|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الفتح المبين من درر اليقين السيد مراد سلامة الخطبة الأولى الحمد لله شهِدت بوجوده آياتُه الباهرة، ودلت على كرم جوده نِعمه الباطنة والظاهرة، وسبَّحت بحمده الأفلاك الدائرة، والرياح السائرة، والسحب الماطرة، هو الأول فله الخلق والأمر، والآخِر فإليه الرجوع يوم الحشر، هو الظاهر فله الحكم والقهر، وهو الباطن فله السر والجهر، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير: أنشأتني ورحمتني وسترتني ![]() أحسِن فأنت المحسنُ المِفضالُ ![]() ما لي سواك وأنت غاية مقصدي ![]() والحق أنت وما عداك ضلالُ ![]() وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبدُالله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، إذا سار سار النور معه، وإذا نام فيح الطِّيب مضجعه، وإذا تكلم كانت الحكمة مرفعه: هو المختار من البرايا هو ![]() الهادي البشير هو الرسولُ ![]() عليه من المهيمن كل وقت ![]() صلاة دائمًا فيها القبولُ ![]() وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه، وتمسك بسنته، واقتدى بهديه، واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين: إلهي وسيدي ومولاي: إني ادخرت ليوم ورد منيتي ![]() عند الإله من الأمور خطيرا ![]() وهو اليقين بأنه الأحد الذي ![]() ما زلتُ فيه بفضله مغمورا ![]() وشهادتي أن النبي محمدًا ![]() كان الرسول مبشرًا ونذيرا ![]() وبراءتي من كل شرك قاله ![]() من لا يقر بفعله مقدورا ![]() وجميلُ ظني بالإله لما جنت ![]() نفسي وإن حرمت عليَّ سرورا ![]() إن الظلوم لنفسه إن يأتِه ![]() مستغفرًا يجد الإله غفورا ![]() فاشهد إلهي أنني مستغفر ![]() لا أستطيع لِما مننت شكورا ![]() أما بعد: فحياكم الله تعالى وبيَّاكم، وجمعني الله وإياكم مع إمام أهل اليقين سيد المرسلين، ورحمة الله للعالمين، صلى الله عليه وسلم، حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن الفتح المبين من درر اليقين، مع أعلى درجات السالكين، فما هو اليقين؟ وما منزلته من الدين؟ أعيروني القلوب والأسماع، أيها الأحباب. تعريف اليقين: قال السعدي رحمه الله: "اليقين هو العلم التام الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل"[1]. وقيل: اليقين هو التصديق الجازم، ويُعرف اليقين بآثاره في الأعمال، فمن شهد زورًا، أو أكل مال الناس بالباطل، لا يمكن أن يكون إيمانه قائمًا على اليقين[2]. وروى ابن أبي الدنيا في كتاب اليقين: "قال عليٌّ للحسن ابنه رضي الله عنهما: كم بين الإيمان واليقين؟ قال: أربع أصابع، قال: بيِّن، قال: اليقين ما رأته عينك، والإيمان ما سمعته أذنك وصدقت به، قال عليٌّ: أشهد أنك ممن أنت منه، ذرية بعضها من بعض"[3]. أيها الإخوة الكرام: اليقين بالله هو الذي يحقق المستحيل، اليقين بالله هو أن تكون كل الأبواب مغلقة، وكل الظروف صعبة، وكل المؤشرات توحي بعكس ما تتمناه، لكنك على يقين بأن الله سيصلح كل شيء، وسيتكفل بكل شيء. يقول ابن القيم متحدثًا عن اليقين بالله: "لو أن أحدكم همَّ بإزالة جبل وهو واثق بالله، لأزاله"؛ فثِق بالله، وثق بتدابيره، واجعل يقينك بالله هو سر الرضا بكل شيء يحدث لك. اليقين في القرآن الكريم ومنزلته من الدين: اعلم - علمني الله وإياك - أن القرآن الكريم تحدث عن اليقين في غير ما آية من آياته؛ فقال الحق سبحانه وتعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 1 - 5]. فعلَّق سبحانه الفلاح والهداية باليقين، فالطرق كلها مسدودة إلى الهداية إلا من سلك طريق أهل اليقين، فإنه يكون من جملة المهتدين المفلحين، وخصَّه سبحانه بعد الإيمان؛ لأنه الحامل الذي يدفع العبد إلى الرغبة والرهبة؛ فبه يحقق العبد مقام التقوى والإحسان، والهداية والتوكل، وبدونه يظل المرء في ريبه يتردد. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن منزلة اليقين: "هو من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضَل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمَّر العاملون، وعملُ القوم إنما كان عليه، وإشاراتهم كلها إليه، وإذا تزوج الصبر باليقين، ولد بينهما حصول الإمامة في الدين؛ قال الله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]. وخص سبحانه أهل اليقين بالانتفاع بالآيات والبراهين؛ فقال وهو أصدق القائلين: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [الذاريات: 20]. وخص أهل اليقين بالهدى والفلاح من بين العالمين؛ فقال: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 4، 5]. وأخبر عن أهل النار أنهم لم يكونوا من أهل اليقين؛ فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ ﴾ [الجاثية: 32]. فاليقين روح أعمال القلوب، التي هي روح أعمال الجوارح، وهو حقيقة الصِّدِّيقيَّة، وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره"؛ ا. هـ[4]. واعلم أن القرآن الكريم هداية ورحمة لمن كان من أهل اليقين، أما أهل الشك والعصيان فإنه يكون عليهم عمًى؛ يقول الله تعالى: ﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الجاثية: 20]. واليقين شرط من شروط لا إله إلا الله: واعلموا - يرحمكم الله - أن اليقين شرط من شروط تلك الكلمة، التي قامت عليها السماوات والأرض، والتي قامت عليها سوق الآخرة، فلا يكون العبد محققًا لشهادة التوحيد، حتى يكون لديه يقين راسخ بالله تعالى. اعلم – عبدَالله - أن اليقين المنافيَ للشك يكون شرطًا من شروط لا إله إلا الله، بأن يكون قائلها مستيقنًا بمدلولها يقينًا جازمًا، ينفي الوهم والشك والظن؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15]، وعند البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أُوحيَ إليَّ أنكم تُفتنون في قبوركم مثل فتنة المسيح الدجَّال، يُقال للميت: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن، فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا واتبعنا، هو محمد؛ ثلاثًا، فيُقال: نَمْ صالحًا، قد علمنا إن كنت لَموقنًا به، وأما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته))، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كنا قعودًا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهُرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطًا للأنصار لبني النجار، فدُرت به، هل أجد له بابًا؟ فلم أجد، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجه - والربيع: الجدول الصغير - فاحتفرت، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبو هريرة؟ فقلت: نعم، يا رسول الله، قال: ما شأنك؟ قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فاحتفرت كما يحتفر الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي، فقال: يا أبا هريرة، وأعطاني نعليه، فقال: اذهب بنعليَّ هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنًا بها قلبه، فبشِّره بالجنة …))، وذكر الحديث بطوله؛ [رواه مسلم][5].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |