إلف النعم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4998 - عددالزوار : 2119209 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4578 - عددالزوار : 1397718 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 314 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 331 )           »          قصيدة أبكت أعظم ملوك الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          طرق تساعدك على العيش بأقل الإمكانيات مع الحفاظ على الراتب.. خليكى ذكية ووفرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من قشرة الشعر الدهنية.. أخلصى منها بخطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          خليك قدوة ليهم.. إزاى تكون مصدر أمان وثقة لأولادك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          اتجاهات ديكور مستوحاة من البحر لإضافة لمسة جمالية منعشة.. موضة صيف 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          طريقة عمل السجق البلدى بمكونات سهلة ومتوفرة فى البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-02-2025, 10:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي إلف النعم

إلف النعم


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَد تَحدُثُ في هَذِهِ الدُّنيَا مِن أَقدَارِ اللهِ أُمُورٌ تَكرَهُهَا النُّفُوسُ، وَقَد تَشمَئِزُّ مِن نُزُولِهَا وَتَنزَعِجُ مِن حُلُولِهَا، لَكِنَّ اللهَ تَعَالى مِن رَحمَتِهِ وَلُطفِهِ، لا يُقَدِّرُ عَلَى عِبَادِهِ شَرًّا مَحضًا، بَل مَا مِن مُصِيبَةٍ تَقَعُ بِهِم، إِلاَّ وَفي ثَنَايَاهَا خَيرٌ كَثِيرٌ قَد يَظهَرُ لَهُم جُزءٌ مِنهُ، وَقَد يَكُونُ مَا لا يَعلَمُونَه مِنهُ أَكثَرَ مِمَّا يَعلَمُونَ.

يَنقَطِعُ التَّيَّارُ أَو شَبَكَةٌ الاتِّصَالاتِ لَحَظَاتٍ، أَو يَتَوَقَّفُ تَدَفُّقُ المَاءِ، أَو تَتَعَطَّلُ سَيَّارَةُ المَرءِ أَو يَختَلُّ هَاتِفُهُ أَو يَضِيعُ جَوَّالُهُ، فَيَتَأَذَّى لِذَلِكَ وَيَنزَعِجُ، وَقَد تَمُرُّ بِخَاطِرِ العَاقِلِ في مِثلِ تِلكَ المَوَاقِفِ تَأَمُّلاتٌ، وَيَرجِعُ إِلى سِنِينَ مَضَت وَحِقَبٍ خَلَت، لم تَكُنْ كَثِيرٌ مِنَ النِّعَمِ الَّتي يَتَقَلَّبُ فِيهَا النَّاسُ اليَومَ مَوجُودَةً إِذْ ذَاكَ، فَيَتَسَاءَلُ: كَيفَ عَاشَ النَّاسُ مِن قَبلُ وَكَيفَ كَانُوا؟! وَعَلامَ سَتَكُونُ حَالُهُم لَو فَقَدُوا مَا هُم فِيهِ مِن نِعَمٍ؟!

نَعَم أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَنقَطِعُ تَيَّارُ الكَهرَبَاءِ اليَومَ أَو تَتَعَطَّلُ شَبَكَةُ الاتِّصَالاتِ، فَتَتَوَقَّفُ كَثِيرٌ مِن مُجرَيَاتِ الحَيَاةِ وَتُشَلُّ، وَيُحِسُّ النَّاسُ بِفَجوَةٍ كَبِيرَةٍ بَينَ مَا كَانُوا عَلَيهِ قَبلَ انقِطَاعِ الخِدمَةِ، وَمَا يَعِيشُونَهُ مِن سَاعَاتٍ في أَثنَاءِ انقِطَاعِهَا، تَمُرُّ عَلَيهِمُ السَّاعَاتُ ثَقِيلَةً مَعَ قِلَّتِهَا، وَتَتَبَاطَأُ مَعَ أَنَّهَا تَمُرُّ كَمُرُورِهَا في سَائِرِ الأَيَّامِ الَّتي قَبلَهَا، لَكِنَّهُ اعتِيَادُ النِّعَمِ مَعَ الرَّخَاءِ، يُخَدِّرُ النُّفُوسَ وَيُكسِبُهَا نِسيَانًا، بَل وَيُلبِسُهَا غَفلَةً شَنِيعَةً عَمَّا هِيَ فِيهِ، فَتَمُرُّ بِهَا الأَيَّامُ وَالسَّاعَاتُ خَفِيفَةً لا تُحِسُّ بِمُرُورِهَا، فَإِذَا ارتَفَعَتِ النِّعَمُ أَو حَدَثَ خَلَلٌ، فَمَا أَثقَلَ السَّاعَاتِ حِينَئِذٍ وَمَا أَبطَأَ سَيرَهَا! فَللهِ الحَمدُ كَثِيرًا وَلَهُ الشُّكرُ جَزِيلًا، سَنَوَاتٌ تَمضِي مُتَوَالِيَةً، وَشُهُورٌ تَتَتَابَعُ وَأَيَّامٌ وَلَيَالٍ تَتَعَاقَبُ، وَنَحنُ نَنَامُ في اللَّيلِ آمِنِينَ هَادِئِينَ، ثم نَصحُو وَنَغدُو في عَافِيَةٍ مُطمَئِنِّينَ، يُظلِمُ اللَّيلُ وَفي ظُلمَتِهِ نِعمَةٌ لِتَسكُنَ الأَبدَانُ وَتَرتَاحَ الأَجسَامُ، وَتُشرِقُ الشَّمسُ وَيَطلُعُ النُّورُ، وَفي ذَلِكَ نِعمَةٌ أُخرَى تَعُودُ بِهَا الحَيَاةُ إِلَينَا، فَنَخرُجُ مِن بُيُوتِنَا، وَنَقصِدُ أَعمَالَنَا، وَنَبحَثُ عَن أَرزَاقِنَا، وَنَحنُ في أَثنَاءِ ذَلِكَ نَأكُلُ وَنَشرَبُ، وَنَقضِي كَثِيرًا مِمَّا نَحتَاجُ إِلَيهِ في يُسرٍ وَسُهُولَةٍ، بِفَضلِ مَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَينَا مِن نِعَمٍ وَوَسَائِلَ وَآلاتٍ وَمُختَرَعَاتٍ.

وَيَتَكَرَّرُ هَذَا الأَمرُ كُلَّ يَومٍ، حَتى أَلِفنَا مَا نَحنُ فِيهِ، وَأَصبَحنَا غَافِلِينَ عَمَّا يُحِيطُ بِنَا مِنَ النِّعَمِ وَالمِنَنِ وَالآيَاتِ وَالمُسَخَّرَاتِ، وَلَو تَفَكَّرَ أَحَدُنَا لَوَجَدَ أَسئِلَةً تَحتَاجُ إِلى إِجَابَةٍ وَاحِدَةٍ: فَمَنِ الَّذِي أَيقَظَنَا مِن نَومِنَا؟ وَمَنِ الَّذِي مَكَّنَنَا مِنَ السَّعيِ في مَنَاكِبِ الأَرضِ وَوَفَّرَ لِكُلٍّ مِنَّا مَصدَرَ رِزقِهِ؟ مَنِ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا الشَّمسَ تُنِيرُ لَنَا الكَونَ؟ مَنِ الَّذِي يَسَّرَ لَنَا وَسَائِلَ النَّقلِ وَالاتِّصَالِ وَالتَّبرِيدِ وَالتَّدفِئَةِ وَغَيرَهَا مِمَّا لم يَكُنْ مَوجُودًا؟! ذَاكُم هُوَ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ * هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ * أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: 4 - 18].

وَيُذَكِّرُ اللهَ عِبَادَهُ في مَوَاطِنَ مِن كِتَابِهِ بِنِعَمِهِ المُستَمِرَّةِ لِئَلاَّ يَنسَوا وَيَغفَلُوا؛ قَالَ جَلَّ وَعَلا: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ} [القصص: 71]، وَقَالَ سُبحَانَهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص: 72].

ثم يُبَيِّنُ جَلَّ وَعَلا أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِن رَحمَتِهِ، فَيَقُولُ: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 73]، وَفي مَوطِنٍ آخَرَ يُذَكِّرُ تَعَالى عِبَادَهُ بِنِعمَةٍ هِيَ أَسهَلُ مَوجُودٍ وَأَعَزُّ مَفقُودٍ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} [الملك: 30]، وَقَالَ تَعَالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [الواقعة: 68، 69].

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنُعَالِجْ هَذَا المَرَضَ الصَّامِتَ الَّذِي تَسَلَّلَ إِلى نُفُوسِنَا في حِينِ غَفلَةٍ مِنَّا، وَلْنَحذَرْ نِسيَانَ فَضلِ اللهِ عَلَينَا، وَالغَفلَةَ عَمَّا نَتَقَّلَبُ فِيهِ مِن نِعَمٍ لَيلًا وَنَهَارًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَلْنَتَفَكَّرْ في أَنفُسِنَا وَمَا سَخَّرَهُ اللهُ لَنَا في الكَونِ وَمَا مَنَّ بِهِ عَلَينَا، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَسأَلُ أَحَدُنَا الآخَرَ صَبَاحَ كُلَّ يَومٍ: كَيفَ حَالُكَ وَكَيفَ أَصبَحتَ؟! وَقَد نَسمَعُ مَن يَقُولُ: لا جَدِيدَ لَدَيَّ، أَو لا جَدِيدَ تَحتَ الشَّمسِ، أَو مَن يُجِيبُ بِنَحوِ تِلكَ العِباراتِ الَّتي تُوحِي بِشَيءٍ مِنَ المَلَلِ مِمَّا هُوَ فِيهِ، في حِينِ أَنَّهُ لَو تَفَكَّرَ قَلِيلًا وَتَأَمَّلَ وَتَعَمَّقَ، لَوَجَدَ أَنَّهُ في جَدِيدٍ مِنَ الخَيرَاتِ وَالنِّعَمِ في كُلِّ طَرفَةِ عَينٍ وَزَفرَةِ نَفَسٍ، وَفي كُلِّ نَبضَةِ قَلبٍ وَحَرَكَةِ عَصَبٍ، وَلِينِ مَفصِلٍ وَجَرَيَانِ دَمٍ في عِرقٍ.

وَالأَمنُ وَالأَمَانُ وَاستِمرَارُ الرَّخَاءِ، وَالسَّلامَةُ مِنَ الحُرُوبِ وَالفِتَنِ وَالعَافِيَةُ في الأَبدَانِ، وَتَوَفُّرُ تِلكَ الخِدمَاتِ الَّتي يَجِدُهَا أَحَدُنَا مِن عَن يَمِينِهِ وَشِمالِهِ، وَيَتَمَتَّعُ بِهَا كُلَّمَا قَامَ أَو قَعَدَ أَو صَحَا أَو رَقَدَ، بَل تِلكَ الحَاجَاتُ الَّتي يَقضِيهَا بِجَوَّالِهِ وَهُوَ في بَيتِهِ وَبَينَ أَبنَائِهِ، دُونَ أَن يُسَافِرَ أَو يَتَعَنَّى وَيَتعَبَ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ هُوَ في الحَقِيقَةِ نِعَمٌ تَتَجَدَّدُ، غَيرَ أَنَّهُ لا يُحِسُّ بِذَلِكَ إِلاَّ القَلِيلُ الشَّاكِرُونَ.
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَلْنَحذَرْ مِن أَن نَكُونَ كَمَثَلِ قَومِ سَبَأٍ الَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالى فِيهِم: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ * وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ * وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} [سبأ: 15 - 21].

قَد لا يَقُولُ أَكثَرُنَا مَا قَالَهُ قَومُ سَبَأٍ بِلِسَانِ مَقَالِهِ، لَكِنَّ كَثِيرًا مِنَّا قَد يَقُولُهُ بِلِسَانِ حَالِهِ وَفِعَالِهِ، بِكُفرِهِ النِّعَمَ، وَاستِعمَالِهَا في المَعَاصِي، وَالاستِعَانَةِ بِهَا عَلَى الخُرُوجِ عَن طَاعَةِ اللهِ، وَبِغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا لا يَخفَى مِن صُوَرِ كُفرِ النِّعمَةِ، كَالإِسرَافِ وَالتَّبذِيرِ، وَمَنعِ الزَّكَاةِ وَالبُخلِ بِالصَّدَقَاتِ، وَإِيثَارِ الأَغنِيَاءِ وَالكُبَرَاءِ بِالإِكرَامِ المُتَصَنَّعِ، وَحِرمَانِ الفُقَرَاءِ وَالمُحتَاجِينَ وَتَصعِيرِ الخَدِّ لَهُم، وَوَاللهِ وَتَاللهِ، لا يُقَيِّدُ النِّعَمَ وَيَحفَظُهَا إِلاَّ شُكرُهَا، بِالقَلبِ بِالاعتِرَافِ بِهَا، وَبِاللِّسَانِ بِذِكرِهَا، وَبِالجَوَارِحِ بِالعَمَلِ بِطَاعَةِ اللهِ وَالانكِفَافِ عَمَّا يُغضِبُهُ وَيُسخِطُهُ؛ قَالَ سُبحَانَهُ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].
منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.90 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]