك سلط الله عليهم وباء مات فيه أغلبهم. قتل كعب بن الأشرف اليهودي: بقيت في المدينة طائفتان كبيرتان من اليهود: بنو النضير، وبنو قريظة، وما زالوا يعادون المسلمين رغم العهد الذي قطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، فهذا رجل من أغنيائهم اسمه كعب بن الأشرف، لم يكتفِ بالحزن على قتلى الكفار في بدر، بل ذهب إلى مكة وعزَّاهم، وأخذ يرثي قتلاهم بشِعره ويشعل نار الثأر في قلوبهم كي يحاربوا المسلمين، ولم يكتف بهذا، فقد تطاول بإيذاء المسلمين مباشرة فأخذ يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة -رضي الله عنهم- ويقع في أعراضهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله؟) فقام محمد بن مسلمة فقال: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: (نعم) قال: فأذن لي أن أقول شيئًا (أي يعيب الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين حتى يطمئن إليه كعب) قال صلى الله عليه وسلم: (قل) فذهب محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف اليهودي، فقال له: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة (أي مالا) وإنه قد عنانا (أتعبنا) وإني قد أتيتك أستسلفك (أي أطلب منك مالا) قال كعب: وأيضًا والله لتملنه (يصيبكم الملل من صحبة محمد) قال محمد بن مسلمة: إنا قد اتبعناه، فلا نحب أن ندعه (نتركه) ننظر إلى أي شيء يصير شأنه، وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين (الوسق: كيل معلوم) فقال: نعم ارهنوني. قالوا: أي شيء تريد؟ قال: ارهنوني نساءكم، قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب، قال: فارهنوني أبناءكم؟ قالوا: كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال: رهن بوسق أو وسقين؟ هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللأمة (السلاح) فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة -وهو أخو كعب من الرضاعة- فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم فقالت له امرأته: أين المخرج هذه الساعة؟ قال: إنما هو محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة، فنزل إليهم وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال أبو نائلة: ما أريت كاليوم ريحًا أطيب، أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم، فلما استمكن منه قال: دونكم فاقتلوه، فقتلوه، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه. [الترمذي].
__________________
![]() موسوعة دراسات وأبحاث العلوم الجنية والطب الروحي للباحث (بهاء الدين شلبي)
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |