|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل في المال حق سوى الزكاة؟ د. محمد بن علي بن جميل المطري بعض الأغنياء الصالحين يظن أنه إذا أخرج زكاة أمواله فقد برئت ذمَّته من كل حقٍّ مالي، ولم يعُدْ مطالبًا بإخراج الصدقات، ولا التعاون على البر والتقوى، وهذا خطأ، ففي المال حق سوى الزكاة، وقد روى أبو عبيد في الناسخ (48) من طريق هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن سالم قال: سمعت الشعبي وسئل: هل في المال حق سوى الزكاة؟ قال: نعم، وتلا هذه الآية: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177] إلى آخرها. وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 411)، بسند صحيح، عن إبراهيم النَّخَعي قال: كانوا يرون في أموالهم حقًّا سوى الزكاة. وروى أيضًا، بإسناد صحيح، عن مجاهد: ﴿ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴾ [المعارج: 24] قال: سوى الزكاة. وروى أيضًا، بإسناد صحيح، عن قزعة قال: قلت لابن عمر: إن لي مالاً، فما تأمرني إلى من أدفع زكاته؟ قال: ادفعها إلى وليِّ القوم، يعني الأمراء، ولكن في مالك حقٌّ سوى ذلك يا قزعة. وعن مزاحم بن زفر قال: كنت جالسًا عند عطاء، فأتاه أعرابي فسأله: إن لي إبلاً، فهل علَيَّ فيها حق بعد الصدقة؟ قال: نعم. وروى أيضًا عن عبدالأعلى، عن هشام، عن الحسن قال: في المال حق سوى الزكاة. ويدلُّ على أن في المال حقًّا سوى الزكاة ما ذكرناه في هذه الرسالة من آيات كثيرة فيها الحث على الصدقة، والأمر بها، والثناء على من يتصدق بأمواله سرًّا وجهرًا، وليلاً ونهارًا، وفي كثيرٍ من الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن في المال حقًّا سوى الزكاة، ومن ذلك الحديث الصحيح: ((ليس المؤمن بالذي يشبَعُ وجارُه جائع إلى جنبه))؛ رواه الطبراني عن ابن عباس، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (5382)، وفي الصحيحين عن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه قال: انتهيتُ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في ظلِّ الكعبة، فلمَّا رآني قال: ((هم الأخسرون وربِّ الكعبة!))، قال: فجئت حتى جلست، فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، مَن هم؟! قال: ((هم الأكثرون أموالًا، إلَّا مَن قال هكذا وهكذا وهكذا - مِن بين يديه ومِن خلفه، وعن يمينه وعن شماله - وقليلٌ ما هم)). الخاتمة: يجب على أغنياء المسلمين أن يشكُروا ما هم فيه من نعمة المال؛ ففضل المال لا يُجهل، وفضل الغنيِّ الشاكر لا يُنكر، وفي الحديث: ((المؤمن القويُّ خيرٌ مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير))، وإن من أعظم قوة المؤمن: قوة المال؛ فبالمال يستطيع الغنيُّ الموفَّق أن يعمل مِن الخير ما لا يستطيعه الفقراء؛ ولذا حث الإسلامُ على جمع المال مِن حِلِّه، وأثنى الله في كتابه على مَن لهم تجاراتٌ وبيوعٌ لا تُلهيهم عن ذِكره، ولا تشغَلُهم عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. وكم في القرآن مِن آيات فيها الثناء على المنفقين أموالَهم، والمحسنين على غيرهم، ولا تجب الزكاة إلا على الأغنياء، وورَدت الأحاديثُ الصحيحة في الحث على الصدقة والجود والسخاء، وأعظم مَن يقوم بهذا أهلُ السَّعة والفضل من المسلمين؛ ولذا كان كثير من علماء السلف يحثُّون الناسَ على جمع المال والتجارة فيه، وكانوا يُوصُون صاحبَ المال أن يترك العجز والكسل، وأن يحرِص على ما ينمي ماله؛ لينفَع نفسه وغيره، وكان السلف الصالح يعُدُّون إصلاحَ المال وتنميتَه مِن المروءة. والناظرُ في سيرةِ أغنياء السلف يجد أنهم كانوا يتوسَّعون في جمع المال بما يستطيعون مِن حِلِّه، مع زهدهم وورَعِهم، وكان قصدُهم بجمع المال أن يتقرَّبوا به إلى الله؛ بإخراج الزكاة، والتصدق من الأرباح، فكانوا ينفقون من أموالهم سرًّا وجهرًا، وليلاً ونهارًا. وقد ذكَرْنا في هذه الرسالة مِن فوائد الزكاة والصدقات وأخبار المحسنين ما يحمِل الغنيَّ الموفَّق على المسارَعة في الخيرات، والمبادَرة بإنفاقِ الأموال في مرضاتِ الله، وهذا إحسانٌ منه لنفسِه قبل أن يكونَ إحسانًا لغيره، والمُوفَّق مَن وفَّقه الله.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() هل في المال حق سوى الزكاة؟ د. محمد بن علي بن جميل المطري الصحيح أنَّ في المال حقًّا سوى الزكاة، قال الله تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 177][1]، وقال سبحانه: ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]، وعن أبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ!))، قلت: مَن هم يا رسول الله؟! قال: ((هُمُ الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ))[2]. ومما يجب على المسلم سوى الزكاة المفروضة: صلة الأرحام وإكرام الضيف وإطعام الجائع وإغاثة الملهوف ومواساة المحتاجين بقدر غناه واستطاعته[3]. [1] روى أبو عبيد القاسم بن سلام في الناسخ والمنسوخ (48) عن إسماعيل بن سالم قال: سمعت الشعبي وسئل: هل في المال حق سوى الزكاة؟ قال: نعم، وتلا هذه الآية: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 177]، ووجه الدليل أن الله ذكر في أول هذه الآية إيتاء المال لذوي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، ثم ذكر في آخرها الزكاة، فدل على أنَّ في المال حقًّا سوى الزكاة. [2] رواه البخاري (6638) ومسلم (990). [3] يظن بعض الأغنياء أنه إذا أخرج زكاة أمواله مرة في السنة، فقد برئت ذمَّته من كل حقٍّ مالي، ولم يَعُدْ مطالبًا بإخراج الصدقات، ولا التعاون على البر والتقوى، وهذا خطأ عظيم، ففي المال حق سوى الزكاة، وظاهر كثير من الآيات مشروعية الاستمرار في فعل الصدقات؛ كقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾ [البقرة: 274]، وقوله سبحانه حاكيًا عن عيسى عليه الصلاة والسلام أنه قال: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31] على أحد القولين في تفسير الآية، وقوله سبحانه: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ﴾ [النور: 37]، وقرن الله بين الإيمان والإنفاق فقال سبحانه: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7]، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه في باب من قال: في المال حق سوى الزكاة (2/ 411) بسند صحيح عن إبراهيم النَّخَعي قال: (كانوا يرون في أموالهم حقًّا سوى الزكاة)، وروى بإسناد صحيح عن مجاهد: ﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [المعارج: 24، 25]، قال: (سِوى الزكاة)، وروى أيضًا عن ابن عمر وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري أن في المال حقًّا سوى الزكاة، واستدل ابن حزم على أن في المال حقًّا سوى الزكاة بأحاديث منها ما رواه البخاري (3046) من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَفُكُّوا العَانِيَ))، ونقل ابن حزم ذلك عن جمع من الصحابة؛ كعمر وعلي وابن عمر، والحسن بن علي وعائشة، وأبي عبيدة وأبي سعيد الخدري، ثم قال ابن حزم: "هذا إجماع مقطوع به من الصحابة رضي الله عنهم، لا مخالف لهم منهم، وصح عن الشعبي ومجاهد وطاوس وغيرهم كلهم يقول: في المال حق سوى الزكاة"؛ يُنظر: المحلى لابن حزم (4/ 282، 283)، وجمهور الفقهاء أنه ليس في المال حق سوى الزكاة، قال القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/ 497): "قول الجمهور أنه لا حق في المال يجب سوى الزكاة، وما جاء من غير ذلك، فعلى سبيل الندب وكرم الأخلاق"، وقال ابن حجر في فتح الباري (10/ 28): "قامت الأدلة عند الشافعية أنه لا يجب في المال حق سوى الزكاة"، والظاهر أن كثيرًا من خلاف الفقهاء في هذه المسألة خلاف لفظي، قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (1/ 88): "ليس في المال حق سوى الزكاة، وإذا وقع أداء الزكاة ونزلت بعد ذلك حاجة؛ فإنه يجب صرف المال إليها باتفاق من العلماء"، وقال مرعي الحنبلي في غاية المنتهى (1/ 341): "ليس في المال حق واجب سوى الزكاة، وقد يَعرِض ما يوجبه كإطعام جائع ونحوه"، وقال النووي في المجموع (3/ 3): "ليس في المال حقٌّ متأصل سوى الزكاة"، وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (7/ 316): "الزكاة تجب حقًّا لله في مال المسلم، وقولهم: ليس في المال حق سوى الزكاة أي: ليس فيه حق يجب بسبب المال سوى الزكاة، وإلا ففيه واجبات بغير سبب المال كما تجب النفقات للأقارب والزوجة والبهائم، ويجب حمل العاقلة، ويجب الإعطاء في النائبة، ويجب إطعام الجائع، وكسوة العاري فرضًا على الكفاية، إلى غير ذلك من الواجبات المالية لكن بسبب عارض"؛ انتهى بتصرف واختصار.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |