صلاة المودع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وصفات طبيعية للتخلص من الندبات بخطوات بسيطة.. من جل الصبار لزيت اللافندر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          4 نصائح لحديثى التخرج تساعدهم على اقتحام سوق العمل من غير تشتت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          5 حيل تمنع تكتل الكونسيلر أسفل العينين.. لإطلالة ناعمة من غير تجاعيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          طرق تخزين الخضراوات فى الصيف.. دليلك لحفظها بأفضل جودة لأطول وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طريقة عمل موس الشوكولاتة بثلاثة مكونات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح منطقة الذقن.. تخلصى من المناطق الداكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          5 أسرار للحفاظ على نضارة البشرة بعد الخمسين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          4 أنواع سناكس خفيفة وصحية لأطفالك فى النادى.. بلاش فاست فود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          طريقة عمل طاجن البطاطس بالجزر وصدور الدجاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          المرطب الأول ولا السيرم؟ اعرفى الترتيب الصحيح لمستحضرات العناية بالبشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-10-2023, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,261
الدولة : Egypt
افتراضي صلاة المودع

صلاة المودع
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم



الحمدُ للهِ ذي البصائرِ الظاهرةِ، والنعمِ الباهرةِ، وأشهدُ ألا إلهَ وحده لا شريكَ له أولَ الأمرِ وآخرَه، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلّمَ عليه وعلى آلِه وصحبِه الأنصارِ والمُهاجرةِ.
أما بعدُ. فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

أيها المؤمنون!
الصلاةُ أجملُ حالٍ يُري فيه العبدُ ربَّه -جلَّ جلالُه- خضوعَه وقربَه؛ فهي مَحلُّ نظرِ الرعايةِ الربانيةِ التي كان يُذَكِّرُ اللهُ بها رسولَه صلى الله عليه وسلم مع كونِه لا يغيبُ عن عينِه البتةَ؛ وذلك حين أمَره بالتوكلِ والاستمساكِ بحبلِ إعانتِه وعنايتِه الذي لا يَخِيبُ مَن شدَّ به يداً، فقالَ: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * ‌وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الشعراء: 217 - 220]. يقولُ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنه-: " مَا ‌حَالٌ ‌أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ يَرَى الْعَبْدَ عَلَيْهَا مِنْهُ وَهُوَ سَاجِدٌ ". وقد جعلَ اللهُ لهذه الصلاةِ من مزايا العنايةِ ما انفردتْ به عن سائرِ العباداتِ؛ فقد فُرِضتْ كِفاحاً في السماءِ السابعةِ ولم تُفرضْ في الأرضِ كسائرِ العباداتِ، وجُعلَ ثوابُ فرائضِها الخَمْسِ بخمسينَ في الميزانِ، وكانتْ أقربَ مواضعِ قربِ العبدِ من ربِّه، وموطنَ مناجاتِه وقضاءِ حاجتِه، ومَفْزَعَه عند كُرْبتِه، وسَلْوتَه عند حُزْنِه، ومُرشِدَه عند حيْرتِه وتَرَدُّدِه، وسبيلَ دفعِ العِدى وتوطيدِ الأمنِ وحصولِ التمكينِ والاستخلافِ، وسببَ علاجِ أزماتِ الكونِ حين تُكسفُ الشمسُ، ويُخسفُ القمرُ، وتُمسِكُ السماءُ ماءَها، وتمنعُ الأرضُ كلأَها، وتَهِبُّ الأعاصيرُ، وتضطربُ الزلازلُ، وتطغى الفيضاناتُ. وجِماعُ صفاتِ أهلِ الفلاحِ وُرَّاثِ الفردوسِ الخالدين مبدوءٌ بها: ﴿ قَدْ ‌أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2] ، وهي ختامُه: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 9 - 11]؛ فلا غَرْوَ أنْ كانت مجمعَ خيرِ الدنيا والآخرةِ؛ إذ هي خيرُ العملِ وأحبُّه إلى اللهِ -سبحانه-، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَاعْلَمُوا أَنَّ ‌خَيْرَ ‌أَعْمَالِكُمُ ‌الصَّلَاةَ " رواه أحمدُ وصحَّحَه الحاكمُ ووافقَه الذهبيُّ.

عبادَ اللهِ!
إنَّ عطاءَ الصلاةِ وقدْرَ انتفاعِ العبدِ بها إنّما يكونُ بقدْرِ ما وفّى مِن حقِّها. هذا وإنّ من أعظمِ ما يُعينُ على توفيةِ الصلاةِ حقَّها استشعارَ دُنُوِّ الأجلِ، والعيشَ بلحظاتِ آخرِ العمرِ، وأنها الصلاةُ الأخيرةُ التي قد لا يُمْهِلُ الأجلُ إلى ما بعدها؛ وتلك هي صلاةُ المودِّعِ التي كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابَه أن يجعلوها صِبْغَةَ صلاتِهم، كما كانت هي حالَ صلاتِه وقرةَ عينِه؛ فقد جاءه رجلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ! حدِّثْني بحديثٍ، واجْعَلْه مُوجَزاً؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "صلِّ ‌صلاةَ ‌مُودِّعٍ ‌كأنَّكَ ‌تَراهُ، فإنْ كُنتَ لا تَراهُ فإنَّه يَراكَ، وايئسْ مِما في أَيدي الناسِ تعشْ غَنياً، وإيَّاكَ وما يُعتذَرُ مِنه" رواه الطبرانيُّ وصحَّحَه الهيتميُّ وحسَّنَه الألبانيُّ، وفي روايةِ أحمدَ: "إِذَا ‌قُمْتَ ‌فِي ‌صَلَاتِكَ؛ ‌فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ"، وقال: "‌اذكرِ ‌الموتَ ‌في ‌صلاتِك؛ فإنّ الرجلَ إذا ذكرَ الموتَ في صلاتِه لَحَرِيٌّ أنْ يُحْسِنَ صلاتَه، وصلِّ صلاةَ رجلٍ لا يَظنُّ أنْ يصليَ صلاةً غيرَها" رواه الدَّيْلميُّ وحسَّنَه ابنُ حجرٍ. وعلى نَسَقِ هذه الوصيةِ النبويةِ الجامعةِ كان الصحابةُ -رضيَ اللهُ عنهم- يَتواصوْنَ ويَتواعظون، كما أوصى عمرُ ومعاذٌ وسعدُ بنُ عمارةَ -رضيَ اللهُ عنهم-. وقال بكرُ بنُ عبدِاللهِ المزنيُّ: "إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْفَعَكَ صَلَاتُكَ؛ فَقُلْ: لَعَلِّي لَا ‌أُصَلِّي ‌غَيْرَهَا". وَأَقَامَ ‌مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيُّ الصَّلَاةَ، ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ: تَقَدَّمْ؛ فَصَلِّ بِنَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي إِنْ صَلَّيْتُ بِكُمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَمْ أُصَلِّ بِكُمْ غَيْرَهَا، فَقَالَ ‌مَعْرُوفٌ: وَأَنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ أَنَّكَ تُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى؟! نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طُولِ الْأَمَلِ؛ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ خَيْرَ الْعَمَل! قال الإمامُ أحمدُ: "رحمَ اللَّهُ مَن ‌أقبلَ ‌على ‌صلاتِه خاشعاً خاضعاً ذليلاً لله -عَزَّ وَجَلَّ- خائفاً داعياً راغباً وَجِلاً مُشفِقاً راجياً، وجعلَ أكبرَ همِّه في صلاتِه لربِّه -تعالى-، ومناجاتِه إياه، وانتصابِه قائمًا وقاعدًا وراكعًا وساجدًا، وفرَّغَ لذلك قلبَه وثمرةَ فؤادِه، واجتهدَ فِي أداءِ فرائضِه؛ فإنه لا يدري هل يصلي صلاةً بعد التي هو فيها أو يُعاجَلُ قبلَ ذلك، فقامَ بين يدي ربِّه -عَزَّ وَجَلَّ- محزوناً مشفقاً يرجو قبولَها ويخافُ ردَّها، فإنْ قَبِلَها سَعِدَ، وإنْ ردَّها شَقي". هذا وإنما كانت الوصيةُ بصلاةِ المودِّعَ؛ لكونِها ذروةَ سنامِ الحُسْنِ والإتقانِ؛ إذ المودِّعُ يستقصي ما لا يستقصي غيرُه في الفعلِ والقولِ والحالِ؛ ولذا كان حالُه أبلغَ حالٍ؛ باستشعارِه أنَّ صُبابةَ عمرِه قد لا تفي إتمامَ صلاتِه، وأنه قد لا يرجعُ إليها أبداً؛ فكيف يكونُ استحضارُ مَن يعيشُ آخرَ لحظاتِ عمرِه مقامَه أمامَ ربِّه في صلاتِه واستعدادَه للوقوفِ بين يديه؟ وكيف تكونُ مسارعتُه في أدائها أولَ وقتِها إلا فيما اسْتُحِبَّ تأخيرُه؟ وكيف يكونُ اشتياقُه إليها وهيَ خيرُ زادٍ يَلقى به ربَّه بعد توحيدِه؟ وكيف تكونُ مناجاتُه له بالتكبيرِ والتحميدِ والتسميعِ والتسبيحِ والدعاءِ وتلاوةِ القرآنِ؟ وكيف يكونُ إخباتُه وانكسارُه وافتقارُه لربِّه؟ بجمالِ هذا الشعورِ وكمالِه يكونُ تحقيقُ الخشوعِ في صلاةِ المودِّعِ، ويَسهُلُ على العبدِ مكابدةُ مشاقِّها، بل تنقلبُ لذةً واشتياقاً وقرارَ عينٍ، كما قال -تعالى-: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا ‌لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46].

عبادَ اللهِ!
وصلاةُ المودِّعِ تَنقُلُ العبدَ من عيشِ غرورِ الدنيا والسَّبْحِ في بحارِ أمانيها للعالَمِ الأخرويِّ، وتجعلُه ماثِلاً بين عينيه؛ فيرى بمنظارِ اليقينِ الذي أوْرثَتْهُ تلك الصلاةُ حقيقةَ الدارِ الآخرةِ بنعيمِها وجحيمِها. قال ابنُ رجبٍ: " وقد كان السلفُ الصالحُ ينجلي الغيبُ لقلوبِهم في الصلاةِ، حتى كأنّهم يَنظرون إليها رأيَ عينٍ، فمَن كان يَغلِبُ عليه الخوفُ والخشيةُ؛ ظهَرَ لقلبِه في الصلاةِ صفاتُ الجلالِ من القهرِ والبطشِ والعقابِ والانتقامِ ونحوِ ذلك، فيَشهدُ النارَ ومتعلقاتِها وموقفَ القيامةِ، كما كان سعيدُ بنُ عبدِالعزيزِ - صاحبُ الأوزاعيِّ - يقولُ: "ما دخلتُ في الصلاةِ قطُّ إلا مُثِّلَتْ ليَ جهنمُ". ومن كان يَغلبُ عليه المحبةُ والرجاءُ؛ فإنه مستغرقٌ في مطالعةِ صفاتِ الجلالِ والكمالِ والرأفةِ والرحمةِ والوُدِّ واللُّطْفِ ونحوِ ذلك، فيَشهدُ الجنةَ ومتعلقاتِها، وربما شهدَ يومَ المزيدِ وتقريبِ المحبينَ فيه. وقد رُوي عن أبي ريحانةَ - وهو من الصحابةِ -، أنه صلى ليلةً، فما انصرفَ حتى أصبحَ، وقال: "ما زالَ قلبي يَهوى في الجنةِ وما أعدَّ اللهُ فيها لأهلها حتى أصبحتُ". وسُئلَ حاتمٌ الأصمُّ عن صلاتِه، فقال: "إذا حانتِ الصلاةُ؛ أَسبغتُ الوَضوءَ، وأَتيتُ الموضعَ الذي أُريدَ الصلاةَ فيه، فأقعدَ فيه حتى تجتمعَ جوارحي، ثم أقومُ إلى صلاتي، وأجعلُ الكعبةَ بين حاجبي، والصراطَ تحت قدمي، والجنةَ ‌عن ‌يميني، والنارَ عن شمالي، ومَلَكَ الموتِ ورائي؛ أظنُّها آخرَ صلاتي، ثمّ أقومُ بين الرجاءِ والخوفِ، وأُكبِّرُ تكبيراً بتحقيقٍ، وأقرأُ قراءةً بترتيلٍ، وأَركعُ ركوعاً بتواضعٍ، وأسجدُ سجوداً بتخشُّعٍ، وأقعدُ على الوَرْكِ الأيسرِ وأفرشُ ظهرَ قدمِها، وأنصبُ القدمَ اليمنى على الإبهامِ، وأُتْبِعُها الإخلاصَ، ثم لا أدري أَقُبِلَتْ مني أم لا؟".

الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ.
أما بعدُ، فاعلموا أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ اللهِ...
أيها المؤمنون!
وصلاةُ المودِّعِ مِن حُسْنِ العبادةِ التي طالما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يطلبُها ربَّه ويسألُه العونَ عليها؛ فقد كان من دعائه: " وأسألُكَ ‌حُسْنَ ‌عبادتِك "، وقولُه: " اللهُمَّ ‌أَعِنِّي ‌عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ ‌عِبَادَتِكَ " رواهما أحمدُ وصحَّحَهما ابنُ حبانٍ. وصلاةُ المودِّعِ مَرْقاةٌ للعبدِ في تحقيق أعلى مراتبِ الدِّينِ مرتبةِ الإحسانِ؛ بأنْ يَعبدَ اللهَ كأنه يَراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه؛ هكذا جلّاها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بقولِه: " صلِّ ‌صلاةَ ‌مُودِّعٍ ‌كأنَّكَ ‌تَراهُ، فإنْ كُنتَ لا تَراهُ فإنَّه يَراكَ ". وإذا حققَ العبدُ مقامَ الإحسانِ ضاعفَ اللهُ له الحسنةَ بسبعمائةِ ضِعْفٍ حين كانتِ المضاعفةُ لغيرِه عَشْراً، كما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا ‌أَسْلَمَ ‌الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ‌كَتَبَ ‌اللهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، وَمُحِيَتْ عَنْهُ كُلُّ سَيِّئَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا، ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهَا " رواه النسائيُّ وصحَّحَه الألبانيُّ. وصلاةُ المودِّعِ مما يُرجى به حُسْنُ الختامِ؛ موتاً على حالِ الصلاةِ التي حَلَّتْ قلبَ ذلك الموفَّقِ، وصار مُكْثِراً منها؛ استكثاراً بأعظمَ قربةٍ يُحبُّها مَن سيقدمُ عليه ويُوفِّيه حسابَه؛ فهو لا يخلو من حالِ الاهتمامِ بها والانشغالِ بها إنْ حانتْ أو الاشتياقِ إليها والانتظارِ لها إنْ لم تَحِنْ، وحالِ انتظارِ الصلاةِ كحالِ مباشرتِها، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ ‌ما ‌انتظرَ ‌الصلاةَ " رواه البخاريُّ، فإنْ حلَّ به الموتُ؛ فالصلاةُ هي مِسكُ ختامِ عملِه مُصليّاً أو مُنتظِراً؛ ولِنعمَ ذلك الختامُ! وعليها يكونُ مَبْعثُه يومَ القيامةِ، ومِن بابِها يُدعى لدخولِ الجنانِ، ويا لِهناءِ ذلك القرارِ! هذا، ولْيُعلمْ أنّ الوصولَ لحالِ صلاةِ المودِّعِ عزيزٌ؛ لا يكونُ إلا بتوفيقٍ من اللهِ وإعانةِ منه، واستعانةٍ به، ودعاءٍ ضارعٍ إليه، وتقصيرٍ للأملِ، ومجاهدةٍ، ومصابرةٍ، ومحاسبةٍ، كما قال ثابتٌ البنانيُّ: " كَابَدْتُ ‌الصَّلَاةَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ".

وَمَا أَدْرِي وَإِنْ أَمَّلْتُ عُمْرًا
لَعَلِّي حِينَ أُصْبِحُ لَسْتُ أُمْسِي
أَلَمْ تَرَ أَنَّ إصَبَاحاً ليَوْمٍ
وَعُمْرُكَ فِيهِ أَقْصَرُ مِنْهُ أَمْسِ
فبادرْ في صلاةٍ بوداعٍ
يَطيبُ بها مقامٌ في جوفِ رَمْسِ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.44 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.04%)]