|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تبرؤ المتبوعين من أتباعهم الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾[النِّسَاءِ:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71]. أَمَّابَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. أَيُّهَاالنَّاسُ: الشَّرَاكَةُ تَكُونُ فِي الْخَيْرِ كَمَا تَكُونُ فِي الشَّرِّ، وَالِاتِّبَاعُ يَكُونُ فِي النَّفْعِ كَمَا يَكُونُ فِي الضُّرِّ، وَمَنْ دَلَّ غَيْرَهُ عَلَى خَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ دَلَّ غَيْرَهُ عَلَى شَرٍّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِهِ، وَالنَّاسُ فِي الْخَيْرِ وَفِي الشَّرِّ أَتْبَاعٌ وَمَتْبُوعُونَ، فَإِمَّا حَمِدُوا اتِّبَاعَهُمْ لَهُمْ، وَأَثْنَوْا عَلَيْهِمْ بِهِ، وَإِمَّا ذَمُّوا اتِّبَاعَهُمْ لَهُمْ وَتَبَرَّؤُوا مِنْهُمْ. وَفِي الْقُرْآنِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ يَتَجَادَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَنَّ الشُّرَكَاءَ يَتَّهِمُونَ شُرَكَاءَهُمْ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ الْمَتْبُوعِينَ يَتَبَرَّؤُونَ مِنَ الْأَتْبَاعِ؛ لِيَعْلَمَ قُرَّاءُ الْقُرْآنِ أَنَّ مَا يَرَوْنَهُ مِنْ شَرَاكَتِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَالْعِصْيَانِ سَتَكُونُ وَبَالًا عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ صَدَاقَتَهُمْ وَتَوَاصِيَهُمْ بِالشَّرِّ وَالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ سَتَنْقَلِبُ إِلَى عَدَاوَةٍ شَدِيدَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 67]. فَمَنْ عَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَتَبَرَّأُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ عِبَادَتِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يَرْضَوْنَ بِالشِّرْكِ وَالْمَعْصِيَةِ ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴾ [سَبَأٍ: 40-41]. وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَتَبَرَّؤُونَ مِمَّنْ عَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَعِبَادَةِ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّ الرُّسُلَ إِنَّمَا جَاءَتْ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَةِ، وَنَهَتْ عَنِ الشِّرْكِ وَالْمَعْصِيَةِ؛ ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 116-117]. وَالْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ وَالْأَوْلِيَاءُ الصَّالِحُونَ يَتَبَرَّؤُونَ مِمَّنْ عَبَدُوهُمْ حِينَ يُسْأَلُونَ عَنْهُمْ: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا * فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 17-19]؛ وَالْمَعْنَى: «أَأَنْتُمْ أَمَرْتُمُوهُمْ بِعِبَادَتِكُمْ؟ أَمْ هُمْ أَخْطَأُوا الطَّرِيقَ؟ فَأَجَابُوهُمْ بِقَوْلِهِمْ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْبُدَ غَيْرَكَ وَنَتَّخِذَ غَيْرَكَ وَلِيًّا وَمَعْبُودًا؛ أَيْ: فَكَيْفَ نَدْعُو إِلَى عِبَادَتِنَا إِذَا كُنَّا نَحْنُ لَا نَعْبُدُ غَيْرَكَ؟». وَيَتَبَرَّأُ الْمَعْبُودُونَ مِنْ عَابِدِيهِمْ، وَالْمَتَبُوعُونَ مِنْ تَابِعِيهِمْ، وَالْمُغْوُونَ مِمَّنْ أَغْوَوْهُمْ وَصَدُّوهُمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 166]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ ﴾ [يُونُسَ: 28]، «فَأَنْكَرُوا عِبَادَتَهُمْ، وَتَبَرَّؤُوا مِنْهُمْ» ﴿ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ ﴾ [يُونُسَ: 29]؛ «أَيْ: مَا كُنَّا نَشْعُرُ بِهَا وَلَا نَعْلَمُ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَنَا مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي بِكُمْ، وَاللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنَّا مَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَى عِبَادَتِنَا، وَلَا أَمَرْنَاكُمْ بِهَا، وَلَا رَضِينَا مِنْكُمْ بِذَلِكَ». وَفِي إِنْذَارِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ مَعْبُودَاتِهِمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى تَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا أَنَّ مَنْ دَعَوْهُمْ إِلَى عِبَادَتِهَا مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ يَتَبَرَّؤُونَ مِنْهُمْ: ﴿ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 25]. وَكُلُّ مَعْبُودٍ مِنَ الْخَلْقِ يَكُونُ عَدُوًّا لِعَابِدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، جَاحِدًا لَهُ، مُتَبَرِّئًا مِنْهُ، لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ كَمَا لَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ فِي الدُّنْيَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا ﴾ [الْكَهْفِ: 52]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ﴾ [فَاطِرٍ: 13-14]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾ [الْأَحْقَافِ: 6]. وَتَصِلُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمْ إِلَى حَدِّ تَلَاعُنِهِمْ، وَدُعَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 64-68]. وَكَانَ الْأَتْبَاعُ فِي الدُّنْيَا يُعَظِّمُونَ الْمَتْبُوعِينَ، وَيَسِيرُونَ فِي طَرِيقِهِمْ، وَيَلْزَمُونَهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ، ثُمَّ فِي النَّارِ يَتَمَنَّوْنَ وَطْأَهُمْ وَإِهَانَتَهُمْ: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ﴾ [فُصِّلَتْ: 29]، فِيَا لَهَا مِنْ صُحْبَةٍ شَقِيَّةٍ، وَوِلَايَةٍ مَشْؤُومَةٍ، وَنِهَايَةٍ أَلِيمَةٍ مُهِينَةٍ، يَتَمَنَّى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَنَّهُ مَا عَرَفَ صَاحِبَهُ الَّذِي أَغْوَاهُ وَلَا رَآهُ. وَالْمُشْرِكُونَ حِينَ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا أَرَادُوا الْعِزَّ بِمَا عَبَدُوا، فَانْقَلَبُوا ضِدَّهُمْ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ﴾ [مَرْيَمَ: 81-82]؛ أَيْ: «يَصِيرُونَ أَعْوَانًا عَلَيْهِمْ، يُكَذِّبُونَهُمْ، وَيَلْعَنُونَهُمْ، وَيَتَبَرَّؤُونَ مِنْهُمْ». نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ، وَنَسْأَلُهُ الثَّبَاتَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ. وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ... الخطبة الثانية الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.أَمَّابَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[آلِ عِمْرَانَ: 131-132]. أَيُّهَاالْمُسْلِمُونَ: لِكُلِّ إِنْسَانٍ قَرِينٌ يَدْعُوهُ لِلشَّرِّ، فَإِنْ أَطَاعَهُ أَغْوَاهُ وَأَرْدَاهُ، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 36-38]. وَيُخَاصِمُ الْكَافِرُ قَرِينَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَنَّهُ أَغْوَاهُ، وَصَدَّهُ عَنِ الْإِيمَانِ، وَهَذِهِ الْمُخَاصَمَةُ مَذْكُورَةٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [ق: 23-29]. وَالَّذِينَ يُغْوُونَ النَّاسَ، وَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، يُظْهِرُونَ لَهُمُ النُّصْحَ فِي الدُّنْيَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ عَنْهُمْ ذُنُوبَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُونَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّكْذِيبِ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْإِنْكَارِ لَهُ، فَيُورِدُونَهُمْ دَارَ السَّعِيرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 12-13]. فَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ أَنْ يَغْتَرَّ بِقَوْلِ مَنْ يَصُدُّونَهُ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ يُزَيِّنُونَ لَهُ شَيْئًا مِنَ الْكُفْرِ أَوِ الْبِدْعَةِ أَوِ الْمَعْصِيَةِ، أَوْ يُشَكِّكُونَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ دِينِهِ؛ فَإِنَّهُ إِنِ اسْتَمَعَ لَهُمْ ضَلَّ وَغَوَى، فَأَوْبَقَ نَفْسَهُ وَأَهْلَكَهَا، وَحِينَ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى بِجِنَايَتِهِ يَتَبَرَّأُ مِنْهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ الَّذِينَ أَهْلَكُوهُ وَأَغْوَوْهُ، وَزَيَّنُوا لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ، فَلَا يَنْفَعُونَهُ شَيْئًا، وَلَا يُخَفِّفُونَ عَنْهُ عَذَابَهُ، بَلْ يَزِيدُونَهُ أَلَمًا وَحَسْرَةً إِذَا انْقَلَبُوا عَلَيْهِ، وَتَبَرَّؤُوا مِنْهُ ﴿ وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 64]. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |