|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() التقنية سلاح ذو حدين خالد عبدالرحمن الكناني الحمد لله رب العالمين، يعلم السر وأخفى، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعدُ عبادَ الله، أين نذهب من مراقبة الله لنا واطلاعه علينا وعلمه بالسر والنجوى {يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}، يا لعظمته سبحانه وتعالى. أيها المسلم أنت المسؤول في قولك ولفظك وسرك وعلانيتك، تثبت في كل ما تقول وتسمع وتفعل، ولا تظن أن ذلك يذهب لا لك ولا عليك، كلاَّ! ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ﴾ [الإسراء: 36]. ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]. نتحدث اليوم عن استخداماتنا لوسائل التقنية الحديثة التي هي نعمة إن سخرت للفضيلة، ونقمة إن سخرت للرذيلة. عباد الله، إن من الواجب علينا ونحن ندين الله بهذا الدين العظيم ورضينا به شرعة ومنهاجًا - أن نستخدم هذه التقنية استخداما يليق بمكارم الأخلاق، وأن نسخرها في الدعوة إلى الله، ونشر الفضيلة، ونبذ الرذيلة، وتقديم النصيحة للمسلمين وتطويعها لخدمة الفرد والجماعة، لا أن تُسخر بما لا يخفى على كثير منكم من أمور منكرة تنمّ عن عقلية جاهلة بهيمية عمياء. أيها العقلاء إن مما طغى فعله أن هناك فئة عمرية تستخدم هذه التقنيات بطريقة تجعلها مدخلاً من مداخل الشيطان، فهناك الكثير من ضحايا التربية الإلكترونية والتربية الفضائية الخاطئة الذين أساؤوا استخدامها بشكل أضر بهم وبمجتمعهم، واستشرى شرها في المدارس والجامعات والأسواق والحفلات، وكافة المناسبات، عن طريق متربصين عابثين وعابثات، همهم أذية المسلمين ونشر الفاحشة بينهم، حتى تضمنت أفعالهم المشينة عدد من المحاذير وقع فيها من قل نصيبه من العقل والفهم والعلم والخشية والتقوى، ومن هذه المحاذير: أولًا: حب نشر الفاحشة بين المسلمين، والله تعالى قد توعد من هذه حاله، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، أي يحبون أن تفشوا الفاحشة وتنتشر يحبون ذلك ويعملون له، قال قتادة يحبونَ أَن يظْهر الزِّنَا. وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ﴾ أي: الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة ﴿ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾؛ أي: موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك من إظهاره ونقله؟ وتأمل في عقابهم؛ قال تعالى: ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ وجيع في الدنيا بالحد، وفي الآخرة عذاب جهنم. الثاني: الستر على المسلمين وعدم التعرض لهم بالأذى الحسي والمعنوي. والذي يحب إشاعة ونشر الفاحشة عبر وسائل التقنية تنافى فعله مع حب الستر؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ». وقال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». فالواجب على المسلمين أن يكونوا جسدًا واحدًا، يحنوا بعضهم على بعض، ويستر بعضهم بعضًا، لا أن يتقصد بعضهم أذية بعض، وإلحاق الضرر والأذى بإخوانه المسلمين وأخواته المسلمات، عبر وسائل التواصل وأجهزة التقنية الحديثة والقنوات، والله تعالى ستِّير يحب الستر. الأمر الثالث: أيها المسلمون إن الاستخدام السيئ لهذه النعم تضمن أمرًا خطيرًا، وهو المجاهرة بالمعصية والتفاخر بها، والتباهي بفعلها بين الناس، وهذا أمر في غاية الخطورة؛ فعن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ". قَالَ ابن بَطَّالٍ فِي الْجَهْرِ بِالْمَعْصِيَةِ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَادِ لَهُمْ، وَفِي السِّتْرِ بِهَا السَّلَامَةُ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ؛ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ تُذِلُّ أَهْلَهَا وَمِنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ فِيهِ حَدٌّ وَمِنَ التَّعْزِيرِ إِنْ لَمْ يُوجِبْ حَدًّا وَإِذَا تَمَحَّضَ حَقُّ اللَّهِ فَهُوَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ وَرَحْمَتُهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ فَلِذَلِكَ إِذَا سَتَرَهُ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَفْضَحْهُ فِي الْآخِرَةِ وَالَّذِي يُجَاهِرُ يَفُوتُهُ جَمِيعُ ذَلِك. والحديث مصرح بذمِّ مَن جاهر بالمعصية، فيستلزم مدح من تستر، وستر الله مستلزم لستر المؤمن على نفسه، فمن قصد إظهار المعصية والمجاهرة بها، فقد أغضب ربه فلم يستره، ومن قصد التستر بها من الله عليه بستره إياها. أرأيتم يا عباد الله كيف أن ربكم تبارك وتعالى يحب الستر؟! ثم علينا أن نتخيل ونحن في العرصات يوم القيامة: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم. الخطبة الثانية الحمد لله الذي يمهل ولا يهمل وهو الحليم الغفور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأطهار. أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، إن من تهاون باستخدام وسائل التقنية في أذية المسلمين، إنه لعلى خطر عظيم؛ فعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ». وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ، فَقَالَ: «مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ». وقد قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58]. إن هذه الأمور - مِن نشر الفاحشة، والمجاهرة بها، وأذية المسلمين - ارتبطت ارتباطًا وثيقًا باستخدام أجهزة التقنية الحديثة في هذه الأزمنة بين مَن لا خلاق لهم. عباد الله، إن هذه الأجهزة نعمة من النعم إذا استخدمت في نشر الفضيلة والدعوة إلى الله، والنصح والتناصح بين المسلمين، ونشر العلم النافع والمفيد، ثم إن ما ننعم به من الأموال والصحة في الأبدان والوقت والفراغ، يوجب علينا شكر الرحمن؛ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ"، ثم لنعلم علم اليقين أننا سنسأل عما عمِلنا، ﴿ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ من خير وشر، فيجازيكم عليها أتم الجزاء وأعدله. هذا وصلوا على مَن أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |