هل أعود إلى زوجي؟

[ابوالوليد المسلم]

هل أعود إلى زوجي؟
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل


السؤال:

♦ الملخص:
امرأة متزوجة منذ سبع سنوات ولم تُرزَق أطفالًا، فطلِّقت؛ لأن زوجها عقيمٌ، ثم طلب منها زوجُها الرجوعَ، لكنها متردِّدة وتُحس أنها فقدتْ طعمَ الحياة وتسأل ماذا تفعل؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا امرأة تزوَّجت منذ سبع سنوات، ولم أُرزَق أطفالًا؛ ذلك أن زوجي عقيمٌ، وأنا أُحب الأطفال جدًّا وأُحب زوجي أيضًا وهو يُحبني، وقد فكَّرنا في تبني طفل، لكن ذلك لم يحصل! وقد كان زوجي يَضرِبني ويُهينني أمام أمِّه وأخواته، نعم أعترف أني كنتُ مقصِّرة معه قليلًا، لكنَّ ردةَ فعلِه كان غير متوقعة.


قامت بيني وبين أهله مشكلات كثيرة، من أجل عودتي للعيش معهم ومع أخواته المتزوِّجات، علمًا بأنه كان بيني وبين أخواته مشكلات كبيرة، وقد أرسلني زوجي إلى بيت أهلي، وأراد أبي أن يُطلقني وبالفعل طُلِّقت، وبعد ذلك بدأ زوجي يرسل رسائل، ولكني لم أُبالِ بكلامه؛ لأنه عندما تركتُ بيته كان يفكِّر في الزواج بثانية.


المشكلة أنني أنا وأهلي نعيش في بلد أجنبي، وفي الدول الأجنبية لا نستطيع العيش دون إقامة وأنا ليس لديَّ إقامة، ومن ثَمَّ فلا عمل ولا دراسة، لذا قررتُ العودة إلى بلد زوجي، وطلبتُ منه المساعدة؛ حتى أُرتِّب أموري، وأَحصُل على منزل من الدولة الأجنبية التي يعيش فيها، وهذا يحتاج إلى أشهرٍ، وقد ساعدني وطلب مني الرجوع، علمًا بأني أُحس برغبة في الرجوع، لكن في الوقت نفسه أُحس أن شيئًا قد مات بداخلي، ثم إن إحساس الأمومة يراودني!


أعيش الآن في منزل مقابل لمنزله، وما زلتُ أشعُر بالشفقة عليه، فماذا أفعل؟ أريد أن أكون أمًّا، ودائمًا أقول لنفسي: هل أعود له أم لا؟ هل أعود لأهلي أم أكافح لأجل حلمي بالدراسة؟ علمًا بأني الآن أدرُس وأحصُل على كافة حقوقي.



الجواب:

الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمابعد:
فيبدو من مشكلتك الآتي: أنتما زوجان تحبان بعضكما، وما أفسد حياتكما أمران هما: حِدَّة الغضب، وتدخلات أهل الزوج، وبعد قراءتي لمشكلتك عدة مرات، أقول: مما يساعدكما بإذن الله على حلها الأمور التالية:
الأول: الدعاء وهو أقوى سببٍ؛ لقوله سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، فالغضب مرض معنوي، ولن يكشفه ويشفي منه إلا الشافي سبحانه.

الثاني: كثرة الاستغفار، فهي سبب عظيم لزوال الكرب وتيسير الأمور؛ لقوله: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ﴾ [نوح:10 - 11].

الثالث: الاسترجاع عند حصول الخلافات، فقد استرجعتْ أمُّ سلمة عند موت زوجها، فأخلف الله لها خيرًا منه، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوَّجها.

الرابع: الصدقة.

الخامس: مجاهدة نفسيكما على كظْم الغضب والتعوذ بالله من الغضب، والوضوء عند حدوثه، وكذلك تغيير الجلسة.

السادس: أرى أن تعودي إليه بعد أن تستخيري عدة مرات.

السابع: بإمكانك كتابة شروط عليه للعودة يشهد عليها اثنان، وهذه الشروط هي عدم الضرب وعدم الإهانة، والمعاملة بالحسنى.

الثامن: ينصح هو بعدم الاستسلام لضغوطات أهله وأخواته، وعدم الالتفات لتدخُّلاتهم.

التاسع: ما ذكرتِه من التبني أقول: ليس في الإسلام شيء اسمه التبني، وإنما هناك إحسان ليتيم وكفالته، وهذا فيه أجرٌ عظيم لمن أخلص نيَّته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه يعني السبابة والوسطى)؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

العاشر: عليك الاجتهاد في التعامل معه بهدوء وعدم استفزازه؛ فكل الرجال لا يتحملون من زوجاتهم لغة التعالي والعناد، بل يحبون الزوجة الحليمة الهادئة الحنون الصبور.

أعود وأكرِّر: حافظي على الحلول كلِّها، خاصة الحلول الأربعة الأولى، وهي الدعاء والاستغفار والاسترجاع والصدقة، فهي أهم وأقوى الحلول، بشرط قوة الإيمان واليقين بنفعها.

حفِظكما الله ودلَّكما على ما فيه الخير لكما، وشفاكما من حِدَّة الغضب، وأعاذكما من نزغات شياطين الإنس والجن، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.