أجبرت على فسخ خطبتي

[ابوالوليد المسلم]

أجبرت على فسخ خطبتي
أ. مروة يوسف عاشور


السؤال:

♦ الملخص:
فتاة كان بينها وبين مدير عملها علاقة عاطفية، وأهلها رفضوا الزواج لكِبَر سنِّه، وعندما خُطِبَتْ مِن آخر هدَّدها بتشويه سُمعتها، مما جعلها تفسخ الخطبة، وهي نادمة على فِعل ذلك.

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في نهاية العشرين مِن عمري، كنتُ على علاقة بمدير المؤسسة التي أعمل بها، وهو شخص يكبرني بـ26 عامًا، أحببتُه رغم فارق السن بيننا، ورغم علمي اليقين بأنني لن أكونَ له أو يكون لي!

أراد خطبتي، لكن عائلتي رفضتْ ذلك بحجة فارق السن، وبحجة أن أبناءه في مثل عمري، مما سيتسبَّب في حدوث مشكلات لاحقًا.

تقدَّم لخطبتي شابٌّ أكبر مني بنحو 10 سنوات، شاب عادي ليس له عملٌ مستقرٌّ، وليس له سكن خاص، ومستواه التعليمي متواضع، وافقتُ رغم وجود بعض العيوب، وعندما أخبرتُ مديري في العمل بالخطبة ثارتْ ثائرته، ووصفني بالخائنة وناكرة الجميل، وأنني تخليتُ عنه، ثم فوجئتُ بأنه يتكلَّم عني بالسوء داخل المؤسسة، وأخبر الجميع أنه يُحبني وأني تخلَّيتُ عنه، ثم قال لي: إما أن تتزوجيني، أو أقفَ في طريق زواجك، سواء مِن هذا الشاب أو من غيره!

وللأسف مِن شدة خوفي أن يُشوه سُمعتي قمتُ بفسخ خطوبتي، لكنني نادمة أشد الندم لأنني ضيعتُ فرصة زواج، ونادمة لأنني ظلمتُ الشاب!

أعلم أن علاقتي بالمدير خطأ فادح، وذنب كبير، لكنني تبتُ وعلمتُ أن الحرام لا يولد إلا المشاكل والمصائب، وأنا الآن محافظة على صلواتي وأذكاري، وأسأل الله أن يغفرَ لي ويُعَوِّضني.

فكَّرتُ كثيرًا أن أتَّصل بخطيبي لأوضحَ له الأمر، لكني تراجَعتُ لأنه لم يهتمَّ أصلًا، ولم يسألْ عن سبب فسخ الخطبة.
فأشيروا عليَّ بما يمكنني فِعله، بارك الله فيكم.


الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن كنتِ قد علمتِ بحرمة العلاقة مع مديرك أو غيره مِن الرجال، فقد رفعتِ عني الحرَج بالخوض في أمور لَم يَعُدْ معظم الناس بحاجة لتبيين الخطأ فيها، وتوضيح الحُرمة المُطلَقة بها.

ولنعُدْ لأمر خاطبكِ، فلستُ أدري حقيقة مِن أين لكم يا شباب وفتيات المسلمين الاعتقاد بأنَّ فسخ الخطبة مِن الظلم الذي تعتقدون بأنه سوف يُلاحقكم ويُنَغِّص عيشكم ويُكدر صفو حياتكم، ولا تتنبهون لظُلم أنفسكم في ارتكاب الكثير مِن المحرَّمات والتعدي على حدود الله والتجرُّؤ عليها!

ليس في فسخ خطبتكِ بذلك الشاب مِن الظلم شيء، بل إن الهدف مِن الخطبة في الأصل أن يتريَّث الرجل والمرأة، ويتَبَيَّن حقيقة موقفه مِن اتخاذ قرار الزواج، فإما أن يكملَ الزواج أو يترك، ولعل عدم استنكاره أو حتى استفساره أكبر دليل على أنه لم يأبَهْ لذلك، ولم يتأَلَّم منه؛ فعليكِ بالتركيز على حالك الآن، والتغاضي عن أمر خاطبكِ إذ لديكِ ما هو أهم وأعظم.

أيتها الكريمة، لعل أول ما عليكِ الاهتمام به: تقوية شخصيتكِ، وتغيير نظرتكِ للناس مِن حولكِ؛ فكان مِن المفترض أن تُفكِّري في فسخ الخطبة؛ لأن الشابَّ ليس له عملٌ محددٌ، وليس له سكنٌ، وعلى مستوى غير مناسب من التعليم، وليس لأنَّ الرجل يُهددكِ بالوقوف في طريقكِ!

كان عليكِ أن تُفكري في حياتكِ بعد الزواج على ماذا ستُبْنَى، وكيف ستسير، وليس في أفعال الناس ومدى تأثيرها عليكِ، والزواج إن لم يُحقق الغرض منه فلا حاجة للفتاة به، وأتعجب مِن تمسككِ بالزواج مِن أي رجل بأية مواصفات رغم صِغَر سنكِ!

فالأول رجل سمح لنفسه أن يقيمَ علاقة معكِ وأنتِ لا تحلين له، ويكبركِ بأعوامٍ تقترب مما يكبركِ بها والدكِ، والثاني لديه الكثير مِن أسباب الرفض، وأنتِ تقبلينهما دون تردُّد، فلماذا لا تمنحين نفسكِ ما تستحق مِن اهتمامٍ، وتنظرين إلى نفسكِ نظرة أكثر عدلاً ورحمة؟

بالطبع لا أوافقكِ الرأي في معاودة الاتصال بخاطبكِ، ولا الاستمرار في التعامل مع ذلك الرجل الذي لا يَصْلُح للزواج، وأنصحكِ بتَرْك العمل معه إن كان ذا سلطةٍ عليكِ أو تخشين بطشه، وأرضُ الله واسعةٌ ولله الحمدُ.

وعليكِ أن تقرئي في الكتب التي تتحدث عن التعامل مع الناس، وكيفية صد هجماتهم بقوة وأدب؛ فالحياةُ أقصرُ مِن أن نُضَيِّعَها في الخوف مِن هذا وذاك.

وفقكِ الله، ورزقكِ الزوج الصالح، وجنَّبكِ شرَّ كل ذي شرٍّ

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل