دموع القلب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057188 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325292 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52133 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45906 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64250 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155316 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2025, 02:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي دموع القلب

دموع القلب

أنور الداود النبراوي

هل رأيتَ دموعَ القلب التي انسكبتْ على الخدَّين مرارًا؟ فلطالما انهمرتْ غزيرةً ساخنةً، ولا تزال تَسِيل حُرقةً وألمًا ومرارة، ويزيد الأسَى في مُنتهاه حين تَنبَعث تتلألأ مِن أكرمِ وأنبلِ عيون؛ بل وألطفِها حبًّا وحنانًا، وشفقةً ومودةً وعطفًا.

هل عرفتها؟
إنها دموع الرحمة الكريمة، ودموع الحُبِّ الكبير.

لطالما رأيناها، وتزداد رؤيتُها هذا الزمان، الذي جفَّت فيه منابعُ الإيمان مِن قلوب بعضِ بَنِي الإنسان، إلا مَن رَحِمَ الرحمن.

لقد أُرْهِقَتْ صُدُور بعضِ الآباء والأمَّهات، وضاقت بالأبناء ذرعًا!

الوالدانِ.. ذلكما الطائرانِ المجنَّحانِ بجناحَيِ الإشفاقِ والإنفاقِ على البنين والبنات، وهما اللذانِ كانا مِن قَبلُ سببًا في الوجود، بعدَ فضْل الله وَجُوده.

لذا؛ كان الأبوانِ جديرينِ حقًّا ببذْل البِرِّ والإحسانِ إليهما، بعدَ الإحسانِ إلى الله.

قال ابن كثير رحمه الله: (فإنَّ الوالدينِ هما سببُ وُجود الإنسان، ولهما عليه غاية الإحسان، فالوالدُ بالإنفاق، والوالدةُ بالإشفاق؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23، 24] ﴾)؛ "تفسير ابن كثير: (6/ 264)".

فاللهُ هو الرَّبُّ الأعظَم، المربِّي الأكرَم، الذي هو وحْده مَن أَوجَدَ البشرية مِن عدَم، وأَمدَّهم بالنعَم، هو ربُّ العباد، الذي علَّم وهدى، ورزق وكفى، ووفَّق لما لا يخفى، فكان له وحدَه كمال الحُبِّ والذُّلِّ والخضوع.

وتلك هي مَظاهر العبودية؛ لكمال ربوبيَّته تعالى، فكان له وحده خالِصُ العبودية؛ ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾.

تُرى: هل مِن عجَب أو غرابة أن يكون الإحسانُ والذُّلُّ، والحُبُّ والبِرُّ، في المقام الثاني، للمربِّي الثاني؛ للوالدَين؟
نعم، الوالدانِ تاجُ الحياة، هما القلب الرحيم، والروح الرؤوف، هما لحياتنا كالشمس والقمر، هما نبْع للحُبِّ الدافئ، والوفاء الصافي، تَفنَى أجسادُهما؛ لِيقوَى ويسعَد الأبناء.

يَحترقانِ فيُضيئانِ نماءً وعطاءً، هما في الحياة كسفينةٍ تتلاطم بها الأمواج، وتتلاعب بها الرياح والأعاصير؛ لكنَّها تسير بخُطى الصُّمود والأمان؛ لينجوَ ركَّابُها، ثم ينزل الراكب يجفِّف ثيابه، ويُعيد توازنه.

حتى إذا اشتدَّ منه العُود والساعد، رماها بكأس التجاهُل والتغافُل والنسيان، وألوان مِن الأنانية وحبِّ الذَّات والعقوق!

إنها الحقيقة المرَّة، إنَّنا كثيرًا ما نَنسى أو نتناسَى فَناءَ الأبوَينِ لإسعادنا، وبذلَهما لأرواحهما مِن أجْلنا!

﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾، استبدِلِ الضيقَ والزجر، والتأفَّف والضَّجر؛ "﴿ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾"، وابذُل لهما أَطيَب كلامٍ، وأَعذَب سلام؛ "﴿ وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾"؛ فقد بلغ بهما الكبرُ كلَّ مَبلَغ، وأصابهما العجزُ، فلن يعُود إليهما سابقُ العهد؛ كم سهرا ذلًّا ورحمة! والآن أصبحا أسيرَين للذكريات والملمَّات، يلتحفانِ الأحزانَ، وفقدَ الأقران، وتقلُّب الزمان، لا تُطِل الابتعادَ والسَّفَر؛ فقد أضناهما السَّهَر.

فكم مِن مرَّة كادت أرواحُهما أن تسافر ألمًا؛ لمَّا ألمَّ بك الألم! وقد ظنَّا بك اليوم الشهامة والكرم، والتأسِّي بأهل الشِّيَم، الذين ولا بد لهم أن يشكروا الناس بعد شكر رب الناس.

ولا أظنُّ أنْ يخفَى علينا أن تاج الناس، وأحقهم بالشكر والفضل بعد الله هما الوالِدانِ؛ ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]، إلى الله المرجع والمعاد، وإليه العباد صائرون.

فنحن عبيدٌ لله مملوكون، وإليه راجعون؛ ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]، والبِرُّ والعقوق نهايتهما الحساب والجزاء، عند رب الأرض والسماء؛ ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26].

فتَدارَك نفسَك أيها المبارَك، وأيتها الفاضلة؛ فقد ربَّياك والداك صغيرًا ذليلًا، عاجزًا ضعيفًا، قد ذلَّت نفوسُهما لتحيا نفوسُنا، وأذلَّا كرامتَهما لِنسعد عزًّا وقوَّة وكرامة؛ فابسُط لهما جناحَك الذليل حبًّا وحنانًا وتحنانًا؛ ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾.

كُن كالطائر الكريم يضمُّ صغارَه عناية ورعاية وإحسانًا وتربية؛ فهذا مقتضَى الإحسان والذَّوق وحُسن الأدب، فقد كنتَ بالأمس القريب - بَعد افتقارك للغنيِّ الحميد - أفقرَ خلْق الله إليهما.

وما أَشبَه الليلةَ بالبارحة! لقد ازددتَ قوَّة وهمَّة، وزاد والِداك ضعفًا وهمًّا، وما أَقسَى أن يحتاج إليك اليوم مَن أعطاك في الماضي كلَّ ما تحتاج!

وإنَّ افتقار المرء إلى مَن كان مفتقرًا له غاية في الضَّراعة والمسْكنة.
يَا مَنْ أَتَى يَسْأَلُ عَنْ فَاقَتِي
مَا حَالُ مَنْ يَسْأَلُ مِنْ سَائِلِهْ
مَا ذِلَُّة السُّلْطَانِ إِلَّا إِذَا
أَصْبَحَ مُحْتَاجًا إِلَى عَامِلِهْ


وقد أَوجَب اللهُ سبحانه طاعةَ الوالدين، ما لم يُعارِض ذلك أمْر اللهِ وطاعتَه، وإنْ كان الوالدان غير مؤتمِرَين بأمْره تعالى، بل وإنْ كانا ظالمَيْن أو كافرَيْن؛ فمهما جمع المرء مِن الدنيا، أو ارتقى في الدِّين، ومهما عَلَتْ منزلتُه، أو زاد عِلمُه وشهاداتُه ومكانتُه - فليس للمولود على والدِه فضلٌ أو تبرير؛ ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15].

فالأمْر أمْر اللهِ وقضاؤه؛ "﴿ وَقَضَى رَبُّكَ ﴾"، وإذا كان الأمْر كذلك فقد وَجبَ ولزمَ، وعند الله غدًا الفصل والقضاء.

فيُعطي أهلَ البِرِّ جزيلَ الوعد، كما يُجازي أهلَ العقوق بسوء الوعيد؛ فإليه وحده المنتهى والمآب، يُحصي على العباد ما تكنُّه الضمائر، وتُخفيه السَّرائر؛ ﴿ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 25].

يَعلم قاصدَ البِرِّ والصلاح، الذي أَضْمر في فؤاده الخيرَ والطاعة لوالديه، وكان رجَّاعًا إلى الحق، أوَّابًا إلى الفضيلة، سريع الندم على التفريط في حق والديه الكريمين، مستقيمًا على أمْر الله، ومُقدِّمًا أمْرَ الأبوين على مَن دُونَهما.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.20 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]