|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خاطرة تربوية: فلنحذر الانسياق إلى ضفاف نهر الهوى! د. عوض بن حمد الحسني نعم ينبغي، بل يجب على العقلاء أن يستحضروا هذا التنبيه، وهم سائرون في هذه الحياة على ضوء مبادئ وقيم وأخلاق تضبط توجُّهاتهم وسلوكياتهم، وتكبح ردود أفعالهم القولية والفعلية، إذا أرادت أن تخرج عن المسار المبادئي والقيمي والأخلاقي لتصوراتهم وتوجهاتهم الفكرية البنَّاءة، إن كانوا في حالة استحضار لذلك! فالانسياق وراء ضفاف نهر الهوى في غفلة عن تحكيم تلك المبادئ والقيم والأخلاق الضابطة للسلوكيات؛ تُوقع في ردود أفعال لا تتلاءم ولا تتوافق مع المنظومة الأخلاقية والقيمية للتصورات الراشدة والنبيلة، لماذا؟! للتعامل مع اللحظة الآنية بعيدًا عن تلك التصورات أو للتعامل مع اختزالات سابقة لردة فعل هنا أو هناك، وهذا ما يجعل بعض العقلاء ينساق إلى ضفاف ذلك النهر المتعفِّن؛ فإذا انغمس فيه تلطَّخ بأوحاله، وانقسموا هناك إلى فريقين: فريق تنبَّه لذلك، وحكَّم عقله، وتحاكم إلى مبادئه وقيمه وأخلاقه؛ فعرف أنه في غفلة انساق وراء ذلك الاتجاه الخاطئ للانقياد للهوى، وأن الخلاص هو أن الخروج السريع من ذلك الوحل، وأن الاغتسال والتطهُّر من نهر التوبة، من أوحال ذلك المسار، هو العلاج والحل؛ ليعود إلى رقيِّه القولي والفعلي، وإلى التناغم التام بين تصوُّراته وسلوكياته الإيجابية، وإلى راحة البال وطُمَأْنينة النفس. والفريق الآخر: بدل أن يعترف بالخطأ ويعود إلى النقاء، ويتجاوز الهوى، والتخلُّص من أوحال ذلك النهر، حاول أن يوهم نفسه بصحة السلوك انقيادًا للهوى ومكابرة للرجوع إلى الحق؛ فزاد الوهن وهنًا، والضعف ضعفًا؛ فعند ذلك حاول أن يوجد مبررات لصحة فعل سلوكه، وهذا مما أضعف تدريجيًّا قناعته الداخلية؛ فتحوَّل الأمر لديه تدريجيًّا إلى أن تلاشت تلك القناعة الداخلية لوجود ذلك التناقض لديه بين التصوُّر والسلوك؛ وهذا مما يجعل هناك فجوةً كبيرةً للمعالجة، ومحاولة الردم لتقريب تلك الفجوات وتصحيح المسار؛ لماذا؟! لأنه لا يمكن أن يكون هناك تصحيح للمسار ما لم يكن هناك وجود استشعار داخلي لوجود ذلك التناقض، والشعور به، والتألم منه؛ مما يولد هناك محاولة لردم الفجوات أولًا بأول حتى يخرج من ذلك الوحل، ليستنشق هواء العافية، ويصحو من غفلة الهوى، وكلما كان الردم قويًّا ومحكمًا وسريعًا، كان التعافي من ذلك المرض أسرع بإذن الله، والعكس بالعكس. ونحن في هذه الحياة لا شك أننا بين مبادئ وقيم وأخلاق تصورية فكرية، تحاكم وتضبط سلوكياتنا لتكون ردود الأفعال القولية والفعلية لدينا متوافقة مع تصوُّراتنا التي نؤمن بها كمدخلات، ونعتقد صحتها، وندين الله بها. وهذه رسالة سلوكية في سياق خاطرة تربوية، حاولت التذكير بها لنفسي أولًا، ثم للعقلاء ثانيًا؛ فنحن في حاجة للتذكير دومًا، بل هو توجيه رباني ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، فيجب أن نستحضر دومًا في تعاملاتنا مع الآخرين، ما مدى التوافق بين السلوكيات الصادرة منا كمخرجات، دون تكلفٍ وتصنُّعٍ، وبين مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا كمدخلات؟! فكلما كانت الفجوة بين المدخلات والمخرجات قليلة أو لا تذكر، أو التناغم التام بينهما، كنا سائرين في الاتجاه الصحيح بخطوات واثقة، والعكس وبالعكس. ومن هنا يُصنعُ الفارق بين هذا وذاك؛ فالتصوُّر الصحيح والسليم هو الذي يُولِّد السلوك الإيجابي النافع للنفس والغير بدون تكلُّف وتصنُّع؛ فالسلوك يتبع التصور إيجابًا وسلبًا! قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19] هذا جانب تصوري فكري، ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19] هذا جانب سلوكي عملي؛ فالسلوك يتبع التصور إيجابًا وسلبًا، ولتصحيح السلوك لا بد أولًا أن يصحح التصور والفكر الداخلي للشخص نفسه، وأن يكون على يقين وإدراك للتجاوزات السلوكية الصادرة منه للآخرين، ثم يكون لديه القدرة على إدارة ذاته لتقَبُّل التصور الصحيح لتصحيح سلوكه، وإلا فسيبقى السلوك الخاطئ مرافقًا له؛ لأن المدخلات لديه توافق ذلك السلوك، وإن تصنع خلافه؛ فالسلوكيات قائمة على مدخلات "in put" وعلى مخرجات " put out "؛ فالعلاقة بينهما علاقة تلازمية طردية إيجابًا وسلبًا. هذا، وما توفيقي إلا بالله.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |