|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() قد كان لي قلب استيقظت يوما على صوت آذان الفجر وهو يشق الكون ويزيل ستر الظلام، يدوي في الفضاء ليعلن التوحيد لرب الأرباب، ويوقظ الغافلين النائمين ليجيبوا داعي الله، فتقلبت على فراشي ونهضت كأنما على صدري الأغلال، وكبلتني السلاسل، فتوضأت وضوء المتثاقل، وذهبت أجر الخطى إلى المسجد لا أسمع إلا وقش النعال وفحيح الأنفاس وأردد بين الحين والآخر التهليل والتسبيح لرب العالمين عندما أرفع رأسي للسماء وأرى تلك النجوم تزهر كأنما تسبح باريها،وقطع ذلك إقامة الصلاة فأسرعت الخطى وصففت خلف الإمام أستمع لما أنزل من الآيات! ولصلاة الفجر روحانية مختلفة عن الصلوات الأخرى فحاولت أن أسمع بقلبي لما يتلى من الآيات, فقلت ما بال القلب لا يتحرك ولا يخشع لهذه الآيات التي لو أنزلت على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله! أهو السر في صوت الإمام وأدائه؟ أم أنها في أذن السامع وقلبه؟ فأصغيت إلى الإمام، وإذا بصوت شجي جميل خاشع فأيقنت أن السبب في أذن السامع بل في قلبه. فسألت القلب.. ما بالك لا تتأثر ولا تتحرك؟ فقال سل العين لم لا تدمع وتغسل ما ران علي من الذنوب؟ أم أنها شغلت بالنظر هنا وهناك فلم تتفكر فيما حولها من الآيات ولم تخلُ يوما تقلب ناظريها فيما خلق الله! بل شغلت بالنظر إلى رديء المناظر وقبيح الصور. وسل الأذن كم سمعت من اللغو والباطل والزور؟ وكم أصمها من صخب الحياة وضجيج الكلام الذي لا يزيدها إلا صمما، وأعرضت عن سماع الحق والنور المبين فزادتني مرضا، وسل اليدين كم بطشت وطاشت في الحلال والحرام؟ ولم تعقد أنملة تسبح الله وتقدسه وسل القدم كم حملت ومشت وذهبت وجاءت في خطى تائهة؟ لا تحمل صاحبها إلى رياض الجنة ومنازل السكينة وحفيف الملائكة. وسل الفرج كم صدق الجوارح ووافقها وذل في تلبية رغبتها وشهوتها متغافلا عن اللذة العظمى في الجنة. وسل اللسان كم كذب واغتاب ونطق؟ وكم ألقى من الكلمات من سخط الله لايلقي لها بالا يزلِّ بها في الدركات؟ ثم تنهد القلب وقال لا تسلني عن حياتي وكلهم يقذفونني بالشهب المحرقة ويسقونني السم الزعاف !وإن أمرتهم لا يسمعون وإن نهيتهم لا يطيعون؛ فهل لي بعد هذه السهام القاتلة من حياة؟ لا تقل نعم! ولكن قل: قد كان لي قلب ينبض بالحياة محمود عبد الحميد
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |