|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إنه الأب محمد بن حسن أبو عقيل الخطبة الأولى الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا، أمَّا بَعْدُ:فيا عباد الله، لَقدْ أَوْصَى اللهُ بالإحْسَانِ إلى الوَالِدينِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ، فقالَ سُبحانَهُ: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، وإذَا كَانَ شَأنُ الأُمِّ عَظيمًا، وَفَضلُهَا كَبِيرًا، وتَعَبُهَا فِي تَربِيتِنَا جَسِيمًا، فإنَّ الأَبَ لا يَقلُّ عَنهَا في تَعبِهِ وَجِدِّهِ واجتِهَادِهِ، وإنَّمَا نُوِّهَ باسمِ الأُمِّ أَكثَرَ مِن مَرَّةٍ؛ لأنها أضعفُ الوالدين، ولأنها الحاملُ والوالدةُ والمُرضِع؛ ولَو كَانَ الولد مَعهَا عَاقًّا فإنَّ حَياتَهَا تَتَنَكَّدُ عليهَا؛ إِذْ هُوَ أَمَلُهَا في الحَياةِ وسَنَدُهَا في الكِبَرِ - بعدَ اللهِ - وإذَا أَردْتَ أنْ تَعلَمَ فَضلَ أَبِيكَ وحَقَّهُ فَانْظُرْ إِلَيه كَيْفَ يَكْدَحُ وَيَتْعَبُ مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَتِكَ وَتَعْلِيمِكَ، وكيف يحوطُك برعايته، ويرعاك بعنايته، يَشقى لأجلك، ويتعبُ لراحتك، يتألمُ لمرضِك، ويحزنُ لتعبِك، يُسَرُّ بِصِحَّتك، ويَفرحُ لعافيتِك، إنَّه الأب، عمودُ البيت، وربُّ الأسرة، ورُبَّانُ السفينة، إنه الأبُ سببُ وُجودِك في الحياة – بعد الله تعالى- وما أنت إلا بَضْعَةٌ منه، الأبُ: هو شمسُ الحياة ومَبعَثُ الاستقرار، الأبُ هو ملاذ الأولاد بعد الله، به تقوى قلوبُهم، وتزهو نفوسُهم، وتحِلُّ الطُّمأنينةُ في حياتهم، الأب: هو الذي يكِدُّ ويكدحُ من أجل تحقيق حياةٍ آمنةٍ حافلةٍ بالاطمئنان والاستقرار الماديِّ والمعنوي لأولاده. الأب: هو خِبرةُ الحياة التي يحتاجُ إليها الأولادُ لحلِّ ما يواجهونه، وما يقابلونَه من صعاب وأحداث جَمَّةٍ ومشاكلَ كبيرة، والأب كما أنه مصدرُ القوةِ والأمانِ لأولاده الصِّغار هو في نفس الوقت مصدرُ الأُنْسِ والبرَكة لأولاده الكبار. عباد الله، وللأب حقُّ البِرِّ والتكريمِ مهما بلغ سِنُّه، ويتحتَّمُ ذلك ويزدادُ عند كِبَر سِنِّه وشيخوخته، وفي الحديث: ((رِضا اللهِ تعالَى في رِضا الوالدِ، وسخطُ اللهِ تعالَى في سخطِ الوالدِ))؛ صحَّحه الألباني في صحيح الترغيب، الرقم: 2501، للأبِ حقُّ الإحسانِ والطاعة، وتحقيقُ ما يتمنَّاه، وله وُدُّ الصُّحْبةِ والعِشْرة، والأدب في الحديث، وحُسْن المُعاملة، إنْ تحدَّثَ فلا تُقاطعْهُ، وإن دعاك فأجِبْه، ولا تمشِ بين يديه، وحَيّهِ بأحسنِ تَحيَّة، وقبِّلْ رأسَهُ ويديه، وتلزمُك النفقةُ عليه في حال الحاجة، ولا تنسَ أن تتحفه بالهَدية في حال غِناه، وللوالدِ حقٌّ عظيمٌ على أولادِه، ومَعرفةُ حُقوقِه والقِيامُ بها مِن أعظمِ الأعمالِ الصالحةِ بَعْدَ التوحيدِ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالًا وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ))؛ صحيح ابن ماجه، الرقم: 1869، ومعنى الحديثِ: أنَّه إذا احتاجَ الأبُ إلى مالِ الولدِ للنَّفقةِ بأنْ كان فقيرًا، أخَذَ منه قَدْرَ الحاجةِ كما يأخُذُ مِن مالِ نفْسِه، وإذا لم يكُنْ للابنِ مالٌ وكان قادرًا على الكسْبِ، لزِمَ الابنَ أنْ يكتسِبَ ويُنْفِقَ على أبيه، وفي هذا الحديثِ: حثُّ الأبناءِ على إكرامِ الوَالدَينِ وإعطائِهما مِن أموالِهم ما يَحتاجانِ إليه، وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ أولادَكم من أطيبِ كسبِكم؛ فكُلوا مِن كَسبِ أولادِكم))؛ صحيح النسائي، الرقم: 4462. والمعنى: أنَّ يَدَ الوالِدِ مَبسوطةٌ في مالِ ولَدِه يأخُذُ منه ما شاء، وقيل: معنى هذا: أنَّ الرَّجُلَ مُشارِكٌ لولدِه في مالِه؛ فله الأكْلُ منه، سواءٌ أذِنَ الولَدُ أو لم يأذَنْ، وله أيضًا أنْ يتصرَّفَ به كما يتصرَّفُ بمالِه ما دام مُحتاجًا، ولم يكُنْ ذلك على وجْهِ السَّرَفِ والسَّفَهِ، عباد الله، ولقد جعل الدِّينُ برَّ الآباء بعد موتِهم في صِلةِ من لهم فيهم علاقةٌ أُسريةٌ وصُحْبة، وذلك بِالْمَوَدَّةِ، وَتَحْسِينِ الْأَخْلَاقِ، وَحُسْنِ الصُّحْبَةِ، وَلِينِ الْجَانِبِ، وَإِطْلَاقِ الْوَجْهِ، وَحُسْنِ الْبَشَاشَةِ، فعن عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا مِن الْأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُاللَّهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ، قَالَ ابْنُ دِينَارٍ فَقُلْنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنَّهُم الْأَعْرَابُ، وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ! فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ: إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ))؛ صحيح مسلم، الرقم: 2552. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بالآيات والذكر الحكيم، إنه تعالى جواد كريم، ملك بر رؤوف رحيم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته، ولنعلم أَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ عُقُوبَتُهُ مُعَجَّلَةٌ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ؛ فَكُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ تَعَالىَ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ؛ فقدْ جَاءَ عِنْدَ الحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا: الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ))؛ صحَّحَه الألباني في صحيح الجامع، الرقم: 2810. وَفيِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ))، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ))؛ صحيح مسلم، الرقم: 2551. وفي هذا الحديث: الوصيَّةُ بِالوالدَيْنِ؛ حيث يقولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((رَغِمَ أَنْفُهُ))؛ أي: لُصِقَ أَنْفُه بِالرَّغامِ وهو التُّرابُ المختلِطُ بِالرَّملِ؛ والمرادُ به: الذُّلُّ والخزيُّ، وكرَّرها ثلاثًا؛ فَسُئِلَ مَن هذا يا رسولَ الله؟ فَأجابَ: ((مَن أدركَ وَالدِيْه أحدَهما أوْ كَليْهِما عندَ الكِبَرِ))، وَخُصَّ بالكِبَر؛ لأنَّه أحوجُ الأوقاتِ إلى حقوقِهِما، ثُمَّ لم يَدخُلِ الجنَّةَ؛ وذلكَ بِسببِ عُقوقِهما، فَبِرُّهما عِندَ كِبَرهِما وضَعفِهما بِالخدمةِ والنَّفقةِ وغيرِ ذلك سَببٌ لِدخولِ الجنَّةِ؛ فَمَنْ قَصَّرَ في ذلك فاتَهُ دُخولُها، وفي الحديثِ: فضلُ برِّ الوالدَيْنِ وأنَّه مِن أسبابِ دُخولِ الجنَّةِ[1]. فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على محمد رسول الله، فقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا)) اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهَدْيه إلى يوم الدين، وارض اللهُمَّ عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين. الدعاء.... [1] الدرر السنية - الموسوعة الحديثية. https://www.dorar.net/hadith/sharh/17120
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |