|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الضحك وآدابه عدنان بن سلمان الدريويش إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا، أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ- أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَهِيَ الْعِصْمَةُ مِنَ الْبَلَايَا، وَالْمَنْعَةُ مِنَ الرَّزَايَا، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله، خلق الله سبحانه الإنسان بصفات كثيرة: منها الضحك والبكاء؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴾ [النجم: ٤٣]، والضحك هو انبساط الوجه وبدوُّ الأسنان، وأول الضحك يكون تبسُّمًا، ويكون غالبًا للسرور؛ كما قال الله سبحانه في الضحك: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴾ [عبس: ٣٨ - ٣٩]، فإن كان بصوتٍ يُسمع من بُعْدٍ فهو القَهْقَهة، وإن كان بلا صوتٍ فهو التبسُّم، وما كان ضحك النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسُّمًا، فالضحك أعمُّ من التبسُّم. والإكثار من الضحك- يا عباد الله- مذموم شرعًا؛ لأن الأصل في حال المسلم أن يكون قلبه مُتعلِّقًا بالله، مستحضرًا عظمته، متذكِّرًا أهوال اليوم الآخر؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث الكسوف: ((إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ لا يخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فادْعوا اللهَ وكبِّروا وصلُّوا وتصدَّقوا، يا أمةَ محمدٍ، واللهِ ما من أحدٍ أَغْيَرُ من اللهِ أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمَتُه، يا أمةَ محمدٍ، واللهِ لو تعلمون ما أعلم لضحكتُم قليلًا ولبكيتُم كثيرًا، اللهم هلْ بلَّغْتُ))؛ صحيح الجامع، وجاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: "ما رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضَاحِكًا حتَّى أَرَى منه لَهَوَاتِهِ، إنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ". أيها المسلمون، كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسمون ويضحكون مع قوة إيمانهم، فقد سُئل ابن عمر رضي الله عنهما: "هل كان أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل"؛ رواه أبو نعيم. وعن سِماكِ بنِ حَربٍ، قال: قلْتُ لجابِرِ بنِ سَمُرةَ: "أكنْتَ تُجالِسُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ قال: نعَم، كثيرًا كان لا يقومُ مِن مُصلَّاه الذي يُصلِّي فيه الصُّبحَ أو الغَداةَ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ، فإذا طلعَت الشَّمسُ قام، وكانوا يتحدَّثونَ فيأخُذونَ في أمرِ الجاهليَّةِ، فيضحَكونَ، ويتبسَّمُ"؛ رواه مسلم. يا عباد الله، وللضحك آداب، منها: أولًا: أن يكون الضحك تبسُّمًا اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا ضحك بصوتٍ لا يكون قَهْقَهةً، وإنما بصوت يسمعه القريب دون البعيد، قال الإمام الترمذي رحمه الله في كتابه "شمائل النبي صلى الله عليه وسلم": كان هَدْيُه صلى الله عليه وسلم في الضحك وسطًا كسائر أموره، جُلُّ ضحكه التَّبسُّم. ثانيًا: أن ينوي بتبسُّمه إدخال السرور والمودة والمحبة على قلب أخيه المسلم، قال عليه الصلاة والسلام: ((تبسُّمك في وجه أخيك صدقة))؛ أخرجه الترمذي، وهذا التبسُّم يجعل صاحبه مرغوبًا في الأنس به، والجلوس إليه. ثالثًا: ألا يتكلَّف في الضحك، وألا يكون ضحكه دون سبب حقيقي. رابعًا: ألا يكون الضحك يقصد به الاستهزاء بشيء مما أنزله الله سبحانه، أو بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك يؤدي إلى الكفر؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة: 65، 66]. خامسًا: ألا يكذب من أجل إضحاك الناس، كما يفعل كثير من السفهاء الذين همُّهم إضحاك الناس دون التثبُّت بما يقولون، قال صلى الله عليه وسلم: ((ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحِكَ به القومَ فيكذبُ، ويلٌ له ويلٌ له))؛ صحيح الترمذي. سادسًا: ألا يقصد من الضحك ترويع الآخرين، سواء بالقول أو بالفعل؛ لأنه طريق لإيذائه نفسيًّا أو جسديًّا، جاء في الحديث: "أنَّهم كانوا يسيرون مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فنام رجلٌ منهم، فانطلق بعضُهم إلى حبلٍ معه فأخذه، ففزِع، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يحِلُّ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مسلمًا))؛ رواه المنذري. نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم-، أقول قولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]. يا عباد الله، إن من أهم آداب الضحك، ألا يشتمل على تحقير أو استهزاء أو سخرية بشخص آخر، إلا إذا أذن بذلك ورضي، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]، وجاء في الحديث الصحيح: ((المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ، ولا يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى ها هُنا. ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ))؛ رواه مسلم. قال سعيد بن العاص لابنه: اقتصد في مزاحك، فالإفراط فيه يذهب البهاء، ويُجرِّئ عليك السفهاء، وتركه يقبض المؤانسين، ويوحش المخالطين. أيها المسلمون، ليس الضحكُ منهيًّا عنه لذاته ولكن لما يمكن أن يؤدي إلى نتائج وأخلاق لا يرضاها الإسلام. هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ. عِبَادَ اللَّهِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |