الدُّرُوسُ الْمَرْضِيَّةُ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4947 - عددالزوار : 2048705 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4523 - عددالزوار : 1317107 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 3117 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من الندبات بخطوات بسيطة.. من جل الصبار لزيت اللافندر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          4 نصائح لحديثى التخرج تساعدهم على اقتحام سوق العمل من غير تشتت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          5 حيل تمنع تكتل الكونسيلر أسفل العينين.. لإطلالة ناعمة من غير تجاعيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تخزين الخضراوات فى الصيف.. دليلك لحفظها بأفضل جودة لأطول وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          طريقة عمل موس الشوكولاتة بثلاثة مكونات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح منطقة الذقن.. تخلصى من المناطق الداكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          5 أسرار للحفاظ على نضارة البشرة بعد الخمسين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-11-2022, 11:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,269
الدولة : Egypt
افتراضي الدُّرُوسُ الْمَرْضِيَّةُ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الدُّرُوسُ الْمَرْضِيَّةُ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ


مجلة الفرقان

جاءت خطبة الجمعية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 30 من ذي الحجة 1443هـ - الموافق 29/7/2022م بعنوان: الدُّرُوسُ الْمَرْضِيَّةُ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، واشتملت الخطبة على عدد من العناصر والمحاور: الأمم تفتخر بعظمائها، وسِيرَةَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَطْهَرُ السِّيَرِ، ودعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقومه، والصِّرَاعَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالبَاطِلِ قَائِمٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، والدِّينَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ، واللهَ -تَعَالَى- لَا يَتَخَلَّى عَنْ نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ وَخِذْلَانِ أَعْدَائِهِ، والْمُؤْمِنَ لَا يُفَرِّطُ في الْأَسْبَابِ مَهْمَا كَانَ تَعَلُّقُهُ بِالْمُسَبِّبِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وشَأْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ في الهجرة، ومَعَانِي الْمَحَبَّةِ وَالْإِخَاءِ في الهجرة.

إِنَّ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ الأُمَمِ تَفْخَرُ بِعُظَمَائِهَا، وَتَحْتَفِي دَائِمًا بِسِيرَةِ نُـبَلَائِهَا، يَذْكُرُونَ مَآثِرَهُمْ، وَيُسَطِّرُونَ مَفَاخِرَهُمْ، وَيَجْعَلُونَ أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ مَنَارًا يَهْتَدُونَ بِهِ، وَمِنْهَاجًا يَقْتَفُونَهُ وَيَسِيرُونَ عَلَى دَرْبِهِ.


سِيرَةَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَطْهَرُ السِّيَرِ


وَإِنَّ سِيرَةَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَطْهَرُ السِّيَرِ؛ حَافِلَةٌ بِالدُّرُوسِ وَالْمَعَالِمِ وَالْعِبَرِ، وَمَلِيئَةٌ بِالْأَحْدَاثِ الْجِسَامِ، وَالْأَخْبَارِ الْعِظَامِ، إِنَّهَا سِيرَةٌ تَجْمَعُ هَدْيَ رَسُولٍ، وَمَنْهَجَ نَبِيٍّ، وَأُسْلُوبَ مُعَلِّمٍ، وَحِكْمَةَ بَصِيرٍ، وَحُنْكَةَ قَائِدٍ، وَمَنَاقِبَ مَاجِدٍ، وَمِنْ تِلْكَ الْمَنَارَاتِ الْبَيْضَاءِ، وَالأَحْدَاثِ الغَرَّاءِ: حَدَثُ هِجْرَةِ الْمُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، الَّتِي فَرَّقَ اللهُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلِيَائِهِ وَأَعْدَائِهِ، وَجَعَلَهَا مَبْدَأً لِإِعْزَازِ دِينِهِ، وَنَصْرِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، فَمِنْ مَعِينِهَا تُؤْخَذُ الدُّرُوسُ، وَمِنْ أَحْدَاثِهَا تُسْتَلْهَمُ الْعِبَرُ.


دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقومه

لَقَدْ دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْمَهُ -بِادِئَ اْلأَمْرِ- سِرًّا، ثُمَّ أُمِرَ بِأَنْ يَصْدَعَ بِالدَّعْوَةِ فَاسْتَجَابَ لِأَمْرِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَ-تَعَالَى-، وَلَمْ يَرُقْ ذَلِكَ لِلْمُشْرِكِينَ، فَقَاوَمُوا دَعْوَتَهُ، وَكَادُوا لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ كَيْدًا عَظِيمًا، وَصَبُّوا عَلَيْهِمْ جَامَ غَضَبِهِمْ، فَسَامُوهُمْ أَلْوَاناً مِنَ الْعَذَابِ، وَأَذَاقُوهُمْ أَصْنَافًا مِنَ الْأَذَى، حَتَّى هَاجَرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَكُلَّمَا أَشْرَقَتْ شَمْسُ يَوْمٍ جَدِيدٍ اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُمْ وَازْدَادَ صَلَفُهُمْ، حَتَّى تَآمَرُوا عَلَى قَتْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالقَضَاءِ عَلَيْهِ؛ {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (آل عمران:54). عِنْدَهَا أُمِرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ لِيَلْحَقَ بِأَصْحَابِهِ هُنَالِكَ.


من دروس الهجرة


تَعَالَوْا نَسْتَلْهِمْ مِنْ تِلْكَ الرِّحْلَةِ الْمُبَارَكَةِ دُرُوسًا نَسْتَنِيرُ بِهَا فِي حَيَاتِنَا، وَعِبَـرًا نَنْتَفِعُ بِهَا فِي دَعْوَتِنَا.

(1) الصِّرَاعَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالبَاطِلِ

فَأَوَّلُ هَذِهِ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ: أَنَّ الصِّرَاعَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالبَاطِلِ قَائِمٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (آل عمران:140)، ثُمَّ تَكُونُ الدَّوْلَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَتَظْهَرُ الْغَلَبَةُ لِأَوْلِيَاءِ الرَّحْمَـنِ الْمُتَّقِينَ؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر:51).

(2) الدِّينَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ

وَمِنْهَا: أَنَّ الدِّينَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ؛ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَطَنِ؛ فَقَدْ هَاجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَرَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ! وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ).

(3) اللهَ -تَعَالَى- لَا يَتَخَلَّى عَنْ نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ

وَمِـمَّا يُسْتَلْهَمُ مِنَ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ: أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- لَا يَتَخَلَّى عَنْ نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ وَخِذْلَانِ أَعْدَائِهِ، وَإِنِ اشْتَدَّتِ الْخُطُوبُ، وَعَظُمَتِ الْأَهْوَالُ، وَمَهْمَا كَادَ الأَعْدَاءُ وَمَكَرُوا، فَإِنَّ عَاقِبَةَ كَيْدِهِمْ إِلَى ضَلَالٍ، وَنِهَايَةَ مَكْرِهِمْ إِلَى خُسْرَانٍ وَزَوَالٍ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ-: {وَإِذْ يَمْكُرُبِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:30).

(4) الْمُؤْمِنَ لَا يُفَرِّطُ في ِالْأَسْبَابِ

لَقَدِ اسْتَلْهَمْنَا مِنَ الْهِجْرَةِ الْمُطَهَّرَة: أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يُفَرِّطُ بِالْأَسْبَابِ مَهْمَا كَانَ تَعَلُّقُهُ بِالْمُسَبِّبِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ التَّوَكُّلِ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، فَلَقَدِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هِجْرَتِهِ طَرِيقاً مُعَاكِساً لِلْمَدِينَةِ، فَاتَّجَهَ جَنُوباً اتِّقَاءً لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَوَى إِلَى غَارِ ثَوْرٍ مَلْجَأً، وَاسْتَأْجَرَ هَادِياً مَاهِرًا بِالطَّرِيقِ، وَأَمَّنَهُ عَلَى رَاحِلَتَيْنِ لَهُ، وَلِأَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه -، وحَمَلَ مَعَهُ الزَّادَ لِلطَّرِيقِ، وَتَأَمَّلُوا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْكِرَامُ - فِي هَذَا الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ حِينَ جَدَّتْ قُرَيْشٌ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَخَذُوا مَعَهُمُ الْقَافَةَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى بَابِ الْغَارِ، وَوَقَفُوا عَلَيْهِ. يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤُوسِنَا، وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَـا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رضي الله عنه ).

الثِّقَةُ الْعَظِيمَةُ بِاللهِ -تعالى

إِنَّهَا الثِّقَةُ الْعَظِيمَةُ بِاللهِ فِي قَلْبِ رَسُولِ اللهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- الَّتِي اسْتَنْزَلَتْ نَصْرَ اللهِ وَتَأْيِيدَهُ -سبحانه وتعالى-: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة:40)، وَفِي هَذَا تَجْلِيَةٌ لِفَضْلِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه -؛ إِذِ اخْتَارَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِصُحْبَتِهِ فِي أَصْعَبِ الْمَوَاقِفِ، وَأَخْطَرِ اْلأَحْوَالِ.

شَأْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

وَمِنْ عَظِيمِ هَذِهِ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ: مَا كَانَ مِنْ شَأْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، الَّذِي خَرَجَ فِي طَلَبِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُمْ غَاصَتْ يَدَا فَرَسِهِ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ زَجَرَهَا فَنَهَضَتْ، ثُـمَّ غَاصَتَا مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الَّذِي أَصَابَنِي بِدُعَائِكُمَا، فَادْعُوَا اللهَ لِي؛ وَلَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْظُرُوا إِلَى عِنَايَةِ اللهِ وَحِفْظِهِ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ إِذْ خَرَجَ سُرَاقَةُ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَيْهِمَا، وَطَالِبًا رُؤُوسَهُمَا، وَصَارَ آخِرَ النَّهَارِ حَارِسًا لَهُمَا، وَمُعَمِّيًا عَنْهُمَا.

مَعَانِي الْمَحَبَّةِ وَالْإِخَاءِ والتَّضْحِيَةِ وَالْفِدَاءِ

وَفِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، تَجَلَّتْ مَعَانِي الْمَحَبَّةِ وَالْإِخَاءِ، وَبَرَزَتْ صُوَرُ التَّضْحِيَةِ وَالْفِدَاءِ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِـمَّا فَعَلَهُ الْأَنْصَارُ؛ إِذْ كَانُوا يَخْرُجُونَ كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْغَدَاةِ- لَمَّا بَلَغَهُمْ خُرُوجُهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ، وَقَصْدُهُ الْمَدِينَةَ يَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ. فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ لَيْلًا، فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «أَنْزِلُ عَلَى بَنِي النَّجَّارِ، أَخْوَالِ عبدالْمُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ» فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ الْبُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ فِي الطُّرُقِ، يُنَادُونَ: يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللهِ (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). وَثَارُوا إِلَى السِّلَاحِ؛ وَتَلَقَّوْهُ بِسُرُورٍ لَا يُوصَفُ، وَاسْتَقْبَلُوهُ بِسَيْلٍ عَارِمٍ مِنَ الْمَحَبَّةِ لَا يُوقَفُ، وَسُمِعَتِ الرَّجَّةُ وَالتَّكْبِيرُ فِي الْمَدِينَةِ؛ فَرَحاً بِقُدُوُمِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَابْتِهَاجاً بِمُقَامِهِ. وَبَقِيَ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ حَتَّى بَنَى مَسْجِدَ قُبَاءٍ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَـتَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالنَّاسُ يتَسَابَقُونَ إِلَى خِطَامِهَا، كُلٌّ يَقُولُ: هَلُمَّ إِلَى الْعَدَدِ وَالْعُدَّةِ وَالسِّلَاحِ وَالْـمَنَعَةِ، حَتَّى بَرَكَتْ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ. فَيَا لَلَّهِ مَا أَعْظَمَ حُبَّ الْأَنْصَارِ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم !.

إِقَامَةُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ


إِنَّ أَوَّلَ خَطْوَةٍ خَطَاهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ نُزُولِهِ بِالْمَدِينَةِ فِي أَخْوَالِهِ بَنِي النَّجَّارِ: إِقَامَةُ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بَرَكَتْ فِيهِ نَاقَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَسَاهَمَ فِي بِنَائِهِ بِنَفْسِهِ، فَكَانَ يَنْقُلُ اللَّبِنَ وَالْحِجَارَةَ، وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِـرَهْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْـمُهَاجِرَهْ».

وَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَنْقُلُونَ مَعَهُ اللَّبِنَ وَيَرْتَجِزُونَ:

لَئِنْ قَعَـدْنَا وَالرَّسُـولُ يَعْمَـلُ

لَذَاكَ مِـنَّا العَمَـلُ الـمُضَلَّلُ

إِنَّهُ بُرْهَانٌ عَمَلِيٌّ مَلْمُوسٌ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالْمَحَبَّةِ وَالتَّضْحِيَةِ فِي مُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي مُبَادَرَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بِنَاءِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَمَسْجدِهِ الشَّرِيفِ، إِشَارَةٌ إِلَى مَكَانَةِ الْمَسْجِدِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِينَ، وَدَلَالَةٌ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ فِي الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ -تَعَالَى-؛ فَلَقَدْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَنَارًا لِلْعِلْمِ، وَرَوْضَةً لِلْعِبَادَةِ، وَمَجْلِسًا لِلشُّورَى، وَمُنْطَلَقًا لِلْفُتُوحَاتِ. وَفِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمَا لَقِيَهُ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الْأَنْصَارِ مِنْ نُصْرَةٍ وَمَحَبَّةٍ وَبذْلٍ وَمُوَاسَاةٍ؛ حَيْثُ قَالَتِ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اقْسِـمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ. قَالَ: لَا. فَقَالَ: «تَكْفُونَا الْمَؤُونَةَ وَنَشْرَكُكُمْ فِي الثَّمَرَةِ. قَالُوا: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه ).

فَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَعْنَى الْإِخَاءِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي تَذُوبُ فِيهِ عَصَبِيَّاتُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَتَعْلُو فِيهِ مَعَانِي الْإِيمَانِ، وَتَسْقُطُ جَمِيعُ الْفَوَارِقِ؛ فَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ وَالْبَرَاءُ إِلَّا لِلْإِسْلَامِ.
عناصر الخطبة


- الأمم تفتخر بعظمائها.


- سِيرَةَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - أَطْهَرُ السِّيَرِ.

- دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقومه.

- الصِّرَاعَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالبَاطِلِ قَائِمٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.

- الدِّينَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ.

- اللهَ -تَعَالَى- لَا يَتَخَلَّى عَنْ نُصْرَةِ أَوْلِيَائِهِ وَخِذْلَانِ أَعْدَائِهِ.

- الْمُؤْمِنَ لَا يُفَرِّطُ في الْأَسْبَابِ مَهْمَا كَانَ تَعَلُّقُهُ بِالْمُسَبِّبِ -عَزَّ وَجَلَّ.

- شَأْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ في الهجرة.

- مَعَانِي الْمَحَبَّةِ وَالْإِخَاءِ في الهجرة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.42 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]