|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث: ((أنتم أعلم بأمر دنياكم)) أبو عاصم البركاتي المصري أخرج مسلم برقم (2363) عن أنس وعن عائشة كذلك، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقوم يلقحون، فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شِيصًا، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال: أنتم أعلم بأمر دنياكم)). ولهذا الحديث طريق آخر في صحيح مسلم برقم (2362) عن رافع بن خديج، قال: ((قدِم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يأبُرون النخل، يقولون: يلقحون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه، قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا، فتركوه، فنفضت أو فنقصت، قال: فذكروا ذلك له، فقال: إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي، فإنما أنا بشر)). معاني الكلمات: يلقحون أو يأبرون: يضعون الطلع الذكري على النخلة الأنثى ليخرج الثمر جيدًا. شيصًا: أي رديئًا. نفضت ونقصت: يعني: لم تعطِ النتاج المنتظر. شرح الحديث: دلَّ الحديث على أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من باب التجربة في أمور الدنيا، فهذا راجع لبشريته، بخلاف ما قاله في أمور التشريع والأحكام، فهذا بوحي الله تعالى ويجب العمل به، وفي الحديث بيان عصمة الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله عز وجل. ويوضِّح هذا ما قال الإمام النووي في شرح مسلم (15/ 116): "قوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأيي))؛ أي: في أمر الدنيا ومعايشها لا على التشريع، فأما ما قاله باجتهاده صلى الله عليه وسلم، ورآه شرعًا يجب العمل به"؛ [انتهى]. وقد فهِم الصحابة الكرام رضي الله عنهم هذا المعنى؛ فمن ذلك الباب قول الحباب بن المنذر رضي الله عنه في غزوة بدر: ((يا رسول الله، منزلٌ أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال الحباب: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل...))؛ الحديث[1]. لأن الأصل عندهم: أن كل ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام بقصد التشريع أنه وحي. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه فيما لم يرد فيه وحي؛ عملًا بقول الله تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159]. ويجدر الإشارة إلى أنه ليس في الحديث ما يدل على مجانبة السنة النبوية أو رفضها، كما لوَّح بذلك منكرو السنة، وراحوا يرددون أن الحديث دليل على عدم حجية السنة، وأن الأمر في مسائل الأحكام والتشريع راجع إلى الاجتهاد والرأي، لا إلى الدليل والاتباع، وقد تولى رسول الله صلى الله عليه وسلم التحذير من هذا القول والمذهب؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ألَا إني أُوتيت الكتاب ومثله معه، ألَا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحِلُّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرِّموه، أَلَا لا يحل لكم لحمُ الحمار الأهلي، ولا كل ذي نابٍ من السبع، ولا لقطة معاهَد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقومٍ، فعليهم أن يَقْروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه))؛ [أخرجه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني]. وقد فرض الله تعالى طاعةَ رسوله واتباعه فيما بلغ؛ فقال سبحانه: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80]. هذا ما تيسَّر، والله وحده من وراء القصد. [1] أخرجه ابن إسحاق في السيرة النبوية (2 /313)، والبيهقي في دلائل النبوة (3 /35).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |