|
رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الليلة الثانية والعشرون: قال تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49] عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد: فالإنسان عُرضة دائمًا لأن تُصيبه النوائب والأحداث في هذه الدنيا؛ لأن هذه سُنة الله في خلْقه، وكل بني آدم معرَّضون للمصائب على اختلاف أنواعها؛ إما بموت قريبٍ أو عزيز، ومن شأن المصائب أنها تكدِّر الخاطر وتُحزن النفس، وما من إنسان لا يتأثَّر بما يُصيبه مهما كانت شخصيته ومكانته في المجتمع، ولكن التأثر بالأحداث شيء، والتسخط من القدر شيء آخرُ. لقد تأثر رسول الله صلى الله عليه وسلم لفقْد ولده إبراهيم، ولكنه قال: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ»؛ رواه البخاري 1303، ومسلم 2315 رحمهم الله تعالى. فأما الوهن الذي يُضعف الإنسان ويُقعده عن مزاولة الأعمال في هذه الحياة، فهو الأمرُ غير المرغوب فيه؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [الحديد: 22، 23]. الواجب على العبد أن يؤمِن بقضاء الله، وقدره، وأن يؤمِن بشرع الله، وأمره ونهيه، فعليه تصديق الخبر، وطاعة الأمر؛ (جامع الرسائل لابن تيمية رحمه الله 2 /341). فإذا أحسَن حَمِدَ الله، وإذا أساء استغفر الله، وعلِم أن ذلك كله بقضاء الله وقدره؛ فإن آدم عليه السلام لَما أذنَب تاب، فاجتباه ربُّه وهداه، وإبليس أصرَّ واحتج، فلعَنه الله وأقصاه، فمن تاب كان آدميًّا، ومن أصرَّ واحتجَّ بالقدر صار إبليسيًّا، فالسُّعداء يتَّبعون أباهم، والأشقياء يتبعون عدوَّهم إبليس؛ (فتاوى ابن تيمية رحمه الله 8 /64، وطريق الهجرتين لابن القيم رحمه الله 170). وعلى العبد أن يسعى في مصالحه الدنيوية، ويَسلُك الطرق الصحيحة الموصِّلة إليها، فإن أتت الأمور على ما يُريد حَمِدَ الله، وإن أتَت على خلاف ما يُريد صبَر واحتسَب الأجر من الله، وعلِم أن ذلك بقدر الله عز وجل. مراتب القضاء والقدر: المرتبة الأولى: العلم، فعلمُه سبحانه سابقُ كلِّ شيء، وقبل كون كل شيء؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 97]. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْكُمْ مِنْ نَفْسٍ إِلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: «لَا، اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ [الليل: 6]، إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾[الليل: 10]؛ البخاري 1362، ومسلم 2647، واللفظ له رحمهم الله. المرتبة الثانية: الكتابة: ومعناها أن الله كتَب مقاديرَ الخلائق كلها قبل أن يَخلقهم؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [الحج: 70]، وقال صلى الله عليه وسلم: "كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ"؛ رواه مسلم رحمه الله 2653. المرتبة الثالثة: المشيئة: وهي إثبات أن لله مشيئة وإرادةً لِما يقع في الكون من حوادثَ، فهو الذي يشاؤها ويدبِّرها، ويأذَن بوقوعها، ومشيئة الله لا تنفي مشيئة الإنسان، وإنما للإنسان مشيئة جارية تحت مشيئة الله؛ قال تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 28، 29]. المرتبة الرابعة: الخَلْقُ، والله تعالى خلق الذوات، وخلق الحوادث الحادثة فيها، ومنها قال تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الزمر: 62، 63]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96]. وقصور عقول البشر سببٌ لإنكار كثيرٍ مما لا تُدركه من أحكام الله وأقداره، فالله خَلقَ عقل الإنسان، وجعَله كالوعاء يَحوي به، وجعل الأوعية مختلِفةً، ولم يجعَل للأوعية طاقةً باستيعاب كلِّ شيءٍ، فإن منها ما لا يَصلُح لها، ومنها ما يُمكِنُ أن تحتوي منه بقدرٍ، وما زاد فاض؛ (الخراسانية: بتصرف يسير).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |