|
استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() منهج التعارف بين الأمم أ. د. علي بن إبراهيم النملة والأصل أن مِن مقاصد خَلْق الأممِ التعارفَ، وتغليب نقاط الالتقاء الكثيرة بين الأمم، بمعنى أن مساحات التلاقي أوسعُ بكثير من هامش الاختلاف، ومن ثَمَّ عدم الالتفات إلى وجود فروقات إثنية أو عرقية أو جنسية[1]؛ وإنما يتفاضل الخلق بأعمالهم التي يكونون قريبينَ فيها من الخالق جل وعلا؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]. التعارف بين الشعوب والقبائل "هو أحدُ أرقى المفاهيم وأكثرها قيمةً وفاعلية، ومن أشدِّ وأهم ما تحتاج إليه الأممُ والحضارات، وهو دعوة لِأَنْ تكتشف وتتعرَّف كلُّ أمة وكل حضارة على الأمم والحضارات الأخرى، بلا سيطرة ولا هيمنة، أو إقصاء أو تدمير. والتعارف "هو الذي يُحقِّق وجود الآخر ولا يُلغيه، ويؤسس العَلاقة والشراكة والتواصل معه، لا أن يقطعها أو يمنعها أو يقاومها"؛ كما يقول زكي الميلاد[2]. التأسيس للعَلاقة والشراكة والتواصل يقتضي حدًّا أدنى من المساواة؛ ذلك أن الفكر الاستشراقي متَّهمٌ بأنه أسهَم في إقامة شراكةٍ غيرِ متساوية بين الشرق والغرب، لا يكاد يفلتُ منها باحثٌ في الغرب، حتى لو لم يكن مستشرقًا، "معنى هذا أن كل فكر غربيٍّ هو في عَلاقته بالشرق فكرٌ استشراقي؛ لأنه ينظر إلى الشرق بعينِ هذا الفكر؛ ولأن الشرق هذا هو شرقُ الاستشراق لا الشرق نفسه، فالعَلاقة بين الشرق والغرب هي إذًا في الفكر الغربي محكومةٌ بالفكر الاستشراقي، لا يفلت من هذا الفكرِ فكرٌ"[3]. لقد كان للاستشراق أثرٌ في ترسيخ مفهوم التعارف بين الأمم من زاويتين؛ الأولى الإيجابية، والأخرى السلبية، ويقتضي الأمر قياس هاتين الزاويتين؛ من حيث طغيانُ إحداهما على الأخرى، وقد طغت السلبية على معظم الدراسات الاستشراقية المتأخِّرة، التي ركَّزت على حوار الحضارات، بدلًا من تعارف الحضارات، والذي يبدو أن التعارفَ أشملُ من مجرد الحوار[4]، والتعارف يقود إلى التفاهم. والمؤكد أن هذا البعد الاستشراقي كان له أثرُه في البُعد الإعلامي في التعارف، الأمر الذي يخرج عن نطاق هذا البحث[5]. والأصل أن من مقاصدِ الخلقِ أن يكون الناس أممًا، وليس أمة واحدة؛ وذلك تثبيتًا لمبدأ التسابق إلى الخيرات، ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48]. [1] اشتهر عن المستشرق الفرنسي الفيلسوف إرنست رينان إيمانه القاطع بالعرقية، وتفوُّق بعض الأجناس على البعض الآخر، وطوَّع أبحاثه ودراساته الاستشراقية لدعم نظريته هذه. انظر: عبدالرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 4، 2003م، ص 311 - 320. وانظر أيضًا: نجيب العقيقي: المستشرقون: موسوعة في تراث العرب، مع تراجم المستشرقين ودراساتهم عنه منذ ألف عام حتى اليوم، 3 مج، القاهرة، دار المعارف، ط 4، 1980م، 1: 191. [2] انظر: زكي الميلاد: المسألة الحضارية: كيف نبتكر مستقبلنا في عالم متغيِّر، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 1999م، ص 336. [3] انظر: مهدي عامل: هل القلب للشرق، والعقل للغرب؟، ماركس في استشراق إدوارد سعيد، بيروت، الفارابي، ط 3، 2006م، ص 9 - 10. [4] انظر: زكي الميلاد: من حوار الحضارات إلى تعارُف الحضارات، ص 33 - 65، في: زكي الميلاد، معد: تعارُف الحضارات، مرجع سابق، ص226. [5] انظر: طاهر عبد سالم: تعارُف الحضارات: من أطروحات الاستشراق إلى التمركُز الإعلامي والدعاية المضادة، ص 115 - 141، في: زكي الميلاد، معد: تعارُف الحضارات، المرجع السابق، ص226.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |