|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مكانة المرأة المسلمة ودورها في الرقي الحضاري الشيخ حاتم الطبشي الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : فهذه الكلمة موجهَّة إلى : الأخت الفاضلة الابنة الغالية إن فضل الإسلام على المرأة - وهي نصف المجتمع – ظاهر واضح ، لا يماري فيه إلا مكابر ، حيث إنه أنقذها وحرَّرها وردَّ إليها إنسانيتها وكرامتها ، ورفعها إلى القدر اللائق والمكانة الرفيعة . ولن يصل الإنسان المنصف ، والناقد الحيادي إلى هذه الحقيقة إلا إذا رجع واطلع على وضع المرأة قبل الإسلام ، أو في المجتمعات غير المسلمة ، عندها سيرى البون الشاسع ، والنقلة الهائلة التي حظيت بها بنت اليوم وأم المستقبل . ولقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في كثير من المجالات ، من التكليف والحقوق والواجبات ، فما من خطاب في كتاب الله تعالى يبدأ بقوله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا ، إلا والمقصود منه – غالباً – الجنسان معاً الرجال والنساء ، إلا إذا كان هناك قرينة صارفة ، أو كان في السياق ما يخصُّ الرجال فقط ، وهو قليل نسبياً . أنقذ الإسلام المرأة وحررها وأكرمها ورفعها إلى مصافِّ الرجال ، وعاشت أفضل أيامها في ظل المنهج الاسلامي والدستور الرباني ، ونهلت من معين هذه الشريعة : الإيمان والإسلام والإحسان والأخلاق ، ثم ساهمت مساهمةً فعالة في بناء البيت المسلم ، وشاركت في تشييد المجتمع المؤمن ، أحسنت فيما بينها وبين ربِّها ، وفيما بينها وبين بعلها وانتبهت إلى أولادها فأرضعتهم مبادئ التوحيد ، وأنشأتهم في ظلال الإيمان ، وأحسنت رعايتهم مع أركان الإسلام ، وبالغت في تربيتهم على الخلق الكريم ، والسلوك القويم ، على الحشمة والعفة ، على العزة والكرامة ، والشجاعة والشهامة ، والمروءة والوفاء . ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم([1]) حيث يقول : الأم مدرسة إذا أعددتـها أعددت شعباً طيب الأعراق الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيــما إيراق الأم أستاذ الأساتذة الأُلى شغلت مآثرهم مدى الآفاق([2]) ونشأ هذا الجيل ، ذكوراً وإناثاً ، وكبر وترعرع ، وحمل الأمانة بكل اقتدار ، وسار وفق النهج السَّويِّ الذي تربى عليه ، يؤمن بالله تعالى ربَّاً ، وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً ورسولاً . وقف هذا الجيل المؤمن في وجه صروف الدهر ، أبياً عزيزاً ، وشهماً كريماً ، يتعفف عن مغريات الدنيا وشهواتها وأهوائها : قد رشَّحوك لأمر لوفطنت له فارْبَأْ بنفسك أن ترعى مع الهمل([3]) ويواجه بكل حزم وبأس وقوة محنها وأخطارها ، غير عابىءٍ بما يصيبه جراء ذلك ، محتسباً الأجر عند الله تبارك وتعالى :ولست أبالي حين أصرع مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي([4]) رضع هذا الجيل مبادئ الفضيلة والهدى ، والتقوى والرشاد ، فارتفعت راية الإسلام خفَّاقةً ، وأخذ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ، وسعدت البشرية أيما سعادة ، في ظلال الإيمان ، وتحت راية القرآن . وكان التقدم يسير بالأمة باطِّراد ، حتى ارتفع شأنها ، وعلت كلمتها ، وهابها من كانت تهابه ، وبخاصةٍ القوتان العظميان آنئذٍ : فارس والروم . وكيف ساس رعاة الإبل مملكةً ما ساسها قيصرٌ من قبل أو شاهـُ([5]) وقد صاحب هذا التقدم الإيماني ، والتوسع الإسلامي : تقدم وتطور مادي ، في مجال العلوم بكافة أنواعها : الدينية والدنيوية ، فبرز علماء ، ونبغ فقهاء ، وظهر مكتشفون ، وبرع مخترعون ، مازالت كتبهم وآراؤهم العلمية بين يدي طلاب العلم ورواد المعرفة ، ومازالت أجيال من الأمم تتربى وتتعلم على مناهجهم ونظرياتهم . أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا ياجرير المجامع([6]) ثم أين موقع المرأة من هذا الرقي الحضاري ؟ الجواب : إنها بعد فضل الله وتوفيقه : أول وأهم أسبابه ، أليست هي نصف المجتمع ، أليست هي المرضع والفاطم والمربية ؟ والذي ينظر إلى واقعنا اليوم ويرى ما نعانيه من ويلات التقهقر والتراجع ، والمذلة والهوان ، والجهل والتأخر ، والتبعية والانقياد : كم صرَّفتنا يدٌ كنا نصرفها وبات يحكمنا شعب ملكناه([7]) وأصبحنا نحتاج غيرنا ، ونفتقر في بعض ضرورياتنا إلى عدونا ، نتردد على الأعتاب نلتمس القِرَى ، ونطرق الأبواب لعلنا نتعلم باباً من أبواب العلم ، أو طريقاً من طرق المعرفة : وما لي لا أرى في الركب قومي وقد كانوا أئمته قروناً ضعفت الهمم أو بعضها ، وكلَّت العزائم ، وقعد الطموح بأهله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . أين دور المرأة من هذا التقهقر والتراجع ؟ أين هي الآن لتتحمل دورها ومسؤوليتها الكاملة ، إنه نداء إلى الأخوات الفاضلات وإلى البنات الغاليات كي يعرفن مكانهن ويتبوأن مكانتهن ، ويؤدين الواجب على أكمل وجه : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )([8]) . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ [1] - هو شاعر النيل محمد حافظ بن إبراهيم فهمي الشهير بحافظ إبراهيم ، ولد سنة 1871 م في ديروط ، نشأ يتيماً ، نظم الشعر أثناء الدراسة ، ثم عمل محامياً ، ثم التحق بالمدرسة الحربية ، وعمل بجريدة الأهرام ، طار صيته واشتهر شعره ، كان قوي الحافظة ، راوية سميراً مرحاً ، حاضر النكتة ، جهوري الصوت ، بديع الإلقاء ، كريم اليد في بؤسه ورخائه ، له : ديوان حافظ مجلدان ، وغيره ، توفي عام : 1932 م ، باختصار من الأعلام 6/76 . [2]- البيت من قصيدته التي مطلعها : كم ذا يكابد عاشقٌ ويلاقي في حب مصرَ كثيرة العُشَّاقِ [3] - البيت من لامية ابن الوردي ، ويروى : قد هيَّأوك لأمرٍ . [4] - البيت لخبيب بن مطعم رضي الله عنه ، قاله قبل أن يستشهد بأيدي مشركي مكة . [5] - البيت من قصيدة لأحمد محرم ، مطلعها : ما لي وللنجم يرعاني وأرعاه أمسى كلانا يعاف الغمض جفناه . [6] - البيت للفرزدق همام بن غالب التميمي من قصيدة في الفخر ، مطلعها: منا الذي اختير الرجال سماحةً وخيراً إذا هبَّ الرياح الزعازع [7] - البيت من قصيدة أحمد محرم المذكور في الصفحة السابقة . [8] - الرعد: من الآية11
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |