|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() وأقبلت العروس نجلاء جبروني الجميع في انتظارٍ، المكانُ مُزيَّن بالورودِ اللامعة والرياحين العَطِرة، حضرت القريبات والصديقات يُقدِّمن التهاني والأمنيات، وجلسنا جميعًا في جوٍّ من السعادة والسرور، وأقبَلت العروس، وبدأت تُصافح الحاضرات، وجاء دَوري فسلَّمت عليها وأمسكت يدها، فإذا بها قد لفَّت على معصمها خيوطًا بيضاء، قد عقدتَها إلى عُقَد، فقلت لها: ما هذا يا بُنيَّتي؟ قالت: وضعَتْه أمي في يدي، وقالت لي: لا تخلعيه حتى لا تصابي بمكروهٍ؛ فالعيون كثيرة، والنفوس ضعيفة، وأنا أخشى عليكِ الحسد، أو أن يُمنع عنك الولد! فهمستُ في أذنها: حبيبتي، اسمعي مني، هل تعرفين ما هو أعظم أسباب دخول الجنة والنجاة من النار؟ إنه التوحيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومَن لقيه يشرك به دخل النار))، ألم تعرفي أن تعليقَ التمائم من الشركِ المنافي لكمال التوحيد الواجب على العبد؟ قالت: وما هي التمائم؟ قلت: كل ما يُعلَّق رجاءَ جلبِ نفعٍ أو دفع ضرِ، سواء كان خيطًا، أو حلقة من حديد أو نُحاس أو غيره، أو حدوة، أو خرزة، أو وَدعة، أو صدفة، أو نجمة بحر، أو قرن غزال، أو (خمسة وخميسة)، أو غير ذلك، ألم تعلَمِي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من علق تميمةً فقد أشرك))؟ نظرت إليَّ ودلائلُ الدهشة باديةٌ على وجهها، ثم قالت: كيف ذلك؟ قلتُ: لأن مَن علقها فقد تعلَّق بها قلبه، واعتقد أنها تنفعه وتدفع الشر عنه، وتجلب الخير وتمنع الضر، وهذا الأمر إنما هو لله وحده، فهو الذي يعطي ويمنع، وهو الذي يضر وينفع؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]. حبيبتي، كل هذه الأشياء الحقيرة لا تستطيع أن تدفع قدر الله، ولا تملك لنفسها ولا لمن علَّقها نفعًا ولا ضرًّا، أرأيت لو أخذتِ هذه الخيوط وأحرقتها، هل تستطيع أن تمنع ذلك عن نفسها؟ فكيف تمنع الشرَّ عنكِ؟! أتحبِّين أن تصيبك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ((مَن تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلَّق ودعة فلا ودَعَ الله له))؛ أي لا يتم الله له مراده، وألا يجعله في دَعَة وسكون وراحة؟! حبيبتي، ((مَن تعلق شيئًا وُكِل إليه))، فما ظنك بمَن وُكِل إلى خرزة، أو إلى حلقة، أو إلى خيط؟! لا شك أنه خاسر، والعبد إنما يكون عزُّه وفلاحه ونجاح قصده في تعلقه بالله وحده، فمَن توكل على الله كفاه، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، فاسأليه أن يحفظك ويرعاك، وأن يرزقك الولد الصالح والحياة الطيبة. قامت العروس ونزعت من يدِها تلك الخيوط، فاطمأنَّ القلب، واحتسبت الأجر، وتذكَّرت هذا الأثر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه: "مَن قطع تميمة من إنسان كان كعدلِ رقبة".
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |