من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اسم الله (المحسن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لطائف من أخبار العرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عقلية الصرف.. وعقلية الاستثمار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          قد أفلح من عُصِم من الهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          العيـد فرصـــة للتجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أشهر حوادث المسجد الحرام عبر التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ليس لليهود حق في القدس وأرض فلسطين!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التسيب الوظيفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          قصه ممتعة وعبرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          علمتني حلقات التحفيظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-11-2025, 02:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,600
الدولة : Egypt
افتراضي من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبره وثباته

من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: صبرهُ وثباتهُ

الشيخ عبدالله محمد الطوالة


الحمدُ للهِ وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فمن طبيعةِ العقولِ السليمةِ أنها لا تُسلِّمُ للدعاوى إلا بحجةٍ بيّنة، ولا تقبلُ مسألةً فيها خلافٌ إلا بدليلٍ صحيح وبرهانٍ قاطعٍ يورثُ اليقين ويُزيلُ الشك.. وكلما عظُمَت الدعوى، عظمت المطالبةُ بالدليل..

وحين يأتي رجلٌ فيقوُلُ إنه رسولٌ من عندِ الله، وأنه مؤيّدٌ بالوحي، وأن طاعتهُ فريضة، وأنَّ النجاةَ مُعلّقةٌ بتصديقه واتباعه، فللعقل أن يقفَ ليسأل سؤالًا بديهيًا: وما الدليل على صحة هذه الدعوى العظيمة؟

وحيثُ أنَّ الأدلةَ التي تثبتُ صدقَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم كثيرةٌ ومتنوعة، فقد اخترت منها اثنا عشر دليلًا مختلفًا.. أفردتُ كلًّ منها في مقالٍ مستقل، لتشكلَ في مجموعها سلسلةً من المقالات المتآزرة، تشهدُ على صدق الرسولِ صلى الله عليه وسلم شهادةً لا يبقى معها أدنى ريبٍ ولا شك.. (والسلسلة كلها منشورةٌ في هذا الموقع المبارك بحمد الله).

وفي هذا المقال سأتناولُ الدليلَ الثاني منها وهو: صبرُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم وثباته..

أيّها القارئُ الكريم: (فلتتأمّلِ المشهَدَ جيدًا).. فمحمدٌ صلى الله عليه وسلم، حين اكتملَ عقلهُ وبلغَ أربعينَ سنة، خرجَ على قومه فجأةً، وأعلنها بينهم مُدوَّيةً: (إنّي رسولُ اللهِ إليكم).. فيسخرُ منهُ الجميع، وينقلبُ عليه القريبُ قبلَ البعيد، ويتنادونَ لمعاداته، ويتداعونَ لتكذيبه وتحذيرِ النّاسِ منه، ويُطلِقونَ عليه (وهو ذو النّفسِ الأبيةِ) القابًا مُنفرةً كريهة، تُنافي تمامًا ما عُرفَ عنهُ من أخلاقٍ وطباعٍ طوالَ أربعينَ سنة، ثم يتكالبونَ عليه بكلّ ما في وسعِهم من عداوةٍ شرسة، وإيذاءٍ جسديٍ شديد، ومقاطعةٍ طويلةٍ قاسية، وحروبٍ نفسيةٍ عنيفة، واصنافٍ أُخرى من الإيذاءِ كثيرةٍ مؤلمة.. فهل سيتحملُ ويصبر، أم ينهارُ من كثرة المعارضة، وشدةِ الأذى، وقسوةِ المخالفين وعنفهم.. إننا أمامَ نوعٍ من الصبر والثّباتِ عجيبٌ ولا مثيلَ له أبدًا، فقد قالوا عنهُ كذّابٌ، وقالوا عنه: ساحرٌ، وقالوا عنه: كاهِنٌ، وقالوا عنه: شاعِرٌ، وقالوا عنه: أبتر، وقالوا عنه: مذمّم، وقالوا عنه: مجنونٌ، وما تركوا سُخريةً ولا لقبًا مُنفرًا إلا ورموه به، ولا اسلوبًا مؤذيًا إلا جربوه معه، ولا حربًا نفسيةً إعلاميةً (قذرةً) إلا مارسوها ضده.. كُلُّ ذلك وهو ثابتٌ صابرٌ.

هجاهُ شعراؤهم، وهاجمهُ خطباؤهم، فهمزوه ولمزوه، وشانوه وعابوه، ونفّروا الناس عنه، فثبت وصبر.. عذبوا أتباعهُ أشدَّ العذابِ، وآذوهُ فيهم أيما إيذاءٍ، فثبت وصبر، وأمرهم بالصبر والثبات.. حبسوا قرابتهُ (بني هاشم) في الشّعبِ وقاطعوهم وجوَّعوهم ثلاثَ سنواتٍ حتى أكلوا أوراقَ الشّجرِ فثبتَ وصبر.. وضعوا على ظهره وهو ساجدٌ سلا النّاقةِ فصبر.. خنقوهُ بردائه حتى جحظت عيناهُ فصبر.. طاردهُ الصبيانُ والسُّفهاءُ ورموهُ بالحجارة وبأقذع الكلامِ فثبتَ وصبر.. عرَضَ نفسَهُ على القبائل قبيلةً بعد قبيلة, وكُلهم قابلوه أسوأَ مقابلةٍ، وردُّوا عليهِ بأقبح الردودِ وبأقذعِ الكلام، فثبتَ وصبر.. حاصرُوا بيتهُ بأكثرَ من عشرين رجلًا مسلحينَ بسيوفٍ مسمومةٍ فثبتَ وصبر.. أخرجوهُ من مكةَ (أحبُّ الدّيارِ إليه) كارهًا فصبر.. طاردوه ووضعوا لمن يأتي برأسه (حيًا أو ميتًا) مائةَ ناقةٍ فثبتَ وصبر.. جمعوا له الجيوشَ الضخمةَ وحاربوهُ حربًا لا هوادةَ فيها، فثبتَ وصبر.. شجُّوا رأسهُ يومَ أُحدٍ، وَكسروا رُباعيته، وقتلوا عمَّهُ وخواصَّ أصحابهِ، فثبتَ وصبر.. تكالبَ عليه عشرةُ الآلافِ مُقاتلٍ من كلّ أطرافِ الجزيرة، وتوحدوا لحربه يومَ الخندقِ، فثبتَ وصبر.. حاولوا اغتيالهُ عدة مراتٍ ووضعوا له السمَّ في الطعام، فثبتَ وصبر.. اتهموه في عرضه الشريف، وافتروا على زوجته الطاهرةِ بهتانًا عظيمًا، فثبتَ وصبر.. أليس هذا شيئًا عجيبًا ومُذهلًا ولا مثيلَ له.. سنواتٌ طويلةٌ من الصّبر والثّباتِ والمجاهدة، تجاوزت العِشرينَ عامًا، كان من الممكنِ جدًا أن يُقتلَ في أي لحظةٍ منها.. فمن أينَ لهُ كُلُّ هذا الصّبرِ والثّبات.. وما الذي يجعلهُ يتحمَّلُ كلَّ هذه الآلامِ والمشاقِّ والمعاناة؟.. وهل يُعقلُ أن يكونَ ذلك كلهُ في سبيل جاهٍ أو رياسةٍ أو أيَّ هدفٍ دُنيوي كان؟

والله لو كان كاذبًا، لتراجع أمامَ صنوفِ الأذى والعذاب، ولو أرادَ مُلكًا أو مالًا، لقبل ما عرضوهُ عليه من المالِ والنساءِ والسُّلطةِ، مقابلَ أن يسكتَ أو يُهادن..

لكنهُ قالَ قولتهُ الخالدةَ لعمه: "واللهِ يا عمّ، لا أتركُ هذا الأمرَ حتى يُتمَّهُ اللهُ أو أَهلكَ دونه".. فأيُّ صبرٍ هذا؟.. وأيُّ ثباتٍ؟. واللهِ لا يكونُ هذا إلا عن يقينٍ لا يتزحزح، وإيمانٍ لا يتزلزل، ووحيٍّ من السماء لا يشكُّ فيه لحظة..

وواللهِ إنَّ هذا الثّباتَ المدهِش، والصّبرَ العجِيب، والعزمَ والتّصميمَ المذهلَ الذي استمرَ به صلى الله عليه وسلم حتى أدى رسالتهُ كاملةً، وبلَّغَ البلاغَ المبين، لهو أصدقُ برهـانٍ على صدقهِ المطلقِ في دعوته.. وأنهُ لا يمكنُ أن يكونَ إلا عن عقيدةٍ راسخة، وإيمانٍ قوي، ورسالةٍ كُلِّفَ بتبليغها، فهو لا يتنازلُ عنها ولو لقِيَ في سبيل ذلك حتفَه.. وواللهِ لو كان في نفسه أدنى قدرٍ من الشكّ أو التردد، لما استطاعَ أبدًا أن يصمدَ ذلك الصمودَ الأسطوري، ولاكثرَ من عشرين عامًا متواصلة.. وصدق الله: ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلا * وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا ﴾ [الإسراء:73].

وهكذا يتبيَّنُ لكل منصفٍ أنَّ صبره وثباته صلى الله عليه وسلم من أعظم البراهين القاطعة على صدقه، وأنه نبيٌّ مؤيَّدٌ من ربه، ناصحٌ في دعوته، مخلصٌ في تبليغه، ومن لم يقنعه هذا، فلن يقنعهُ برهان، ولن يهديه بيان..

ومع ذلك ففي المقال التالي، سنعيشُ مع شاهدٍ آخر من شواهد الصدق النبوي.. فنسألُ اللهَ أن يشرح صدرونا جميعًا للحق، وأن يهدينا سواء السبيل..
وأخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين..




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.88 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]